السيرة القرآنية للإمام الرضا عليه السلام

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي

السيرة القرآنية للإمام الرضا عليه السلام

المؤلف:

الشيخ محمّد جواد المروّجي الطبسي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: العتبة الرضويّة المقدّسة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٧

السيرة القرآنية للامام الرضا عليه‌السلام

التقديم

إنّ القرآن الكريم كتاب سماوي ووحي منزل وكلام إلهي وهدى للمؤمنين. ومن عظم شأن هذا الكتاب العزيز ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعهّد تفسيره و بيان غوامضه وأسراره وهكذا تولّى الأئمة الكرام من بعده هذا المنصب المبارك. هم الذين عدّهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثقل القرآن الكريم.

والإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام أحد هذه الشموس المشرقة الذين فسّروا القرآن الكريم ، فهو عليه‌السلام كما رُوي ، ممّن إعتنى بشأن القرآن الكريم بكل جهة ، قراءة وحفظاً وتدريساً وتفسيراً وتأويلاً ، بحيث نقل الفكر القراني والثقافة القرانية إلى الآخرين بأحسن بيان وأوضح برهان فلا شك أن ما نقدمه الى القراء الأعزاء ما هو إلاّ نزر قليل من ذلك البحر الغزير .. والذى يرسم لنا سيرته القرانية من خلال ما ورد في هذا المجال وقدمنا هذه السيرة في خمسة اتجاهات.

أسأل الله جل وعلا أن يحشرنا مع الثقلين ويأخذ بأيدينا الى ما فيه الخير والصلاح انه خير معين.

محمد جواد الطبسى

قم المقدسة / شهر رمضان / ١٤٣٠

١

الاول ـ الحياة القرآنية للامام الرضا عليه‌السلام

كان الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام يعشق القرآن الكريم وعاش طول حياته في أجواء قرانية فهو الذي أدي إلى أن يبرمج ذلك لحياته الفردية.

بحيث ما جدّد لذلك زماناً ولا مكاناً ، لا ليلاً ولا نهاراً ولا سفراً ولا حضراً لشدة اهتمامه بالكتاب العزيز. والذى يشهد بذلك قراءة النصوص التالية.

١. يختم القرآن في كل ثلاثة ايام

روى الصدوق في الأمالي والعيون عن البيهقي عن الصولي ، عن أبي ذكوان قال : سمعت ابراهيم بن العباس يقول : ما رأيت الرضا عليه‌السلام سئل عن شيء قط إلاّ علمه ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه ، وكان كلامه كلّه وجوابه انتزاعات من القرآن وكان يختمه في كل ثلاث ويقول : لواردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمت ولكنّي مامررت بآية قط إلاّ فكرت فيها وفي أي شىء اُنزلت وفي أيّ وقت فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام. ١

٢. قراءة القرآن في فراشه

روى رجاء بن أبي الضحاك ما شاهده في السفر الذي كان مع الرضا عليه‌السلام إلى مرو قائلاً : وكان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن ، فإذا مرّ بآية فيها ذكر جنة أو نار بكى ، وسأل الجنة وتعوّذ به من النار ، وكان عليه السلام يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار. ٢

٣. ألف ختمة قرآن في ثوب واحد

قال علي بن علي بن رزين أخو دعبل بن علي الخزاعى : رحلنا إليه ـ إلى الرضا عليه‌السلام على طريق البصرة وصادفنا عبدالرحمن بن مهدي عليلاً فأقمنا عليه أياماً ومات عبدالرحمن بن مهدي وحضرنا جنازته و صلى عليه اسماعيل بن جعفر ورحلنا إلى سيدي أنا وأخي دعبل فأقمنا عنده إلى آخر سنة مائتين وخرجنا إلى قم بعد أن خلّع سيدي أبوالحسن

__________________

١ ـ امالي الصدوق ص ٥٩٠ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٨٠ ـ بحار الانوار ج ٤٩ ص ٩٠.

٢ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٨٢ ـ بحار الانوار ج ٤٩ ص ٩٤.

