بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

حاجة لنا في سعيدك ولا وليدك ، وكان في سعيد تجبر وغلظة وشدة سلطان.

وروى ابن أبي الحديد (١) ، عن الواقدي والمدائني وابن الكلبي وغيرهم ، قال : وذكره الطبري في تاريخه (٢) ، وغيره من (٣) المؤرخين : أن عليا عليه السلام لما رد المصريين رجعوا بعد ثلاثة أيام فأخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص ، وقالوا : وجدنا غلام عثمان بالموضع المعروف : بالبويب على بعير من إبل الصدقة ، ففتشنا متاعه لأنا استربنا بأمره (٤) فوجدنا فيه هذه الصحيفة ومضمونها أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بجلد عبد الرحمن بن عديس وعمرو بن الحمق ، وحلق رءوسهما ولحاهما وحبسهما ، وصلب قوم آخرين من أهل مصر.

وقيل : إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي ... (٥) وجاء الناس إلى علي عليه السلام وسألوه أن يدخل إلى عثمان فيسأله عن هذه الحال ، فقام فجاء إليه فسأله ، فأقسم بالله ما كتبت ولا أمرت (٦) ، فقال محمد بن مسلمة : صدق ، هذا من عمل مروان. فقال : لا أدري ، وكان أهل مصر حضورا ، فقالوا : أفيجترئ عليك ويبعث غلامك على جمل من إبل الصدقة ، وينقش على خاتمك ، ويبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة وأنت لا تدري؟!. قال : نعم. قالوا : إنك إما صادق أو كاذب ، فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا وعقوبتنا بغير حق ، وإن كنت صادقا فقد استحققت الخلع لضعفك عن هذا الأمر وغفلتك ، وخبث بطانتك ، ولا ينبغي لنا أن نترك هذا الأمر بيد من يقطع (٧) الأمور دونه لضعفه وغفلته ، فاخلع نفسك منه .. إلى آخر الخبر.

__________________

(١) في شرح النهج ٢ ـ ١٤٩ ـ ١٥٠ بتصرف.

(٢) في المصدر : وذكره أبو جعفر في التاريخ. تاريخ الطبري : ٣ ـ ٣٩١ حوادث سنة ٣٥ ه‍.

(٣) جاءت زيادة : جميع ، في شرح النهج.

(٤) في المصدر : أمره ـ بلا حرف جر ـ.

(٥) هنا سقط ، لاحظ المصدر.

(٦) في شرح النهج : ما كتبته ولا علمته ولا أمرت به.

(٧) في المصدر : تقطع.

١٦١

الطعن الثاني :

أنه لو لم يقدم عثمان على أحداث يوجب خلعه والبراءة منه لوجب على الصحابة أن ينكروا على من قصده من البلاد متظلما ، وقد علمنا أن بالمدينة قد كان كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار ولم ينكروا على القوم بل أسلموه ولم يدفعوا عنه ، بل أعانوا قاتليه ولم يمنعوا من قتله ، (١)

__________________

(١) روى البلاذري في الأنساب ٥ ـ ١٦٥ ، ٣٧٢ عن المدائني ، عن عبد الله بن فائد أنه قال : إني لأبغضهم. فقال سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان : تبغضهم لأنهم قتلوا أباك. قال : صدقت قتل أبي علوج الشام وجفاته وقتل جدك المهاجرون والأنصار.

وقال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ١ ـ ٩٢ : إن عشرة آلاف رجل قالوا : نحن قتلنا عثمان.

وجاء في كتاب صفين لابن مزاحم : ٢١٣ : أن عشرين ألفا أو أكثر قالوا : كلنا قتل عثمان.

وأورد ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ١ ـ ١٥٨ ، والمسعودي في مروج الذهب ٢ ـ ٦٢ ، وابن عساكر في تاريخه ٧ ـ ٢٠١ ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : ١٣٣ ، وابن عبد البر في الاستيعاب في الكنى : قال معاوية لأبي الطفيل عامر بن واثلة : أكنت ممن قتل عثمان أمير المؤمنين؟. قال : لا ، ولكن ممن شهده فلم ينصره. قال : ولم؟. قال : لم ينصره المهاجرون والأنصار.

وورد في تاريخ ابن عساكر ٦ ـ ٨٣ : أن القاضي أبا إسحاق سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف المدني الزهري المتوفى سنة ١٢٥ ه‍ قال : إن أهل المدينة قتلوا عثمان. وفيه ٧ ـ ٣١٩ عن ابن مسلم الخولاني التابعي أنه قال : يا أهل المدينة! كنتم بين قاتل وخاذل.

أقول : بل لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدفع عن عثمان ولا ينكر ما يقال فيه إلا زيد بن ثابت وأبو أسيد الساعدي وكعب بن مالك وحسان بن ثابت الأنصاري ، واجتمع المهاجرون وغيرهم إلى علي عليه‌السلام فسألوه أن يكلم عثمان ويعظه.

كما جاء في أنساب البلاذري ٥ ـ ٦ ، وتاريخ الطبري ٥ ـ ٩٧ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٦٣ ، وتاريخ أبي الفداء ١ ـ ١٦٨ ، وتاريخ ابن خلدون ٢ ـ ٣٩١ وغيرها.

وقال حسان بن ثابت ـ كما في مروج الذهب ١ ـ ٤٤٢ ـ :

خذلته الأنصار إذ حضر الموت

وكانت ولاته الأنصار

من عذيري من الزبير ومن طلحة

إذ جاء أمر له مقدار

فتولى محمد بن أبي بكر

عيانا وخلفه عمار

وعلي في بيته يسأل الناس

ابتداء وعنده الأخبار

١٦٢

وحضروه ومنعوا (١) الماء عنه وتركوه بعد القتل ثلاثة أيام لم يدفن ، مع أنهم متمكنون من خلاف ذلك ، وذلك من أقوى الدلائل على ما ذكر ، ولو لم يكن (٢) في أمره إلا ما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال :

__________________

باسطا للذي يريد يديه

وعليه سكينة ووقار

ومثله في عقد الفريد ٢ ـ ٢٦٧.

وأخرج الطبري في تاريخه ٥ ـ ١١٥ من طريق عبد الرحمن بن يسار ، أنه قال : لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلى من بالآفاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور : إنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل يطلبون دين محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، فإن دين محمد قد أفسده من خلفكم وترك ، فهلموا فأقيموا دين محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم.

