ويأنس ، أو يتعب من أجلها ويضحي ، أو يأمل بها ويطمح .. وما إلى ذلك ..
ومن هنا .. فقد كان من الطبيعي أن يرفض الاسلام اعطاء الامتيازات ، وتفضيل الناس ، بعضهم على بعض على اساس العرق أو اللون ، أو غير ذلك مما لا خيار فيه للانسان ، ولا هو خاضع لارادته.
ولكنه جعل التفاضل بين الناس في أمر يمكن أن يكون له دور رئيس في تكاملهم ، وفي تحقيق سعادتهم ، ويؤثر في حركتهم الدائبة نحو هدفهم الاسمى .. وهو في نفس الوقت أمر اختياري للانسان ، يمكنه ، أن يحصل عليه ، ويمكنه أن لا يحصل عليه .. ألا وهو التقوى ، والعمل الصالح ، والسجايا الفاضلة ، والعلم النافع المعطاء ؛ فقال تعالى : إن أكرمكم عند الله أتقاكم (١).
وقال : هو يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون (٢).
وقال تعالى : ألم تر كيف ضرب الله مثلاً : كلمة طيبة كشجرة طيبة (٣).
قال : ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض (٤).
وقال تعالى : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله (٥).
وقال : قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو اعجبك كثرة الخبيث (٦).
إلى غير ذلك من آيات كثيرة ، لا مجال لا يرادها هنا ..
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا أسود على أحمر ، ولا أحمر على أسود إلاّ بالتقوى (٧).
وإذا كان كل ما تقدم هو المنطلق للتفاضل ، والحصول على الامتيازات والاوسمة ؛ فان من شأنه : أن يقود الانسان نحو الكمال ، ويجعل التسابق باتجاه
__________________
(١) الحجرات ١٣.
(٢) الزمر ٩.
(٣) ابراهيم ٢٤.
(٤) ابراهيم ٢٦.
(٥) النساء ٩٥.
(٦) المائدة ١٠٠.
(٧) مجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٦٦ و ٢٧٢ والبيان والتبيين ج ٢ ص ٣٣ والعقد الفريد ج ٣ ص ٤٠٨ والغدير ج ٦ ص ١٨٧/١٨٨ عن عدد من المصادر.