٢

الرّضا على أخي دعبل قميصاً خزّا أخضر وخاتم فضة عقيقاً ودفع إليه دراهم رضوّية وقال له يا دعبل : صِر إلى قم فإنك تفيد بها وقال له : احتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ليلة ركعة وختمت فيه القرآن ألف ختمة.٣

٤. قراءة السور المختلفة في الصلوات

إنّ الرضا عليه‌السلام كان يقرأ السور المختلفة ليلاً ونهاراً في صلواته الواجبة والمستحبة كما رواه لنا رجاء بن أبي الضحاك الذي صاحب الرضا عليه‌السلام من المدينة إلى مرو.

قال : فإذا زالت الشمس قام وصلى ست ركعات يقرأ في الركعة الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ويقرأ في الأربع في كل ركعة الحمد لله وقل هو الله أحد ويسلّم في كلّ ركعتين ويقنت فيهما في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ... ويصلي صلاة جعفر بن ابي طالب عليه‌السلام أربع ركعات يسلّم في كل ركعتين ويقنت في كل ركعتين ... ثم يصلي الركعتين الباقيتين يقرأ في الاولى الحمد وسورة الملك وفي الثانية الحمد وهل أتى على الانسان ... ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع يقرأ في كل ركعة منها الحمد مرّة وقل هو الله أحد ثلاث مرات ويقنت في ثانية ثم يقوم فيصلي الوتر ركعة يقرأ فيها الحمد وقل هو الله احد ثلاث مرات وقل اعوذ برب الفلق مرة واحدة وقل أعوذ برب الناس ... وإذا قرب الفجر قام فصلى ركعتي الفجر ، يقرأ في الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، فاذا طلع الفجر أذّن وأقام وصلى الغداوة ركعتين .. وكانت قراءته في جميع المفروضات في الاولى الحمد واِنا أنزلناه وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، إلاّ في صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة فانه كان يقرأ فيها بالحمد وسورة الجمعة والمنافقين وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة في الاولى الحمد وسورة الجمعة وفي الثانية الحمد وسبّح وكان يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين والخميس في الاولى الحمد وهل أتى على الإنسان وفي الثانية الحمد وهل أتاك حديث الغاشية.

__________________

٣ ـ امالي الشيخ الطوسي ص ٥٣٨.

٣

٥. قراءة بعض الأذكار عقيب بعض السور ٤

وأضاف رجاء بن أبي الضحاك قائلاً : وكان إذا قرأ قل هو الله أحد قال سراً « الله أحد » فاذا فرغ منها قال : كذلك الله ربنا ثلاثاً وكان إذا قرأ سورة الجحد قال في نفسه سراً يا أيها الكافرون فاذا فرغ منها قال : ربي الله وديني الإسلام ثلاثاً وكان إذا قرأ والتين والزيتون قال عند الفرغ منها : سبحانك اللهم بلى وكان يقرأ في سورة الجمعة قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة للذين اتّقوا والله خير الرازقين. وكان إذا فرغ من الفاتحة قال : الحمدلله رب العالمين واذا قرأ سبّح اسم ربك الأعلى ، قال سراً سبحان ربي الأعلى وإذا قرأ يا أيها الذين أمنوا قال : لبيك سراً. ٥

__________________

٤ ـ بحار الانوار ج ٤٩ ص ٩٤.

٥ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٨٠.

٤

الثاني ـ توصيات قرآنية من الرضا عليه‌السلام

ومن دلائل رفعة القرآن وعلوّ شأنه بين المسلمين أنه لا ينبغي لأحدهم أن يهمل القرآن او لا يعتنى بشأنه فكيف بالائمة الهداة الذين كانوا حفظة للدين وحماة لكتاب المبين.

فلذلك كان الرضا عليه‌السلام كواحد من ائمة المسلمين يُرَغِب آحاد الامة الإسلامية على الإهتمام بالقرآن وأن يعملوا الامور التالية كوظيفة اسلامية لا ينبغي التخلف عنها.

