بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

باب نادر

قال أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد (١) : أخبرني القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن صخر ، عن فارس بن موسى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن شيبة ، عن محمد بن يحيى الطوسي ، عن محمد بن خالد الدمشقي ، عن سعيد بن محمد بن عبد الرحمن بن خارجة الرقي ، قال : قال معاوية بن فضلة (٢) كنت في الوفد الذين وجههم عمر بن الخطاب وفتحنا مدينة حلوان ، وطلبنا المشركين في الشعب فلم يردوا عليهم (٣) ، فحضرت الصلاة فانتهيت إلى ماء فنزلت عن فرسي وأخذت بعنانه ، ثم توضأت وأذنت ، فقلت : الله أكبر .. الله أكبر .. فأجابني شيء من الجبل وهو يقول : كبرت تكبيرا .. ففزعت لذلك فزعا شديدا ونظرت يمينا وشمالا ، فلم أر شيئا ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، فأجابني وهو يقول : الآن حين (٤) أخلصت. فقلت : أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال : نبي بعث. فقلت : حي على الصلاة. فقال : فريضة افترضت. فقلت : حي على الفلاح. فقال : قد أفلح من أجابها ، فاستجاب (٥)

__________________

(١) كنز الفوائد : ٥٩ ـ ٦٠ ـ الحجرية ـ بتفصيل في الإسناد والأسماء.

(٢) في ( س ) : نضلة. وفي المصدر : العضلة.

(٣) في المصدر : فلم نقدر عليهم. وفي ( ك‍ ) نسخة بدل : علينا.

(٤) وضع على : حين ، رمز نسخة بدل في مطبوع البحار.

(٥) في المصدر : واستجاب.

١٤١

لها. فقلت : قد قامت الصلاة. فقال : البقاء لأمة محمد (ص) وعلى رأسها تقوم الساعة ، فلما فرغت من أذاني ناديت بأعلى صوتي حتى أسمعت ما بين لابتي (١) الجبل ، فقلت : إنسي أم جني؟. قال : فأطلع رأسه من كهف الجبل ، فقال : ما (٢) أنا بجني ولكني إنسي. فقلت له : من أنت يرحمك الله؟. قال : أنا وذيب (٣) بن ثملا من حواري عيسى ابن مريم عليه السلام ، أشهد أن صاحبكم نبي ، وهو الذي بشر به عيسى ابن مريم ، ولقد أردت الوصول إليه فحالت فيما (٤) بيني وبينه فارس وكسرى وأصحابه ، ثم أدخل رأسه في كهف الجبل فركبت دابتي ولحقت بالناس وسعد بن أبي وقاص أميرنا ، فأخبرته بالخبر ، فكتب بذلك إلى عمر بن الخطاب ، فجاء كتاب عمر يقول : الحق الرجل ، فركب سعد وركبت معه حتى انتهينا إلى الجبل ، فلم نترك كهفا ولا شعبا ولا واديا إلا التمسناه فيه (٥) فلم نقدر عليه ، وحضرت الصلاة فلما فرغت من صلاتي ناديت (٦) بأعلى صوتي : يا صاحب الصوت الحسن والوجه الجميل قد سمعنا منك كلاما حسنا فأخبرنا من أنت يرحمك الله؟ أقررت بالله ونبيه صلى الله عليه وآله (٧) ، قال : فأطلع رأسه من كهف الجبل فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية ، له هامة كأنها رحى ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (٨) قلت (٩) : وعليك السلام ورحمة الله ، من أنت

__________________

(١) قال ابن الأثير في النهاية ٤ ـ ٢٧٤ : اللابة : الحرة ، وهي الأرض ذات الحجارة السود قد ألبستها لكثرتها.

(٢) لا توجد : ما ، في ( س ).

(٣) في المصدر : ذريب ، في ( ك‍ ) : وزيب ، وتوجد نسخة فيه : رزيب. ويأتي في متن الخبر أيضا.

(٤) لا توجد في كنز الفوائد : فيما.

(٥) لا توجد في المصدر : فيه.

(٦) لا توجد : ناديت ، في ( ك‍ ).

(٧) في المصدر زيادة : تعالى ووحدانيته. ولا توجد فيه : ونبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .. وهناك نسخة : ووفد نبيه.

(٨) لا توجد في الكنز : وبركاته.

(٩) في ( ك‍ ) : فقلت.

١٤٢

يرحمك الله؟. قال : أنا رزيب (١) بن ثملا وصي العبد الصالح عيسى ابن مريم (ع) كان سأل ربه لي البقاء إلى نزوله من السماء وقراري في هذا الجبل ، وأنا موصيكم سددوا وقاربوا وخصالا يظهر (٢) في أمة محمد صلى الله عليه وآله ، فإن ظهرت فالهرب الهرب (٣) ، ليقوم أحدكم على نار جهنم حتى تطفأ منه (٤) خير له من البقاء في ذلك الزمان. قال معاوية بن فضلة (٥) : قلت له : يرحمك الله! أخبرنا بهذه الخصال لنعرف ذهاب دنيانا وإقبال آخرتنا؟. قال : نعم ، إذا استغنى رجالكم برجالكم ، واستغنت نساؤكم بنسائكم ، وانتسبتم إلى غير مناسبكم ، وتوليتم إلى غير مواليكم ، ولم يرحم كبيركم صغيركم ، ولم يوقر صغيركم لكبيركم ، وكثر طعامكم فلم تروه إلا بأغلى (٦) أسعاركم ، وصارت خلافتكم في صبيانكم ، وركن علماؤكم إلى ولاتكم ، فأحلوا الحرام وحرموا الحلال ، وأفتوهم بما يشتهون ، واتخذوا (٧) القرآن ألحانا ومزامير في أصواتهم ، ومنعتم حقوق الله من أموالكم ، ولعن آخر أمتكم أولها ، وزوقتم المساجد ، وطولتم المنابر (٨) ، وحليتم المصاحف بالذهب والفضة ، وركب نساؤكم السروج ، وصار مستشار أموركم نساءكم وخصيانكم ، وأطاع الرجل امرأته ، وعق والديه (٩) ، وضرب الشاب والديه (١٠) ، وقطع كل ذي رحم رحمه ، وبخلتم بما في أيديكم ، وصارت أموالكم عند شراركم ، وكنزتم الذهب والفضة ، وشربتم الخمر ، ولعبتم بالميسر ، وضربتم

__________________

(١) في المصدر : ذريب.

