بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

تعالى « والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وماغوى » محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله « وما ينطق عن الهوى » في علي بن أبي طالب عليه‌السلام « إن هو إلا وحي يوحى » أنا أوحيته إليه (١).

٨ ـ فر : أبوالحسن أحمد بن صالح الهمداني معنعنا ، عن عبدالله بن بريدة الاسلمي ، عن أبيه قال : انقض نجم على عهد رسول الله (ص) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من وقع هذا النجم في داره فهو الخليفة ، فوقع النجم في دار علي عليه‌السلام فقال (٢) قريش : ضل محمد ، فأنزل الله تعالى « والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى (٣) ».

٩ ـ فر : علي بن أحمد الشيباني معنعنا ، عن نوف البكالي ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : جاءت جماعة من قريش إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله انصب لنا علما يكون (٤) لنا من بعدك ، لنهتدي ولا نضل كما ضلت بنو إسرائيل بعد موسى بن عمران فقد قال ربك سبحانه : « إنك ميت وإنهم ميتون » ولسنا لنطمع (٥) أن تعمر فينا ما عمر (٦) نوح في قومه ، وقد عرفت منتهى أجلك ، ونريد أن نهتدي ولا نضل قال : إنكم قريبو عهد بالجاهلية ، وفي قلوب أقوام أضغان (٧) ، وعسيت إن فعلت أن لا تقبلوا (٨) ، ولكن من كان في منزله الليلة آية من غير ضير (٩) فهو صاحب الحق ، قال : فلما صلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله العشاء وانصرف إلى منزله سقط في منزلي نجم أضاءت له المدينة وما حولها

____________________

(١) تفسير فرات : ١٧٣ و ١٧٤.

(٢) في المصدر : فقالت.

(٣) تفسير فرات : ١٧٤.

(٤) في المصدر : انصب علينا علما يكن اه.

(٥) في المصدر : نطمع.

(٦) عمر الرجل : عاش زمانا طويلا.

(٧) جمع الضغن ـ بكسر الضاد ـ : الحقدو العداوة.

(٨) في المصدر : ان لا يقبلوا.

(٩) في القاموس ( ٢ : ٧٧ ) : ضار الامر ضيرا : ضره. ولعل مراده صلى‌الله‌عليه‌وآله ان من كان في منزله الليلة آية من دون ان تضره هذ الاية بشئ.

٢٨١

وانفلق (١) بأربع فلق في كل شعب فلقة م غير ضير (٢).

قال نوف : قال لي جابر بن عبدالله : إن القوم أصروا على ذلك وأمسكوا (٣) ، فلما أوحى الله إلى نبيه أن ارفع بضبع ابن عمك قال : يا جبرئيل أخاف من تشتت قلوب القوم ، فأوحى الله إليه : « يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس (٤) » فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلالا أن ينادي بالصلاة جامعة ، فاجتمع المهاجرون والانصار ، فصعد المنبر فحمدالله تعالى وأثنى عليه ثم قال : يا معشر قريش لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم ، ثم قال : يا مشعر العرب لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم ، قال : يا معشر الموالي لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم ثم دعا بدواة وطرس (٥) فأمر وكتب فيه ، « بسم الله الرحمن الرحيم * لا إله إلا الله محمد رسول الله » قال : شهدتم؟ قالوا : نعم ، قال : أفتعلمون أن الله مولاكم؟ قالوا : أللهم نعم قال : أفتعلمون أنني مولاكم؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : فقبض على ضبع علي بن أبي طالب عليه‌السلام فرفعه في الناس حتى تبين بياض إبطيه (٦) ، ثم قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، ثم قال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من من خذله ـ وفيه كلام (٧) ـ أنزل الله تعالى « والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى » فأوحى إليه « يا أيها الرسول

____________________

(١) أى انشق.

(٢) لعل المراد : انشعب في كل جدار من الجدر الاربعة للدار فلقة من غير ضير.

(٣) أصر على الشئ : اذا لزمه وداومه ، وأكثر ما يستعمل في الشر والذنوب. أى ان القوم أصروا على نفاقهم وجحدهم فضل أميرالمؤمنين عليه‌السلام.

(٤) المائدة : ٦٧.

(٥) سيأتى معناه في البيان. وفي المصدر : قرطاس.

(٦) الابط : باطن الكتف.

(٧) اى وفى الحديث كلام لم نذكره هناك اختصارا.

٢٨٢

بلغ ما انزل إليك من ربك (١) ».

بيان : الضبع بسكون الباء : وسط العضد. والطرس بالكسر : الصحيفة.

١٠ ـ فر : محمد بن عيسى بن زكريا معنعنا عن جعفر بن محمد قال : لما أقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يوم غدير خم فذكر كلاما ، فأنزل الله تعالى على لسان جبرئيل فقال له : يا محمد إني منزل غدا ضحوة (٢) نجما من السماء ، يغلب ضوءه على ضوء الشمس ، فأعلم أصحابك أنه من سقط ذلك النجم في داره فهو الخليفة من بعدك ، وأعلمهم (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه يسقط غدا من السماء نجم يغلب ضوؤه على (٤) ضوء الشمس ، فمن سقط النجم في داره فهو الخليفة من بعدي ، فجلسوا كلهم (٥) في منزله يتوقع أن يسقط النجم في منزله ، فما لبثوا أن سقط النجم في منزل أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة عليهما‌السلام فاجتمع القوم وقالوا : والله ما تكلم فيه إلا بالهوى! فأنزل الله على نبيه « والنجم إذا هوى * ماضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى » إلى « أفتمارونه على ما يرى (٦) ».

