أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي
المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-347-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٧٩١
عِنْدَ الْهَزَاهِزِ (١)، صَبُوراً عِنْدَ الْبَلَاءِ ، شَكُوراً عِنْدَ الرَّخَاءِ ، قَانِعاً بِمَا رَزَقَهُ اللهُ ، لَايَظْلِمُ الْأَعْدَاءَ ، وَلَا يَتَحَامَلُ (٢) لِلْأَصْدِقَاءِ (٣) ، بَدَنُهُ مِنْهُ فِي تَعَبٍ ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ.
إِنَّ الْعِلْمَ خَلِيلُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْحِلْمَ وَزِيرُهُ ، وَالْعَقْلَ (٤) أَمِيرُ جُنُودِهِ ، وَالرِّفْقَ أَخُوهُ ، وَالْبِرَّ (٥) وَالِدُهُ ». (٦)
١٥٤٠ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِيهِ عليهماالسلام (٧) ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ : الْإِيمَانُ (٨) لَهُ أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ (٩) : التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ ، وَتَفْوِيضُ الْأَمْرِ إِلَى اللهِ ، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ
__________________
شكّ عند الفتن التي تصير سبباً لشكّ الناس وكفرهم ». المفردات للراغب ، ص ٨٨٠ ( وقر ).
(١) « الهزاهز » : الفتن يهتزّ فيها الناس. المصباح المنير ، ص ٦٣٧ ( هزز ).
(٢) تحامل في الأمر ، وبه : تكلّفه على مشقّة ، وعليه : كلّفه ما لا يطيق. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٠٦ ( حمل ). وتحامل عليه : أي مال. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٧٧ ( حمل ). والمعنى على الأوّل : أنّه لا يتحمّل الوزر لأجل الأصدقاء ، أو لا يتكلّف لهم. وقيل غير ذلك. وعلى الأخير يكون المعنى : لا يميل على الناس لأجلهم ، كأن يشهد لهم بالزور ، أو يكتم الشهادة لرعايتهم ، أو يسعى لهم في حرام. راجع : شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١٤٠ ؛ الوافي ، ج ٤ ، ص ١٥٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٢٩٢.
(٣) في « بر » : + / « و ». وفي تحف العقول : « لا يتحمّل الأصدقاء ».
(٤) في الوافي والكافي ، ح ٢٢٨١ والأمالي والخصال وتحف العقول : « الصبر ».
(٥) في الكافي ، ح ٢٢٨١ والأمالي والخصال وتحف العقول : « اللين ». وفي الوافي : « البرّ ـ خ ل ـ اللين ».
(٦) الأمالي للصدوق ، ص ٥٩٢ ، المجلس ٨٦ ، ح ١٧ ؛ والخصال ، ص ٤٠٦ ، باب الثمانية ، ح ١ ، بسندهما عن أحمد بن محمّد بن عيسى [ في الأمالي : ـ / « بن عيسى ] ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن عبدالله بن غالب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام. الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب المؤمن وعلاماته وصفاته ، ح ٢٢٨١ ، بسنده عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن عبدالله بن غالب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام. وفي الفقيه ، ج ٤ ، ص ٣٥٢ ، ضمن الحديث الطويل ٥٧٦٢ ؛ والخصال ، ص ٤٠٦ ، باب الثمانية ، ح ٢ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهمالسلام عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلى قوله : « والناس منه في راحة » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٥٨ ، ح ١٧٤٨ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٥ ، ح ٢٠٢٣٥ ؛ البحار ، ج ٦٧ ، ص ٢٦٨ ، ح ١.
(٧) في الكافي ، ح ١٥٦٤ والوسائل : ـ / « عن أبيه عليهماالسلام ».
(٨) في الوسائل : « الإسلام ».
(٩) في الكافي ح ١٥٦٤ : « أربعة أركان ».
اللهِ (١)، وَالتَّسْلِيمُ لِأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ». (٢)
١٥٤١ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ (٣) عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيْلى ، عَنْ أَبِيهِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « إِنَّكُمْ لَاتَكُونُونَ (٤) صَالِحِينَ حَتّى تَعْرِفُوا ، وَلَا تَعْرِفُونَ (٥) حَتّى تُصَدِّقُوا ، وَلَا تُصَدِّقُونَ (٦) حَتّى تُسَلِّمُوا أَبْوَاباً أَرْبَعَةً لَايَصْلُحُ أَوَّلُهَا إِلاَّ بِآخِرِهَا (٧) ، ضَلَّ أَصْحَابُ الثَّلَاثَةِ وَتَاهُوا تَيْهاً بَعِيداً ، إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَايَقْبَلُ إِلاَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ ، وَلَا يَتَقَبَّلُ (٨) اللهُ (٩) إِلاَّ بِالْوَفَاءِ (١٠) بِالشُّرُوطِ وَالْعُهُودِ ، وَمَنْ (١١) وَفَى اللهَ (١٢)
__________________
(١) في الكافي ، ح ١٥٦٤ : « الرضا بقضاء الله ، والتوكّل على الله ، وتفويض الأمر إلى الله ».
(٢) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب المكارم ، ح ١٥٦٤. الجعفريّات ، ص ٢٣٢ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام ؛ قرب الإسناد ، ص ٣٥٤ ، ح ١٢٦٨ ، بسند آخر عن الرضا عليهالسلام ، من دون الإسناد إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ وتحف العقول ، ص ٢٣٢ ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وفي كلّها مع اختلاف يسير ، وفي غير « الكافي » مع زيادة في آخره الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٥ ، ح ١٧٢٨ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٥ ، ح ٢٠٢٣٦ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٣٤٠ ، ح ١٢.
(٣) في « ص ، ف » : « محمّد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ». وهو سهو ، فقد تكرّرت رواية أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. راجع : الكافي ، ح ١١٦ و ٤٧٤ ـ نفس الخبر ـ ؛ وح ١٨٤٧ و ٢٦٨٦.
(٤) في « بف » وشرح المازندراني : « لا تكونوا ». وقال في النحو الوافي ، ج ١ ، ص ١٦٣ : « هنا لغة تحذف نون الرفعبدون الناصب والجازم ».
(٥) في « ص ، ف ، بف » والكافي ، ح ٤٧٤ : « ولا تعرفوا ».
(٦) في « ف ، بر ، بف » والكافي ، ح ٤٧٤ : « ولا تصدّقوا ».
(٧) في الوافي : « يعني أنّ الصلاح موقوف على المعرفة ، والمعرفة موقوفة على التصديق ، والتصديق موقوفعلى تسليم أبواب أربعة ، لايتمّ بعضها بدون بعض ؛ وهي التوبة عن الشرك ، والإيمان بالتوحيد ، والعمل الصالح ، والاهتداء بالإمام ؛ فصاحب الثلاثة الاول من دون الاهتداء بالإمام ضالّ تائه لاتقبل توبته ولا توحيده ولا عمله ؛ لعدم وفائه بجميع الشروط والعهود. أجمل عليهالسلام هذا المعنى أوّلاً ، ثمّ فصّل بقوله : إنّ الله أخبر العباد بطرق الهدي » إلى آخر ما قال.
(٨) في الكافي ، ح ٤٧٤ : « ولا يقبل ».
(٩) في « د ، بر ، بف » والوافي والبحار : ـ / « الله ».
(١٠) في الكافي ، ح ٤٧٤ : « الوفاء ».
(١١) في « ض » والكافي ، ح ٤٧٤ : « فمن ».
(١٢) في « ب ، بس » والوافي والبحار والكافي ، ح ٤٧٤ : « لله ».
بِشُرُوطِهِ (١) وَاسْتَكْمَلَ (٢) مَا وَصَفَ فِي عَهْدِهِ ، نَالَ مَا (٣) عِنْدَهُ وَاسْتَكْمَلَ وَعْدَهُ (٤)
إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَخْبَرَ الْعِبَادَ بِطُرُقِ (٥) الْهُدى ، وَشَرَعَ لَهُمْ فِيهَا الْمَنَارَ (٦) ، وَأَخْبَرَهُمْ كَيْفَ يَسْلُكُونَ ، فَقَالَ : ( وَإِنِّي لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٧) وَقَالَ : ( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٨) فَمَنِ اتَّقَى اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِيمَا أَمَرَهُ ، لَقِيَ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مُؤْمِناً بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ، فَاتَ (٩) قَوْمٌ وَمَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَهْتَدُوا ، وَظَنُّوا (١٠) أَنَّهُمْ آمَنُوا ، وَأَشْرَكُوا مِنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُونَ ؛ إِنَّهُ مَنْ أَتَى الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا اهْتَدى ، وَمَنْ أَخَذَ فِي غَيْرِهَا سَلَكَ طَرِيقَ (١١) الرَّدى.
