بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

خمسمائة (١) من الصقالبة (٢) يطردون (٣) به حتى أتوا به المدينة وقد تسلخت بواطن أفخاذه وكاد يتلف (٤) ، فقيل له : إنك تموت من ذلك؟. فقال : هيهات! لن أموت حتى أنفى .. وذكر ما ينزل به من هؤلاء فيه (٥) .. وساق الحديث إلى قوله : فقال له عثمان : وار وجهك عني. قال (٦) : أسير إلى مكة. قال : لا والله (٧). قال : فإلى الشام؟. قال : لا والله. قال : فإلى (٨) البصرة؟. قال : لا والله. فاختر غير هذه البلدان. قال : لا والله لا أختار (٩) غير ما ذكرت لك ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان ، فسيرني حيث شئت من البلاد. قال : إني (١٠) مسيرك إلى الربذة. قال : الله أكبر! صدق رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم قد أخبرني بكل ما أنا لاق. قال (١١) : وما قال لك؟. قال : أخبرني أني أمنع من مكة (١٢) والمدينة وأموت بالربذة ، ويتولى دفني نفر يردون من العراق إلى نحو (١٣) الحجاز ، وبعث أبو ذر إلى جمل (١٤) فحمل عليه امرأته ، وقيل : ابنته ، وأمر عثمان أن يتجافاه الناس

__________________

(١) في المصدر : خمسة.

(٢) جاء في مجمع البحرين ٢ ـ ١٠٠ : وفي الحديث ذكر الصقالبة ، وهم جيل تتاخم بلادهم بلاد الخزورين وقسطنطنية ، ولاحظ : القاموس المحيط ١ ـ ٩٣.

(٣) في المروج : يطيرون ، بدلا من : يطردون.

(٤) جاءت : وكان أن يتلف ، في المصدر.

(٥) في المروج : وذكر جوامع ما ينزل به بعد.

(٦) في المصدر : وار عني وجهك فقال.

(٧) هنا سقط جاء في مروج الذهب : قال : فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ، قال : إي والله.

(٨) لا توجد : إلى ، في المصدر.

(٩) في مروج الذهب : ما أختار.

(١٠) في المصدر : فإني.

(١١) في المصدر : قال عثمان.

(١٢) جاءت العبارة في المروج هكذا : بأني أمنع عن مكة.

(١٣) عبارة المصدر : ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو ..

(١٤) زيادة : له ، جاءت في المصدر.

١٨١

حتى يسير إلى الربذة ، ولما (١) طلع عن المدينة ومروان يسيره عنها طلع عليه علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه ابناه (٢) عليهما السلام وعقيل أخوه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر ، فاعترض مروان وقال : يا علي! إن أمير المؤمنين ينهى الناس أن يمنحوا أبا ذر أو يسقوه (٣) ، فإن كنت لم تعلم بذلك (٤) فقد أعلمتك ، فحمل عليه (٥) بالسوط ، فضرب بين أذني ناقة مروان (٦) وقال : تنح! نحاك الله إلى النار ، ومضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف ، فلما أراد علي (ع) الانصراف بكى أبو ذر وقال : رحمكم الله أهل البيت إذا رأيتك يا أبا الحسن وولدك ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم. فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به علي عليه السلام (٧) ، فقال عثمان : يا معشر المسلمين! من يعدوني (٨) من علي؟ رد رسولي عما وجهته له ، وفعل وفعل (٩) ، والله لنعطيه (١٠) حقه ، فلما رجع علي استقبله الناس وقالوا (١١) : إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أباذر!. فقال علي (ع) : غضب الخيل على اللجم (١٢) ، فلما كان بالعشي و (١٣) جاء عثمان قال (١٤) : ما حملك على

__________________

(١) في مروج الذهب : فلما.

(٢) في المصدر زيادة : الحسن والحسين.

(٣) جاء في حاشية ( س ) : أو يستحوه. كذا.

(٤) جاءت العبارة في مروج الذهب هكذا : فقال : يا علي! إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه فإن كنت لا تدري بذلك.

(٥) في المصدر زيادة : علي بن أبي طالب.

(٦) في مروج الذهب : وضرب بين أذني راحلته.

(٧) في المصدر : علي بن أبي طالب.

(٨) في مروج الذهب : من يعذرني.

(٩) جاءت في المصدر : كذا ، بدلا من : وفعل ـ الثانية ـ.

(١٠) في مروج الذهب : لنعطينه. وكذلك هي في نسختي البحار.

(١١) في المصدر : فقالوا.

(١٢) وهي من أمثال العرب تضرب لمن يغضب غضبا لا ينتفع به ولا موضع له ، انظر : مجمع الأمثال ٢ ـ ٦٧ برقم ٢٦٦٢.

(١٣) لا توجد الواو في مروج الذهب.

(١٤) في المصدر : فقال له.

١٨٢

ما صنعت بمروان؟ ولم اجترأت علي ورددت رسولي وأمري؟. فقال (١) : أما مروان فاستقبلني بردي (٢) فرددته عن ردي ، وأما أمرك لم أرده. فقال (٣) عثمان : ألم يبلغك أني قد نهيت الناس عن أبي ذر وشيعه (٤)؟. فقال علي (ع) : أوكل ما أمرتنا به من شيء نرى طاعة الله والحق في خلافه اتبعنا فيه أمرك ، لعمر الله ما نفعل. فقال (٥) عثمان : أقد مروان. قال : ومم أقيده؟. قال : ضربت بين أذني راحلته وشتمته فهو شاتمك وضارب بين أذني راحلتك!!. قال علي (ع) : أما راحلتي فهي تلك ، فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فعل (٦) ، وأما أنا فو الله لئن شتمني لأشتمنك بمثله لا كذب (٧) فيه ولا أقول إلا حقا. قال عثمان : ولم لا يشتمك إذا شتمته ، فو الله ما أنت بأفضل عندي منه! ، فغضب علي عليه السلام وقال : لي (٨) تقول هذا القول؟! أمروان يعدل بي؟!!! فلا والله أنا (٩) أفضل منك وأبي أفضل من أبيك ، وأمي أفضل من أمك ، وهذه نبلي قد نثلتها فانثل نبلك (١٠) ، فغضب عثمان واحمر وجهه وقام فدخل (١١) ، وانصرف علي عليه السلام فاجتمع إليه أهل بيته ورجال المهاجرين والأنصار ، فلما كان من الغد واجتمع الناس (١٢) شكا إليهم

__________________

(١) في مروج الذهب : قال ـ من دون فاء ـ.

