للأسباب إذا لم تؤثّر فلا محيص عن الحكم بالبطلان لما هو الأصل ، والمفروض فقدان أصل يحرز به القابليّة أو يتكفّل حكم المسبّب ، نظير (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (١) فيكون الأصل العملي المقتضي للفساد هو المحكّم.
فإن تمّ ما ذكرنا فيتمّ ما ذهب إليه المشهور ، وإلّا فالوجوه الاخر ، فالإنصاف أنّها غير تامّة ، كما أفاده في «الجواهر» (٢).
مع أنّه لو سلّمنا كون الوقف عليه مرادا له فلذلك يصير بنفسه منهيّا عنه ، حيث إنّ المفروض كونه مقدّمة لذلك العنوان ، فقهرا النهي المتعلّق بذي المقدّمة يسري إليها ، إلّا أنّه لمّا كان هذا النهي نفيا محضا ، وليس إرشادا ومشتملا على وضع أصلا ، فلا يقتضي فساد الوقف من وجه.
وأمّا مسألة قصد القربة ؛ فلا دليل على اعتبارها رأسا حتّى ينافيها ، فتأمّل! فإنّه ولو سلّمنا ذلك ـ أي عدم اعتبار القربة مطلقا ـ فلا أقلّ من اعتبار الرجحان فيه ، كما في مطلق الصدقة ، والنهي يضادّه بلا كلام والله وليّ الإنعام.
ثمّ إنّه إن بنينا على صحّة الوقف على الحربي لما كان يقع التعارض بين دليل الوقف والدوام المعتبر فيه (٣) ، وأدلّة : أنّ ماله فيء للمسلمين (٤) ، وتكون النسبة عموما من وجه فيشكل الأمر حينئذ.
والإنصاف ؛ أنّه لا إشكال في المسألة من هذه الجهة عندنا بحمد الله تعالى أصلا وذلك ؛ لأنّه بناء على كون حقيقة الوقف إيقافا لا تمليكا للعين ، فمعلوم أنّه
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٧٥.
(٢) لاحظ! جواهر الكلام : ٢٨ / ٣٠ و ٣١.
(٣) الحدائق الناضرة : ٢٢ / ١٩٣ و ١٩٤.
(٤) جواهر الكلام : ٢٨ / ٣١.