وَصَلَ اللهُ طَاعَةَ وَلِيِّ أَمْرِهِ بِطَاعَةِ رَسُولِهِ ، وَطَاعَةَ رَسُولِهِ بِطَاعَتِهِ (١٢) ؛ فَمَنْ (١٣) تَرَكَ طَاعَةَ وُلَاةِ الْأَمْرِ ، لَمْ يُطِعِ اللهَ وَلَا رَسُولَهُ ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِمَا نَزَلَ (١٤) مِنْ عِنْدِ اللهِ (١٥) ،
__________________
(١) في « ص ، بر ، بف » والوافي والكافي ، ح ٤٧٤ : « بشرطه ».
(٢) في الكافي ، ح ٤٧٤ : « واستعمل ».
(٣) في البحار : « ممّا ».
(٤) في الكافي ، ح ٤٧٤ : « ما وعده ».
(٥) هكذا في « ب ، ج ، ز ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » وحاشية « د » وشرح المازندراني والوافي والبحار والكافيح ٤٧٤. وفي سائر النسخ والمطبوع : « بطريق ».
(٦) في الوافي : « كنّى بالمنار عن الأئمّة عليهمالسلام فإنّها صيغة جمع ، وبتقوى الله فيما أمره عن الاهتداء إلى الإمام والاقتداء به ، وبإتيان البيوت من أبوابها عن الدخول في المعرفة من جهة الإمام » و « المنار » : جمع منارة ، وهي العلامة تجعل بين الحدّين ، ومَنار الحرم : أعلامه التي ضربها إبراهيم الخليل ـ على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام ـ على أنظار الحرم ونواحيه ، وبها تعرف حدود الحرم من حدود الحلّ ، والميم زائدة. النهاية ، ج ٥ ، ص ١٢٧ ( نور ).
(٧) طه (٢٠) : ٨٢.
(٨) المائدة (٥) : ٢٧.
(٩) في « ص » ومرآة العقول : « مات ». وقال في المرآة : « فيما مضى : فات قوم ، وهو أظهر ، أي فاتوا عنّا ولميبايعونا ، أو ماتوا. فالثاني تأكيد ».
(١٠) في « ج ، ض ، ف » والبحار : « فظنّوا ».
(١١) في « ب » : « طرائق ».
(١٢) إشارة إلى الآية ٥٩ من سورة النساء (٤) : « يأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ ».
(١٣) في « ص » : « ومن ».
(١٤) في الكافي ، ح ٤٧٤ : « بما أنزل ».
(١٥) في « ب » : « بما نزّل الله من عنده ». وفي « ف » : « بما نزّل من عند الله » ، بالتشديد.
( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (١)، وَالْتَمِسُوا (٢) الْبُيُوتَ الَّتِي ( أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) (٣) ؛ فَإِنَّهُ قَدْ خَبَّرَكُمْ (٤) أَنَّهُمْ ( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ) (٥)
إِنَّ اللهَ قَدِ اسْتَخْلَصَ الرُّسُلَ (٦) لِأَمْرِهِ ، ثُمَّ (٧) اسْتَخْلَصَهُمْ مُصَدِّقِينَ لِذلِكَ (٨) فِي نُذُرِهِ ، فَقَالَ : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّ خَلا فِيها نَذِيرٌ ) (٩) تَاهَ مَنْ جَهِلَ ، وَاهْتَدى مَنْ أَبْصَرَ وَعَقَلَ ؛ إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقُولُ : ( فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ (١٠) الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (١١) وَكَيْفَ (١٢) يَهْتَدِي مَنْ لَمْ يُبْصِرْ (١٣)؟ وَكَيْفَ يُبْصِرُ مَنْ لَمْ يُنْذَرْ (١٤)؟ اتَّبِعُوا (١٥)
__________________
(١) الأعراف (٧) : ٣١.
(٢) في « ف » : « وأتوا ».
(٣) اقتباس من الآية ٣٦ من سورة النور (٢٤) : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ).
(٤) في الكافي ، ح ٤٧٤ : « أخبركم » بدل « قد خبّركم ».
(٥) النور (٢٤) : ٣٧. وفي الوافي : « واوِّلَ الزينة بمعرفة الإمام ، والمسجد بمطلق العبادة ، والبيوت ببيوت أهل العصمة سلام الله عليهم ، والرجال بهم عليهمالسلام. والمراد بعدم إلهائهم البيع والتجارة عن الذكر أنّهم يجمعون بين ذين وذا ، لا أنّهم يتركونها رأساً ، كما ورد النصّ عليه في خبر آخر ».
(٦) في « ف » : « الرسول ».
(٧) في « ف » : « و ».
(٨) في الكافي ، ح ٤٧٤ : « بذلك ».
(٩) فاطر (٣٥) : ٢٤.
(١٠) « القلب » : هو الفؤاد. وقيل : هو أخصّ منه. وقيل : هما سواء. والجمع : قلوب. وعن بعض أهل التحقيق : إنّالقلب يطلق على معنيين : أحدهما : اللحم الصنوبري الشكل المُودع في الجانب الأيسر من الصدر ، وهو لحم مخصوص ، وفي باطنه تجويف وفي ذلك التجويف دم أسود ، وهو منبع الروح ومعدنه. وهذا المعنى من القلب موجود للبهائم ، بل للميّت. والمعنى الثاني : لطيفة ربّانيّة روحانيّة لها بهذا القلب تعلّق ، وتلك اللطيفة هي المعبّر عنها بالقلب تارة ، وبالنفس اخرى ، وبالروح اخرى ، وبالإنسان أيضاً. وهو المُدْرِك العالِمُ العارف ، وهو المخاطب والمطالب والمُعاقَب. وله علاقة مع القلب الجسماني ، وقد تحيّر أكثر الخلق في إدراك وجه علاقته. مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٤٧ ( قلب ).
(١١) الحجّ (٢٢) : ٤٦.
(١٢) في « ف » : « فكيف ».
(١٣) في « بر ، بف » : « لا يبصر ».
(١٤) في « بس » والكافي ، ح ٤٧٤ : « لم يتدبّر ».
(١٥) في كمال الدين : + / « قول ».
رَسُولَ اللهِ (١)صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، وَأَقِرُّوا بِمَا نَزَلَ (٣) مِنْ عِنْدِ (٤) اللهِ ، وَاتَّبِعُوا (٥) آثَارَ الْهُدى ؛ فَإِنَّهُمْ (٦) عَلَامَاتُ الْأَمَانَةِ وَالتُّقى.
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ رَجُلٌ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عليهالسلام ، وَأَقَرَّ بِمَنْ سِوَاهُ مِنَ الرُّسُلِ ، لَمْ يُؤْمِنْ ؛ اقْتَصُّوا (٧) الطَّرِيقَ بِالْتِمَاسِ الْمَنَارِ (٨) ، وَالْتَمِسُوا مِنْ وَرَاءِ الْحُجُبِ الْآثَارَ ؛ تَسْتَكْمِلُوا أَمْرَ دِينِكُمْ ، وَتُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ ». (٩)
١٥٤٢ / ٤. عَنْهُ (١٠) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ :
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ، عَنْ أَبِيهِ عليهماالسلام ، قَالَ : « رَفَعَ (١١) إِلى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم قَوْمٌ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ ، فَقَالَ : مَنِ الْقَوْمُ (١٢)؟ فَقَالُوا : مُؤْمِنُونَ يَا رَسُولَ اللهِ (١٣) ، قَالَ (١٤) : وَمَا بَلَغَ مِنْ
__________________
(١) في « ج » : « رسوله ».
(٢) في الكافي ، ح ٤٧٤ : + / « وأهل بيته ».
(٣) في البحار : « أنزل ».
(٤) في البحار : ـ / « من عند ».
(٥) في الوافي ومرآة العقول وهامش المطبوع : « في بعض النسخ : وابتغوا ».
