• الفهرس
  • عدد النتائج:

يعتمد المتكلّم على قرينة غير معهودة ولا معروفة إلاّ لدى من قصد إفهامه فهو احتمال لا ينفيه العقل ؛ لأنّه لا يقبح من الحكيم ، ولا يلزم نقض غرضه ، إذا نصب قرينة تخفى على غير المقصودين بالإفهام ، ومثل هذه القرينة الخفيّة ـ على تقدير وجودها ـ لا يتوقّع من غير المقصود بالإفهام أن يعثر عليها بعد الفحص ، فهو (١) كلام صحيح في نفسه ، إلاّ أنّه غير مرتبط بما نحن فيه ، أي لا يضرّ بحجّيّة الظهور ببناء العقلاء.

وتوضيح ذلك أنّ الذي يقوّم حجّيّة الظهور هو نفي احتمال القرينة ببناء العقلاء ، لا نفي احتمالها بحكم العقل ، ولا ملازمة بينهما ـ أي إنّه إذا كان احتمال القرينة لا ينفيه العقل فلا يلزم منه عدم نفيه ببناء العقلاء النافع في حجّيّة الظهور ـ ، بل الأمر أكثر من أن يقال : إنّه لا ملازمة بينهما ؛ فإنّ الظهور لا يكون ظهورا إلاّ إذا كان هناك احتمال للقرينة ، غير منفيّ بحكم العقل ، وإلاّ لو كان احتمالها منفيّا بحكم العقل كان الكلام نصّا ، لا ظاهرا.

وعلى نحو العموم نقول : لا يكون الكلام ظاهرا ليس بنصّ قطعيّ في المقصود إلاّ إذا كان مقترنا باحتمال عقليّ ، أو احتمالات عقليّة غير مستحيلة التحقّق ، مثل احتمال خطأ المتكلّم ، أو غفلته ، أو تعمّده للإيهام لحكمة ، أو نصبه لقرينة تخفى على الغير ، أو لا تخفى.

ثمّ لا يكون الظاهر حجّة إلاّ إذا كان البناء العمليّ من العقلاء على إلغاء مثل هذه الاحتمالات ، أي عدم الاعتناء بها في مقام العمل بالظاهر.

وعليه ، فالنفي الادّعائيّ العمليّ للاحتمالات هو المقوّم لحجّيّة الظهور ، لا نفي الاحتمالات عقلا من جهة استحالة تحقّق المحتمل ؛ فإنّه إذا كانت الاحتمالات مستحيلة التحقّق لا تكون محتملات ، ويكون الكلام حينئذ نصّا لا نحتاج في الأخذ به إلى فرض بناء العقلاء على إلغاء الاحتمالات.

وإذا اتّضح ذلك نستطيع أن نعرف أنّ هذا التوجيه المذكور للقول بالتفصيل في حجّيّة الظهور لا وجه له ؛ فإنّه أكثر ما يثبت به أنّ نصب القرينة الخفيّة بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه أمر محتمل غير مستحيل التحقّق ؛ لأنّه لا يقبح من الحكيم أن يصنع مثل ذلك ، فالقرينة محتملة عقلا. ولكن هذا لا يمنع من أن يكون البناء العمليّ من العقلاء على إلغاء

__________________

(١) جواب «إن كان».