(٢) في المصدر : يردني.

(٣) في مروج الذهب : فلم أرده قال ..

(٤) في المصدر : وعن تشييعه.

(٥) في مروج الذهب : بالله لا نفعل ، قال ..

(٦) في المصدر : فليفعل.

(٧) في مروج الذهب : أنت مثلها بما لا أكذب ، بدلا من : بمثله لا كذب.

(٨) في المصدر : فغضب علي بن أبي طالب وقال : إلي.

(٩) في مروج الذهب : وبمروان تعدلني!! فأنا والله أفضل ..

(١٠) في المصدر : وهلم فانثل بنبلك. قال في القاموس ٤ ـ ٥٤ : نثل الكنانة : استخرج نبلها فنثرها.

ونحوه في الصحاح ٥ ـ ١٨٢٥.

(١١) جاءت في المصدر : فقام ودخل داره.

(١٢) زيادة : إلى عثمان ، جاءت في مروج الذهب.

١٨٣

عليا (ع) وقال : إنه يغشني ويظاهر من يغشني (١) يريد بذلك أبا ذر وعمارا (٢) أو غيرهما ـ ، فدخل الناس بينهما حتى اصطلحا. وقال (٣) علي (ع) : والله ما أردت بتشييعي أبا ذر (٤) إلا الله تعالى. انتهى (٥).

وقد مر في باب أحوال أبي ذر (٦) تلك القصة وفضائله ومناقبه من طرق أهل البيت عليهم‌السلام (٧).

__________________

(١) في المصدر : إنه يعييني ويظاهر من يعيبني.

(٢) في مروج الذهب : وعمار بن ياسر.

(٣) زيادة : له ، بعد : قال ، جاءت في المصدر.

(٤) في المصدر : أبي ذر. ولعلها سهو.

(٥) وذكر أكثر ما مر وزاد عليه غيره ، انظر : الأنساب للسمعاني ٥ ـ ٥٢ ـ ٥٤ ، طبقات ابن سعد ٤ ـ ١٦٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ ـ ١٤٨ ، فتح الباري ٣ ـ ٢١٣ ، عمدة القاري ٤ ـ ٢٩١ ، وصحيح البخاري كتابا الزكاة والتفسير وفصل كيفية الأبعاد ، وابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ٢ ـ ٣٧٥ ـ ٣٨٧.

(٦) بحار الأنوار ٢٢ ـ ٣٩٣ ـ ٤٣٣.

(٧) ولعل ما جاء عن طريق العامة أكثر وأكثر ، فهو ممن تعبد قبل البعثة وكان موحدا قبل الإسلام ، بل ممن لم يعبد صنما وسبق في الإسلام إذ كان ثالث أو رابع أو خامس من أسلم ، وكان من أوعية العلم والزهد والورع ، وأبرز من قال بالحق ولم تأخذه في الله لومة لائم ، وهو أول من حيى الرسول بتحية الإسلام.

وحسبه ما قاله فيه أبو الحسن عليه‌السلام : وعى علما عجز فيه. وكان شحيحا حريصا على دينه ، حريصا على العلم ، وكان يكثر السؤال فيعطى ويمنع.

ونحن خوفا من الإطالة نعرض عن ذكر النصوص ونكتفي بالمصادر ، فمن أراد فليراجعها ، منها : طبقات ابن سعد ٤ ـ ١٦١ و ١٦٤ ـ ١٦٦ و ١٧٠ ، صحيح مسلم كتاب المناقب ٧ ـ ١٥٣ ١٥٦ ، صحيح البخاري ٦ ـ ٢٤ باب إسلام أبي ذر ، حلية الأولياء ١ ـ ١٥٧ ـ ١٥٨ ، صفوة الصفوة لابن الجوزي ١ ـ ٢٣٨ ، تاريخ ابن عساكر ٧ ـ ٢١٧ ، مستدرك الحاكم ٣ ـ ٣٣٨ و ٣٤٢ ، الاستيعاب ١ ـ ٨٣ ، ٢ ـ ٦٦٤ ، أسد الغابة ٥ ـ ١٨٦ ، شرح الجامع الصغير للمناوي ٥ ـ ٤٢٣ ، الإصابة ٤ ـ ٦٣ ـ ٦٤ و ٣ ـ ٤٨٤ ، مسند أحمد بن حنبل ٥ ـ ١٦٣ و ١٧٤ ، مجمع الزوائد ٩ ـ ٣٣٩ ٣٣١ ، وغيرها كثير.

١٨٤

وروى ابن الأثير في جامع الأصول (١) برواية الترمذي (٢) ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر ، أشبه عيسى في ورعه. قال عمر : أفنعرف (٣) ذلك له يا رسول الله؟!. قال : نعم ، فاعرفوا له.

وعن بريدة (٤) ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله (٥) أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم. قيل : يا رسول الله! سمهم لنا؟. قال : علي منهم .. يقول ذلك ثلاثا ، وأبو ذر ، والمقداد ، وسلمان ، أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم (٦).

وعن ابن عمرو بن العاص (٧) ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر. قال : أخرجه الترمذي (٨).

و (٩) عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] : ما أظلت

__________________

(١) جامع الأصول ٨ ـ ٥٦٧ حديث ٦٣٧٧.

(٢) سنن الترمذي كتاب المناقب ، باب مناقب أهل بيت النبي (ص) ، وباب مناقب معاذ وزيد وأبي بن كعب وأبي عبيدة حديث ٣٧٩٣ ، و ٣٧٩٤.

(٣) في المصدر : فتعرف له.

(٤) كما في سنن الترمذي كتاب المناقب باب مناقب علي بن أبي طالب حديث ٣٧٢٠ ، والحاكم في المستدرك ٣ ـ ١٣٠ وقال : صحيح على شرط مسلم.

(٥) في المصدر زيادة : تبارك وتعالى.

(٦) وقد رواه ابن الأثير في جامع الأصول ٨ ـ ٥٧٩ حديث ٦٣٩٣.

(٧) جامع الأصول ٩ ـ ٥٠ حديث ٦٥٩٣.

(٨) سنن الترمذي كتاب المناقب باب مناقب أبي ذر ٢ ـ ٢١٣ حديث ٣٨٠٣ ، وقال : هذا حديث صحيح.

وأورده ابن ماجة في سننه ١ ـ ٦٦ ، والحاكم في المستدرك ٣ ـ ٨٣٠ ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١ ـ ١٧٢ ، وابن عبد البر في الاستيعاب ٢ ـ ٥٥٧ ، وابن حجر في الإصابة ٣ ـ ٤٥٥ ، والمناوي في شرح الجامع الصغير ٢ ـ ٢١٥ وغيرهم.

