• الفهرس
  • عدد النتائج:

الْأَنْفُسِ) (١) قال قتادة : أي بجهد الأنفس).

وحينئذ ، فإذا كانت المشقّة عبارة عن هذا المعنى الذي ذكروه ، وهو : ما يصعب تحمّله ويشتدّ على الإنسان قبوله والقيام به ويبلغ به الجهد ، فكيف لا يكون مستلزما للأذى ، وهل يشكّ عاقل في أن من وقع في شدّة وأمر صعب لا يتأذّى به؟ على أن الأذى لغة إنّما هو الضرر اليسير كما صرّح به في (القاموس) (٢) ، وكما في قوله سبحانه (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلّا أَذىً) (٣) أي ضررا يسيرا ، مثل التهديد (٤) ونحوه.

وعلى هذا فيكون الأذى إنّما هو أقل مراتب المشقّة ، فكيف لا يكون لازما لها؟ ولكن من منع ذلك إنّما بنى على مقتضى هواه وعقله بغير ارتياب من غير مراجعة لكلام العلماء الأعلام في هذا الباب ، فضلّ عن سواء الطريق وأوقع من سواه في لجج المضيق.

لا يقال : إن هذا الخبر قد روته العلماء في كتبهم ، واطّلعت عليه الفضلاء منهم ، ولم يصرّحوا بما دلّ عليه من هذا الحكم في محرّمات النكاح من كتبهم الفروعيّة ، وأعرضوا عن التعرّض له بالكليّة ، ولو كان ذلك حقا لذكروه ، وفي مصنّفاتهم سطّروه.

لأنّا نقول : هذا القائل إمّا أن يسلّم ما ذكرنا من صحّة الحديث وصراحته ، [أو] (٥) لا. فعلى الثاني يكون الكلام معه في الدليل ، وإثبات صحّته وصراحته ، وكلامه لا وجه له حينئذ ، وعلى الأوّل ، فكلامه هنا مردود بما صرّح به غير واحد من أجلّاء المحقّقين ، منهم شيخنا الشهيد الثاني في مواضع من (المسالك)

__________________

(١) النحل : ٧.

(٢) القاموس المحيط ٤ : ٤٣١ ـ أذي.

(٣) آل عمران : ١١١.

(٤) الكشاف ١ : ٤٠١.

(٥) في النسختين : أم.