لذاتها ، بمعنى أنّ ذاتها تقتضي جواز الأكل واشتراط التذكية في ذلك لمنع الميتة من جواز الأكل وإنْ كان المقتضي للحلّ موجوداً في ذاته ، وبالتذكية يندفع ذلك المانع. فاشتراط التذكية لدفع المانع لا لإحراز المقتضي ، فإذا شكّ في حلّيّة شيء حكم بجواز أكله من جهة الأصل إلّا إنّ ذلك لا يوجب صحّة الصلاة به ؛ لأنّها إنّما تصح في ذات ما أحلّ الله أكله من النوع المخصوص ، وأصالة البراءة من حرمة الأكل لا تقتضي كون المشكوك فيه من ذات ما أحلّ الله أكله ليجري عليه الآثار المرتّبة من الشارع على ذات ما أحلّ الله أكله.
نعم ، لو قيل باعتبار الأُصول المثبتة مطلقاً حتى أصل البراءة صحّ ترتيب باقي الآثار ، لكن الحقّ أنّ الأصل المثبت غير معتبر إذا كان من قبيل الاستصحاب ، فضلاً عمّا لو كان من قبيل أصل البراءة التي مرتبتها دون مرتبة الاستصحاب.
والحاصل أنّه ليس في المقام أصل يحرز به الأقدام ، أمّا أصل الحلّ فقد عرفت حاله.
وأمّا الاستصحاب بأنّ يقال : الأصل عدم كوني لابساً لما حرّم الله أكله عند الصلاة فلا يجدي ؛ لأنّه يجب على المصلّي إحراز كون لباسه من غير ما حرّم الله ، وهو لا يمكن إحرازه بالاستصحاب ؛ إذ ليس له حالة سابقة ؛ فإنّه لم يكن هذا اللّباس الذي يشك في كونه من جنس ما يؤكل لحمه ، مما علم كونه من غير ما حرّم الله في زمان ؛ ليستصحب في زمان الشك ، واستصحاب العدم الأزلي بأن يقال : إنّ هذا لم يكن ممّا حرّم الله أكله في الزمان السابق على وجوده ، ولو من جهة عدم وجوده ، إذ السالبة تصدق مع انتفاء الموضوع فيستصحب ذلك إلى زمان وجوده وزمان الشك فتجوز الصلاة فيه لا يجدي هنا ؛ لأنّ عدم كون اللباس من غير مأكول اللحم الذي يجب إحرازه لصحّة الصلاة هو ما أُخذ قيداً للِّباس وصفةً له ومرتبطاً به بأن يحرز كون اللباس مقيّداً بهذا العدم المخصوص.
ولا ريب أنّ العدم الأزلي لا دخل له باللباس ولا ربط له به ، فاستصحابه غير