١١ ـ يف ، كنز : روى علي بن المغازلي بإسناده إلى ابن عباس قال : كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي إذا انقض كوكب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي ، قال : فقام فتية من بني هاشم فنظروا قد انقض الكوكب (٧) في منزل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقالوا م يا رسول الله قد غويت في حب ابن عمك! فأنزل الله « والنجم إذا هوى * ماضل صاحبكم وما غوى (٨) ».

____________________

(١) تفسير فرات : ١٧٤ و ١٧٥.

(٢) الضحوة : ارتفاع النهار بعد طلوع الشمس.

(٣) في المصدر : فأعلمهم.

(٤) ليست كلمة ( على ) في المصدر.

(٥) في المصدر : فجلسوا كل.

(٦) تفسير فرات : ١٧٥.

(٧) في الطرائف : فاذا الكوكب قد انقض.

(٨) الطرائف : ٧. الكنز مخطوط.

٢٨٣

مد : ابن المغازلي ، عن محمد بن أحمد بن عثمان ، عن محمد بن العباس ، عن الحسين بن علي الدهان ، عن علي بن محمد بن الخليل ، عن هيثم ، عن أبي بشير ، عن سعيد ، عن ابن عباس مثله (١).

فر : إسماعيل بن إبراهيم معنعنا عن ابن عباس مثله (٢).

بيان : روى العلامة نحوه من طريق الجمهور عن ابن عباس (٣) ، ورواه أبوحامد الشافعي (٤) في كتاب شرف المصطفى على ما رواه عنه صاحب إحقاق الحق (٥) ، فقد ثبت بنقل الخاص والعام نزول الآية فيه ، وبعض الاخبار صريح في إمامته وبعضها ظاهر بقرينة سؤال القوم وحسدهم عليه بعد ذلك ، حتى نسبوا نبيهم إلى الغواية! فإنها تدل على أن المراد بالوصاية الامامة ، على أنها تدل على فضل تام يمنع تقديم غيره عليه.

٩

( باب )

* ( نزول سورة براءة وقراءة أميرالمؤمنين عليه‌السلام على أهل مكة ) *

* ( ورد أبى بكر ، وأن عليا هو الاذان يوم الحج الاكبر ) *

١ ـ ع : أحمد بن محمد بن إسحاق ، عن أحمد بن يحيى بن زهير ، عن يوسف بن موسى عن مالك بن إسماعيل ، عن منصور بن أبي الاسود ، عن كثير أبي إسماعيل ، عن جميع بن عمر قال : صليت في المسجد الجامع فرأيت ابن عمر جالسا فجلست إليه فقلت : حدثني عن علي

____________________

(١) العمدة : ٣٨ و ٣٩.

(٢) تفسير فرات : ١٧٥.

(٣) كشف اليقين : ١٣٠.

(٤) هو العلامة الحافظ عبدالملك بن أبي عثمان محمد بن ابراهيم النيسابورى المحدث الفقيه المفسر الواعظ ، يعرف بالخركوشى ، نسبة إلى ( خركوش ) من محلات تلك البلدة ، له كتب منها كتاب شرف المصطفى ومنها التفسير الكبير ومنها المشيخة وغيرها ، توفى سنة ٤٠٦ ه في بلده ( ريحانه الادب ج ١ ص ٣٨٢ طبع تهران ).

(٥) ج ٢ : ٣٤٠ و ٣٤١.

٢٨٤

فقالت : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبابكر ببراءة فلما أتى به ذا الحليفة (١) أتبعه عليا فأخدها منه ، قال أبوبكر : يا علي مالي؟ أنزل في شئ؟ قال : لا ولكن رسول الله قال : لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي ، قال : فرجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أنزل في شئ؟ قال لا ولكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي ، قال كثير : قلت لجميع : تشهد (٢) على ابن عمر بهذا؟ قال : نعم ـ ثلاثا ـ (٣).

٢ ـ ع : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن الحكم بن مقسم ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبابكر ببراءة ثم أتبعه عليا فأخذها منه ، فقال أبوبكر : يا رسول الله حيف (٤) في شئ؟ قال : لا إلا أنه لا يؤدي عني إلا أنا أو علي ، وكان الذي بعث به (٥) علي عليه‌السلام : لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فهو إلى مدته (٦).

٣ ـ ع : الطالقاني ، عن محمد بن جرير الطبري ، عن سليم بن عبدالجبار ، عن علي بن قادم ، عن إسرائيل ، عن عبدالله بن شريك ، عن الحارث بن مالك قال : خرجت إلى مكة فلقيت سعد بن مالك فقلت له : هل سمعت لعلي عليه‌السلام منقبة؟ قال : قد شهدت له أربعة لان يكون لي إحداهن أحب إلي من الدنيا اعمر فيها عمر نوح ، أحدها أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبابكر ببراءة إلى مشركي قريش ، فسار بها يوما وليلة ، ثم قال لعلي اتبع أبابكر فبلغها ورد أبابكر ، فقال : يا رسول الله أنزل في شئ؟ قال : لا إلا أنه لا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني (٧).

____________________

(١) بالتصغير قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، منها ميقات أهل المدينة ، وهى من مياه بنى جشم. ( مراصد الاطلاع ١ : ٤٢٠ ).

(٢) في المصدر : أستشهد.

(٣) علل الشرايع : ٧٤.

(٤) في ( ت ) : خيف.

(٥) في المصدر : بعث فيه.

(٦ و ٧) علل الشرائع : ٧٤.

٢٨٥

٤ ـ ع : أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ، عن أحمد بن منصور ، عن أبي سلمة ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن أنس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر فبعث عليا عليه‌السلام وقال : لا يبلغها إلا رجل من أهل بيتي (١).

