دروس في الأخلاق

الشيخ علي المشكيني

دروس في الأخلاق

المؤلف:

الشيخ علي المشكيني


الموضوع : الأخلاق
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مطبعة الهادي
الطبعة: ٥
ISBN: 964-400-023-4
الصفحات: ٢٧٩
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وأنّه : كاد الحسد أن يغلب القدر (١). ( وهذا مبالغة في تأثير عمل الحسود في زوال نعمة المحسود وقد قدرها الله تعالىٰ له ).

وأنّ آفة الدين الحسد (٢).

وأنّ الله قال لموسىٰ عليه‌السلام : « لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي ، ولا تمدّن عينيك إلى ذلك ، ولا تتبعه نفسك ، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي ، صادّ لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي » (٣).

وأنّه : لا يتمنّى الرجل إمراة الرجل ولا إبنته ، ولكن يتمنّىٰ مثلهما (٤).

وأنّ المؤمن يغبط ولا يحسد ، والمنافق يحسد ولا يغبط (٥).

وأنّ أقلّ الناس لذّةً الحسود (٦).

وأنّه : لا راحة لحسودٍ (٧).

وأنّه : لا يؤمن رجل فيه الحسد (٨).

وأنّ للحاسد ثلاث علاماتٍ : يغتاب إذا غاب ، ويتملّق إذا شهد ، ويشمت بالمصيبة (٩).

____________________________

١) المحجة البيضاء : ج ٥ ، ص ٣٢٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٢٩ ـ نور الثقلين : ج ٥ ، ص ٧٢٢.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٧ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ٨٥٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٤٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩٣.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٤٩.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٥.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٨ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ٨٦١ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٠.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٠.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٢ وج ٧٧ ، ص ٤٢١.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥١.

٩) بحار الأنوار : ج ١ ، ص ١٢٨.

٢٤١
 &

وأنّ الله يعذّب العلماء بالحسد (١).

وأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتعوّذ في كلّ يومٍ من اُمورٍ منها : الحسد (٢).

وأنّه : دبّ إليكم داء الاُمم قبلكم : الحسد (٣).

وأنّه الحالقة ، وليس بحالق الشَّعرٍ ، لكنّه حالق الدين ، ويُنجى منه : أن يكفّ الإنسان يده ، ويخزن لسانه ، ولا يكون ذا غمزٍ على أخيه المؤمن (٤).

وأنّ الحسد ممّا لم يعرمنه نبيّ فمن دونه (٥).

وأنّ الحسّاد أعداء نعم الله على العباد (٦).

وأنّ من شرّ مفاضح المرء الحسد (٧) ، والحاسد مغتاظ على من لا ذنب له (٨).

ويكفيك من الحاسد أنّه يغتمّ وقت سرورك (٩).

والحسود سريع الوثبة بطئ العطفة (١٠).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٢.

٢) نفس المصدر السابق.

٣) معاني الأخبار : ص ٣٦٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٢.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٣.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٤.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٦.

٧) نفس المصدر السابق.

٨) كنز الفوائد : ج ١ ، ص ١٣٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٦ وج ٧٧ ، ص ١٦٥.

٩) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٥٦.

١٠) نفس المصدر السابق.

٢٤٢
 &

الدّرس السّادس والأربعون

في الغضب

الغضب : ثوران النفس واشتعالها لإرادة الانتقام ، ويستخرجه الكبر والحسد والحقد الدفينات في باطن النفس ، فالغضب من حالات النفس وصفاتها ومن آثاره صدور الأفعال والحركات غير العاديّة من صاحبه.

والغضب منه تعالىٰ : هو الإنتقام دون غيره فهو في الإنسان في صفات الذات ، وفي الله تعالىٰ من صفات الفعل ، ولذا يتّصف تعالىٰ بوجوده وعدمه ، وتتوجّه هذه القوّة عند ثورانها تارةً إلى دفع المؤذي قبل وقوعه ، وأخرىٰ إلى الانتقام لأجل التّشفّي بعد وقوعها والإنتقام قوت هذه القوّة ، وفيه شهوتها ولذّتها ولا تسكن إلّا به ، ولهذه القوة درجات ثالث :

حالة التفريط المذمومة : كضعفها في النفس بحيث لا يغضب فيما هو محمود فيه عقلا وشرعاً : كموارد دفع الضرر عن نفسه ، والجهاد مع أعداء الدين ، وموارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها.

