بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

رجلان يمشيان أمامه فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام قد أتى من ناحية البدو فأثبتني ولم أثبته حتى سمعت كلامه ، فقال : أين تريد يا صخر؟. قلت : البدو ، فأدع الصحابة. قال : فما هذا الذي في قراب سيفك؟. قلت : لا تدع مزاحك أبدا ثم جرته [ جزته ] (١).

٦ ـ جا (٢) : الكاتب ، عن الزعفراني ، عن الثقفي ، عن الحسن بن علي اللؤلؤي ، عن يحيى بن المغيرة ، عن سلمة بن الفضل ، عن علي بن صبيح الكندي ، عن أبي يحيى مولى معاذ بن عفرة (٣) الأنصاري ، قال : إن عثمان بن عفان (٤) بعث إلى الأرقم بن عبد الله وكان خازن بيت مال المسلمين ـ ، فقال له : أسلفني مائة ألف ألف درهم. فقال له الأرقم : أكتب عليك بها صكا للمسلمين. قال : وما أنت وذاك؟ لا أم لك! إنما أنت خازن لنا. قال : فلما سمع الأرقم ذلك خرج مبادرا إلى الناس ، فقال : أيها الناس! عليكم بمالكم فإني ظننت أني خازنكم ولم أعلم أني خازن عثمان بن عفان حتى اليوم ، ومضى فدخل بيته ، فبلغ ذلك عثمان ، فخرج إلى الناس حتى دخل المسجد ثم رقي المنبر ، وقال : أيها الناس! إن أبا بكر كان يؤثر بني تيم على الناس ، وإن عمر كان يؤثر بني عدي على كل الناس ، وإني أوثر والله ـ بني أمية على من سواهم ، ولو كنت جالسا بباب الجنة ثم استطعت أن أدخل بني أمية جميعا الجنة لفعلت ، وإن هذا المال لنا ، فإن احتجنا إليه أخذناه وإن رغم أنف أقوام!.

فقال عمار بن ياسر رحمه الله : معاشر المسلمين! اشهدوا أن ذلك مرغم لي. فقال عثمان : وأنت هاهنا ، ثم نزل من المنبر يتوطؤه برجليه (٥) حتى غشي على عمار

__________________

(١) في المصدر : جزنه ، وهو الظاهر.

(٢) مجالس الشيخ المفيد : ٦٩ ـ ٧٢ ، حديث ٥ ، مع تفصيل في السند واختلاف في المتن أشرنا له.

(٣) في المجالس : عفراء.

(٤) لا توجد في ( س ) : عفان.

(٥) في المصدر : فجعل يتوطؤه برجله.

٤٨١

واحتمل وهو لا يعقل إلى بيت أم سلمة ، فأعظم الناس ذلك ، وبقي عمار مغمى عليه لم يصل يومئذ الظهر والعصر والمغرب ، فلما أفاق قال : الحمد لله ، فقديما أوذيت في الله ، وأنا أحتسب ما أصابني في جنب الله ، بيني وبين عثمان العدل الكريم يوم القيامة.

قال : وبلغ عثمان أن عمارا عند أم سلمة ، فأرسل إليها ، فقال : مما هذه الجماعة في بيتك مع هذا الفاجر ، أخرجهم [ أخرجيهم ] (١) من عندك. فقالت : والله ما عندنا مع عمار إلا بنتاه ، فاجتنبنا يا عثمان واجعل سطوتك حيث شئت ، وهذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يجود بنفسه من فعالك (٢) ، قال : فندم عثمان على ما صنع فبعث إلى طلحة والزبير يسألهما أن يأتيا عمارا فيسألاه أن يستغفر له ، فأتياه فأبى عليهما ، فرجعا إليه فأخبراه ، فقال عثمان : من حكم الله يا بني أمية يا فراش النار وذباب الطمع ، شنعتم علي ، وآليتم (٣) على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم إن عمارا رحمه الله صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة ، فقال : إن أبا ذر مات بالربذة وحيدا ودفنه قوم سفر ، فاسترجع عثمان وقال : رحمه الله. فقال عمار : رحم الله أبا ذر من كل أنفسنا. فقال له عثمان : وإنك لهناك بعد ما برأت (٤) أتراني ندمت على تسييري إياه؟!. قال له عمار : لا والله ، ما أظن ذاك. قال : وأنت أيضا فالحق بالمكان الذي كان فيه أبو ذر فلا تبرحه ما حيينا. قال عمار : أفعل ، فو الله (٥) لمجاورة السباع أحب إلي من مجاورتك. قال : فتهيأ عمار للخروج وجاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسألوه

__________________

(١) في المصدر : أخرجيهم ، وجاءت نسخة على ( ك‍ ) ، وهو الصحيح.

(٢) في المجالس زيادة : به.

(٣) في المصدر : وألبتم ، وهو الظاهر.

(٤) في المجالس محل : ما برأت ، يا عاض أير أبيه ، وهو مثل.

(٥) في المصدر : والله ـ بدون فاء ـ.

٤٨٢

أن يقوم معهم إلى عثمان ليستنزله عن تسيير عمار ، فقام معهم (١) فسأله فيهم ورفق به حتى أجابه إلى ذلك.

٧ ـ جا (٢) : علي بن محمد الكاتب ، عن الزعفراني ، عن الثقفي ، عن الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن سفيان ، عن فضيل بن الزبير ، عن فروة بن مجاشع ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : جاءت عائشة إلى عثمان ، فقالت له : أعطني ما كان يعطيني أبي وعمر بن الخطاب!. فقال (٣) : لم أجد لك موضعا في الكتاب ولا في السنة ، وإنما كان أبوك وعمر بن الخطاب يعطيانك بطيبة من أنفسهما ، وأنا لا أفعل. قالت (٤) : فأعطني ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال لها : أولم تحسبي (٥) أنت ومالك بن أوس النضري (٦) فشهدتما أن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يورث حتى منعتما فاطمة ميراثها ، وأبطلتما حقها ، فكيف تطلبين اليوم ميراثا من النبي صلى الله عليه وآله؟! فتركته وانصرفت ، وكان عثمان إذا خرج إلى الصلاة أخذت قميص رسول الله صلى الله عليه وآله على قصبة فرفعته عليها ، ثم قالت : إن عثمان قد خالف صاحب هذا القميص وترك سنته.