(٦) في البحار : « فإنّها ».
(٧) في « ص » : « اقتفوا ». وفي كمال الدين : « اقصدوا ». وقَصَّ أثره : تتبّعه. وكذلك اقتصّ أثره وتقصّص أثره. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٥١ ( قصص ).
(٨) في « ض ، ف » : « النار ».
(٩) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب معرفة الإمام والردّ إليه ، ح ٤٧٤. وفي كمال الدين ، ص ٤١١ ، ح ٧ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، من قوله : « كيف يهتدي من لم يبصر » الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٥ ، ح ١٧٢٩ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٤ ، ح ٢٠٢٣٤ ، إلى قوله : « لا يصلح أوّلها إلاّبآخرها » ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ١٠ ، ح ١٢.
(١٠) الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد بن خالد المذكور في السند السابق ؛ فقد روى أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن سليمان الجعفري في عددٍ من الأسناد. انظر على سبيل المثال : المحاسن ، ص ٣٧١ ، ح ١٣٠ ؛ وص ٤٠٦ ، ح ١١٧ ؛ وص ٤٤١ ، ح ٣٠٣ ؛ وص ٥٣٧ ، ح ٨١٨ ؛ وص ٦٤٠ ، ح ١٥٤ ؛ وص ٦٤٢ ، ح ١٦٠ و ١٦١.
(١١) في مرآة العقول : « رفع إلى رسول الله ، كمنع على البناء المعلوم ، أي أسرعوا إليه. أو على بناء المجهول [ كما في « بر » ] أي ظهروا ؛ فإنّ الرفع ملزوم للظهور ... ويمكن أن يقرأ بالدال. ولكن قد عرفت أنّه لا حاجة إليه. قال في المصباح : دُفِعْتُ إلى كذا ، بالبناء للمفعول : انتهيتُ إليه ». وراجع : المصباح المنير ، ص ١٩٦ ( دفع ).
(١٢) في حاشية « د ، ج » : « من أنتم ».
(١٣) في « ض » : + / « عليك السلام ».
(١٤) في الوافي : « فقال ».
إِيمَانِكُمْ؟ قَالُوا : الصَّبْرُ عِنْدَ (١) الْبَلَاءِ ، وَالشُّكْرُ عِنْدَ الرَّخَاءِ ، وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : حُلَمَاءُ (٢) ، عُلَمَاءُ ، كَادُوا مِنَ الْفِقْهِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ (٣) ، إِنْ كُنْتُمْ كَمَا تَصِفُونَ فَلَا تَبْنُوا مَا لَاتَسْكُنُونَ ، وَلَا تَجْمَعُوا مَا (٤) لَاتَأْكُلُونَ ، وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥) ». (٦)
٢٤ ـ بَابٌ (٧)
١٥٤٣ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ جَمِيعاً (٨) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (٩) عليهالسلام ؛ وَبِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ ، قَالَ :
خَطَبَنَا (١٠) أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام فِي دَارِهِ ـ أَوْ قَالَ : فِي الْقَصْرِ ـ وَنَحْنُ مُجْتَمِعُونَ ، ثُمَّ أَمَرَ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ فَكُتِبَ فِي كِتَابٍ ، وَقُرِئَ (١١) عَلَى النَّاسِ.
__________________
(١) في « ض » : « على ».
(٢) في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « حكماء ».
(٣) في « ف » : « من الأنبياء ».
(٤) في « ف » : « مالاً ».
(٥) في « ض » : « تحشرون ».
(٦) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب حقيقة الإيمان واليقين ، ح ١٥١٥ ؛ والمحاسن ، ص ٢٢٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٥١ ؛ والتوحيد ، ص ٣٧١ ، ح ١٢ ؛ والخصال ، ص ١٤٦ ، باب الثلاثة ، ح ١٧٥ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١٨٧ ، ح ٦ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٨ ، ح ١٧٤٣ ؛ البحار ، ج ٦٧ ، ص ٢٨٤ ، ح ٧.
(٧) في مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٢٩٨ : « إنّما لم يعنون لأنّه من تتمّة البابين السابقين ، وإنّما أفرده لأنّ فيه نسبة الإيمان والإسلام معاً ، أو لأنّ فيه مدح الإسلام وفضله ، لا صفاته ».
(٨) للمصنّف إلى أبي جعفر عليهالسلام ثلاثة طرق ، وتنضمّ هذه الطرق إلى طريق الأصبغ بن نباتة الذي لم يذكر المصنّفأسانيده إليه.
(٩) في « ص ، ف » : « أبي عبد الله ».
(١٠) في « ب » : « خطب ».
(١١) في « ب » : « فقرئ ».
وَرَوى غَيْرُهُ (١) أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام عَنْ صِفَةِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ ، فَقَالَ :
« أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ شَرَعَ الْإِسْلَامَ ، وَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ (٢) لِمَنْ وَرَدَهُ ، وَأَعَزَّ أَرْكَانَهُ لِمَنْ حَارَبَهُ (٣) ، وَجَعَلَهُ عِزّاً لِمَنْ تَوَلاَّهُ ، وَسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ ، وَهُدًى لِمَنِ ائْتَمَّ بِهِ ، وَزِينَةً لِمَنْ تَجَلَّلَهُ (٤) ، وَعُذْراً (٥) لِمَنِ انْتَحَلَهُ (٦) ، وَعُرْوَةً لِمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ ، وَحَبْلاً لِمَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ ، وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ ، وَنُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ ، وَعَوْناً (٧) لِمَنِ اسْتَغَاثَ بِهِ (٨) ، وَشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ (٩) بِهِ ، وَفُلْجاً (١٠) لِمَنْ حَاجَّ بِهِ ، وَعِلْماً لِمَنْ وَعَاهُ (١١) ، وَحَدِيثاً لِمَنْ
__________________
(١) ضمير « غيره » راجع إلى الأصبغ بن نباتة ، فيكون للخبر طريق خامس مُرسَل.
(٢) « الشرع والشريعة » : هو ما شرع الله لعباده من الدين ، أي سنّه لهم وافترضه عليهم. وقد شرع الله الدينَ شرعاً : إذا أظهره وبيّنه. والشريعة : مورد الإبل على الماء الجاري. وتقال لما شرع الله تعالى لعباده إذ به حياة الأرواح ، كما بالماء حياة الأبدان. راجع : الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٩ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٦٠ ( شرع ).
(٣) في الوافي : « محاربة الإسلام ، إمّا كناية عن محاربة أهله ، وإمّا على حقيقته ، بمعنى أنّه حاربه في نفسهببغضه له وشنآنه إيّاه ». وفي البحار : « جأر به ». وفي مرآة العقول : « وفي بعض النسخ : جأر به ـ كسأل بالجيم والهمز ـ أي استغاث به ولجأ إليه ». وفي النهج : « وأعزّ أركانه على من غالبه ». وفي التحف : « وأعزّ أركانه على من جانبه ».
(٤) في « ص ، بر » والوافي : « تحلّله ». و « جلّله » : غطّاه. وتجلّل بثوبه : تغطّى به. أساس البلاغة ، ص ٦٢ ( جلل ). ويتجلّل الصبح السماء : أي يعلوها بضوء ويعمّها ، من قولهم : تجلّله : أي علاه. مجمع البحرين ، ج ٥ ، ص ٣٤٠ ( جلل ). وفي شرح المازندراني : « أي جعله برداً ولباساً من قولهم : جلّل فرساً له فتجلّل ، ولا ريب في أنّ أحكام الإسلام بعضها يتعلّق بالظاهر وبعضها يتعلّق بالباطن ، ومن تلبّس بها يتزيّن ظاهره وباطنه ، فيصير إنساناً كاملاً له صورة مزيّنة ظاهراً وباطناً ».
(٥) في الغارات : « وزينة لمن تحلّى به وعدلاً ».
(٦) فلان ينتحِل مذهب كذا وقبيلة كذا : إذا انتسب إليه وادّعاه كاذباً. راجع ؛ الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٢٧ ( نحل ).
(٧) في « ب ، بر » : « وغوثاً ».
(٨) في « ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، بس ، بف » والوافي والبحار والغارات : ـ / « وعوناً لمن استغاث به ».
(٩) في « ف » : « تخاصم ».