٢٤٣
 &

وحالة الإفراط المذمومة أيضاً : كإظهارها بالشتم والضرب والإتلاف والقتل ونحوها فيما نهى العقل والشرع عنه.

وحالة الإعتدال : كاستعمالها فيما تقتضيه قوّة العقل وحكم الشرع ، وهذه حدّ اعتدالها واستقامتها.

وقد ورد في نصوص هذا الباب : أنّ الغضب مفتاح كلّ شرٍ (١).

وأنّ الرجل البدويّ سأل رسول الله ثلاث مرّات أن يعلّمه جوامع الكلم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كلّ مرّةٍ : آمرك أن لا تغضب (٢).

وأنّه أي شيءٍ أشدٍ من الغضب ؟ إنّ الرجل يغضب فيقتل النفس التي حرّم الله ، ويقذف المحصنة (٣).

وأنّه مكتوب في التوراة : يا موسىٰ ، أمسك غضبك عمّن ملّكتك عليه أكفّ عنك غضبي (٤).

وأنّه : أوحىٰ الله إلى بعض أنبيائه : يا ابن آدم ، أذكرني في غضبك أذكرك في غضبي ، لا أمحقك فيمن أمحق ، وارضَ بي منتصراً ، فإنّ انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك (٥).

وأنّ هذا الغضب جمرة من الشيطان توقد في قلب ابن آدم. وأنّ أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه وانتفخت أوداجه ، ودخل الشيطان فيه (٦).

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٣ ـ الخصال : ص ٧ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٨٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٦٣ وج ٧٨ ، ص ٣٧٣.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٧٤.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٦٥.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٦٧ و ٢٧٥.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٧٦ و ٣٠٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩١ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٧٦.

٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٤ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٨٩ ـ بحار الأنوار : ج ٦٣ ، ص ٢٦٥ و

٢٤٤
 &

وأنّ الغضب ممحقة لقلب الحكيم (١).

ومن لم يملك غضبه لم يملك عقله (٢).

وأنّ من كفّ غضبه عن الناس ستر الله عورته وكفّ عنه عذاب يوم القيامة (٣).

وأنّ الرجل ليغضب فما يرضىٰ أبداً حتّىٰ يدخل النار فأيّما رجلٍ غضب فليجلس من فوره ، فإنّه سيذهب رجز الشيطان ، وإذا غضب على ذي رحمٍ فليمسّه ، فإنّ الرحم إذا مُسّت سكنت (٤).

وأنّه إذا غضب وهو قائم فليجلس وإن كان جالساً فليقم (٥).

تذييل : يُعرف ممّا ذكر من تعريف الغضب أنّ المراد به هو : الناشىء عمّا يتعلّق بنفسه ممّا يكرهه ويسوئه حقّاً كان ذلك ، كغضبه على من آذاه وضيّع حقّاً من حقوقه ، أو باطلاً : كغضب أكثر الملوك والجبابرة على الناس فيما لا سلطان لهم عليه.

وأمّا الغضب الحاصل بحقٍّ : كغضب أولياء الله على أعدائه وعلى العصاة المرتكبين للمعاصي من عباده لكفرهم وعنادهم ولفسقهم وعصيانهم ، فهو أمر آخر ، وهو ممدوح مطلوب ، وإعماله في الخارج بالقيام على أمر الجهاد وبإقامة مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أن تقع المعاصي وتصدر الكبائر من أهلها ، وبإجراء حدود الله تعالىٰ وتعزيراته بعد وقوعها وصدورها ، فهو واجب في

____________________________

ج ٧٣ ، ص ٢٧٨.

١) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٥ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٨٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٧٨ و ج ٧٨ ، ص ٢٥٥.

٢) المحجة البيضاء : ج ٥ ، ص ٢٩٣.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٣ و ٣٠٥ ـ ثواب الأعمال : ص ١٦٢ ـ المحجة البيضاء : ج ٥ ، ص ٢٩١ و ٢٩٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٨٨ و ٢٨٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٦٤ و ٢٨٠.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٢ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٨٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٦٧.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٧٢.

٢٤٥
 &

الشريعه. والغضب الحاصل لهم من أفضل السجايا ، والعمل الصادر منهم على طبقه من أفضل العبادات ، وليس للمتصدّي لتلك الأمور ، المجري لها بأمر الله العفو والإغماض إلّا في موارد رخّص فيه الشرع ذلك ، وتفصيله في باب الحدود والتعزيرات من الفقه.