٥ ـ ل : فيما أجاب به أميرالمؤمنين عليه‌السلام اليهودي السائل من خصال الاوصياء قال : وأما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما توجه لفتح مكة أحب أن يعذر إليهم ويدعوهم إلى الله عزوجل آخرا كما دعاهم أولا ، فكتب إليهم كتابا يحذرهم فيه وينذرهم عذاب الله وبعدهم الصفح ويمنيهم مغفرة ربهم ، ونسخ لهم في آخره سورة براءة لتقرأ عليهم (٢) ، ثم عرض على جميع أصحابه المضي به إليهم ، فكلهم يرى التثاقل فيهم ، فلما رأى ذلك ندب (٣) منهم رجلا فوجهه به فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أورجل منك ، فأنبأني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ووجهني بكتابه ورسالته إلى مكة ، فأتيت مكة ـ وأهله من قد عرفتم ليس منهم أحد إلا ولو قدر أن يضع على كل جبل مني إربا (٤) لفعل ، ولو أن يبذل في ذلك نفسه وأهله وولده وماله ـ فبلغتهم رسالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقرأت عليهم كتابه ، فكلهم يلقاني بالتهدد والوعيد ، ويبدي لي البغضاء ويظهر الشحناء (٥) من رجالهم ونسائهم ، فكان مني في ذلك ما قدرأيتم ، ثم التفت إلى أصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين (٦).

٦ ـ قل : قال جدي أبوجعفر الطوسي (٧) : في أول يوم من ذي الحجة بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سورة براءة حين انزلت عليه مع أبي بكر ثم نزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه

____________________

(١) علل الشرائع : ٧٤.

(٢) في المصدر : ليقرأها عليهم.

(٣) ندب فلانا للامر أو إلى الامر : دعاه ورشحه للقيام به وحثه عليه.

(٤) الارب : العضو.

(٥) الشحناء : العداوة امتلات منها النفس.

(٦) الخصال ٢ : ١٦ و ١٧.

(٧) ام والد السيد ابن طاوس بنت ابنة الشيخ الطوسى ، ولذا يعبر عنه كثيرا في تصانيفه بالجد أوجد والدى ، كما يعبر عن الشيخ ابى على الحسن بن الحشيخ الطوسى بالخال أو خال والدى.

٢٨٦

لايؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك ، فأنفذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا حتى لحق أبابكر فأخذها منه ورده بالروحاء (١) يوم الثالث منه ، ثم أدعاها عنه إلى الناس يوم عرفة ، ويوم النحر فقرأها عليهم في الموسم (٢).

وروى حسن بن أشناس ، عن ابن أبي الثلج الكاتب ، عن جعفر بن محمد العلوي ، عن علي بن عبدك الصوفي (٣) ، عن طريف مولى محمد بن إسماعيل بن موسى ، وعبيد بن يسار ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الحارث الهمداني ، وعن جابر ، عن أبي جعفر ، عن محمد بن الحنفية ، عن علي صلوات الله عليه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما فتح مكة أحب أن يعذر إليهم ـ وساق الحديث نحوا ممامر ثم قال ـ : وأقول : وروى الطبري في تاريخه في حوادث سنة ست من هجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أراد النبي القصد لمكة ومنعه أهلها : أن عمر بن الخطاب كان قد أمره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يمضي إلى مكة فلم يفعل واعتذر! فقال الطبري ما هذا لفظة : ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما حاله ، فقال : يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي (٤). أقول : فانظر حال مولانا علي عليه‌السلام من حال من تقدم عليه كيف كان يفدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه في كل ما يشيربه إليه؟ وكيف كان غيره يؤثر عليه نفسه؟.

ومن ذلك شرح أبسط مما ذكرناه رواه حسن بن أشناس في كتابه أيضا ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن مالك بن إبراهيم النخعي ، عن الحسين بن زيد قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : لما سرح (٥) رسول الله (ص) أبابكر بأول سورة براءة إلى أهل مكة أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد إن الله يأمرك أن لا تبعث هذا وأن تبعث علي بن أبي طالب ، وإنه لا يؤديها عنك غيره ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن

____________________

(١) الروحاء من الفرع على نحواربعين ميلا من المدينة ، وهو الموضع الذى نزل به تبع حين رجع من قتال أهل المدينة يريد مكة ، فأقام بها وأراح فسماها الروحاء.

(٢) في المصدر : في المواسم.

(٣) كذا في ( ك ) و ( ت ) ، وفى غيرهما من النسخ وكذا المصدر : على بن عبدل الصوفى.

(٤) تاريخ الطبرى ٢ : ٢٧٨. وفيه : فبيلغ عنه اشراف قريش ماجاء له.

(٥) أى أرسله.

٢٨٧

أبي طالب عليه‌السلام فلحقه فأخذ (١) منه الصحيفة وقال : ارجع إلى النبي ، فقال أبوبكر : هل حدث في شئ؟ فقال : سيخبرك رسول الله ، فرجع أبوبكر إلى النبي فقال : يا رسول الله ماكنت ترى أني مؤد عنك هدة الرسالة؟ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبي الله أن يؤديها إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأكثر أبوبكر عليه من الكلام فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف تؤديها وأنت صاحبي في الغار (٢)! قال : فانطلق علي عليه‌السلام حتى قدم مكة ، ثم وافى عرفات ، ثم رجع إلى جمع ، ثم إلى منى ، ثم ذبح وحلق ، وصعد على الجبل المشرف المعروف بالشعب فأذن ثلاث مرات : ألا تسمعون يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم؟ ثم قال : « براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله » إلى قوله : « إن الله غفور رحيم » تسع آيات من أولها ، ثم لمع بسيفه (٣) فأسمع الناس و كررها فقال الناس : من هذا الذي ينادي في الناس؟ فقالوا : علي بن أبي طالب ، وقال من عرفه من الناس : هذا ابن عم محمد ، وما كان ليجترئ على هذا غير عشيرة محمد ، فأقام أيام التشريق ثلاثة ينادي بذلك ويقرأ على الناس غدوة وعشية ، فناداه الناس من المشركين : أبلغ ابن عمك أن ليس له عندنا إلا ضربا بالسيف وطعنا بالرماح.

