الكافي - ج ٣

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي

الكافي - ج ٣

المؤلف:

أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي


المحقق: مركز بحوث دار الحديث
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-493-347-5
ISBN الدورة:
978-964-493-340-0

الصفحات: ٧٩١

أَبِيهِ (١)، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ عليه‌السلام ، فَقَالَ لَهُ (٢) سَلاَّمٌ : إِنَّ خَيْثَمَةَ ابْنَ أَبِي خَيْثَمَةَ (٣) يُحَدِّثُنَا عَنْكَ (٤) أَنَّهُ سَأَلَكَ عَنِ الْإِسْلَامِ ، فَقُلْتَ لَهُ (٥) : إِنَّ الْإِسْلَامَ مَنِ اسْتَقْبَلَ (٦) قِبْلَتَنَا ، وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا ، وَنَسَكَ نُسُكَنَا ، وَوَالى وَلِيَّنَا ، وَعَادى عَدُوَّنَا ؛ فَهُوَ مُسْلِمٌ؟ فَقَالَ (٧) : « صَدَقَ (٨) خَيْثَمَةُ ».

قُلْتُ (٩) : وَسَأَلَكَ عَنِ الْإِيمَانِ ، فَقُلْتَ : الْإِيمَانُ بِاللهِ ، وَالتَّصْدِيقُ بِكِتَابِ اللهِ ، وَأَنْ لَا يُعْصَى اللهُ (١٠)؟ فَقَالَ : « صَدَقَ خَيْثَمَةُ (١١) ». (١٢)

__________________

(١) في « د ، ز ، بس ، بف » والوافي : ـ / « عن أبيه ». وهو سهو ، كما ظهر ممّا تقدّم آنفاً.

(٢) في الوافي : ـ / « له ».

(٣) في « ب ، ج » والمحاسن : « خثيمة بن أبي خثيمة ». وهو سهو. والظاهر أنّ خيثمة هذا ، هو خيثمة بن أبي خيثمة أبو نصر البصري. راجع : تهذيب الكمال ، ج ٨ ، ص ٣٦٩ ، الرقم ١٧٤٦.

(٤) في المحاسن : « حدّثنا » بدل « يحدّثنا عنك ».

(٥) في « ج ، د ، ز ، ض ، ف ، بر » والبحار : ـ / « له ».

(٦) في « ج » : « لمن استقبل ». وفي مرآة العقول : « قوله : من استقبل قبلتنا ، أي دينُ من استقبل ، فقوله : فهو مسلم ، تفريع وتأكيد ».

(٧) في المحاسن : « قال ».

(٨) في « ف » : « صدّقوا ». وفي « ض » : « صدّق ».

(٩) في المحاسن : ـ / « خيثمة قلت ».

(١٠) في المحاسن : « والتصديق بكتابه وأن أحبّ في الله وأبغض في الله » بدل « والتصديق بكتاب الله وأن لا يعصى الله ».

(١١) في المحاسن : « خثيمة ».

(١٢) المحاسن ، ص ٢٨٤ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٤٢٢. وفي الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب ( بدون العنوان ) ح ١٥٢٠ ، بسند آخر ، وتمام الرواية هكذا : « سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الإيمان فقال : الإيمان أن يطاع الله فلايعصى » ؛ الأمالي للطوسي ، ص ١٣٩ ، المجلس ٥ ، ح ٣٨ ، بسند آخر عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، مع اختلاف الوافي ، ج ٤ ، ص ٨٠ ، ح ١٦٨٢ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٩٦ ، ح ٥٤.

١٠١

١٥٢٦ / ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام عَنِ الْإِيمَانِ ، فَقَالَ : « شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ ».

قَالَ : قُلْتُ : أَلَيْسَ هذَا عَمَلٌ (١)؟ قَالَ : « بَلى ». قُلْتُ : فَالْعَمَلُ مِنَ الْإِيمَانِ؟ قَالَ : « لَا يَثْبُتُ لَهُ الْإِيمَانُ إِلاَّ بِالْعَمَلِ ، وَالْعَمَلُ مِنْهُ ». (٢)

١٥٢٧ / ٧. بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُيَسِّرٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو النَّصِيبِيِّ (٣) ، قَالَ :

سَأَلَ رَجُلٌ الْعَالِمَ عليه‌السلام ، فَقَالَ : أَيُّهَا الْعَالِمُ ، أَخْبِرْنِي أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ؟

قَالَ : « مَا لَايُقْبَلُ (٤) عَمَلٌ (٥) إِلاَّ بِهِ » فَقَالَ : وَمَا ذلِكَ (٦)؟ قَالَ : « الْإِيمَانُ بِاللهِ الَّذِي‌

__________________

(١) كذا في النسخ ، ومقتضى القاعدة : « عملاً ». قال في مرآة العقول : « كذا في النسخ بالرفع ، ولعلّه من تصحيف‌النسّاخ. ويحتمل أن يكون اسم « ليس » ضمير الشأن ويكون مبنيّاً على لغة بني تميم ؛ حيث ذهبوا إلى أنّ « ليس » إذا انتقض نفيه يحمل على « ما » في الإهمال ، والنفي هنا منتقض بالاستفهام الإنكاري ».

(٢) الوافي ، ج ٤ ، ص ٨٠ ، ح ١٦٨٣ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٦٨ ، ح ٢٠٢٢٣ ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ٢٣ ، ح ٥.

(٣) في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، بس ، بف » : « حمّاد بن عثمان والنصيبي ». وفي « ض » : « حمّاد بن عثمان النصيبي ». وفي « ف » : « حمّاد بن عمر النصيبي ». وفي « بر » : « حمّاد بن عمرو النصيبي » ـ بعد تصحيحها من « حمّاد بن عيسى والنصيبي » ـ كما في المطبوع ، وهو الصواب. وحمّاد هذا ، هو حمّاد بن عمرو بن سلمة النصيبي. راجع : تاريخ الإسلام ، ج ١٢ ، ص ١٣٣ ، الرقم ٨٥ ؛ الكامل في ضعفاء الرجال ، ج ٢ ، ص ٢٣٩ ، الرقم ٤١٥.

ثمّ إنّ الظاهر أنّ منشأ التصحيف في أكثر النسخ أمران مرسومان في الخطوط القديمة : أحدهما : عدم كتابة « الألف » في كثير من العناوين ، ومنها « عثمان ». والآخر : عدم وضع النقطة إلاّفي مواضع خاصّة ، ولذلك كان بعض الألفاظ المتشابهة في الكتابة في معرض التصحيف ببعض ، ومنها : « عثمان وعمر » ، « عثمان وعيسى ». ويؤيّد ذلك ما ورد في « ب ، ج ، د ، ز » من « حمّاد بن عثمن والنصيبي » ، فتأمّل.

(٤) في « ز » : + / « الله ».

(٥) في « ب ، ج ، د ، ز ، ض ، بس ، بف » : « عملاً ».

(٦) في « ص » : « ذاك ».

١٠٢

هُوَ (١) أَعْلَى الْأَعْمَالِ دَرَجَةً ، وَأَسْنَاهَا (٢) حَظّاً ، وَأَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً ».

قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ : أَقَوْلٌ (٣) وَعَمَلٌ ، أَمْ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ؟

قَالَ : « الْإِيمَانُ عَمَلٌ كُلُّهُ ، وَالْقَوْلُ بَعْضُ ذلِكَ الْعَمَلِ ، بِفَرْضٍ (٤) مِنَ اللهِ ، بَيَّنَهُ (٥) فِي كِتَابِهِ ، وَاضِحٍ نُورُهُ ، ثَابِتَةٍ حُجَّتُهُ ، يَشْهَدُ بِهِ الْكِتَابُ ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ ».

قُلْتُ : صِفْ لِي ذلِكَ حَتّى أَفْهَمَهُ.

فَقَالَ : « إِنَّ الْإِيمَانَ (٦) حَالَاتٌ وَدَرَجَاتٌ وَطَبَقَاتٌ وَمَنَازِلُ ، فَمِنْهُ التَّامُّ الْمُنْتَهِي تَمَامُهُ ، وَمِنْهُ النَّاقِصُ الْمُنْتَهِي نُقْصَانُهُ (٧) ، وَمِنْهُ الزَّائِدُ الرَّاجِحُ زِيَادَتُهُ ».