(٩) جامع الأصول ذيل الحديث السابق.

١٨٥

الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق (١) من أبي ذر ، شبيه عيسى ابن مريم. فقال عمر بن الخطاب كالحاسد ـ : يا رسول الله (ص)! أفنعرف ذلك له؟. قال : نعم ، فاعرفوه.

قال : أخرجه الترمذي (٢) ، وقال : قد روى بعضهم هذا الحديث فقال : أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى ابن مريم (٣).

__________________

(١) لا توجد في ( س ) : أصدق. وفي جامع الأصول : ولا أصدق ولا أوفى.

(٢) صحيح الترمذي ٢ ـ ٢٢١.

(٣) يمكن عد حديث صدق أبي ذر وزهده من أظهر مصاديق التواتر المعنوي ، إذ أخرجه جملة الحفاظ على اختلاف ألفاظه كابن سعد والترمذي وابن ماجة وأحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وأبي عمر وأبي نعيم والبغوي والحاكم وابن عساكر والطبراني وابن الجوزي وغيرهم.

انظر : الطبقات ٤ ـ ١٦٧ و ١٦٨ ، سنن ابن ماجة ١ ـ ٦٨ ، مسند أحمد ٢ ـ ١٦٣ و ١٧٥ و ٢٢٣ ، و ٥ ـ ١٩٧ ، و ٦ ـ ٤٤٢ ، مستدرك الحاكم ٣ ـ ٣٤٢ ، و ٤ ـ ٤٨٠ وقد صححه وأقره عليه الذهبي ، مصابيح السنة ٢ ـ ٢٢٨ ، صفة الصفوة ١ ـ ٣٤٠ ، الاستيعاب ١ ـ ٨٤ ، مجمع الزوائد ٩ ـ ٣٢٩ ، الإصابة لابن حجر ٣ ـ ٦٢٢ و ٤ ـ ٦٢ ، كنز العمال ٦ ـ ١٦٩ و ٨ ـ ١٥ ـ ١٧ ، وجملة كتب الحديث والرجال والتراجم.

وجاء عن طريق العامة جملة روايات في فضل أبي ذر نذكر منها أمثلة :

منها : ما جاء في السيرة النبوية لابن هشام ٤ ـ ١٧٩ : رحم الله أبا ذر يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده. وأخرجه في الطبقات ٤ ـ ١٧٠ ، الاستيعاب ١ ـ ٨٣ ، وأسد الغابة ٥ ـ ١٨٨ ، والإصابة ٤ ـ ١٦٤.

ومنها : ما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ـ ٣٩ أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة : علي وعمار وأبي ذر.

وقد أورد الحاكم في مستدركه ٣ ـ ٣٤٤ ، بإسناده عن عبد الرحمن بن غنم ، قال : كنت مع أبي الدرداء فجاء رجل من قبل المدينة ، فسأله فأخبره : أن أبا ذر مسير إلى الربذة ، فقال أبو الدرداء : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لو أن أبا ذر قطع لي عضوا أو يدا ما هجنته بعد ما سمعت النبي (ص) يقول : ما أظلت .. إلى آخره. وقريب منه في مسند أحمد ٥ ـ ١٩٧.

ولنختم البحث بكلام سيد الوصيين وأمير المؤمنين عليه‌السلام إذ يقول :

« يا أبا ذر! إنك غضبت لله فارج من غضبت له ، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم

١٨٦

أقول : وإذا كان أبو ذر رضوان الله عليه من الذي يحبهم الله وأمر رسوله بحبهم فإيذاؤه والإهانة به في حكم المعاداة لله ولرسوله ، وإذا كان أصدق الناس لهجة فحال من شهد عليه بالكذب والضلال معلوم ، وما اشتملت عليه القصة من منازعته مع أمير المؤمنين عليه‌السلام وشتمه يكفي في القدح فيه ووجوب لعنه.

الطعن الخامس :

أنه ضرب عبد الله بن مسعود حتى كسر بعض أضلاعه ، وقد رووا في فضله في صحاحهم أخبارا كثيرة ، وكان ابن مسعود يذمه ويشهد بفسقه وظلمه.

قال (١) السيد رضي الله عنه في الشافي (٢) : قد روى كل من روى السيرة من أصحاب الحديث على اختلاف طرقهم أن ابن مسعود كان يقول : ليتني وعثمان برمل عالج يحثو علي وأحثو عليه (٣) حتى يموت الأعجز مني ومنه.

ورووا أنه كان يطعن عليه فيقال له : ألا خرجت إليه ليخرج (٤) معك؟!. فيقول : والله لأن أزاول جبلا راسيا أحب إلي من أن (٥) أزاول ملكا مؤجلا. وكان يقول في كل يوم جمعة بالكوفة جاهرا معلنا : إن أصدق القول كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدث بدعة ،

__________________

وما أغناك عما منعوك ... لا يؤنسنك إلا الحق ، ولا يوحشنك إلا الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبوك ، ولو قرضت منها لأمنوك ». نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ٢ ـ ١٢ ـ ١٣ ، صبحي الصالح : ١٨٨ برقم ١٣٠ ، وانظر ما ذكره ابن أبي الحديد في ذيل كلامه ٧ ٨ ـ ٢٥٢ ـ ٢٦٢ [ ٢ ـ ٣٥٤ ـ ٣٥٨ ذا أربع مجلدات ].

(١) في ( ك‍ ) : وقال.

(٢) الشافي ٤ ـ ٢٧٩ ـ ٢٨٠.

(٣) في المصدر : يحثي علي وأحثي عليه.

(٤) في الشافي : لنخرج.

(٥) لا توجد : أن ، في المصدر.

١٨٧

وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وإنما كان يقول ذلك معرضا بعثمان حتى غضب الوليد بن عقبة (١) من استمرار تعريضه (٢) ونهاه عن خطبته هذه فأبى أن ينتهي ، فكتب إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان يستقدمه عليه ... (٣).

وقد روي (٤) عنه من طرق لا تحصى كثرة أنه كان يقول : ما يزن عثمان عند الله جناح بعوضة (٥).

و (٦) أوصى عند موته أن لا يصلي عليه عثمان (٧) ، ولما أتاه عثمان في مرضه وطلب منه الاستغفار قال : أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي ...