أقول : روى في كشف الغمة (٧) نحوا من ذلك ، وزاد في آخره : فلما آذته صعد المنبر ، فقال : إن هذه الزعراء (٨) عدوة الله ضرب الله مثلها ومثل صاحبتها حفصة في الكتاب : ( امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا

__________________

(١) لا توجد : معهم ، في المجالس.

(٢) المجالس للشيخ المفيد : ١٢٥ ـ ١٢٦ ، حديث ٣ ، بتفصيل في الإسناد.

(٣) في المصدر زيادة : لها.

(٤) في المجالس زيادة : له.

(٥) في المجالس : أو لم تجئني.

(٦) كذا ، وفي المصدر : النصري ، وهو الظاهر ، كما في الإصابة ٣ ـ ٣٣٩ ترجمة ٧٥٩٥ وهامشها الاستيعاب ٣ ـ ٣٨٢ وغيرهما.

(٧) كشف الغمة ١ ـ ٣٢٣ نقلا بالمعنى.

(٨) الزعراء : هي المرأة القليلة الشعر كما في النهاية ٢ ـ ٣٠٣ ، ومتفرقة الشعر كما في القاموس ٢ ـ ٣٩.

٤٨٣

صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما ). إلى قوله : ( وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١) ، فقالت له : يا نعثل! يا عدو الله! إنما سماك رسول الله صلى الله عليه وآله باسم نعثل اليهودي الذي باليمن ، فلاعنته ولاعنها ، وحلفت أن لا تساكنه (٢) بمصر أبدا ، وخرجت إلى مكة.

ثم قال : قد نقل ابن أعثم صاحب الفتوح (٣) أنها قالت : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ، فلقد أبلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وهذه ثيابه لم تبل ، وخرجت إلى مكة.

قال (٤) : وروى غيره أنه لما قتل جاءت إلى المدينة فلقيها فلان فسألته عن الأموال فخبرها وأن الناس اجتمعوا على علي عليه السلام ، فقالت : والله لأطالبن بدمه. فقال لها : وأنت حرصت على قتله. قالت : إنهم لم يقتلوه حيث قلت ولكن تركوه حتى تاب ونقي من ذنوبه وصار كالسبيكة (٥) وقتلوه.

تأييد :

قال في النهاية (٦) : في مقتل عثمان لا يمنعك (٧) مكان ابن سلام أن تسب نعثلا كان (٨) أعداء عثمان يسمونه : نعثلا ، تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل ، وقيل : النعثل : الشيخ الأحمق. وذكر الضباع ، ومنه حديث

__________________

(١) التحريم : ١٠.

(٢) في ( ك‍ ) : أن لا تسكن.

(٣) الفتوح ٢ ـ ٤١٩ ـ ٤٢٠.

(٤) كشف الغمة ١ ـ ٣٢٣ ، باختلاف كثير واختصار.

(٥) قال في الصحاح ٤ ـ ١٥٨٩ : سبكت الفضة وغيرها أسبكها سبكا : أذبتها ، والفضة سبيكة.

(٦) النهاية ٥ ـ ٨٠ ، ومثله في لسان العرب ١١ ـ ٦٧٠ ، وقريب منه في تاج العروس ٨ ـ ١٤١. وقال في القاموس ٤ ـ ٥٩ : النعثل ـ كجعفر ـ الذكر من الضباع ، والشيخ الأحمق ، ويهودي كان بالمدينة ، ورجل لحياني كان يشبه به عثمان إذا نيل منه.

(٧) في المصدر : لا يمنعنك.

(٨) لا توجد في ( ك‍ ) : كان.

٤٨٤

عائشة : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ، تعني عثمان ، وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة.

٨ ـ ما (١) : أحمد بن محمد بن الصلت ، عن ابن عقدة الحافظ ، عن جعفر بن (٢) عبد الله العلوي ، عن عمه القاسم بن جعفر بن عبد الله ، عن عبد الله بن محمد بن عبد الله ، عن أبيه (٣) ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، قال : لما نزل المصريون بعثمان بن عفان في مرتهم الثانية دعا مروان بن الحكم فاستشاره ، فقال له : إن القوم ليس هم لأحد أطوع منهم لعلي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو أطوع الناس في الناس ، فابعثه إليهم فليعطهم الرضا وليأخذ لك عليهم الطاعة ، ويحذرهم الفتنة ، فكتب عثمان إلى علي بن أبي طالب عليه السلام : سلام عليك ، أما بعد ، فإنه قد جاز السيل الزبى ، وبلغ الحزام الطبيين ، وارتفع أمر الناس بي فوق قدره ، وطمع في من كان يعجز عن نفسه ، فأقبل علي أو لي ، وتمثل :

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل

وإلا فأدركني ولما أمزق

والسلام.

فجاءه علي عليه السلام ، فقال : يا أبا الحسن! ائت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله. فقال : نعم ، إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أن تفيء لهم بكل شيء أعطيته عنك (٤). فقال : نعم ، فأخذ عليه عهدا غليظا ، ومشى إلى القوم فلما دنا منهم قالوا : وراءك. قال : لا. قالوا : وراءك. قال : لا ، فجاء بعضهم ليدفع في صدره (٥) ، فقال القوم بعضهم لبعض :

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ٢ ـ ٣٢٣ ـ ٣٢٥ ، بتفصيل في الإسناد كالمعتاد.

(٢) في المصدر بدل : بن ، أبو.

(٣) لا توجد في الأمالي : عن أبيه.

(٤) في الأمالي زيادة : لهم.

(٥) في المصدر زيادة : حين قال ذلك.

