بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ألفا وخمسمائة أو ثلاثمائة (١) ، وقد كان منهم من يرتكب أنواع المحرمات ، وهل يقول عاقل بعدم صدور كبيرة واحدة عن أحد من هؤلاء مع كثرتهم.

وما تمسك به من حديث بشارة العشرة (٢) فبعد ما عرفت من أنها من الروايات التي تفردوا بها وقامت الشواهد على ضعفها وبطلانها ، يتوجه عليه أن الرواية على تقدير صحتها ـ لا تدل على صلاحية الإمامة ، إذ ليس جميع أهل الجنة مستأهلين للإمامة ، وليس المانع عنه مقصورا على ارتكاب الكبيرة المخرجة عن الإسلام الموجبة لدخول النار على ما زعمه ابن أبي الحديد (٣) وأصحابه ـ.

ومن جملة الموانع الضعف عن القيام بأمر الإمامة وعدم القدرة على دفع الأشرار والجهل بالأحكام ، وعدم استقرار الرأي لضعف العقل ونحو ذلك.

ومن جملة مطاعنه الضعف عن منع الأشرار والفساق من بني أمية ، وقد عزم غير مرة على عزل كثير منهم لما رأى من ظلمهم وانحراف الناس عنه لأجلهم فحال مروان بينه وبين ما أراد حتى حصبوه على المنبر ، وآل الحال إلى الحصر والقتل.

ومنها الجهل بكثير من الأحكام كما عرفت ، فبعد تسليم الرواية أيضا لا يتم الجواب.

أقول : وعد (٤) أبو الصلاح في تقريب المعارف (٥) من بدعه تقليد عبد الله بن عامر بن كريز على البصرة للخئولة التي بينهما ، وعبد الله بن أبي سرح على مصر

__________________

(١) وقيل : ألفا وأربعمائة أو أكثر ، انظر : صحيح البخاري ٧ ـ ٢٢٣ في تفسير سورة الفتح ، وتفسير القرطبي ١٦ ـ ٢٧٦ ، وانظر : بحار الأنوار ٣٦ ـ ١٢١ و ٢٠ ـ ٣٥٤ ـ ٣٥٨.

(٢) تحدث شيخنا الأميني في غديره ١٠ ـ ١١٨ ـ ١٢٨ عن حديث العشرة المبشرة سندا ومتنا ، فلاحظه. وكذا ذكر فضائل عثمان الموضوعة المختلفة وناقشها بما لا مزيد عليه في الغدير ٨ ـ ١٢٦ ، و ٩ ـ ٣٢٨ ـ ٣٣٨ ، و ١٠ ـ ١٣٧ ـ ١٩٠ و ٢١٢.

(٣) شرح ابن أبي الحديد ٣ ـ ٦٩.

(٤) في المطبوع من البحار : وعدا.

(٥) تقريب المعارف : لم يطبع هذا القسم من الكتاب لمصالح رآها مصححه.

٢٦١

للرضاعة التي بينهما ، ويعلى بن أمية على اليمن ، وأسيد بن الأخنس بن شريق على البحرين لكونه ابن عمته ، وعزل المأمونين من الصحابة على الدين المختارين الولاية المرضيين السيرة. قال :

ومنها : استخفافه بعلي عليه‌السلام حين أنكر عليه تكذيب أبي ذر (١).

ومنها : عزل عبد الله بن الأرقم عن بيت المال لما أنكر عليه إطلاق الأموال لبني أمية بغير حق (٢).

ومنها : قوله لعبد الرحمن بن عوف : يا منافق! (٣) ، وهو الذي اختاره وعقد له (٤).

ومنها : حرمانه (٥) عائشة وحفصة ما كان أبو بكر وعمر يعطيانهما ، وسبه لعائشة وقوله وقد أنكرت عليه الأفاعيل القبيحة ـ : لئن لم تنته لأدخلن عليك الحجرة سودان الرجال وبيضانها!.

ومنها : حماية الكلإ وتحريمه على المسلمين وتخصصه به ومنع غلمانه الناس

__________________

(١) قد سلف بعض مصادره ، انظر منها : الأنساب ٥ ـ ٥٢ ـ ٥٤ ، طبقات ابن سعد ٤ ـ ١٦٨ ، مروج الذهب ١ ـ ٤٣٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ ـ ١٤٨ ، شرح ابن أبي الحديد ١ ـ ٢٤٠ ـ ٢٤٢ ، فتح الباري ٣ ـ ٢١٣ ، عمدة القاري ٤ ـ ٤٩١. ومنه قوله لعلي ـ عليه‌السلام : ما أنت بأفضل عندي من مروان!!!.

(٢) انظر : أنساب البلاذري ٥ ـ ٥٨. وذكر أبو عمر في الاستيعاب وابن حجر في الإصابة حديث عبد الله بن أرقم في ترجمته ورده ما بعث إليه من ثلاثمائة ألف درهم وقوله : والله لئن كان هذا من مال المسلمين ما بلغ قدر عملي أن أعطى ثلاثمائة ألف درهم ولئن كان من مال عثمان ما أحب أن آخذ من ماله شيئا.

(٣) لا توجد في ( س ) : يا منافق.

(٤) وقد أورد في تاريخ الخميس ٢ ـ ٢٦٨ جملة من مطاعن عثمان ، وقال في السيرة الحلبية ٢ ـ ٨٧ : من جملة ما انتقم به على عثمان أنه حبس عبد الله بن مسعود وهجره ، وحبس عطاء أبي بن كعب ، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه معاوية ، وضرب عمار بن ياسر وكعب بن عبدة ضربه عشرين سوطا ، ونفاه إلى بعض الجبال .. وقال لعبد الرحمن بن عوف : إنك منافق.

(٥) هذه الكلمة مشوشة في ( س ).

٢٦٢

منه ، وتنكيلهم بمن أراده.

ومنها : ضربه عبد الله بن حذيفة بن اليمان حتى مات من ضربه ، لإنكاره عليه ما يأتيه غلمانه إلى المسلمين في رعي الكلإ.

ومنها : أكله الصيد وهو محرم مستحلا ، وصلاته بمنى أربعا ، وإنكاره متعة الحج.

