بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

١
٢

٣
٤

عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) (الأحزاب : ٤) قال علي بن أبي طالب عليه السلام : لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان ، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه ، فيحب بهذا ويبغض بهذا ، فأما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه ، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه ، فإن شاركه في حبنا حب عدونا فليس منا ولسنا منه ،والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين.

بحار الأنوار : ٢٧ ـ ٥١ ـ حديث ١.

تفسير القمي : ٥١٤ ( ٢ ـ ١٧١ ـ ١٧٢ ).

٥

عن أبي عبد الله ، عليه السلام ، قال : ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنك لا تجد رجلا يقول : أنا أبغض محمدا وآل محمد ، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا.

علل الشرائع : ٢٠٠

ثواب الأعمال : ٢٠٠

معاني الأخبار : ١٠٤ قريب منه.

بحار الأنوار : ٢٧ ـ ٢٣٢ ـ ٢٣٣ حديث ٤٢.

٦

الطن الرابع عشر :

أنه أبدع في الدين بدعا كثيرة :

منها : صلاة التراويح ، فإنه كانت بدعة (١) ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : أيها الناس! إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة جماعة بدعة (٢) ، وصلاة الضحى بدعة ، ألا فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان في النافلة ، ولا تصلوا صلاة الضحى ، فإن قليلا في سنة خير من كثير في بدعة ، ألا وإن كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة سبيلها إلى النار (٣).

وقد روي أن عمر خرج في شهر رمضان ليلا فرأى المصابيح في المسجد ، فقال : ما هذا؟. فقيل له : إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع ، فقال : بدعة ونعمت البدعة (٤).

وقد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن

__________________

(١) نص الباجي والسيوطي والسكتواري وغيرهم على أن أول من سن التراويح عمر بن الخطاب ، كما في محاضرات الأوائل : ١٤٩ ـ طبع سنة ١٣١١ ـ و: ٩٨ ـ طبع سنة ـ ١٣٠٠.

وشرح المواهب للزرقاني ٧ ـ ١٤٩.

(٢) وكذا صرح الباجي والسيوطي والسكتواري وغيرهم بأن إقامة النوافل بالجماعات في شهر رمضان من محدثات عمر. انظر : طرح التثريب ٣ ـ ٩٢.

(٣) جاءت في الشافي ٤ ـ ٢١٩ ، وشرح ابن أبي الحديد ١٢ ـ ٢٨٣. وذيلها مستفيضة عند العامة وضرورية من ضروريات المذهب عند الخاصة. انظر : سنن أبي داود ٢ ـ ٢٦١ ، ومقدمة سنن ابن ماجة : ٤٦ ، وغيرهما.

(٤) ذيل الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٤ ـ ٢١٨ في صلاة التراويح باب فضل من قام رمضان ، ومالك في الموطإ ١ ـ ١١٤ في الصلاة في رمضان باب ما جاء في قيام رمضان.

وأورده ابن الأثير في جامع الأصول ٦ ـ ١٢٢ حديث ٤٢٢٢ ، والقسطلاني في إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري ٥ ـ ٤ ، وقال : سماها بدعة لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يسن لهم الاجتماع لها ، ولا كانت في زمن الصديق ، ولا أول الليل ، ولا هذا العدد!.

٧

ينصب له (١) إماما يصلي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة ، فتركوه واجتمعوا لأنفسهم وقدموا بعضهم ، فبعث إليهم الحسن عليه السلام ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة ، فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : وا عمراه؟!. هذه الروايات أوردها السيد رحمه‌الله في الشافي (٢).

وحاصل الاستدلال أن التراويح كانت بدعة جماعتها ، بل أصلها ، و (٣) وضعها وأمر بها عمر وكل بدعة حرام ، أما الأولى فلاعترافه بكونه بدعة كما مر.

وروى عنه صاحب النهاية (٤) وغيره (٥) من علمائهم.

وروى البخاري (٦) ومسلم (٧) في صحيحهما ، وصاحب جامع الأصول (٨) عن أبي سلمة أنه سأل عائشة : كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] في رمضان؟. فقالت (٩) : ما كان (١٠) يزيد في رمضان ولا في غيرها على إحدى عشرة ركعة ، يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا فلا تسأل (١١) عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثا (١٢) ، فقلت : يا رسول الله! أتنام قبل أن

__________________

(١) كذا. والظاهر : لهم.

(٢) الشافي ٤ ـ ٢١٩ ، وتلخيص الشافي ٤ ـ ٥ ، وغيرهما.

(٣) لا توجد الواو في ( ك‍ ) ، وذكرت بعد أسطر من دون تعليم عليها : وهي بحاجة إلى الواو.