وجاء في لفظ الكامل لابن الأثير ٥ ـ ٧٠ : فإن دين محمد قد أفسده خليفتكم فأقيموه.

وفي لفظ شرح ابن أبي الحديد ١ ـ ١٦٥ : قد أفسده خليفتكم فاخلعوه ، فاختلفت عليه القلوب ، فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه.

وفي الإمامة والسياسة ١ ـ ٣٢ : بسم الله الرحمن الرحيم ، من المهاجرين الأولين وبقية الشورى إلى من بمصر من الصحابة والتابعين ، أما بعد ، أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله قبل أن يسلبها أهلها ، فإن كتاب الله قد بدل ، وسنة رسول الله قد غيرت ، وأحكام الخليفتين قد بدلت ، فننشد الله من قرأ كتابنا من بقية أصحاب رسول الله والتابعين بإحسان إلا أقبل إلينا.

وأخرج الطبري في تاريخه ٥ ـ ١١٦ من طريق عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : كتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ويحتجون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبدا حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من الله.

قال شيخنا الأميني ـ قدس‌سره ـ في الغدير ٩ ـ ١٦٣ ـ بعد ذكر أحاديث متضافرة التي وردت عن آحاد الصحابة من المهاجرين والأنصار أو عامة الفريقين ، أو عن جامعة الصحابة قد تبلغ مائتين حديثا ـ : أن ذلك إجماع منهم أثبت من إجماعهم على نصب الخليفة في الصدر الأول ، فإن كانت فيه حجة فهي في المقامين إن لم تكن في المقام الثاني أولى بالاتباع.

وقال في الغدير أيضا ٩ ـ ١٦٦ : وكيف لا وفيهم عمد الصحابة ودعائمها وعظماء الملة وأعضادها وذوو الرأي والتقوى والصلاح من البدريين وغيرهم ، وفيهم .. أم المؤمنين وغير واحد من العشرة المبشرة ورجال الشورى ، فإذا لم يحتج بإجماع مثله لا يحتج بأي إجماع قط.

(١) في ( س ) : أمنع.

(٢) في ( س ) : لم يمكن.

١٦٣

الله قتله وأنا معه (١). وإنه كان في أصحابه من يصرح بأنه قتل عثمان ومع ذلك لا يقيدهم ولا ينكر عليهم ، وكان أهل الشام يصرحون بأن مع أمير المؤمنين قتلة عثمان ، ويجعلون ذلك من أوكد الشبه ولا ينكر ذلك عليهم ، مع أنا نعلم أن أمير المؤمنين عليه‌السلام لو أراد منعهم من قتله والدفع عنه مع غيره لما قتل ، فصار كفه عن ذلك مع (٢) غيره من أدل الدلائل على أنهم صدقوا عليه ما نسب إليه من الأحداث ، وأنهم لم يقبلوا ما جعله عذرا ، ولا يشك من نظر في أخبار الجانبين في أن أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يكن كارها لما وقع في أمر عثمان.

فقد روى السيد رضي الله عنه في الشافي (٣) ، عن الواقدي ، عن الحكم بن الصلت ، عن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه ، قال : رأيت عليا عليه السلام على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله حين قتل عثمان وهو يقول : ما أحببت قتله ولا كرهته ، ولا أمرت به ولا نهيت عنه (٤).

وقد (٥) روى محمد بن سعد ، عن عفان ، عن حرير (٦) بن بشير ، عن أبي جلدة ، أنه سمع عليا عليه السلام يقول وهو يخطب فذكر عثمان : وقال ـ : والله الذي لا إله إلا هو ما قتلته (٧) ولا مالأت (٨) على قتله ، ولا ساءني (٩).

__________________

(١) كما ذكره السيد في الشافي ٤ ـ ٢٣٠ ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٢ ـ ١٢٨ [ ١ ـ ١٥٨ ].

(٢) في ( ك‍ ) نسخة بدل : من ، بدلا من : مع.

(٣) الشافي ٤ ـ ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

(٤) وأورده البلاذري في الأنساب ٥ ـ ١٠١.

(٥) كما في الشافي ٤ ـ ٣٠٨.

(٦) وفي المصدر : جوين ، وفي ( ك‍ ) : جرير.

(٧) في ( س ) : قتله.

(٨) قال في النهاية ٤ ـ ٣٥٣ : ومنه حديث علي .. ولا مالأت .. أي ما ساعدت ولا عاونت ، ونظيره في مجمع البحرين ١ ـ ٣٩٧ ـ ٣٩٩.

(٩) في مطبوع البحار : ساءتي. وأوردها البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٩٨ عن أبي حادة.

١٦٤

ورواه أبو بشير ، عن عبيدة السلماني ، قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : من كان سائلي عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه.

وقد روي هذا اللفظ من طرق كثيرة ، وقد رواه شعبة ، عن أبي حمزة الضبعي ، قال : قلت لابن عباس : إن أبي أخبرني أنه سمع عليا عليه السلام يقول : ألا من كان سائلي عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه. قال (١) : صدق أبوك ، هل تدري ما يعني بقوله؟ إنما عنى أن الله قتله وأنا مع الله (٢).

قال السيد (٣) رحمه‌الله (٤) : فإن قيل : كيف يصح الجمع بين معاني هذه الأخبار؟.

قلنا : لا تنافي بين الجميع ، لأنه تبرأ من مباشرة قتله والمؤازرة عليه ، ثم قال : ما أمرت بذلك ولا نهيت عنه .. يريد أن قاتليه لم يرجعوا إلي ولم يكن مني قول في ذلك بأمر (٥) ولا نهي ، فأما قوله : الله قتله وأنا معه ، فيجوز أن يكون المراد الله حكم بقتله وأوجبه وأنا كذلك ، لأن من المعلوم أن الله لم يقتله على الحقيقة ، فإضافة القتل إلى الله لا يكون (٦) إلا بمعنى الحكم والرضا ، وليس يمتنع (٧) أن يكون مما حكم الله به ما لم يتوله بنفسه ، ولا آزر عليه ، ولا شايع فيه.

