• الفهرس
  • عدد النتائج:

باعتقاد إباحته». (١)

وغرضه قدس‌سره من التعبّد باعتقاد إباحته فيما إذا كان مباحا ، ليس مجرّد الاعتقاد ، حتى يرد عليه ـ كما في الفصول (٢) ـ بأنّ ذلك أسوة في الاعتقاد لا الفعل ، بل يريد ـ كما هو الظاهر من صدر كلامه ـ أنّ معنى الأسوة في المباح هو أن نتخيّر في الفعل والترك ـ أي لا نلتزم بالفعل ولا بالترك ـ ، إذ الأسوة في كلّ شيء بحسب ما له من الحكم ، فلا تتحقّق الأسوة في المباح بالنسبة إلى الإتيان بفعل الغير إلاّ بالاعتقاد بالإباحة.

ثمّ نزيد على ما ذكره العلاّمة ، فنقول : إنّ الآية الكريمة لا دلالة لها على أكثر من رجحان الأسوة وحسنها ، فلا نسلّم دلالتها على وجوب التأسّي ؛ مضافا إلى أنّ الآية نزلت في واقعة الأحزاب ، فهي واردة مورد الحثّ على التأسّي به في الصبر على القتال ، وتحمّل مصائب الجهاد في سبيل الله ، فلا عموم لها بلزوم التأسّي ، أو حسنه في كلّ فعل ، حتى الأفعال العاديّة. وليس معنى هذا أنّنا نقول بأنّ المورد يقيّد المطلق أو يخصّص العامّ ، بل إنّما نقول : إنّه يكون عقبة في إتمام مقدّمات الحكمة للتمسّك بالإطلاق ، فهو يضرّ بالإطلاق من دون أن يكون له ظهور في التقييد ، كما نبّهنا على ذلك في أكثر من مناسبة.

والخلاصة أنّ دعوى دلالة هذه الآية الكريمة على وجوب فعل ما يفعله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مطلقا ، أو استحبابه مطلقا ، بالنسبة إلينا بعيدة كلّ البعد عن التحقيق.

وكذلك دعوى دلالة الآيات الآمرة بإطاعة الرسول (٣) أو باتّباعه (٤) على وجوب كلّ ما يفعله في حقّنا ، (٥) فإنّها أوهن من أن نذكرها لردّها. (٦)

٢ ـ في حجّيّة فعل المعصوم بالنسبة إلينا ؛ فإنّه قد وقع كلام للأصوليّين في أنّ فعله إذا

__________________

(١) مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ١٦٨.

(٢) الفصول الغرويّة : ٣١٣.

(٣) كقوله (تعالى) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.) النساء (٤) الآية : ٥٩.

(٤) كقوله (تعالى) : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ.) الحشر (٥٩) الآية : ٧. وقوله (تعالى) : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) آل عمران (٣) الآية : ٣١.

(٥) والمدّعي لذلك بعض العامّة الذي ذكرناه آنفا.

(٦) وإن شئت فراجع العدّة ٢ : ٥٧٥ ـ ٥٨١ ؛ قوانين الأصول ١ : ٤٩١ ، الفصول الغرويّة : ٣١٤.