قُلْتُ : وَإِنَّ (٨) الْإِيمَانَ لَيَتِمُّ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ (٩)؟ قَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : وَ (١٠) كَيْفَ ذلِكَ؟ قَالَ : « إِنَّ (١١) اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ فَرَضَ الْإِيمَانَ عَلى (١٢) جَوَارِحِ بَنِي آدَمَ ، وَقَسَّمَهُ عَلَيْهَا (١٣) ، وَفَرَّقَهُ عَلَيْهَا (١٤) ؛ فَلَيْسَ مِنْ جَوَارِحِهِمْ جَارِحَةٌ إِلاَّ وَهِيَ (١٥) مُوَكَّلَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِّلَتْ بِهِ أُخْتُهَا ، فَمِنْهَا قَلْبُهُ الَّذِي بِهِ يَعْقِلُ وَيَفْقَهُ وَيَفْهَمُ ، وَهُوَ أَمِيرُ بَدَنِهِ الَّذِي لَاتُورَدُ (١٦)

__________________

(١) في مرآة العقول : « هو ـ أي هذا الخبر ـ جزء من الحديث الأوّل بتغييرات مخلّة ، منها قوله : بالله الذي هو ؛ فإنّ الصحيح : بالله الذي لا إله إلاّهو ».

(٢) « أسناها » ، أي أرفعها ، من السناء : الرفعة. وأسناه : رَفَعه. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٠١ ( سنى ).

(٣) في « ف » : + / « هو ».

(٤) في « د » : « فرض ».

(٥) في « ب » وحاشية « ف ، بس ، بف » : « بيّنٍ » مجرور صفة لفرض. قال في مرآة العقول : « وقوله : بيّنه ، والأصحّ : بيّن ».

(٦) في حاشية « ج » : « إنّ للإيمان بها ». وفي هامش المطبوع : « في بعض النسخ : إنّ للإيمان ».

(٧) في مرآة العقول : « وقوله : المنتهي نقصانه ، كأنّ البيّن نقصانه أصحّ ». وهو الذي مرّ في الحديث الأوّل صدر الباب.

(٨) في « ص » : « فإنّ ».

(٩) في « ص ، ف » : « وينقص ويزيد ».

(١٠) في « ض » : ـ / « و ».

(١١) في « ف » : ـ / « إنّ ».

(١٢) في « ز » : + / « جميع ».

(١٣) في « ض » : « فيها ».

(١٤) في « ب » : « وفرّق فيها ».

(١٥) في « ز ، ص ، ض ، ف » : ـ / « وهي ».

(١٦) في « ز » : « لا يورد ». وفي « د » : « لا ترد ». وفي مرآة العقول : « وقوله : لا تورد ، على بناء المجهول ،

١٠٣

الْجَوَارِحُ وَلَا تَصْدُرُ إِلاَّ عَنْ رَأْيِهِ وَأَمْرِهِ ، وَمِنْهَا يَدَاهُ اللَّتَانِ يَبْطِشُ بِهِمَا ، وَرِجْلَاهُ اللَّتَانِ يَمْشِي بِهِمَا ، وَفَرْجُهُ الَّذِي الْبَاهُ مِنْ قِبَلِهِ ، وَلِسَانُهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ الْكِتَابُ (١)، وَيَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهَا ، وَعَيْنَاهُ اللَّتَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا ، وَأُذُنَاهُ اللَّتَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا.

وَفَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ ، وَفَرَضَ عَلَى اللِّسَانِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ ، وَفَرَضَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى السَّمْعِ ، وَفَرَضَ عَلَى السَّمْعِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ ، وَفَرَضَ عَلَى الْيَدَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ ، وَفَرَضَ عَلَى الرِّجْلَيْنِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ ، وَفَرَضَ عَلَى الْفَرْجِ غَيْرَ مَا فَرَضَ عَلَى الْوَجْهِ.

فَأَمَّا (٢) مَا فَرَضَ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ ، فَالْإِقْرَارُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالتَّصْدِيقُ وَالتَّسْلِيمُ وَالْعَقْدُ وَالرِّضَا بِأَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ (٣) ، أَحَداً صَمَداً (٤) ، لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً ، وَأَنَّ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ». (٥)

١٥٢٨ / ٨. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصِ (٦) بْنِ خَارِجَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ (٧) ـ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ قَوْلِ‌

__________________

والأصحّ : لا ترد ، كما في بعض النسخ هنا أيضاً ». وهو الذي مرّ في الحديث الأوّل.

(١) في شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١١٦ : « قراءة الكتاب بضمّ الكاف وشدّ التاء وإرادة الحفظة بعيدة ». وفي مرآةالعقول ، ج ٧ ، ص ٢٤٧ : « قوله : ينطق به الكتاب ، يظهر ممّا مرّ أنّه سقط هنا نحو من سطرين من « ينطق به » إلى « ينطق به » ـ أي في ضمن الحديث الأوّل من هذا الباب ـ. ويمكن أن يتكلّف في تصحيح ما في النسخ بأن يقال : من عمل اللسان أنّ ما يكتب في الكتب بصير متلفّظاً به ، فكأنّ الكتاب ينطق بسبب اللسان ... ويشهد على بناء المفعول ».

(٢) في « ص » : « وأمّا ».

(٣) في « ب ، بس » : + / « إلهاً واحداً ».

(٤) في « ج ، د ، ص ، ف » : « أحد صمد ».

(٥) هذا الحديث مذكور في صدر الباب مع اختلاف في السند وتغيير يسير في المتن وحذف في الآخر. راجع الحديث الأوّل من هذا الباب ومصادره. الوافي ، ج ٤ ، ص ١٢٠ ، ح ١٧١٧.

(٦) في « ز » : « منصور ».

(٧) في مرآة العقول : « ومفعول « يقول » قوله : سبحان الله ، إلى آخر الكلام. وإعادة « فقال » للتأكيد ؛ لطول الفصل ».

١٠٤

الْمُرْجِئَةِ (١) فِي الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ ، وَقَالَ : إِنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا ، وَيَقُولُونَ : كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ عِنْدَنَا هُوَ الْكَافِرُ عِنْدَ اللهِ ، فَكَذلِكَ نَجِدُ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَقَرَّ بِإِيمَانِهِ أَنَّهُ عِنْدَ اللهِ مُؤْمِنٌ ـ فَقَالَ : « سُبْحَانَ اللهِ! وَكَيْفَ (٢) يَسْتَوِي هذَانِ؟! وَالْكُفْرُ إِقْرَارٌ مِنَ الْعَبْدِ ، فَلَا يُكَلَّفُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِبَيِّنَةٍ ، وَالْإِيمَانُ دَعْوًى لَايَجُوزُ (٣) إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ ، وَبَيِّنَتُهُ عَمَلُهُ وَنِيَّتُهُ ، فَإِذَا اتَّفَقَا فَالْعَبْدُ عِنْدَ اللهِ مُؤْمِنٌ ، وَالْكُفْرُ مَوْجُودٌ بِكُلِّ جِهَةٍ مِنْ هذِهِ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ : مِنْ نِيَّةٍ ، أَوْ قَوْلٍ ، أَوْ عَمَلٍ ، وَالْأَحْكَامُ تَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ، فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِيمَانِ ، وَيَجْرِي (٤) عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ عِنْدَ اللهِ كَافِرٌ ، وَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَجْرى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمُؤْمِنِينَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ (٥) ». (٦)

١٩ ـ بَابُ السَّبْقِ إِلَى الْإِيمَانِ‌

١٥٢٩ / ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُرَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزُّبَيْرِيُّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنَّ لِلْإِيمَانِ (٧) دَرَجَاتٍ وَمَنَازِلَ‌

__________________

(١) اختُلف في المرجئة. فقيل : هم فرقة من فرق الإسلام يعتقدون أنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع‌الكفر طاعة. وعن ابن قتيبة أنّه قال : هم الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل. وقال بعض أهل المعرفة بالملل : إنّ المرجئة هم الفرقة الجبريّة الذين يقولون : إنّ العبد لا فعل له. مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ١٧٧ ( رجأ ).

(٢) في « ص » : « فكيف ».

(٣) في « د ، بس » والبحار : « لاتجوز ». وفي « ب ، ض ، بف » بالتاء والياء معاً.

(٤) في « د ، ز ، ف » : « وتجري ».

(٥) في « ز » : + / « والحمد لله‌وحده ، وصلّى الله على خير خلقه الطيّبين الطاهرين. اللهمّ تمّم تمامه بالخير والظفر ، والعافية والسلامة ، إنّك على كلّ شي‌ء قدير. ويتلوه الجزء الثالث إن شاء الله تعالى. بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ».

(٦) الوافي ، ج ٤ ، ص ٨١ ، ح ١٦٨٥ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٩٧ ، ح ٥٥.

(٧) في « د ، بر » : « الإيمان ».

١٠٥

يَتَفَاضَلُ (١) الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : صِفْهُ لِي ـ رَحِمَكَ اللهُ ـ حَتّى أَفْهَمَهُ.