فإن قال : هذا ينافي قوله عليه‌السلام (٨) : ما أحببت قتله ولا كرهته .. وكيف يكون من حكم الله و (٩) حكمه أن يقتل وهو لا يحب قتله؟.

__________________

(١) في المصدر : فقال.

(٢) وقد تعرض لها مسهبا شيخنا الأميني في الغدير ٩ ـ ٦٩ ـ ٧٧ و ٣١٥ و ٣٧٥ ، فراجع.

(٣) في الشافي ٤ ـ ٣٠٨ ـ ٣٠٩.

(٤) في ( س ) : ره عنه ، وخط على : عنه ، في ( ك‍ ) ، وهو الظاهر. ولعلها : رضي الله عنه.

(٥) لا توجد في المصدر : بأمر.

(٦) في الشافي : لا تكون.

(٧) في المصدر : يمنع.

(٨) جاءت في الشافي : ما روي عنه ، بدلا من : قوله عليه‌السلام.

(٩) زيادة : في ، جاءت في المصدر.

١٦٥

قلنا : يجوز أن يريد بقوله ما أحببت قتله ولا كرهته .. أن ذلك لم يكن مني على سبيل التفصيل ولا خطر لي ببال ، وإن كان على سبيل الجملة يحب (١) قتل من غلب على أمور المسلمين ، وطالبوه بأن يعتزل (٢) ، لأنه بغير حق مستول عليهم فامتنع من ذلك ، ويكون فائدة هذا الكلام التبرؤ من مباشرة قتله والأمر به على سبيل التفصيل (٣) أو النهي ، ويجوز أن يريد : أنني ما أحببت قتله إن كانوا تعمدوا القتل ولم يقع على سبيل الممانعة وهو غير مقصود ، ويريد بقوله : ما كرهته .. إني لم أكرهه على كل حال ومن كل وجه. انتهى.

وأقول : يمكن أن يكون المعنى : إني ما أحببت قتله لتضمنه الفتن العظيمة التي نشأت بعد قتله من ارتداد آلاف من المسلمين وقتلهم وعدم استقرار الخلافة عليه صلوات الله عليه ، ولا كرهته (٤) لأنه كان كافرا مستحقا للقتل ، فلا تنافي بين الأمرين.

وأما تركه غير مدفون ثلاثة أيام :

فقد رواه ابن عبد البر في الإستيعاب (٥) ، قال : لما قتل عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام ، فلما كان في الليل (٦) أتاه اثنا عشر رجلا فيهم حويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام (٧) وعبد الله بن الزبير ومحمد بن حاطب (٨) ومروان بن الحكم فلما ساروا إلى المقبرة ليدفنوه (٩) ناداهم قوم من بني مازن : والله لئن دفنتموه

__________________

(١) في الشافي : يجب.

(٢) في المصدر : بأن يعزل.

(٣) جاء في الشافي : التفضيل. وهو خلاف الظاهر.

(٤) لا توجد في ( س ) : ولا كرهته.

(٥) الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ٣ ـ ٨٠.

(٦) في المصدر : من الليل.

(٧) لعله يقرأ : خرام ـ بالخاء المعجمة ـ.

(٨) في الاستيعاب : وجدي ، بدلا من : ومحمد بن حاطب ومروان بن حكم. وفيه : فاحتملوه.

(٩) في ( س ) : ليدفنوهم.

١٦٦

هاهنا لنخبرن الناس غدا ، فاحتملوه وكان على باب وأن رأسه على الباب ليقول طق طق حتى ساروا به إلى حش (١) كوكب فاحتفروا له ، وكانت عائشة بنت عثمان معها مصباح في حق (٢) ، فلما أخرجوه ليدفنوه صاحت ، فقال لها ابن الزبير : والله لئن لم تسكتي لأضربن الذي فيه عيناك. قال : فسكتت ، فدفن.

وروى ابن أبي الحديد (٣) ، عن محمد بن جرير الطبري ، قال : : بقي عثمان ثلاثة أيام لا يدفن ، ثم إن حكيم بن حزام وجبير بن مطعم كلما عليا عليه السلام في أن يأذن في دفنه ففعل ، فلما سمع الناس بذلك قعد له قوم في الطريق بالحجارة ، وخرج به ناس يسير من أهله ، ومعهم الحسن بن علي (ع) وابن الزبير وأبو جهم بن حذيفة بين المغرب والعشاء ، فأتوا به حائطا من حيطان المدينة ، يعرف بـ : حش كوكب ، وهو خارج البقيع ، فصلوا عليه ، وجاء ناس من الأنصار ليمنعوا من الصلاة عليه ، فأرسل علي عليه السلام فمنع من رجم سريره ، وكف الذين راموا منع الصلاة عليه ، ودفن في حش كوكب ، فلما ظهر معاوية على الإمرة (٤) أمر بذلك الحائط فهدم وأدخل في البقيع ، وأمر الناس فدفنوا (٥) موتاهم حول قبره حتى اتصل بمقابر المسلمين بالبقيع.

وقيل : إن عثمان لم يغسل ، وإنه كفن في ثيابه التي قتل فيها (٦).

__________________

(١) جاء في حاشية ( ك‍ ) : والحش والحش أيضا : المخرج ، لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين.

صحاح. ومنه حديث عثمان أنه دفن في حش كوكب ، هو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع ، وفيه أن عثمان دفن بحش كوكب ، اسم رجل أضيف إليه الحش ، وهو البستان. نهاية.

انظر : الصحاح ٣ ـ ١٠٠١.

وانظر أيضا : النهاية ١ ـ ٣٩٠ ، و ٤ ـ ٢٩٠.

(٢) في الاستيعاب : في جرة.

(٣) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ ـ ١٥٨ باختلاف كثير.

(٤) في المصدر : على الأمر.

(٥) في شرح النهج : أن يدفنوا.

(٦) إلى هنا انتهى كلام ابن أبي الحديد في شرح النهج.

١٦٧

وقد روى ذلك ابن الأثير في الكامل (١) والأعثم الكوفي في الفتوح (٢) مطابقا لما حكاه ابن أبي الحديد ، وزاد (٣) الأعثم : إنهم دفنوه بعد ما ذهب الكلاب بإحدى رجليه ، وقال : صلى عليه حكيم بن حزام أو جبير بن مطعم (٤).