١. التعرف بأهمية القرآن

قال عليه‌السلام واصفاً القرآن الكريم : هو حبل الله المتين و عروته الوثقى وطريقته المثلى المؤدي إلى الجنة والمنجي من النار لا يخلق من الأزمنه ولا يفث على الألسنة ، لأنه لم يجعل لزمان دون زمان بل جعل دليل البرهان ، وحجة على كل إنسان ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيمٍ حميد. ٦

٢. طلب الهداية من القرآن الكريم

وكان الرضا عليه‌السلام يوصى أصحابه ومن جملتهم ريّان قائلاً : كلام الله لاتتجاوزوه ولاتطلبوا الهدى في غيره فتظلوا. ٧

٣. ستة من المروّة

روى الصدوق في العيون عن الرضا عن آبائه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ستة من المروة ثلاثة منها في الحضر وثلاثه منها في السفر :

فامّا التي في الحضر فتلاوة كتاب الله تعالى وعمارة مساجد الله اتخاذ الإخوان وامّا التي في السفر فبذل الزاد وحسن الخلق والمزاج في غير المعاصي. ٨

٤. قراءة القرآن بالصوت الحسن

وروى الرضا عن ابيه عن آبائه عن رسول الله : حسّنوا القرآن بأصواتكم ، فإنّ الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً. ٩

__________________

٦ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٣٠. ٨ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ٢٧.

٧ ـ القرآن الكريم في احاديث الرسول واهل بيته الطاهرين ص ١٣١. ٩ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ٦٩.

٥

٥. قراءة القرآن في شهر رمضان

روى المحدث النورى عن فقه الرضا عليه‌السلام قائلاً : واكثروا في هذا الشهر المبارك من قراءة القرآن والصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ١٠

وروى عن أبيه عن آبائه عن علي عن رسول الله في خطبته التي خطبها فى شعبان يقول فيها : ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور. ١١

٦. ختم القرآن في مكة المكرمة

وروى المحدث النوري عن بعض نسخ الفقه الرضوي ، عن الإمام رضا عليه‌السلام قال : فإن قدرت أن لا تخرج من مكة حتى نختم القرآن فافعل فإنه يستحب. ١٢

__________________

١٠ ـ مستدرك الوسائل ج ١ ص ٢٩٤.

١١ ـ فضائل الأشهر الثلاثة ص ٧٧.

١٢ ـ مستدرك الوسائل ج ١ ص ٢٩٤.

٦

الثالث ـ دروس اخلاقيّة في ظل القرآن

بيّن الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام للأمة الإسلامية وعلى الخصوص لأتباع أهل البيت دروساً اخلاقية مستلهمة من القرآن الكريم.

فبيّن عليه‌السلام في بعض لقاءاته مع بعض المنتسبين لآل البيت بأنه لا يكفي الإنتساب بدون العمل لله تبارك وتعالى فعليهم باصلاح النفس قبل فوت الوقت.

١. نقاش تربوي مع زيد بن موسى

روى الصدوق في العيون بسنده عن ياسر انه خرج زيد موسى أخو أبي الحسن عليه‌السلام بالمدينة وأحرق وقتل وكان يُسمّى زيد النار ، فبعث اليه المأمون فأسر وحُمِل إلى المأمون.

فقال المأمون إذهبوا به إلى أبي الحسن. قال ياسر : فلمّا ادخل إليه قال له أبوالحسن : يازيد أغرّك قول سفلة أهل الكوفة : إن الفاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرّم الله ذريّتها على النار ، ذلك للحسن والحسين خاصة. إن كنت ترى إنك تعصي الله عزوجل وتدخل الجنة وموسى بن جعفر عليه‌السلام أطاع الله ودخل الجنة فأنت إذاً اكرم على الله عزوجل من موسى بن جعفر عليه‌السلام ، والله ماينال أحد ما عند الله عزوجل إلاّ بطاعته ، وزعمت أنك تناله بمعصيته ، فبئس ما زعمت.

فقال له زيد : أنا اخوك وابن أبيك.