ثم انصرف علي عليه‌السلام إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقصد في السير ، وابطئ الوحي عن رسول الله (ص) في أمر علي عليه‌السلام وما كان منه ، فاغتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك غما شديدا حتى رئي ذلك في وجهه ، وكف عن النساء من اللهم والغم ، فقال بعضهم لبعض : لعله قد نعيت إليه نفسه (٤) أو عرض له مرض ، فقالوا لابي ذر : قد نعلم منزلتك من رسول الله ، وقدترى

____________________

(١) في المصدر : واخذ.

(٢) هذا تعيير لابى بكر وتشنيع له ، وايهام بانك كنت معى في الغار خائفا فزعا مع استظهارك بى وعدم علم أحد من الناس إلى مكانك فكيف تقدر على تبليغ هذه السورة بملاء من الناس يوم الحج الاكبر؟ ولنعم ما قيل :

خلق الله للحروب رجالا

ورجالا لقصعة وثريد.

وتأتى الاشارة إله بعيد هذا.

(٣) لمع بسيفه : اشار.

(٤) اى اخبر بوفاته.

٢٨٨

ما به ، فنحن نحب أن تعلم (١) لنا أمره ، فسأل أبوذر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما نعيت إلي نفسي ، وإني لميت ، وما وجدت في امتي إلا خيرا ، وما بي من مرض ، ولكن من شدة وجدي بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام وإبطاء الوحي عني في أمره ، فإن الله عزوجل قد أعطاني في علي عليه‌السلام تسع خصال : ثلاثة لدنياي ، واثنتان لآخرتي واثنتان أنا منهما آمن ، واثنتان أنا منهما خائف ، وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى الغداة استقبل القبلة بوجهه إلى طلوع الشمس يذكر الله عزوجل ، ويتقدم علي بن أبي طالب عليه‌السلام خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويستقبل الناس بوجهه فيستأذنون في حوائجهم ، وبذلك أمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) فلما توجه علي عليه‌السلام إلى ذلك الوجه لم يجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكان علي لاحد وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى وسلم استقبل (٣) الناس بوجهه ، فأذن للناس. فقام أبوذر فقال : يا رسول الله لي حاجة ، قال : انطلق في حاجتك.

فخرج أبوذر من المدينة يستقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فلما كان ببعض الطريق إذا هو براكب مقبل على ناقته ، فإذا هو علي عليه‌السلام فاستقبله والتزمه وقبله وقال : بأبي أنت وامي اقصد في مسيرك حتى أكون أنا الذي ابشر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن رسول الله من أمرك في غم شديد وهم ، فقال له علي عليه‌السلام : نعم ، فانطلق أبوذر مسرعا حتى أتى النبي (ص) فقال : البشرى ، قال : وما بشراك يا أباذر؟ قال : قدم علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقا له : لك بذلك الجنة ، ثم ركب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وركب معه الناس فلما رآه أناخ ناقته (٤) ، ونزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلتقاه والتزمه (٥) وعانقه ووضع خده على منكب علي ، وبكى النبي (ص) فرحا بقدومه وبكى علي عليه‌السلام معه ، ثم قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما صنعت بأبي أنت وامي؟ فإن الوحي ابطئ علي في أمرك ، فأخبره بما صنع ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان الله عزوجل أعلم بك مني حين أمرني بإرسالك.

____________________

(١) في المصدر : ان يعلم.

(٢) وربما يؤيد ذلك ما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة العلم وعلى بابها.

(٣) في ( ك ) : واستقبل.

(٤) في ( ك ) : وركب معه الناس يستقبل عليا ، فاذا نظر اليه على رآه أناخ ناقته.

(٥) اى اعتنقه.

٢٨٩

ومن كتاب ابن أشناس البزاز من طريق رجال أهل الخلاف في حديث آخر : أنه لما وصل مولانا علي عليه‌السلام إلى المشركين بآيات براءة لقيه خراش بن عبدالله أخوه عمروبن عبدالله ـ وهو الذي قتله علي عليه‌السلام مبارزة يوم الخندق ـ وشعبة بن عبدالله أخوه فقال لعلي عليه‌السلام [ على ] ما تسيرنا يا علي أربعة أشهر!؟ بل برئنا منك ومن ابن عمك إن شئت إلا من الطعن والضرب ، وقال شعبة : ليس بيننا وبين ان عمك إلا السيف والرمح وإن شئت بدأنا بك ، فقال علي عليه‌السلام : أجل أجل إن شئت فهلموا.

وفي حديث آخر من الكتاب قال : وكان علي عليه‌السلام ينادي في المشركين بأربع : لا يدخل مكة مشرك بعد مأمنه ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول عهد فعهدته إلى مدته.

وقال في حديث آخر : وكانت العرب في الجاهلية تطوف بالبيت عراة ويقولون : لا يكون علينا ثوب حرام ولا ثوب خالطه إثم ، ولا نطوف إلا كما ولدتنا امهاتنا! وقال بعض نقلة هذا الحديث : إن قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديث الناني لابي بكر : « أنت صاحبي في الغار » لما اعتذر عن إنفاذه إلى الكفار ، ومعناه : إنك كنت معي في الغار فجزعت ذلك الجزع حتى أنني (١) سكنتك وقلت لك : لاتحزن ، وما كان قددنا شر لقاء المشركين ، وما كان لك اسوة (٢) بنفسي فكيف تقوي على لقاء الكفار بسورة براءة وما أنا معك وأنت وحدك؟ ولم يكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ممن يخاف (٣) على أبي بكر من الكفار أكثر من خوفه على علي عليه‌السلام لان أبابكر ما كان جرى منه أكثر من الهرب منهم ولم يعرف له قتيل فيهم ولاجريح ، وإنما كان علي عليه‌السلام هو الذي يحتمل (٤) في المبيت على الفراش حتى سلم النبي منهم ، وهو الذي قتل منهم في كل حرب ، فكان الخوف على علي عليه‌السلام من القتل أقرب إلى العقل (٥).