ولا يخفى على ذي مسكة من العقل دلالته على أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان راضيا بكونه مطروحا ثلاثة أيام على المزبلة ، بل على أنه لم يأذن في دفنه إلا بعد الأيام الثلاثة ، فلو كان أمير المؤمنين عليه‌السلام معتقدا لصحة إمامته ، بل لو كان يراه كأحد من المسلمين ومن عرض (٥) الناس لما رضي بذلك بل كان يعجل في تجهيزه ودفنه ، ويأمر بدفنه (٦) في مقابر المسلمين حتى لا يلتجئ المجهزون له إلى دفنه في حش كوكب.

والحش هو المخرج (٧) ، وكان ذلك الموضع بستانا كان الناس يقضون الحوائج فيه كما هو دأبهم في قضاء الحاجة في البساتين ، وكوكب اسم رجل من الأنصار ، كما ذكره في الإستيعاب (٨).

والإمام الذي رضي له أمير المؤمنين عليه‌السلام بمثل تلك الحال فحاله غير خفي على أولي الألباب ، ولا ريب في أنه لو لم يكن عليه‌السلام راضيا بقتله لجاهد قاتليه ، فإنه ليس في المنكرات أشنع وأقبح من قتل إمام فرض الله طاعته على

__________________

(١) الكامل ٣ ـ ٩١.

(٢) تاريخ ابن أعثم ( الفتوح ) ١ ـ ٤٣٠. ولا توجد في ( س ) : والأعثم الكوفي في الفتوح.

(٣) نقل ابن الأعثم إلى هنا بالمعنى وبتصرف.

(٤) وقد تعرض العلامة الأميني في الغدير ٩ ـ ٢٠٨ ـ ٢١٧ لتجهيزه ودفنه ، وذيله بما هو حري بالملاحظة.

(٥) في ( س ) : عوض. قال في القاموس ٢ ـ ٣٣٥ : وهو من عرض الناس .. من العامة.

(٦) في ( س ) : دفنه ـ بلا حرف جر ـ.

(٧) كما في الصحاح ٣ ـ ١٠٠١ ، وقال في النهاية ١ ـ ٣٩٠ : وفيه : أن هذه الحشوش محتضرة .. يعني الكنف ومواضع قضاء الحاجة ، الواحد حش ـ بالفتح ـ وأصله من الحش : البستان ، لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين.

(٨) الاستيعاب ٣ ـ ٨١. وجاء في النهاية ٤ ـ ٢٩٠.

١٦٨

العالمين و (١) حكم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن من مات ولم يعرفه كان ميتته ميتة جاهلية ، وقد صرح عليه‌السلام في كثير من كلماته بأنه لم ينه عن قتله ولم ينصره ، وأنه كان في عزلة عن أمره (٢) كما سيأتي ، وهل يريب اللبيب في أنه عليه‌السلام لو كان نصره أو أنكر قتله لبالغ في إظهار ذلك للناس وفي مكاتباته إلى معاوية ، فإنه لم يكن لمعانديه عليه‌السلام شبهة أقوى من اتهامه بقتل عثمان ، وإنما كان عليه‌السلام يقتصر على التبري من قتله لأنه لم يكن من المباشرين ، وذلك مما لا يرتاب فيه من له معرفة بالسير والآثار ، وحينئذ فالكف عن نصرة عثمان والذب عنه إما مطعن لا مخلص عنه فيمن يدور الحق معه حيثما داروا (٣) في أعيان الصحابة الكبار حيث لم يدفعوا شرذمة قليلة عن إمامتهم (٤) في دار عزهم حتى قتلوه أهون قتلة ، وطرحوه في المزابل ، ولم يتمكن رهطه وعشيرته من دفنه في مقابر المسلمين ، أو هو قدح في ذلك الإمام حيث اختلس الخلافة وغصبها من أهلها ، ولم يخلع نفسه منها.

فلينظر الناصرون له في أمرهم بعين الإنصاف ، وليتحرزوا عن اللجاج والاعتساف!.

الطعن الثالث :

أنه رد الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد امتنع أبو بكر من رده ، فصار بذلك مخالفا للسنة ولسيرة من تقدمه ، وقد شرط عليه في عقد البيعة اتباع سيرتهما.

__________________

(١) في ( س ) : في ، بدلا من : الواو.

(٢) في ( ك‍ ) نسخة بدل : من أمره.

(٣) كذا ، والصحيح : دار.

(٤) كذا ، والظاهر : عن إمامهم.

١٦٩

قال السيد رضي الله عنه في الشافي (١) : روى الواقدي من طرق مختلفة وغيره ، أن الحكم بن أبي العاص لما قدم المدينة بعد الفتح أخرجه النبي صلى الله عليه وآله إلى الطائف ، وقال : لا يساكنني (٢) في بلد أبدا ، فجاءه عثمان فكلمه فأبى ، ثم كان من أبي بكر مثل ذلك ، ثم كان من عمر مثل ذلك ، فلما قام (٣) عثمان أدخله ووصله وأكرمه ، فمشى في ذلك علي عليه السلام والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف وعمار بن ياسر حتى دخلوا على عثمان ، فقالوا له : إنك قد أدخلت هؤلاء القوم يعنون الحكم ومن معه وقد كان النبي صلى الله عليه وآله أخرجهم (٤) وأبو بكر وعمر ، وإنا نذكرك الله والإسلام ومعادك ، فإن لك معادا ومنقلبا ، وقد أبت ذلك الولاة قبلك (٥) ولم يطمع أحد أن يكلمهم فيهم (٦) ، وهذا شيء نخاف الله (٧) عليك فيه. فقال عثمان : إن قرابتهم مني حيث تعلمون ، وقد كان رسول الله حيث كلمته أطمعني في أن يأذن لهم (٨) ، وإنما أخرجهم لكلمة (٩) بلغته عن الحكم ، ولن يضركم مكانهم شيئا ، وفي الناس من هو شر منهم.

فقال علي عليه السلام : لا أجد (١٠) شرا منه ولا منهم ، ثم قال علي عليه السلام : هل تعلم (١١) عمر يقول : والله ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ،

__________________

(١) الشافي ٤ ـ ٢٦٩ ـ ٢٧٠.

(٢) في المصدر : لا تساكنني.

(٣) في ( س ) : فلما قدم.