(٢) وإياكم وخصالا تظهر ، جاءت في الكنز.

(٣) جاءت كلمة الهرب ثالثا في ( ك‍ ).

(٤) خط في ( ك‍ ) على : منه. وفي المصدر : عنه.

(٥) في ( س ) : نضلة. وفي المصدر : العضلة.

(٦) في الكنز : غلاء ، بدلا من : بأغلى.

(٧) في ( س ) : اتخذوا ـ بلا واو ـ.

(٨) جاءت في ( ك‍ ) نسخة بدل : المناير.

(٩) في المصدر : وجفا والديه. وذكر فيه : عق ، نسخة.

(١٠) في الكنز : والدته.

١٤٣

بالكبر ، ومنعتم الزكاة ورأيتموها مغرما ، والخيانة مغنما ، وقتل البريء لتعتاظ [ لتغتاظ ] (١) العامة بقتله ، واختسلت [ اختلست ] قلوبكم فلم يقدر أحد منكم يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر ، وقحط المطر فصار قيظا ، والولد غيظا ، وأخذتم العطاء فصار في السقاط (٢) ، وكثر أولاد الخبيثة يعني الزنا ـ ، وطففت المكيال ، وكلب عليكم عدوكم ، (٣) وضربتم بالمذلة ، وصرتم أشقياء ، وقلت الصدقة حتى يطوف الرجل من الحول إلى الحول ما يعطى (٤) عشرة دراهم ، وكثر الفجور ، وغارت العيون ، فعندها نادوا فلا جواب لهم ، يعني دعوا فلم يستجب لهم.

قال الكراجكي رحمه‌الله (٥) : اعلم أيدك الله (٦) ـ : إن قوله في هذا الخبر : ولعن آخر أمتكم أولها مما يظن الناصبي أن فيه طعنا علينا ، لما نحن فيه (٧) من ذم الظالمين (٨) بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك ظن فاسد ، لأنا إنما نلعن من ثبت عندنا ظلمه ، وقد لعن الله تعالى الظالمين في كتابه ، فقال : ( أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) (٩). وأخبر (١٠) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن من أصحابه من يغير بعده ويبدل ويغوي ويفتن ويضل ويظلم ويستحق العقاب الأليم والخلود في الجحيم.

فمما روي (١١) عنه (١٢) في ذلك قوله صلى الله عليه وآله لأصحابه : لتتبعن سنن

__________________

(١) العبارة مشوشة جدا في ( س ) ، وفي حاشيته : ليستعط ، ورمز لها برمز الاستظهار.

(٢) الكلمة مشوشة في ( س ).

(٣) زيادة : وضربتم بالذلة ، جاءت في المصدر.

(٤) في ( س ) : يعطى ـ بدون ما ـ.

(٥) في كنز الفوائد ـ الحجرية ـ : ٦٠ ـ ٦١.

(٦) زيادة : تعالى ، جاءت في المصدر.

(٧) في المصدر : عليه ، بدلا من : فيه.

(٨) في ( س ) : المعطلين ، وفي الكنز : المعتلين.

(٩) هود : ١٨.

(١٠) في ( ك‍ ) : وأخبره. وقد أوردنا جملة من الروايات في أول تحقيقنا للكتاب.

(١١) في المصدر : رووا ـ بصيغة الجمع ـ.

(١٢) كما في صحيح البخاري ١٣ ـ ٢٥٥ كتاب الاعتصام باب قول النبي (ص) : لتتبعن سنن من كان

١٤٤

من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر (١) ضب لاتبعتموهم. فقالوا : يا رسول الله! اليهود والنصارى؟. قال : فمن إذن؟! ..

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : وقد ذكرت عنده فتنة الدجال ـ : ألا وإني (٢) لفتنة بعضكم أخوف مني لفتنة الدجال.

وقوله عليه السلام لأصحابه : إنكم لمحشورون (٣) يوم القيامة حفاة عراة ، وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا رب أصحابي!. فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم لم يزالوا (٤) مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم (٥).

وقوله عليه السلام في حجة الوداع لأصحابه : ألا لأخبرنكم ترتدون بعدي كفارا يضرب بعضكم (٦) رقاب بعض ، ألا إني قد شهدت وغبتم (٧).

وقوله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي توفي فيه ـ : أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها ، الآخرة شر من الأولى (٨).

__________________

قبلكم ، وكتاب الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل ، وصحيح مسلم كتاب العلم باب اتباع سنن اليهود والنصارى حديث ٢٦٦٩ ، وأورده ابن الأثير في جامع الأصول ١٠ ـ ٣٥ حديث ٧٤٩٣ ، وذكر فيه مائة رواية بمضامين متعددة في هذا الباب ، فراجع.

(١) قد تقرأ في مطبوع البحار : في حجر ـ بتقديم الحاء المهملة على الجيم ـ.

(٢) في الكنز : لا فإني.

(٣) في المصدر : إنكم محشورون إلى الله.

(٤) في الكنز : لا يزالوا.

(٥) وأورد البخاري في صحيحه كتاب الأنبياء حديث ٨ و ٤٨ ، وفي تفسير الآية الرابعة عشر من سورة المائدة ، وكتاب الرقاق : ٤٥ ، ومسلم في صحيحه كتاب الجنة : ٥٨ ، والترمذي في سننه كتاب القيامة : ٣ ، وتفسير الآية الرابعة من سورة الأنبياء ، والنسائي في سننه كتاب الجنائز : ١١٩ ، وأحمد في المسند ١ ـ ٢٣٥ ، ٢٥٣ ، ٢٥٨.