٢٤٦
 &

الدّرس السّابع والأربعون

في العصبيّة والحميّة

عصب الشيء عصباً من باب ضرب ، شدّه بالعَصَب والحبل ، والعَصَب بفتحتين : أطناب منتشرة في الجسم كلّه وبها تكون الحركة والحسّ ، والعصبية قد استعير للتحامي عن الشيء وأخذ جانبه والمدافعة عنه والمراد بها هنا : حالة حبّ وعلقة باطنة في النفس تدعوا صاحبها إلى التحامي عن مورد حبّه ومتعلّق ودّه.

وتنقسم إلى قسمين : مذموم وممدوح ، والأوّل هو ما يقتضي التحامي عن الشيء بغير حقٍ ، كأن يتحامىٰ عن قومه وعشيرته وأصحابه في ظلمهم وباطلهم ، أو عن مذهبه وملّته مع علمه بفساده ، أو عن مطلب ومسألة بلا علمٍ بصحّته ، أو مع العلم ببطلانه لكونه قوله ومختاره مثلاً وهكذا.

والثاني : هو التعصّب في الدين والحماية عنه ، وكذا في كلّ أمر حقّ كالعلوم والمعارف الاسلاميّة والأعمال والسنن الدينيّة التي قد علم صحّتها وحقيقتها ، بل

٢٤٧
 &

والحماية عن أهل الحقّ والدين ودعاتهما ورعاتهما ، وكذا التحامي عن الأقوام وغيرهم مع العلم بحقّيّتهم وصدقهم. ثمّ إنّ ممّا يلازم العصبيّة التفاخر بما يتعصّب له وحكمه حكمها.

وقد ورد في النصوص : أنّه من تعصّب أو تُعُصِّبَ له فقد خلع ربقة الأيمان من عنقه (١) ( الربقة : عروة الحبل والحديث ذو مراتب ، فمن ادّعىٰ مقاماً ليس له كالنبوّة والإمامة والقضاوة ونحوها وتحامىٰ عنه غيره قولاً أو عملاً أو قلباً ، فكلاهما خلعا ربقة الإيمان من عنقهما أي : خرجا عن الإيمان بالكلّيّة في بعض الموارد أو عن كماله في بعضها الآخر ).

وأنّه : من كان في قلبه حبّة من خردلٍ من عصبيّة بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة (٢).

وأنّ من تعصّب عصّبه الله بعصابةٍ من نارٍ (٣).

وأنّ العصبيّة التي يأثم صاحبها : أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين وليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه ، ولكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظلم (٤).

وأنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتعوّذ في كلّ يوم من الحميّة.

وأنّ الله يعذّب العرب بالعصبيّة (٥).

____________________________

١) وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٨٣.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٨٤.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٨ ـ جامع الأخبار : ص ١٦٢.

٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٨٨.

٥) الكافي : ج ٨ ، ص ١٦٢ ـ الخصال : ص ٣٢٥ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩٧ ـ بحار الأنوار : ج ٢ ، ص ١٠٨ وج ٧٢ ، ص ١٩٠ وج ٧٥ ، ص ٣٣٩ وج ٧٨ ، ص ٥٩.

٢٤٨
 &

وأنّه أهلك الناس ، طلب الفخر (١).

وأنّه : ألق من الناس المفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم (٢).

وأنّ الفخر بالأنساب من عمل الجاهليّة (٣).

وأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب يوم فتح مكّة ، وقال : إنّ الله قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهليّة والتفاخر بآبائها وعشائرها ، إنّكم من آدم ، وآدم من طين ، وخيركم أتقاكم (٤).

وأنّه ما لابن آدم والفخر ، أوّله نطفة وآخره جيفة (٥).

____________________________

١) الخصال : ص ٦٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣٩.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٩١.

٣) وسائل الشيعة : ج ٥ ، ص ١٦٩ وج ١١ ، ص ٣٣٥ ـ بحار الأنوار : ج ٥٨ ، ص ٣١٥ وج ٧٣ ، ص ٢٩١.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٩٣.

٥) نهج البلاغة : الحكمة ٤٥٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٩٤.