(٤) في المصدر : أخرجه.

(٥) زيادة : من ، جاءت في المصدر.

(٦) في الشافي : فيه ، بدلا من : فيهم.

(٧) جاءت العبارة في المصدر هكذا : وهذا سبب نخاف الله تعالى ..

(٨) في الشافي : له.

(٩) في ( س ) : كلمة.

(١٠) جاءت في المصدر : أحد ـ بالحاء المهملة ـ.

(١١) زيادة : أن ، جاءت في الشافي.

١٧٠

و (١) والله إن فعل ليقتلنه؟!. قال : فقال عثمان : ما كان أحد منكم (٢) يكون بينه وبينه من القرابة ما (٣) بيني وبينه وينال من القدرة (٤) ما أنال إلا أدخله ، وفي الناس من هو شر منه. قال : فغضب علي عليه السلام ، وقال : والله لتأتينا بشر من هذا إن سلمت ، وسترى يا عثمان غب (٥) ما تفعل ، ثم خرجوا من عنده (٦).

وما ادعاه بعض المتعصبين (٧) من أن عثمان اعتذر بأنه استأذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك .. فليس في الكتب منه عين ولا أثر ، وهذا الخبر ليس فيه إلا أن الرسول أطمعه في رده ، ثم صرح بأن رعاية القرابة هي الموجبة لرده ومخالفته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقال السيد (٨) : وقد روي من طرق مختلفة أن عثمان لما كلم أبا بكر وعمر في رد الحكم أغلظا له وزبراه ، وقال له عمر : يخرجه رسول الله صلى الله عليه وآله وتأمرني أن أدخله؟! والله لو أدخلته لم آمن أن يقول قائل غير عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، والله لئن أشق باثنتين كما تشق الأبلمة (٩) أحب إلي من أن أخالف

__________________

(١) لا توجد الواو في المصدر.

(٢) في الشافي : منكم أحد ـ بتقديم وتأخير ـ.

(٣) في ( س ) : بما.

(٤) جاءت في المصدر : المقدرة.

(٥) غب ما تفعل : أي عاقبته وآخره.

(٦) إلى هنا كلام السيد المرتضى أعلى الله مقامه في الشافي.

(٧) كالبلاذري في الأنساب ٥ ـ ٢٧ ، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة ٢ ـ ١٤٣ ، واليافعي في مرآة الجنان ١ ـ ٨٥ ، وابن حجر في الصواعق : ٦٨ ، والحلبي في السيرة ٢ ـ ٨٦. وقد ذكرهم العلامة الأميني ـ رحمه‌الله ـ في الغدير ٨ ـ ٢٥٧ وناقشهم بما يغني عن تكراره.

(٨) الشافي ٤ ـ ٢٧٠ ـ ٢٧١.

(٩) في المصدر : كما تنشق الأبلمة. وهو مثل يضرب في المساواة ، أي لو أشق شقين.

أقول : والإبلم والأبلم والأبلم والإبلمة والأبلمة كل ذلك الخوصة ، قاله في لسان العرب ١٢ ـ ٥٣. يقال : المال بيننا والأمر بيننا شق الإبلمة ... وذلك لأنهما تؤخذ فتشق طولا على السواء ، وفي حديث السقيفة : الأمر بيننا وبينكم كقد الأبلمة ـ بضم الهمزة واللام وفتحهما وكسرهما ـ أي خوصة المقل.

١٧١

رسول الله صلى الله عليه وآله أمرا!! ، وإياك يا ابن عفان أن تعاودني فيه بعد اليوم. وما رأينا عثمان قال في جواب هذا التعنيف والتوبيخ من أبي بكر وعمر ، إن عندي عهدا من الرسول صلى الله عليه وآله (١) لا (٢) أستحق معه عتابا ولا تهجينا ، وكيف تطيب نفس مسلم موقر لرسول الله صلى الله عليه وآله معظم له بأن يأتي إلى عدو لرسول الله صلى الله عليه وآله يصرح (٣) بعداوته والوقيعة فيه حتى يبلغ (٤) به الأمر إلى أن كان يحكي مشية رسول الله (ص) فطرده (٥) وأبعده ولعنه حتى صار مشهورا بأنه طريد رسول الله (ص) ، فيكرمه (٦) ويرده إلى حيث أخرج منه ، ويصله بالمال العظيم (٧) إما من مال المسلمين أو من ماله ، إن هذا لعظيم كبير؟!.

قال ابن عبد البر في الإستيعاب (٨) : الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس .. عم عثمان (٩) وأبو مروان بن الحكم ، كان من مسلمة الفتح ، وأخرجه رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف ، وخرج معه ابنه مروان، وقيل : إن مروان ولد بالطائف فلم يزل الحكم بالطائف إلى أن ولي عثمان فرده (١٠) إلى المدينة وبقي فيها ، وتوفي في آخر خلافة عثمان (١١).

واختلف في السبب الموجب لنفي الرسول (١٢) صلى الله عليه [ وآله ] إياه ،

__________________

(١) زيادة : فيه ، جاءت في المصدر.

(٢) في ( ك‍ ) : ألا.

(٣) في الشافي : مصرح.

(٤) في المصدر : بلغ.

(٥) جاءت العبارة في الشافي هكذا : يحكي مشيته ، فطرده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بتقديم وتأخير ـ.

(٦) خ. ل : ويكرمه. وفي المصدر : فيؤويه ويكرمه.

(٧) زيادة : ويصله ، جاءت في الشافي.

(٨) الاستيعاب ـ المطبوع بهامش الإصابة ١ ـ ٣١٧ ـ ٣١٨.

(٩) زيادة : ابن عفان ، جاءت في المصدر.

(١٠) زيادة : عثمان ، في المصدر.

(١١) وفي المصدر زيادة : قبل القيام على عثمان بأشهر فيما أحسب.

(١٢) في الاستيعاب : رسول الله.

١٧٢

فقيل : كان يتحيل ويختفي (١) ويتسمع ما يسره رسول الله (٢) صلى الله عليه [ وآله ] إلى كبائر أصحابه في مشركي قريش وسائر الكفار وفي (٣) المنافقين ، فكان (٤) يغشي (٥) ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه ، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته .. إلى أمور غيرها كرهت ذكرها ،ذكروا أن النبي صلى الله عليه [ وآله ] كان إذا يمشي (٦) يتكفأ وكان الحكم (٧) يحكيه ، فالتفت النبي صلى الله عليه [ وآله ] يوما فرآه يفعل ذلك ، فقال صلى الله عليه [ وآله ] : فكذلك فلتكن ، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ (٨) .. ثم روى أخبارا في لعنه (٩).