(٦) لا توجد : بعضكم ، في ( س ).

(٧) انظر : المجلد الأول من كتاب الغدير ، فقد فصل القول في الواقعة سندا ومتنا وأشبعه مصدرا واستدلالا.

(٨) كما جاء في صحيح مسلم كتاب الإيمان : ١٨٦ ، ومسند أحمد ١ ـ ١٨٩ ، و ٢ ـ ٣٠٤ ، ٣٧٢ ،

١٤٥

وقوله صلى الله عليه وآله : يكون لأصحابي بعدي ذلة (١) يعمل بها قوم يكبهم الله عز وجل في النار على مناخرهم.

وحدثني من طريق العامة عبد الله (٢) بن عثمان بن حماس بمدينة الرملة ، عن أبي الحسن أحمد بن محبوب ، عن أبي العباس محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ، عن كثير بن عبد (٣) أبي الحسن الحذاء ، عن محمد بن حمير ، عن مسلمة بن علي ، عن عمر بن ذرة ، عن فلانة الحرمي (٤) ، عن أبي مسلم الخولاني ، عن أبي عبيدة بن (٥) الجراح ، عن عمر بن الخطاب ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه ـ ، فقال : يا عمر! ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٦) ، أتاني جبرئيل آنفا فقال : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٧) ، فقلت : أجل ، ف ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ، فمم ذاك يا جبرئيل؟. قال : إن أمتك مفتتنة (٨) بعدك بقليل من الدهر غير كثير. فقلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة؟. قال : كل سيكون. فقلت : ومن أين ذلك وأنا تارك فيهم كتاب الله؟. قال : بكتاب الله يضلون ، وأول ذلك من قبل أمرائهم وقرائهم ، يمنع الأمراء الحقوق فيسأل الناس حقوقهم فلا يعطونها فيفتتنوا ويقتتلوا ، ويتبعوا القراء هوى (٩) الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون. فقلت : يا جبرئيل! فبم يسلم من يسلم منهم؟. قال :

__________________

٣٩٠ ، ٤٠٨ ، ٤١٦ ، ٥٢٣ ، و ٣ ـ ٤٥٣ وغيرها ، وكتاب الفتن من سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة والنسائي ، وقد سلف منا جملة مصادر في أول بحثنا.

(١) في المصدر : زلة.

(٢) في الكنز : أبو محمد عبد الله ..

(٣) جاء في المصدر : عبيد.

(٤) في المصدر : عن عمر بن ذوة عن قلابة الحرمي.

(٥) لا توجد : بن ، في الكنز ، والتاء من كلمة : عبيدة في ( ك‍ ).

(٦) البقرة : ١٥٦.

(٧) البقرة : ١٥٦.

(٨) في ( س ) : مفتنة.

(٩) في المصدر : فليفتنوا فيفتتنوا ويقتلوا يتبع القراء هؤلاء ..

١٤٦

بالكف والصبر ، إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه (١) تركوه.

فهذا بعض ما ورد من الأخبار في أنه كان بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ضل وأضل ، وظلم وغشم ، ووجب البراءة منه من (٢) فعله ، فأما الوجه (٣) الذي يجب أن يحمل عليه (٤) ما تضمنه الخبر الذي أوردناه من قوله (ص) : ولعن آخر أمتكم أولها ، فهو ما استحله الظالمون المبغضون لأمير المؤمنين عليه‌السلام من لعنه والمجاهرة بسبه وذمه. قلت (٥) : فلسنا نشك في أنه قد برئت (٦) منه الخوارج ولعنه معاوية ومن بعده من بني أمية على المنابر ، وتقرب أكثر الناس إلى ولاة الجور بذمه ، ونشأ أولادهم على سماع البراءة منه وسبه.

__________________

(١) في الكنز : منعوهم ـ بضمير الجمع ـ.

(٢) في ( ك‍ ) : في ، بدلا من كلمة : من.

(٣) في الكنز زيادة : في اللعن.

(٤) لا توجد : عليه ، في ( س ).

(٥) لا توجد في المصدر : قلت ، ووضع عليها رمز نسخة بدل في ( ك‍ ).

(٦) في الكنز : قد تبرأت.

١٤٧
١٤٨

[٢٥] باب

تفصيل مثالب عثمان وبدعه والاحتجاج بها على المخالفين

بما رووه في كتبهم وبعضم أحواله

الطعن الأول :

أنه ولى أمور المسلمين من لا يصلح لذلك ولا يؤتمن عليه ، ومن ظهر منه الفسق والفساد ، ومن لا علم له ، مراعاة لحرمة القرابة ، وعدولا عن مراعاة حرمة الدين والنظر للمسلمين ، حتى ظهر ذلك منه وتكرر ، وقد كان عمر حذره من ذلك حيث وصفه بأنه كلف بأقاربه ، وقال له : إذا وليت هذا الأمر فلا تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس (١) فوقع منه ما حذره إياه ، وعوتب عليه فلم ينفع العتب ، وذلك نحو استعماله الوليد بن عقبة (٢) وتقليده إياه حتى ظهر منه شرب الخمر ، واستعماله سعيد بن العاص (٣) حتى ظهرت منه الأمور التي عندها أخرجه

__________________

(١) كما ذكره البلاذري في الأنساب ٥ ـ ١٦ و ٣٠ ، وابن سعد في الطبقات ٣ ـ ٢٤٧ ، والطبري في الرياض النضرة ٢ ـ ٧٦ ، والقاضي أبو يوسف في الآثار : ٢١٧ ، وغيرهم في غيرها.