____________________

(١) في المصدر : انى.

(٢) الاسوة : القدوة. اى لم تقتد بنفسى وقد امرالله تعالى بذلك حيث قال : ( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ) الاحزاب : ٢١.

(٣) في ( ك ) : مما يخاف.

(٤) كذا في النسخ والمصدر ، والصحيح ( احتمل ) اى اطاقه وصبر عليه.

(٥) اقبال الاعمال : ٣١٨ ـ ٣٢١.

٢٩٠

٧ ـ فس : أبي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة و كان سنة من العرب في الحج أنه من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها ، وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف ، فكان من وافى مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يرده ، ومن لم يجد عارية اكترى ثيابا ، ومن لم يجد (١) عارية ولاكرى (٢) ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا! فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عارية أوكرى فلم تجده ، فقالوا لها : إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها ، فقالت : وكيف أتصدق وليس لي غيرها؟ فطافت بالبيت عريانة ، وأشرف لها الناس ، فوضعت إحدى يديها على قبلها والآخر على دبرها ، وقالت مرتجزة :

اليوم يبدو بعضه أو كله

فما بدا منه فلا احله

فلما فرغت من الطواف خطبها (٣) جماعة فقالت : إن لي زوجا ، وكانت سيرة رسول الله قبل نزول سورة براءة أن لا يقتل إلا من قتله (٤) ولا يحارب إلا من حاربه وأراده ، وقد كان نزل عليه في ذلك من الله عزوجل : « فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (٥) » فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه (٦) واعتزله حتى نزلت عليه سورة براءة ، وأمره بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلا الذين قد كان عاهدهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة إلى مدة ، منهم : صفوان بن امية وسهيل بن عمرو ، فقال الله عزوجل : « براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من

____________________

(١) « : ومن لم يقدر.

(٢) اى ما يستأجره.

(٣) اى طلبها إلى التزويج.

(٤) في المصدر : ان لا يقاتل الا من قاتله. وهو الصحيح.

(٥) النساء : ٩٠.

(٦) في المصدر : حين قد تنحى عنه.

٢٩١

المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر » ثم يقتلون حيث ما وجدوا ، فهذه أشهر السياحة : عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرا من شهر ربيع الآخر ، فلما نزلت الآيات من اولى براءة (١) دفعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر ، فلما خرج أبوبكر نزل جبرئيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أميرالمؤمنين عليه‌السلام في طلبه ، فلحقه بالروحاء فأخذمنه الآيات ، فرجع أبوبكر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أنزل في شئ؟ قال : أمرني ربي (٢) أن لا يؤدي عني إلا أنا أورجل مني. قال : وحدثني أبي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني عن الله أن لا يطوف بالبيت عريان ، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام ، وقرأ عليهم « براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر » فأجل الله للمشركين الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم ثم يقتلون حيث ما وجدوا.

قال : وحدثني أبي ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن حكيم بن جبير ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام في قوله : « وأذان من الله ورسوله » قال : الاذان أميرالمؤمنين عليه‌السلام وفي حديث آخر : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : كنت أنا الاذان في الناس (٣).

٨ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن الحارث بن مغيرة النصري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر » فقال : إسم نحله (٤) الله

____________________

(١) في المصدر : من اول براءة.

(٢) في المصدر : قال : لا ، ان الله امرنى اه.

(٣) تفسير القمى : ٢٥٧ و ٢٥٨.

(٤) نحل الرجل شيئا : أعطاه.

٢٩٢

عزوجل عليا صلوات الله عليه من السماء لانه هو الذي أدى عن رسول الله براءة ، وقد كان بعث بها مع أبي بكر أولا فنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا محمد إن الله يقول لك : إنه لا يبلغ عنك إلا أنت أورجل منك ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك عليا عليه‌السلام فلحق أبابكر وأخذ الصحيفة من يده ومضى بها إلى مكة ، فسماه الله تعالى أذانا من الله ، إنه اسم نحله الله من السماء لعلي عليه‌السلام (١).

٩ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن القاشاني ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر » فقال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : كنت أنا الاذان (٢) ، قلت : فما معنى هذه اللفظة « الحج الاكبر »؟ قال : إنما سمي الاكبر لانها كانت سنة حج فيها المسلمون والمشركون ، ولم يحج المشركون بعد تلك السنة (٣).

١٠ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن أبي الجارود ، عن حكيم بن جبير ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : « وأذان من الله ورسوله » قال : الاذان علي عليه‌السلام (٤).

شى : عن حكيم مثله.

بيان : الاذان : الاعلان ، ويحتمل أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل ، أو يكون المعنى أن المؤذن بذلك الاذان كان عليا عليه‌السلام.

١١ ـ فس : « قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها (٥) » أي كسبتموها ، لما أذن أميرالمؤمنين عليه‌السلام بمكة (٦) أن لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام جزعت قريش جزعا شديدا وقالوا : ذهبت تجارتنا

____________________

(١) معانى الاخبار : ٢٩٨.

(٢) في المصدر : كنت أنا الاذان في الناس.

(٣) علل الشرائع : ١٥٢.

(٤) معانى الاخبار : ٢٩٧ و ٢٩٨.

