مصادر الوحي وأنواعه في القرآن الكريم

الدكتور ستار جبر حمّود الأعرجي

مصادر الوحي وأنواعه في القرآن الكريم

المؤلف:

الدكتور ستار جبر حمّود الأعرجي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-78-2
الصفحات: ٢٢٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) هو الإلهام (١) ، وأورده الشيخ الطوسي عن عبد الله بن عباس من الصحابة ، ومجاهد من التابعين (٢) ، واختاره في تفسيره (٣) ومثله الشيخ الطبرسي (٤) ، وأكده العلّامة المجلسي في بحار الأنوار (٥).

ويوضّح الطبري المعنى المراد في هذا الإلهام بقوله في تفسير الآية المذكورة : ( ألهَم ربّك يا محمد النحل إيحاءً إليها أن اتّخذي من الجبال بيوتاً ... ) (٦).

ووافقهم عليه جمع من مفسِّري العامّة كالقاضي عبد الجبّار والزمخشري والفخر الرازي والقرطبي وغيرهم (٧).

كما أنّ أغلب أهل اللغة وعلى رأسهم الخليل الفراهيدي على القول بالإلهام قال الخليل : أوحى ربّك إلى النحل ألهمها ، وأوحى لها معناه : أوحى إليها في معنى الأمر (٨) وهو ما قال به أبو عبيدة أيضاً (٩).

________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٢٦٣.

(٢) التبيان ٦ : ٤٠٢.

(٣) التبيان ٦ : ٤٠٣.

(٤) مجمع البيان ٣ : ٣٧١.

(٥) بحار الأنوار ١٨ : ٢٥٤ ذيل حديث (٣) باب ٩٢ ، و ٩٠ : ١٦.

(٦) جامع البيان ١٤ : ٩٣.

(٧) انظر : تنزيه القرآن عن المطاعن : ٢٢٠ ، والتبيان ٦ : ٤٠٣ ، والكشاف ٢ : ٥٣٦ ، ومجمع البيان ٣ : ٣٧١ ، ومفاتيح الغيب ١١ : ١١٠ ، وجامع أحكام القرآن ١٠ : ١٣٣.

(٨) العين ٣ : ٣٢٠.

(٩) انظر : التبيان ٦ : ٤٠٣.

٢٠١

٢ ـ الإلقاء في النفس : ربط الطبري بين الإلهام والإلقاء في المعنى ، إذ يرى أن الوحي إلى النحل معناه : ألقَ إليها ذلك فألهمها (١). فكأنّه يرى أن طريق إيصال ذلك الوحي هو الإلقاء وإن المعاني إذا انطبعت في نفس النحل واستحقت التعبير عنها بالوحي فهذه المعرفة هي الإلهام على درجات أولها الإلقاء في النفس.

ونقل الطبري ... قال أخبرنا معمر قال : بلغني في قوله : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) : قذف في نفسها (٢).

وعبّر الزمخشري عن الربط بين الصيغتين وما تؤدّيان إليه من معنى هو حقيقتهما بأنّ هذا الوحي إلى النحل يعني : إلهامها والقذف في قلوبها وتعليمها على وجه هو أعلم به لا سبيل لأحد إلى الوقوف عليه (٣). وهذا بلا شك رأي يبيّن القول في كيفية هذا الوحي إلى النحل بأن يؤكّد خفاءَه وأن لا طريق إلى معرفته فهو سر من أسرار خلقتها.

٣ ـ الأمر : حيث عبّروا عن هذا الوحي بأنّه كان بأمره تعالى لها دون بيان كيفية وصول هذا الأمر. عن ابن عباس قال في : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) أمرها أن تأكل الثمرات وأمرها أن تتبع سبل ربها ذللاً (٤). وإجمالاً فإنّ هذه الصيغ عموماً تصب في معنى الإلهام.

ويحلل القاضي عبد الجبار حقيقة هذا الإلهام بتعدد صيغه بأن ما عُبِّر عنه بالوحي إليها لا يدخل تحت مفهوم الوحي الذي يكون للأنبياء عليهم‌السلام وإنّما هو

________________

(١) جامع البيان ٣ : ١٨٣.

(٢) جامع البيان ١٤ : ٩٣.

(٣) الكشاف ٤ : ٤١٧.

(٤) جامع البيان ١٤ : ٩٣.