__________________

(١) في المصدر : ويستخفي.

(٢) لا توجد : رسول الله ، في المصدر.

(٣) لا توجد : في ، في المصدر.

(٤) في ( ك‍ ) : وكان.

(٥) في ( س ) : يفشي.

(٦) جاءت في المصدر : مشى. وهو الظاهر.

(٧) زيادة : بن أبي العاص ، جاءت في الاستيعاب.

(٨) قاله ابن هشام في السيرة النبوية ٢ ـ ٢٥ ، وجاء في السيرة الحلبية ١ ـ ٣٣٧ ، والإصابة ١ ـ ٣٤٥ ٣٤٦ ، وتاج العروس ٦ ـ ٣٥ ، والفائق للزمخشري ٢ ـ ٣٠٥ وغيرهم. وما ذكر هنا مقارب أيضا لما صرح به البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٢٧ ، فلاحظ.

(٩) لقد وردت جملة من روايات لعنه ـ لعنه الله ـ على لسان الصادق الأمين ـ صلوات الله عليه وآله ـ ، منها : ما ذكره ابن حجر في تطهير الجنان ـ هامش الصواعق المحرقة ـ : ١٠٤ ، وما ذكره البلاذري في الأنساب ٥ ـ ١٢٦ ، والحاكم في المستدرك ٤ ـ ٤٨١ وصححه الواقدي ، كما في السيرة الحلبية وذكروا جملة روايات هناك. وقد ذكر الهندي في كنز العمال ٦ ـ ٣٩ ، ٩٠ رواية حرية بالملاحظة تركنا نقلها خوفا من الإطالة.

وانظر : تفسير القرطبي ١٦ ـ ١٩٧ ، وتفسير الزمخشري ٣ ـ ٩٩ ، والفائق له ٢ ـ ٣٢٥ ، وتفسير ابن كثير ٤ ـ ١٥٩ ، وتفسير الرازي ٧ ـ ٤٩١ ، وأسد الغابة لابن الأثير ٢ ـ ٣٤ ، ونهاية ابن الأثير ٣ ـ ٢٣ ، وشرح ابن أبي الحديد ٢ ـ ٥٥ ، وإرشاد الساري ٧ ـ ٣٢٥ ، والدر المنثور ٦ ـ ٤١ ، ١٩١ ، وتفسير الآلوسي ١٥ ـ ١٠٧ و ٢٦ ـ ٢٠ و ٢٩ ـ ٢٨ ، وعشرات المصادر الأخر مر بعضها. وحسبه ما أورده المفسرون ذيل الآية العاشرة من سورة القلم ، وانظر بحث العلامة الأميني في الغدير حول :بنو أمية في القرآن ٨ ـ ٢٤٨ ـ ٢٥٠ فقد أشبع البحث تحقيقا ومصدرا.

١٧٣

وأما التمسك بالاجتهاد في هذا الباب فهو أوهن وأهجن لأن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا حظر شيئا أو أباحه لم يكن لأحد أن يجتهد في خلافه ، ولو سوغنا الاجتهاد (١) في مقابل النص لم نأمن أن يؤدي الاجتهاد إلى تحليل الخمر وإسقاط الصلاة ، وإنما يجوز الاجتهاد عندهم فيما لا نص فيه كما ذكره السيد (٢) رحمه‌الله.

وقد ورد في أخبارنا إيواء عثمان المغيرة بن أبي العاص ، وقد نهى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك ولعن من يحمله ومن يطعمه ومن يسقيه وأهدر دمه .. وفعل جميع ذلك ، وقتل رقية بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزنا بجاريتها (٣) ، وقد مرت في باب أحوالها (٤) عليها‌السلام.

الطعن الرابع :

ما صنع بأبي ذر رضي‌الله‌عنه من الإهانة والضرب والاستخفاف والتسيير مع علو شأنه الذي لا يخفى على أحد.

فقد روى السيد رحمه الله في الشافي (٥) وابن أبي الحديد في شرح النهج (٦) واللفظ للسيد ـ : إن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم ما أعطاه ، وأعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم ، وأعطى زيد بن ثابت مائة ألف درهم ، جعل أبو ذر يقول : بشر الكافرين بعذاب أليم ، ويتلو قول الله عز وجل (٧) : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ

__________________

(١) من قوله : في هذا الباب .. إلى هنا لا توجد في ( س ).

(٢) الشافي ٤ ـ ٢٧٢.

(٣) وقد أوردها في الكافي ٣ ـ ٢٥١ ـ ٢٥٣ [ ١ ـ ٦٤ و ٦٦ و ٦٩ ـ ٧٠ حديث ٨ ] ، والاحتجاج ١ ـ ٩٤ ـ ٩٦ حديث ١٥٦ ، والمسائل السروية للشيخ المفيد : ٦٢ ـ ٦٤ ، وبحار الأنوار ٢٢ ـ ١٦٢.

(٤) بحار الأنوار ٢٢ ـ ١٥٨ ، ١٦٣ ، ٢٠٢.

(٥) الشافي ٤ ـ ٢٩٣ ـ ٢٩٧.

(٦) شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ ـ ٥٤ ـ ٥٧ [ ١ ـ ٢٤٠ ـ ٢٤٢ ].

(٧) في المصدر : تعالى ، بدلا من : عز وجل.

١٧٤

بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) (١) ، فرفع ذلك مروان إلى عثمان (٢) ، فأرسل إلى أبي ذر نائلا مولاه :أن انته عما يبلغني عنك ، فقال : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله (٣) ، وعيب من ترك أمر الله ، فو الله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي وخير لي من أن أرضي عثمان بسخط الله! فأغضب عثمان ذلك ، فأحفظه وتصابر (٤) ، وقال عثمان يوما : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال (٥) فإذا أيسر قضاه؟!. فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ، فقال (٦) أبو ذر : يا ابن اليهوديين ، أتعلمنا ديننا؟!. فقال عثمان : قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي ، الحق بالشام ، فأخرجه إليها ، فكان (٧) أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها ، فبعث إليه معاوية ثلاثمائة دينار ، فقال أبو ذر : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها ، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها ، وردها عليه.