قَالَ (٢) : « إِنَّ اللهَ سَبَّقَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا يُسَبَّقُ بَيْنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ (٣) ، ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلى دَرَجَاتِهِمْ فِي السَّبْقِ إِلَيْهِ ، فَجَعَلَ كُلَّ امْرِىً مِنْهُمْ عَلى دَرَجَةِ سَبْقِهِ ، لَايَنْقُصُهُ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ ، وَلَا يَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً ، وَلَا مَفْضُولٌ فَاضِلاً ، تَفَاضَلَ بِذلِكَ أَوَائِلُ هذِهِ الْأُمَّةِ وَ (٤) أَوَاخِرُهَا (٥) ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّابِقِ إِلَى الْإِيمَانِ فَضْلٌ عَلَى الْمَسْبُوقِ ، إِذاً (٦) لَلَحِقَ آخِرُ هذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا ، نَعَمْ (٧) ، وَلَتَقَدَّمُوهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ إِلَى الْإِيمَانِ الْفَضْلُ عَلى مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ ، وَلكِنْ بِدَرَجَاتِ الْإِيمَانِ قَدَّمَ اللهُ السَّابِقِينَ ، وَبِالْإِبْطَاءِ عَنِ الْإِيمَانِ أَخَّرَ اللهُ الْمُقَصِّرِينَ ؛ لِأَنَّا نَجِدُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْآخِرِينَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَمَلاً مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَأَكْثَرُهُمْ صَلَاةً وَصَوْماً وَحَجّاً وَزَكَاةً وَجِهَاداً (٨) وَإِنْفَاقاً ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ (٩) سَوَابِقُ يَفْضُلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عِنْدَ اللهِ ، لَكَانَ الْآخِرُونَ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ مُقَدَّمِينَ (١٠) عَلَى الْأَوَّلِينَ ، وَلكِنْ أَبَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يُدْرِكَ آخِرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ أَوَّلَهَا ، وَيُقَدَّمَ فِيهَا مَنْ أَخَّرَ اللهُ ، أَوْ (١١) يُؤَخَّرَ فِيهَا مَنْ قَدَّمَ اللهُ (١٢) ».

قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ (١٣) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ مِنَ الِاسْتِبَاقِ إِلَى الْإِيمَانِ.

__________________

(١) في « ز » : « تتفاضل ». وفي البحار ، ج ٦٩ : « ويتفاضل ».

(٢) في « ص » : « فقال ».

(٣) « الرهن » : معروف. والجمع : رِهان. وراهنت فلاناً على كذا مُراهنةً : خاطَرتُه. والمراهنة والرهان بالكسر : المسابقة على الخيل. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٢٨ ؛ لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ١٨٨ ( رهن ).

(٤) في « ز ، ض ، بف » ومرآة العقول والبحار ، ج ٢٢ : ـ / « و ».

(٥) في حاشية « د » : « آخرها ».

(٦) في « ص » : « وإذاً ».

(٧) في « ف » : ـ / « نعم ».

(٨) في « ف » : « وجهاداً وزكاة وحجّاً ».

(٩) في الوافي : « لم تكن ».

(١٠) في حاشية « بر » : « متقدّمين ».

(١١) في « ف » : « و ».

(١٢) في حاشية « ز » : + / « فيها ».

(١٣) « ندب إليه » ، أي دعا إليه. يقال : ندبتُه فانتَدَب ، أي بعثتُه ودعوتُه فأجاب. النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٤ ( ندب ).

١٠٦

فَقَالَ : « قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ) (١) وَ (٢) قَالَ : ( وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (٣) وَ (٤) قَالَ : ( وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) (٥) فَبَدَأَ (٦) بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ عَلى دَرَجَةِ سَبْقِهِمْ ، ثُمَّ ثَنّى بِالْأَنْصَارِ ، ثُمَّ ثَلَّثَ بِالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، فَوَضَعَ كُلَّ قَوْمٍ عَلى قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَا فَضَّلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ، فَقَالَ (٧) عَزَّ وَجَلَّ : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ ) ( فوق بعض (٨) ) ( دَرَجاتٍ ) (٩) إِلى آخِرِ الْآيَةِ. وَقَالَ : ( وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ ) (١٠) وَقَالَ : ( انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) (١١) وَقَالَ : ( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) (١٢) وَقَالَ : ( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) (١٣) وَقَالَ : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ ) (١٤) وَقَالَ : ( وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ) (١٥) وَقَالَ : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ

__________________

(١) الحديد (٥٧) : ٢١.

(٢) في « ف » : ـ / « و ».

(٣) الواقعة (٥٦) : ١٠ ـ ١١.

(٤) في « ج ، ص ، ف ، بر » والبحار ، ج ٢٢ : ـ / « و ».

(٥) التوبة (٩) : ١٠٠.

(٦) في « ج » : « بدا ».

(٧) في « ص » : « وقال ». وفي حاشية « ز » : + / « الله ».

(٨) في مرآة العقول : « وفى المصاحف : ( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ) وليس فيها « فوق بعض » فالزيادة إمّا من الرواة أوالنسّاخ ، أو منه عليه‌السلام زاده للبيان والتفسير ، وهذه الزيادة مذكورة في سورة الزخرف [ (٤٣) : ٣٢ ] ، حيث قال : ( نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ) فيحتمل أن يكون الزيادة للإشارة إلى الآيتين ».

(٩) البقرة (٢) : ٢٥٣.

(١٠) الإسراء (١٧) : ٥٥.

(١١) الإسراء (١٧) : ٢١.

(١٢) آل عمران (٣) : ١٦٣.

(١٣) هود (١١) : ٣.

(١٤) التوبة (٩) : ٢٠.

(١٥) النساء (٤) : ٩٥ ـ ٩٦.

١٠٧

أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا ) (١) وَقَالَ : ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (٢) وَقَالَ : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ ) (٣) وَقَالَ : (وما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) (٤) وَقَالَ : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (٥) فَهذَا ذِكْرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ وَمَنَازِلِهِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (٦) ». (٧)

__________________

(١) الحديد (٥٧) : ١٠.

(٢) المجادلة (٥٨) : ١١.

(٣) التوبة (٩) : ١٢٠.

(٤) البقرة (٢) : ١١٠ ؛ المزّمّل (٧٣) : ٢٠.

(٥) الزلزلة (٩٩) : ٧ ـ ٨.

(٦) في الوافي : « الغرض من هذا الحديث أن يبيّن أنّ تفاضل درجات الإيمان بقدر السبق والمبادرة إلى إجابة الدعوة إلى الإيمان ، وهذا يحتمل عدّة معان :

أحدها : أن يكون المراد بالسبق ، السبق في الذرّ وعند الميثاق ، كما يدلّ عليه الخبران الآتيان ـ وهما الخبران : ١٧٢٠ و ١٧٢١ من هذا الكتاب ـ. وعلى هذا يكون المراد بأوائل هذه الأُمّة وأواخرها ، أوائلها وأواخرها في الإقرار والإجابة هناك ، فالفضل للمتقدّم فى قوله : « بلى » والمبادرة إلى ذلك ، ثمّ المتقدّم والمبادر.

والمعنى الثاني : أن يكون المراد بالسبق ، السبق في الشرك والرتبة والعلم والحكمة وزيادة العقل والبصيرة في الدين ووفور سهام الإيمان الآتي ذكرها ، ولا سيّما اليقين ، كما يستفاد من أخبار الباب الآتي. وعلى هذا يكون المراد بأوائل هذه الامّة وأواخرها ، أوائلها وأواخرها في مراتب الشرف والعقل والعلم ، فالفضل للأعقل والأعلم والأجمع للكمالات. وهذا المعنى يرجع إلى المعنى الأوّل ؛ لتلازمهما ووحدة مآلهما واتّحاد محصّلهما. والوجه في أنّ الفضل للسابق على هذين المعنيين ظاهر لا مرية فيه.

وممّا يدلّ على إرادة هذين المعنيين اللذين مرجعهما إلى واحد ، قوله عليه‌السلام : « ولو لم تكن سوابق يفضل بها المؤمنون » إلى قوله : « من قدّم الله » ولاسيّما قوله : « أبي الله تعالى أن يدرك آخر درجات الإيمان أوّلها ». ومن تأمّل في تتمّة الحديث أيضاً حقّ التأمّل يظهر له أنّه المراد إن شاء الله تعالى.

والمعنى الثالث : أن يكون المراد بالسبق ، السبق الزماني في الدنيا عند دعوة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إيّاهم إلى الإيمان. وعلى هذا يكون المراد بأوائل هذه الامّة وأواخرها ، أوائلها وأواخرها في الإجابة للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقبول الإسلام والتسليم بالقلب والانقياد للتكاليف الشرعيّة طوعاً ، ويعرف الحكم في سائر الأزمنة بالمقايسة. وسبب فضل السابق على هذا المعنى أنّ السبق في الإجابة للحقّ دليل على زيادة البصيرة والعقل والشرف التي هي الفضيلة والكمال.