٤٨٥

سبحان الله! أتاكم ابن عم رسول الله يعرض كتاب الله .. اسمعوا منه واقبلوا ، قالوا : تضمن لنا كذلك؟. قال : نعم ، فأقبل معه أشرافهم ووجوههم حتى دخلوا (١) على عثمان فعاتبوه ، فأجابهم إلى ما أحبوا ، فقالوا : اكتب لنا على هذا كتابا ، وليضمن علي عنك ما في الكتاب. قال : اكتبوا أنى شئتم ، فكتبوا بينهم : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، هذا ما كتب عبد الله عثمان (٢) أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين ، أن لكم علي أن أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ، وأن المحروم يعطى ، وأن الخائف يؤمن ، وأن المنفي يرد ، وأن المبعوث لا يجمر ، وأن الفيء لا يكون ( دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ ) ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام ضامن للمؤمنين والمسلمين على عثمان الوفاء لهم على ما في (٣) الكتاب ، و (٤) شهد الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن مالك وعبد الله بن عمر وأبو أيوب بن زيد ، وكتب في ذي القعدة سنة خمس وعشرين ، فأخذوا الكتاب ثم انصرفوا ، فلما نزلوا أيلة إذا هم براكب فأخذوه ، فقالوا : من أنت؟. قال : أنا رسول عثمان إلى عبد الله بن سعد ، قال : بعضهم لبعض لو فتشناه لئلا يكون (٥) قد كتب فينا ، ففتشوه فلم يجدوا معه شيئا ، فقال كنانة بن بشر النجيبي (٦) : انظروا إلى أدواته فإن للناس حيلا ، فإذا قارورة مختومة بموم ، فإذا فيها كتاب إلى عبد الله بن سعد : إذا جاءك كتابي هذا فاقطع (٧) أيدي الثلاثة مع أرجلهم ، فلما قرءوا الكتاب رجعوا حتى أتوا عليا عليه السلام ، فأتاه فدخل عليه ، فقال : استعتبك القوم فأعتبتهم (٨)

__________________

(١) في الأمالي : دخل.

(٢) في الأمالي زيادة : بن عفان.

(٣) في المصدر زيادة : هذا.

(٤) لا توجد الواو في ( س ) والمصدر.

(٥) كتبت في المصدر هكذا : لأن لا يكون.

(٦) في المصدر : البجي.

(٧) في ( س ) : فقطع.

(٨) في المصدر : استغشك القوم فأعتبهم.

٤٨٦

ثم كتبت هذا كتابك نعرفه (١)؟! ، الخط الخط ، والخاتم الخاتم ، فخرج علي عليه السلام مغضبا وأقبل الناس عليه ، فخرج سعد من المدينة فلقيه رجل فقال : يا أبا إسحاق! أين تريد؟. قال : إني (٢) فررت بديني من مكة إلى المدينة ، وأنا اليوم أهرب بديني من المدينة إلى مكة. وقال الحسن بن علي لعلي عليهما السلام حين أحاط الناس بعثمان ـ : اخرج من المدينة واعتزل ، فإن الناس لا بد لهم منك ، وإنهم لا يأتونك (٣) ولو كنت بصنعاء (٤) ، وأخاف أن يقتل هذا الرجل وأنت حاضره. فقال : يا بني! أخرج عن دار هجرتي ، وما أظن أحدا يجترئ على هذا القول كله ، وقام كنانة بن بشر ، فقال : يا عبد الله! أقم لنا كتاب الله ، فإنا لا نرضى بالقول دون الفعل ، قد كتبت وأشهدت لنا شهودا وأعطيتنا عهد الله وميثاقه ، فقال : ما كتبت بينكم كتابا ، فقام إليه المغيرة بن الأخنس وضرب بكتابه وجهه وخرج إليهم عثمان ليكلمهم : ، فصعد المنبر ، فرفعت عائشة قميص رسول الله صلى الله عليه وآله ونادت : أيها الناس! هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبل وقد غيرت سنته ، فنهض الناس وكثر (٥) اللغط (٦) وحصبوا (٧) عثمان حتى نزل من المنبر ودخل (٨) بيته ، فكتب نسخة واحدة إلى معاوية وعبد الله بن عامر ، أما بعد : فإن أهل السفه والبغي والعدوان من أهل العراق ومصر والمدينة أحاطوا بداري ولن يرضيهم مني دون خلعي أو قتلي ، وأنا ملاقي الله قبل أن أتابعهم على

__________________

(١) في الأمالي : تعرفه.

(٢) في المصدر زيادة : قد.

(٣) في الأمالي : وإن هم يأتونك ، وهو الظاهر.

(٤) في الأمالي زيادة : اليمن.

(٥) في مطبوع البحار : وكسر ، وهو غلط.

(٦) قال في النهاية ٤ ـ ٢٥٧ : اللغط : صوت وضجة لا يفهم معناها.

(٧) قال في النهاية ١ ـ ٣٩٤ : وفي حديث مقتل عثمان : أنهم تخاصموا في المسجد حتى أبصر أديم السماء .. أي تراموا بالحصباء .. وحصبهما .. أي رجمهما بالحصباء ليسكتهما.

(٨) في المصدر : فدخل.

٤٨٧

شيء من ذلك فأعينوني.

فلما بلغ كتابه ابن عامر ، قام وقال : أيها الناس! إن أمير المؤمنين عثمان ذكر أن شرذمة من أهل مصر والعراق نزلوا بساحته فدعاهم إلى الحق فلم يجيبوا ، فكتب إلي (١) أن أبعث إليه منكم ذوي الرأي والدين والصلاح لعل الله أن يدفع عنه ظلم الظالم وعدوان المعتدي (٢).

فلم يجيبوه إلى الخروج.

ثم إنه (٣) قيل لعلي عليه السلام إن عثمان قد منع الماء فأمر بالروايا (٤) فعكمت (٥) ، وجاء الناس (٦) علي عليه السلام فصاح بهم صيحة انفرجوا .. فدخلت الروايا ، فلما رأى علي عليه السلام اجتماع الناس (٧) دخل على طلحة بن عبيد الله وهو متكئ على وسائد ـ ، فقال : إن الرجل مقتول فامنعوه. فقال : أم والله دون أن تعطي بنو أمية الحق من أنفسها.