ومنها : ضربه عبد الرحمن بن حنبل الجمحي ـ وكان بدريا ـ مائة سوط ، وحمله على جمل يطاف به في المدينة لإنكاره عليه الأحداث وإظهاره عيوبه في الشعر (١) ، وحبسه بعد ذلك موثقا بالحديد حتى كتب إلى علي وعمار من الحبس :

أبلغ عليا وعمارا فإنهما

بمنزل الرشد إن الرشد مبتدر (٢)

لا تتركا جاهلا حتى توقره (٣)

دين الإله وإن هاجت به مرر

لم يبق لي منه إلا السيف إذ علقت

حبال (٤) الموت فينا الصادق البرر

يعلم بأني مظلوم إذا ذكرت

وسط الندى حجاج القوم والغدر

فلم يزل علي عليه‌السلام بعثمان يكلمه حتى خلى سبيله على أن لا يساكنه بالمدينة ، فسيره إلى خيبر ، فأنزله قلعة بها تسمى : القموص ، فلم يزل بها حتى ناهض المسلمون عثمان وساروا إليه من كل بلد ، فقال في الشعر :

لو لا علي فإن الله أنقذني

على يديه من الأغلال والصفد

لما رجوت لدى شد بجامعة

يمنى يدي غياث الفوت من أحد

__________________

(١) قال اليعقوبي في تاريخه ٢ ـ ١٥٠ : ... وكان سبب تسييره إياه أنه بلغه كرهه مساوي ابنه وخاله ، وأنه هجاه بأبيات. وذكر في الاستيعاب أنه لما أعطى عثمان مروان خمسمائة ألف من خمس إفريقية هجا عبد الرحمن عثمان فأمر به فحبس بخيبر.

(٢) الكلمة مشوشة في مطبوع البحار.

(٣) جاء في تاريخ الطبري : يوقره.

(٤) في ( ك‍ ) : جبال ـ بالجيم المعجمة ـ. وفي المصادر الآتية : حبائل. وهو الظاهر.

٢٦٣

نفسي فداء علي إذ يخلصني

من كافر بعد ما أغضى على صمد (١)

ومنها : تسيير حذيفة بن اليمان إلى المدائن حين أظهر ما سمعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه وأنكر أفعاله ، فلم يزل يعرض بعثمان حتى قتل (٢).

ومنها : نفي الأشتر ووجوه أهل الكوفة عنها إلى الشام حين أنكروا على سعيد بن العاص ونفيهم من دمشق إلى حمص (٣).

__________________

(١) سبقت مصادره ، وانظر : تاريخ الطبري ٦ ـ ٢٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ ـ ١٥٠ ، الاستيعاب ٢ ـ ٤١٠ ، شرح النهج لابن أبي الحديد ١ ـ ٦٦ ، الإصابة ٢ ـ ٣٩٥.

(٢) ومنها : تسيير عامر بن عبد قيس البصري الزاهد الناسك إلى الشام.

وقد ذكره ابن حجر في الإصابة ٣ ـ ٨٥ ، وابن قتيبة في المعارف : ٨٤ و ١٩٤ ، وابن عبد البر [ ربه ] في العقد الفريد ٢ ـ ٢٦١ ، والراغب الأصفهاني في المحاضرات ٢ ـ ٢١٢ ، والطبري في التاريخ ٥ ـ ٩٤ ، وابن الأثير في الكامل ٣ ـ ٦٢ ، وابن خلدون في تاريخه ٢ ـ ٣٩٠ وغيرهم.

وقال البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٥٧ : قال أبو مخنف لوط بن يحيى وغيره : كان عامر بن قيس التميمي ينكر على عثمان أمره وسيرته ، فكتب حمران بن أبان مولى عثمان إلى عثمان بخبره ، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر بن كريز فحمله ، فلما قدم عليه فرآه ، وقد أعظم الناس إشخاصه وإزعاجه عن بلده لعبادته وزهده.

وقال ابن قتيبة في المعارف : كان خيرا فاضلا.

ومنها : تسييره كعب بن عبدة وضربه ، حيث أشخصه سعيد من الكوفة إلى المدينة وأمر عثمان بكعب فجرد وضرب عشرين سوطا وسيره إلى دباوند ، ويقال إلى الري ، وفي ثالثة إلى بعض الجبال.

قد فصل القصة البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٤١ ـ ٤٢ ، والطبري في تاريخه ٥ ـ ١٣٧ ، والرياض النضرة ٢ ـ ١٤٠ ـ ١٤٩ ، والصواعق المحرقة لابن حجر : ٦٨ ، والسيرة الحلبية ٢ ـ ٧٨ ، والشرح لابن أبي الحديد ١ ـ ١٦٨ ، وغيرهم.

ومنها : تسييره عمرو بن زرارة النخعي الصحابي إلى الشام.

ذكره البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٣٠ ، وأسد الغابة ٤ ـ ١٠٤ ، والإصابة ١ ـ ٥٤٨ و ٢ ـ ٥٣٦.

(٣) روى البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٤٠ ـ ٤١ بسنده قصة تسيير صلحاء الكوفة من العلماء والأوتاد إلى الشام وبعض إلى حمص ، بعد أن أمر عثمان واليها عليها سعيد بن العاص ، حيث سير مالك بن الحارث الأشتر النخعي ، وزيد وصعصعة بن صوحان ، وحرقوص بن زهير السعدي ، وجندب بن زهير الأزدي ، وشريح بن أوفى بن يزيد بن زاهر العبسي ، وكعب بن عبدة النهدي ـ وكان ناسكا ـ ، وعدي بن حاتم الطائي أبا طريف ، وكدام بن حضري بن ثقف ، ويزيد بن قيس الأرحبي ،

٢٦٤

ومنها : معاهدته لعلي عليه‌السلام ووجوه الصحابة على الندم على ما فرط منه والعزم على ترك معاودته ، ونقض ذلك والرجوع عنه مرة بعد مرة ، وإصراره على ما ندم منه وعاهد الله تعالى وأشهد القوم على تركه من الاستئثار بالفيء وبطانة السوء وتقليد الفسقة أمور المسلمين (١).

ومنها : كتابه إلى ابن أبي سرح بقتل رؤساء المصريين والتنكيل بالأتباع وتخليدهم (٢) الحبس لإنكارهم ما يأتيه ابن أبي سرح إليهم ويسير به فيهم من الجور الذي اعترف به وعاهد على تغييره (٣).

__________________

وعائذ بن حملة الطهوي من بني تميم ، وكميل بن زياد النخعي ، والحارث بن عبد الله الأعور الهمداني ، ويزيد بن المكفف النخعي ، وثابت بن قيس بن المنقع النخعي ، وأصعر [ أصغر ، كما في أنساب الأشراف والإصابة ] بن قيس بن الحارث الحارثي الهمداني .. وغيرهم.

وللقصة ذيول وتفصيلات تجدها في تاريخ الطبري ٥ ـ ٨٨ ـ ٩٠ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٥٧ ٦٠ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ ـ ١٥٨ ـ ١٦٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٢ ـ ٣٨٧ ٣٨٩ ، وتاريخ أبي الفداء ١ ـ ١٦٨ في حوادث سنة ٣٣ ه‍.

