• الفهرس
  • عدد النتائج:

له ، حتى صار فنّا قائما بنفسه.

ونحن يهمّنا منه البحث عن موضع الخلاف فيه ، وحجّيته ، فنقول :

١. تعريف القياس

إنّ خير التعريفات للقياس ـ في رأينا ـ أن يقال : «هو إثبات حكم في محلّ بعلّة لثبوته في محلّ آخر بتلك العلّة». والمحلّ الأوّل ـ وهو المقيس ـ يسمّى «فرعا». والمحلّ الثاني ـ وهو المقيس عليه ـ يسمّى «أصلا». والعلّة المشتركة تسمّى «جامعا».

وفي الحقيقة أنّ القياس عمليّة من المستدلّ ـ أي القائس ـ ؛ لغرض استنتاج حكم شرعيّ لمحلّ لم يرد فيه نصّ بحكمه الشرعيّ ؛ إذ توجب هذه العمليّة عنده الاعتقاد يقينا أو ظنّا بحكم الشارع.

والعمليّة القياسيّة هي نفس حمل الفرع على الأصل في الحكم الثابت للأصل شرعا ، فيعطي القائس حكما للفرع ، مثل حكم الأصل ، فإن كان الوجوب أعطى له الوجوب ، وإن كان الحرمة فالحرمة ... وهكذا.

ومعنى هذا الإعطاء أن يحكم بأنّ الفرع ينبغي أن يكون محكوما عند الشارع بمثل حكم الأصل ؛ للعلّة المشتركة بينهما. وهذا الإعطاء ، أو الحكم هو الذي يوجب عنده الاعتقاد بأنّ للفرع مثل ما للأصل من الحكم عند الشارع ، ويكون هذا الإعطاء ، أو الحكم ، أو الإثبات ، أو الحمل ـ ما شئت فعبّر ـ دليلا عنده على حكم الله في الفرع.

وعليه ، فـ «الدليل» : هو الإثبات الذي هو نفس عمليّة الحمل ، وإعطاء الحكم للفرع من قبل القائس. و «نتيجة الدليل» هو الحكم بأنّ الشارع قد حكم فعلا على هذا الفرع بمثل حكم الأصل.

فتكون هذه العمليّة من القائس دليلا على حكم الشارع ؛ لأنّها توجب اعتقاده اليقينيّ أو الظنيّ بأنّ الشارع له هذا الحكم.

وبهذا التقرير يندفع الاعتراض على مثل هذا التعريف ، بأنّ الدليل ـ وهو الإثبات ـ نفسه نتيجة الدليل ، بينما أنّه يجب أن يكون الدليل مغايرا للمستدلّ عليه.