٩ ـ نهج (٨) : من كلام له عليه السلام لما اجتمع الناس عليه وشكوا ما نقموه على عثمان ، وسألوه مخاطبته عنهم واستعتابه لهم ، فدخل عليه ، فقال : إن الناس ورائي وقد استسفروني بينك وبينهم ، وو الله ما أدري ما أقول لك؟ ، ما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه (٩) ، إنك لتعلم ما نعلم ما

__________________

(١) لا توجد : إلي ، في المصدر.

(٢) في الأمالي : الظالمين ... المعتدين.

(٣) هنا سقط جاء في المصدر وهو : نزل ، فقدموا من كل فج حتى حضروا المدينة و ..

(٤) الروايا من الإبل : الحوامل للماء ، واحدتها : راوية ، قاله في النهاية ٢ ـ ٢٧٩ ، وفي الأمالي : الروايا بدون باء.

(٥) قال في القاموس ٤ ـ ١٥٣ : عكم المتاع يعكمه : شده بثوب.

(٦) في المصدر : للناس.

(٧) في الأمالي زيادة : ووجوههم.

(٨) نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ٢ ـ ٦٨ ، صبحي صالح : ٢٣٤ خطبة ١٦٤ ، باختلاف يسير بينهما ، وكذا مع الأصل.

(٩) في ( س ) : نعرفه.

٤٨٨

سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ولا خلونا بشيء فنبلغكه ، وقد رأيت كما رأينا ، وسمعت كما سمعنا ، وصحبت رسول الله صلى الله عليه وآله كما صحبنا ، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك ، وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وشيجة رحم منهما ، وقد نلت من صهره ما لم ينالا ، فالله .. الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمي ولا تعلم من جهل ، وإن الطرق لواضحة وإن أعلام الدين لقائمة ، فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدي وهدى فأقام سنة معلومة وأمات بدعة مجهولة ، وإن السنن لنيرة لها أعلام ، وإن البدع لظاهرة (١) لها أعلام ، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به ، فأمات سنة مأخوذة وأحيا بدعة متروكة ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم فيدور فيها كما تدور الرحى ، ثم يرتبط في قعرها ، وإني أنشدك الله أن تكون (٢) إمام هذه الأمة المقتول (٣) ، فإنه كان يقال يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ، وتلبس (٤) أمورها عليها ويبث الفتن فيها فلا يبصرون الحق من الباطل يموجون فيها موجا ويمرجون فيها مرجا ، فلا تكونن (٥) لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السن وتقضي العمر. فقال له عثمان : كلم الناس في أن يؤجلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم. فقال علي عليه السلام : ما كان بالمدينة فلا أجل فيه ، وما غاب فأجله وصول أمرك إليه (٦).

__________________

(١) في ( ك‍ ) : الظاهرة.

(٢) في نهج ـ محمد عبده ـ : أن لا تكون.

(٣) في البحار ـ الحجري ـ : المقتولة.

(٤) في المصدر : يلبس.

(٥) في ( س ) : فلا تكون.

(٦) وانظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ ـ ٢٦١ ، وشرح ابن ميثم البحراني ٣ ـ ٣٠٢ ، ومنهاج البراعة ٢ ـ ١٢٧ ـ ١٣٢.

٤٨٩

توضيح : الاستعتاب : طلب العتبى (١) وهو الرجوع (٢) والرضا (٣).

قوله عليه‌السلام : ما أعرف شيئا تجهله .. الغرض بيان وضوح قبائح أعماله بحيث يعرفه الصبيان لا بيان وفور علمه (٤).

قوله عليه‌السلام : وأنت أقرب .. الواو للحال ، ويحتمل العطف ، والوشيجة تميزه ، وهي عرق الشجرة .. والواشجة : الرحم المشتبكة ، وقد وشجت بك قرابة فلان والاسم : الوشيج ، ذكره الجوهري (٥).

قوله عليه‌السلام : فإنه كان يقال .. أي كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول وأبهم عليه‌السلام لمصلحة ، والمراد بالإمام إمام يدعو إلى النار.

وقال الجوهري (٦) : مرجت .. : فسدت ، ومرج .. : اختلط واضطرب ، .. ومنه الهرج والمرج.

والسيقة بتشديد الياء المكسورة ـ : ما استاقه العدو من الدواب (٧).

وفي القاموس (٨) : جل يجل جلالة وجلالا : أسن.

__________________

(١) قاله في مجمع البحرين ٢ ـ ١١٤ ، والقاموس ١ ـ ١٠٠ ، ولسان العرب ١ ـ ٥٧٩ ، وقارن بالصحاح ١ ـ ١٧٦.

(٢) ذكره في النهاية ٣ ـ ١٧٥ ، ولسان العرب ١ ـ ٥٧٧ ، ومجمع البحرين ٢ ـ ١١٤.

(٣) صرح بالأخير صاحب القاموس ١ ـ ١٠٠ ، ولسان العرب ١ ـ ٥٧٨.

(٤) قال القطب الراوندي في شرحه ـ منهاج البراعة ـ ٢ ـ ١٣٢ في شرح هذه العبارة : ليس هذا إقرارا بأنه يعلم من العلوم الدينية والأحكام الشرعية مثل ما يعلمه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، بل هو عليه‌السلام كان يراقب جانبه ويداريه ويقول قولا لينا لعله يتذكر ، والعرب تتكلم بالمطلق من الكلام ومرادهم شيء مخصوص من جملة ما يقع عليه.

أقول : ولعل مراده صلوات الله عليه وآله أن الحجة عليك تامة ، ولا أعرف شيئا تجهله مما يدينك ويحكمك ، فتأمل.

(٥) الصحاح ١ ـ ٣٤٧ ، ومثله في لسان العرب ٢ ـ ٣٩٨. وانظر : مجمع البحرين ٢ ـ ٣٣٤.

(٦) الصحاح ١ ـ ٣٤١ ، ومثله في النهاية ٤ ـ ٣١٤ ، وفي لسان العرب ٢ ـ ٣٦٥.

(٧) قاله في لسان العرب ١ ـ ١٦٧ ، والصحاح ٤ ـ ١٤٩٩.