(١٠) في « ج ، ف » : « وفلحاً ». و « الفُلْج » : الظَّفر بمن تخاصمه. ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٤١٣ ( فلج ).
(١١) في « ج » : « دعاه ».
رَوى ، وَحُكْماً لِمَنْ قَضى ، وَحِلْماً لِمَنْ جَرَّبَ (١)، وَلِبَاساً لِمَنْ تَدَبَّرَ (٢) ، وَفَهْماً لِمَنْ تَفَطَّنَ ، وَيَقِيناً لِمَنْ عَقَلَ (٣) ، وَبَصِيرَةً لِمَنْ عَزَمَ ، وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ (٤) ، وَعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ ، وَنَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ (٥) ، وَتُؤَدَةً (٦) لِمَنْ أَصْلَحَ ، وَزُلْفى لِمَنِ اقْتَرَبَ (٧) ، وَثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ ، وَرَخَاءً (٨) لِمَنْ فَوَّضَ ، وَسُبْقَةً (٩) لِمَنْ أَحْسَنَ ، وَخَيْراً لِمَنْ سَارَعَ ، وَجُنَّةً (١٠) لِمَنْ صَبَرَ ، وَلِبَاساً لِمَنِ اتَّقى ، وَظَهِيراً (١١) لِمَنْ رَشَدَ ، وَكَهْفاً (١٢) لِمَنْ آمَنَ ، وَأَمَنَةً لِمَنْ أَسْلَمَ ، وَرَجَاءً (١٣) لِمَنْ صَدَقَ (١٤) ، وَغِنًى لِمَنْ قَنِعَ.
__________________
(١) في الغارات : « حرب ».
(٢) في الوافي : « تدثّر ». وقال : « التدثّر ـ بالمثلّثة بين المهملتين ـ : الاشتمال بالثوب ». وفي مرآة العقول : « أي لباس عافية لمن تدبّر في العواقب ، أو في أوامره ونواهيه. أو لباس زينة. والأوّل أظهر. وقد يقرأ « تدثّر » بالثاء المثلّثة ، أي لبسه وجعله مشتملاً على نفسه كالدثار ، وهو تصحيف لطيف ». وفي نهج البلاغة وكتاب سليم والغارات وأمالي المفيد والطوسي والتحف : « ولُبّاً لمن تدبّر ». وقال المجلسي في المرآة : « وفي النهج والكتابين : ولُبّاً لمن تدبّر. واللبّ : العقل ؛ وهو أصوب ».
(٣) في الغارات : « علم ».
(٤) توسّمت فيه الخير : أي تفرّست. والمتوسّم. المتفرّس المتأمّل المتثبّت في نظره حتّى يعرف حقيقة سَمْت الشيء. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٥٢ ؛ مجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ١٨٣ ( وسم ).
(٥) يجوز فيه التخفيف أيضاً ، كما احتمله المجلسي في مرآة العقول.
(٦) في « ص » : « مودّة ». و « التُؤدة » : التأنّي. يقال : اتّأد في فعله وقوله ، وتوأّد : إذا تأنّى وتثبّت ولم يعجل. النهاية ، ج ١ ، ص ١٧٨ ( تئد ). وهو ظاهر ؛ لأنّ من أصلح بقواعد الإسلام وتبع حكمه كان الإسلام سبباً لتأنّيه ورزانته. راجع : شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١٥٤.
(٧) في « بر ، بف » : « اقترن ». وقال المجلسي في مرآة العقول : « كأنّه تصحيف ».
(٨) في « ز ، ص ، بر ، بف » والوافي ومرآة العقول والبحار : « ورجاء ».
(٩) في « ض » : « سابقة ». وفي الغارات : « صبغة ».
(١٠) « الجُنّة » : الدِرع ، وكلّ ما وقاك فهو جنّتُك. ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٣٢٤ ( جنّ ).
(١١) في الغارات : « وطهراً ».
(١٢) في الغارات : « وكتبة ».
(١٣) في « ب » وحاشية « بر ، بس » والوافي والغارات : « وروحاً ».
(١٤) في « ب ، ج ، د » وشرح المازندراني ومرآة العقول : « صدّق » بالتشديد. وأيّد المجلسي التخفيف بما في تحف العقول : « وروحاً للصادقين ».
فَذلِكَ الْحَقُّ سَبِيلُهُ الْهُدى ، وَمَأْثُرَتُهُ (١) الْمَجْدُ ، وَصِفَتُهُ الْحُسْنى ؛ فَهُوَ أَبْلَجُ (٢) الْمِنْهَاجِ (٣) ، مُشْرِقُ (٤) الْمَنَارِ ، ذَاكِي (٥) الْمِصْبَاحِ ، رَفِيعُ الْغَايَةِ ، يَسِيرُ (٦) الْمِضْمَارِ (٧) ، جَامِعُ الْحَلْبَةِ (٨) ، سَرِيعُ السَّبْقَةِ (٩) ، أَلِيمُ النَّقِمَةِ ، كَامِلُ (١٠) الْعُدَّةِ ، كَرِيمُ الْفُرْسَانِ ؛ فَالْإِيمَانُ (١١) مِنْهَاجُهُ ، وَالصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ ، وَالْفِقْهُ (١٢) مَصَابِيحُهُ ، وَالدُّنْيَا مِضْمَارُهُ ، وَالْمَوْتُ غَايَتُهُ ، وَالْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ (١٣) ، وَالْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ ، وَالنَّارُ نَقِمَتُهُ ، وَالتَّقْوى عُدَّتُهُ ، وَالْمُحْسِنُونَ (١٤) فُرْسَانُهُ.
فَبِالْإِيمَانِ (١٥) يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ ، وَبِالصَّالِحَاتِ (١٦) يُعْمَرُ الْفِقْهُ ، وَبِالْفِقْهِ يُرْهَبُ
__________________
(١) « المأثرة » : المكرمة. ومآثر العرب : مكارمها ومفاخرها التي تؤثر عنها ، أي تروى وتذكر. ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٦٦ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٢٢ ( أثر ).
(٢) في « ج ، ز ، ف » وحاشية « ص » : « أبلغ ». وفي « ص » : « أبلح ». وبلج الصُبُح بُلوجاً : أسفر وأنار ، ومنه قيل : بلج الحقّ إذا وضح وظهر. وأبلج ، بالألف كذلك. المصباح المنير ، ص ٦٠ ( بلج ).
(٣) في « ص » : « المناهج ».
(٤) في « بر ، بف » : « مشرف » بالفاء.
(٥) ذكت النارُ ذُكوّاً وذكاً وذكاءً ، واستذكت : اشتدّ لَهَبُها ، وهي ذكيّة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨٦ ( ذكو ).
(٦) في شرح المازندراني : « وفي بعض النسخ : بشير ، بالشين المعجمة ، فكأنّها تبشّر للسابق بما عند الله تعالى ».
(٧) « المضمار » : الموضع الذي تضمّر فيه الخَيل ، ويكون وقتاً للأيّام التي تُضَمَّر فيها. والمُضمِّر : الذي يُضمِّر خيله لغزو أو سباق. وتضمير الخيل : هو أن يظاهَر عليها بالعلف حتّى تسمن ، ثمّ لا تعلف إلاّقوتاً لتخفّ. النهاية ، ج ٣ ، ص ٩٩ ( ضمر ). قال المازندراني : « مضمار الإسلام الدنيا ، وهي يسير قليل يسهل السبق فيها إلى الله تعالى » ، وقال المجلسي : « ... المراد بقوله : يسير المضمار ، قلّة مدّته وسرعة ظهور السبق وعدمه ، أو سهولة قطعه وعدم وعورته ، أو سهولة التضمير فيه وعدم صعوبته لقصر المدّة ، وتهيّؤ الأسباب من الله تعالى ». راجع : شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١٥٣ ؛ مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٣٠٨.
(٨) في « ب ، ز ، بر ، بف » : « الحلية ». وفي « ص ، ف » : « حليته ». و « الحَلْبَة » : خيلٌ تُجمع للسباق من كلّ أوب. لسانالعرب ، ج ١ ، ص ٣٢٨ ( حلب ).
(٩) يجوز فيه الضمّ أيضاً ، كما احتمله المجلسي في مرآة العقول.
(١٠) في الغارات : « قديم ».