والمعنى الرابع : أن يراد بالسبق ، السبق الزماني عند بلوغ الدعوة ، فيعمّ الأزمنة المتأخّرة عن زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

١٠٨

٢٠ ـ بَابُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ‌

١٥٣٠ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي الْأَحْوَصِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَضَعَ الْإِيمَانَ عَلى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ : عَلَى الْبِرِّ ، وَالصِّدْقِ ، وَالْيَقِينِ ، وَالرِّضَا ، وَالْوَفَاءِ ، وَالْعِلْمِ ، وَالْحِلْمِ ، ثُمَّ (١) قَسَمَ (٢) ذلِكَ بَيْنَ النَّاسِ ، فَمَنْ جَعَلَ فِيهِ هذِهِ (٣) السَّبْعَةَ الْأَسْهُمِ ، فَهُوَ كَامِلٌ مُحْتَمِلٌ ، وَ (٤) قَسَمَ (٥) لِبَعْضِ النَّاسِ السَّهْمَ ، وَلِبَعْضٍ (٦) السَّهْمَيْنِ ، وَلِبَعْضٍ (٧) الثَّلَاثَةَ حَتَّى انْتَهَوْا (٨) إِلَى السَّبْعَةِ (٩) ». ثُمَّ قَالَ : « لَا تَحْمِلُوا (١٠) عَلى صَاحِبِ السَّهْمِ سَهْمَيْنِ ، وَلَا عَلى صَاحِبِ السَّهْمَيْنِ ثَلَاثَةً ؛ فَتَبْهَضُوهُمْ (١١) ». ثُمَّ قَالَ كَذلِكَ حَتّى‌

__________________

وهذا المعنى يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون المراد بالأوائل والأواخر ما ذكرناه أخيراً ، وكذا السبب في الفضل.

والآخر : أن يكون المراد بالأوائل من كان في زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبالأواخر من كان بعد ذلك. ويكون سبب فضل الأوائل صعوبة قبول الإسلام ، وترك ما نشأوا عليه في تلك الزمن وسهولته فيما بعد استقرار الأمر وظهور الإسلام وانتشاره في البلاد ، مع أنّ الأوائل سبب لاهتداء الأواخر ؛ إذ بهم وبنصرتهم استقرّ ما استقرّ وقوي ما قوي وبان ما استبان ؛ والله المستعان ».

(٧) تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١٣٥ ، ح ٤٤٧ ، عن أبي عمرو الزبيري ، وفيه قطعة مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٢٣ ، ح ١٧١٩ ؛ البحار ، ج ٢٢ ، ص ٣٠٨ ، ح ٩ ؛ وج ٦٩ ، ص ٢٨ ، ح ٦.

(١) في « ف » : « و ».

(٢) يجوز فيه التشديد أيضاً.

(٣) في الوسائل : ـ / « هذه ».

(٤) في حاشية « ف » : « ثمّ ».

(٥) في « ج ، ز » : « لقسم ».

(٦) في الوسائل : « ولبعضهم ».

(٧) في الوسائل : « ولبعضهم ».

(٨) في « ض ، بع » : « انتهى ». وفي حاشية « بع » : « ينتهي ».

(٩) في « ب ، ج ، د ، ز ، ض ، ف ، بح ، بج ، بس ، بع ، بك ، جح ، جل » والوسائل : « سبعة » بدون الالف واللام. وفي « ص ، جس ، جم ، جه » وحاشية « بع » والبحار كما في المتن.

(١٠) في « ز » : « لا يحملوا ». وفي « ص » : « لا تحمّلوا ». وفي مرآة العقول : « ولا تحملوا ».

(١١) في « ج » : والوافي والوسائل والبحار : « فتبهظوهم ». و « بهضني » و « بهظني » بمعنى ، وبالظاء أكثر. بهظه

١٠٩

يَنْتَهِيَ (١) إِلَى السَّبْعَةِ (٢) (٣)

١٥٣١ / ٢. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ (٤) ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الضَّحَّاكِ ـ : رَجُلٍ (٥) مِنْ أَصْحَابِنَا ـ سَرَّاجٍ وَكَانَ خَادِماً لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ـ قَالَ :

بَعَثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام فِي حَاجَةٍ ـ وَهُوَ بِالْحِيرَةِ (٦) ـ أَنَا وَجَمَاعَةً مِنْ مَوَالِيهِ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا فِيهَا ، ثُمَّ رَجَعْنَا مُغْتَمِّينَ (٧) ، قَالَ : وَكَانَ فِرَاشِي فِي‌

__________________

الحِمْل يَبْهَظُه بهظاً : أي أثقله وعجز عنه ، فهو مبهوظ. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٧١ ( بهظ ).

(١) في « ج ، د ، ز ، ض ، بس » والوسائل والبحار : « انتهى ».

(٢) في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ف ، بح ، بج ، بر ، بس ، بف ، بك ، جح ، جل » والوسائل : « سبعة » بدون الالف واللام. وفي « جس ، جم ، جه » والبحار كما في المتن.

(٣) الخصال ، ص ٣٥٤ ، باب السبعة ؛ ضمن الحديث الطويل ٣٥ ، بسنده عن الحسن بن محبوب ، وفيه : « إنّ الله تبارك وتعالى وضع الإسلام على سبعة أسهم ... » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٢٩ ، ح ١٧٢٢ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٥٩ ، ح ٢١٢٤١ ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ١٥٩ ، ح ١.

(٤) في « ز » : « أبي اليقضان ». وفي « ص » : « أبي اليقطان ». وكلاهما سهو كما يُعلَم من ملاحظة الكتب والأسناد. انظر على سبيل المثال : رجال النجاشي ، ص ٢٩١ ، الرقم ٧٨١ ، وص ٤٢٩ ، الرقم ١١٥٢ ؛ رجال الطوسي ، ص ٧٠ ، الرقم ٦٣٩ ، وص ٢٥١ ، الرقم ٣٥٢٧.

(٥) هكذا في « د ، ز ، بر ، بس ، بف ، جر ». وفي « ب ، ج ، ص ، ض ، ف » والمطبوع وحاشية « د ، بر » : « عن رجل ». وما أثبتناه هو الظاهر ، فإنّه مؤيّد أوّلاً : بالمراجعة إلى نسخ خطّيّة اخرى منها « بج ، بح ، بش ، بع ، بل ، جح ، جس ، جك ، جل وجم » ، وثانياً : بالالتفات في نفس العنوان ؛ فإنّه يستبعد جدّاً عدم كون خادم أبي عبد الله عليه‌السلام معروفاً بالاسم واللقب عند الأصحاب حتّى يعبّروا عنه برجلٍ من أصحابنا سرّاج.

(٦) في « ف » : « في الحيرة ». و « الحيرة » : « مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له : النجف ، كانت مسكن ملوك العرب في الجاهليّة. معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٣٢٨ ( حيرة ).

(٧) في هامش المطبوع : « في بعض النسخ : معتمّن » ، وقال في مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٢٧٤ : « معتمّين ، الظاهر أنّه‌بالعين المهملة على بناء الإفعال أو التفعيل ... أي رجعنا داخلين في وقت العتمة. وفي أكثر النسخ بالغين المعجمة من الغمّ ، وكأنّه تصحيف. وربّما يقرأ : مغتنمين من الغنيمة وهو تحريف ». وفي هامشه : « الظاهر أنّ

١١٠

الْحَائِرِ (١) الَّذِي كُنَّا فِيهِ نُزُولاً ، فَجِئْتُ ـ وَأَنَا بِحَالٍ ـ فَرَمَيْتُ بِنَفْسِي ، فَبَيْنَا (٢) أَنَا كَذلِكَ إِذَا (٣) أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَدْ أَقْبَلَ ، قَالَ : فَقَالَ : « قَدْ أَتَيْنَاكَ » ، أَوْ قَالَ : « جِئْنَاكَ (٤) » ، فَاسْتَوَيْتُ جَالِساً ، وَجَلَسَ (٥) عَلى صَدْرِ فِرَاشِي ، فَسَأَلَنِي عَمَّا (٦) بَعَثَنِي لَهُ (٧) ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَحَمِدَ اللهَ.

