• الفهرس
  • عدد النتائج:
📷

اللّهمَّ وكم من سحائب مكروه جلّيتها ، وسماء نعمة أمطرتها ، وجداول كرامة أجريتها ، وأعين أجداث طمستها ، وناشي رحمة نشرتها ، وغواشي كرب فرَّجتها ، وغمم بلاء كشفتها ، وجُنّة عافية ألبستها ، واُمور حادثة قدَّرتها ، لم تعجزك إذ طلبتها ، ولم تمتنع منك إذ أردتها .

اللّهمَّ وكم من حاسد سوء تولّني (١) بحسده ، وسلقني بحدِّ لسانه (٢) ووخزني بغرب عينه ، وجعل عرضي غرضاً لمراميه ، وقلّدني خلالاً لم تزل فيه كفيتني أمره .

اللّهمَّ وكم من ظنّ حسن حقّقت ، وعُدم إملاق ضرّني جبرت وأوسعت ومن صرعة أقمت ، ومن كربة نفّست ، ومن مسكنة حوَّلت ، ومن نعمة خوَّلت لا تُسأل عمّا تفعل ولا بما أعطيت تبخل ، ولقد سُئلت فبذلت ، ولم تُسئل فابتدأت واستميح فضلك فما أكديت ، أبيتَ إلّا إنعاماً وامتناناً وتطوُّلاً ، وأبيتُ إلّا تقحّماً على معاصيك ، وانتهاكاً لحُرُماتك ، وتعدّياً لحدودك ، وغفلةً عن وعيدك وطاعة لعدوِّي وعدوِّك ، لم تمتنع عن إتمام إحسانك ، وتتابع امتنانك ، ولم يَحجُزني ذلك عن ارتكاب مساخطك .

اللّهمَّ فهذا مقام المعترف لك بالتقصير عن أداء حقّك ، الشّاهد على نفسه بسُبُوغ نعمتك ، وحُسن كفايَتك ، فهب لي اللّهمَّ يا إلهي ما أصلُ به إلى رحمتك وأتّخذه سُلّماً أعرج فيه إلى مرضاتك ، وآمَنُ به من عقابك ، فانّك تفعل ما تشاء وتحكم ما تُريدُ ، وأنت على كلِّ شيء قدير .

اللّهمَّ حمدي لك مُتَواصل ، وثنائي عليك دائم ، من الدَّهر إلى الدَّهر بألوان التسبيح ، وفُنُون التَّقديس ، خالصاً لذكرك ، ومرضيّاً لك بناصع التوحيد ومحض التحميد ، وطول التّعديد في إكذاب أهل التنديد (٣) .

______________________

(١) ثولني ظ ، أي أصابني .

(٢) يقال : سلقه بالكلام سلقاً : آذاه ، وهو شدة القول باللسان ، وفي القرآن الكريم « سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ». والحديد : الحاد ، والغرب حدة الغضب ، واسم لمقدم العين ومؤخرها ، والنظر بغرب العين كناية عن الغضب والتهديد ، والوخز : الطعن .

(٣) يقال : ندد بفلان : اذا صرح بعيوبه وأسمعه القبيح وشهره وشيعه بين الناس .