فقال له أبوالحسن عليه‌السلام : أنت أخي ما أطلعت الله عزوجل ، إن نوحاً عليه السلام قال : ربّ إنّ ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. فقال الله عزوجل : يا نوح إنه ليس من اهلك إنه عمل غيرصالح فأخرجه الله عزوجل من أن يكون من أهله بمعصيته. ١٣

٢. ليس بين الله وبين أحد قرابة

وروى في العيون أيضاً بسنده عن ابراهيم بن محمد الهمداني ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : من أحبّ عاصياً فهو عاص ومن أحبّ مطيعاً

__________________

١٣ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ٢٣٤.

٧

فهو مطيع ، ومن أعان ظالماً فهو ظالم ومن خذل عادلاً فهو ظالم ؛ انه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال أحد ولاية الله إلاّ بالطاعة ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبني عبدالمطلب ايتوني باعمالكم لا بأحسابكم و أنسابكم ، قال الله تعالى : فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ. ١٤

٣. خير منّي من كان أتقى الله وأطوع

وروى أيضاً عن الحاكم الحسين بن احمد البيهقي قال حدثني محمد بن يحيى الصولي قال : حدّثني أبوعبدالله محمد بن موسى بن نصر الرازي قال : سمعت أبي يقول : قال رجل للرضا عليه‌السلام : والله ما على وجه الأرض أشرف منك أباً. فقال التّقوى شرّفهم وطاعة الله أحظتهم. فقال له آخر : أنت والله خير الناس.

فقال له : لا تحلف يا هذا ، خير منّي من كان أتقى الله تعالى وأطوع له والله ما نُسخت هذه الآية : وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ. ١٥

٤. العفو عن محمد بن خالد

روى العياشي عن صفوان قال : أستأذنت لمحمد بن خالد على الرضا عليه‌السلام أبي الحسن وأخبرته أنه ليس بقول بهذا القول ، وأنه قال : والله لاأريد بلقاءه إلاّ لأنتهي إلى قوله.

فقال : أدخله ، فدخل ، فقال له : جعلت فداك انه كان فرط منّي شيء وأسرفت على نفسي ، وكان فيما يزعمون أنه كان يعيبهُ. فقال : وأنا أستغفر الله ممّا كان منّي ؛ فأحبُّ أن تقبل عذري وتغفر لي ما كان منّي ، فقال : نعم أقبل ، إن لم أقبل كان إبطال مايقول هذا وأصحابه ـ وأشار إليّ بيده ـ ومصداق ما يقول الآخرون يعني المخالفين ، قال الله لنبيّه عليه وآله السلام : « فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ، ثم سأله عن أبيه فأخبره أنه قد

__________________

١٤ ـ سورة المؤمنون اية ١٠١.

١٥ ـ نفس المصدر ص ٢٣٦.

٨

مضى واستغفرله. » ١٦

ولا شك ان المقصود من قول الإمام إن لم أقبل كان إبطال مايقول هذا وأصحابه ، اي قول صفوان واصحابه في حق الإمام بأنه صاحب حلم و عفو و ... بحيث لو لم يعفه الامام لقال المخالفون فأين خلق الإمام لماذا لم يعفو عن محمد بن خالد وقد قدّم عذره إليه وطلب منه العفو.

٥. هات إسمه ودع عنك هذا

روى الصدوق في العيون عن البيهقي عن محمد بن يحيى الصولي عن محمد بن يحيى بن أبي عباد قال حدثني عمي قال سمعت الرضا عليه‌السلام يوماً ينشد وقليلاً ما كان ينشد شعراً :

كلنّا نأمل مداً في الأجل

والمنايا هُنّ آفات الأمل

لا تغرنّك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

إنما الدّنيا كظلٍ زائل

حلّ فيه راكب ثم رحل

فقلت لمن هذا أعزّ الله الأمير ؟ فقال لعراقي لكم. قلت أنشدنيه أبوالعتاهية لنفسه. فقال : هات اسمه ودع عنك هذا ، إنّ الله سبحانه وتعالى يقول : ولاتنابزوا بالألقاب ولعلّ الرجل يكره هذا. ١٧

٦. أحسن الظن بالله

روى الكليني عن سهل عن عبيدالله عن أحمد بن عمر قال : دخلت على أبي الحسن الرّضا عليه‌السلام أنا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة. فقلت له : جعلت فداك إنّا كنّا في سعة من الرزق وغضارة من العيش فتغيرت الحال بعض التغيير فادع الله عزوجل أن يردّ ذلك إلينا ، فقال أيّ شيء تريدون تكونون ملكاً ؟ أيسرّك أن تكون مثل طاهر وهرثمة. ١٨ وانك على خلاف ما أنت عليه ؟ قلت لا والله ما يسرّني أن لي الدنيا بما فيها ذهباً وفضة وأني على خلاف ما أنا عليه.

