عليهم أعمار الخلائق لأنّهم أسباب لأعمارهم إمّا لحياتهم الدنيوية والأُخروية ، أو لأديانهم ، إذ لولاهم لخربت الدنيا ، ولولاهم لم يكن دين.
وأيضاً فإنّها صلوات عليها أُمّ السبطين اللَّذين هما قرطا عرش الرحمن وشنفاه على ما نطقت به الأخبار ، فقد روى ابن لَهيعةَ عن أبي عوانة (١) رفعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الحسن والحسين شنَفا (٢) العرش ، وإنّ الجنّة قالت : يا ربّ أسْكَنْتَني الضعفاء والمساكين ، قال لها اللّهُ تعالى : ألا تَرضَين أنّي زيّنت أركانكِ بالحسن والحسين ؛ قال : فماست (٣) كما تَمِيسُ العروس فرحاً. (٤)
وروي أيضاً عن سليمان الأنصاري (٥) قال : كنّا جلوساً في مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ أقبل عليّ عليهالسلام فتحفّى (٦) له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه ، وكان
__________________
١ ـ من الإرشاد ، وفي الأصل « غسانه » ، وفي تاريخ بغداد وكنز العمال : « عُشانة ».
٢ ـ « الشَّنف » : قرط يلبس في أعلى الأُذن. انظر ( الصحاح : « شنف » ). والقرط : الذي يعلّق في شحمة الأُذن ، والجمع قرطة وقراط ( الصحاح « قرط » ).
٣ ـ ماس يميس ميساً ، إذا تبختر في مشيه. قاله الجزري.
٤ ـ المفيد : الإرشاد : ٢ / ١٢٧ باب طرف من فضائل الحسين عليهالسلام ... ، عنه البحار ٤٣ / ٢٧٥ ح ٤٤.
وروى مثله في كتاب الآل ( لابن خالويه اللغوي ) مرفوعاً إلى عقبة بن عامر قال : قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : قالت الجنة : يا ربّ أليس قد وعدتني أن تسكنني ركناً من أركانك؟ قال : فأوحى إليها أما ترضين أنّي زيّنتك بالحسن والحسين ، فأقبلت تميس كما تميس العروس. نقلاً عن البحار : ٤٣ / ٣٠٤.
٥ ـ سليمان بن عمرو بن حديدة الأنصاري الخزرجي. قُتل هو ومولاه عنترة يوم أُحد شهيدين. والأكثر يقولون هذا سُليم الخزرجي ، وكذلك قال ابن هشام ( الاستيعاب : ٢ / ٦٥١ رقم ١٠٥٧ ).
وقد قال ابن هشام في ذكر من استشهد بأُحد : ومن بني سَواد بن غَنَم : سُليم بن عمرو بن حَديدة ؛ ومولاه عنترة ... ( السيرة النبوية : ٣ / ١٣٣ ).
٦ ـ هذه دلالة على منزلة الإمام عليهالسلام الرفيعة أظهرها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا الشكل من الإكرام والتعظيم له.
وما نشاهده اليوم من الإعظام والتبجيل إنّما تغلب عليه روح المصلحة والمنافع الخاصة ، وأين هي من السيرة النبوية وسيرة الأئمّة الأطهار عليهمالسلام.