(١١) في « ض » : « والإيمان ».
(١٢) في الغارات : « والعفّة ».
(١٣) في « بر ، بف » : « حليته ».
(١٤) في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « والمؤمنون ».
(١٥) في الغارات : « فبالإسلام ».
(١٦) في « ز » : « والصالحات ».
الْمَوْتُ ، وَبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ (١) الدُّنْيَا ، وَبِالدُّنْيَا تَجُوزُ (٢) الْقِيَامَةَ ، وَبِالْقِيَامَةِ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ ، وَالْجَنَّةُ حَسْرَةُ أَهْلِ النَّارِ ، وَالنَّارُ (٣) مَوْعِظَةُ الْمُتَّقِينَ (٤) ، وَالتَّقْوى سِنْخُ (٥) الْإِيمَانِ ». (٦)
٢٥ ـ بَابُ صِفَةِ الْإِيمَانِ
١٥٤٤ / ١. بِالْإِسْنَادِ (٧) الْأَوَّلِ (٨) ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، قَالَ : « سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام عَنِ الْإِيمَانِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ جَعَلَ الْإِيمَانَ عَلى أَرْبَعِ دَعَائِمَ : عَلَى الصَّبْرِ ، وَالْيَقِينِ ، وَالْعَدْلِ ، وَالْجِهَادِ.
فَالصَّبْرُ مِنْ ذلِكَ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى الشَّوْقِ ، وَالْإِشْفَاقِ (٩) ، وَالزُّهْدِ ، وَالتَّرَقُّبِ ؛ فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ ، سَلَا (١٠) عَنِ الشَّهَوَاتِ ؛ وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ (١١) النَّارِ ، رَجَعَ
__________________
(١) في « ز » والبحار : « يختم ».
(٢) في « ص ، ف ، بر » : « تحوز ». وقال الفيض : « وفي بعض النسخ : تُجاز ، بالبناء للمفعول ولعلّه الأصحّ. وربّما يوجد في بعضها بالمهملة ـ أي تُحاز ـ من الحيازة. وعلى التقادير فالوجه فيه أنّ كلّ ما يلقاه العبد في القيامة فإنّما هو نتائج أعماله وأخلاقه وعقائده المكتسبة في الدنيا ؛ فبالدنيا تجاز القيامة أو تحاز ». وقرأ المازندراني : يجوز ، وهو الذي نقله المجلسي عن بعض النسخ ، ثمّ قال : « أي يجوز المؤمن أو الإنسان. وفي بعضها : يجاز على بناء المجهول وهو أظهر ، وفي بعضها : يحاز ، بالحاء المهملة من الحيازة ... ومنهم من قرأ : تحوز بالحاء المهملة ... وفي التحف : تحذر القيامة ، وكأنّه أظهر ». ولكن في التحف المطبوع : « وبالدنيا تحذو الآخرة ».
(٣) في « بس » : « فالنار ».
(٤) في « ج ، ف ، بر ، بس » والوافي والبحار : « للمتّقين ».
(٥) في « ص » : « نهج ».
(٦) كتاب سليم بن قيس ، ص ٦١٨ ، ح ٩ ؛ والغارات ، ص ٨٢ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ٢٧٥ ، المجلس ٣٣ ، ح ٣ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٣٧ ، المجلس ٢ ، ح ٩ ، بسند آخر عن أمير المؤمنين عليهالسلام. تحف العقول ، ص ١٦٢ ، وفي كلّها مع اختلاف يسير وزيادة في آخره ؛ نهج البلاغة ، ص ١٥٣ ، الخطبة ١٠٦ ، إلى قوله : « والقيامة حلبته والجنّة سبقته » مع اختلاف الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٨ ، ح ١٧٣٠ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٣٤٩ ، ح ١٨.
(٧) في « ج ، ض » : « وبالإسناد ».
(٨) المراد به : « عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ».
(٩) « الإشفاق » : الخوف. لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٧٩ ( شفق ).
(١٠) سلوت عنه سُلُوّاً : صبرت ، وسلاه وعنه : نسيه. والاسم : السَّلوة ، ويضمّ. المصباح المنير ، ص ٢٨٧ ؛ القاموسالمحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٠٠ ( سلو ).
(١١) في « ز » والبحار : « عن ».
عَنِ (١) الْمُحَرَّمَاتِ (٢) ؛ وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا ، هَانَتْ (٣) عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ (٤) ؛ وَمَنْ رَاقَبَ الْمَوْتَ ، سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ.
وَالْيَقِينُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ (٥) ، وَتَأَوُّلِ (٦) الْحِكْمَةِ ، وَمَعْرِفَةِ الْعِبْرَةِ (٧) ، وَسُنَّةِ الْأَوَّلِينَ ؛ فَمَنْ أَبْصَرَ الْفِطْنَةَ ، عَرَفَ الْحِكْمَةَ (٨) ؛ وَمَنْ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ ، عَرَفَ الْعِبْرَةَ (٩) ؛ وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ ، عَرَفَ السُّنَّةَ ؛ وَمَنْ عَرَفَ السُّنَّةَ ، فَكَأَنَّمَا كَانَ مَعَ الْأَوَّلِينَ ، وَاهْتَدى (١٠) إِلَى الَّتِي (١١) هِيَ أَقْوَمُ ، وَنَظَرَ إِلى مَنْ نَجَا بِمَا نَجَا ، وَمَنْ هَلَكَ بِمَا هَلَكَ ، وَإِنَّمَا (١٢) أَهْلَكَ اللهُ مَنْ أَهْلَكَ (١٣) بِمَعْصِيَتِهِ ، وَأَنْجى مَنْ أَنْجى بِطَاعَتِهِ (١٤)
وَالْعَدْلُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : غَامِضِ (١٥) الْفَهْمِ ، وَغَمْرِ (١٦) الْعِلْمِ ، وَزَهْرَةِ
__________________
(١) في نهج البلاغة : « اجتنب » بدل « رجع عن ».
(٢) في « ب ، ج ، ص ، ض ، بف » : « الحرمات ».
(٣) في « بر » : « هان ».
(٤) في « ج ، ز » وحاشية « د ، ض ، بر » ومرآة العقول : « المصائب ».
(٥) « الفِطنة » : الحِذق ، وضدّه : الغباوة. وقيل : الفطنة : الفهم. فطن به وإليه فَطناً ، فهو فاطن وفطين وفَطِن. وقيل : الفَطانة : جودة استعداد الذهن لإدراك ما يرد عليه من الغير. تاج العروس ، ج ١٨ ، ص ٤٣٤ ( فطن ).
(٦) في الوسائل : « وتأويل ».
(٧) في الوافي : « تبصرة الفطنة : جعلها بصيرة بالشيء. وتأوّل الحكمة ، تأويلها أي جعلها مكشوفة بالتدبّر فيها. ومعرفة العبرة ، أي المعرفة بأنّه كيف ينبغي أن يعتبر من الشيء ، أي يتّعظ به وينتقل منه إلى ما يناسبه ».
(٨) في « ف » : ـ / « وتأوّل الحكمة ـ إلى ـ عرف الحكمة ».
(٩) في « ب » : ـ / « فمن أبصر ـ إلى ـ العبرة ».
(١٠) في « ض » : « فاهتدى ».
(١١) في « بر ، بف » والوافي : « للتي ».
(١٢) في « ز ، ض » : « فإنّما ».
(١٣) في البحار : « هلك ».
(١٤) في الوسائل : ـ / « فمن أبصر ـ إلى ـ بطاعته ».
(١٥) في الخصال والغارات ونهج البلاغة وتحف العقول : « غائص ». و « الغامض » : المطمئنّ من الأرض. والغُموض : بطون الأودية. وأغمض حدَّ السيف : رقّقه. ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٣٥٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٨٧٨ ( غمض ). والمراد : عمق الفهم ، أو دقّته ، كما قال المازندراني : « أي الفهم الغامض الذي ينفذ في بواطن الأشياء » ، أو المراد فهم الغوامض ، كما احتمله أيضاً المجلسي. راجع : شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١٨٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٣١٨.