(٢) انظر ترجمته في : الإصابة ٣ ـ ٦٣٧ ـ ٦٣٨ برقم ٩١٤٧ ، والاستيعاب المطبوع بهامش الإصابة ٣ ـ ٦٣١ ـ ٦٣٧ ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم : ١٩٣ ، والأعلام ٨ ـ ١٢٢ وغيرها.

(٣) انظر ترجمته في : الإصابة ٢ ـ ٤٧ ـ ٤٨ برقم ٣٢٦٨ ، والاستيعاب ٢ ـ ٨ ـ ١١ هامش الإصابة ، وطبقات ابن سعد ٥ ـ ١٩ ، وتهذيب ابن عساكر ٦ ـ ١٣١ ـ ١٤٥ ، وتاريخ الإسلام ٢ ـ ٢٦٦ ،

١٤٩

أهل الكوفة ، وتوليه عبد الله بن أبي سرح (١) وعبد الله بن عامر بن كريز (٢) ، حتى روي عنه في أمر ابن أبي صرح (٣) أنه لما تظلم منه أهل مصر وصرفه عنهم بمحمد بن أبي بكر كاتبه بأن يستمر على ولاية (٤) وأبطن خلاف ما أظهر ، وهذه (٥) طريقة من غرضه خلاف الدين. وروي أنه كاتبه بقتل محمد بن أبي بكر وغيره ممن يرد عليه ، وظفر بذلك الكتاب ، ولذلك عظم التظلم من بعد وكثر الجمع ، وكان ذلك سبب الحصار والقتل ، وحتى كان من أمر مروان وتسلطه عليه وعلى أموره ما قتل بسببه (٦).

ولا يمكن أن يقال : إنه لم يكن عالما بأحوال هؤلاء الفسقة ، فإن الوليد كان في جميع أحواله من المجاهرين بالفجور وشرب الخمور ، وكيف يخفى على عثمان ، وهو قريبه ولصيقه وأخوه لأمه؟! ، ولذا قال سعد بن أبي وقاص في رواية الواقدي (٧) وقد دخل الكوفة : يا أبا وهب (٨)! أمير أم زائر؟. قال : بل أمير.

__________________

وغيرها.

(١) هذا هو عبد الله بن سعد [ سعيد ] بن أبي سرح أخو عثمان من الرضاعة ، وكان واليا على البصرة.

انظر ترجمته في : أسد الغابة ٣ ـ ١٧٣ ، والبداية والنهاية ٧ ـ ٢٥٠ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ١١٤ ، والنجوم الزاهرة ١ ـ ٩٤ ـ ٩٧ وغيرها.

(٢) وهو ابن خال عثمان ، لأن أم عثمان أروى بنت كريز ، كما في تاريخ الإسلام ٢ ـ ٢٦٦ ، وطبقات ابن سعد ٥ ـ ٣٠ ـ ٣٥ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٢٠٦ وغيرها.

وانظر ترجمته في : الإصابة ٣ ـ ٦١ ترجمة ٦١٧٥ ، وتهذيب التهذيب ٥ ـ ٢٧٣ ، وتيسير الوصول ١ ـ ٢٦٥.

(٣) في ( س ) : سريح. والظاهر : سرح.

(٤) كذا ، والظاهر : الولاية ـ بالألف واللام ـ أو : ولايته.

(٥) في ( س ) : هذا.

(٦) قد تعرض شيخنا الأميني ـ رحمه‌الله ـ في الغدير ٩ ـ ١٦٨ ـ ٢١٧ إلى قضية الحصار الأول والثاني ومقتله مفصلا ، فراجع.

(٧) كما حكاها السيد في الشافي ٤ ـ ٢٥١ ، وتلخيص الشافي ٤ ـ ٧٥ ، وأورد الرواية البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٢٩.

(٨) هذه كنية الوليد.

١٥٠

فقال سعد : ما أدري أحمقت بعدك أم كست (١) بعدي؟!. فقال : ما حمقت بعدي ولا كست (٢) بعدك ، ولكن القوم ملكوا فاستأثروا (٣). فقال سعد : ما أراك إلا صادقا.

وفي رواية أبي مخنف لوط بن يحيى (٤) : أن الوليد لما دخل الكوفة مر على مسجد (٥) عمرو بن زرارة النخعي (٦) فوقف ، فقال عمرو : يا معشر بني أسد! بئس ما استقبلنا به أخوكم ابن عفان ، أمن عدله أن ينزع عنا ابن أبي وقاص الهين اللين السهل القريب ويبعث علينا بدله (٧) أخاه الوليد الأحمق الماجن الفاجر قديما وحديثا؟! واستعظم الناس مقدمه ، وعزل سعد به ، وقالوا : أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمة محمد صلى الله عليه وآله (٨).

وقال ابن عبد البر في الإستيعاب (٩) في ترجمة الوليد : أمه أروى بنت كريز ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، أم عثمان بن عفان ، والوليد (١٠) بن عقبة أخو عثمان لأمه يكنى : أبا وهب ، أسلم يوم فتح (١١) مكة ، وولاه عثمان بالكوفة وعزل عنها سعد بن أبي وقاص ، فلما قدم الوليد على سعد قال له سعد : والله ما أدري

__________________

(١) في الشافي : كيست ، وهو ضد الحمق. وفي التلخيص : أم كنت.

(٢) في الشافي : كيست ، وفي التلخيص : ولا كنت.

(٣) في تلخيص الشافي زيادة : وملكنا فاستأثرنا.

(٤) كما حكاها السيد في الشافي ٤ ـ ٢٥١ ، وأورده الشيخ في تلخيصه ٤ ـ ٧٥ باختلاف يسير.

(٥) في الشافي وتلخيصه : مجلس ، وفي ( ك‍ ) : مجلسي ، نسخة بدل.

(٦) في تلخيص الشافي للشيخ الطوسي : اللخمي ، بدلا من : النخعي.

(٧) لا توجد في المصدر : بدله.

(٨) وقد جاء أيضا في أنساب البلاذري ٥ ـ ٣٢ ـ ٣٣.