(٨) القاموس ٣ ـ ٣٤٩ ، ومثله في لسان العرب ١١ ـ ١١٧.

٤٩٠

١٠ ـ الكافية في إبطال توبة الخاطئة (١) : عن محمد بن إسحاق ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : كنت مع عثمان وهو محصور ، فلما عرف أنه مقتول بعثني وعبد الرحمن بن أزهر إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقد استولى طلحة بن عبيد الله على الأمر ـ ، فقال : انطلقا فقولا له : أما إنك أولى بالأمر من ابن الحصرمية (٢) فلا يغلبنك على أمة ابن عمك.

وعن (٣) الفضيل بن وكين [ دكين ] ، عن فطر ، عن عمران الخزاعي ، عن ميسرة بن جدير (٤) ، قال : كنت عند الزبير عند أحجار الزيت وهو آخذ بيدي ، فأتاه رجل يشتد ، فقال : يا أبا عبد الله! إن أهل الدار قد حيل بينهم وبين الماء ، فسمعته يقول : دبروا بها دبروا : ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ) (٥).

وعن (٦) إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : قيل لطلحة : هذا عثمان قد منع الطعام والشراب ، فقال : إما تعطيني بنو أمية الحق من أنفسها ، وإلا فلا.

وعن (٧) محمد بن فضيل بن غزوان ، عن زيد (٨) بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : رأيت طلحة يرامي في (٩) أهل الدار وهو في خرقة (١٠)

__________________

(١) الكافية للشيخ المفيد : ٧ ـ ٨ الرسالة الثانية من المجلد السادس من طبعة المؤتمر العالمي.

(٢) في المصدر : ابن الحضرمية ، وهو الظاهر.

(٣) الكافية : ١١ حديث ٦ ، وفيه : عن الفضل بن دكين عن فطر بن خليفة.

(٤) في المصدر : جرير ، وكذا جاء في الجمل للشيخ المفيد رحمه‌الله : ٢٣٢.

(٥) سبأ : ٥٤.

(٦) الكافية في توبة الخاطئة للشيخ المفيد : ٨ حديث ٢.

(٧) الكافية : ٨ ـ ٩ حديث ٣.

(٨) في المصدر : يزيد ، بدلا من : زيد ، وهو الظاهر.

(٩) خط على : في ، في ( ك‍ ).

(١٠) جاء في حاشية ( ك‍ ) هنا : وخزة سوداء. أقول : والظاهر أنها نسخة بدل من : خرقة.

٤٩١

وعليه الدرع وقد كفر عليها بقباء (١) فهم يرامونه فيخرجونه من الدار ثم يخرج فيراميهم حتى دخل عليه من قبل دار ابن حزم فقتل.

وعن (٢) موسى بن مصيطر (٣) ، عن الأعمش ، عن مسروق ، قال : دخلت المدينة فبدأنا بطلحة ، فخرج مشتملا بقطيفة له حمراء ، فذكرنا له أمر عثمان فصيح القوم ، فقال : قد كاد سفهاؤكم أن يغلبوا حلماءكم على المنطق ، قال (٤) : أجئتم معكم بحطب وإلا فخذوا هاتين الحزمتين فاذهبوا بهما إلى بابه ، فخرجنا من عنده وأتينا الزبير ، فقال مثل قوله ، فخرجنا حتى أتينا عليا عليه السلام عند أحجار (٥) الزيت فذكرنا أمره ، فقال : استتيبوا الرجل ولا تعجلوا ، فإن رجع مما هو عليه وتاب فاقبلوا منه (٦).

وعن (٧) إسحاق بن راشد ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن أن أبي أروى [ روى ] (٨) أن طلحة بن عبيد الله استولى على أمر عثمان وصارت المفاتيح بيده ، وأخذ لقاحا (٩) كانت لعثمان ، وأخذ ما كان في داره ، فمكث بذلك ثلاثة أيام.

__________________

(١) في المصدر : نقبا.

(٢) الكافية للشيخ المفيد : ٩ ـ ١٠ حديث ٤.

(٣) قد كتب فوق كلمة : مصيطر في ( س ) : كذا ، وفي المصدر : مطير ، وهو الظاهر.

(٤) في المصدر : ثم قال.

(٥) في ( س ) : أحجاز.

(٦) في المصدر : وإلا فانظروا ، بدلا من : فاقبلوا منه.

أقول : قال البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٣٠ : إن أول من دعا إلى خلع عثمان والبيعة لعلي عمرو بن زرارة بن قيس النخعي وكميل بن زياد بن نهيك النخعي ، فقام عمرو بن زرارة ، فقال : أيها الناس! إن عثمان قد ترك الحق وهو يعرفه ، وقد أغرى بصلحائكم يولي عليهم شراركم .. إلى آخره ، وقد جاء في أسد الغابة ٤ ـ ١٠٤ ، والإصابة ١ ـ ٥٤٨ ، و ٢ ـ ٥٣٦ ، وغيرهما.

(٧) الكافية في توبة الخاطئة للشيخ المفيد : ١٠ حديث ٥.

(٨) كذا ، والظاهر : روى ـ بدون همزة ـ ، والصحيح : ابن أبزى ، أي عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي ، كما جاء في كتب التراجم. لاحظ هامش المصدر.

(٩) قال في النهاية : ٤ ـ ٢٦٢ : اللقحة ـ بالكسر والفتح ـ الناقة القريبة العهد بالنتاج ، والجمع لقح ، وناقة لقوح : إذا كانت غزيرة اللبن .. واللقاح : ذوات الألبان.

٤٩٢

١١ ـ د (١) : في الثامن عشر من ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين من الهجرة قتل عثمان بن عفان بن الحكم بن أبي العاص بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي (٢) ، كنيته : أبو عمرو ، وأبو عبد الله ، وأبو ليلى ، مولده في السنة السادسة بعد (٣) الفيل بعد ميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله بقليل.

