• الفهرس
  • عدد النتائج:

ومن هنا قلنا سابقا : إنّ المستقلاّت العقليّة تنحصر في مسألة واحدة ، وهي مسألة التحسين والتقبيح العقليّين ؛ لأنّه لا يشارك الشارع حكم العقل العمليّ إلاّ فيها ، أي إنّ العقل النظريّ لا يحكم بالملازمة إلاّ في هذا المورد خاصّة. (١)

وجه حجّيّة [حكم] العقل

٤. إذا عرفت ما شرحناه ـ وهو أنّ العقل النظريّ يقطع باللازم ، أعني حكم الشارع ، بعد قطعه بثبوت الملزوم الذي هو حكم الشرع أو العقل ، وبعد فرض قطعه بالملازمة ـ ، نشرع في بيان وجه حجّيّة [حكم] العقل ، فنقول :

لقد انتهى الأمر بنا في البحث السابق إلى أنّ الدليل العقليّ ما أوجب القطع بحكم الشارع ، وإذا كان الأمر كذلك فليس ما وراء القطع حجّة ؛ فإنّه تنتهي إليه حجّيّة كلّ حجّة ؛ لأنّه ـ كما تقدّم ـ هو حجّة بذاته ، ولا يعقل سلخ الحجّيّة عنه. (٢)

وهل تثبت الشريعة إلاّ بالعقل؟ وهل يثبت التوحيد والنبوّة إلاّ بالعقل؟ وإذا سلخنا أنفسنا عن حكم العقل فكيف نصدّق برسالة؟! وكيف نؤمن بشريعة؟! بل كيف نؤمن بأنفسنا واعتقاداتها؟! وهل العقل إلاّ ما عبد به الرّحمن؟ وهل يعبد الديّان إلاّ به؟

إنّ التشكيك في حكم العقل سفسطة ليس وراءها سفسطة. نعم ، كلّ ما يمكن الشكّ فيه هو [من] الصغريات ـ أعني ثبوت الملازمات في المستقلاّت العقليّة ، أو في غير المستقلاّت العقليّة ـ. ونحن إنّما نتكلّم في حجّيّة [حكم] العقل لإثبات الحكم الشرعيّ بعد ثبوت تلك الملازمات. وقد شرحنا في الجزء الثاني مواقع كثيرة من تلك الملازمات ، فأثبتنا بعضها في مثل المستقلاّت العقليّة ، ونفينا بعضا آخر في مثل مقدّمة الواجب ، ومسألة الضدّ.

أمّا : بعد ثبوت الملازمة وثبوت الملزوم فأيّ معنى للشكّ في حجّيّة [حكم] العقل ،

__________________

(١) راجع البحث الرابع في أسباب حكم العقل العمليّ ، الجزء الثاني : ٢٣٧ فما بعدها لتعرف السرّ في التخصيص بالآراء المحمودة ـ منه قدس‌سره ـ.

(٢) راجع الصفحة : ٣٨٠.