ثُمَّ جَرى ذِكْرُ قَوْمٍ ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّا نَبْرَأُ (٨) مِنْهُمْ ؛ إِنَّهُمْ لَايَقُولُونَ مَا نَقُولُ (٩) ، قَالَ (١٠) : فَقَالَ : « يَتَوَلَّوْنَا (١١) وَلَا يَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ ، تَبْرَؤُونَ (١٢) مِنْهُمْ؟ » قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَهُوَ ذَا عِنْدَنَا مَا لَيْسَ عِنْدَكُمْ ، فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَبْرَأَ مِنْكُمْ؟ » قَالَ : قُلْتُ : لَا (١٣) ، جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَالَ (١٤) : « وَ (١٥) هُوَ ذَا عِنْدَ اللهِ مَا لَيْسَ عِنْدَنَا ، أَفَتَرَاهُ اطَّرَحَنَا (١٦)؟ » قَالَ : قُلْتُ : لَاوَاللهِ‌ جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا نَفْعَلُ (١٧)؟

قَالَ : « فَتَوَلَّوْهُمْ (١٨) وَلَا تَبَرَّؤُوا مِنْهُمْ ؛ إِنَّ مِنَ

__________________

ذهابه عليه‌السلام من المدينة إلى الحيرة كان بأمر الخليفة ، أعني المنصور وهو ـ عليه اللعنة ـ يحتال في قتله عليه‌السلام ، وكانت مواليه مغتمّين لذلك ويترصّدون حاله ومآل أمره مع المنصور وينتظرون رجوعه ، وقوله : أنا بحال ، أي بسوء حال من الغمّ كما فسّره الوافي ، وعليه فما في أكثر النسخ هو الأصحّ ».

(١) « الحائر » : المكان المطمئنّ الوسط المرتفع الحروف ، ومجتمع الماء ، وحوض يُسَيَّبُ إليه مسيل ماء الأمطار ، والبستان. والمراد هنا البستان ، على ما يظهر من الوافي. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٤١ ( حير ).

(٢) في « ج ، ص ، ف » وحاشية « بر » : « فبينما ».

(٣) في « ج » والوافي : « إذ ».

(٤) في « ض ، ف ، بر » : « قد جئناك ».

(٥) في « ص » : « فجلس ».

(٦) في « ز » : + / « كان ».

(٧) في « ص ، بر ، بف » والوافي : « إليه ».

(٨) في الوافي : « نتبرّأ ». وفي الوسائل : « قال : فقلت له : إنّا لنبرأ » بدل « فقلت : جعلت فداك إنّا نبرأ ». وفي هامش‌المطبوع : « في بعض النسخ : أنا أبرأ ».

(٩) في « ص ، بر » وحاشية « ف » : « تقول ». وفي « ف » : « تقولون ».

(١٠) في البحار : ـ / « قال ».

(١١) في « ص » : « يتوالونا ».

(١٢) في « ج ، بر » : « تبرّؤون ». وفي الوافي : « وتبرّؤون ».

(١٣) في « ص ، ف » : + / « والله ».

(١٤) في « ز » : « وقال ».

(١٥) في « ز » : ـ / « و ».

(١٦) في « ف » : « طرحنا ».

(١٧) في « ص ، ف » : « ما يفعل ».

(١٨) في « ب » : « تولّوهم ».

١١١

الْمُسْلِمِينَ (١) مَنْ لَهُ سَهْمٌ ، وَمِنْهُمْ (٢) مَنْ لَهُ سَهْمَانِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ (٣) ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي (٤) أَنْ يُحْمَلَ صَاحِبُ السَّهْمِ عَلى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ السَّهْمَيْنِ ، وَلَا صَاحِبُ السَّهْمَيْنِ عَلى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ ، وَلَا صَاحِبُ الثَّلَاثَةِ عَلى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ ، وَلَا صَاحِبُ الْأَرْبَعَةِ عَلى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ ، وَلَا صَاحِبُ الْخَمْسَةِ عَلى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ السِّتَّةِ ، وَلَا صَاحِبُ السِّتَّةِ عَلى مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ السَّبْعَةِ.

وَسَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً : إِنَّ رَجُلاً كَانَ لَهُ جَارٌ وَكَانَ نَصْرَانِيّاً ، فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَزَيَّنَهُ لَهُ (٥) ، فَأَجَابَهُ (٦) ، فَأَتَاهُ (٧) سُحَيْراً ، فَقَرَعَ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقَالَ لَهُ (٨) : مَنْ هذَا؟ قَالَ (٩) : أَنَا فُلَانٌ ، قَالَ (١٠) : وَمَا حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ (١١) : تَوَضَّأْ (١٢) ، وَالْبَسْ ثَوْبَيْكَ ، وَمُرَّ بِنَا إِلَى الصَّلَاةِ ، قَالَ : فَتَوَضَّأَ ، وَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ ، وَخَرَجَ مَعَهُ ، قَالَ : فَصَلَّيَا مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ صَلَّيَا الْفَجْرَ ، ثُمَّ مَكَثَا حَتّى أَصْبَحَا (١٣) ، فَقَامَ الَّذِي كَانَ نَصْرَانِيّاً يُرِيدُ مَنْزِلَهُ (١٤) ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : أَيْنَ تَذْهَبُ؟ النَّهَارُ قَصِيرٌ ، وَالَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الظُّهْرِ قَلِيلٌ ، قَالَ : فَجَلَسَ مَعَهُ إِلى أَنْ صَلَّى (١٥) الظُّهْرَ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَلِيلٌ ، فَاحْتَبَسَهُ حَتّى صَلَّى الْعَصْرَ ، قَالَ : ثُمَّ قَامَ ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلى مَنْزِلِهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ هذَا آخِرُ النَّهَارِ ، وَأَقَلُّ مِنْ أَوَّلِهِ ، فَاحْتَبَسَهُ‌

__________________

(١) في « ج » : « إنّ للمسلمين ».

(٢) في « ص » : ـ / « منهم ».

(٣) في « ف » : ـ / « من له ».

(٤) في حاشية « ف ، بر » والبحار : « فلا ينبغي ».

(٥) في « ض » : ـ / « له ».

(٦) في « ف » : « وأجابه ».

(٧) في « ف » : « وأتاه ».

(٨) في الوسائل : ـ / « له ».

(٩) في « ز ، ص » : « فقال ».

(١٠) في « ز » : « فقال ».

(١١) في « ب ، ض » : + / « له ». وفي الوسائل والبحار : « قال ».

(١٢) في « ب ، ز ، ص ، بر » : « توضّ » بقلب الهمزة ياءً وحذفها.

(١٣) في « ف » : + / « فقال ».

(١٤) في « ب » والبحار : + / « قال ».

(١٥) في « ف » : + / « صلاة ». وفي البحار : « إلى صلاة » بدل « إلى أن صلّى ».

١١٢

حَتّى صَلَّى الْمَغْرِبَ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلى مَنْزِلِهِ (١)، فَقَالَ لَهُ (٢) : إِنَّمَا بَقِيَتْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ ، قَالَ : فَمَكَثَ حَتّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ، ثُمَّ تَفَرَّقَا.

فَلَمَّا كَانَ سُحَيْراً (٣) غَدَا عَلَيْهِ ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَقَالَ : مَنْ هذَا؟ قَالَ (٤) : أَنَا فُلَانٌ ، قَالَ : وَمَا حَاجَتُكَ (٥)؟ قَالَ : تَوَضَّأْ ، وَالْبَسْ (٦) ثَوْبَيْكَ ، وَاخْرُجْ بِنَا (٧) ، فَصَلِّ ، قَالَ : اطْلُبْ لِهذَا الدِّينِ مَنْ هُوَ أَفْرَغُ مِنِّي ، وَأَنَا إِنْسَانٌ مِسْكِينٌ ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ ».

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « أَدْخَلَهُ فِي شَيْ‌ءٍ (٨) أَخْرَجَهُ مِنْهُ » أَوْ قَالَ : « أَدْخَلَهُ مِنْ (٩) مِثْلِ (١٠) ذِهْ (١١) ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ مِثْلِ هذَا ». (١٢)

٢١ ـ بَابٌ آخَرُ مِنْهُ‌

١٥٣٢ / ١. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ (١٣) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبَانٍ ، عَنْ شِهَابٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : « لَوْ عَلِمَ النَّاسُ كَيْفَ خَلَقَ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ

__________________

(١) في « ب » : + / « قال ».

(٢) في « ب » : ـ / « له ».

(٣) اتّفقت النسخ على نصب « سحيراً » فهو خبر « كان » واسمه راجع إلى الزمان. ويجوز رفعه وكون « كان » تامّة.

(٤) في البحار : « فقال ».

(٥) في « ض » : ـ / « قال : وما حاجتك ».

(٦) في « ف » : « وألبسك ».

(٧) في « ز ، بر ، بس » والوسائل : ـ / « بنا ».