وروى الواقدي (٨) بإسناده ، وغيره ، أن عثمان (٩) لما استقدمه (١٠) المدينة دخلها ليلة جمعة ، فلما علم عثمان بدخوله ، قال : أيها الناس! إنه قد طرقكم الليلة

__________________

(١) لا يوجد في الشافي : بن عقبة.

(٢) في المصدر : تعرضه.

(٣) ومنها ، ما قاله للوليد : ما أرى صاحبكم إلا وقد غير وبدل ، كما ذكره البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٣٦ ، وفيه : وكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال : إنه يعيبك ويطعن عليك.

(٤) كما جاء في الشافي ٤ ـ ٢٨٠.

(٥) في ( ك‍ ) نسخة بدل : ذباب ، وهي التي جاءت في الشافي. ثم إن هنا سقط ، لاحظه في الشافي.

(٦) الكلام للسيد المرتضى في الشافي ٤ ـ ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، ذكر المصنف رحمه‌الله هنا مضمون النص والوصية ، واختزل منه جمل مفيدة ، فراجع.

(٧) ومنها : وصية ابن مسعود بأن لا يصلي عليه عثمان ، بل لم يعلم بدفنه ، كما فصلها ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ٢٣٦ ، وابن عبد البر القرطبي في الاستيعاب ١ ـ ٣٧٣ ، والحاكم في المستدرك ٣ ـ ٣١٣ ، وابن كثير في تاريخه ٧ ـ ١٦٣ وغيرهم.

(٨) كما حكاه السيد في الشافي ٤ ـ ٢٨١ ـ ٢٨٢ بتصرف.

(٩) في ( ك‍ ) نسخة بدل : ابن مسعود ، وهو غلط.

(١٠) جاء على ( ك‍ ) : استقدم ، ورمز لها بنسخة بدل.

١٨٨

دويبة من تمر (١) على طعامه تقيء وتسلح (٢). فقال ابن مسعود : لست كذلك ، ولكني (٣) صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر ، وصاحبه يوم أحد ، وصاحبه يوم بيعة الرضوان ، وصاحبه يوم الخندق ، وصاحبه يوم حنين.

قال : وصاحت (٤) عائشة : أيا عثمان! أتقول هذا لصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله؟!. فقال عثمان : اسكتي. ثم قال لعبد الله بن زمعة بن الأسود (٥) : أخرجه إخراجا عنيفا ، فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد ، فضرب به الأرض فكسر ضلعا من أضلاعه. فقال ابن مسعود : قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان.

وفي رواية أخرى : أن ابن زمعة الذي فعل به ما فعله كان مولى لعثمان

__________________

(١) وفي الشافي : دويبة من تمشي ، وفي ( ك‍ ) نسخة بدل : دويبة تمشي ، وذكر في حاشيتها : وفي بعض النسخ : دويبة تمر على طعامه تقيئ ويسلح .. ولعله شبهه بالدودة التي تقع في الثمر ويقيء وتسلح فيه ، وتذكر الضمير في المواضع باعتبار المشبه. وفي بعض النسخ : من يمشي .. أي دابة تمشي على طعام ذلك الرجل وتقيئ ويسلح فيه. وفي بعضها : من تمش .. ، والمش : المص ، وفلان تميش من فلان .. أي يصيب منه ، وتمششت العظم : أكلت مشاشه ، وهي رءوس العظام اللينة. وفي بعضها : مرتمس.

[ منه ( نور الله ضريحه ) ] أقول : ذكر المعنى الأخير في لسان العرب ٦ ـ ٣٤٧ ، والصحاح ٣ ـ ١٠١٩ ، وغيرهما.

(٢) في الشافي : يقيء ويسلح. والسلح : التغوط ، وغرض عثمان أن ابن مسعود كذئب صغير قد مرت الدويبة على طعامه فأفسدته عليه وتقيأ وتغوط فيه ، فاجتنبوه لئلا يفسد عليكم عيشكم.

(٣) في ( ك‍ ) نسخة بدل : ولكنني ، وقد جاءت في المصدر.

(٤) في المصدر : فصاحت.

(٥) في المصدر زيادة : بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.

ولعل ترك المصنف رحمه‌الله لهذه الزيادة جاء من كون هذا الشخص من شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويبعد صدور مثل ذلك منه ، ويحتمل قويا كونه ابن زمعة الذي كان عبدا أسود من عبيد عثمان ، كما صرح بذلك في الرواية الأخرى.

١٨٩

أسود ، وكان مشذبا (١) طوالا.

وفي رواية (٢) : أن فاعل ذلك يحموم مولى عثمان.

وفي رواية : أنه لما احتمله ليخرجه من المسجد ناداه عبد الله : أنشدك الله أن تخرجني من مسجد خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال الراوي : فكأني أنظر إلى حموشة (٣) ساقي عبد الله بن مسعود ورجلاه يختلفان على عنق مولى عثمان حتى أخرج من المسجد ، وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله : لساقا ابن أم عبد أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد (٤).

وقد روى محمد بن إسحاق ، عن محمد بن كعب القرطي (٥) : أن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه أبا ذر ، وهذه قصة أخرى ، وذلك أن أبا ذر (٦) لما حضرته الوفاة بالربذة وليس معه إلا امرأته وغلامه أوصى إليهما (٧) أن غسلاني ثم كفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق ، فأول ركب يمرون بكم قولا (٨)

__________________

(١) في ( ك‍ ) مسدما. وفي المصدر : أن ابن زمعة مولى لعثمان أسود وكان مسدما. وجاء في حاشية ( ك‍ ) ما يلي : في القاموس : مخل مسدوم ، وسدم ـ محركة ـ .. ومعظم ( أي كمعظم ) : هائج .. وكمعظم : البصير المهمل.

وفي بعض النسخ : مشذبا ، وهو الأظهر. قال في النهاية : المشذب : هو الطويل البائن الطول مع نقص في لحمه. [ منه ( قدس‌سره ) ].

انظر : القاموس ٤ ـ ١٢٨ ، وقارن بما جاء في تاج العروس ٨ ـ ٣٣٤. ولاحظ : النهاية ٢ ـ ٤٥٣.

(٢) في المصدر زيادة كلمة : أخرى.

(٣) جاء في حاشية ( ك‍ ) : يقال رجل حمش الساقين ـ بمفتوحة فساكنة فمعجمة ـ .. أي دقيقهما. مجمع.

انظر : مجمع البحرين ٤ ـ ١٣٤.

(٤) مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٤٢١ و ٥ ـ ١٣١.

(٥) في المصدر : القرظي.