٢٠٢

الهام بمعنى أنه تعالى ألهمها وخلق فيها العلم بهذه الأشياء ولأنّ العادة جرت في القرآن أن كل أمر يلقى إلى الغير على وجه الخفاء والاستسرار يوصف بأنّه وحي ( ولما كان ما ألهم تعالى النحل على هذا الحد جاز أن يقال أوحى لها ) (١).

وعبر الفخر الرازي عما في أفعال النحل من عجيب التسخير الإلٰهي لها بأن كونه وحيا مُتَمثلٌ في أنه تعالى : قرر في أنفُسِها هذه الأعمال العجيبة التي تعجز عنها العقلاء من البشر (٢).

ويُفَصِّل القرطبي معنى الإلهام المراد هنا بأنه : ما يخلقه الله تعالى في القلب ابتداءً من غير سبب ظاهر ... فمن ذلك البهائم وما يخلقه الله سبحانه فيها من درك منافعها واجتناب مضارها وتدبير معاشها (٣).

فهذا الوحي من خلال التفسيرات المتعدّدة يتبين لنا بوصفه هداية فطرية تتناسب مع حاجات الحيوان ومستلزماته في الحياة طبعه الله عزّوجلّ عليها بالخلقة.

ثانياً ـ الغريزة : يعبّر بعض المفسرين عن تصرفات النحل وما يلاحظ عليها من عجيب الأفعال في مختلف شؤون حياتها بالغريزة التي تخفى عن غيرها وبسبب هذا الخفاء المتمثل فيها عبر عنها في القرآن الكريم بالوحي. قال الحسن البصري : جعل ذلك غرائز بما يخفى مثله عن غيرها (٤).

ويفهم بعض المفسرين المُحدَثين هذا المعنى من خلال ربطه بالإلهام ، فهم يعبرون عما كان من الوحي للنحل وما شابهه في عجيب تصرف سائر

________________

(١) تنزيه القرآن : ٢٢٠.

(٢) مفاتيح الغيب ٢٠ : ٧١.

(٣) جامع أحكام القرآن ١٠ : ١٣٣.

(٤) انظر : مجمع البيان ٣ : ٣٧١.

٢٠٣

الحيوان بـ ( الإلهام الغريزي ) (١).

والغريزة بمفهومها العام الظاهر في سلوك الحيوان يربط بها بعض الباحثين المُحدَثين كل ما يتصرف به الحيوان وتُسيَّر بهديه أفعاله المختلفة دون أن يكون له كسب فيه. فهي هنا : السلوك الذي لا يتعلّمه الحيوان ، فلا تتأتّى بالتعلّم والاكتساب أو المحاكاة والاختيار ، وهي أساس المحافظة على نفسها ووسيلة حصولها على غذائها ومحور أفعالها وبقاء نوعها (٢).

وصلة أفعال النحل بهذا التحديد للغريزة واضحة جلية ونص الآية يظهر أن فيها أمراً إلى النحل باتخاذ البيوت وسلوك السبل ... إلخ.

ومن هذا الملحظ ذهب المفسرون إلى أن مخاطبته تعالى لها بالأمر من أحد وجهين (٣) :

الأوّل : أنه لا يبعد أن يكون لهذه الحيوانات عقول ولا يبعد أن يتوجه عليها من الله تعالى نهي وأمر.

الثاني : قال آخرون : ليس الأمر كذلك بل المراد منه أنه تعالى خلق فيها غرائز وطبائع توجب هذه الأحوال.

ثالثاً ـ التسخير :

يرى الراغب الأصبهاني أن من الوحي ما يكون تسخيراً وهذا هو ما يراد من الوحي إلى النحل وهو يُعرِّف هذا التسخير بأنه : سياقة إلى الغرض المختص

________________

(١) انظر : القرآن والتفسير / د. شحاته : ١٠.

(٢) طبائع الأحياء / عبد الحسين الحسون : ١٤ ، ط ١ ، مطبعة الآداب ـ النجف ( ١٣٩١ هـ ، ١٩٧١م ).

(٣) مفاتيح الغيب ٢٠ : ٧٢.

٢٠٤

قهراً ... فالمُسَخِّر هو المُقيِّض للفعل والسُخريّ هو الذي يُقهَر فيتسخَّر بإرادته (١).

