• الفهرس
  • عدد النتائج:

أن يتخلّقوا بأخلاقه ، فيكونون رحمانيين ورحماء ، وإلاّ فليس حرياً أن ينسبوا إليه مع تجافيهم وتباعدهم عن الرفق والرحمة.

والرحمانيون من النمط الأول تجلت وتجسدت بهم الرحمة المطلوبة في حياتهم الرسالية بكلِّ وضوح ، وهم الأنبياء والأوصياء والصلحاء ، والآيات في ذلك كثيرة ، إذ إنهم مأمورون بمكارم الأخلاق.

الآية الرابعة : ( هجراً جميلاً )

( وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً ) (١).

الهجر الجميل : أن لا تتعرّض لخصمك بشيء ، وإن تعرّض لك تجاهلت (٢).

أُمِر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الآية المباركة بالصبر ـ الذي منه كظم الغيض ـ على ما يسمعه من الاَقوال البذيئة التي لا تليق ومقام النبوة الشامخ ، صبراً لا عتاب فيه على أحد ، ولا اعتزاز بالشخصية ، أو دفاع عن الذات ، بل تركهم إلى الله سبحانه ، مع الهجر الجميل الذي لا يترك في نفوسهم شيئاً من وخز الضمير ما داموا لم يقابلوا بالمثل ، بل بالهجر الجميل الذي لم يترك في نفوسهم اشمئزازاً من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يزرع فيهم ما يحول بينهم وبينه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستقبلاً فلا يُقبلوا عليه ولا يسمعوا هديه ، بل كان هجراً جميلاً لم يقطع خيوط المودة ولم يهدم جسور التواصل التي تمر من خلالها رسالة السماء التي تنشد لاُولئك التكامل وسعادة الدارين.

__________________

(١) المزمل ٧٣ : ١٠.

(٢) التفسير الكاشف ٧ : ٤٤٩.