قال : فقال : فمن أيسر منكم فليشكر الله ، إن الله عزوجل يقول لئن شكرتم لأزيدنكم وقال سبحانه وتعالى : اعملوا آل داود شكراً وقليل

__________________

١٦ ـ سورة آل عمران اية ١٥٩.

١٧ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ س ١٧٧.

١٨ ـ امّا طاهر فهو طاهر بن الحسين من اكبر قواد المأمون العباسى وكان من اصحاب الرضا كان متشيعاً ، وامّا هرثمة هو هرثمة بن اعين كان ايضاً من قواد المأمون وكان معروفاً بالتشيع ومحباً لأهل البيت.

٩

من عبادي الشكور ، وأحسنوا الظن بالله. فإن أباعبدالله عليه‌السلام كان يقول: مَن حَسُنَ ظنّه بالله كان الله عند ظنّه به ومن رضي بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل ومن رضي باليسير من الحلال خفّت مؤونته وتنعّم أهله وبَصَّره الله داء الدنيا ودواءها وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام. ثم قال : ما فعل ابن قياما. قال : قلت والله إنه ليلقانا فيحسن اللقاء. فقال : وأيّ شيء يمنعه من ذلك ثم تلا هذه الآية : لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبةً في قلوبهم إلاّ ان تقطع قلوبهم.

قال : ثم قال : تدري لأيّ شيء تحيّر ابن قياما ؟ ١٩

قال : قلت لا ، قال : إنه تبع أباالحسن عليه‌السلام فأتاه عن يمينه وعن شماله وهو يريد مسجد النبي صلى الله عليه وآله ، فالتفت إليه أبوالحسن عليه‌السلام فقال : ماتريد حيّرك الله ، ثم قال : أرأيت لو رجع إليهم موسى فقالوا : لو نصبته لنا فاتبعناه وأقصصنا أثره ، أهم كانوا أصوب قولاً أو من قال : لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع الينا موسى.

قال : قلت : لا بل من قال : نصبته لنا فتبعناه واقصصناه أثره.

قال : فقال : من ها هنا أتى ابن قياما ومن قال بقوله.

قال : ثم ذكر ابن السراج فقال : إنه قد أقّر بموت أبي الحسن وذلك أنه أوصى عند موته فقال : كلّ ما خلّفت من شىء حتى قميصي هذا الذي في عنقي لورثة أبي الحسن عليه‌السلام ولم يقل هو لأبي الحسن عليه‌السلام. وهذا إقرار ولكن أيّ شيء ينفعه من ذلك وممّا قال ثم أمسك ٢٠

__________________

١٩ ـ الكافي ج ٨ ص ٣٤٦.

٢٠ ـ هو الحسين بن قياما رجلاً واقفياً خبيثاً وقيل برجوعه من الوقف.

١٠

الرابع ـ تمسّك الإمام بالقرآن في الأحكام الفقهية

ومن دلائل تمسك الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام بالقرآن الكريم واهتمامه بهذا الكتاب العزيز ، أنه كان يستدل بالأحكام الفقهية بالآيات القرآنية وبكتاب الله جل شأنه.