(٤) النهاية ١ ـ ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٥) كالباجي والسيوطي والسكتواري والقسطلاني وصاحب محاضرات الأوائل وكثير قد سلف منا في أول هذا الطعن ، فليراجع.

(٦) صحيح البخاري ٣ ـ ١٦ كتاب التهجد باب كيفية صلاة النبي (ص).

(٧) صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي (ص) ، وقد أوردها والرواية الآتية برقم ٧٣٦ و ٧٣٨ [ ١ ـ ٥٠٩ ].

(٨) جامع الأصول ٦ ـ ٩٣ ضمن حديث ٤١٩٨.

(٩) في المصادر قالت.

(١٠) في ( س ) : كانت ، وفي صحيح مسلم : قالت : ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(١١) في الجامع : لا تسأل ـ بدون الفاء ـ.

(١٢) هنا زيادة : قالت عائشة ، جاءت في المصادر.

٨

توتر؟. قال : يا عائشة! إن عيني تنامان ولا ينام قلبي.

وروى مسلم (١) وصاحب الجامع (٢) أيضا ، عن أبي سلمة ، قال : أتيت عائشة ، فقلت : أي أمة! أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ]؟. فقالت : كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل ، منها ركعتا الفجر.

ورويا (٣) روايات أخر قريبة من ذلك.

وروي في جامع الأصول (٤) ، عن زيد بن ثابت ، قال : احتجر النبي صلى الله عليه [ وآله ] حجيرة بخصفة أو حصير ، قال عفان : في المسجد ، وقال عبد الأعلى : في رمضان ، فخرج رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يصلي فيها ، قال : فتبع (٥) إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته ، قال : ثم جاءوا إليه (٦) فحضروا وأبطأ رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] عنهم فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب (٧) ، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] مغضبا ، فقال لهم : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه ستكتب (٨) عليكم ، فعليكم بالصلاة في

__________________

(١) صحيح مسلم ١ ـ ٥١٠ بنصه ، وقد تقدم.

(٢) جامع الأصول ٦ ـ ٩٤ ضمن حديث ٤١٩٨.

(٣) صحيح مسلم ـ كتاب صلاة المسافرين ، باب صلاة الليل ١ ـ ٥٠٨ ـ ٥١٢ ، وجامع الأصول : ٦ ، في صلاة الليل ـ الفرع الثالث : في صفتها : ٧٧ ـ ١٠٨.

(٤) جامع الأصول ٦ ـ ١١٨ ـ ١١٩ حديث ٤٢١٨.

(٥) في المصدر : فتتبع.

(٦) في جامع الأصول نسخة : ليلة ، بدلا من : إليه. وهو الظاهر.

(٧) قال في الصحاح ١ ـ ١١٢ : الحصباء : الحصى. وحصبت المسجد تحصيبا : إذا فرشته بها.

أقول : إنه قد ضمن في هذه اللفظة معنى الجلوس ، أي حصبوا وجلسوا في الباب ، ويحتمل أن يكون المعنى : إنهم رموا الباب بالحصى ليخرج إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نحو الإعلان ، وهذا ـ وإن كان لا يليق بالمسلم العارف بحق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل بمن تأدب بآداب الإسلام ـ إلا أن أكثرهم كانوا لا يفقهون وينادونه (ص) من وراء الحجرات.

(٨) في المصدر : سيكتب.

٩

بيوتكم ، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة.

أخرجه البخاري (١) ومسلم (٢) وأخرج أبو داود (٣) ولم يذكر : في رمضان.

وفي رواية النسائي (٤) : أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] اتخذ حجرة في المسجد من حصير فصلى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] فيها ليالي فاجتمع (٥) إليه ناس ثم فقد (٦) صوته ليلة فظنوا أنه قد نام ، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج فلم يخرج ، فلما خرج للصبح قال : ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ، ولو كتب عليكم ما قمتم به ، فصلوا أيها الناس في بيوتكم ، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (٧).

وعن أنس (٨) ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يصلي (٩) في رمضان ، فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل فقام أيضا حتى كنا رهطا ، فلما أحس النبي صلى الله عليه [ وآله ] أنا خلفه جعل يتجوز (١٠) في الصلاة ، ثم دخل رحله

__________________

(١) صحيح البخاري ١٠ ـ ٤٣٠ كتاب الأدب باب ما يجوز من الغضب ، وجاء أيضا في كتاب الجماعة باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة ، وفي كتاب الاعتصام باب ما يكره من كثرة السؤال.

(٢) صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين باب استحباب صلاة النافلة في بيته حديث ٧٨١.