(٨) في « ص ، ف » : + / « و ». وفي مرآة العقول : « أدخله في شي‌ء » أي من الإسلام صار سبباً لخروجه من الإسلام‌رأساً. أو المراد بالشي‌ء الكفر ، أي أدخله بجهله في الكفر الذي أخرجه منه. « أو قال : أدخله في مثل هذا » أي العمل الشديد. « وأخرجه من مثل هذا » أي هذا الدين القويم.

(٩) في « د » وحاشية « بف » والمرآة والبحار : « في ».

(١٠) في « ج » : « مثله ».

(١١) في « ب ، د ، بر ، بف » والوافي والمرآة : « هذا ». وفي « ف » : « هذه ».

(١٢) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٠ ، ح ١٧٢٣ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٦٠ ، ح ٢١٢٤٢ ، من قوله : « ثمّ جرى ذكر قوم ، فقلت : جعلت فداك ، إنّا نبرأ منهم » ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ١٦١ ، ح ٢.

(١٣) في « ز ، ص » : « أحمد بن عمير ». وفي « ف » : « أحمد عن ابن أبي عمير ».

١١٣

هذَا الْخَلْقَ ، لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً » (١)

فَقُلْتُ : أَصْلَحَكَ اللهُ ، فَكَيْفَ (٢) ذَاكَ (٣)؟

فَقَالَ (٤) : « إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ خَلَقَ أَجْزَاءً بَلَغَ بِهَا تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَجْزَاءَ أَعْشَاراً ، فَجَعَلَ الْجُزْءَ عَشْرَةَ أَعْشَارٍ ، ثُمَّ قَسَمَهُ (٥) بَيْنَ الْخَلْقِ ، فَجَعَلَ فِي رَجُلٍ عُشْرَ جُزْءٍ ، وَفِي آخَرَ عُشْرَيْ جُزْءٍ حَتّى بَلَغَ بِهِ جُزْءاً تَامّاً ، وَفِي آخَرَ جُزْءاً وَعُشْرَ جُزْءٍ ، وَ (٦) آخَرَ جُزْءاً وَعُشْرَيْ جُزْءٍ ، وَ (٧) آخَرَ جُزْءاً وَثَلَاثَةَ أَعْشَارِ جُزْءٍ ، حَتّى بَلَغَ بِهِ جُزْءَيْنِ تَامَّيْنِ ، ثُمَّ بِحِسَابِ ذلِكَ حَتّى بَلَغَ بِأَرْفَعِهِمْ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً ، فَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِيهِ إِلاَّ عُشْرَ جُزْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلى (٨) أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْعُشْرَيْنِ ، وَكَذلِكَ (٩) صَاحِبُ الْعُشْرَيْنِ لَايَكُونُ (١٠) مِثْلَ صَاحِبِ الثَّلَاثَةِ (١١) الْأَعْشَارِ ، وَكَذلِكَ مَنْ تَمَّ (١٢) لَهُ جُزْءٌ (١٣) لَايَقْدِرُ عَلى أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ الْجُزْءَيْنِ ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَ‌

__________________

(١) في مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٢٧٧ : « لم يلم أحد أحداً ، أي في عدم فهم الدقائق والقصور عن بعض المعارف ، أو في عدم اكتساب الفضائل والأخلاق الحسنة وترك الإتيان بالنوافل والمستحبّات ، وإلاّ فكيف يستقيم عدم الملامة على ترك الفرائض والواجبات وفعل الكبائر والمحرّمات؟ وقد مرّ أنّ الله تعالى لايكلّف الناس إلاّبقدر وسعهم ، وليسوا بمجبورين في فعل المعاصي ولا في ترك الواجبات ؛ لكن يمكن أن لايكون في وسع بعضهم معرفة دقائق الامور وغوامض الأسرار ، فلم يكلّفوا بها ؛ وكذا عن تحصيل بعض مراتب الإخلاص واليقين وغيرها من المكارم ، فليسوا بملومين بتركها. فالتكاليف بالنسبة إلى العباد مختلفة بحسب اختلاف قابليّاتهم واستعداداتهم ».

(٢) في « ب ، ج ، د ، ص ، ض ، بر ، بس ، بف » والبحار : « وكيف ». وفي « ف » : « كيف ».

(٣) في « ص » والبحار : « ذلك ».

(٤) في الوافي والبحار : « قال ».

(٥) يجوز فيه التشديد أيضاً.

(٦) في « ف » والوسائل والبحار : « وفي ».

(٧) في « ف » والبحار : « وفي ».

(٨) في الوسائل : ـ / « على ».

(٩) في « ص » : « وكذا ».

(١٠) في « ف » : « لايقدر على أن يكون » بدل « لايكون ».

(١١) في الوسائل : ـ / « الثلاثة ».

(١٢) في « ض » : « أتمّ ».

(١٣) في « ب ، ض » : « جزءاً ». فهو تميز لـ « تمّ » كقوله تعالى : « فَتَمَّ مِيقتُ رَبّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلِةً » الأعراف (٧) : ١٤٢.

١١٤

هذَا الْخَلْقَ عَلى هذَا ، لَمْ يَلُمْ أَحَدٌ أَحَداً ». (١)

١٥٣٣ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ (٢) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الْخَزَّازِ (٣) ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَرَاطِيسِيِّ ، قَالَ :

قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام : « يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ ، إِنَّ الْإِيمَانَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ ، بِمَنْزِلَةِ السُّلَّمِ يُصْعَدُ مِنْهُ مِرْقَاةً بَعْدَ (٤) مِرْقَاةٍ ، فَلَا يَقُولَنَّ (٥) صَاحِبُ الِاثْنَيْنِ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ (٦) : لَسْتَ عَلى شَيْ‌ءٍ حَتّى (٧) يَنْتَهِيَ (٨) إِلَى الْعَاشِرِ (٩) ، فَلَا تُسْقِطْ (١٠) مَنْ هُوَ دُونَكَ ؛ فَيُسْقِطَكَ (١١) مَنْ هُوَ فَوْقَكَ ، وَإِذَا رَأَيْتَ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ بِدَرَجَةٍ ، فَارْفَعْهُ إِلَيْكَ بِرِفْقٍ ، وَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَيْهِ مَا لَايُطِيقُ ؛ فَتَكْسِرَهُ (١٢) ؛ فَإِنَّ مَنْ كَسَرَ (١٣) مُؤْمِناً فَعَلَيْهِ جَبْرُهُ (١٤) ». (١٥)

١٥٣٤ / ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ‌

__________________

(١) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ١٧٢٧ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٦١ ، ح ٢١٢٤٣ ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ١٦٤ ، ح ٣.

(٢) في « ص ، ض ، بف » والبحار والخصال ، ص ٤٤٧ : ـ / « عن محمّد بن عثمان ».

(٣) في « ب ، ز ، ص » : « الخرّاز ».

(٤) في « ف » : ـ / « بعد ».

(٥) في « ص » : « ولا يقول ». وفي « ف » : « ولا يقولنّ ».

(٦) في الخصال ، ص ٤٤٧ و ٤٤٨ : « فلا تقولنّ صاحب الواحد لصاحب الاثنين ».

(٧) في « ب » : « حين ».

(٨) في « د » : « تنتهي ».

(٩) في « ج ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والوسائل : « العاشرة ».

(١٠) في « ف » : « فلا يسقط ». وفي « بر » والخصال ، ص ٤٤٧ : « ولا تسقط ».

(١١) في « ف » : « فيسقط ».

(١٢) في « ج » : « فتكسّره » بالتشديد.

(١٣) في « ف » : « كسّر » بالتشديد.

(١٤) في الخصال ، ص ٤٤٧ : + / « وكان المقداد في الثامنة ، وأبو ذرّ في التاسعة ، وسلمان في العاشرة ».

(١٥) الخصال ، ص ٤٤٧ ، باب العشرة ، ح ٤٨ ، بسنده عن محمّد بن أحمد ، عن أبي عبد الله الرازي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ، عن محمّد بن حمّاد الخزّاز. وفيه ، ص ٤٤٨ ، نفس الباب ، ح ٤٩ ، بسنده عن محمّد بن حمّاد الخزّاز ، مع اختلاف وزيادة الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣١ ، ح ١٧٢٤ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٦٢ ، ح ٢١٢٤٤ ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ١٦٥ ، ح ٤.