(١) قد فصل البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٢٦ ـ ٦٩ ، ٩٥ ، والطبري في تاريخه ٥ ـ ١٠٥ ، ١١١ ، ١١٢ ، ١١٥ ، ١١٦ و ١١٩ ـ ١٢١ معاهدته وتكررها منه ونقضه كرارا أيضا ، وجاء في الإمامة والسياسة ١ ـ ٣٣ ـ ٣٧ ، والمعارف لابن قتيبة : ٨٤ ، والعقد الفريد ٢ ـ ٢٦٣ ، والرياض النضرة ٢ ـ ١٢٣ ، ١٢٥ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٦٧ ـ ٧١ و ٩٤ ، وتاريخ ابن خلدون ٢ ـ ٣٩٦ ـ ٣٩٧ ، وحياة الحيوان للدميري ١ ـ ٥٣ ، وشرح ابن أبي الحديد ١ ـ ١٦٣ ـ ١٦٦ ، والصواعق المحرقة : ٦٩ ، وتاريخ الخميس ٢ ـ ٢٥٩ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ ـ ١٥٢ ، والفتنة الكبرى : ٢٢٦ ، والسيرة الحلبية ٢ ـ ٨٤ ، ٨٧ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٠٦ ، ١٠٧ ، وتاريخ ابن كثير ٧ ـ ١٧٢ ـ ١٨٤ و ١٨٦ و ١٨٩ وغيرها كثير جدا. وتعرض لها في الغدير ٩ ـ ١٧٠ ـ ١٩٧ ، فراجع.

(٢) في ( س ) : وتقليدهم.

(٣) انظر مثالا : الأنساب ٥ ـ ٢٦ ـ ٦٩ و ٩٥ ، والإمامة والسياسة ١ ـ ٣٣ ـ ٣٧ ، والمعارف لابن قتيبة :٨٤ ، والعقد الفريد ٢ ـ ٢٦٣ ، وتاريخ الطبري ٥ ـ ١١٩ ـ ١٢٠ ، والرياض النضرة ٢ ـ ١٢٣ ، ١٢٥ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٧٠ ، ٧١ ، وشرح ابن أبي الحديد ١ ـ ١٦٥ ـ ١٦٦ ، وتاريخ ابن كثير ٧ ـ ١٧٣ و ١٧٤ ، وحياة الحيوان للدميري ١ ـ ٥٣ ، وتاريخ ابن خلدون ٢ ـ ٣٩٧ ، وتاريخ الخميس ٢ ـ ٢٥٩ ، والصواعق المحرقة : ٦٩ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٠٦ ـ ١٠٧ ، والسيرة الحلبية ٢ ـ ٨٤ ، ٨٦ ، ٨٧. وقد استوفى البحث شيخنا الأميني ـ ; ـ في الغدير ٩ ـ ١٧٧ ـ

٢٦٥

ومنها : تعريضه نفسه ومن معه من الأهل والأتباع للقتل ، ولم يعزل ولاة السوء.

ومنها : استمراره على الولاية مع إقامته على المنكرات الموجبة للفسخ ، وتحريم التصرف في أمر الأمة ، وذلك تصرف قبيح ، لكونه غير مستحق عندهم مع ثبوت الفسق (١).

بيان :

قوله : مبتدر .. على بناء المفعول .. أي ينبغي أن يبتدر إليه.

قوله : حتى توقره (٢) .. بصيغة الخطاب بقصد كل واحد ، أو بصيغة الغيبة. فقوله : دين الإله فاعله.

وهيجان المرة (٣) .. كناية عن السفاهة والغضب في غير محله.

قوله : يعلم .. أي الصادق البر ، أو على بناء المجهول.

وقوله : حجاج القوم .. مفعول مكان فاعل ذكرت (٤).

والندي بالتشديد وكسر الدال ـ : مجتمع القوم (٥).

قوله : لما رجوت .. مفعول غداة الغوثة كما في بعض النسخ ، وفي بعضها : غياث الفوت.

__________________

١٨٥ بما لا مزيد عليه.

(١) ومنهما : كتمانه لحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد أخرج إمام الحنابلة في مسنده ١ ـ ٦٥ ، عن أبي صالح ، قال : سمعت عثمان يقول على المنبر : أيها الناس! إني كتمتكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم كراهية تفرقكم عني ..! ونظيره جاء في ١ ـ ٥٧ ، فراجع .. وسنتعرض استدراكا جملة من مطاعنه الأخرى.

(٢) قال في القاموس ٢ ـ ١٥٥ : الوقر : ثقل في الأذن ، أو ذهاب السمع كله ، وقد وقر ـ كوعد ووجل ـ. وقرها الله يقرها .. وأوقر الدابة إيقارا وقرة.

(٣) قال الطريحي في المجمع ٣ ـ ٤٨١ : المرة : خلط من أخلاط البدن غير الدم ، وقال أيضا فيه ٢ ـ ٣٣٧ : هاج الشيء يهيج : إذا ثار.

(٤) كذا ، والظاهر : وقوله حجاج مفعول لفعل : ذكرت.

(٥) كما ذكره في مجمع البحرين ١ ـ ٤١٢ ، والصحاح ٦ ـ ٢٥٠٥ ، والقاموس ٤ ـ ٣٩٤.

٢٦٦

قوله : لدي شد ظرفه .. أي لما رجوت عند شد يدي اليمنى إلى عنقي بالجامعة.

الغياث من الفوت أو غداة الغوث .. أي غداة يغيثني فيه غياث.

قوله : بعد ما أغضي .. أي أغمض (١) عن حقي.

على صمد .. أي عمد (٢).

ثم قال رحمه‌الله في التقريب (٣) : وأما النكير على عثمان فظاهر مشهور من أهل الأمصار ، وقطان المدينة من الصحابة والتابعين ، يغني بشهرة جملته عن تفصيله ، ونحن نذكر من ذلك طرفا يستدل به على ما لم نذكره ، فمن ذلك :

نكير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٤) :

ما رواه الثقفي (٥) من عدة طرق ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : أتيت عليا

__________________

(١) وقد جاء في القاموس المحيط ٤ ـ ٣٧٠ ، ومجمع البحرين ١ ـ ٣١٨ ، والصحاح ٦ ـ ٢٤٤٧.

(٢) الصمد : القصد ، كما في مجمع البحرين ٣ ـ ٨٨ ، والقاموس ١ ـ ٣٠٨ ، والصحاح ٢ ـ ٤٩٩ ، وفي ( س ) : عمدا ـ بالنصب ـ.

(٣) تقريب المعارف ، وقد جاء في القسم الثاني الشامل لمطاعن الخلفاء الثلاثة وغيرهم ، ولم يطبع مع الأسف ، وإن عد جملة من مطاعنه في القسم الأول : ١٦٣ ـ ١٦٧ ، فلاحظ.