(٩) الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ٣ ـ ٦٣١.

(١٠) في المصدر : فالوليد.

(١١) في المصدر زيادة : هو وأخوه خالد بن عقبة. أقول : هنا سقط كثير وإن كان ظاهر العبارة هو الاتصال ، وفيه : ثم ولاه عثمان.

١٥١

أكست (١) بعدنا أم حمقنا بعدك؟!. فقال : لا تجزعن أبا إسحاق ، فإنما هو الملك يتغداه قوم ويتعشاه آخرون. فقال سعد : أراكم والله ستجعلونها ملكا.

قال (٢) : وروى جعفر بن سليمان ، عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين ، قال (٣) : لما قدم الوليد بن عقبة أميرا على الكوفة أتاه ابن مسعود فقال : ما جاء بك؟. قال : جئت أميرا. فقال ابن مسعود : ما أدري أصلحت بعدنا أم فسد الناس؟!.

وله أخبار (٤) فيها نكارة وشناعة تقطع على سوء (٥) حاله وقبح أفعاله (٦) غفر الله لنا وله (٧) ، فلقد كان من رجال قريش ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا ، وكان من الشعراء المطبوعين (٨) ، كان الأصمعي وأبو عبيدة وابن الكلبي وغيرهم يقولون : كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر ، وكان شاعرا كريما (٩) أخباره في شرب الخمر ومنادمته أبا زبيد الطائي كثيرة مشهورة (١٠) يسمج بنا ذكرها هاهنا ، ونذكر منها طرفا (١١).

__________________

(١) في الاستيعاب : أكبت. أقول : الكبت : الصرف والإذلال ، كما في الصحاح ١ ـ ٢٦٢ ، والنهاية ٤ ـ ١٣٨ ، والقاموس ١ ـ ١٥٥ ، ومجمع البحرين ٢ ـ ٢١٦. والكيس : العقل والفطنة وجودة القريحة ، كما في مجمع البحرين ٤ ـ ١٠١ وغيره.

(٢) قاله ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ ـ ٦٣٣ ـ ٦٣٤ ـ هامش الإصابة ـ.

(٣) لا توجد : قال ، في المصدر.

(٤) هذا استمرار لكلام صاحب الاستيعاب.

(٥) في ( س ) : سواد.

(٦) في ( س ) : قبح حاله أحواله. ولعل إحداهما نسخة بدل.

(٧) لا توجد : وله ، في ( س ).

(٨) في ( س ) : مطبوغين. ولعلها سهو.

(٩) في المصدر زيادة : قال أبو عمر.

(١٠) في الاستيعاب : مشهورة كثيرة ـ بتقديم وتأخير ـ.

(١١) في مطبوع البحار : ظرفا.

١٥٢

ذكر عمر بن شيبة (١) بإسناده عن ابن شوذب ، قال : صلى الوليد بن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات ، ثم التفت إليهم ، فقال : أزيدكم؟!. فقال عبد الله بن مسعود : ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم.

قال : وحدثنا محمد بن حميد ، عن (٢) جرير ، عن الأجلح ، عن الشعبي في حديث الوليد بن عقبة حين شهدوا عليه ـ ، فقال الحطيئة (٣) :

شهد الحطيئة يوم يلقى ربه

إن الوليد أحق بالعذر

نادى وقد تمت (٤) صلاتهم

أأزيدكم سكرا وما يدري؟

فأبوا أبا وهب ولو أذنوا (٥)

لقرنت بين الشفع والوتر

وذكر أبياتا أخر في ذلك عنه ، ثم قال (٦) : وخبر صلاته بهم (٧) سكران. وقوله لهم : أزيدكم؟ بعد أن صلى الصبح أربعا مشهور من رواية الثقات من نقل أهل الحديث وأهل الأخبار.

ثم قال (٨) : ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله تعالى (٩) : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (١٠) نزلت في الوليد بن عقبة ، وذلك أنه بعثه رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] إلى بني المصطلق مصدقا فأخبر عنهم أنهم (١١)

__________________

(١) في المصدر : شبة.

(٢) في الاستيعاب : قال ، بدلا من : عن.

(٣) هو جرول بن أوس بن مالك العبسي.

(٤) في الأنساب للبلاذري : نفدت. وما في الأغاني كالمتن.

(٥) وفي بعض المصادر : ولو فعلوا.

(٦) أي ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ ـ ٦٣٤ المطبوع بهامش الإصابة.

(٧) هنا زيادة : وهو ، جاءت في المصدر.

(٨) في الاستيعاب ٣ ـ ٦٣٢. وحكاه عنه ابن الأثير في أسد الغابة ٥ ـ ٩٠.

(٩) في المصدر : عز وجل ، بدل : تعالى.

(١٠) الحجرات : ٦.

(١١) لا توجد : أنهم ، في ( س ).

١٥٣

ارتدوا وأبوا من أداء الصدقة ، وذلك أنهم خرجوا إليه فهابهم (١) ولم يعرف ما عندهم ، فانصرف عنهم وأخبر بما ذكرنا ، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت فيهم ، فأخبروه أنهم متمسكون بالإسلام ونزلت ... الآية. وروى عن مجاهد وقتادة مثل ما ذكرنا.

وعن (٢) ابن أبي ليلى في قوله (٣) تعالى (٤) : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ .. ) (٥) قال : نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

ومن حديث الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة (٦) : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (٧). انتهى كلام ابن عبد البر (٨).

وقال المسعودي في مروج الذهب (٩) : كان عماله على أعماله (١٠) جماعة منهم الوليد بن عقبة (١١) على الكوفة ، وهو ممن أخبر النبي صلى الله عليه [ وآله ] أنه من

__________________

(١) في ( س ) : فهاجمهم.

(٢) ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ ـ ٦٣٢ ـ ٦٣٣ الإسناد مفصلا وحذفه هنا.

(٣) في ( ك‍ ) : وقوله.