مدة ولايته اثنتا عشرة سنة إلا أياما ، قتل بالسيف وله يومئذ اثنتان وثمانون سنة ، وقيل : ست وثمانون سنة ، وأخرج من الدار وألقي على بعض مزابل المدينة لا يقدم أحد على مواراته خوفا من المهاجرين والأنصار ، حتى احتيل لدفنه بعد ثلاث ، فأخذ سرا فدفن في حش كوكب ، وهي مقبرة كانت لليهود بالمدينة ، فلما ولي معاوية بن أبي سفيان وصلها بمقابر أهل الإسلام.

وفي هذا اليوم بعينه بايع الناس أمير المؤمنين عليه السلام بعد عثمان ، ورجع الأمر إليه في الظاهر والباطن ، واتفقت الكافة عليه طوعا بالاختيار (٤) ، وفي هذا اليوم فلج موسى بن عمران من السحرة (٥) ، وأخزى الله عز وجل فرعون وجنوده من أهل الكفر والضلال ، وفيه نجى الله تعالى إبراهيم عليه السلام من النار وجعلها بردا وسلاما كما نطق به القرآن ، وفيه نصب موسى بن عمران وصيه يوشع بن نون ونطق بفضله على رءوس الأشهاد ، وفيه أظهر عيسى وصيه شمعون الصفا ، وفيه أشهد سليمان بن داود عليهما السلام سائر رعيته على استخلاف آصف وصيه عليه السلام ، وفيه نصب رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام (٦) ودل على فضله بالآيات والبينات ، وهو يوم كثير البركات.

__________________

(١) العدد القوية في المخاوف اليومية : ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٢) في المصدر زيادة : وهو أول خلفاء بني أمية. وإلى هنا قد أورده المصنف ـ رحمه‌الله ـ في بحاره ٩٨ ـ ١٩٤ أيضا.

(٣) في العدد زيادة : عام.

(٤) ومن قوله : في هذا اليوم .. إلى هنا ذكره العلامة المجلسي أيضا في بحاره ٩٨ ـ ١٩٤.

(٥) في المصدر : فلح موسى بن عمران على السحرة .. وهو الظاهر.

(٦) من قوله : وفيه نصب .. إلى هنا لا يوجد في العدد المطبوع.

٤٩٣

١٢ ـ ختص (١) : قتل عثمان بن عفان (٢) وهو ابن إحدى وثمانين سنة ، وولي الأمر اثنتي عشرة سنة.

أقول : قال ابن عبد البر في الإستيعاب (٣) : عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي ، يكنى : أبا عبد الله ، وأبا عمرو (٤) ، وولد في السنة السادسة بعد الفيل ، أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمها البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] (٥) ، زوجه رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] ابنتيه رقية ثم أم كلثوم واحدة بعد أخرى (٦) ، وبويع له بالخلافة يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين بعد دفن عمر بن الخطاب بثلاثة أيام باجتماع الناس عليه ، وقتل بالمدينة يوم الجمعة لثمان عشرة أو سبع عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكره المدائني ، عن أبي معشر ، عن نافع.

وقال المعتمر ، عن أبيه ، عن أبي عثمان النهدي : قتل في وسط أيام التشريق. وقال ابن إسحاق : قتل عثمان على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما من مقتل عمر بن الخطاب. وعلى رأس خمس وعشرين (٧) من متوفى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ].

__________________

(١) الاختصاص : ١٣٠.

(٢) لا يوجد في ( س ) والمصدر : بن عفان.

(٣) الاستيعاب المطبوع هامش الإصابة ٣ ـ ٦٩ ـ ٨١ ، وهي مقاطع من كلامه هناك.

(٤) هنا سقط يراجع الاستيعاب.

(٥) هنا سقط كثير يراجع المصدر ٣ ـ ٧٠ ـ ٧١.

(٦) في المصدر : بعد واحدة. ثم بعده سقط جاء في صفحة : ٧١.

(٧) في المصدر : بعد واحدة. ثم بعده سقط جاء في صفحة : ٧١.

٤٩٤

وقال الواقدي : قتل (١) يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين.

وقد قيل : إنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة ، وقد روي ذلك عن الواقدي أيضا.

و (٢) قال الواقدي : وحاصروه تسعة وأربعين يوما ، وقال الزبير : حاصروه شهرين وعشرين يوما ، وكان أول من دخل عليه الدار (٣) محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته ، فقال له (٤) : دعها يا ابن أخي فو الله (٥) لقد كان أبوك يكرمها ، فاستحى وخرج ، ثم دخل رومان بن أبي (٦) سرحان رجل أزرق قصير محدود عداده في مراد ، وهو من ذي أصبح معه خنجر فاستقبله به وقال : على أي دين أنت يا نعثل؟. فقال عثمان : لست بنعثل ، ولكني عثمان بن عفان ، وأنا على ملة إبراهيم ( حَنِيفاً مُسْلِماً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) قال : كذبت ، وضربه على صدغه الأيسر فقتله ، فخر ، وأدخلته امرأته نائلة بينها وبين ثيابها ، وكانت امرأة جسيمة ، ودخل رجل من أهل مصر معه السيف مصلتا ، فقال : والله لأقطعن أنفه ، فعالج المرأة فكشف عن ذراعيها وقبضت على السيف فقطع إبهامها ، فقالت لغلام عثمان (٧) يقال له : رباح ومعه سيف عثمان : أعني على هذا وأخرجه عني ، فضربه الغلام بالسيف فقتله ، وأقام (٨) عثمان يومه ذلك مطروحا إلى الليل فحمله رجال على باب

__________________

(١) في المصدر زيادة : عثمان.

(٢) خط على الواو في ( ك‍ ).

(٣) في الاستيعاب ٢ ـ ٤٧٧ ـ ٤٧٨ : الدار عليه ـ بتقديم وتأخير ـ.

(٤) لا توجد : له ، في المصدر.

(٥) في الاستيعاب : والله.

(٦) لا توجد في المصدر : أبي.

(٧) في المصدر : لعثمان.

(٨) في الاستيعاب : وبقي ، بدلا من : وأقام.

٤٩٥

ليدفنوه فعرض لهم ناس ليمنعوهم (١) من دفنه ، فوجدوا قبرا قد كان حفر لغيره فدفنوه فيه ، وصلى عليه جبير بن مطعم.