(٣) سنن أبي داود كتاب الصلاة باب فضل التطوع في البيت حديث ١٤٤٧.

(٤) سنن النسائي ٣ ـ ١٩٨ كتاب قيام الليل باب الحث على الصلاة في البيوت. ولا زال الكلام لابن الأثير في جامع الأصول.

(٥) في ( ك‍ ) نسخة بدل : واجتمع. وفي الشافي نسخة : حتى اجتمع إليه الناس.

(٦) في جامع الأصول : فقدوا.

(٧) كما جاء في جامع الأصول ٦ ـ ١١٩ ذيل حديث ٤٢١٨ ، وقد سلف قريبا.

(٨) كما أورده مسلم في صحيحه كتاب الاعتصام باب النهي عن الوصال في الصوم حديث ١١٠٤.

وأخرجه أيضا ابن الأثير في جامع الأصول ٦ ـ ١١٥ ـ ١١٦ حديث ٤٢١٦.

(٩) في المصدر : يقدم. وهو الظاهر.

(١٠) جاء في حاشية ( ك‍ ) : تجوز في صلاته : خفف. ذكره الفيروزآبادي. [ منه ( رحمه‌الله ) ].

انظر : القاموس ٢ ـ ١٧٠.

١٠

فصلى صلاة لا يصليها عندنا ، قال : قلنا له حين خرج (١) : أفطنت بنا (٢) الليلة؟. قال : نعم ، ذاك الذي حملني على ما صنعت.

وقد ذكر (٣) أخبارا كثيرة نحوا مما ذكرنا تركناها لقلة الجدوى في تكرارها.

فظهر من بعض (٤) أخبارهم أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان يزيد في شهر رمضان شيئا من النوافل ، ومن بعضها أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يرض بإيقاع النافلة جماعة ، فإبداع هذا العدد المخصوص في الشريعة (٥) وجعلها سنة أكيدة بدعة لم يأمر بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يأت بها ، فظهر أن قول بعضهم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى بها ثم تركها من غير نسخ ـ لا مستند له ، ولو كانت سنة مرغوبا فيها ومندوبا إليها ، فلم كان يتركه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويخرج إليهم مغضبا ، ويقول : عليكم بالصلاة في بيوتكم؟! ولا كان يترك صلاته ويهرب منهم ، ولا خلاف في أن الجماعة في كل صلاة تجوز فيها عبادة ، ولها فضل عظيم ، فلو جازت في هذه الصلاة وفي غيرها من النوافل لما أغضبه الاجتماع ، ولا كان يأمرهم بالصلاة في بيوتهم في غير المكتوبة.

وأما التعليل الوارد في رواياتهم المروية عن الكذابين المشهورين فلا يخفى على عاقل أنه من مفترياتهم ، وليس في أخبار أهل البيت عليهم‌السلام شيء من ذلك ، فإن المواظبة على الخير والاجتماع على الفعل المندوب إليه لا يصير سببا لأن يفرض على الناس ، وليس الرب تعالى غافلا عن وجوه المصالح حتى يتفطن بذلك

__________________

(١) في المصدر : فقلنا له حين أصبحنا.

(٢) في جامع الأصول : لنا ، بدلا من : بنا.

(٣) ابن الأثير في جامع الأصول ٦ ـ ١١٤ ـ ١٢٥ من حديث ٤٢١٥ ـ ٤٢٢٦ ، في قيام شهر رمضان ، وهو التراويح.

(٤) لا توجد : بعض ، في ( س ).

(٥) قال القسطلاني في شرح البخاري ٥ ـ ٤ عند قول عمر لصلاة التطوع جماعة : بدعة ونعمت البدعة ـ : لأن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لم يسن لهم الاجتماع لها ولا كانت في زمن الصديق ، ولا أول الليل ، ولا هذا العدد.

١١

الاجتماع ، ويظهر له الجهة المحسنة لإيجاب الفعل ، وكيف أمرهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع ذلك الخوف بأن يصلوها في بيوتهم؟ ولم لم يأمرهم بترك الرواتب خشية الافتراض (١).

ثم المناسب لهذا التعليل أن يقول : خشيت أن يفرض عليكم الجماعة فيها ، لا أن يفرض عليكم صلاة الليل ، كما في بعض رواياتهم. وقد ذهبوا إلى أن الجماعة مستحبة في بعض النوافل كصلاة العيد والكسوف والاستسقاء والجنازة ، ولم يصر (٢) الاجتماع فيها سببا للافتراض ، ولم ينه عن الجماعة فيها لذلك ، فلو صحت الرواية لكانت محمولة على أن المراد النهي عن تكلف ما لم يأمر الله به ، والتحذير من أن يوجب عليهم صلاة الليل لارتكاب البدعة في الدين ، ففيه دلالة واضحة على قبح فعلهم وأنه مظنة العقاب ، وإذا كان كذلك فلا يجوز ارتكابه بعد ارتفاع الوحي أيضا.