وبنى معاوية الخضراء بدمشق ، فقال أبو ذر : يا معاوية! إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت (٨) من مالك فهو الإسراف ، وكان أبو ذر رحمه الله تعالى يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا في (٩) سنة نبيه (ص) ، والله إني لأرى حقا يطفأ ، وباطلا يحيى ، وصادقا مكذبا ،

__________________

(١) التوبة : ٣٤.

(٢) زيادة : مرارا ، جاءت في ( ك‍ ).

(٣) في المصدر زيادة : تعالى.

(٤) في الشافي : فتصابر.

(٥) جاء في حاشية ( ك‍ ) : شيئا قرضا. ابن أبي الحديد ، أي في نسخته. أقول : قد تقدم من المصنف رحمه‌الله أن اللفظ للسيد.

(٦) في الشافي : فقال له.

(٧) في المصدر : وكان.

(٨) جاءت في الشافي : كان ـ بلا تاء ـ.

(٩) لا توجد : في ، في المصدر.

١٧٥

وأثرة بغير تقى ، وصالحا مستأثرا عليه. وقال (١) حبيب بن مسلمة الفهري (٢) لمعاوية : إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كانت لكم فيه حاجة ، فكتب معاوية إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : أما بعد ، فاحمل جنيدبا (٣) إلي على أغلظ مركب وأوعره (٤) ، فوجه به مع من سار به الليل والنهار ، وحمله (٥) على شارف (٦) ليس عليها إلا قتب (٧) ، حتى قدم به (٨) المدينة ، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد ، فلما قدم أبو ذر المدينة ، بعث إليه عثمان أن (٩) الحق بأي أرض شئت ، فقال : بمكة؟. قال : لا. قال : فبيت المقدس؟. قال : لا. قال : فبأحد المصرين (١٠)؟. قال : لا ، ولكني مسيرك إلى الربذة .. فسيره إليها ، فلم يزل بها حتى مات.

وفي رواية الواقدي : أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له : لا أنعم الله بك عينا يا جندب (١١). فقال أبو ذر : أنا جندب وسماني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : عبد الله ، فاخترت اسم رسول الله الذي سماني رسول الله (١٢) به على اسمي. فقال له عثمان : أنت (١٣) الذي تزعم أنا نقول إن يد الله مغلولة ، و ( إِنَّ اللهَ

__________________

(١) في المصدر : فقال.

(٢) في المطبوع من البحار : القهري.

(٣) في الشافي : جندبا.

(٤) قال ابن الأثير في النهاية ٥ ـ ٢٠٦ : على جبل وعر .. أي غليظ حزن يصعب الصعود إليه.

(٥) في المصدر : وحمل.

(٦) قال الفيروزآبادي في القاموس ٣ ـ ١٥٧ : الشارف من النوق : المسنة الهرمة.

(٧) القتب ـ بالتحريك ـ : رحل البعير صغير على قدر السنام ، قاله في مجمع البحرين ٢ ـ ١٣٩.

(٨) لا توجد في المصدر : به.

(٩) في الشافي : بأن.

(١٠) المصران : هما الكوفة والبصرة ، ذكره الطريحي في مجمع البحرين ٣ ـ ٤٨٢.

(١١) في المصدر : لا أنعم الله عينا يا جنيدب.

(١٢) لا توجد في المصدر : رسول الله. وفيه : الذي سماني به على اسمي.

(١٣) في ( س ) : أنك.

١٧٦

فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ )؟!. فقال أبو ذر : لو كنتم (١) لا تزعمون ، لأنفقتم مال الله على عباده ، ولكني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا ، وعباد الله خولا (٢) ، ودين الله دخلا ، ثم يريح الله العباد منهم. فقال عثمان لمن حضره : أسمعتموها من نبي الله (ص)؟!. فقالوا : ما سمعناه ، فقال عثمان : ويلك يا أبا ذر! أتكذب على رسول الله؟!. فقال أبو ذر لمن حضره : أما تظنون أني صدقت؟!. فقالوا : لا ، والله ما ندري (٣). فقال عثمان : ادعوا لي عليا ، فدعي (٤) ، فلما جاء قال عثمان لأبي ذر : اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص ، فحدثه ، فقال عثمان لعلي عليه السلام : هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟. فقال عليه السلام : لا ، وصدق أبو ذر ، فقال (٥) : كيف عرفت صدقه؟. فقال (٦) : لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، فقال من حضر من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميعا : لقد (٧) صدق أبو ذر ، فقال أبو ذر : أحدثكم أني سمعت هذا (٨) من رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تتهموني؟! ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم!.

وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده ، عن صهبان مولى الأسلميين ، قال : رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان ، فقال له : أنت الذي فعلت .. وفعلت؟!.

__________________

(١) في المصدر : ولو كنتم.

(٢) خولا .. أي خدما وعبيدا ، قاله ابن الأثير في النهاية ٢ ـ ٨٨ بعد ذكر الحديث.

(٣) لا توجد في المصدر المطبوع عبارة : فقالوا : لا والله ما ندري.

(٤) لا توجد : فدعي ، في الشافي.

(٥) في المصدر : وقد صدق أبو ذر ، فقال عثمان.

(٦) في الشافي : قال ـ بلا فاء ـ.

(٧) لا توجد : لقد ، في المصدر.

(٨) في الشافي : سمعته هذا.

١٧٧

فقال له أبو ذر (١) : قد نصحتك فاستغششتني ونصحت صاحبك فاستغشني. فقال عثمان : كذبت ، ولكنك تريد الفتنة وتحبها ، قد (٢) قلبت الشام علينا. فقال له أبو ذر : اتبع سنة صاحبيك ، لا يكون لأحد عليك كلام. فقال له عثمان : ما لك ولذلك لا أم لك!. فقال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فغضب عثمان وقال : أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب! ، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله ، فإنه قد فرق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من الأرض ، فتكلم علي عليه السلام وكان حاضرا ـ ، فقال : أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون : ( وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) (٣) ، فأجابه عثمان بجواب غليظ لم أحب أن أذكره ، وأجابه علي عليه السلام بمثله.