(١٦) في نهج البلاغة : « غور ». و « الغمر » : الكثير. النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٨٣ ( غمر ). وفي شرح المازندراني :
الْحُكْمِ (١)، وَرَوْضَةِ (٢) الْحِلْمِ ؛ فَمَنْ فَهِمَ ، فَسَّرَ جَمِيعَ الْعِلْمِ ؛ وَمَنْ عَلِمَ ، عَرَفَ شَرَائِعَ (٣) الْحُكْمِ (٤) ؛ وَمَنْ حَلُمَ ، لَمْ يُفَرِّطْ (٥) فِي أَمْرِهِ ، وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيداً.
وَالْجِهَادُ عَلى أَرْبَعِ شُعَبٍ : عَلَى (٦) الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ ، وَشَنَآنِ (٧) الْفَاسِقِينَ ؛ فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ ، شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ (٨) ؛ وَمَنْ نَهى عَنِ الْمُنْكَرِ ، أَرْغَمَ أَنْفَ (٩) الْمُنَافِقِ (١٠) وَأَمِنَ كَيْدَهُ ؛ وَمَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ ، قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ ؛ وَمَنْ شَنِئَ الْفَاسِقِينَ ، غَضِبَ لِلّهِ ؛ وَمَنْ غَضِبَ لِلّهِ ، غَضِبَ اللهُ لَهُ ؛ فَذلِكَ الْإِيمَانُ وَ (١١) دَعَائِمُهُ وَشُعَبُهُ ». (١٢)
__________________
« الغامر ، أي الغائر الذي يطّلع عليه أذهان الأذكياء ».
(١) في « ف » : « الحكمة ».
(٢) في نهج البلاغة : « ورساخة ».
(٣) في الغارات ، ص ٨٠ : « شعائرهم ». وفيه ، ص ٨٢ : « غرائب ».
(٤) في نهج البلاغة : « فمن فهم علم غور العلم ، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم » بدل « فمن فهم فسّر جميع العلم ، ومن علم عرف شرائع الحكم ».
(٥) في « ج » : « لا يفرّط ». وفي مرآة العقول : « ولم يفرّط ، على بناء التفعيل ... وفي بعض نسخ النهج على بناء الإفعال ». وجواز الوجهين هو الظاهر من شرح المازندراني.
(٦) في شرح المازندراني : ـ / « على ».
(٧) في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « شنىء ».
(٨) في نهج البلاغة : « شدّ ظهور المؤمنين ».
(٩) في نهج البلاغة : « انوف ».
(١٠) في نهج البلاغة : « أرغم انوف الكافرين ».
(١١) في « ز ، ص ، بر » : ـ / « و ».
(١٢) كتاب سليم بن قيس ، ص ٦١٣ ، ضمن ح ٨ ؛ والغارات ، ص ٨٠ ؛ وص ٨٢ ، ضمن الحديث ؛ والخصال ، ص ٢٣١ ، باب الأربعة ، صدر ح ٧٤ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ٢٧٥ ، المجلس ٣٣ ، ذيل ح ٣ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٣٧ ، المجلس ٢ ، ذيل ح ٩ ، بسند آخر عن أميرالمؤمنين عليهالسلام. وفي تحف العقول ، ص ١٦٢ ، ضمن الحديث ؛ ونهج البلاغة ، ص ٤٧٣ ، صدر الحكمة ٣١ ، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام ، وفي كلّها مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٠ ، ح ١٧٣١ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٦ ، ح ٢٠٢٣٧ ، إلى قوله : « والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين » ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٣٥٠ ، ح ١٩.
٢٦ ـ بَابُ فَضْلِ الْإِيمَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْيَقِينِ عَلَى الْإِيمَانِ
١٥٤٥ / ١. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ :
قَالَ لِي (١) أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « يَا أَخَا جُعْفٍ ، إِنَّ الْإِيمَانَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِسْلَامِ ، وَإِنَّ (٢) الْيَقِينَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَعَزَّ (٣) مِنَ الْيَقِينِ ». (٤)
١٥٤٦ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى (٥) بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً ، عَنِ الْوَشَّاءِ :
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليهالسلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « الْإِيمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ ، وَالتَّقْوى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ ، وَالْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوى بِدَرَجَةٍ ، وَمَا قُسِمَ (٦) فِي النَّاسِ (٧) شَيْءٌ أَقَلُّ (٨) مِنَ الْيَقِينِ ». (٩)
١٥٤٧ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :
__________________
(١) في « ز » : ـ / « لي ».
(٢) في « ص » : ـ / « وإنّ ».
(٣) يجوز فيه الرفع أيضاً باعتبار محلّ « شيء ». وعزّ الشيء : قلّ ، فلا يكاد يوجد ، فهو عزيز. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧١٢ ( عزز ).
(٤) التمحيص ، ص ٦٢ ، ح ١٣٨ ، عن جابر الجعفي ، من قوله : « إنّ اليقين ». راجع : فقه الرضا عليهالسلام ، ص ٣٦٨ الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٦ ، ح ١٧٣٩ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٣٥ ، ح ١.
(٥) في « ج » : « المعلّى ».
(٦) يجوز فيه التشديد أيضاً.
(٧) في مرآة العقول : « للنّاس ».
(٨) في تحف العقول : « أشدّ ».
(٩) قرب الإسناد ، ص ٣٥٤ ، ح ١٢٦٩ ، بسند آخر عن الرضا عليهالسلام ، مع اختلاف يسير. تحف العقول ، ص ٣٧٢ ، عن الصادق عليهالسلام ، مع اختلاف وزيادة ؛ فقه الرضا عليهالسلام ، ص ٣٨١ ، وتمام الرواية فيه : « ما قسم بين الناس أقلّ من اليقين » الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٥ ، ح ١٧٣٥ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٣٦ ، ح ٢.
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليهالسلام يَقُولُ : « إِنَّ اللهَ فَضَّلَ الْإِيمَانَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ ، كَمَا فَضَّلَ الْكَعْبَةَ عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (١)». (٢)
١٥٤٨ / ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ أَوْ غَيْرِهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :
قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، الْإِسْلَامُ دَرَجَةٌ (٣) » قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ (٤) : « وَالْإِيمَانُ عَلَى الْإِسْلَامِ دَرَجَةٌ » قَالَ (٥) : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « وَالتَّقْوى عَلَى الْإِيمَانِ دَرَجَةٌ » قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ (٦) : « وَالْيَقِينُ عَلَى التَّقْوى دَرَجَةٌ » قَالَ (٧) : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَمَا (٨) أُوتِيَ النَّاسُ أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ ، وَإِنَّمَا تَمَسَّكْتُمْ بِأَدْنَى الْإِسْلَامِ ؛ فَإِيَّاكُمْ (٩) أَنْ يَنْفَلِتَ (١٠) مِنْ أَيْدِيكُمْ (١١) ». (١٢)
١٥٤٩ / ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، قَالَ :
سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليهالسلام عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ.
__________________
(١) في تفسير القمّي : + / « بدرجة ».
(٢) تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٩٩ ، بسنده عن الحسن بن محبوب الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٦ ، ح ١٧٤٠ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٦٠ ، ح ١٧.
(٣) هكذا في النسخ التي بأيدينا والوافي والبحار. وفي المطبوع : + / « قال ». وفي مرآة العقول : « الإسلام درجة ، أيدرجة من الدرجات ، أو أوّل درجة. وهو استفهام أو خبر. و « نعم » يقع في جوابهما ».
(٤) في « ص » : + / « قال ».
(٥) في البحار : ـ / « قال ».
(٦) في « ب ، بس » : ـ / « قال ».
(٧) في « ب ، ج ، ز ، ص ، ض ، بر ، بس » والبحار : ـ / « قال ».
(٨) في مرآة العقول : « ما ».
(٩) في « ب » : « وإيّاكم ».
(١٠) في « ص ، بس » وحاشية « ض ، بر » : « يتفلّت ». وفي « بف » والوافي : « يُفلت ». والإفلات والتفلّت والانفلات بمعنى التخلّص من الشيء فجأة. وفيه ترغيب في إمساك ما لهم من أدنى الإسلام وحفظه ، وتحذير من الغفلة عنه وتفلّته ، فإنّ تفلّته يوجب الدخول في الكفر. راجع : شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١٦١ ؛ لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٦٦ ( فلت ).
(١١) في « ب » : « أيدكم ».