حيث أشار الحر العاملي في كتاب وسائل الشيعة إلى كثير من تمسّك الإمام الرضا عليه‌السلام بالقرآن الكريم في الأحكام الشرعية ممّا سنذكر بعضها ، حيث لم تسمح لنا هذه الخلاصة الى ذكر كل ماورد عنه عليه السلام. ولذلك نشير إلى الحكم المستفاد والى الآية الشريفة ونترك الباقي ونفسح المجال للقارئ العزيز للمراجعة إلى الكتب المخصصة بذلك :

١ ـ انه استدل بحرمة الغناء متمسّكاً بهذه الآية الشريفة : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً اولئك لهم عذاب مهين. ٢١

٢ ـ واستدل بحرمة أكل مال اليتيم بهذه الآية المباركة : وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريّة ضعافاً خافوا عليهم فليتّقوا الله. ٢٢

٣ ـ واستدل بجواز تصرفات الأب من أموال الإبن بدون اذنه بهذه الآية : يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكورِ. ٢٣

٤ ـ واستدل بجواز قبول الولاية من قِبل الحاكم الجائر ، بآية : اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم. ٢٤

٥ ـ واستدل بحرمة تعليم السحر وأخذ الاجرة عليه بقوله تعالى : وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ. ٢٥

٦ ـ واستدل على وجوب اليقين بأن الله هو الرزّاق بقوله تعالى : وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا. ٢٦

__________________

٢١ ـ وسائل الشيعة ج ١٢ ص ٢٣٠.

٢٢ ـ نفس المصدر ص ١٨١.

٢٣ ـ نفس المصدر ص ١٩٧.

٢٤ ـ نفس المصدر ص ١٤٧ وص ١٥٠.

٢٥ ـ نفس المصدر ص ١٠٧.

٢٦ ـ نفس المصدر ج ١١ ص ١٥٩.

١١

٧ ـ واستدل على استجابة العفو للآخرين بقوله تعالى : فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ. ٢٧

٨ ـ واستدل على وجوب الحج لمرة واحدة بقوله تعالى : فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ؟ ٢٨

٩ ـ واستدل باستحباب صوم ثلاثة أيام في كل شهر بقوله تعالى : مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا. ٢٩

١٠ ـ واستدل على استحباب صدقة الطفل بيده بقوله تعالى : فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ. ٣٠

١١ ـ واستدل بعدم جواز اشتراك الغير في الوضوء عند عدم الضرورة بقوله تعالى : فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا. ٣١

١٢ ـ واستدل على وجوب القضاء والكفار على المريض الذي شفى في شهر رمضان ولم يصم بقية الشهر بقوله : فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. ٣٢

١٣ ـ واستدل على علة وصول خُمس النبي الى الائمة الطاهرين بقوله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى. ٣٣

١٤ ـ واستدل على علة وجوب التكبير في صلاة العيد بقوله تعالى : وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. ٣٤

١٥ ـ واستدل بحرمة الصدقة الواجبة على أهل البيت بقوله تعالى : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ. ٣٥

١٦ ـ واستدل على وجوب الزكاة بقوله تعالى : لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ. ٣٦

وليعلم القارئ الكريم إنّما تركنا وجه استدلال الامام علي بن موسى الرضا بالايات الشريفة على الوجوب او الاستحباب رعاية للإختصار ، فعلى الراغبين المراجعة الى المصادر المذكورة.

__________________

٢٧ ـ نفس المصدر ج ٨ ص ٥١٩.

٣٢ ـ نفس المصدر ج ٧ ص ٢٤٦.

٢٨ ـ نفس المصدر ص ٧.

٣٣ ـ نفس المصدر ج ٦٦ ص ٣٥٩.

٢٩ ـ نفس المصدر ج ٧ ص ٣٠٦.

٣٤ ـ نفس المصدر ج ٥ ص ١٠٥.

٣٠ ـ نفس المصدر ج ٦ ص ٢٦١.

٣٥ ـ نفس المصدر ج ٦ ص ٣٥٩ وص ٣٦٠.

٣١ ـ نفس المصدر ج ١ ص ٣٣٥.

٣٦ ـ نفس المصدر ج ٦ ص ٥.

١٢

الخامس ـ الأجوبة القرانية للأسئلة المطروحة

عاشر الرضا عليه‌السلام طول حياته كثيراً من الناس عالمهم وجاهلهم ، عارفهم والمنكر لحقهم وكان عليه‌السلام يُجيبُ أسئلتهم بما يقتضي حالهم ويحترم عامة الناس وإن جهلوا حقه وتجاسروا عليه.