(٤) جاءت : عز وجل ، بدلا من : تعالى ، في المصدر.

(٥) الحجرات : ٦.

(٦) في قصة ذكرها في المصدر.

(٧) السجدة : ١٨.

(٨) وأخرج الطبري في تفسيره ٢١ ـ ٦٢ بإسناده ، عن عطاء بن يسار ، قال : كان بين الوليد وعلي كلام ، فقال الوليد : أنا أبسط منك لسانا ، وأحد منك سنانا ، وأرد منك للكتيبة. فقال علي : اسكت ، فأنت فاسق فأنزل الله فيهما : « ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ) » .. الآية.

وقريب منه ما في الأغاني ٤ ـ ١٨٥ ، وتفسير الخازن ٣ ـ ٤٧٠ ، وأسباب النزول : ٢٦٣ ، والرياض للطبري ٢ ـ ٢٠٦ ، وذخائر العقبى : ٨٨ ، ومناقب الخوارزمي : ١٨٨ ، وكفاية الكنجي : ٥٥ ، وتفسير النيشابوري ، ونظم درر السمطين وغيرها كثير.

(٩) مروج الذهب ٢ ـ ٣٣٤ ـ ٣٣٧.

(١٠) لا توجد : على أعماله ، في المصدر.

(١١) جاء في حاشية ( ك‍ ) : عقبة بن أبي معيط. مروج. وهي كذلك في المصدر.

١٥٤

أهل النار، وعبد الله بن أبي سرح على مصر ، ومعاوية بن أبي سفيان على الشام ، وعبد الله بن عامر على البصرة ، وصرف عن الكوفة الوليد (١) وولاها سعيد بن العاص.

وكان السبب في صرف الوليد (٢) على ما روي أنه (٣) كان يشرب مع ندمائه ومغنيه من أول الليل إلى الصباح ، فلما أذن المؤذنون للصلاة خرج متفضلا (٤) في غلائله (٥) ، فتقدم على (٦) المحراب في صلاة الصبح فصلى بهم أربعا ، و (٧) قال : أتريدون أن أزيدكم؟!. وقيل : إنه قال في سجوده وقد أطال الشراب (٨) فاسقني ، فقال له بعض من كان خلفه (٩) : ما تزيد (١٠)؟ لا زادك الله بخير ، والله ما أعجب إلا ممن بعثك إلينا واليا ، وعلينا أميرا ، وكان هذا القائل عتاب بن غيلان (١١) الثقفي (١٢).

وخطب الناس الوليد فحصبه (١٣) الناس بحصى المدينة (١٤) ، وشاع بالكوفة فعله وظهر فسقه ومداومته شرب الخمر ، فهجم عليه جماعة من المسجد منهم أبو

__________________

(١) في مروج الذهب زيادة : بن عقبة.

(٢) في المصدر زيادة : بن عقبة وولاية سعيد.

(٣) في المروج : أن الوليد.

(٤) في ( س ) : منفضلا.

(٥) جاء في حاشية ( ك‍ ) : منفضلا في غلالته. مروج. وفي المصدر : متفضلا في غلائلة.

(٦) كذا. وفي المصدر : إلى ، وهو الظاهر.

(٧) وضع على الواو في ( ك‍ ) رمز نسخة بدل.

(٨) في ( ك‍ ) نسخة بدل : الشرب. وفي مروج الذهب : اشرب واسق واسقني.

(٩) في نسخة بدل جاءت في ( ك‍ ) : حاضر خلفه. وفي المصدر : خلفه في الصف الأول.

(١٠) في ( س ) : تريد. وفي المصدر : من الخير ، بدلا من : بخير ، ولا أعجب ، بدلا من : ما أعجب.

(١١) جاءت في مروج الذهب : عيلان ـ بالعين المهملة ـ.

(١٢) في ( ك‍ ) نسخة بدل : الأسدي.

(١٣) جاء في حاشية ( ك‍ ) : وحصب الناس الوليد بحصى المسجد .. مروج. حصب : أي رمى.

(١٤) في مروج الذهب : بحصباء المسجد. وهنا سقط كثير راجع المصدر. وفيه : وأشاعوا.

١٥٥

زينب بن عوف الأزدي وأبو (١) جندب بن زهير الأزدي وغيرهما (٢) فوجدوه (٣) سكرانا مضطجعا على سريره لا يعقل (٤) ، فأيقظوه من رقدته فلم يستيقظ ، ثم تقيأ عليهم ما شرب من الخمر فانتزعوا خاتمه من يده وخرجوا من فورهم إلى المدينة ، فأتوا عثمان بن عفان فشهدوا عنده أن (٥) الوليد أنه (٦) يشرب الخمر ، فقال عثمان : وما يدريكم أن (٧) ما شرب خمر (٨)؟. فقالوا : هو الخمرة التي كنا نشرب (٩) في الجاهلية ، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه فزبرهما (١٠) ودفع في صدورهما ، وقال : تنحيا عني!. فخرجا وأتيا علي بن أبي طالب عليه السلام فأخبراه (١١) بالقصة ، فأتى عثمان وهو يقول : دفعت الشهود وأبطلت الحدود؟!. فقال له عثمان : فما ترى؟. قال : أرى أن تبعث إلى صاحبك (١٢) ، فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدل (١٣) بحجة أقمت عليه الحد ، فلما حضر الوليد دعاهما (١٤) فأقاما الشهادة عليه ولم يدل (١٥) بحجة ، فألقى عثمان السوط إلى علي عليه السلام ، فقال

__________________

(١) لا توجد : أبو ، في المصدر.

(٢) في ( س ) : وغيرهم.

(٣) جاء في ( س ) : فوجدوهم. ولعله سهو.

(٤) في ( س ) : ولا يعقل.

(٥) وضع على : أن ، رمز نسخة بدل في ( ك‍ ). وفي المصدر بدلا عنها : على.