٢٤٩
 &

دروس في الأخلاق ـ المشكيني

٢٥٠
 &

الدّرس الثّامن والأربعون

في البخل

البخل : إمساك المال وحفظه في مورد لا ينبغي إمساكه ، ويقابله الجود ، والبخيل من يصدر منه ذلك ، والمراد به في المقام هو : الحالة الباطنيّة والصفة العارضة على النفس ، الباعثة على الإمساك والمانعة عن الإنفاق. والشّحّ : أيضاً هو البخل ، وقيل : هو البخل مع الحرص ، فيحفظ الموجود ويطلب غير الموجود.

وهذه الصفة من أقبح صفات النفس وأخبثها ، ولها مراتب مختلفة في قبحها الخُلقي وحرمتها التكليفيّة ، فإنّه : إمّا أن يبخل عن بذل النفس ، أو عن بذل المال ، وأيضا : إمّا أن يبخل عن حقوق الله ، أو عن حقوق الناس وأيضاً : إمّا أن يبخل عن الواجب منها أو عن المندوب ، وعليه ففي موارد إطلاق ما دلّ على ذمّ البخل لا يعلم مرتبة الذّم وسنخ الحكم ما لم يعلم متعلّق الصفة.

وقد قال تعالىٰ في الكتاب الكريم في وصف المتكبّرين : ( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ

٢٥١
 &

وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ) (١) وقال : ( أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ) (٢) وقال : ( قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ) (٣) وقال : ( هَا أَنْتُمْ هَـٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ) (٤). وقال : ( مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ) (٥).

وورد في نصوص الباب أنّه : إن كان الخلف من الله فالبخل لماذا ؟ (٦).

وأنّ أقلّ الناس راحةً البخيل ، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عليه (٧).

وأنّ العجب ممّن يبخل بالدنيا وهي مقبلة عليه ، أو يبخل وهي مدبرة عنه ، فلا الإنفاق مع الإقبال يضرّه ولا الإمساك مع الإدبار ينفعه (٨).

وأنّ الجنّة حرّمت على البخيل (٩).

وأنّ البخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا ، من تعلّق بغصنٍ منها قاده ذلك الغصن إلى النار (١٠).

وأنّ البخيل من منع حقّ الله ، وأنفق في غير حقّ الله (١١).

____________________________

١) النساء : ٣٧.

٢) النساء : ٥٣.

٣) الإسراء : ١٠٠.

٤) محمّد : ٣٨.

٥) القلم : ١٢.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٠.

٧) نفس المصدر السابق.

٨) نفس المصدر السابق.

٩) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠١.

١٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٣.

١١) معاني الأخبار : ص ٢٤٦ ـ وسائل الشيعة : ج ٦ ، ص ٢٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٥ وج ٩٦ ، ص ١٦.

٢٥٢
 &

وأنّ البخيل من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ (١).

وأنّ البخيل من بخل بالسلام (٢).

وأنّ البخل عار (٣).

وأنّه جامع لمساوي العيوب ، وهو زمام يقاد به إلى كلّ سوءٍ (٤).

وأنّ البخيل بعيد من الله بعيد من الناس ، قريب من النار (٥).

وأنّ الله يقول : « أيّما عبدٍ هديته إلى الإيمان وحسّنت خلقه ولم ابتله بالبخل فإنّي اُريد به خيراً » (٦).

وأنّ شراركم بخلاؤكم (٧).

وحسب البخيل من بخله سوء الظنّ بربّه (٨).

وأنّه لا تُشاور البخيل فإنّه يقصر بك عن غايتك (٩).

وأنّ الشحيح أشدّ من البخيل ، إنّ البخيل يبخل بما في يديه ، والشحيح بما في أيدي الناس ، فلا يرىٰ في أيديهم إلّا تمنّىٰ أن يكون له بالحلّ والحرام ولا يشبع ، ولا يقنع بما رزقه الله (١٠).

____________________________

١) معاني الأخبار : ص ٢٤٦ ـ وسائل الشيعة : ج ٤ ، ص ١٢٢٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٦ و ج ٩٤ ، ص ٥٥.

٢) معاني الأخبار : ص ٢٤٦ ـ وسائل الشيعة : ج ٨ ، ص ٤٣٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٥ و ج ٧٦ ، ص ٥ وج ٧٨ ، ص ١٢٠.

٣) نهج البلاغة : الحكمة ٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٧.

٤) نهج البلاغة : الحكمة ٣٧٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٧.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٨.

٦) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٧.

٧) نفس المصدر السابق.

٨) نفس المصدر السابق.

٩) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٤.

١٠) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٦.

