المخيط بخيط مغصوب بعد ردّ قيمته.
وأنت خبير ؛ بأنّه لا مجال لهذا الكلام بعد ما عرفت من أنّ باب التضمينات لا يرتبط بباب المعاوضات ، وأنّ ما يلزم على الضامن ليس إلّا الغرامة ولم يعهد من الشرع أبدا أن يكون تضمين المالك من المخرجات ، خصوصا مثل المقام الّذي قد عرفت أنّ عين مال المالك موجودة ، فكيف يمكن أن يقال بأنّ ما على الغاصب من الغرامة بعد الإخراج عوض عن الخيط قبل أن يخرج؟
وأمّا قياسه المقام بالماء المغصوب المتوضّأ به ؛ فبعد التسليم في المقيس عليه يمكن الدعوى جدّا بالفرق بينهما ، فإنّ الماء المتوضّأ به بعد الفراغ عن الغسل ليس بعد شيئا موجودا ، بل العرف يراه معدوما ، ولذلك ينقلب إلى البدل قهرا ، بخلاف الخيط في الثوب فإنّه بعد إخراجه وتقطيعه بحيث يسقط عن الماليّة يراه العرف موجودا ، فكيف بحال عدم إخراجه وثبوته بحاله في الثوب ، فالحقّ عدم جواز صلاته في الثوب من هذه الجهة ما لم يرض المالك.
أقول : يمكن أن يكون نظر المحقّق قدسسره وتابعيه إلى أنّه عند إخراج الخيط عن الثوب الموجب ذلك لتلفه وإن كان بمباشرة الغاصب ، إلّا أنّه لمّا يفعل ذلك بأمر المالك وإلزامه فيصير السبب أقوى ، فلذلك يمكن الدعوى بأنّ التلف يستند إلى المالك الآمر ، وليس يستند إلى المباشر ، لا بفعله الآن لما عرفت من أنّه ملزم ومأمور ، ولا بفعله السابق لأنّ خياطته ما أوجبت تلف الخيط ، ولذلك يرى الخيط الآن في الثوب بشخصيّته وماليّته موجودا (١) ، فيصير الموجب للتلف شخص المالك بأمره ، فإذا صار هو بنفسه متلفا لما له فلم يلزم المباشر بالغرامة؟
__________________
(١) كما كان ذلك مبنى الحكم بوجوب ردّ العين ، «منه رحمهالله».