• الفهرس
  • عدد النتائج:

ومن قال نعم ـ بفتح النون وسكون العين ـ حذف كسرة العين ، كقراءة يحيى بن وثّاب (فَنَعْمَ عقبى الدار) بفتح النون وسكون العين ، وكما قال الشاعر :

[٧٣] فإن أهجه يضجر كما ضجر بازل

من الأدم دبرت صفحتاه وغاربه

أراد «ضجر ، ودبرت» فحذف ، وقال الآخر :

[٧٤] إذا هدرت شقاشقه ونشبت

له الأظفار ترك له المدار

______________________________________________________

الثقل الخروج من الشيء إلى ما يخالفه ؛ ففي «نعم» بكسر النون والعين جميعا نوع من الثقل ونوع من التخفيف ، أما الثقل فناجم عن الكسر ، وأما التخفيف فمنشؤه أن اللسان حين ينطق بالنون مكسورة ثم يأتي بالعين مكسورة أيضا قد خرج من شيء إلى ما يشبهه ويوائمه فليس بحاجة إلى تغيير ضغطه وحركته ، أما حين ينتقل من النون المفتوحة إلى العين المكسورة فإنه ينتقل من الشيء إلى ما يغايره ويخالفه فهو مضطر إلى أن يغير ضغطه وحركته ؛ فلهذا كان نعم بكسر أوله وثانيه أخف من نعم بفتح أوله وكسر ثانيه ، فاعرف ذلك وتنبه له والله يرشدك.

[٧٣] هذا البيت للأخطل التغلبي ، من قصيدة يهجو فيها كعب بن جعيل ، وقد أنشده صاحب اللسان (ض ج ر) وصاحب الكشاف في تفسير سورة النساء (١ / ١٨٣ بولاق) وضجر ـ بوزن علم في الأصل ، وخفف هنا بإسكان ثانيه ـ أي قلق وتبرم وضاقت نفسه ، والبازل : من الجمال الذي انشقت نابه وذلك إذا بلغ سنه التاسعة ، والأدم : جمع آدم أو أدماء ، والآدم : الأسمر اللون ، ودبرت : أصله بوزن فرح ، وخفف هنا بإسكان ثانيه ، ومعناه جربت ، والدبر والجرب واحد في الوزن وفي المعنى ، وصفحتاه : جانباه ، وغاربه : أعلاه ، والاستشهاد به في قوله «ضجر» وقوله «دبرت» فإن أصل كل واحد من هذين الفعلين مفتوح الأول مكسور الثاني ، وقد خففه الشاعر بإسكان ثانيه ؛ لأن الكسرة كما قلنا ثقيلة وهم يطلبون التخفيف ما أمكن ، ولهذا لو كان ثاني الكلمة الثلاثية مفتوحا مثل كتب وضرب ونصر لم يلجأوا إلى تخفيفها بإسكان ثانيها ؛ لأن الفتحة في نفسها خفيفة وأول الفعل مفتوح فالخفة حاصلة ، فلا يرون أن بهم حاجة إلى تغير زنة الكلمة.

[٧٤] لم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين ، وهدرت : أصله قولهم «هدر البعير» إذا ردد صوته في حنجرته ، والشقاشق : جمع شقشقة ـ بكسر الشينين جميعا ـ وأصله شيء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج ، ويقولون للفصيح البليغ الذي يخطب فيجيد : هدرت شقشقته ، هدرت شقاشقه ، وخطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خطبة مشتملة على كثير من الحكم ، فقال له ابن عباس : لو اضطردت خطبتك من حيث أفضيت ، فقال له : هيهات ، تلك شقشقة هدرت ثم قرت ، وسموا هذه الخطبة «الشقشقية» بسبب هذه العبارة ، وقالوا «فلان شقشقة قومه» يريدون أنه شريفهم وفصيحهم ، ونشبت : أصله بفتح النون وكسر الشين ـ ومعناه علقت ، وقد خففه ههنا بإسكان شينه ، والمدار : أراد مدار الأمر ، وهو ما يجري عليه غالبا. والاستشهاد بالبيت في قوله «ونشبت» وقوله «ترك» فإن أصل الفعل الأول مكسور الشين مبنيا للمعلوم فسكن الشاعر شينه قصدا إلى التخفيف ، وأصل الفعل الثاني «ترك» بضم أوله وكسر ثانيه مبنيا للمجهول ، فسكن الراء للتخفيف أيضا.