وأما أن عمر ابتدعها ، فلا خلاف فيه (٣).

وأما أن كل بدعة ضلالة ، فقد استفيض (٤) في أخبار الخاصة (٥) والعامة.

__________________

(١) في ( ك‍ ) : الإقراض.

(٢) في ( ك‍ ) : لم يضر ـ بالضاد المعجمة ـ.

(٣) وقد صرح كل المخالفين : أنها من مبدعات عمر.

انظر : تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي : ٥٤ ، تاريخ ابن سمنة حوادث سنة ٢٣ ه‍ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي.

وعدها من أوليات عمر في : طبقات ابن سعد ٣ ـ ٢٨١ ، قال : وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ، وجعل للناس بالمدينة قارئين ، قارئا يصلي بالرجال وقارئا يصلي بالنساء ، وتاريخ الطبري ٥ ـ ٢٢ ، والكامل لابن الأثير ٢ ـ ٤١. وقد تقدم في أول البحث عن محاضرات الأوائل ، وإرشاد الساري وغيرهما.

(٤) كذا ، والظاهر : استفاض.

(٥) فصلها شيخنا المصنف ـ رحمه‌الله ـ في بحار الأنوار ٢ ـ ٢٦١ و ٢٦٣ و ٢٦٦ ، ٣٠١ ، ٣٠٩ ، و ٣٢ ـ ٢٢٢ و ٢٥٧ ، و ٤٧ ـ ٢١٧ ، و ٧٤ ـ ٢١٧ ، و ٧٤ ـ ٢٠٣ ، و ٧٧ ـ ١٢٢ ، و ٧٨ ـ ٢١٧ ، وغيرها.

١٢

فروى مسلم (١) في صحيحه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول في خطبته : أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة (٢).

وروى البخاري (٣) ومسلم (٤) ، عنه صلى الله عليه [ وآله ] أنه قال : من رغب عن سنتي فليس مني (٥).

ورويا (٦) أيضا عنه صلى الله عليه [ وآله ] ، أنه قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ، فو الله إني لأعلمهم (٧) بالله وأشدهم له خشية (٨).

ورويا (٩) أيضا له ، عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : من عمل عملا

__________________

(١) صحيح مسلم ١٢ ـ ٣٧ ، وانظر : شرحه للنووي ٤ ـ ٢٢٦.

(٢) وقريب منه في صحيح البخاري كتاب الاعتصام باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، ونقله عنه ابن الأثير في جامع الأصول ١ ـ ٢٨٩ حديث ٧٤.

(٣) صحيح البخاري ـ كتاب النكاح ٦ ـ ١١٢ الحديث الأول [ ٧ ـ ٢ ـ دار الشعب ] ، وانظره في شرح القسطلاني إرشاد الساري ٤ ـ ٨ ، وشرح العسقلاني فتح الباري ٩ ـ ٩٠ ، وشرح العيني عمدة القاري ٩ ـ ٣٥٤.

(٤) صحيح مسلم ٥ ـ ١٣ ، وشرحه النووي ٥ ـ ٩٤.

(٥) وذكره النسائي في سننه والدارمي كذلك في كتاب النكاح ، وأورده أحمد بن حنبل في مسنده ٢ ـ ١٥٨ ، ٣ ـ ٢٤١ ، ٢٥٩ و ٢٨٥ ، ٥ ـ ٤٠٩.

(٦) صحيح البخاري ٨ ـ ١٣٦ [ دار الشعب ٩ ـ ١٢٠ ] كتاب الاعتصام ، وجاء أيضا في ٧ ـ ٩١ كتاب الأدب. وانظر إرشاد الساري ١٠ ـ ٣٧٨ و ٩ ـ ٧٧ ، وفتح الباري ١٣ ـ ٢٣٥ و ١٠ ـ ٤٢٧ ، وعمدة القاري ١١ ـ ١٣٦ و ١٠ ـ ٩١ ، وصحيح مسلم ٢ ـ ٢٢١ كتاب الفضائل ، وشرحه للنووي ٩ ـ ٢٦٩ باختلاف يسير.

(٧) في صحيح البخاري : أعلمهم ـ بدون لام ـ.

