ويقول صلىاللهعليهوآلهوسلم مفسراً قوله تعالىٰ : ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ) « حالاً بعد حال ، لتركبنَّ سُنّة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقُذّة بالقُذّة ، لا تخطئون طريقهم ولا يخطأ ، شبر بشبر ، وذراع بذراع ، وباع بباع ، حتىٰ إنّه لو كان مَن قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه ، قالوا : اليهود والنصارىٰ تعني يا رسول الله ؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : فمن أعني ؟ لتنقضن عرىٰ الإسلام عروة عروة ، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الأمانة ، وآخره الصلاة » (١) .
لقد بلّغ الرسول الأكرم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الرسالة علىٰ أكمل وجه وكانت أفعاله وسنّته الشريفة محطّ أنظار المسلمين مما لا يدع المجال للاجتهادات الشخصية أو الاختلاف ، فلماذا إذن حدثت البدع من بعده ؟
هذا هو السؤال الذي سنحاول اكتشاف جوابه في النقاط الآتية :
ونعني بذلك الخروج عن الحدّ المعقول في التعبّد لله تعالىٰ ، أو بعبارة أُخرىٰ الاتيان بشيء مخالف لتعاليم الشريعة تحت عنوان الاجتهاد في العبادة لله تعالىٰ ومن أمثلة ذلك :
١ ـ استأذن عثمان بن مظعون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الاستخصاء ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ليس منّا من خصي أو اختصىٰ ، إنَّ اختصاء أُمّتي الصيام ، إلىٰ أن قال : ائذن لي في الترهب ، قال : إنَّ ترّهب أُمتي الجلوس في
__________________
بالقُذّة » ، « مثل يُضرب للشيئين يستويان ولا يتفاوتان » والقُذّة : ريشة الطائر كالنسر والصقر .
(١) بحار الانوار ، للمجلسي ٢٨ : ٨٠ / ١١ باب ١ كتاب الفتن والمحن . والآية من سورة الانشقاق ٤ : ١٩ .