(٥) التوبة : ٢٤.

(٦) ليست كلمة ( بمكة ) في المصدر.

٢٩٣

وضاعت عيالنا ، وخربت دورنا ، فأنزل الله عزوجل في ذلك « قل » يا محمد « إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم » إلى قوله : « والله لا يهدي القوم الفاسقين (١) ».

١٢ ـ ير : علي بن محمد ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبدالله محمد اليماني ، عن منيع عن يونس ، عن علي بن أعين ، عن أخيه ، عن جده ، عن أبي رافع قال : لما بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ببراءة مع أبي بكر أنزل الله عليه : تترك من ناجيته غير مرة وتبعث من لم اناجه؟ فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ براءة منه ودفعها إلى علي عليه‌السلام فقال له علي : أوصني يا رسول الله ، فقال له : إن الله يوصيك ويناجيك ، قال : فناجاه يوم براءة قبل صلاة الاولى إلى صلاة العصر (٢).

١٣ ـ شى : عن جابر ، عن محمد بن علي عليه‌السلام قال : لما وجه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه‌السلام وعمار بن ياسر إلى أهل مكة قالوا : بعث هذا الصبي ولو بعث غيره إلى أهل مكة وفي مكة صناديد (٣) قريش ورجالها! والله الكفر أولى بنا مما نحن فيه! فساروا وقالوا لهما وخو فوهما بأهل مكة وغلظوا عليهما الامر ، فقال علي عليه‌السلام : « حسبنا الله ونعم الوكيل » فمضيا ، ولما دخلا مكة أخبر الله نبيه بقولهم لعلي وبقول علي لهم ، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه ، وذلك قول الله تعالى : « الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (٤) » وإنما نزلت : ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا : إن أبا سفيان وعبدالله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فزادهم إيمانا وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل (٥).

١٤ ـ شى : عن داود بن سرحان عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان الفتح في سنة ثمان وبراءة في سنة تسعة ، وحجة الوداع في سنة عشر (٦).

____________________

(١) تفسير القمى : ٢٦٠.

(٢) بصائر الدرجات : ١٢١.

(٢) جمع الصنديد ـ بكسر الصاد ـ السيد الشبجاع.

(٤) آل عمران : ١٧٣ و ١٨٤.

(٥ و ٦) تفسير العياشى مخطوط.

٢٩٤

١٥ ـ شى : عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبابكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس ، فنزل جبرئيل فقال : لايبلغ عنك إلا علي عليه‌السلام فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا فأمره أن يركب ناقته العضباء (١) ، وأمره أن يلحق أبابكر فيأخذ منه براءة ويقرأه على الناس بمكة ، فقال أبوبكر : أسخطة (٢)؟ فقال : لا إلا أنه انزل عليه أنه لا يبلغ إلا رجل منك فلم قدم علي عليه‌السلام مكة ـ وكان يوم النحر بعد الظهرو هو يوم الحج الاكبر ـ قام ثم قال : إني رسول رسول الله إليكم ، فقرأها عليهم « براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر » عشرين من ذي الحجة ، والمحرم ، وصفر ، وشهر ربيع الاول ، وعشرا من ربيع الآخر (٣). وقال : لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك ، ألا من كان له عهد عند رسول الله ، فمدته إلى هذه الاربعة الاشهر.

وفي خبر محمد بن مسلم : فقال : يا علي هل نزل في شئ منذ فارقت رسول الله؟ قال : لا ولكن أبي الله أن يبلغ عن محمد إلا رجل منه ، فوافى الموسم فبلغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة ويوم النحر عند الجمار ، وفي أيام التشريق ، كلها ينادي « براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر » ولا يطوفن بالبيت عريان (٤).

١٦ ـ شى : عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا والله ما بعث رسول الله (ص) أبابكر ببراءة لهوا كان يبعث بها معه ثم يأخذها منه (٥) ، ولكنه استعمله على الموسم ، وبعث بها عليا عليه‌السلام بعد ما فصل أبوبكر عن الموسم ، فقال لعلي حين بعثه : إنه لا يؤدي عني إلا أنا وأنت (٦).

____________________

(١) بالعين المهملة والضاد المعجمة لقب ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما قاله في القاموس ١ : ١٠٥.

(٢) السخط ـ بضم السين وسكون الخاء ، وضمهما ، وفتحهما ـ : ضد الرضى ، وقيل : انه لا يكون الا من الكبراء والعظماء.

(٣) في ( م ) و ( ح ) : من شهر ربيع الاخر.

(٤ و ٦) تفسير العياشى مخطوط.

(٥) أقول : وفى نسخة البرهان : ولو كان بعث بها معه لم يأخذها منه ( ب )

٢٩٥

١٧ ـ شى : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : خطب علي الناس واخترط سيفه (١) وقال : لا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يحجن بالبيت مشرك ولا مشركة ، ومن كانت له مدة فهو إلى مدته ، ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر ، وكان خطب يوم النحر ـ وكانت (٢) عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرا من شهر ربيع الآخر ـ وقال : يوم النحر يوم الحج الاكبر.

وفي خبر أبي الصباح عنه عليه‌السلام : فبلغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة وعند الجمار في أيام الموسم كلها ، ينادي « براءة من الله ورسوله » لا يطوفن عريان ، ولا يقرين المسجد الحرام بعد عامنا هذا مشرك (٣).

١٨ ـ شى : عن حسن ، عن علي عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حين بعثه ببراءة قال : يا نبي الله إني لست بلسن (٤) ولا بخطيب ، قال إما أن أذهب بها أو تذهب بها أنت ، قال : فإن كان لابد فسأذهب أنا (٥) ، قال : فانطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك ، ثم وضع يده على فمه (٦) وقال : انطلق فاقرءها على الناس ، وقال : الناس سيتقاضون إليك ، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتى تسمع الآخر ، فإنه أجدر أن تعلم الحق (٧).