(١٢) تحف العقول ، ص ٣٥٨ ، إلى قوله : « فما اوتي الناس أقلّ من اليقين » مع اختلاف الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٥ ، ح ١٧٣٨ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٣٧ ، ح ٣.
فَقَالَ : « قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام : إِنَّمَا هُوَ الْإِسْلَامُ ، وَالْإِيمَانُ فَوْقَهُ بِدَرَجَةٍ ، وَالتَّقْوى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ ، وَالْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوى بِدَرَجَةٍ ، وَلَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ ».
قَالَ : قُلْتُ : فَأَيُّ شَيْءٍ الْيَقِينُ؟
قَالَ : « التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ ، وَالتَّسْلِيمُ لِلّهِ ، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللهِ ، وَالتَّفْوِيضُ إِلَى اللهِ (١)».
قُلْتُ : فَمَا تَفْسِيرُ ذلِكَ؟ قَالَ : « هكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام ». (٢)
١٥٥٠ / ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ :
عَنِ الرِّضَا عليهالسلام ، قَالَ : « الْإِيمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ ، وَالتَّقْوى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ ، وَالْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوى بِدَرَجَةٍ (٣) ، وَلَمْ يُقْسَمْ (٤) بَيْنَ (٥) الْعِبَادِ (٦) شَيْءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ ». (٧)
٢٧ ـ بَابُ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ
١٥٥١ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، قَالَ : « بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ إِذْ (٨) لَقِيَهُ رَكْبٌ ،
__________________
(١) في « ف » : + / « قال ».
(٢) التمحيص ، ص ٦٣ ، ح ١٤٥ ، عن يونس الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٥ ح ١٧٣٧ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٣٨ ، ح ٤ ، إلى قوله : « والتقوى فوق الإيمان بدرجة ».
(٣) في « ب » : ـ / « واليقين فوق التقوى بدرجة ».
(٤) في « ف » : « فلم يقسم ». وفي الوافي : « ما قسّم ».
(٥) في الوافي : « في ».
(٦) في « د ، بر » والوافي : « الناس ».
(٧) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٥ ، ح ١٧٣٦ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٣٩ ، ح ٥.
(٨) في المحاسن : « إذا ».
فَقَالُوا : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ (١) : مَا أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا (٢) : نَحْنُ (٣) مُؤْمِنُونَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ (٤) : فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكُمْ؟ قَالُوا : الرِّضَا بِقَضَاءِ اللهِ (٥) ، وَالتَّفْوِيضُ إِلَى اللهِ ، وَالتَّسْلِيمُ (٦) لِأَمْرِ اللهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : عُلَمَاءُ ، حُكَمَاءُ (٧) ، كَادُوا أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْحِكْمَةِ أَنْبِيَاءَ ، فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَلَا تَبْنُوا مَا لَاتَسْكُنُونَ ، وَلَا تَجْمَعُوا مَا لَاتَأْكُلُونَ ، وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨) ». (٩)
١٥٥٢ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَابِشِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْزَمٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام يَقُولُ : « إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم صَلّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ ، فَنَظَرَ إِلى شَابٍّ فِي الْمَسْجِدِ ، وَهُوَ (١٠) يَخْفِقُ وَيَهْوِي بِرَأْسِهِ (١١) مُصْفَرّاً لَوْنُهُ ، قَدْ (١٢) نَحِفَ جِسْمُهُ ، وَغَارَتْ عَيْنَاهُ فِي رَأْسِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا فُلَانُ؟ قَالَ (١٣) :
__________________
(١) في « ض » : « قال ».
(٢) في « ض ، ف ، بف » والمحاسن والخصال والمعاني : « قالوا ».
(٣) في « ب » والوافي : + / « قوم ».
(٤) في « ج » : « فقال ».
(٥) في « ف » : « بالقضاء » بدون الله.
(٦) في « ب » : « والتسليمة ».
(٧) في « ص ، ز ، بف » والوافي : « حلماء ».
(٨) في « ص » : « تحشرون ».
(٩) المحاسن ، ص ٢٢٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٥١. وفي التوحيد ، ص ٣٧١ ، ح ١٢ ؛ والخصال ، ص ١٤٦ ، باب الثلاثة ، ح ١٧٥ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١٨٧ ، ح ٦ ، بسند آخر عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع. الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب خصال المؤمن ، ح ١٥٤٢ ، بسند آخر عن أبي الحسن الرضا ، عن أبيه عليهماالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٧ ، ح ١٧٤٢ ؛ البحار ، ج ٦٧ ، ص ٢٨٦ ، ح ٨.
(١٠) في المحاسن : « شابّ من الأنصار وهو في المسجد » بدل « شابّ في المسجد وهو ».
(١١) في « ز » : « رأسه ».
(١٢) في حاشية « ص » : « وقد ».
(١٣) في « ض » والمحاسن : « فقال ».
أَصْبَحْتُ ـ يَا رَسُولَ اللهِ ـ مُوقِناً.
فَعَجِبَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مِنْ قَوْلِهِ ، وَقَالَ : (١) إِنَّ لِكُلِّ يَقِينٍ (٢) حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ يَقِينِكَ؟
فَقَالَ : إِنَّ يَقِينِي ـ يَا رَسُولَ اللهِ ـ هُوَ الَّذِي أَحْزَنَنِي ، وَأَسْهَرَ لَيْلِي ، وَأَظْمَأَ هَوَاجِرِي (٣) ، فَعَزَفَتْ (٤) نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا حَتّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى عَرْشِ رَبِّي وَقَدْ نُصِبَ لِلْحِسَابِ (٥) ، وَحُشِرَ الْخَلَائِقُ لِذلِكَ وَأَنَا فِيهِمْ ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَنَعَّمُونَ (٦) فِي الْجَنَّةِ وَيَتَعَارَفُونَ ، وَ (٧) عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى أَهْلِ النَّارِ وَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ (٨) مُصْطَرِخُونَ (٩) ، وَكَأَنِّي (١٠) الْآنَ أَسْمَعُ زَفِيرَ النَّارِ يَدُورُ (١١) فِي مَسَامِعِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم لِأَصْحَابِهِ (١٢) : هذَا عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ (١٣) ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : الْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ الشَّابُّ : ادْعُ اللهَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ أُرْزَقَ الشَّهَادَةَ (١٤) مَعَكَ.
__________________
(١) في « ض » والوافي والبحار والمحاسن : + / « له ».
(٢) في المحاسن : « شيء ».
(٣) أي في هواجري. و « الهواجر » : جمع الهاجرة ، نصف النهار عند اشتداد الحَرّ ، أو من عند الزوال إلى العصر ؛ لأنّ الناس يسكنون في بيوتهم كأنّهم قد تهاجروا من شدّة الحرّ. مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ١٨٦٠ ( هجر ).
(٤) في « ف » : « عزّفتُ » بضمّ التاء. وفي شرح المازندراني : « وعزفت ، بسكون التاء ، أي عاقتها وكرهتها نفسي وانصرفت عنها. وبضمّ التاء محتمل ، أي منعت نفسي وصرفتها عنها ».
(٥) في « ج » : « الحساب ».
(٦) في « ض » : « يتمتّعون ».
(٧) في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف » والوافي والبحار والمحاسن : ـ / « و ».
(٨) في « ض » : « يعذّبون ».
(٩) اصطرخ : استغاث. لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٣ ( صرخ ).
(١٠) في « ج » : « وكأنّ ». وفي « ف » : « فكأنّي ».
(١١) في المحاسن : « ينقرون ».
(١٢) في شرح المازندراني والبحار : ـ / « لأصحابه ».
(١٣) في المحاسن : « للإيمان ».
(١٤) في « ف » : « يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ادع الله لي أن أرزقني الشهادة بين يديك و » بدل « ادع ـ إلى ـ الشهادة ».
فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فِي بَعْضِ (١) غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَاسْتُشْهِدَ بَعْدَ تِسْعَةِ نَفَرٍ ، وَكَانَ هُوَ الْعَاشِرَ (٢) ». (٣)
١٥٥٣ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ (٤) بْنِ سِنَانٍ (٥) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم حَارِثَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيَّ ، فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَارِثَةَ بْنَ مَالِكٍ (٦)؟
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ (٧) ، مُؤْمِنٌ (٨) حَقّاً.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ ، فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكَ؟
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا ، فَأَسْهَرَتْ (٩) لَيْلِي ، وَأَظْمَأَتْ هَوَاجِرِي ، وَكَأَنِّي (١٠) أَنْظُرُ إِلى عَرْشِ رَبِّي وَ (١١) قَدْ وُضِعَ لِلْحِسَابِ ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ
__________________
(١) في « ف » : « أخصّ ».
