بدء الكتاب

.. في الدنيا ، وقد جعلهما المنجمون كالنيرين : الشمس لليمنى والقمر لليسرى ، ومنها يستدل على كثير من احوال بدن الانسان في الصحة والمرض (١) ، ومن اخلاقه في الفراسة. وموقع العين من النفس موقع بالغ جدا ، بخلاف غيرها (٢) من الاعضاء فانها تكسب نفس الناظر وصولا الى نفس المنظور اليه ومخالطة له وامتزاجا به ، حتى انه يطلع بها على السراير ، وتشرف على ما في الضماير وقد يستغنى بها عن كثير من الكلام بالايماء. وهذا مما لا يحتاج الى دليل لكثرة استعماله وشهرته. وقد نظمه الناس في اشعارهم وضربوه في امثالهم. والمحبة والشنآن يدركان بها. واي عضو بولغ في مدحه وكان كذلك من اعضاء الرأس وغيره مع قبح العين لا يكون ذلك الشخص من حيث صورته محبوبا ، بل ربما نفرق عنه النفوس الابية. اللهم الا ان يكون المثال (٣) اعمى او ذا شبق تغلب عليه الشهوة البهيمية فمال الى جهة اخرى تنتهي اليها ارادته وتسمو اليها همته الى غير ذلك مما لو اطلق فيه عنان الخطاب لادى الى الاسهاب واطالة الكتاب. فلذلك جمعت

_________________

١) وهذا ما هو معروف الآن. اذ أصبح بامكان الطب تشخيص كثير من الامراض الباطنية باستدلال من العين من جملتها الداء السكري والزلال والسل وامراض بعض الغدد الصم وفقر الدم وكثير من الامراض الوبائية وأمراض المجاري البولية. وذلك بعد فحص قعر العين بمنظار العين أو فحص القزحية بالمنظار الشقي Slit Lamp أو فحص ملتحمة الاجفان (أنظر أمراض العيون لماي فاي. طبعة باريس ماسون ١٩٥٦). وهذه هي الصفحة الثانية من المخطوط حيث ان الاولى مفقوده منه كما مر هنا

٢) في الاصل : بخلاف غيره.

٣) في الاصل : (المثل). وقد جاءت الكلمة غير واضحة.