(٨) أقول : جاء عن عائشة ـ كما أورده البخاري في كتاب البيوع أيضا باب النجش ـ معلقا ، ووصله في كتاب الصلح ٤ ـ ٢٩٨ و ٥ ـ ٢٢١ ، وصحيح مسلم كتاب الأقضية ، باب نقض الأحكام الباطلة حديث ١٧١٨ ، وغيرهما.

(٩) صحيح البخاري ٨ ـ ١٤٧ باب ما ذكر النبي (ص) .. ، وأورده القسطلاني في إرشاده ١٠ ـ ٤١١ ، والعسقلاني في فتحه ١٣ ـ ٢٦٧ ، والعيني في عمدته ١١ ـ ٤٩٨.

وفي صحيح مسلم ٢ ـ ٤٢ كتاب الأقضية ، وأورد شرحه النووي في شرح صحيح مسلم ٧ ـ ٣٣٥.

١٣

ليس عليه أمرنا فهو رد (١).

وحكى في جامع الأصول (٢) ، عن الترمذي (٣) وأبي داود (٤) ، عن العرباض بن سارية : إياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة (٥).

وقال في فتح الباري شرح البخاري ـ (٦) : قد أخرج أحمد بسند جيد ، عن عصيف بن الحارث ، قال .. : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : ما أحدث قوم بدعة إلا رفع من السنة مثلها.

وأخبارنا في ذلك متواترة (٧) ، وما زعمه بعض فقهاء العامة (٨) من انقسام البدعة بالأقسام الخمسة لا وجه له (٩) ، بل يظهر من عموم النصوص أن كل ما أحدث في الدين مما لم يرد في الشريعة خصوصا أو عموما فهو بدعة محرمة ، فكل ما فعل على وجه العبادة ولم يكن مستفادا من دليل شرعي عام أو خاص فهو بدعة وتشريع ، سواء كان فعلا مستقلا أو وصفا لعبادة متلقاة من الشارع ، كفعل

__________________

(١) وجاء ـ أيضا ـ في سنن أبي داود كتاب السنة باب لزوم السنة ٢ ـ ٥٠٦ ، وأخرجه ابن ماجة في المقدمة تعظيم حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برقم ١٤ ، وحكاه ابن الأثير في جامع الأصول ١ ـ ٢٨٩ ٢٩٠ حديث ٧٥.

(٢) جامع الأصول ١ ـ ٢٧٩ ذيل حديث ٦٧.

(٣) سنن الترمذي كتاب العلم باب ١٦ حديث ٢٦٧٨.

(٤) سنن أبي داود كتاب السنة باب لزوم السنة حديث ٤٦٠٧.

(٥) وأخرجه أحمد بن حنبل في المسند ٤ ـ ١٢٦ ـ ١٢٧ ، وابن ماجة في المقدمة برقم ٤٢ باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين ، وانظر : جامع العلوم والحكم للحافظ ابن رجب الحنبلي.

(٦) فتح الباري ١٣ ـ ٢١٤.

(٧) بحار الأنوار ٢ ـ ٢٦١ ـ ٢٦٨ روايات الباب ٢٢. وانظر : البحار ٣٢ ـ ٢٢١ ، ٢٥٧ ، وغيرهما.

(٨) كما ذكره القرافي في كتابه الفروق ٤ ـ ٢٠٢ ـ ٢٠٥ ، والغزالي في إحياء العلوم ١ ـ ١٢٦.

(٩) قال الشهيد الأول في القواعد والفوائد ١ ـ ١٤٤ ـ ١٤٦ ، القاعدة [٢٠٥] ما نصه : محدثات الأمور بعد عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنقسم أقساما لا يطلق اسم البدعة عندنا إلا على ما هو محرم منها .. ثم قسم محدثات الأمور إلى الأحكام الخمسة وذكر لكل منها شاهدا.

١٤

الواجب على وجه الندب وبالعكس ، وإيجاب وصف خاص في عبادة مخصوصة ، فلو أوجب أحد إيقاع الطواف مثلا جماعة ، أو زعمه مستحبا ، أو استحب عددا مخصوصا في الصلاة.

وبالجملة ، كل فعل أو وصف في فعل أتى به المكلف على غير الوجه الذي وردت به الشريعة ، وتضمن تغيير حكم شرعي وإن كان بالقصد والنية فلا ريب في أنه بدعة وضلالة.

وأما ما دل عليه دليل شرعي سواء كان قولا أو فعلا عاما أو خاصا فهو من السنة.