(٦) في المصدر : إن أبا ذر رحمه‌الله تعالى.

(٧) في ( ك‍ ) نسخة بدل : عهد إليهما ، وهي كذلك في المصدر.

(٨) في الشافي : يمر بكم فقولوا هذا ، وجاءت فقولوا نسخة بدل في ( ك‍ ).

١٩٠

لهم : هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينونا على دفنه ، فلما مات فعلا (١) ذلك ، وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين (٢) ، فلم يرعهم (٣) إلا الجنازة على قارعة الطريق قد كادت الإبل تطؤها ، فقام إليهم العبد ، فقال : هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينونا على دفنه ، فأنهل ابن مسعود باكيا وقال (٤) : صدق رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال (٥) : تمشي (٦) وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك ، ثم نزل هو وأصحابه فواروه. هذا بعض ما رواه في الشافي (٧) آخذا من كتبهم المعتبرة (٨).

__________________

(١) في المصدر : فعلوا.

(٢) في الشافي : عمارا ، وفي حاشية المصدر نسخة بدل : معتمرين.

(٣) في المصدر : فلم ترعهم.

(٤) في ( ك‍ ) نسخة بدل : يبكي ويقول ، وهي التي وردت في المصدر.

(٥) في الشافي زيادة : له ، بعد قال.

(٦) في المصدر : تمسي.

(٧) الشافي ٤ ـ ٢٧٩ ـ ٢٨٣ ، باختلاف أشرنا إلى أكثره.

(٨) ولنورد لك تذييلا لبعض ما أورده أعلامهم ، وفيه جوانب كثيرة حرية بالتأمل :

منها : ما ذكره البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٣٦ : .. ثم أمر عثمان به ـ أي ابن مسعود ـ فأخرج من المسجد إخراجا عنيفا ، وضرب به عبد الله بن زمعة الأرض ، ويقال : بل احتمله : يحموم ـ غلام عثمان ـ ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدق ضلعه.

وفي لفظ الواقدي : فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد فضرب به الأرض فكسر ضلعا من أضلاعه ، فقال ابن مسعود : قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان!.

ومنها : ما ذكره ابن كثير في تاريخه ٧ ـ ١٦٣ قال : جاءه عثمان في مرضه عائدا ، فقال له : ما تشتكي؟. قال : ذنوبي. قال : فما تشتهي؟. قال : رحمة ربي. قال : ألا آمر لك بطبيب؟. قال : الطبيب أمرضني. قال : ألا آمر لك بعطائك؟ ـ وكان قد تركه سنين! ـ فقال : لا حاجة لي. فقال : يكون لبناتك من بعدك. فقال : أتخشى على بناتي الفقر؟. إني أمرت بناتي .. إلى آخره .. ، ورواه الواقدي والبلاذري بتفصيل ، ومرت في المتن مجملا.

ومنها : ما أخرجه البلاذري ـ من طريق أبي موسى القروي ـ بإسناده : أنه دخل عثمان على ابن مسعود في مرضه .. إلى أن قال : فلما انصرف عثمان قال بعض من حضر : إن دمه لحلال ..! ، فقال ابن مسعود : ما يسرني أنني سددت إليه سهما يخطئه ، وأن لي مثل أحد ذهبا!. وانظر ما ذكره

١٩١

وقد رووا في أصولهم المشهورة كجامع الأصول (١) والإستيعاب (٢) وصحاحهم المتداولة (٣) مناقب جمة لابن مسعود لم ينقلوا مثلها لعثمان تركناها مخافة الإطناب ، فضربه وإخراجه وإهانته وإيذاؤه من أعظم الطعون على عثمان ، أحله الله تعالى أسفل درك النيران.

__________________

اليعقوبي في تاريخه ٢ ـ ١٤٧.

ومنها : ما ذكره في تاريخ الخميس ٢ ـ ٢٦٧ : أن عثمان حبس عبد الله بن مسعود وأبا ذر عطاءهما ، وذلك جرم يضاف إلى ما جناه ، كما في السيرة الحلبية ٢ ـ ٨٧.

(١) جامع الأصول ٩ ـ ٤٦ ـ ٥٠ في فضائل عبد الله بن مسعود حديث ٦٥٨٦ وغيره من الأبواب.

(٢) الاستيعاب المطبوع على هامش الإصابة ٢ ـ ٣١٦ ـ ٣٢٤.

(٣) فقد جاء في صحيح البخاري كتاب المناقب عن حذيفة بن اليمان قال : ما أعرف أحدا أقرب سمتا وهديا ودلاء برسول الله صلى الله عليه [ وآله ] من ابن أم عبد. وقريب منه ما ذكره الترمذي بل زاد عليه.

انظر : مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ٣٨٨ ، و ٥ ـ ٣٨٩ ، مستدرك الحاكم ٣ ـ ٣١٥ ـ ٣٢٠ ، حلية الأولياء ١ ـ ١٢٤ ـ ١٢٧ ، الاستيعاب ١ ـ ٣٧١ ـ ٣٧٢ ، صفة الصفوة ١ ـ ١٥٦ ـ ١٥٨ ، تاريخ ابن كثير ٢ ـ ١٦٢ ـ ١٦٣ ، تيسير الوصول ٣ ـ ٢٩٧ ، الإصابة ٢ ـ ٢٧٠ ـ ٣٦٩ ـ ٤٦٩ ، كنز العمال ٦ ـ ١٨٠ ـ ١٨١ ، و ٧ ـ ٥٥ ـ ٥٦ ، وذكرت جملة من فضائله ذيل آية : ٥٢ من سورة الأنعام ، كما في تفسير القرطبي ١٦ ـ ٤٣٢ ـ ٤٣٣ ، تفسير ابن كثير ٢ ـ ١٣٥ ، تفسير بن جزي ٢ ـ ١٠ ، تفسير الدر المنثور ٣ ـ ١٣ ، تفسير الخازن ٢ ـ ١٨ ، تفسير الشوكاني ٢ ـ ١١٥ ، ولأمير المؤمنين عليه‌السلام وجمع من الصحابة كلمات فيه جاءت في المصادر السالفة ، ومجمع الزوائد ٩ ـ ٢٨٧ ـ ٢٨٩ ، وكنز العمال ٦ ـ ١٨١ ـ ١٨٠ ، ٧ ـ ٥٦ ـ ٥٥ ، تاريخ ابن عساكر ٦ ـ ١٠٠ ، الطبقات الكبرى ٣ ـ ١٠٨ ، سنن ابن ماجه ١ ـ ٦٣ ، مرآة الجنان ١ ـ ٨٧ ، تهذيب التهذيب ٦ ـ ٢٨ ، تاريخ البخاري ١ ـ قسم ٢ ـ ١٥٢ وغيرها.