(٤) أن ما جرى بين أمير المؤمنين أبي الحسن عليه‌السلام وعثمان قصة طويلة وذات جذور أصيلة بامتداد الزمن ونزاع الحق والباطل والنور والظلمة .. وحديث ذو شجون ، فهو في الوقت الذي يحدثنا التاريخ عن كلمات جافية وتعابير مهينة وعبارات ـ قائلها أحق بها ـ صدرت من الخليفة الثالث ، ذكر جملة منها شيخنا الأميني في غديره ٩ ـ ٦٠ ـ ٦٣ نجده يهدد ويهم بنفي أبي الحسن عليه‌السلام من المدينة ، بل هم أكثر من مرة أن يقاتل عليا عليه‌السلام ، كما أخرج أبو عمر في كتاب العلم ٢ ـ ٣٠ ، وانظر ما جاء في زاد المعاد لابن القيم الجوزية ١ ـ ١٧٧ ـ ٢٢٥ وغيرها. ولاحظ نكيره سلام الله عليه في الغدير ٩ ـ ٦٩ ـ ٧٧. مع أنه أورد في الغدير ٨ ـ ٢١٤ عن الحافظ العاصمي في كتابه : زين الفتى في شرح سورة هل أتى .. في قصة طريفة قال في آخرها الخليفة : لو لا علي لهلك عثمان.

(٥) أقول : اقتصر شيخنا المجلسي في عد هذه المطاعن على تقريب المعارف لأبي الصلاح وهو قد اكتفى في ما ذكره على مصدرين ـ كما سيصرح في آخر كلامه ـ هما تاريخ الثقفي والواقدي ، وقد فحصنا موارد متعددة مما ذكره عنهما في الغارات للثقفي ، أو المغازي للواقدي فلم نجدها ، نعم جاء ذكر المصدرين في كل من الشافي للسيد المرتضى وتلخيصه للشيخ الطوسي وغيرهما من كتب التاريخ

٢٦٧

عليه السلام أستشفع به إلى عثمان ، فقال : إلى حمال الخطايا (١).

وروى الثقفي : أن العباس كلم عليا في عثمان ، فقال : لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت ، ولكن أبى أن يقيم كتاب الله (٢).

وروى الثقفي ، عن علي عليه السلام ، قال : دعاني عثمان ، فقال : أغن عني نفسك ولك عير أولها بالمدينة وآخرها بالعراق. فقلت : بخ بخ قد (٣) أكثرت لو كان من مالك. قال : فمن مال من هو؟. قلت : من مال قوم ضاربوا بأسيافهم. قال لي : أوهناك تذهب؟! ، ثم قام إلي فضربني حتى حجره عني الربو (٤) ، وأنا أقول له : أما إني لو شئت لانتصفت.

وذكر الواقدي في كتاب الدار ، قال : دخل سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن

__________________

والسير ، وقد أدرجنا بعضها ، فلاحظ.

(١) قد نقل ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١ ـ ١٧٩ [ أربع مجلدات ] : أن عليا عليه‌السلام قال في منبر الكوفة : يا أبناء المهاجرين! انفروا إلى أئمة الكفر ، وبقية الأحزاب ، وأولياء الشيطان ، انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا ، فو الله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئا ، وقد سلف.

(٢) وقد أخرج القصة مفصلا في الأنساب ٥ ـ ١٤. وانظر كلامه سلام الله عليه في عثمان في نهج البلاغة ١ ـ ٧٦ وما فسره به ابن أبي الحديد في شرحه ١ ـ ١٥٨ ، وما جاء فيه أيضا ١ ـ ٤٦٨ [ أربع مجلدات ] جوابا لابن عباس وفيه : والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما ، وما جاء في أنساب البلاذري ٥ ـ ٩٨ و ١٠١ ، وكتاب صفين لابن مزاحم : ٢٢٧ ، وتاريخ الطبري ٦ ـ ٤ ، والكامل ٣ ـ ١٢٥.

وتجد في العقد الفريد ٢ ـ ٢٧٤ ، والإمامة والسياسة ١ ـ ٣٠ ، وغيرهما : كان علي كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان أرسل ابنه الحسن إليه ، فلما أكثر عليه قال له : إن أباك يرى أن أحدا لا يعلم ما يعلم ، ونحن أعلم بما نفعل! فكف عنه.

ولاحظ : الخطبة الشقشقية : .. إلى أن قام ثالث القوم .. وغيرها كثير جدا.

(٣) لا توجد : قد ، في ( س ).

(٤) الرابية : التي أخذها الربو ، وهو النهيج وتواتر النفس الذي يعرض للمسرع في مشيه وحركته. قاله في النهاية ٢ ـ ١٩٢ ، وقريب منه في غيره ، وسيأتي في بيان المصنف طاب ثراه.

٢٦٨

ابن عوف والزبير وطلحة وعلي بن أبي طالب عليه السلام على عثمان فكلموه في (١) بعض ما رأوا منه ، فكثر الكلام بينهم ، وكان علي عليه السلام من أعظمهم عليه ، فقام علي عليه السلام مغضبا فأخذ الزبير بثوبه ، فقال : اجلس ، فأبى ، فقال عثمان : دعه فو الله ما علمت أنه لما يكل (٢) ، والله لقد علم أنها لا تكون فيه ولا في واحد من ولده.

وروى الواقدي في كتابه ، عن ابن عباس : أن أول ما تكلم الناس في عثمان ظاهرا أنه صلى بمنى أول ولايته ركعتين حتى إذا كانت السنة السادسة أتمها فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وتكلم في ذلك من يريد أن يكثر عليه حتى جاءه (٣) علي في من جاءه ، فقال : والله ما حدث أمر ولا قدم عهد ، ولقد عهدت نبيك صلى الله عليه وآله صلى ركعتين ثم أبا بكر وعمر وأنت صدرا من ولايتك ، فما هذا؟ قال عثمان : رأي رأيته.

نكير أبي بن كعب :

وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده ، قال : : جاء (٤) رجل إلى أبي بن كعب ، فقال : يا أبا المنذر! إن عثمان قد كتب لرجل من آل أبي معيط بخمسين ألف درهم إلى بيت المال ، فقال أبي : لا يزال تأتوني بشيء ما أدري ما هو فيه؟ فبينا هو كذلك إذ مر به الصك ، فقام فدخل على عثمان ، فقال : يا ابن الهاوية! يا ابن النار الحامية! أتكتب لبعض آل أبي معيط إلى بيت مال المسلمين بصك بخمسين ألف درهم؟! ، فغضب عثمان وقال : لو لا أني قد كفيتك لفعلت بك كذا وكذا.

وذكر (٥) الثقفي في تاريخه ، قال : فقام رجل إلى أبي بن كعب ، فقال : يا أبا

__________________

(١) وضع على : في ، رمز نسخة بدل في ( ك‍ ).

(٢) خ. ل : لا ينكل. وتقرأ في المطبوع : لم أيكل.

(٣) قد تقرأ في ( ك‍ ) : حتى جاء به.

(٤) لا توجد في ( س ) : جاء.

(٥) لا توجد : وذكر ، في ( س ).

