• الفهرس
  • عدد النتائج:

ويؤكد ما ذكرناه في هذه المواضع ما رواه في (الكافي) عن عمرو بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع عن (١) امتي أربع خصال : خطؤها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا ، وذلك قول الله عزوجل (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا) (٢) ، وقوله (إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (٣)» (٤). فإنه عليه‌السلام استشهد لرفع هذه الخصال بالآيتين الكريمتين.

(قيل : ظاهر الآية الأولى الدلالة على المؤاخذة والإثم بالخطإ والنسيان وإلّا فلا فائدة في الدعاء بعدم المؤاخذة ، فكيف تكون دليلا على الرفع؟

وأجيب :

أوّلا : بأن السؤال والدعاء قد يكون للواقع ، والغرض منه بسط الكلام مع المحبوب وعرض الافتقار إليه ، كما قال خليل الرحمن وابنه إسماعيل عليهما‌السلام : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا) (٥) ، مع أنهما لا يفعلان غير المقبول.

وثانيا : بأنّه قد صرّح بعض المفسّرين (٦) بأن الآية تدلّ على أن الخطأ والنسيان سببان للإثم والعقوبة ، ولا يمتنع عقلا المؤاخذة بهما ؛ إذ الذنب كالسمّ يؤدّي إلى الهلاك وإن تناوله خطأ ، وكذلك الذنب ولكنه عزوجل وعد بالتجاوز عنه رحمة وتفضّلا وهو المراد من الرفع ، فيجوز أن يدعو الإنسان به استدامة لها وامتدادا بها) (٧) انتهى.

والجواب الأوضح في ذلك أن يقال : إن هذا السؤال في الآية إنما وقع في مبدأ

__________________

(١) من «ح» والمصدر.

(٢) البقرة : ٢٨٦.

(٣) النحل : ١٠٦.

(٤) الكافي ٢ : ٤٦٢ ـ ٤٦٣ / ١ ، باب ما رفع عن الامّة.

(٥) البقرة : ١٢٧.

(٦) تفسير البيضاوي ١ : ١٤٧.

(٧) انظر شرح الكافي (المازندراني) ١٠ : ١٩٧.