(٦) لا توجد في ( س ) : أنه.

(٧) في ( ك‍ ) نسخة بدل : أنه.

(٨) في نسخة جاءت في ( ك‍ ) : خمرا. والعبارة في المصدر هكذا : وما يدريكما أنه شرب خمرا.

(٩) في المصدر : كنا نشربها. وفي ( ك‍ ) نسخة بدل : كنا نشربه.

(١٠) في مروج الذهب : فزجرهما.

(١١) جاءت في المصدر : وأخبراه.

(١٢) زيادة : فتحضره ، جاءت في مروج الذهب. وقد جاءت في حاشية ( ك‍ ) أيضا.

(١٣) في حاشية ( ك‍ ) : ولم يدرأ بنفسه. مروج. وفي المصدر : ولم يدرأ عن نفسه ..

(١٤) جاءت هنا زيادة : عثمان ، في مروج الذهب.

(١٥) في ( ك‍ ) : فلم يدل.

١٥٦

علي (١) لابنه الحسن عليهما السلام : قم يا بني! فأقم عليه ما أوجب الله عليه. فقال : يكفينيه بعض من ترى ، فلما نظر علي عليه السلام (٢) إلى امتناع الجماعة عن إقامة الحد عليه توقيا لغضب عثمان لقرابته منه أخذ علي السوط (٣) ودنا منه ، فلما أقبل نحوه سبه الوليد ، وقال : يا صاحب مكث (٤)!. فقال عقيل (٥) بن أبي طالب وكان فيمن (٦) حضر ـ : إنك لتتكلم يا ابن أبي معيط كأنك لا تدري من أنت؟ وأنت علج من أهل صفورية (٧) .. كان ذكر أن (٨) أباه (٩) يهودي (١٠) منها ، فأقبل الوليد يروغ (١١) من علي عليه السلام فاجتذبه (١٢) وضرب به الأرض وعلاه بالسوط ، فقال له عثمان : ليس لك أن تفعل به هذا؟. قال : بلى (١٣) وشر (١٤) من هذا ، إذا فسق ومنع حق الله (١٥) أن يؤخذ منه ، فولى (١٦) سعيد بن العاص ، فلما

__________________

(١) لا توجد في ( س ) لفظ : علي.

(٢) لا توجد : علي عليه‌السلام ، في المصدر.

(٣) في ( س ) : أخذ السوط. من دون لفظ : علي.

(٤) جاءت في حاشية ( ك‍ ) : مكمن. مروج. وفي المصدر : مكس ، والمكث ـ بالضم ـ : الانتظار ، أو الإقامة مع الانتظار ، وفيها تعريض كما لا يخفى.

(٥) في ( ك‍ ) : علي ، بدلا من : عقيل. وفيه نسخة بدل : عقيل. والظاهر ما أثبتناه.

(٦) في المصدر : ممن.

(٧) هنا سقط جاء في مروج الذهب ، فراجع.

(٨) خ. ل : ذكران.

(٩) في ( س ) : إياه.

(١٠) في المصدر : كان يهودي ..

(١١) يروغ .. أي يحيد ويميل.

(١٢) في المصدر زيادة : علي.

(١٣) في مروج الذهب : بل.

(١٤) جاءت في ( ك‍ ) : وشرا.

(١٥) في المصدر : الله تعالى.

(١٦) في مروج الذهب : وولى الكوفة بعده .. وجاء في حاشية ( ك‍ ) : فولى الكوفة بعده .. مروج.

١٥٧

دخل سعيد الكوفة (١) أبى أن يصعد المنبر إلا أن (٢) يغسل وأمر بغسله ، وقال : إن الوليد كان نجسا رجيما (٣) ، فلما اتصلت أيام سعيد بالكوفة ظهرت منه أمور أنكرت عليه وابتز (٤) الأموال ، وقال في بعض الأيام أو أنه كتب (٥) إلى عثمان : إنما هذه (٦) السواد قطين (٧) لقريش. فقال له الأشتر : أتجعل ما أفاء الله علينا بسيوفنا (٨) ومراكز رماحنا بنيانا (٩) لك ولقومك؟ ثم خرج إلى عثمان في سبعين راكبا فذكر (١٠) سوء سيرة سعيد وسألوه عزله ، ومكث (١١) الأشتر وأصحابه أياما لا يخرج إليهم (١٢) من عثمان في سعيد شيء ، واتصلت (١٣) (١٤) أيامهم بالمدينة .. إلى آخر القصة.

وروى ابن الأثير في الكامل قصة شرب الوليد ، وقال : الصحيح أن الذي جلده هو عبد الله بن جعفر.

وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج (١٥) روايات عديدة في قصة الوليد

__________________

(١) زيادة : واليا ، جاءت في المصدر.

(٢) في المروج : حتى ، بدلا من : إلا أن.

(٣) في حاشية ( ك‍ ) : رجسا نجسا. مروج. وفي المصدر : نجسا رجسا.

(٤) الكلمة مشوشة في ( س ). وجاء في حاشية ( ك‍ ) : واستبد. مروج. ولا توجد في المصدر : أنكرت عليه. وفيه : فاستبد بالأموال.

(٥) في مروج الذهب : كتب به ، بدلا من : أنه كتب.

(٦) في المصدر : هذا.

(٧) جاءت في ( س ) : قصر.

(٨) في مروج الذهب : بظلال سيوفنا. وكذا جاءت في حاشية ( ك‍ ) أيضا.

(٩) خ. ل : بستانا. وكذا جاءت في المصدر.

(١٠) في المصدر : راكبا من أهل الكوفة فذكروا.

(١١) في ( س ) : ومكثا. وفي مروج الذهب : وسألوا عزله عنهم فمكث.

(١٢) في المصدر : لهم ، بدلا من : إليهم.

(١٣) في مروج الذهب : وامتدت.

(١٤) الكامل ٣ ـ ٥٣.