٢٦٩

المنذر! ألا تخبرني عن عثمان ما قولك فيه؟ فأمسك عنه ، فقال له الرجل : جزاكم الله شرا يا أصحاب محمد! شهدتم الوحي وعاينتموه ثم نسألكم التفقه في الدين فلا تعلمونا؟!. فقال أبي عند ذلك : هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة ، أما والله ما عليهم آسى ولكن آسى على ومن (١) أهلكوا. والله لئن أبقاني الله إلى يوم الجمعة لأقومن مقاما أتكلم فيه بما أعلم ، أقتلت (٢) أو استحييت ، فمات رحمه الله يوم الخميس.

نكير أبي ذر :

روى الثقفي في تاريخه بإسناده ، عن ابن عباس ، قال : : استأذن أبو ذر على عثمان فأبى أن يأذن له ، فقال لي : استأذن لي عليه. قال ابن عباس : فرجعت إلى عثمان فاستأذنت له عليه ، قال : إنه يؤذيني. قلت : عسى أن لا يفعل ، فأذن له من أجلي ، فلما دخل عليه قال له : اتق الله يا عثمان! ، فجعل يقول : اتق الله .. وعثمان يتوعده ، قال أبو ذر : إنه قد حدثني نبي الله صلى الله عليه وآله أنه يجاء بك وبأصحابك يوم القيامة فتبطحون (٣) على وجوهكم ، فتمر عليكم البهائم فتطؤكم كل ما مرت آخرها ردت أولها ، حتى يفصل بين الناس.

قال يحيى بن سلمة : فحدثني العرزمي أن في هذا الحديث : ترفعوني حتى إذا كنتم مع الثريا ضرب بكم على وجوهكم فتطأكم البهائم.

وذكر الثقفي في تاريخه : أن أبا ذر لما رأى أن عثمان قد أمر بتحريق المصاحف ، فقال : يا عثمان! لا تكن أول من حرق كتاب الله فيكون دمك أول دم يهراق.

وذكر في تاريخه ، عن ثعلبة بن حكيم ، قال : : بينا أنا جالس عند عثمان وعنده أناس من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله من أهل بدر وغيرهم فجاء

__________________

(١) وضع على : الواو ، في ( ك‍ ) رمز نسخة بدل. والظاهر زيادتها.

(٢) في ( ك‍ ) : قتلت ـ بلا الهمزة الاستفهامية ـ.

(٣) قال في القاموس ١ ـ ٢١٦ : بطحه ـ كمنعه ـ : ألقاه على وجهه.

٢٧٠

أبو ذر يتوكأ على عصاه ، فقال : السلام عليكم. فقال : اتق الله يا عثمان! إنك تسمع .. كذا وكذا ، وتصنع .. كذا وكذا .. وذكر مساويه ، فسكت عثمان حتى إذا انصرف ، قال : من يعذرني من هذا الذي لا يدع مساءة إلا (١) ذكرها. فسكت القوم فلم يجيبوه ، فأرسل إلى علي عليه السلام ، فجاء ، فقام في مقام أبي الذر ، فقال : يا أبا الحسن! ما ترى أبا الذر لا يدع لي مساءة إلا ذكرها؟. فقال : يا عثمان! إني أنهاك عن أبي ذر ، يا عثمان أنهاك عن أبي ذر .. ثلاث مرات ـ ، اتركه كما قال الله تعالى لمؤمن آل فرعون : ( إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) (٢). قال له عثمان : بفيك التراب!. قال له علي عليه السلام : بل بفيك التراب ، ثم انصرف.

وروى الثقفي في تاريخه أن أبا ذر دخل على عثمان وعنده جماعة ـ ، فقال : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ليجاء بي يوم القيامة أو بك وبأصحابك حتى تكون بمنزلة الجوزاء من السماء ، ثم يرمى بنا إلى الأرض فتوطأ علينا البهائم حتى يفرغ من محاسبة العباد. فقال عثمان : يا أبا هريرة! هل سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وآله؟. فقال : لا. قال أبو ذر : أنشدك الله سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. قال : أما هذا فقد سمعت ، فرجع أبي ذر وهو يقول : والله ما كذبت.

وذكر الثقفي في تاريخه : عن عبد الله شيدان السلمي أنه قال لأبي ذر : ما لكم ولعثمان؟ ، ما تهون عليه ، فقال : بلى والله لو أمرني أن أخرج من داري لخرجت ولو حبوا ، ولكنه أبى أن يقيم كتاب الله (٣).

__________________

(١) لا توجد : إلا ، في ( س ).

(٢) غافر : ٢٨.

(٣) لا توجد في ( س ) من قوله : وذكر الثقفي .. إلى هنا. وفيه : وذكر الثقفي في تاريخه أن أبا ذر ألقي بين يدي عثمان ، فقال : يا كذاب!. فقال علي عليه‌السلام : ما هو بكذاب. قال : بلى ، والله لو

٢٧١

وذكر الثقفي في تاريخه : أن أبا ذر ألقي بين يدي عثمان ، فقال : يا كذاب!. فقال علي عليه السلام : ما هو بكذاب. قال : بلى ، والله إنه لكذاب. قال علي عليه السلام : ما هو بكذاب. قال عثمان : الترباء في فيك يا علي!. قال علي عليه السلام : بل الترباء في (١) فيك يا عثمان. قال علي عليه السلام : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. قال : أما والله على ذلك لأسيرنه. قال أبو ذر : أما والله لقد حدثني خليلي عليه الصلاة والسلام أنكم تخرجوني من جزيرة العرب.

وذكر الثقفي في تاريخه ، عن سهل بن الساعدي ، قال : كان أبو ذر جالسا عند عثمان وكنت عنده جالسا إذ قال عثمان : أرأيتم من أدى زكاة ماله هل في ماله حق غيره؟. قال كعب : لا ، فدفع أبو ذر بعصاه في صدر كعب ، ثم قال : يا ابن اليهوديين! أنت تفسر كتاب الله برأيك : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ... ) (٢) إلى قوله : ( وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ ) (٣) ، ثم قال : ألا ترى أن على المصلي بعد إيتاء الزكاة حقا في ماله؟! ، ثم قال عثمان : أترون بأسا أن نأخذ (٤) من بيت مال المسلمين مالا فنفرقه فيما ينوبنا (٥) من أمرنا ثم نقضيه؟ ، ثم قال أناس منهم : ليس بذلك بأس. وأبو ذر ساكت ، فقال عثمان : يا كعب! ما تقول؟. فقال كعب : لا بأس بذلك ، فرفع أبو ذر عصاه فوجأ بها (٦) في صدره ، ثم قال : أنت يا ابن

__________________

أمرني أن أخرج من داري لخرجت ولو حبوا ولكنه أبى أن يقيم كتاب الله.

أقول : هذه العبارة مكررة لا معنى لها.

(١) لا توجد في ( س ) : في.

(٢) البقرة : ١٧٧.

(٣) البقرة : ١٧٧.

(٤) في ( ك‍ ) نسخة بدل : يؤخذ.