وقد ظهر من رواياتهم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصل عشرين ركعة يسمونها : التراويح ، وإنما كان يصلي ثلاث عشرة ركعة ، ولم يدل شيء من رواياتهم التي ظفرنا بها على استحباب هذا العدد المخصوص فضلا عن الجماعة فيها ، والصلاة وإن كانت خيرا موضوعا يجوز قليلها وكثيرها إلا أن القول باستحباب عدد مخصوص منها في وقت مخصوص على وجه الخصوص بدعة وضلالة ، ولا ريب في أن المتبعون لسنة عمر يزعمونها على هذا الوجه سنة وكيدة ، بل عزيمة ، ويجعلونها من شعائر دينهم.

ولو سلمنا انقسام البدعة بالأقسام الخمسة وتخصيص كونها ضلالة بالبدعة المحرمة ، فلا ريب أن هذا مما عدوه من البدع المحرمة لما عرفت ، والأقسام الأخرى من البدع التي عدوها ليست من هذا القبيل ، بل هي مما ورد في الشريعة عموما أو خصوصا فلا ينفعهم التقسيم ، والله الهادي إلى الصراط المستقيم.

ومنها : أنه وضع الخراج على أرض السواد ولم يعط أرباب الخمس منها خمسهم ، وجعلها موقوفة على كافة المسلمين (١) ، وقد اعترف بجميع ذلك

__________________

(١) خمس أرض السواد المفتوحة عنوة للأصناف الستة التي استعرضتها آية الخمس من سورة الأنفال ، والأربعة ـ أخماس الأخرى ـ تكون للمسلمين قاطبة الفاتحين وغيرهم.

١٥

المخالفون ، وقد صرح بها ابن أبي الحديد (١) وغيره ، وكل ذلك مخالف للكتاب والسنة وبدعة في الدين.

قال العلامة رحمه‌الله في كتاب منتهى المطلب (٢) : أرض السواد هي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر بن الخطاب ، وهي سواد العراق ، وحده في العرض من منقطع الجبال بحلوان (٣) إلى طرف القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب ، ومن تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة ، فأما الغربي الذي يليه البصرة فإسلامي (٤) مثل شط عثمان بن أبي العاص وما والاها كانت سباخا ومواتا فأحياها (٥) ابن أبي العاص وسميت هذه الأرض : سوادا ، لأن الجيش لما خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض والتفاف شجرها فسموها : السواد لذلك (٦) ، وهذه الأرض فتحت عنوة ، فتحها عمر بن الخطاب ثم بعث إليها بعد فتحه ثلاث أنفس : عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا ، وابن مسعود قاضيا وواليا على بيت المال ، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض ، وفرض لهم في كل يوم شاة شطرها (٧) مع السواقط لعمار ، وشطرها للآخرين (٨) ،

__________________

(١) في شرحه على النهج ١٢ ـ ٢٨٧. وقال فيه : فأما حديث الخراج فقد ذكره أرباب علم الخراج والكتاب وذكره الفقهاء أيضا في كتبهم. وانظر : سنن النسائي ـ كتاب الفيء ـ والجصاص في كتابه أحكام القرآن وغيرهم تجد نصوص كثيرة ، ونص عليه السيوطي في الدر المنثور ٣ ـ ١٥٨ والقوشجي في شرح التجريد : ١٠٨ وعده من مستحدثات عمر.

(٢) منتهى المطلب ٢ ـ ٩٣٧ ـ ٩٣٨ ـ حجرية ـ.

(٣) في المصدر : متى ينقطع الحال علوان. ولعله سهو في هذه النسخة.

(٤) في منتهى المطلب : قائما هو إسلامي ، بدلا من : فإسلامي.

(٥) في المصدر زيادة : عثمان.

(٦) في منتهى المطلب : كذلك.

(٧) في المصدر : شاط تنظرها.

(٨) في ( س ) : للآخر. وفي المصدر : وشطوها للآخرين. وجاءت فيه زيادة بعدها وهي : وقال : ما أرى قرنها يوجد منها كل يوم شاة لا سريع في خربها. وفيه أيضا : وفتح ، بدلا من : ومسح.

١٦

ومسح عثمان بن حنيف أرض الخراج ، واختلفوا في مبلغها (١) ، فقال الساجي (٢) : اثنان وثلاثون ألف ألف جريب ، وقال أبو عبيدة : ستة وثلاثون ألف ألف جريب ، ثم ضرب على كل جريب نخل عشرة دراهم ، وعلى الكرم ثمانية دراهم (٣) ، وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم ، وعلى الحنطة أربعة دراهم ، وعلى الشعير درهمين ، ثم كتب (٤) بذلك إلى عمر فأمضاه (٥).