١١٥

ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ سَدِيرٍ ، قَالَ :

قَالَ لِي (١) أَبُو جَعْفَرٍ عليه‌السلام : « إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَلى مَنَازِلَ : مِنْهُمْ عَلى وَاحِدَةٍ ، وَمِنْهُمْ عَلَى اثْنَتَيْنِ (٢) ، وَمِنْهُمْ عَلى ثَلَاثٍ ، وَمِنْهُمْ عَلى أَرْبَعٍ ، وَمِنْهُمْ عَلى خَمْسٍ ، وَمِنْهُمْ عَلى سِتٍّ ، وَمِنْهُمْ عَلى سَبْعٍ ؛ فَلَوْ ذَهَبْتَ تَحْمِلُ عَلى صَاحِبِ الْوَاحِدَةِ ثِنْتَيْنِ (٣) ، لَمْ يَقْوَ ؛ وَعَلى صَاحِبِ الثِّنْتَيْنِ ثَلَاثاً ، لَمْ يَقْوَ ؛ وَعَلى صَاحِبِ الثَّلَاثِ أَرْبَعاً ، لَمْ يَقْوَ ؛ وَعَلى صَاحِبِ الْأَرْبَعِ خَمْساً ، لَمْ يَقْوَ ؛ وَعَلى صَاحِبِ الْخَمْسِ سِتّاً ، لَمْ يَقْوَ ؛ وَعَلى صَاحِبِ السِّتِّ سَبْعاً ، لَمْ يَقْوَ ؛ وَ (٤) عَلى هذِهِ الدَّرَجَاتُ ». (٥)

١٥٣٥ / ٤. عَنْهُ (٦) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « مَا أَنْتُمْ وَالْبَرَاءَةَ يَبْرَأُ (٧) بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرُ صَلَاةً مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُهُمْ أَنْفَذُ بَصَراً (٨) مِنْ بَعْضٍ ، وَهِيَ الدَّرَجَاتُ (٩) ». (١٠)

__________________

(١) في « ب ، د ، ص ، ف ، بر ، بس ، جر » والوسائل : ـ / « لي ».

(٢) في الوافي : « اثنين ».

(٣) في « ج ، ف » : « اثنتين ».

(٤) في « ض ، بف » : ـ / « و ».

(٥) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ١٧٢٦ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٦٣ ، ح ٢١٢٤٥ ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ١٦٧ ، ح ٦.

(٦) ضمير « عنه » راجع إلى أحمد بن محمّد بن عيسى المذكور في السند المتقدّم. وأحمد بن محمّد بن عيسى وإن أكثر الرواية عن محمّد بن سنان ( معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٦٩٥ ـ ٦٩٦ ) لكن قد توسّط بينهما بعض الأصحاب كعليّ بن الحكم ، كما في الكافي ، ح ١٥٤٠٠ ؛ والحسين بن سعيد كما في الكافي ، ح ٧٥٦٢.

(٧) في « ص » : « يتبرّأ ». وفي « ف » : « تبرأ ».

(٨) في حاشية « بر » والبحار : « بصيرة ».

(٩) في مرآة العقول : « وهي الدرجات ، أي درجات الإيمان ... أو هي الدرجات التي ذكرها في قوله : ( هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ ) [ آل عمران (٣) : ١٦٣ ] وغيره ».

(١٠) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ١٧٢٥ ؛ الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٦٣ ، ح ٢١٢٤٦ ؛ البحار ، ج ٦٩ ، ص ١٦٨ ، ح ٧.

١١٦

٢٢ ـ بَابُ نِسْبَةِ الْإِسْلَامِ‌

١٥٣٦ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ ، قَالَ :

قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام : « لَأَنْسُبَنَّ (١) الْإِسْلَامَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهُ (٢) أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا يَنْسُبُهُ أَحَدٌ بَعْدِي إِلاَّ بِمِثْلِ (٣) ذلِكَ ، إِنَّ (٤) الْإِسْلَامَ هُوَ التَّسْلِيمُ ، وَالتَّسْلِيمَ هُوَ الْيَقِينُ ، وَالْيَقِينَ هُوَ التَّصْدِيقُ ، وَالتَّصْدِيقَ هُوَ الْإِقْرَارُ ، وَالْإِقْرَارَ هُوَ الْعَمَلُ ، وَالْعَمَلَ هُوَ الْأَدَاءُ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَمْ يَأْخُذْ دِينَهُ عَنْ رَأْيِهِ ، وَلكِنْ أَتَاهُ مِنْ (٥) رَبِّهِ ، فَأَخَذَهُ (٦) ؛ إِنَّ الْمُؤْمِنَ (٧) يُرى (٨) يَقِينُهُ فِي عَمَلِهِ ، وَالْكَافِرَ يُرى إِنْكَارُهُ فِي عَمَلِهِ ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا عَرَفُوا أَمْرَهُمْ (٩) ، فَاعْتَبِرُوا إِنْكَارَ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ بِأَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ ». (١٠)

__________________

(١) في المحاسن : + / « اليوم ». يقال : نسبتُ الرجلَ كنصرت أو كضربت ، أي ذكرت نسبته ، والمراد بيان الإسلام‌والكشف التامّ عن معناه ، ولمّا كان نسبة شي‌ء إلى شي‌ء يوضح أمره وحاله وما يؤول هو إليه اطلق هنا على الإيضاح ، من باب ذكر الملزوم وإرادة اللازم. راجع : المصباح المنير ، ص ٦٠٢ ( نسب ) ؛ شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١٣٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٢٨٢.

(٢) هكذا في النسخ التي بأيدينا والوافي والوسائل والمحاسن. وفي المطبوع : « لا ينسبه ».

(٣) في « بر » : « مثل ».

(٤) في المحاسن : ـ / « إنّ ».

(٥) في المحاسن : « عن ».

(٦) في الوسائل والمحاسن : « فأخذ به ».

(٧) في مرآة العقول : « فالمؤمن » بدل « إنّ المؤمن ».

(٨) في شرح المازندراني : « يرى ، إمّا مجهول من الرؤية ، أو معلوم من الإراءة. وما بعده على الأوّل مرفوع ، وعلى الثاني منصوب ».

(٩) في المحاسن : « أمر ربّهم ».

(١٠) المحاسن ، ص ٢٢٢ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٣٥. وفي الأمالي للصدوق ، ص ٣٥١ ، المجلس ٥٦ ، ح ٤ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١٨٥ ، ح ١ ، بسندهما آخر عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن أحمد بن [ في المعاني : ـ / « أحمد بن » ] محمّد بن يحيى الخزّاز [ في المعاني : ـ / « الخزّاز » ] ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام ، مع اختلاف. تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٩٩ ، عن محمّد بن يحيى البغدادي ، رفع الحديث إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، مع اختلاف. نهج البلاغة ، ص ٤٩١ ، الحكمة ١٢٥ ؛ خصائص

١١٧

١٥٣٧ / ٢. عَنْهُ (١)، عَنْ أَبِيهِ (٢) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) : الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ ، فَلِبَاسُهُ الْحَيَاءُ ، وَزِينَتُهُ الْوَفَاءُ (٤) ، وَمُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ ، وَعِمَادُهُ الْوَرَعُ ، وَ (٥) لِكُلِّ شَيْ‌ءٍ أَسَاسٌ (٦) ، وَأَسَاسُ الْإِسْلَامِ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ». (٧)

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، مِثْلَهُ. (٨)

١٥٣٨ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَسَنِيِّ :

__________________

الأئمّة عليهم‌السلام ، ص ١٠٠ ، مرسلاً ، وفيهما إلى قوله : « والعمل هو الأداء » مع اختلاف يسير الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤١ ، ح ١٧٣٢ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٣ ، ح ٢٠٢٣١ ، إلى قوله : « ولكن أتاه من ربّه فأخذه ».

(١) الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد بن خالد المذكور في السند السابق ، كما يعلم بأدنى التفات.

(٢) في « ف » : ـ / « عن أبيه ». وهو سهو ؛ فقد روى أحمد بن أبي عبد الله ـ وهو أحمد بن محمّد بن خالد ـ عن أبيه كتاب عبد الله بن القاسم صاحب معاوية بن عمّار. راجع : الفهرست للطوسي ، ص ٣٠٣ ، الرقم ٤٦٣ ؛ ورجال النجاشي ، ص ٢٢٦ ، الرقم ٥٩٣.

(٣) المحاسن ، ص ١٥٠ : ـ / « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

(٤) هكذا في النسخ التي بأيدينا وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول والوسائل والبحار والمحاسن والفقيه‌والأمالي. وفي المطبوع : « الوقار ».

(٥) في « بر » : ـ / « و ».

(٦) في شرح المازندراني : « قوله : ولكلّ شي‌ء أساس ، الظاهر أنّه كلام أبي عبد الله عليه‌السلام ». واستبعده المجلسي ؛ حيث قال في مرآة العقول : « ويحتمل كون الفقرة الأخيرة كلام الصادق عليه‌السلام ، لكنّه بعيد ».