(٥) قد تقرأ في مطبوع البحار : ينوينا.

(٦) قال في القاموس ١ ـ ٣١ : وجأه باليد أو بالسكين ـ كوضعه ـ : ضربه.

٢٧٢

اليهوديين تعلمنا ديننا؟!. فقال عثمان : ما أكثر أذاك لي وأولعك بأصحابي؟! الحق بمكينك وغيب عني وجهك.

وذكر الثقفي ، عن الحسين بن عيسى بن زيد ، عن أبيه : أن أبا ذر أظهر عيب عثمان وفراقه للدين ، وأغلظ له حتى شتمه على رءوس الناس وبرئ منه ، فسيره عثمان إلى الشام.

وذكر الثقفي في تاريخه ، عن عبد الرحمن : أن أبا ذر زار أبا الدرداء بحمص فمكث عنده ليالي فأمر (١) بحماره فأوكف (٢) ، فقال أبو الدرداء : لا أراني الله مشيعك (٣) ، وأمر بحماره فأسرج. فسارا جميعا على حماريهما ، فلقيا رجلا شهد الجمعة عند معاوية بالجابية فعرفهما الرجل ولم يعرفاه (٤) فأخبرهما خبر الناس ، ثم إن الرجل قال : وخبر آخر كرهت أن أخبركم به الآن وأراكم تكرهانه ، قال أبو الدرداء : لعل أبا ذر قد نفي؟. قال : نعم والله ، فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرات ، ثم قال أبو الدرداء : ( فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ) كما قيل لأصحاب الناقة ، اللهم إن كانوا كذبوا أبا ذر فإني لا أكذبه! وإن اتهموه فإني لا أتهمه! وإن استغشوه فإني لا أستغشه! إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحدا ، ويسر إليه حيث (٥) لا يسر إلى أحد ، أما والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

__________________

(١) الكلمة مشوشة في المطبوع ، وقد تقرأ : قاصر. وما أثبتناه هو الظاهر.

(٢) قال الجوهري في الصحاح ٤ ـ ١٤٤٦ : والوكاف والإكاف للحمار ، يقال : آكفت البغل وأوكفته.

وقال الفيروزآبادي في قاموسه ٣ ـ ١١٨ : إكاف الحمار ـ ككتاب وغراب ـ ووكافه : برذعته ، والأكاف صانعه ، وآكف الحمار وأكفه تأكيفا : شده عليه.

(٣) في ( س ) : الكلمة مشوشة ، وقد تقرأ : مشيعتك ، أو : شيعتك.

(٤) كذا ، والظاهر : فعرفا الرجل ولم يعرفهما.

(٥) في ( س ) : حتى.

٢٧٣

وذكر الثقفي في تاريخه بإسناده ، قال : قام معاوية خطيبا بالشام ، فقال : أيها الناس! إنما أنا خازن فمن أعطيته فالله يعطيه ومن حرمته فالله يحرمه ، فقام إليه أبو ذر ، فقال : كذبت والله يا معاوية ، إنك لتعطي من حرم الله وتمنع من أعطى الله.

وذكر الثقفي ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر ، قال : قلت لمعاوية : أما أنا فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن أحدنا فرعون هذه الأمة. فقال معاوية : أما أنا فلا (١).

وعنه ، عن عبد الملك ابن أخي أبي ذر ، قال : كتب معاوية إلى عثمان : إن أبا ذر قد حرف قلوب أهل الشام وبغضك إليهم فما يستفتون غيره ، ولا يقضي بينهم إلا هو ، فكتب عثمان إلى معاوية : أن احمل أبا ذر على ناب صعبة وقتب (٢) ،

__________________

(١) قد أورد في العقد الفريد ٢ ـ ٢٢٣ [ وفي طبعة أخرى : ٢ ـ ٢٨٥ ] ومن كتاب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى معاوية : أما بعد فو الله ما قتل ابن عمك غيرك ، وإني لأرجو أن ألحقك به على مثل ذنبه وأعظم من خطيئته.

ونقل ابن أبي الحديد في شرحه ٤ ـ ٥٨ [ أربع مجلدات ] من كتاب ابن عباس إلى معاوية : وأما قولك : إني من الساعين على عثمان والخاذلين والسافكين دمه .. فأقسم بالله لأنت المتربص بقتله ، والمحب لهلاكه ، والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره ..

وذكر ابن مزاحم في كتاب صفين : ٢١٠ ، والطبري في تاريخه ٥ ـ ٢٤٣ ، وابن الأثير في الكامل ٣ ـ ١٢٣ ، وابن أبي الحديد في شرحه ١ ـ ٣٤٢ خطبة شبث بن ربعي معاوية : إنه والله لا يخفى علينا ما تغزو وما تطلب .. وقد علمنا أن قد أبطأت عنه بالنصر ، وأحببت له القتل لهذه المنزلة التي أصبحت تطلب ...

وجاء جواب أبي أيوب الأنصاري لمعاوية : إن الذي تربص بعثمان وثبط أهل الشام عن نصرته لأنت .. كما في الإمامة والسياسة ١ ـ ٩٣ [ وفي طبعة أخرى : ٨١ ] ، وشرح ابن أبي الحديد المعتزلي ٢ ـ ٢٨١.

ولعمري ، إن النكير على معاوية والكتب إليه من وجوه الصحابة وغيرهم أكثر وأكثر كلها تعرب عن علة خذلانه عثمان حيا ومطالبته بدمه ميتا ، وما ذكرناه ليس إلا قطرة من بحر ، راجع ما سرده العلامة الأميني في غديره ٩ ـ ١٤٩ ـ ١٥١ وغيرها.

(٢) قال في القاموس ١ ـ ١٣٥ : الناب : الناقة المسنة. وفيه ١ ـ ١١٤ : القتب : الإكاف ، وبالتحريك

٢٧٤

ثم ابعث معه من ينجش به نجشا (١) عنيفا حتى يقدم به علي ، قال : فحمله معاوية على ناقة صعبة عليها قتب ما على القتب إلا مسح (٢) ، ثم بعث معه من يسيره سيرا عنيفا ، وخرجت معه فما لبث الشيخ إلا قليلا حتى سقط ما يلي القتب من لحم فخذيه وقرح ، فكنا إذا كان الليل أخذت ملائي (٣) فألقيتهما تحته ، فإذا كان السحر نزعتها مخافة أن يروني فيمنعوني من ذلك ، حتى قدمنا المدينة وبلغنا عثمان ما لقي أبو ذر من الوجع والجهد ، فحجبه جمعة وجمعة حتى مضت عشرون ليلة أو نحوها وأفاق أبو ذر ، ثم أرسل إليه وهو معتمد على يدي فدخلنا عليه وهو متكئ فاستوى قاعدا ، فلما دنا أبو ذر منه قال عثمان :

لا أنعم الله بعمرو عينا

تحية السخط إذا التقينا

فقال له أبو ذر : لم (٤)؟ ، فو الله ما سماني الله عمرا (٥) ولا سماني أبواي عمرا (٦) ، وإني على العهد الذي فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ما غيرت ولا بدلت.

