• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • المبحث الأول

  • في إمامة المذهب

  • فأنزل الله عز وجل آية المباهلة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( فمن حاجّكَ فيه من بعد ما جاءك من العلمِ فقلُ تعالوا ندعُ أبناءنا وأبناءَكم ونساءَنا ونساءَكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنةَ اللهِ على الكاذبين ) فتلا عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما نزل عليه في ذلك من القرآن ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله قد أمرني [ أن ] أصير غلى ملتمسكم ، وأمرني بمباهلتكم إن أقمتم وأصررتهم على قولكم.

    قالا : وذلك آية ما بيننا وبينك ، إذا كان غدا باهلناك.

    ثم قاما وأصحابهما من النصارى معهما ، فلما أبعدا ـ وقد كانوا أنزلوا بالحرة ـ أقبل بعضهم على بعض فقالوا : قد جاءكم هذا بالفصل من أمره وأمركم ، فانظروا أولا بمن يباهلكم ، أبكافة أتباعه ، أم بأهل الكتابة من أصحابه ، أو بذوي التخشع والتمسكن والصفوة دينا وهم القليل منهم عددا؟ فإن جاءكم بالكثرة وذوي الشدة منهم ، فإنما جاءكم مباهيا كما يصنع الملوك ، فالفلج إذن لكم دونه ، وإن أتاكم بنفر قليل ذوي تخشع فهؤلاء سجية الأنبياء وصفوتهم وموضع بهلتهم ، فإياكم والإقدام إذن على مباهلتهم ، فهذه لكم أمارة ، وانظروا حينئذ ما تصنعون ما بينكم وبينه ، فقد أعذر من أنذر.

    فأمر صلى‌الله‌عليه‌وآله بشجرتين فقصدتا وكسح ما بينهما ، وأمهل حتى إذا كان من الغد أمر بكساء أسود رقيق فنشر على الشجرتين ، فلما أبصر السيد والعاقب ذلك خرجا بولديهما صبغة المحسن وعبدالمنعم وسارة ومريم ، وخرج معهما نصارى نجران ، وركب فرسان بني الحرث بن الكعب في أحسن هيئة ، وأقبل الناس من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الناس في قبائلهم وشعارهم من راياتهم وألويتهم