وروي أن ارتفاعهما كان في عهد عمر مائة وستين ألف ألف درهم ، فلما كان زمن الحجاج رجع إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم (٦) ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز رجع إلى ثلاثين ألف ألف درهم في أول سنة ، وفي الثانية بلغ ستين ألف ألف درهم ، فقال : لو عشت سنة أخرى لرددتها إلى (٧) ما كان في أيام عمر ، فمات في (٨) تلك السنة ، فلما أفضي الأمر إلى أمير المؤمنين (ع) أمضى ذلك ، لأنه لم يمكنه أن يخالف ويحكم بما يجب عنده فيه.

قال الشيخ رحمه‌الله ـ : والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس وأربعة الأخماس الباقية تكون للمسلمين قاطبة ، الغانمون وغيرهم سواء في ذلك ، ويكون للإمام النظر فيها ويقبلها ويضمنها بما شاء ويأخذ ارتفاعها (٩) ويصرفه في مصالح المسلمين وما

__________________

(١) في المصدر : في مثلها.

(٢) في منتهى المطلب : الساحي.

(٣) لا توجد في المصدر : وعلى الكرم ثمانية دراهم.

(٤) في منتهى المطلب : تجب. ولا معنى لها.

(٥) وانظر : معجم البلدان ٣ ـ ٢٧٢ ـ ٢٧٥ ، ومراصد الاطلاع ٢ ـ ٧٥٠ ـ ٧٥١.

(٦) لا توجد : درهم ، في المصدر.

(٧) في المصدر لا توجد : إلى.

(٨) لا توجد في المصدر : في.

(٩) في المصدر : أرباعها.

١٧

ينوبهم من (١) سد الثغور وتقوية المجاهدين وبناء القناطر (٢) وغير ذلك من المصالح ، وليس للغانمين في هذه الأرضين على وجه التخصيص شيء ، بل هم والمسلمون فيه سواء ، ولا يصح بيع شيء من (٣) هذه الأرضين ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه ولا رهنه ولا إجارته ولا إرثه ، ولا يصح أن يبنى دورا ومنازل ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع (٤) الملك ، ومتى فعل شيء من ذلك كان التصرف باطلا وهو باق على الأصل.

ثم قال رحمه‌الله : وعلى الرواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزت (٥) بغير أمر الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصة ، تكون هذه الأرضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين عليه‌السلام إن صح شيء من ذلك (٦) للإمام خاصة ، وتكون من جملة الأنفال التي له خاصة لا يشركه فيها غيره. انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول:فالبدعة فيه من وجوه :

أحدها : منع أرباب الخمس حقهم ، وهو مخالف لصريح آية الخمس وللسنة أيضا ، حيث ذكر ابن أبي الحديد (٧) أن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم خيبر وصيرها غنيمة وأخرج خمسها لأهل الخمس (٨).

__________________

(١) في ( ك‍ ) نسخة : في ، بدل : من.

(٢) في المصدر : القناطير.

(٣) جاءت في ( س ) : في ، بدل : من.

(٤) في المصدر : يمنع.

(٥) في المصدر : عرب. ولا معنى لها.

(٦) زيادة : يكون ، جاءت في المصدر.

(٧) ذكره في شرحه على النهج ١٢ ـ ٢٨٧. وأورده المصنف ـ رحمه‌الله ـ نقلا بالمعنى.

(٨) وأخرج أبو داود في صحيحه في بيان مواضع قسم الخمس بسنده عن يزيد بن هرمز : أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ، ويقول :لمن تراه؟ قال ابن عباس : لقربى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه

١٨

وكان الباعث على ذلك إضعاف جانب بني هاشم ، والحذر من أن يميل الناس إليهم لنيل الحطام فينتقل إليهم الخلافة فينهدم ما أسسوه يوم السقيفة وشيدوه بكتابة الصحيفة.

وثانيها : منع الغانمين بعض حقوهم (١) من أرض الخراج وجعلها موقوفة على مصالح المسلمين ، وهذا إلزامي (٢) عليهم لما اعترفوا به من أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسم الأرض المفتوحة عنوة بين الغانمين (٣) ، وبه أفتى الشافعي (٤) وأنس بن مالك (٥) والزبير وبلال كما ذكره المخالفون (٦)

__________________

وأبينا أن نقبله.

وجاء في مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٣٢٠ ، وسنن البيهقي ٦ ـ ٣٤٤ و ٣٤٥ بطريقين باختلاف في اللفظ ، وأورده البيهقي في سننه المجلد السادس باب سهم ذي القربى بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لقيت عليا عليه‌السلام عند أحجار الزيت ، فقلت له : بأبي وأمي! ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس .. إلى أن قال : إن عمر قال : لكم حق ولا يبلغ علمي إذا كثر أن يكون لكم كله ، فإن شئتم أعطيتكم منه بقدرها ما أرى لكم ، فأبينا عليه إلا كله ، فأبى أن يعطينا كله. ورواه الشافعي في المسند في كتاب قسم الفيء : ١٨٧ ، وقريب منه ما ذكره في كنز العمال ٢ ـ ٣٠٥ ، وقد حكاها في السبعة من السلف ١٠٨ ـ ١٠٩.