فقال له عثمان : كذبت! لقد كذبت على نبينا وطعنت في ديننا ، وفارقت رأينا ، وضغنت قلوب المسلمين علينا ، ثم قال لبعض غلمانه : ادع لي قريشا ، فانطلق رسوله فما لبثنا أن امتلأ البيت من رجال قريش. فقال لهم عثمان : إنا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الكذاب ، الذي كذب على نبينا وطعن في ديننا ، وضغن قلوب المسلمين علينا ، وإني قد رأيت أن أقتله أو أصلبه أو أنفيه من

__________________

أكثر ، أو الإكاف الصغير على قدر سنام البعير.

(١) النجش : الإسراع. ذكره الفيروزآبادي في القاموس ٢ ـ ٢٨٩.

(٢) قال في القاموس المحيط ١ ـ ٢٤٩ : المسح ـ بالكسر ـ : البلاس.

(٣) جاء في النهاية ٤ ـ ٣٥٢ : الملاء ـ بالضم والمد ـ : جمع الملاءة ، وهي الإزار والريطة. ثم إن الريطة : كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد ، أو قطعة واحدة ، أو كل ثوب لين رقيق ، كما ذكره في القاموس ٢ ـ ٣٦٢.

(٤) في ( ك‍ ) : ولم.

(٥) كذا ، والصحيح : عمرا.

(٦) كذا ، والصحيح : عمرا.

٢٧٥

الأرض. فقال بعضهم : رأينا لرأيك تبع. وقال بعضهم : لا تفعل ، فإنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وله حق ، فما منهم أحد أدى الذي عليه ، فبينا هم كذلك إذ جاء علي بن أبي طالب عليه السلام يتوكأ على عصى سترا فسلم عليه ونظر ولم يجد مقعدا فاعتمد على عصاه ، فما أدري أتخلف عهد أم يظن به غير ذلك ، ثم قال علي عليه السلام : فيما أرسلتم إلينا؟. قال عثمان : أرسلنا إليكم في أمر قد فرق لنا فيه الرأي فاجمع رأينا ورأي المسلمين فيه على أمر. قال علي عليه السلام : ولله الحمد ، أما إنكم لو استشرتمونا لم نألكم نصيحة. فقال عثمان : إنا أرسلنا إليكم في هذا الشيخ الذي قد كذب على نبينا ، وطعن في ديننا ، وخالف رأينا ، وضغن قلوب المسلمين علينا ، وقد رأينا أن نقتله أو نصلبه أو ننفيه من الأرض.

قال علي عليه السلام : أفلا أدلكم على خير من ذلكم وأقرب رشدا؟ تتركونه بمنزلة مؤمن آل فرعون ( إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) (١). قال له عثمان : بفيك التراب!. فقال له علي عليه السلام : بل بفيك التراب ، وسيكون به. فأمر بالناس فأخرجوا.

وعنه في تاريخه بإسناده ، عن عبد الرحمن بن معمر ، عن أبيه ، قال : لما قدم بأبي ذر من الشام إلى عثمان كان مما أبنه (٢) به أن قال : أيها الناس! إنه يقول إنه خير من أبي بكر وعمر. قال أبو ذر : أجل أنا أقول ، والله لقد رأيتني (٣) رابع أربعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أسلم غيرنا ، وما أسلم أبو بكر ولا عمر ، ولقد وليا وما وليت ، ولقد ماتا وإني لحي. فقال علي عليه السلام : والله لقد رأيته وإنه

__________________

(١) غافر : ٢٨.

(٢) قال في القاموس ٤ ـ ١٩٤ : أبنه بشيء يأبنه ويأبنه : اتهمه .. وأبنه تأبينا : عابه.

(٣) في مطبوع البحار : أرأيتني.

٢٧٦

لربع (١) الإسلام ، فرد عثمان ذلك على علي عليه السلام وكان بينهما كلام ، فقال عثمان : والله لقد هممت بك ، قال علي عليه السلام : وأنا والله لأهم بك ، فقام عثمان ودخل بيته ، وتفرق الناس.

وعنه في تاريخه ، عن الأحنف بن قيس ، قال : بينما (٢) نحن جلوس مع أبي هريرة إذ جاء أبو ذر ، فقال : يا أبا هريرة! هل افتقر الله منذ استغنى؟. فقال أبو هريرة : سبحان الله! بل الله الغني الحميد ، لا يفتقر أبدا ونحن الفقراء إليه. قال أبو ذر : فما بال هذا المال يجمع بعضه إلى بعض. فقال : مال الله قد منعوه أهله من اليتامى والمساكين ، ثم انطلق. فقلت لأبي هريرة : ما لكم لا تأبون مثل هذا؟. قال : إن هذا رجل قد وطن نفسه على أن يذبح في الله ، أما إني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، فإذا أردتم أن تنظروا إلى أشبه الناس بعيسى ابن مريم برا وزهدا ونسكا فعليكم به (٣).

وعنه في تاريخه ، عن المغرور بن سويد ، قال : كان عثمان يخطب فأخذ أبو ذر بحلقة الباب ، فقال : أنا أبو ذر! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في قومه من تخلف عنها هلك ومن ركبها نجا. قال له عثمان : كذبت. فقال له علي عليه السلام : إنما كان عليك أن تقول كما قال العبد الصالح :

__________________

(١) في ( س ) : لريع.

(٢) في ( ك‍ ) : بينهما.

(٣) وأخرجه باختلاف ألفاظه وأسانيده ابن سعد والترمذي وابن ماجة وأحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وأبو عمر وأبو نعيم والبغوي والحاكم وابن عساكر والطبراني وابن الجوزي وغيرهم ، انظر مثالا : صحيح الترمذي ٢ ـ ٢٢١ ، سنن ابن ماجة ١ ـ ٦٨ ، مسند أحمد ٢ ـ ١٦٣ و ١٧٥ و ٢٢٣ ، و ٥ ـ ١٩٧ ، و ٤٤٢٦ ، ومستدرك الحاكم ٣ ـ ٣٤٢ ، والاستيعاب ١ ـ ٨٤ ، ومجمع الزوائد ٩ ـ ٣٢٩ ، والإصابة ٣ ـ ٦٢٢ و ٤ ـ ٦٤ ، وكنز العمال ٦ ـ ١٦٩ و ٨ ـ ١٥ ـ ١٧ ، وغيرهم.

٢٧٧

( إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ) (١) فما أتم حتى قال عثمان : بفيك التراب. فقال علي عليه السلام : بل بفيك التراب (٢).

