الجانب الأوّل : جانب نسبته إلى فاعليه وهم الجيش المعادي ، وهو بهذا الاعتبار موجِب للحزن والبكاء من الناحية الدينيّة ، للأسف الشديد على وجود هذا العصيان والطغيان من قِبل أفراد الجيش المعادي.
الجانب الثاني : جانب نسبته إلى المظلومين بهذا البلاء وهم الحسين عليهالسلام وأصحابه ، وهو الجانب المسبِّب لفيض رحمة الله ونعمته ، وهو الموجِب للاستبشار.
ومن اعتبارٍ آخر يمكن أن نقول : إنّ لهذا البلاء ـ كأيّ بلاءٍ آخر ـ نسبتان : نسبة إلى الخالق ونسبة إلى المخلوق ، باعتبار أنّ أفعالنا الاختياريّة كلّها لها هاتين النسبتين ، فالفاعل المباشر المختار لها هو الواحد البشري ، والفاعل الخالق لها بصفتها أحد أفراد الكون المخلوق هو الله سبحانه ، إذاً فالنسبتان ثابتتان لكلّ الأفعال الاختياريّة بما فيها المظالم والبلاء الذي يُنزله الظالمون بالمظلومين ، ومنه البلاء الواقع على جيش الحقّ في كربلاء ، فمن زاوية نسبته إلى فاعليه البشريّين وهم الجيش المعادي تترتّب عدّة نتائج ، منها :
أوّلاً : كونهم يتحمّلون مسؤوليّته الأخلاقيّة والقانونيّة في الدنيا والآخرة ، وهم بهذا الاعتبار يكون لهم عقاب الدنيا والآخرة.
ثانياً : جانب الحزن والبكاء عليهم أسفاً على توريط أنفسهم على ذلك ، وتزايد عصيانهم لله سبحانه ، ومن زاوية نسبة هذا البلاء إلى الله عزّ وجل تترتّب عدّة نتائج منها :
أوّلاً : وجوب التسليم والرضا بقضاء الله وقدره بإيجاده للبلاء ، ومن هنا ورد عنه (سلام الله عليه) : «رضا الله رضانا أهل البيت» (١) ، وقد سبقَ تفسيره.
__________________
(١) مقتل الخوارزمي : ج ٢ ، ص ٥ ، أسرار الشهادة للدربندي : ص ٢٢٥.