(١٥) شرح النهج لابن أبي الحديد ١٧ ـ ٢٢٧ ـ ٢٤٥ ، وانظر فيه : ٣ ـ ١٢ و ١٧ و ١٨ ، و ٤ ـ ٨١ ، و ٦ ـ ٢٦٩.

١٥٨

وشربه الخمر ونزول الآية فيه .. وغير ذلك حكاها عن كتاب الأغاني (١) لأبي الفرج الأصفهاني.

ومنها : ما رواه أبو الفرج (٢) بإسناده ، عن علي عليه السلام : أن امرأة الوليد بن عقبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله تشتكي إليه الوليد ، وقالت : إنه يضربها ، فقال لها : ارجعي إليه وقولي له : إن رسول الله ... (٣) مد يده وقال : اللهم عليك بالوليد .. مرتين أو ثلاثا (٤).

وعن أبي عبيدة وهشام بن الكلبي والأصمعي أن الوليد تقيأ في المحراب لما شرب الخمر بالكوفة (٥) ، وصلى الصبح أربعا ، وقرأ بالمأمومين رافعا صوته :

علق القلب الربابا

بعد ما شابت وشابا

فشخص بعض (٦) أهل الكوفة إلى عثمان .. إلى آخر القصة (٧).

وعن ابن الأعرابي : أن أبا زبيد وهو أحد ندماء الوليد وفد على الوليد حين استعمله عثمان على الكوفة ، فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب عند باب المسجد واستوهبها منه فوهبها له ، وكان ذلك أول الطعن عليه من أهل الكوفة ، لأن أبا زبيد كان يخرج من داره حتى يشق المسجد إلى الوليد ، فيسمر (٨) عنده ويشرب معه فيخرج ويشق المسجد وهو سكران.

__________________

(١) الأغاني ٤ ـ ١٧٤ و ١٧٥ و ١٧٦ و ١٧٧ و ١٧٨ و ١٧٩ و ١٨٠ و ١٨٢ و ١٨٤ و ١٨٥ و ١٨٧.

(٢) في الأغاني ٤ ـ ١٨٣. وحكاه عنه ابن أبي الحديد في شرحه ١٧ ـ ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

(٣) هنا سقط جاء في شرح النهج وهو : قد أجارني فانطلقت ، فمكثت ساعة ثم رجعت ، فقالت : إنه ما أقلع عني ، فقطع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم هدبة من ثوبه ، وقال : اذهبي بها إليه وقولي له : إن رسول الله قد أجارني ، فانطلقت فمكثت ساعة ثم رجعت ، فقالت : ما زادني إلا ضربا ، فرفع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم يده ثم قال : ..

(٤) وجاء في شرح ابن أبي الحديد ١٧ ـ ٢٣٠ و ٢٥٤ بتصرف وإيجاز أيضا.

(٥) في ( س ) : في الكوفة.

(٦) لا توجد في المصدر : بعض.

(٧) وذكرها ابن أبي الحديد أيضا في شرحه على نهج البلاغة ١٧ ـ ٢٣٠.

(٨) في ( ك‍ ) : فيستمر.

١٥٩

وروي في كتاب الإستيعاب (١) بإسناده ، عن أبي عثمان ، قال : رأيت الذي يلعب بين يدي الوليد بن عقبة فيري أنه يقطع رأس رجل ثم يعيده (٢) ، فقام إليه جندب بن كعب فضرب وسطه بالسيف ، وقال : قولوا له فليحيي نفسه الآن. قال : فحبس الوليد جندبا وكتب إلى عثمان ، فكتب عثمان أن خل سبيله ، فتركه.

وبإسناده عن إبراهيم ، قال : كان ساحر يلعب بين يدي الوليد يريهم أنه يدخل في فم الحمار ويخرج من ذنبه أو من دبره ، ويدخل في است الحمار ويخرج من فيه (٣) ، ويريهم أنه يضرب رأس نفسه فيرمي به ثم يشتد فيأخذه ثم يعيده مكانه ، فانطلق جندب إلى الصيقل وسيفه عنده ، فقال : وجب أجرك فهاته. قال : فأخذه واشتمل (٤) عليه ، ثم جاء إلى الساحر مع أصحابه وهو في بعض ما كان يصنع فضرب عنقه فتفرق أصحاب الوليد ودخل هو البيت ، وأخذ جندب وأصحابه فسجنوا ، فقال لصاحب السجن : قد عرفت السبب الذي سجنا فيه ، فخل سبيل أحدنا حتى يأتي عثمان ، فخلى سبيل أحدهم ، فبلغ ذلك الوليد فأخذ صاحب السجن فصلبه ، قال : وجاء كتاب عثمان : أن خل سبيلهم ولا تعرض لهم ، ووافى كتاب عثمان قبل قتل المصلوب فخلى سبيله (٥).

وقال المسعودي (٦) : ضرب عنق السجان وصلبه بالكناسة.

وقال ابن عبد البر (٧) في ترجمة سعيد بن العاص : كان سعيد هذا أحد أشراف قريش استعمله عثمان على الكوفة ثم عزله ، وولى الوليد بن عقبة فمكث مدة ثم شكاه أهل الكوفة فعزله ورد سعيد فرده أهل الكوفة وكتبوا إلى عثمان : لا

__________________

(١) الاستيعاب ـ المطبوع هامش الإصابة ـ ١ ـ ٢١٨ باختصار ، وجاء بنصه في صفحة : ٢١٩ ـ ٢٢٠.

(٢) في ( ك‍ ) : يعيد ـ بلا ضمير ـ.

(٣) في المصدر : من فمه.

(٤) في الاستيعاب : فاشتمل.

(٥) وذكر القصة المسعودي في مروج الذهب ٢ ـ ٣٣٩ باختلاف.

(٦) مروج الذهب ٢ ـ ٣٣٩.

(٧) في الاستيعاب المطبوع هامش الإصابة ـ ٢ ـ ٩ ـ ١٠ بتصرف.

١٦٠