وذكر الواقدي في تاريخه ، عن سعيد بن عطاء ، عن أبي مروان الأسلمي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما صد الناس عن الحج في سنة ثلاثين أظهر أبو ذر بالشام عيب عثمان ، فجعل كلما دخل المسجد أو خرج شتم عثمان وذكر منه خصالا كلها قبيحة ، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى عثمان كتابا يذكر له ما يصنع أبو ذر. وذكر الواقدي ما تضمنه الكتاب حذفناه اختصارا.

فكتب إليه عثمان : أما بعد ، فقد جاءني كتابك وفهمت ما ذكرت من أبي ذر جنيدب فابعث إلي به واحمله على أغلظ المراكب وأوعرها (٣) ، وابعث معه دليلا يسير به الليل والنهار حتى لا ينزل عن مركبه فيغلبه النوم فينسيه ذكري وذكرك. قال : فلما ورد الكتاب على معاوية حمله على شارف (٤) ليس عليه إلا قتب ، وبعث معه دليلا ، وأمر أن يغذ (٥) به السير حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه ، قال : فلقد أتانا آت ونحن في المسجد ضحوة مع علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقيل (٦) : أبو ذر قد قدم المدينة ، فخرجت أعدوا (٧) فكنت أول من سبق إليه ، فإذا شيخ نحيف آدم طوال أبيض الرأس واللحية يمشي مشيا متقاربا ، فدنوت إليه ،

__________________

(١) الغافر : ٢٨.

(٢) وقريب منه ما جاء في رواية الواقدي من طريق صهبان مولى الأسلميين ، كما في الأنساب ٥ ـ ٥٢ ، وشرح ابن أبي الحديد ١ ـ ٢٤١. وقال الأخير فيه : فأجابه عثمان بجواب غليظ لا أحب ذكره وأجابه عليه‌السلام بمثله. وستأتي له مصادر أكثر.

(٣) الوعر : ضد السهل ، كالوعر والواعر والوعير والأوعر ، كما في القاموس ٢ ـ ١٥٤.

(٤) قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط ٣ ـ ١٥٧ : الشارف من النوق : المسنة الهرمة ، وسيأتيان في بيان المصنف رحمه‌الله.

(٥) أغذ السير ، وفيه : أسرع ، نص عليه في القاموس المحيط ١ ـ ٣٥٦.

(٦) في ( ك‍ ) نسخة بدل : فقال.

(٧) في ( س ) : أغدو.

٢٧٨

فقلت : يا عم! ما لي أراك لا تخطو إلا خطوا قريبا. قال : عمل ابن عفان ، حملني على مركب وعر وأمر بي أن أتعب ، ثم قدم بي عليه ليرى في رأيه. قال : فدخل به على عثمان ، فقال له عثمان : لا أنعم الله لك عينا يا جنيدب .. وساق الحديث كما مر برواية ابن أبي الحديد.

ثم قال أبو الصلاح (١) رحمه‌الله : وذكر الواقدي في تاريخه (٢) ، عن صهبان مولى الأسلميين ، قال : رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان عليه عباء مدرعا قد درع بها على شارف حتى أنيخ به على باب عثمان. فقال : أنت الذي فعلت وفعلت؟!. فقال : أنا الذي نصحتك فاستغششتني ، ونصحت صاحبك فاستغشني .. وساق الحديث كما رواه ابن أبي الحديد .. إلى قوله ، قال : امض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة ، فخرج أبو ذر إلى الربذة ، فلم يزل بها حتى توفي.

نكير عمار بن ياسر :

وذكر الثقفي في تاريخه ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : خطب عثمان الناس ثم قال فيها : والله لأوثرن بني أمية ، ولو كان بيدي مفاتيح الجنة لأدخلنهم (٣) إياها ، ولكني سأعطيهم من هذا المال على رغم أنف من رغم.

فقال عمار بن ياسر : أنفي والله ترغم من ذلك.

قال عثمان : فأرغم الله أنفك.

__________________

(١) في تقريب المعارف ـ القسم الثاني الخاص بمطاعن الثلاثة وغيرهم ولم يطبع ـ وجاء في القسم الأول منه في صفحة : ١٦٥ ومنها : إخراج أبي ذر إلى الشام لأمره بالمعروف ، ثم حمله من الشام لإنكاره على معاوية خلافه للكتاب والسنة مهانا معسفا ، واستخفافه به ، ونيله من عرضه وتسميته بالكذاب مع شهادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له بالصدق ، ونفيه عن المدينة إلى الربذة حتى مات بها رحمه‌الله تعالى مغربا.

(٢) لم نحصل على تاريخ الواقدي إلا ما نقل عنه في المصادر السالفة ، ولكن ورد في كتاب المغازي للواقدي ٣ ـ ١٠٠٠ ـ ١٠٠١ روايات حول أبي ذر وحياته طاب ثراه.

(٣) في ( س ) : لأدخلتهم.

٢٧٩

فقال عمار : وأنف أبي بكر وعمر ترغم.

قال : وإنك لهناك يا ابن سمية .. ثم نزل إليه فوطأه فاستخرج من تحته وقد غشي عليه وفتقه (١).

وذكر الثقفي ، عن شقيق ، قال : كنت مع عمار فقال : ثلاث يشهدون على عثمان وأنا الرابع ، وأنا أسوأ الأربعة : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (٢) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٣) و ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (٤) وأنا أشهد لقد حكم بغير ما أنزل الله.

وعنه في تاريخه ، قال : قال رجل لعمار يوم صفين : على ما تقاتلهم يا أبا اليقظان؟!. قال : على أنهم زعموا أن عثمان مؤمن ونحن نزعم أنه كافر (٥).

وعنه في تاريخه ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير الحرشي ، قال : انتهيت إلى عمار في مسجد البصرة وعليه برنس والناس قد أطافوا به وهو يحدثهم من أحداث عثمان وقتله ، فقال رجل من القوم وهو يذكر عثمان : رحم الله عثمان!. فأخذ عمار كفا من حصى المسجد فضرب به وجهه ، ثم قال : استغفر الله يا كافر ، استغفر الله يا عدو الله .. وأوعد الرجل فلم يزل القوم يسكنون عمارا عن الرجل حتى قام وانطلق وقعدت القوم حتى فرغ عمار من حديثه وسكن غضبه ، ثم إني قمت معه فقلت له : يا أبا اليقظان! رحمك الله أمؤمنا قتلتم عثمان بن عفان أم

__________________

(١) قد مر سند الحديث ومصادره.

(٢) المائدة : ٤٤.

(٣) المائدة : ٤٥.

(٤) المائدة : ٤٧.

(٥) وجاء في تاريخ الطبري ٥ ـ ١٨٧ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٩٧ ، وشرح ابن أبي الحديد ٣ ـ ٢٨٥ و ٢٩٢ عن مسروق بن الأجدع : أنه سأل عمارا : يا أبا اليقظان! علام قتلتم عثمان؟. قال : على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا ـ جمع بشرة : أعلى جلدة الوجه ـ.

٢٨٠