١٩ ـ شى : عن حكيم بن الحسين ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : والله إن لعلي لاسما في القرآن ما يعرفه الناس ، قال : قلت : وأي شئ تقول جعلت فداك؟ فقال لي : « وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر » قال : فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أميرالمؤمنين عليه‌السلام وكان علي عليه‌السلام هو والله المؤذن ، فأذن بإذن الله ورسوله يوم الحج الاكبر من المواقف كلها. فكان ما نادى به : أن لايطوف (٨) بعد هذا العام عريان ولا يقرب

____________________

(١) أى استله.

(٢) أى وكانت الاربعة أشهر.

(٣ و ٧) تفسير العياشى مخطوط.

(٤) اللسن : الفصيح البليغ. ولا ينافى هذا كونه عليه‌السلام أفصح الخطباء وكون كلامه تاليا تلو القرآن في الفصاحة والبلاغة ، لانه يمكن حصول ذلك له بعد نيله مرتبة الا مامة.

(٥) في ( م ) : فأذهب أنا.

(٦) في ( م ) : على فيه.

(٨) في ( م ) و ( ح ) : ألا لا يطوف.

٢٩٦

المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك (١).

٢٠ ـ شى : عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال في الاذان : هو اسم في كتاب الله لا يعلم ذلك أحد غيري (٢).

٢١ ـ م : بعث رسول الله عشر آيات من سورة براءة مع أبي بكر بن أبي قحافة فيها ذكر نبذ العهد (٣) إلى الكافرين وتجريم قرب مكة على المشركين. وأمر أبابكر على الحج ليحج بمن ضمه (٤) الموسم ويقرأ عليهم الآيات فلما صدر عنه أبوبكر جاءه المطوق بالنور جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد إن العلي الاعلي يقرء عليك السلام ويقول لك (٥) يا محمد لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك فابعث عليا ليتناول الآيات ، فيكون هو الذب ينبذ العهود ويقرأ الآيات. وقال جبرئيل : يا محمد ما أمرك ربك بدفعها إلى علي ونزعها من أبي بكر سهوا ولا شكا ولا استدراكا على نفسه غلطا ولكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين أن المقام الذي يقومه أخوك علي عليه‌السلام لن يقومه غيره سواك يا محمد وإن جلت في عيون هؤلاء الضعفاء من امتك مرتبته وشرفت عندهم منزلته ، فلما انتزع علي عليه‌السلام الآيات من يده لقي أبوبكر بعد ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : بأبي أنت وامي لموجدة (٦) كان نزع هذه الآيات مني؟ (٧) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ولكن العلي العظيم أمرني أن لا ينوب عني إلا من هو مني وأما أنت فقد عوضك الله بما حملك (٨) من آياته وكلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة أما إنك إن دمت على موالاتنا ووافيتنا في عرصات القيامة وفيا بما أخذنا به عليك من العهود والمواثيق فأنت من خيار شيعتنا وكرام أهل مود تنا فسري (٩) بذلك عن أبي بكر.

____________________

(١ و ٢) تفسير العياشى مخطوط؟

(٣) اى نقضه.

(٤) في المصدر : بمن معه.

(٥) في المصدر : ويقول يا محمد لا يؤدى اه.

(٦) الموجدة : الغضب.

(٧) في المصدر : بابى أنت وامى يا رسول الله أنت أمرت عليا أن أخذ هذه الايات من يدى؟

(٨) في المصدر : فقد عوضك الله بما قد حملك.

(٩) سرى عنه : زال عنه ما كان يجده من الغضب أو الهم.

٢٩٧

قال : فمضى علي عليه‌السلام لامر الله ، ونبذ العهود إلى أعداء الله ، وأيس المشركون من الدخول بعد عامهم ذلك إلى حرم الله ، وكانوا عددا كثيرا وجما غفيرا (١) ، غشاهم الله نوره ، وكساه فيهم هيبة (٢) وجلالا لم يجسروا معها على إظهار خلاف ولا قصد بسوء قال و ذلك قوله « ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه (٣) » في مساجد (٤) خيار المؤمنين بمكة لما منعوهم من التعبد فيه بأن ألجؤوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الخروج عن مكة « وسعى في خرابها » خراب تلك المساجد لئلا يقام فيها بطاعة الله (٥) ، قال الله تعالى : « اولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين » أن يدخلوا بقاع تلك المساجد في الحرم إلا خائفين من عذابه (٦) وحكمه النافذ عليهم ، أن يدخلوها كافرين بسيوفه وسياطه « لهم » لهوءلاء المشركين « في الدنيا خزي » وهو طرده إياهم عن الحرم ومنعم أن يعودوا إليه « ولهم في الآخرة عذاب عظيم » (٧).

٢٢ ـ كشف : من مسند أحمد بن حنبل مرفوعا إلى أبي بكر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث (٨) ببراءة إلى أهل مكة : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسوله الله مدة فأجله إلى مدته ، والله برئ من المشركين ورسوله ، قال : فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي : الحقه فرد علي أبابكر وبلغها أنت ، قال : ففعل ، قال : فلما قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبوبكر بكى فقال : يا رسول الله حدث في شئ؟ قال : ما حدث فيك شئ (٩) ولك أمرت أن لايبلغه إلا أنا أو رجل مني (١٠).

____________________

(١) يقال جاؤواجما غفيرا أى بجماعتهم الشريف والوضيع وكانت فيهم كثرة.

(٢) في ( ك ) : وكساهم فيه هيبة.

(٣) البقرة : ١١٤. وما بعدها ذيلها.