(٧) المحاسن ، ص ١٥٠ ، كتاب الصفوة ، ح ٦٦ ، من قوله : « لكلّ شي‌ء أساس » ؛ وفيه ، ص ٢٨٦ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٤٢٧. الفقيه ، ج ٤ ، ص ٣٦٢ ، ضمن الحديث الطويل ٥٧٦٥ ، بسند آخر عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ الأمالي للطوسي ، ص ٨٤ ، المجلس ٣ ، ح ٣٥ ، بسند آخر عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع اختلاف وزيادة في أوّله الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٢ ، ح ١٧٣٣ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٤ ، ح ٢٠٢٣٢ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٣٤٣ ، ح ١٥.

(٨) الأمالي للصدوق ، ص ٢٦٨ ، المجلس ٤٥ ، ح ١٦ ، بسنده عن عليّ بن معبد ، عن عبدالله بن القاسم ، عن مبارك بن عبدالرحمن ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٢ ، ح ١٧٣٣ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٤ ، ذيل ح ٢٠٢٣٢ ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٣٤٣ ، ذيل ح ١٥.

١١٨

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي عليه‌السلام ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ ـ قَالَ : « قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه‌السلام : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْإِسْلَامَ ، فَجَعَلَ لَهُ (١) عَرْصَةً (٢) ، وَجَعَلَ لَهُ نُوراً ، وَجَعَلَ لَهُ حِصْناً ، وَجَعَلَ لَهُ نَاصِراً ؛ فَأَمَّا عَرْصَتُهُ فَالْقُرْآنُ ، وَأَمَّا نُورُهُ فَالْحِكْمَةُ ، وَأَمَّا حِصْنُهُ فَالْمَعْرُوفُ ، وَأَمَّا أَنْصَارُهُ فَأَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي وَشِيعَتُنَا ؛ فَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي وَشِيعَتَهُمْ وَأَنْصَارَهُمْ ؛ فَإِنَّهُ (٣) لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَنَسَبَنِي (٤) جَبْرَئِيلُ عليه‌السلام لِأَهْلِ السَّمَاءِ ، اسْتَوْدَعَ اللهُ حُبِّي وَحُبَّ أَهْلِ بَيْتِي وَشِيعَتِهِمْ فِي قُلُوبِ الْمَلَائِكَةِ ، فَهُوَ عِنْدَهُمْ وَدِيعَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ هَبَطَ بِي إِلى أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَنَسَبَنِي لِأَهْلِ (٥) الْأَرْضِ ، فَاسْتَوْدَعَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ حُبِّي وَحُبَّ أَهْلِ بَيْتِي وَشِيعَتِهِمْ فِي قُلُوبِ مُؤْمِنِي أُمَّتِي ، فَمُؤْمِنُو أُمَّتِي يَحْفَظُونَ وَدِيعَتِي فِي أَهْلِ بَيْتِي (٦) إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، أَلَا فَلَوْ أَنَّ الرَّجُلَ (٧) مِنْ أُمَّتِي عَبَدَ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عُمُرَهُ أَيَّامَ الدُّنْيَا ، ثُمَّ لَقِيَ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مُبْغِضاً لِأَهْلِ بَيْتِي وَشِيعَتِي (٨) ، مَا فَرَّجَ (٩) اللهُ صَدْرَهُ إِلاَّ عَنِ النِّفَاقِ (١٠) ». (١١)

__________________

(١) في « ف » : « فجعله ».

(٢) « العَرْصَة » : كلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناءٌ. والجمع : العِراص والعَرَصات. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٤٤ ( عرص ).

(٣) في حاشية « ج » : « فإنّي ».

(٤) في مرآة العقول : « فنسبني ، أي ذكرني أو وصفني وذكر نبوّتي ومناقبي. وأمّا ذكر نسبه لأهل الأرض فبالآيات التي أنزلها فيه وفي أهل بيته ويقرؤها الناس إلى يوم القيامة ، أو ذكر فضله ونادى به بحيث سمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء كنداء إبراهيم عليه‌السلام بالحجّ. وقيل : لمّا وجبت الصلوات الخمس في المعراج ، فلمّا هبط عليه‌السلام علّمها الناس ، وكان من أفعالها الصلاة على محمّد وآله في التشهّد ؛ فدلّهم بذلك على أنّهم أفضل الخلق ؛ لأنّه لو كان غيرهم أفضل لكانت الصلاة عليه أوجب. والأوّل أظهر ». وقيل غير ذلك. وللمزيد راجع : شرح المازندراني.

(٥) هكذا في « ب ، ج ، د ، ص ، بر ، بف » وشرح المازندراني. وفي سائر النسخ والمطبوع : « إلى أهل ».

(٦) في « د ، بس » : ـ / « في أهل بيتي ».

(٧) في « ض ، بس » : « رجلاً ».

(٨) في « ب » وحاشية « بف » : « وشيعتهم ».

(٩) في « ف » : « فرح ». وفي حاشية « ف » : « شرح ».

(١٠) في « د ، ز ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار : « نفاق ».

(١١) الوافي ، ج ٤ ، ص ١٤٢ ، ح ١٧٣٤ ؛ الوسائل ، ج ١٥ ، ص ١٨٤ ، ح ٢٠٢٣٣ ، إلى قوله : « وأمّا أنصاره فأنا

١١٩

٢٣ ـ بَابٌ (١)

١٥٣٩ / ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (٢) بْنِ غَالِبٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام ، قَالَ : « يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَمَانِي (٣) خِصَالٍ : وَقُوراً (٤)

__________________

وأهل بيتي وشيعتنا » ؛ البحار ، ج ٦٨ ، ص ٣٤١ ، ح ١٣.

(١) هكذا في النسخ التي بأيدينا ومرآة العقول. وفي المطبوع : « باب [ خصال المؤمن ] ». وفي مرآة العقول ، ج ٧ ، ص ٢٩١ : « لمّا كانت أخبار هذا الباب متقاربة المضمون مع الباب السابق لم يعنونه ، والفرق بينهما أنّ المذكور في الباب السابق نسبة الإسلام ، وفي هذا الباب نسبة الإيمان ».

(٢) سيأتي الخبر ـ باختلاف يسير جدّاً ـ في نفس المجلّد ، ح ٢٢٨١ ، بسند آخر عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن عبد الله بن غالب. ورواه الصدوق في الأمالي ، ص ٤٧٤ ، المجلس ٨٦ ، ح ١٧ ؛ والخصال ، ص ٤٠٦ ، ح ١. وفيهما أيضاً « عبد الله بن غالب ».

والظاهر ـ في بادئ الرأي ـ وقوع التحريف في أحد العنوانين ، وبما أنَّ عبد الملك بن غالب لم‌نجد له ذكراً في كتب الرجال والأسناد ـ في غير سند هذا الخبر ـ تميل النفس إلى القول بصحّة عبد الله بن غالب ، كما قال به في معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ٤٦٠ ؛ لأنّه هو المترجم في الكتب والمذكور في الأسناد.

لكن هذا القول أيضاً يواجه إشكالاً ، وهو أنّ عبد الله بن غالب روى الحسن بن محبوب كتابه ، وأكثر رواياته أيضاً قد وردت عن ابن محبوب بلا واسطة. فيستبعد جدّاً رواية ابن محبوب عنه بالتوسّط ، أضف إلى ذلك أنّا لم نجد رواية جميل بن صالح عن عبد الله بن غالب في غير سند هذا الخبر. راجع : رجال النجاشي ، ص ٢٢٢ ، الرقم ٥٨٢ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ١٠ ، ص ٤٨٧ ـ ٤٨٨.

هذا ، وقد ذكر الاستاد السيّد محمّد جواد الشبيري ـ دام توفيقه ـ في تعليقته على السند ، احتمالاً آخر ؛ وهو كون الصواب عبد الملك بن عمرو ـ بدل عبد الملك بن غالب ـ فصُحِّف عمرو بـ « غالب » ثمّ صحّحوا عبد الملك بن غالب ، بعبد الله بن غالب. ثمّ انتشرت نسخة عبد الله بن غالب في كتب الصدوق وموضع من الكافي. يؤيّد ذلك رواية جميل بن صالح عن عبد الملك بن عمرو في بعض الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١١ ، ص ٤١١ ـ ٤١٢.

ثمّ اعلم أنّه قد ورد الخبر في أعلام الدين ، ص ١٠٩ ، نقلاً من كتاب المجالس للبرقي ، عن عبد الله بن يونس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٣) في الوافي والوسائل والبحار والكافي ، ح ٢٢٨١ والأمالي والخصال وتحف العقول : « ثمان ».

(٤) « الوقار » : السكون والحِلم. يقال : هو وَقور ووَقار ومتوقِّر. وقال العلاّمة المجلسي : « أي لا يعرض له

١٢٠