(٢) في « بر » : + / « رحمهالله ».
(٣) المحاسن ، ص ٢٥٠ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٦٥ ، عن الحسن بن محبوب ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٨ ، ح ١٧٤٤ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٥٩ ، ح ١٧.
(٤) في « ف » : ـ / « عن محمّد ». ولا يخفى ما فيها من وقوع التحريف بجواز النظر من « محمّد » في « أحمد بنمحمّد » إلى « محمّد » في « محمّد بن سنان ».
(٥) في الوافي : + / « عن عبدالله بن سنان » وهو سهو ؛ فقد روى محمّد بن سنان كتب عبدالله بن مسكان ، وتوسّط [ عبدالله ] بن مسكان بين [ محمّد ] بن سنان وبين أبي بصير في أسناد عديدة. ولم نجد في شيءٍ من الأسناد توسّط عبدالله بن سنان بين محمّد بن سنان وشيخه ابن مسكان. راجع : رجال النجاشي ، ص ٢١٤ ، الرقم ٥٥٩ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١ ، ص ٤٩٩ ـ ٥٠١ ؛ ج ١ ، ص ٤٩٩ ـ ٥٠١ ؛ ج ٢٣ ، ص ٢٨٦ ـ ٢٨٩.
وأمّا احتمال عطف عبدالله بن مسكان على عبدالله بن سنان ، فضعيف جدّاً ؛ لعدم توسّط عبدالله بن سنان بين محمّد بن سنان وبين أبي بصير في الأسناد.
(٦) في البحار : + / « النعماني ».
(٧) في المحاسن : + / « أصبحت ».
(٨) في « ف » : « مؤمناً ».
(٩) في « د ، ف » : « فأسهرتُ » بصيغة التكلّم. وكذا « أظمأتُ ». وفي مرآة العقول : « فأسهرت ليلي ، على صيغة الغيبةبإرجاع الضمير إلى النفس ، أو على صيغة التكلّم. وكذا الفقرة التالية تحتمل الوجهين ».
(١٠) في الوافي : « فكأنّي ».
(١١) في « ب ، ز ، بس ، بف » : ـ / « و ».
فِي الْجَنَّةِ ، وَكَأَنِّي أَسْمَعُ عُوَاءَ (١) أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ.
فَقَالَ (٢) رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ قَلْبَهُ (٣) ؛ أَبْصَرْتَ (٤) ، فَاثْبُتْ.
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ لِي (٥) أَنْ يَرْزُقَنِي (٦) الشَّهَادَةَ مَعَكَ (٧) ، فَقَالَ (٨) : اللهُمَّ ارْزُقْ حَارِثَةَ الشَّهَادَةَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ أَيَّاماً حَتّى بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم سَرِيَّةً (٩) ، فَبَعَثَهُ فِيهَا ، فَقَاتَلَ ، فَقُتِلَ تِسْعَةٌ (١٠) أَوْ ثَمَانِيَةٌ ، ثُمَّ قُتِلَ ». (١١)
وَفِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ (١٢) ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ : « اسْتُشْهِدَ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ تِسْعَةِ نَفَرٍ ، وَكَانَ هُوَ (١٣) الْعَاشِرَ ». (١٤)
__________________
(١) « العواء » : الصياح ، وكأنّه بالذئب والكلب أخصّ. لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٠٧ ( عوى ).
(٢) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والمحاسن والمعاني والجعفريّات. وفي المطبوع : + / « له ».
(٣) في « ز » والمحاسن : + / « للإيمان ».
(٤) في المحاسن : ـ / « أبصرت ».
(٥) في « ز » : + / « ربّي ».
(٦) في « ف » : « أرزقني ».
(٧) في المحاسن : ـ / « معك ».
(٨) في « ض » : « قال ».
(٩) في حاشية « ج ، ض ، بر ، بس » والبحار : « بسريّة ».
(١٠) في المحاسن : « سبعة ».
(١١) المحاسن ، ص ٢٤٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٤٧ ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، مع اختلاف يسير. معاني الأخبار ، ص ١٨٧ ، ح ٥ ، بسند آخر ، إلى قوله : « عبد نوّر الله قلبه أبصرت فاثبت » ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره. الجعفريّات ، ص ٧٦ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهمالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٥٠ ، ح ١٧٤٥ ؛ البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٢٦ ، ح ٩٨ ؛ وج ٦٧ ، ص ٢٨٧ ، ح ٩.
(١٢) في « ز ، ص ، بس ، بف » وحاشية « ج » : « يزيد ».
ولم يُعهَد في رواتنا من يسمّى بالقاسم بن يزيد ، وما ورد في بعض الأسناد القليلة محرّفٌ من « القاسم بن بريد ». وهو القاسم بن بريد بن معاوية العجلي ، روى كتابه فضالة بن أيّوب وتكرّرت روايته عنه في الأسناد. راجع : رجال النجاشي ، ص ٣١٣ ، الرقم ٨٥٧ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٣ ، ص ٤٣٩ ـ ٤٤٠ ، وص ٤٥٠.
هذا ، وقد روى محمّد بن سنان عن القاسم بن بريد في طريق الشيخ الصدوق إلى القاسم ، فاحتمال وقوع التعليق في السند بأن يكون محمّد بن سنان راوياً عن القاسم بن بريد ، غير منفيّ. راجع : الفقيه ، ج ٤ ، ص ٥١٦.
(١٣) في « بس ، بف » : ـ / « هو ».
(١٤) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٥١ ، ح ١٧٤٦ ؛ البحار ، ج ٢٢ ، ص ١٢٦ ، ذيل ح ٩٨ ؛ وج ٦٧ ، ص ٢٨٧ ، ذيل ح ٩.
١٥٥٤ / ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ (١) : إِنَّ عَلى كُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً ، وَعَلى كُلِّ صَوَابٍ (٢) نُوراً ». (٣)
٢٨ ـ بَابُ التَّفَكُّرِ
١٥٥٥ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام يَقُولُ : نَبِّهْ بِالتَّفَكُّرِ (٤) قَلْبَكَ ، وَجَافِ (٥) عَنِ اللَّيْلِ (٦) جَنْبَكَ ، وَاتَّقِ اللهَ رَبَّكَ ». (٧)
١٥٥٦ / ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ ، قَالَ :
__________________
(١) في الكافي ، ح ٢٠٣ : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » بدل « قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ».
(٢) في تفسير العيّاشي : « ثواب ».
(٣) الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب ، ح ٢٠٣. وفي المحاسن ، ص ٢٢٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٥٠ ، عن النوفليّ ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام ؛ الأمالي للصدوق ، ص ٣٦٧ ، المجلس ٥٨ ، ح ١٦ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم ، وفي كلّها مع زيادة في آخره. الغيبة للنعماني ، ص ١٤١ ، ح ٢ ، بسند آخر عن أبي عبد الله عليهالسلام ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخره. تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٩ ، ح ٢ ، عن السكوني ؛ وج ٢ ، ص ١١٥ ، ح ١٥٠ ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وفيهما مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخره الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٧ ، ح ١٧٤١.
(٤) في الوسائل : « بالفكر ».
(٥) جفا الشيءُ يجفو جَفاءً ، كالسرج يجفو عن الظهر ، وكالجنب يجفو عن الفراش. وتجافى مثله. وقوله تعالى : ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ ) [ السجدة (٣٢) : ١٦ ] أي ترتفع وتنبو عن الفُرُش. يقال : تجافى جنبه عن الفراش إذا لم يستقرّ عليه. ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٣٠١ ؛ مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ٨٨ ( جفو ).
(٦) في الأمالي : « النوم ».
(٧) الأمالي للمفيد ، ص ٢٠٨ ، المجلس ٢٣ ، ح ٤٢ ، بسنده عن إسماعيل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٨٤ ، ح ٢١٦٢ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٩٥ ، ح ٢٠٢٥٨ ؛ البحار ، ج ٧١ ، ص ٣١٨ ، ح ١.