ويدل على ذلك النصوص التالية :

١. كشف الغوامض للبزنطي

روى الحميري عن ابن عيسى ، عن البزنطي قال : كتبت إلى الرضا عليه‌السلام أني رجل من أهل الكوفة وأنا وأهل بيتي ندين الله عزوجل بطاعتكم وقد أحببت لقاءك لأسألك عن ديني وأشياء جاء بها قوم عنك بحجج يحتجون بها عليّ فيك ، وهم الذين يزعمون أنّ أباك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّ في الدنيا لم يمت ميتتها وممّا يحتجّون به أنهم يقولون إنا سألناه عن أشياء فأجاب بخلاف ما جاء عن آبائه وأقرباءه كذا وقد نفى التقية عن نفسه فعليه أن يخشى.

ثم إن صفوان لقيك فحكى لك بعض أقاويلهم الذي سألوك عنها فأقررت بذلك ولم تنفعه عن نفسك ثم أجبته بخلاف ما أجبتهم وهو قول آبائك عليهم السلام.

وقد أحببت لقاءك لتخبرني لايّ شيء أجبت صفوان بما أجبته وأجبت اولئك بخلافه ؟

فإنّ في ذلك حياة لي وللناس ، والله تبارك وتعالى يقول : « وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا » فكتب بسم الله الرحمن الرحيم : قد أوصل كتابك إلي وفهمت ماذكرت فيه من حبك لقائي وما ترجو فيه ويجب عليك ان اشافهك في أشياء جاء بها قوم عني وزعمت أنهم يحتجون بحجج عليكم ويزعمون أني أجبتهم بخلاف ما جاء عن آبائي ولعمري ما يسمع الصمَّ و لا يهدي العمى إلاّ الله « فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ». إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي

١٣

من يشاء وهو أعلم بالمهتدين. قد قال أبوجعفر : لو استطاع الناس لكانوا شيعتنا أجمعين ، ولكنّ الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق شيعتنا يوم أخذ ميثاق النبيين ، وقال ابوجعفر عليه‌السلام : إنّما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا ومن إذا خفنا خاف ، و إذا آمنّا آمن ، فاولئك شيعتنا ، وقال الله تبارك وتعالى « فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ». ٣٧ وقال الله تعالى وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. فقد فرضت عليكم المسئلة والرد الينا ، ولم يفرض علينا الجواب. قال الله عزوجل فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممّن اتبع هواه بغير هدى من الله. يعني اتخذ دينه رأيه بغير امام من أئمة الهدى .. ٣٨

٢. جواب الشبهات الواردة بالايات القرآنية

روى الصدوق في العيون عن احمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن الصلت ، قال دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت له : يابن رسول الله الناس يقولون : إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا ؟

فقال عليه السلام قد علم الله كراهتي لذلك ، فلمّا خيّرت بين قبول ذلك و بين القتل اخترت القبول على القتل ، ويحهم ، أما علموا أن يوسف عليه‌السلام كان نبيّاً ورسولاً ، فلمّا دفعته الضرورة الى أن تولى خزائن العزيز قال : اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الإشراف على الهلاك على اني ما دخلت في هذا الأمر إلاّ دخول خارج منه فإلى الله المشتكى وهو المستعان. ٣٩ وروى ايضاً بسنده عن الحسن بن موسى قال : روى أصحابنا عن الرضا عليه‌السلام انه قال له رجل أصلحك الله كيف صرت ألى ماصرت إليه من المأمون ؟ وكأنّه أنكر ذلك عليه. فقال له أبوالحسن الرضا عليه‌السلام : ياهذا أيّهما أفضل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم او الوصي ؟ فقال لا بل النبي. قال فأيهما أفضل مسلم أو مشرك ؟

__________________

٣٧ ـ سورة النحل اية ٤٣.

٣٨ ـ قرب الاسناد ص ٢٠٣ ، بحارالانوار ج ٤٩ ص ٢٦٥.

٣٩ ـ عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٣٩.

