• الفهرس
  • عدد النتائج:

لما عرفت سابقا (١) من أنّ المعنون لا يقع بنفسه متعلّقا للتكليف ، لا قبل وجوده ولا بعد وجوده ، وإنّما يكون الداعي إلى إتيان الفعل هو تطبيق العنوان المأمور به عليه الذي ليس بمنهيّ عنه ، لا أنّ الداعي إلى إتيانه تعلّق الأمر به ذاته ، فيكون المكلّف في فعل واحد بالجمع بين عنواني الأمر والنهي مطيعا للأمر من جهة انطباق العنوان المأمور به [عليه] ، وعاصيا من جهة انطباق العنوان المنهيّ عنه [عليه] ، نظير الاجتماع المورديّ ، كما تقدّم توضيحه في تحرير محلّ النزاع (٢).

وقيل : إنّ الثمرة في مسألتنا هو إجراء أحكام المتعارضين على دليلي الأمر والنهي بناء على الامتناع ، وإجراء أحكام التزاحم بينهما بناء على الجواز (٣).

ولكن إجراء أحكام التزاحم بينهما بناء على الجواز إنّما يلزم إذا كان القائل بالجواز إنّما يقول بالجواز في مقام الجعل والإنشاء ، دون مقام الامتثال ، بل يمتنع الاجتماع في مقام الامتثال ، وحينئذ لا محالة يقع التزاحم بين الأمر والنهي.

أمّا : إذا قلنا بالجواز في مقام الامتثال أيضا ـ كما أوضحناه ـ فلا موجب للتزاحم بين الحكمين ، مع وجود المندوحة ، بل يكون مطيعا عاصيا في فعل واحد ، كالاجتماع المورديّ بلا فرق ؛ إذ لا دوران حينئذ بين امتثال الأمر ، وامتثال النهي.

اجتماع الأمر والنهي مع عدم المندوحة (٤)

تقدّم الكلام كلّه في اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كانت هناك مندوحة من الجمع بين المأمور به والمنهيّ عنه ، وقد جمع المكلّف بينهما في فعل واحد بسوء اختياره. ويلحق به ما كان الجمع بينهما عن غفلة أو جهل. وقد ذهبنا إلى جواز الاجتماع في مقامي الجعل والامتثال.

__________________

(١) راجع الصفحة : ٣٣٣.

(٢) تقدّم في الصفحة : ٣٢١.

(٣) قال به في دروس في علم الأصول ٢ : ٢٧٧ ـ ٢٧٨.

(٤) وفي «س» زاد قوله : أي مع الاضطرار.