١٩٢

الطعن السادس :

ما صنع بعمار بن ياسر رضي‌الله‌عنه الذي أطبق المؤالف والمخالف على فضله وعلو شأنه ، ورووا أخبارا مستفيضة دالة على كرامته وعلو درجته ـ.

قال السيد رضي‌الله‌عنه في الشافي (١) : ضرب عمار مما لم يختلف فيه الرواة وإنما اختلفوا في سببه.

فروى عباس بن (٢) هشام الكلبي (٣) ، عن أبي مخنف في إسناده أنه كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر ، فأخذ منه عثمان ما حلى به بعض أهله فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكل كلام شديد حتى غضب (٤) فخطب ، وقال (٥) : لنأخذن حاجتنا من هذا الفيء وإن رغمت أنوف أقوام. فقال له علي عليه السلام : إذا تمنع من (٦) ذلك ويحال بينك وبينه. فقال عمار : أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك. فقال عثمان : أعلي يا ابن ياسر (٧) وسمية تجتري؟ خذوه .. فأخذوه ، ودخل عثمان فدعا به وضربه (٨) حتى غشي عليه ، ثم أخرج فحمل إلى منزل أم سلمة زوج النبي (ص) (٩) فلم يصل الظهر والعصر والمغرب ، فلما أفاق توضأ وصلى. وقال : الحمد لله ، ليس هذا أول يوم أوذينا فيه

__________________

(١) الشافي ٤ ـ ٢٨٩ ـ ٢٩١.

(٢) في المصدر : عن ، بدلا من : بن. وهو الظاهر.

(٣) كما أخرجه البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٤٨٠ ، والزهري ـ كما في الأنساب للبلاذري ٥ ـ ٨٨ ـ بألفاظ متقاربة.

(٤) في الشافي : أغضبوه. وكذا جاء في الأنساب للبلاذري.

(٥) في المصدر : فقال.

(٦) لا توجد : من ، في المصدر ، وجاءت في الأنساب.

(٧) في الأنساب : يا ابن المتكاء.

(٨) في المصدر والأنساب : فضربه.

(٩) زاد في الشافي : رحمة الله عليها.

١٩٣

في الله تعالى (١). فقال هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان عمار حليفا لبني مخزوم ـ : يا عثمان! أما علي فاتقيته (٢) ، وأما نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتى أشفيت به (٣) على التلف ، أما والله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم الشأن (٤). فقال عثمان : وإنك لهاهنا يا ابن القسرية! (٥) قال : فإنهما قسريتان وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة (٦) ـ ، فشتمه عثمان وأمر به فأخرج ، فأتي به أم سلمة فإذا هي قد غضبت لعمار ، وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت وأخرجت شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وآله ونعلا من نعاله وثوبا من ثيابه ، وقالت : ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم ، وهذا ثوبه وشعره (٧) ونعله لم يبل بعد.

وروى آخرون : أن السبب في ذلك أن عثمان مر بقبر جديد ، فسأل عنه ، فقيل : عبد الله بن مسعود ، فغضب على عمار لكتمانه إياه موته إذا (٨) كان المتولي للصلاة عليه والقيام بشأنه فعندها وطئ عثمان عمارا حتى أصابه الفتق.

وروى آخرون (٩) : أن المقداد وطلحة والزبير وعمارا وعدة من أصحاب رسول الله (ص) كتبوا كتابا عددوا فيه أحداث عثمان وخوفوه ربه ، وأعلموه أنه (١٠) مواثبوه إن لم يقلع ، فأخذ عمار الكتاب فأتاه به فقرأ منه صدرا ، فقال عثمان : أعلي

__________________

(١) لا توجد : تعالى ، في الأنساب والمصدر.

(٢) زاد في الأنساب هنا : وبني أبيه.

(٣) أشفيت هنا بمعنى أشرفت ، كما في الصحاح ٦ ـ ٢٣٩٤.

(٤) في الشافي : عظيم السيرة ، وفي ( ك‍ ) نسخة بدل : السرة ، وفي الأنساب : عظيم السرة.

(٥) في المصدر : ابن القسرية ـ بدون حرف النداء ـ.

(٦) في الشافي : بجيلة ـ من دون كلمة : من ـ. وفي ( ك‍ ) : بحيلة.

(٧) في المصدر والأنساب بتقديم وتأخير : شعره وثوبه. وأورد البلاذري في كتابه هنا ذيلا مفصلا.

(٨) كذا ، والصحيح : إذ.

(٩) منهم البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٤٩.

(١٠) في المصدر : أنهم ، بدلا من : أنه.

١٩٤

تقدم من بينهم؟. فقال : لأني أنصحهم لك (١). فقال : كذبت يا ابن سمية!. فقال : أنا والله ابن سمية وأنا ابن ياسر ، فأمر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه ثم (٢) ضربه عثمان برجليه (٣) وهما (٤) في الخفين على مذاكيره فأصابه الفتق ، وكان ضعيفا كبيرا فغشي عليه (٥).

ثم قال رحمه‌الله (٦) : وقد روي من طرق مختلفة وبأسانيد كثيرة ، أن عمارا كان يقول : ثلاثة يشهدون (٧) على عثمان بالكفر وأنا الرابع ، وأنا شر الأربعة! : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (٨) وأنا أشهد أنه قد حكم بغير ما أنزل الله.

وروي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة ، أنه قيل له : بأي شيء أكفرتم عثمان؟. فقال : بثلاث (٩) ، جعل المال دولة بين الأغنياء ، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة من حارب الله ورسوله وعمل بغير كتاب الله .. ثم ساق السيد الكلام .. إلى أن قال (١٠) : فلا عذر يسمع من

__________________

(١) في المصدر : أنهم ، بدلا من : أنه.

(٢) لا توجد : ثم ، في الشافي.

(٣) خ. ل : برجله.

(٤) خ. ل : وهي ، وكذا جاءت في المصدر.

(٥) وأورده ابن أبي الحديد في شرحه عن نهج البلاغة ١ ـ ٢٣٩ من دون غمز فيه.

أقول : قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ذكروا أنه اجتمع ناس من أصحاب رسول الله (ص) كتبوا كتابا ذكروا فيه ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وسنة صاحبيه .. ثم عدد جملة كبيرة من مطاعنه حرية بالملاحظة ، وأجمل ذكر ذلك ابن عبد البر في العقد الفريد ٢ ـ ٢٧٢.

