قبيل المتصوّرات الذهنيّة ، فإذا تعلّق التصوّر بالمفهوم فيصير المفهوم من المفاهيم المتصوّرات الذهنيّة غير القابلة الانطباق على الكثيرين ، بل الحقّ أنّ التصوّر إنّما يكون طريقا إلى المفهوم لا أنّه يكون دخيلا فيه بعنوان القيدية حتّى يخرج المفهوم عن كونه في حدّ ذاته إلى كونه بشرط الشيء ويتّصف بالجزئيّة الذهنية ، فيخرج عن دائرة الكلّية ليمتنع فرض صدقه على الكثيرين.
بل مرادنا من المفهوم والموضوع له في هذه الصورة ليس إلّا ذات المعنى والطبيعة التي أخذ التصوّر فيها من باب الهداية والكاشفيّة.
فانقدح أنّ الواضع إذا تصوّر المعنى في حدّ ذاته ، كما إذا تصوّر مفهوم الإنسان وعيّن لفظ الإنسان اسما له ، أي لهذا المفهوم الكلّي العامّ ، فيكون الوضع عامّا والموضوع له عاما.
بخلاف ما إذا كان الموضوع له جزئيّا خارجا كالأعلام الشخصيّة مثل : زيد وعمرو وبكر وخالد ، فيضع اللفظ بإزائه ، فيكون من قبيل الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ ، وذلك كمن يرى ابنه الذي في البيت ولد ذكرا فيقول في مجلس التسمية عند الأحبّة : إنّي سمّيته بأحمد.
واخرى يكون التصوّر بنحو الإجمال ، لا كالتفصيل المتقدّم ، وذلك مثل ما إذا قال الواضع أو الوليّ قبل تولّد المولود في الخارج : يا أيّها الأحبّة ، اعلموا أنّ أوّل من يتولّد من صلبي إن كان ذكرا فإنّي سمّيته بأحمد ، فهذا السنخ من التصوّر الإجمالي أيضا يكون من قبيل الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ ، مع الفرق بأنّ في القسم الأوّل إنّما لوحظ المسمّى بالتفصيل ، وفي القسم الثاني لوحظ بالإجمال.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه في المقام : أنّ المعنى الموضوع له ـ بلا فرق بين ما كان عامّا أو خاصّا كالأعلام الشخصيّة ـ إنّما يكون من المفاهيم القابلة في