ثم إن عثمان حظر على الناس أن (٤) يقاعدوا أبا ذر ويكلموه ، فمكث كذلك أياما ، ثم أمر أن يؤتى به ، فلما أتي به و (٥) وقف بين يديه ، قال : ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأيت أبا بكر وعمر! ، هل رأيت هذا هديهم ، إنك لتبطش في (٦) بطش جبار!. فقال : اخرج عنا من بلادنا. فقال أبو ذر : فما أبغض إلي جوارك! فإلى (٧) أين أخرج؟. قال : حيث شئت. قال : فأخرج إلى الشام أرض الجهاد. فقال : إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردك إليها؟!. قال : إذن أخرج (٨) إلى العراق .. قال : لا. قال : ولم؟. قال :

__________________

(١) في المصدر : قال أبو ذر.

(٢) في ( ك‍ ) : وقد.

(٣) الغافر : ٢٨.

(٤) لا توجد في المصدر : أن.

(٥) في الشافي : وقف ـ بلا واو ـ.

(٦) في المصدر : إنك تبطش بي.

(٧) زيادة : قال ، جاءت في الشافي قبل : فإلى.

(٨) في المصدر : أفأخرج ، بدلا من : إذن أخرج.

١٧٨

تقدم على قوم أهل شبهة (١) وطعن على الأئمة. قال : فأخرج (٢) إلى مصر؟. قال : لا. قال : فإلى (٣) أين أخرج؟. قال : حيث شئت. فقال أبو ذر : هو إذن (٤) التعرب بعد الهجرة ، أخرج إلى نجد؟. فقال عثمان : الشرف الشرف [ إلى الشرق ] الأبعد أقصى فأقصى. فقال أبو ذر : قد أبيت ذلك علي. قال : امض على وجهك هذا ، ولا تعدون الربذة. فخرج إليها (٥).

أقول : : الجواب الغليظ الذي لم يحب ذكره هو قوله لعنه الله : بفيك التراب ، وقوله عليه‌السلام : بل بفيك التراب ، كما رواه في تقريب المعارف (٦).

ثم قال (٧) : وروى الواقدي ، عن مالك بن أبي الرجال (٨) ، عن موسى بن ميسرة أن أبا الأسود الدؤلي قال : كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه ، فنزلت (٩) الربذة ، فقلت له : ألا تخبرني! خرجت من المدينة طائعا أو أخرجت؟. قال : أما إني كنت في ثغر من الثغور أغني (١٠) عنهم ، فأخرجت إلى مدينة الرسول ، فقلت : دار هجرتي وأصحابي ، فأخرجت منها إلى ما ترى ، ثم قال : بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد إذ مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله

__________________

(١) في الشافي : شبه ـ بصيغة الجمع ـ.

(٢) في ( س ) : أفأخرج ـ بهمزة استفهام ـ.

(٣) لا توجد : فإلى ، في المصدر.

(٤) في الشافي : وهو أيضا ، بدلا من : هو إذن.

(٥) لا توجد في الشافي : فخرج إليها. وهي موجودة في شرح النهج. انتهى كلام ابن أبي الحديد والسيد رحمه‌الله.

(٦) تقريب المعارف : لم يطبع القسم الثاني ( المطاعن ) منه ، ونفي أبي ذر جاء في صفحة : ١٦٥.

(٧) أي السيد رحمه‌الله في الشافي ٤ ـ ٢٩٨ ، وابن أبي الحديد في شرحه ٣ ـ ٥٧.

(٨) في الشافي : الرحال.

(٩) زيادة : به ، جاءت في المصدر.

(١٠) في ( س ) : تقرأ : غني. والهمزة منها طمست. أقول : أغني .. أي أدفع ، كما في مجمع البحرين ١ ـ ٣٢٠ وغيره.

١٧٩

وسلم ، فقال : فضربني برجليه (١) ، فقال : لا أراك نائما في المسجد. فقلت : بأبي أنت وأمي! غلبتني عيني فنمت فيه. فقال : كيف تصنع إذا أخرجوك منه؟. فقلت : إذن ألحق بالشام ، فإنها أرض مقدسة ، وأرض تقية (٢) الإسلام ، وأرض الجهاد. فقال : كيف بك إذا أخرجوك منها؟. قال : فقلت له (٣) : أرجع إلى المسجد. قال : كيف تصنع إذا أخرجوك منه؟. قلت : آخذ سيفي فأضرب به. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا أدلك على خير من ذلك ، استق (٤) معهم (٥) حيث ساقوك ، وتسمع وتطيع ، فسمعت وأطعت وأنا أسمع وأطيع ، والله ليلقين الله عثمان (٦) وهو آثم في جنبي.

وكان يقول بالربذة : ما ترك الحق لي (٧) صديقا.

وكان يقول فيها : ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا.

ثم قال السيد (٨) رضي‌الله‌عنه : والأخبار في هذا الباب أكثر من أن نحصرها وأوسع من أن نذكرها.

أقول : وروى المسعودي في مروج الذهب (٩) أبسط من ذلك .. إلى أن قال : لما رد عثمان أبا ذر رضي الله عنه إلى المدينة على بعير عليه قتب يابس ، معه

__________________

(١) في الشافي : فضربني برجله ـ من دون كلمة : فقال. وهو الظاهر.

(٢) في شرح النهج والشافي : بقية.

(٣) لا توجد : له ، في المصدر.

(٤) في الشافي : انسق.

(٥) في ( س ) : من ، بدلا من : معهم. وجعلت فيه معهم نسخة بدل. وخط على : من ، في ( ك‍ ).

(٦) لا توجد في ( س ) : عثمان.

(٧) لا توجد في ( ك‍ ) : لي.

(٨) الشافي ٤ ـ ٢٩٨. ومثله في شرح النهج لابن أبي الحديد ٣ ـ ٥٨. واللفظ للأخير.

(٩) مروج الذهب ٢ ـ ٣٤٠ ـ ٣٤٢ بتصرف. وجاء في تاريخ الخميس ٢ ـ ٢٦٨ : إن عثمان حبس عبد الله بن مسعود وأبا ذر عطاءهما ، وأخرج أبا ذر إلى الربذة.

١٨٠