(٦) السيد المرتضى في الشافي ٤ ـ ٢٩١.

(٧) في ( س ) : يشهدوه.

(٨) المائدة : ٤٤.

(٩) في المصدر : قال بثلاثة.

(١٠) الشافي ٤ ـ ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

١٩٥

إيقاع نهاية المكروه ممن (١) روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال فيه : عمار جلدة ما بين العين والأنف و (٢) متى تنكى [ تنكأ ] (٣) الجلدة تدم الأنف.

وروي أنه قال (ص) : ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار؟!.

وروي ، عن خالد : أن (٤) رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من عادى عمارا عاداه الله ، ومن أبغض عمارا أبغضه الله (٥).

وأي كلام غليظ سمعه عثمان (٦) من عمار يستحق به ذلك المكروه العظيم الذي تجاوز مقدار ما (٧) فرضه الله تعالى في الحدود؟! وإنما كان عمار وغيره ينثوا (٨) عليه أحداثه ومعايبه (٩) أحيانا على ما يظهر من سيئ أفعاله ، وقد كان يجب عليه أحد أمرين : إما أن ينزع عما يواقف عليه من تلك الأفعال ، أو أن يبين عذره فيها و (١٠) براءته منها ما يظهر ويشتهر وينتشر (١١) ، فإن أقام مقيم بعد ذلك على توبيخه

__________________

(١) في المصدر : بمن.

(٢) وضع في مطبوع البحار على الواو رمز نسخة بدل.

(٣) في الشافي : ومتى تنكأ. ونكأ القرحة : قشرها قبل أن تبرأ ، ونكى القرحة نكأها.

(٤) في المصدر : وروى العوام بن حوشب ، عن سلمة بن كهيل ، عن علقمة ، عن خالد بن الوليد أن ..

(٥) ستأتي مصادر جمة لهذه الأحاديث ، وانظر ما ذكره في الإصابة حرف العين ، والسيرة النبوية لابن هشام ٢ ـ ١١٥ وغيرهما.

(٦) لا يوجد في الشافي : عثمان.

(٧) في المصدر : يتجاوز المقدار الذي.

(٨) في الشافي : أثبتوا و .. ، وجاء في ( ك‍ ) نسخة بدل : بئثون ، وأورد في حاشيتها : نثى الحديث : حدث به وأشاعه ، والشيء : فرقه وأذاعه. والنثي : ما اخبرت به عن الرجل من حسن أو سيئ ، ذكره الفيروزآبادي. وفي بعض النسخ : يبثون ـ بالباء ـ. [ منه ( رحمه‌الله ) ].

انظر : القاموس ٤ ـ ٢٩٣ ، وقارن ما ذكره في تاج العروس ١٠ ـ ٣٥٦.

(٩) في ( ك‍ ) نسخة بدل : يعاتبونه.

(١٠) في المصدر : أو ، بدلا من : الواو.

(١١) في المصدر : وينتشر ويشتهر ـ بتقديم وتأخير ـ.

١٩٦

وتفسيقه زجره عن ذلك بوعظ أو غيره ، ولا يقدم على ما يفعله (١) الجبابرة والأكاسرة من شفاء الغيظ بغير ما أنزل الله تعالى وحكمه به (٢). انتهى.

وعندي أن السبب الحامل لعثمان على ما صنع بعمار هو أن عمارا كان من المجاهرين بحب علي عليه‌السلام ، وأن من غلبه على الخلافة غاصب لها ، فحملته عداوته لأمير المؤمنين عليه‌السلام وحبه للرئاسة على إهانته وضربه حتى حدث به الفتق وكسر ضلعا من أضلاعه ، فإنه قد ذكر ابن الأثير في الكامل (٣) وغيره في غيره في قصة الشورى أن عمارا كان يقول لابن عوف : إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليا (ع) ، وعارضه في ذلك عبد الله بن أبي سرح وغيره واشتد الأمر وشتم بعضهم بعضا.

وروى المسعودي في مروج الذهب (٤) : أن عمارا حين بويع عثمان بلغه قول أبي سفيان (٥) في دار عثمان عقيب الوقت الذي بويع فيه عثمان ، ودخل داره ومعه بنو أمية ، فقال أبو سفيان : أفيكم أحد من غيركم؟ وقد كان عمي ـ ، قالوا : لا. قال : يا بني أمية! تلقفوها تلقف الكرة ، والذي (٦) يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة ، فانتهره عثمان وساءه ما قال ، وأنهى (٧) هذا القول إلى المهاجرين والأنصار (٨) ، فقام عمار في المسجد ، فقال : يا معشر قريش! أما إذا صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم مرة هاهنا ومرة هاهنا (٩) فما

__________________

(١) في الشافي : تفعله.

(٢) الشافي ٤ ـ ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٣) الكامل لابن الأثير ٣ ـ ٣٧ باختصار.

(٤) مروج الذهب ٢ ـ ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(٥) في المصدر زيادة : صخر بن حرب.

(٦) في المروج : فو الذي.

(٧) في المصدر : ونمي ، وقد تقرأ في ( ك‍ ) : وانتهى.

(٨) في مروج الذهب زيادة : وغير ذلك الكلام.

(٩) في المصدر : هاهنا مرة وهاهنا مرة ، ولا توجد في ( س ) : ومرة هاهنا ـ الثانية ـ.

١٩٧

أنا بآمن أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهل هذا البيت بعد نبيكم (١).

وروى ابن أبي الحديد (٢) ، عن أبي بكر الجوهري : أن أبا سفيان قال لما بويع عثمان ـ : كان هذا الأمر في تيم ، وأنى لتيم هذا الأمر (٣)؟ ، ثم صار إلى عدي فأبعد وأبعد ، ثم رجعت إلى منازلها واستقر الأمر قراره ، فتلقفوها تلقف الكرة!.

قال : وقال أبو بكر : وحدثني مغيرة بن محمد المهلبي ، قال : ذاكرت إسماعيل بن إسحاق القاضي بهذا الحديث ، وإن أبا سفيان قال لعثمان : بأبي أنت! (٤) أنفق ولا تكن كأبي حجر ، وتداولوها يا بني أمية تداول الولدان الكرة ، فو الله ما من جنة ولا نار ، وكان الزبير حاضرا ، فقال عثمان لأبي سفيان : اعزب! فقال:يا بني! هاهنا (٥) أحد؟. قال الزبير : نعم والله لا كتمتها (٦) عليك.