واختلف فيمن باشر قتله بنفسه ، فقيل : محمد بن أبي بكر ضربه بمشقص ، وقيل : بل حبسه محمد وأشعره (٢) غيره ، وكان الذي قتله سودان بن حمران ، وقيل : بل ولي قتله رومان اليماني ، وقيل : بل رومان رجل من بني أسد بن خزيمة (٣) ، وقيل : (٤) إن محمد بن أبي بكر أخذ بلحيته فهزها ، وقال : ما أغنى عنك معاوية ، وما أغنى عنك ابن أبي سرح ، ما (٥) أغنى عنك ابن عامر. فقال له : يا ابن أخي! أرسل لحيتي والله (٦) إنك لتجبذ (٧) لحية كانت تعز على أبيك ، وما كان أبوك يرضى مجلسك هذا مني ، فيقال : إنه حينئذ تركه وخرج عنه ، ويقال : إنه حينئذ أشار إلى من (٨) معه فطعنه أحدهم وقتلوه ، فالله (٩) أعلم. وأكثرهم يروي أن قطرة أو قطرات من دمه سقطت على المصحف على قوله (١٠) : ( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (١١).

وروي أنه قتله رجل من أهل مصر يقال له : جبلة بن الأيهم ، ثم طاف

__________________

(١) قد تقرأ في ( ك‍ ) : ليمنعونهم.

(٢) في المصدر : محمد بن أبي بكر وأسعده.

(٣) في الاستيعاب : حزيمة.

(٤) جاءت زيادة : بل ، في المصدر.

(٥) في المصدر : وما ، وقد كتب على الواو رمز الاستظهار في ( ك‍ ) ولا توجد في ( س ).

(٦) في المصدر : فو الله.

(٧) قال في النهاية ١ ـ ٢٣٥ : الجبذ لغة في الجذب ، وقيل : هو مقلوب.

(٨) زيادة : كان ، في الاستيعاب.

(٩) في المصدر : والله.

(١٠) الزيادة في المصدر : جل وعلا.

(١١) البقرة : ١٣٧. وما بعدها نقل بالمعنى عن المصدر.

٤٩٦

بالمدينة ثلاثا يقول : أنا قاتل نعثل (١) ، ثم روى خبر دفنه كما مر (٢).

وقال (٣) : واختلف في سنه حين قتل (٤) ، فقال ابن إسحاق : قتل وهو ابن ثمانين سنة ، وقال غيره : ابن ثمان وثمانين (٥) ، وقيل : ابن تسعين (٦) ، وقال قتادة (٧) : ابن ست وثمانين (٨). وقال الواقدي : لا خلاف عندنا أنه قتل وهو ابن اثنتين (٩) وثمانين سنة ، وقيل : ابن تسعين سنة (١٠). ودفن ليلا بموضع يقال له :

__________________

(١) وأخرج الحاكم في المستدرك ٣ ـ ١٠٦ بإسناده عن كنانة العدوي ، قال : كنت فيمن حاصر عثمان ، قال : قلت : محمد بن أبي بكر قتله؟. قال : لا ، قتله جبلة بن الأيهم ـ رجل من أهل مصر ـ قال : وقيل : قتله كبيرة السكوني ، فقتل في الوقت. وقيل : قتله كنانة بن بشر التجيبي ، ثم قال : ولعلهم اشتركوا في قتله. وذكر الاختلاف في قتل عثمان المحب الطبري في رياضه ٢ ـ ١٣٠ ، وابن عساكر في تاريخه ٧ ـ ١٧٥ وغيرهما.

(٢) أقول : روى ابن عبد البر في الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ٣ ـ ٣٤١ ـ ٣٤٢ وفي ٣ ـ ٣٥٣ ما حاصله ـ أنه كان أشد الناس على التأليب على عثمان المحمدون : محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن أبي حذيفة ، ومحمد بن عمرو بن حزم.

ثم إن الحجاج لما قدم المدينة أقام بها شهرا أو شهرين فأساء إلى أهلها واستخف بهم ، وقال : إنهم قتلة أمير المؤمنين عثمان! ، وختم يد جابر بن عبد الله ( الأنصاري ) برصاص وأيدي قوم آخرين كما يفعل بالذمة ، منهم : أنس بن مالك ختم عنقه ، وأرسل إلى سهل بن سعد فدعاه ، فقال : ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان؟. قال : قد فعلت. قال : كذبت ، ثم أمر به فختم في عنقه برصاص!. كما أورده البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٣٧٣ ، والطبري في تاريخه ٧ ـ ٢٠٦ ، وابن الأثير في الكامل ٤ ـ ١٤٩ ، وغيرهم.

وصرح في الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ٣ ـ ١٩٩ في ترجمة فروة بن عمرو أنه كان ممن أعان على قتل عثمان ، وبه قال في أسد الغابة ٤ ـ ١٧٩ ، والإصابة ٣ ـ ٢٠٤ ، وشرح الموطإ للزرقاني ١ ـ ١٥٢.

(٣) الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ٣ ـ ٨٠ [ ٢ ـ ٤٧٧ ـ ٤٧٨ ].

(٤) في المصدر : قتلوه.

(٥) في الاستيعاب زيادة : وقتل وهو ابن ... سنة.

(٦) زيادة : سنة ، جاءت في المصدر.

(٧) في الاستيعاب زيادة : قتل عثمان وهو ..

(٨) زيادة : سنة ، جاءت في المصدر.

(٩) في المصدر : اثنين.

(١٠) لا يوجد في المصدر : وقيل ابن تسعين سنة ، وفيه : وهو قول ابن اليقظان.

٤٩٧

حش كوكب ، وكوكب رجل من الأنصار ، والحش البستان (١).

وقيل (٢) : صلى عليه عمرو ابنه ، وقيل : بل صلى عليه حكيم بن خرام [ حزام ] (٣) ، وقيل : المسور بن محزمة [ مخرمة ] (٤). وقيل : كانوا خمسة أو ستة .. فلما دفنوه غيبوا قبره.

وقال (٥) ابن إسحاق : كانت ولايته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوما (٦). وقال غيره : كانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما ، وقيل ثمانية عشر يوما.