٢٥٣
 &

وأنّ الصادق عليه‌السلام دعا في الطواف : اللّهم قِنِى شحّ نفسي ، فُسئل عن ذلك فقال : أيّ شيء أشدّ من شحّ النفس ؟ (١) إنّ الله يقول : ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٢).

وأنّه : ما محق الإيمان محق الشّحّ شيء (٣).

وأنّ الشّحّ هو : أن ترىٰ ما في يديك شرفاً وما أنفقت تلفاً (٤).

وأنّ لهذا الشّحّ دبيباً كدبيب النمل وشُعباً كشعب الشرك (٥).

وأنّه لا يجتمع الشّحّ والإيمان في قلب عبدٍ أبداً (٦).

وأنّ الشّحّ المطاع من الموبقات.

وأنّ الشحيح إذا شحّ منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وإقراء الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البرّ ، وحرام على الجنّة أن يدخلها شحيح.

وأنّه : إيّاكم والشّحّ ، فإنّما هلك من كان قبلكم بالشّحّ ، أمرهم بالكذب فكذبوا ، وأمرهم بالظلم فظلموا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا ، ودعاهم حتّىٰ سفكوا دماءهم ، ودعاهم حتّىٰ انتهكوا واستحلّوا محارمهم (٧). ( أمر الشّحّ بذلك ، كناية عن اقتضاء هذه الرذيلة تحقّق تلك المعاصي ، والجري على وفق ذلك الاقتضاء طاعة منهم ).

وأنّ هلاك آخر هذه الاُمّة بالشّحّ.

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠١ ـ نور الثقلين : ج ٥ ، ص ٣٤٦.

٢) التغابن : ١٦.

٣) الخصال : ص ٢٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠١.

٤) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٥.

٥) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠١ ـ السعدية : ص ١٦٦.

٦) الخصال : ص ٧٦ ـ وسائل الشيعة : ج ٦ ، ص ٢٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٢.

٧) الخصال : ١٧٦ ـ وسائل الشيعة : ج ٦ ، ص ٢٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٠٣.

٢٥٤
 &

الدّرس التّاسع والأربعون

في الذّنوب وآثارها

مخالفة أمر الله ونهيه والخروج عن طاعته ورضاه يسمىٰ تارةً ذنباً ؛ لكونها ذات آثار تتبعها ومفاسد تترتّب عليها ، فإنّ الذنب : أخذ ذَنَب الشيء ليجرّه إليه ، فيجرّ المذنب بذنبه مفاسد كبيرةً ، واُخرىٰ إثماً ؛ لأنّها تبطئ الإنسان عن الثواب ، وتؤخره عن الخيرات والأثم : التأخير.

وثالثةً : عصياناً ؛ لأنّ الفاعل عمل ما يجب عليه أن يحفظ نفسه من هجمة العذاب والحوادث فإنّ العصيان التمنّع بالعصاء.

ورابعةً : طغياناً ؛ لأنّ الفاعل خرج عن الحدّ ، إذ الواجبات والمحرّمات حدود الله والطغيان هو : الخروج عن الحدّ.

وخامسةً : فسقاً ؛ لأنّ العاصي خرج عن محيط منع الشارع كما يقال فسق التّمر إذا خرج عن قشره.

٢٥٥
 &

وسادسةً : جرماً وإجراماً ، فإنّ العامل جنىٰ ثمراً مرّاً أو كسب سيّئاً ، فإنّ الجرم قطع الثمر عن الشجر أو كسب السّيء.

وسابعةً : سيّئةً ؛ لأنها فعلة قبيحة يحكم العقل والشرع بقبحها.

وثامنةً : تبعةً ؛ لكونها ذات تبعاتٍ مستوخمةٍ وتوالي مضرّةٍ مهلكةٍ.

وتاسعةً : فاحشةً ؛ لعظم قبحها وشناعتها والفاحشة : هي الشيء العظيم قبحه.

وعاشرةً : منكراً ؛ لأنّ العقل والشرع ينكرها ولا يجوز ارتكابها ويوجب إنكارها والنهي عنها.

وبالجملة : مخالفة الله تعالىٰ ومعصيته والخروج عن طاعته من الأمور التي تنطق العقول بذمّها وقبحها وتؤكّد الآيات والنذر على الاجتناب عنها ، ويصرّح الكتاب والسنّة بترتّب المضارّ والمفاسد عليها ، وكونها موبقةً للنفس مهلكةً لها بهلاكٍ معنويٍ دائم وشقاوةٍ اُخرويّةٍ أبديّةٍ أعاذنا الله منها.

