فرغ منه مؤلّفُهُ الأقلُّ الجاني : أحمدُ بن صالح البحراني ، في اليوم السادس من جمادى الثانية من السنة العاشرة والثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبويّة ، على مهاجرها وآلِهِ أفضلُ الصلاة وأكملُ التحيّة.
وقد تمّت هذه الرسالةُ المباركةُ على يد أقلّ الخليقة في الحقيقة : أحمد بن مهدي ، باليوم الثاني عشر من شهر شعبان المعظّم ، أحد شهور سنة ١٣١٢ ، الثانية عشر بعد الثلاثمائة بعد الألف ، حامداً مصلّياً مسلّماً مستغفراً.
ممّا قاله السائلُ المستطاب ، في مدحِ هذا الجواب :
بدتْ نفحاتٌ من غوامضِ أسرارِ |
| حرائر فكرٍ لا خرائدُ أفكارِ |
وضاعَ عبيرٌ مِنْ شذا عنبر التقى |
| ومسكُ الهدى لا عطرَ جُوْنةِ (١) عطّارِ |
غداة بدتْ شمسُ العلومِ وأشرقت |
| وعنها تولّى الجهل خاسئ أبصار (٢) |
فتلك لعمرُ الله شمسُ هدايةٍ |
| بدتْ فاهتدتْ منها القلوبُ بأنوار |
هي الشمسُ لم تكسَف ولم يخف نورُها |
| بكل مساءٍ كانَ أو سحب أمطارِ |
ولا يهتدي الرائي إليها بعَينهِ |
| لما يغشه منهَا سواطعُ أنوارِ |
ولكِن بأبصارِ البصائر يهتدى |
| إليها فيهدي كلّ حاذقِ أفكارِ |
لنا أظهرت سِرّ العقولِ وَذاتها |
| ذوات معانٍ ذي صفات وآثارِ |
تجلّت فَجلّت جَلّ جامعُ شملِها |
| ومودعها سراً هياكل أسرارِ |
هو العالمُ النحرير (٣) واحد عصره |
| هو الأحمد البرّ التقي ابنُ أبرارِ |
هو الجوهر المكنون في صدف التقى |
| وبحرُ علوم مدّه غير جزّار (٤) |
__________________
(١) الجُونَة : ظرفٌ لطِيب العطّار. القاموس ٤ : ٢٩٦.
(٢) في متن المخطوط : ( .. وعنها تولّى غيهب الجهل منهار ) ، وما أثبتناه وفقاً لما جاء في هامش المخطوط.
(٣) النحرير : الحاذق ، الماهر ، العاقل ، المجرّب .. لأنّه ينحر العلم نحراً. القاموس ٢ : ١٩٦.
(٤) الجزر : ضدّ المدّ. القاموس : ١ : ٧٣٢ باب الراء / فصل الجيم.