أقول : روى مؤلف كتاب إلزام النواصب (٧) ، عن هشام بن محمد السائب ، أنه قال : وممن كان (٨) يلعب به ويفتحل (٩) عفان أبو عثمان ، قال : وكان يضرب بالدف.

__________________

(١) قال في النهاية ١ ـ ٣٩٠ : وفيه : أن هذه الحشوش محتضرة .. يعني الكنف ومواضع قضاء الحاجة ، الواحد حش ـ بالفتح ـ وأصله من الحش : البستان ، لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين ، ومنه حديث عثمان ( أنه دفن في حش كوكب ) وهو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع.

(٢) هنا كلام غير متصل ، وما يأتي مضمون الكلام.

(٣) في المصدر : حزام.

(٤) في الاستيعاب : مخرمة.

(٥) في المصدر : قال ـ بلا واو ـ.

(٦) زاد في المصدر : وقيل : ثمانية عشر يوما.

(٧) إلزام النواصب ـ من النسخة الخطية المصورة عندنا المرقمة بصفحة : ٩٨.

(٨) لا توجد : كان ، في المصدر.

(٩) قال في الصحاح ٥ ـ ١٧٨٩ : وأفحلته : إذا أعطيته فحلا يضرب في إبله ، وفحلت إبلي : إذا أرسلت فيها فحلا ، وتفحل .. أي تشبه بالفحل. هذا ولعل الافتحال بمعنى طلب الفحل. وفي الاستيعاب : يقتحر ، ولم نجد له معنى مناسبا في ما بأيدينا من مصادر لغوية.

٤٩٨

[٣٠] باب

تبري أمير المؤمنين عليه‌السلام عن دم عثمان وعدم إنكاره أيضا

١ ـ نهج (١) : من كلام له عليه السلام في قتل عثمان : لو أمرت به لكنت قاتلا ، أو نهيت عنه لكنت ناصرا ، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه ، ومن خذله لا يستطيع أن يقول نصره من هو خير مني ، وأنا جامع لكم أمره ، استأثر فأساء الأثرة ، وجزعتم فأسأتم الجزع ، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع (٢).

بيان :

قال ابن أبي الحديد (٣) : معناه أن خاذليه كانوا خيرا من ناصريه ، لأن الذين نصروه كانوا (٤) فساقا كمروان بن الحكم وأضرابه ، وخذله المهاجرون والأنصار.

والمستأثر بالشيء : المستبد به (٥) .. أي أساء عثمان في استقلاله برأيه في

__________________

(١) نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ١ ـ ٧٥ ، صبحي صالح : ٧٣ خطبة : ٣٠.

(٢) ولقد أجاد ابن ميثم رحمه‌الله في شرحه للخطبة في ٢ ـ ٥٤ ـ ٥٩ وبيان مراده عليه‌السلام ، فراجع.

(٣) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ ـ ١٢٨.

(٤) في المصدر : كان أكثرهم.

(٥) قاله في مجمع البحرين ٣ ـ ١٩٩ ، والقاموس ١ ـ ٣٦٢ ، وغيرهما.

٤٩٩

الخلافة وإحداث ما أحدث.

قوله عليه‌السلام : لله حكم واقع .. أي ثابت محقق (١) في علمه تعالى ، فالحكم يحتمل الدنيوي والأخروي أو سيقع ويتحقق خارجا في الآخرة أو في الدنيا ، لأن مجموعه لم يتحقق بعد وإن تحقق بعضه.

٢ ـ نهج (٢) : من كلام له عليه السلام لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان :

أولم ينه بني (٣) أمية علمها بي عن قرفي؟ ، أما وزع الجهال سابقتي عن تهمتي؟و لما وعظهم الله به أبلغ من لساني (٤) ، أنا حجيج المارقين ، وخصيم المرتابين (٥) ، على كتاب الله تعالى تعرض الأمثال ، وبما في الصدور تجازى العباد.

توضيح : قرفه كضربه ـ .. أي اتهمه (٦).

ووزعه عنه : صرفه وكفه (٧).

__________________

(١) قال في القاموس ٣ ـ ٩٦ : وقع القول : وجب ، والحق : ثبت.

(٢) نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ١ ـ ١٢٥ ، صبحي صالح : ١٠٢ خطبة : ٧٥ ، بتصرف.

(٣) لا توجد في مطبوع البحار : بني.

(٤) قال ابن ميثم ; في شرح قوله عليه‌السلام : ولما وعظهم الله به أبلغ من لساني : ٢ ـ ٢٠٦ : تعذير لنفسه في عدم ردعه لهم عن الغيبة وأمثالها .. أي إذا كان وعظ الله لهم ـ مع كونه أبلغ من كلامي ـ لا يردعهم ، فكلامي بطريق الأولى! وزواجر كتاب الله كقوله : (إن بعض الظن إثم) ... ونحوه من القرآن كثير ، وأراد بلسانه وعظه مجازا إطلاقا لاسم السبب على المسبب.

وانظر ما جاء في شرح ابن أبي الحديد ٦ ـ ١٦٩ ، ومنهاج البراعة ١ ـ ٢٩٩ ، وغيرهما.

(٥) في نهج البلاغة ـ صبحي صالح ـ : وخصيم الناكثين.

(٦) قاله في القاموس ٣ ـ ١٨٤ ، والصحاح ٤ ـ ١٤١٥.

(٧) قال في مجمع البحرين ٤ ـ ٤٠٢ : ووزعته وزعا : كففته فاتزع .. أي كف ، ومنه حديث علي عليه‌السلام : أما وزع الجهال سابقتي عن تهمتي .. أي دفع وكف ، وقال في المصباح المنير ٢ ـ ٣٧٧ : وزعته عن الأمر أزعه وزعا ـ من باب وهب ـ : منعته عنه وحبسته. وقال في النهاية ٥ ـ ١٨٠ : ..

لا يزعني .. أي لا يزجرني ولا ينهاني. ولاحظ : القاموس ٣ ـ ٩٣ ، والصحاح ٣ ـ ١٢٩٧.

٥٠٠