١٤

قال لا بل مسلم. قال : فان العزيز عزيز مصر كان مشركاً وكان يوسف عليه السلام نبيّاً ، وان المأمون مسلم وأنا وصيّ. ويوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال: اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم وأنا اجبرت على ذلك .. ٤٠

٣. جواب الامام لبعض الصوفية

قال الاربلي : ودخل عليه بخراسان قوم من الصوفية فقالوا له : إن أميرالمؤمنين المأمون نظر فيما ولاّه الله تعالى من الأمر فرآكم أهل البيت أولى الناس بأن تؤموا الناس ونظر فيكم أهل البيت فرآكم أولى الناس بالناس ، فرأى أن يردّ هذا الأمر إليك والامة تحتاج إلى من يأكل الجشب ويلبس الخشن ويركب الحمار ويعود المريض.

قال وكان الرضا متكئاً فاستوى جالساً ثم قال : كان يوسف نبياً يلبس أقبية الديباج المزررّة بالذهب ويجلس على متكئات آل فرعون. ويحكم إنّما يراد من الامام قِسطه وعدله إذا صدق وإذا حكم عدل وإذا وعد أنجز. إنّ الله لم يحرّم لبوساً ومطعماً وتلا. قل من حرّم زينة اللهِ التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. ٤١

٤. التمسك بالقرآن لفضيلة أميرالمؤمنين

قال المفيد في الفصول المختاره : قال المأمون يوماً للرضا عليه‌السلام أخبرني بأكبر فضيلة لأميرمؤمنين عليه‌السلام يدل عليها القرآن.

قال : فقال له الرضا عليه‌السلام فضيلته في المباهلة قال الله جل جلاله « فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَ نِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ » فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين عليهما‌السلام فكانا إبنيه ودعا فاطمة عليها‌السلام فكانت في هذا الموضع نساءه ، ودعا أميرالمؤمنين عليه‌السلام فكان نفسه بحكم الله عزوجل وقد ثبت أنه ليس أحد من خلق الله سبحانه أجل من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأفضل فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عزوجل.

قال فقال المأمون أليس قد ذكر الله الأبناء بلفظ الجمع وانّما دعا

__________________

٤٠ ـ عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٣٨.

٤١ ـ كشف الغمة ج ٣ ص ٤٢٢.

٤٢ ـ أل عمران الآية ٦١.

١٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إبنيه خاصة ودكر النساء بلفظ الجمع وإنّما دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إبنته وحدها ، فَلِمَ لا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ويكون المراد نفسه فى الحقيقة دون غيره فلايكون لأميرالمؤمنين عليه‌السلام ما ذكرت من الفضل. قال : فقال الرضا عليه‌السلام : ليس بصحيح ما ذكرت يا اميرالمؤمنين وذلك أن الداعي إنما يكون داعياً لغيره كما يكون الآمر آمراً لغيره ولايصح أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة كما لايكون آمراً لها في الحقيقة ، واذا لم يدع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً في المباهلة إلاّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله تعالى في كتابه وجعل حكمه ذلك في تنزيله ، قال : فقال المأمون : إذا ورد الجواب سقط السؤال. ٤٣

تم بحمدالله

__________________

٤٣ ـ الفصول المختارة ص ١٧.

١٦

مصادر الكتاب

١. امالي الصدوق

محمد بن علي بن باوية ( الصدوق )

٢. امالي الطوسي

محمد بن الحسن الطوسي

٣. بحارالأنوار

محمد باقر المجلسي

٤. تفسير العياشي

محمد بن مسعود العياشي

٥. عيون اخبار الرضا

محمد بن علي بابوية ( الصدوق )

٦. فضائل الأشهر الثلاثة

محمد بن علي بايوية ( الصدوق )

٧. الفصول المختارة

محمد بن محمد بن النعمان ( الشيخ المفيد )

٨. قرب الأسناد

الحميري

٩. القرآن الكريم

في احاديث الرسول وأهل بيته جعفر الهادي

١٠. كشف الغمة

علي بن عيسى الإربلي

١١. الكافي

محمد بن يعقوب الكليني

١٢. مستدرك الوسائل

الميرزا حسين النوري

١٣. وسائل الشيعة

محمد بن الحسن الحر العاملي

١٧