قال (٧) : فقال إسماعيل : هذا باطل. قلت : وكيف ذلك؟. قال : ما أنكر هذا من أبي سفيان ، ولكن أنكر أن يكون عثمان سمعه (٨) ولم يضرب عنقه. انتهى.

وإنما أوردت هذا الخبر ليظهر لك حقيقة إسلام القوم.

ولنرجع إلى بعض ما كنا فيه :

روى ابن أبي الحديد (٩) نقلا من كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري بإسناده ، عن أبي كعب الحارثي ، قال : .. أتيت المدينة فأتيت عثمان

__________________

(١) في المروج : من أهله ووضعتموه في غير أهله.

(٢) في شرحه على نهج البلاغة ٢ ـ ٤٥.

(٣) لا توجد في ( س ) : الأمر.

(٤) في ( ك‍ ) : بأبي أنت وأمي.

(٥) في المصدر : أهاهنا ..؟.

(٦) في مطبوع البحار : لأكتمنها ، وهو غلط ، وما أثبتناه من المصدر.

(٧) لا توجد : قال ، في ( س ).

(٨) في شرح النهج : سمعه عثمان.

(٩) في شرحه على نهج البلاغة ٩ ـ ٣ ـ ٥.

١٩٨

بن عفان وهو الخليفة يومئذ ـ ، فسألته عن شيء من أمر ديني ، وقلت : يا أمير المؤمنين! إني رجل من أهل اليمن من بني الحارث (١) بن كعب ، وإني أريد أن أسألك عن أشياء (٢) فأمر حاجبك أن لا يحجبني. فقال : يا وثاب! إذا جاءك هذا الحارثي فأذن له. قال : فكنت إذا جئت قرعت (٣) الباب ، قال : من ذا؟ فقلت :الحارثي ، فيقول : ادخل ، فدخلت يوما فإذا عثمان جالس وحوله نفر سكوت لا يتكلمون كأن على رءوسهم الطير ، فسلمت ثم جلست ، فلم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم وحاله ، فبينا أنا كذلك إذا جاء نفر فقالوا : إنه أبى أن يجيء قال : فغضب وقال : أبى أن يجيء؟! اذهبوا فجيئوا به ، فإن أبى فجروه جرا ، قال : فمكثت قليلا فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع في مقدم رأسه شعرات وفي قفاه شعرات ، فقلت : من هذا؟. قالوا : عمار بن ياسر. فقال له عثمان : أنت الذي يأتيك (٤) رسلنا فتأبى أن تجيء؟. قال : فكلمه بشيء لم أدر ما هو ، ثم خرج فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري ، فقام ، فقلت : والله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا ، أقول : حدثني فلان حتى أدري ما يصنع (٥) ، فتبعته حتى دخل المسجد ، فإذا عمار جالس إلى سارية (٦) وحوله نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يبكون. فقال عثمان : يا وثاب! علي بالشرط ، فجاءوا. فقال : فرقوا (٧) بين هؤلاء ، ففرقوا بينهم ، ثم أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلى بهم ، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها : يا أيها الناس! .. ثم تكلمت فذكرت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وما بعثه الله به ، ثم قالت : تركتم أمر الله

__________________

(١) في ( ك‍ ) : الحرث ، والمعنى واحد.

(٢) لا توجد في المصدر : عن أشياء.

(٣) في شرح النهج : فقرعت.

(٤) في المصدر : تأتيك.

(٥) في ( س ) : تصنع.

(٦) قال في القاموس ٤ ـ ٣٤١ : السارية : الأسطوانة.

(٧) في ( ك‍ ) : افرقوا.

١٩٩

وخالفتم عهده .. ونحو هذا ، ثم صمتت ، وتكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك فإذا هما عائشة وحفصة ، قال : فسلم عثمان وأقبل على الناس وقال : لإن هاتين لفتانتان يحل لي سبهما وأنا بأصلهما عالم ، فقال له سعد بن أبي وقاص : أتقول هذا لحبائب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم؟!. فقال : وفيم أنت وما هاهنا؟ ، ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه فانسل سعد ، فخرج من المسجد ، فاتبعه عثمان فلقي عليا (ع) بباب المسجد ، فقال له علي (١) عليه السلام : أين تريد؟. قال : أريد (٢) هذا الذي ... كذا وكذا يعني سعد يشتمه ، فقال له علي عليه السلام : أيها الرجل! دع عنك هذا؟. قال : فلم يزل بينهما كلام حتى غضبا.

فقال عثمان : ألست الذي خلفك رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم (٣) يوم تبوك؟.

فقال علي عليه السلام : ألست الفار عن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يوم أحد (٤) ، قال : ثم حجز الناس بينهما ، قال : ثم خرجت من المدينة حتى

__________________

(١) لا توجد : علي ، في المصدر.

(٢) في ( س ) لا توجد : قال أريد.

(٣) في شرح النهج زيادة : له.

(٤) ذكر جملة المفسرين إن لم نقل كلهم ـ من الفريقين ـ في تفسير قوله تعالى من سورة آل عمران : (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ... ) أن من المنهزمين الخلفاء الثلاثة ، وقد انهزم عثمان مع رجلين من الأنصار يقال لهما سعد ( سعيد ) وعقبة ( علقمة ) ابنا عثمان ، حتى بلغوا موضعا بعيدا ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام!.

قاله الفخر الرازي في تفسيره الكبير ذيل الآية ، وصرح به ابن حجر في الإصابة ٢ ـ القسم الأول ـ ١٩٠ في ترجمة رافع بن المعلى الأنصاري الزرقي ، و ٣ ـ القسم الأول ـ ١٠١ في ترجمة سعيد بن عثمان الأنصاري. وصرح جمع من المفسرين أن معنى ( تولى ) في سورة النجم : ٣٣ ، أي ترك المركز يوم أحد ، أريد به عثمان ، كما في أسباب النزول للواحدي : ٢٩٨ ، وتفسير القرطبي ١٧ ـ ١١١ ، والكشاف ٣ ـ ١٤٦ ، وتفسير النيشابوري ( المطبوع هامش تفسير الطبري ) : ٢٧ ـ ٥٠ وغيرهم.

وقد أخرج أحمد بن حنبل في مسنده ٢ ـ ١٠١ بإسناده ، قال : جاء رجل من مصر لحج البيت ، قال : فرأى أقواما حبوسا ، فقال : من هؤلاء القوم؟. فقالوا : قريش. قال : فمن الشيخ فيهم؟.

٢٠٠