والآيات والأخبار الواردة في المقام على أقسام :

منها : ما يرجع إلى النهي عن نفس العصيان وبيان شدّة قبحه ولزوم مراقبة النفس لكيلا تقع فيه.

ومنها : ما يبيّن مضارّها ومفاسدها التي ترجع إلى باطن العاصي وهلاك نفسه وانحطاطها عن مرتبة الانسانية.

ومنها : ما يشير إلى آثاره الراجعة إلى دنياه من المصائب والمكاره ، والحوادث المتعلّقة ببدنه وماله وأهله.

ومنها : ما يشير إلى تأثير العصيان في البلاد والعباد ، أي : تأثيره في المجتمع الذي يقع فيه في أنفسهم وأراضيهم وبلادهم.

٢٥٦
 &

ومنها : ما يشير إلى تأثيره في آخرته وعذابها.

فمّا يدلّ على أصل النهي والذّم قوله تعالىٰ : ( لَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (١).

وقوله : ( وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (٢).

وقوله : ( لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (٣).

وقوله : ( وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) (٤) وقوله : ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) (٥) وقوله : ( بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ) (٦).

وورد في النصوص أنّ أشدّ الناس اجتهاداً ، من ترك الذنوب (٧). وأنّه : إن أردت أنْ يختم بخيرٍ عملك حَتّى تقبض وأنت في أفضل الأعمال فعظّم لله حقّه أن تبذل نعماءه في معاصيه (٨).

وأنّ الله قال : يابن آدم ، ما تنصفني أتحبّب إليك بالنعم وتتمقّت إليّ بالمعاصي ، خيري عليك منزلٌ وشرّك اليّ صاعد ، ولا يزال مَلَكٌ كريم يأتيني عنك في كلّ يومٍ وليلةٍ بعملٍ قبيح. يابن آدم ، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من

____________________________

١) الأنعام : ١٥١.

٢) النحل : ٩٠.

٣) النور : ٢١.

٤) الفرقان : ٥٨.

٥) العنكبوت : ٤.

٦) الحجرات : ١١.

٧) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٤٧.

٨) بحار الأنوار : ج ٧٤ ، ص ٣٠٣.

٢٥٧
 &

الموصوف لسارعت إلى مقته (١).

وأنّ الله أخفىٰ سخطه في معصيته ، فلا تستصغرنّ شيئاً منها فربّما وافق سخطه وأنت لا تعلم (٢).

وأنّ الوسواس الخنّاس قال لكبيره إبليس بعد نزول آية التوبة في حقّ العاصين : أنا أعدهم واُمنّيهم حتّىٰ يواقعوا الخطيئة ، فإذا واقعوها أنسيتهم الاستغفار ، فوكله إبليس لذلك إلى يوم القيامة (٣).

وأنّه لا تحقّروا شيئاً من الشرّ وإن صغر في أعينكم ، فإنّه لا صغيرة مع الإصرار (٤).

وأنّ من الذنوب التي لا تغفر ، قول الرجل : يا ليتني لا اُؤاخذ إلّا بهذا (٥).

وأنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّي لأرجو النجاة لهذه الأمّة إلّا للفاسق المعلن (٦).

وأنّ من لم يُبال أن يراه الناس مسيئاً فهو شرك شيطانٍ (٧).

وأنّه إذا أخذ القوم في معصية الله : فإن كانوا ركباناً كانوا من خيل إبليس ، وإن كانوا رجّالةً كانوا من رجّالته (٨).

وأنّ الله يحبّ العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم ويبغض العبد أن يستخفّ

____________________________

١) عيون أخبار الرضا (ع) : ج ٢ ، ص ٢٨ ـ الأمالي : ج ٢ ، ص ١٨٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٥٢ و ج ٧٧ ، ص ١٩.

٢) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٤٩.

٣) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٥١.

٤) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ، ص ١٨ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٤٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٢ ، ص ٣١٤ وج ٧٩ ، ص ٣.

٥) الخصال : ص ٢٤ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٤٧ ـ بحار الأنوار : ج ٥٠ ، ص ٢٥٠ وج ٧٣ ، ص ٣٥٥.

٦) الخصال : ص ١١٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٧٦ وج ٧٣ ، ص ٣٥٥ وج ٧٥ ، ص ٣٣٧.

٧) غرر الحكم ودرر الكلم : ج ٤ ، ص ١٦٩.