(٤) في المصدر : وهى مساجد اه.

(٥) في المصدر : لئلا تعمر بطاعة الله.

(٦) في المصدر : من عدله.

(٧) تفسير الامام : ٢٣١ و ٢٣٢.

(٨) في المصدر : ( بعثه ) وهو الصحيح أى بعث ابابكر.

(٩) في المصدر : ماحدث فيك الاخير.

(١٠) كشف الغمة : ٨٨.

٢٩٨

أقول : وروي عن أبي بكر بن مردويه مثله.

١٣ ـ فر : علي بن حمدون معنعنا ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : إن لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام في كتاب الله إسما ولكن لا يعرفونه ، قال : قلت : ما هو؟ قال : ألم تسمع إلى قوله تعالى : « وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر » هو والله كان الاذان (١).

٢٤ ـ فر : علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري معنعنا ، عن عيسى بن عبدالله قال : سمعت أبا عبدالله جعفر الصادق عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبابكر ببراءة ، فسار حتى بلغ الجحفة ، فبعث (٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في طلبه ، فأدركه ، فقال أبوبكر لعلي عليه‌السلام : أنزل في شئ؟ قال : لا ولكن لا يؤديه إلا نبيه أو رجل منه ، وأخذ علي عليه‌السلام الصحيفة وأتى الموسم وكان يطوف على الناس (٣) ومعه السيف ويقول : « براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الارض أربعة أشهر » فلا يطوف بالبيت عريان بعد عامه هذا ولا مشرك (٤) ، فمن فعل فإن معاتبتنا إياه بالسيف ، قال : وكان يبعثه إلى الاصنام فيكسرها ، ويقول : لا يؤدي عني إلا أنا وأنت ، فقال له يوم لحقه علي عليه‌السلام بالخندق في غزوة تبوك ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لانبي بعدي ، وأنت خليفتي في أهلي ، وأنه لا يصلح لها إلا أنا وأنت (٥).

٢٥ ـ فر : علي بن العباس البجلي معنعنا عن ابن عباس قوله تعالى : « براءة من

____________________

(١) تفسير فرات : ٥٤.

(٢) في المصدر : فسار حتى اذا بلغ الجحفة بعث اه. والجحفة ـ بتقديم المعجمة ـ كانت قرية كبيرة على طريق مكة ، على اربع مراحل ، وهى ميقات اهل مصر والشام ان لم يمروا على المدينة وكان اسمها ( مهيعة ) وسميت الجحفة لان السيل جحفها ، وبينها وبين البحرستة أميال : وبينها وبين غدير خم ميلان ( مراصد الا طلاع ١ : ٣١٥ ).

(٣) في المصدر : في الناس.

(٤) في المصدر : فلا يطوف بالبيت بعد عامنا هذا عريان ولا مشرك.

(٥) تفسر فراث : ٥٤.

٢٩٩

الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين » يقول : « براءة من الله ورسوله » من العهد « إلى الذين عاهدتم من المشركين » غير أربعة أشهر ، فلما كان بين النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبين المشركين ولث من عقود فأمرالله رسوله أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهدهم إلا من أقام الصلاة وآتى الزكاة ، فلما كانت غزوة تبوك ودخلت سنة تسع في شهر ذي الحجة الحرام من مهاجرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزلت هذه الآيات ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين فتح مكة لم يؤمر أن يمنع المشركين أن يحجوا ، وكان المشركون يحجون مع المسلمين على سنتهم في الجاهلية ، وعلى امورهم التي كانوا عليها في طوافهم بالبيت عراة ، وتحريمهم الشهور الحرم ، والقلائد (١) ، ووقوفهم بالمزدلفة (٢) ، فأراد الحج فكره أن يسمع تلبية العرب لغيرالله والطواف بالبيت عراة ، فبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبابكر إلى الموسم وبعث معه بهؤلاء الآيات (٣) من براءة ، وأمره أن يقرأها على الناس يوم الحج الاكبر ، وأمره أن يرفع الحمس (٤) من قريش وكنانة وخزاعة إلى عرفات ، فسار أبوبكر حتى نزل بذي الحليفة فنزل جبرئيل عليه‌السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إن الله : يقول : إنه لن يؤدي عني غيرك أورجل منك ـ يعني علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ فبعث النبي عليا في أثر أبي بكر ليدفع إليه هؤلاء الآيات من براءة ، وأمره أن ينادي بهن يوم الحج الاكبر ـ وهو يوم النحر ـ وأن يبرئ ذمة الله ورسوله من كل أهل عهد (٦) ، وحمله على ناقته العضباء.

فسار أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام على ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأدركه بذي

____________________

(١) في معنى القلائد اقوال والظاهر ان المرادهنا ما كان يفعله المشركون من تقليد لحاء شجر الحرم ليأمنوا به اذا خرجوا منه ، ولم يمنعهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك حين فتح مكة إلى نزول براءة.

(٢) موضع بالقرب من مكة او منى ، ويسمى جمعا لانه يجمع فيها بين المغرب والعشاء وهى ارض واسعة بين جبال دون عرفة إلى مكة ، وبها المشعر الحرام ، وهو الجبل الصغير ، في وسطها يقف الامام ، وعليه مسجد يصلى به الصبح ويقف به ثم يسير إلى منى بعد طلوع الفجر.

(٣) في المصدر : هذه الايات.

(٤) * أقول سيأتى معناه في البيان وليس بشيئ والصحيح أن الحمس احكام ابتدعتها قريش لنفسهم ودانت بها بعض القبائل كخزاعة وكنانة منها : ترك الوقوف بعرفات والا فاضة منها راجع سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٩٩. ( ب ) وفى نسخة : الجمع ، وهو المزدلفة.

(٦) في المصدر : من كل عهد.

٣٠٠