(١) نسخة بدل في ( ك‍ ) : حقهم.

(٢) الكلمة مشوشة في ( س ).

(٣) انظر : سنن أبي داود كتاب الخراج والإمارة ، باب ما جاء في حكم أرض خيبر حديث ٣٠١٠ ، وجامع الأصول ٢ ـ ٦٧١ ـ ٦٧٨ ، وفيه جملة روايات ، وفصل المسألة في بداية المجتهد ١ ـ ٤٠١ ، فراجع.

(٤) كما جاء في كتاب الأم ٤ ـ ١٨١.

(٥) وذهب في بداية المجتهد ١ ـ ٤٠١ إلى أن قول مالك هو عدم القسمة ، ولاحظ ما ذكره في الكافي :٢١٩ ، والمغني وشرحه الكبير ٢ ـ ٥٧٧ ، وغيرها.

(٦) وقد تعرض في المغني وشرحه ٢ ـ ٥٧٨ إلى قول بلال والزبير ، واعتراض الأول على الخليفة الثاني في عدم قسمة أراضي الشام ، وإنكار الثاني عليه لعدم قسمته لأراضي مصر ، وجاء في المغني أيضا قبل ذلك ـ ٢ ـ ٥٧٧ إلى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسم نصف خيبر ، ووقف نصفها لنوائبه.

أقول : قال ابن حزم في المحلى ٧ ـ ٣٤٤ : روينا من طريق أحمد ... قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها ، وأيما قرية عصت الله ورسوله.

١٩

وما ذكروه من أنه عوض الغانمين ووقفها فهو (١) دعوى بلا ثبت ، بل يظهر من كلام الأكثر خلافه ، كما يستفاد من كلام ابن أبي الحديد (٢) وغيره.

وثالثها : أن سيرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في (٣) الأراضي المفتوحة عنوة كانت أخذ حصته عليه‌السلام من غلتها دون الدراهم المعينة ، وسيأتي (٤) بعض القول في ذلك في باب العلة التي لم يغير عليه‌السلام بعض البدع في زمانه.

ومنها : أنه زاد الجزية عما قررها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) ، وهو حرام على مذهب قهائهم الأربعة إلا أحمد في رواية (٦).

ومنها : تغريب نصر بن الحجاج وأبي ذويب من غير ذنب من المدينة ، فقد روى ابن أبي الحديد في شرح النهج (٧) ، عن محمد بن سعيد ، قال : بينا عمر يطوف في بعض سكك المدينة إذا سمع امرأة تهتف من خدرها :

__________________

فإن خمسها لله ورسوله ، ثم هي لكم. قال : وهذا نص جلي لا محيص عنه ، وقد صح أن النبي (ص) قسم أرض بني قريظة وخيبر ، ثم العجب كله أن مالكا قلد هاهنا عمر ثم فيما ذكرتم وقف ولم يخبر كيف يعمل في خراجها؟!.

(١) في ( س ) : هو.

(٢) لم نجد ذلك في شرحه على النهج بل نص فيه ١٢ ـ ٢٨٩ على : أن التعويض ذكر في الفقه في كتاب الحاوي ، وفي شرح المزني للطبري.

ولعل الاستفادة من كتابه الآخر ، أو كان ذلك في النسخة التي كانت عند المصنف ، أو اشتبه كلام المنقول بكلام المختار.

(٣) في ( س ) : هي ، بدلا من : في.

(٤) بحار الأنوار ٨ ـ ٧٠٤ ـ ٧٠٦ [ طبعة كمباني ، ولا زال هذا لم يطبع بعد ].

(٥) كما أورده ابن الأثير في جامع الأصول ٢ ـ ٦٩٦ كتاب الفيء وسهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جملة مصادر.

(٦) جاء في كتاب المغني ١ ـ ٥٦٦ قول الشافعي وأبي حنيفة ، وذكر رواية عن أحمد قوله : إنها مقدرة بمقدار لا يزيد عليها ولا ينقص منه. إلى آخره. نعم جاء في الكتاب ١ ـ ٥٦٧ رواية أخرى عن أحمد بن حنبل أنه قال : أقلها مقدر بدينار وأكثرها غير مقدر ، لأن عمر زاد .. إلى آخره.

(٧) شرح نهج البلاغة ١٢ ـ ٢٨ ـ ٣٠ بتصرف.

٢٠