٨) ثواب الأعمال : ص ٣٠٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٥٧.

٢٥٨
 &

بالجرم اليسير (١).

وأنّه : لا يغرّنّك ذنب الناس عن ذنبك (٢).

وأنّه لا تستقلّوا قليل الذنوب ، فإنّ قليل الذنوب يجتمع حتّىٰ يكون كثيراً (٣).

وأنّه : احذروا سطوات الله وهي أخذه على المعاصي (٤).

وأنّه : لو لم يتوعّد الله على معصيةٍ لكان يجب أن لا يعصىٰ ، شكراً لنعمه (٥).

وأنّ ترك الذنوب أهون من طلب التوبة (٦).

واتّقوا المعاصي في الخلوات ، فإنّ الشاهد حاكم (٧).

وأقلّ ما يلزمكم الله أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه (٨).

واذكروا انقطاع اللذات وبقاء التبعات (٩).

وأشدّ الذنوب ما استخفّ به صاحبه (١٠).

وأنّ في زبور داود عليه‌السلام : أنّ الله يقول : يا بن آدم ، تسألني وأمنعك لعلمي بما

____________________________

١) الكافي : ج ٢ ، ص ٤٢٧ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٣٤٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٥٩ و ج ٩٣ ، ص ٢٩٢.

٢) عيون أخبار الرضا (ع) : ج ٢ ، ص ٢٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٣٨٨ وج ٧١ ، ص ٤٥ وج ٧٣ ، ص ٣٥٩.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٨٧ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٧٢ ـ بحار الأنوار : ج ٦٩ ، ص ٣٩٦ وج ٧٣ ، ص ٣٤٦.

٤) وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٠٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٠.

٥) نهج البلاغة : الحكمة ٢٩٠ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٤٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٤.

٦) نهج البلاغة : الحكمة ١٧٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٤.

٧) نهج البلاغة : الحكمة ٣٢٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٤.

٨) نهج البلاغة : الحكمة ٣٣٠ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٤.

٩) نهج البلاغة : الحكمة ٤٣٣ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٤.

١٠) نهج البلاغة : الحكمة ٤٧٧ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٤٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٤.

٢٥٩
 &

ينفعك ، ثمّ تلحّ عليّ بالمسألة فأعطيك ما سألت فتستعين به على معصيتي ، فأهمّ بهتك سترك فتدعوني ، فأستر عليك ، فكم من جميلٍ أصنع معك ، وكم من قبيحٍ تصنع معي ، يوشك أنْ أغضب عليك غضبةً لا أرضىٰ بعدها أبداً (١).

وممّا يدلّ على تأثيرها في باطن الإنسان وقلبه وروحه :

ما ورد في النصوص : أنّه : ما من شيء أفسد للقلب من خطيئته ، إنّ القلب ليواقع الخطيئة فلا تزال به حتّىٰ تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله ، (٢) ( فلا تزال به ، أي : لا يزال يتكرّر جنس الخطيئة حتّىٰ يغلب عليه ، أو لا تزال تلك الخطيئة الواقعة تؤثّر ؛ لعدم التوبة حتّىٰ تغلب عليه ، وصيرورة أعلاه أسفله : إمّا كناية عن كونه نحو الظرف المقلوب لا يستقرّ في شيء فلا يستقرّ الإيمان والمعارف في القلب ، أو المعنىٰ ينقلب توجّه القلب من جهة الحقّ والدين التي هي العليا إلى جهة الدنيا التي هي السفلىٰ.

وأنّه : ما من عبدٍ مؤمنٍ إلّا وفي قلبه نكتة بيضاء ، فإن أذنب وثنّى ، خرج من تلك النكتة سواد ، فإن تاب انمحت ، وإن تمادىٰ في الذنوب اتّسع ذلك السواد حتّىٰ يغطّي البياض ، فاذا غطّى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً ، (٣) وهو قول الله : ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٤).

وأنّ العمل السّيىٔ أسرع في صاحبه من السّكين في اللحم (٥).

____________________________

١) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٦٥.

٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٨ ـ الامالي : ج ١ ، ص ٣٢٤ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٣٨ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٥٤ ، وج ٧٣ ، ص ٣١٢.

٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٧٣ ـ الوافي : ج ٥ ، ص ١٠٠٣ ـ وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٣٩ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٣٢.

٤) المطففين : ١٤.

٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٧٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٣٣٠.

٢٦٠