وهذا المعنى يتأكد في القرآن الكريم في قوله تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ... ) (٢) ، و ( وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) (٣). وقال تعالى : ( لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ) (٤).

وبالنظر في مجمل الآراء والتفسيرات المختلفة للوحي إلى النحل نجدها جميعا تنطلق من معنى واحد يجمع بينها وهو أن ما يعبر عنه بالوحي في الآية إنّما يراد به هذه الجبلّة التي يتصرف بها هذا الحيوان العجيب بما أودعه الله فيه من فطرة يهتدي بها في شؤون مسكنه وغذائه ومختلف نواحي حياته. ولا شك أن هذا المعنى يمثل إلهاماً إلهياً ينعكس غريزة عند الحيوان تنطبع بها تصرفاته تتبين الحكمة منه في تسخيره تعالى لهذا الحيوان كما هو في سائر جنسه ليؤدي هذا الدور الذي يؤدّيه وهو الذي عبرت عنه الآيات الواردة بعد آية الوحي للنحل بالمنافع التي خُصّصَت بما تتضمن من شفاء للناس.

والحقيقة أنّ ما يصدر عن هذا الحيوان من وجوه التصرف يلزم منه القول أنها لا يمكن أن تكون إلّا بوحي منه تعالى بالمعنى والتحديد الذي سبق بيانه.

قال الزمخشري : إن تيقنها في صنعتها ولطفها في تدبير أمرها وإصابتها فيما يصلحها دلائل بيّنة شاهدة على أن الله تعالى أودعها علماً بذلك وفطَّنها

________________

(١) المفردات : ٥١٥.

(٢) سورة الجاثية : ٤٥ / ١٣.

(٣) سورة إبراهيم : ١٤ / ٣٣.

(٤) سورة الحج : ٢٢ / ٣٧.

٢٠٥

كما أَولى أُولي العقول عقولهم (١).

ومن عجائب تصرف النحل الدالة على أن ذلك بوحي وعلم إلٰهي لها ما يلتفت إليه الفخر الرازي كبنائها البيوت المسدّسة من أضلاع متساوية لا يزيد بعضها على بعض فالعقلاء لا يمكنهم بناء ذلك إلّا بآلات وأدوات هندسية وإنّ بناء تلك البيوت بغير هذا الشكل المسدّس يترك بينها فرجاً خالية ضائعة ، وغير ذلك من التصرفات تجعله يخلص إلى أن حصول هذه الأمور منها ( ليس إلّا على سبيل الإلهام وهي حالة شبيهة بالوحي لا جرم قال تعالى في حقّها : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) ) (٢).

ولا شك أن مما لا مجال للشك فيه أن ما يصدر عن النحل من تصرفات عجيبة يعجز العقل البشري في كثير من حالاتها عن إيجاد التفسير العلمي لحقيقتها ويُسَلّم أنها إنما فطرت عليها بنوع من أنواع التعليم الإلٰهي المخصوص.

ومما يرد هنا أن العلماء حتى يومنا هذا عاجزون تماما عن تفسير الطريقة التي يهتدي بها النحل إلى الخلية ، فبعد تجارب عديدة ووضع احتمالات أن يكون بواسطة قوة الإبصار أو العلامات الأرضية أو الرائحة توصل العلماء إلى أن النحل قادر على الاهتداء إلى خليته حين تحجب هذه الأمور عنه ويُغَيَّرُ مكان الخلية وكانوا يخلصون من تجاربهم دائماً إلى أن هذا الحيوان في تصرفاته العجيبة في حياته مبني على هذه الصورة بالخلقة مدفوع على ذلك بالطبع ... وأن ما يقوم به ليس بتصرف العقل وإنّما سلسلة مترابطة

________________

(١) الكشاف ٢ : ٤١٧.

(٢) مفاتيح الغيب ٢٠ : ٧١.

٢٠٦

من الأعمال المتكررة التي جبل عليها فهو غير مدرك بها فلو كان في وسعه أن يدرك لوقع في خطأ في عمله أو غَيَّر في منهج سلوكه (١).

وما ورد من ذكر للوحي إلى النحل تعبيراً عن هذه التصرفات التي تصدر منه في مناحي حياته يمكن تعميمه على كثير مما يشابهها في حيوانات أخرى كالطيور والنمل وغيرها وقد امتنعنا عن الخوض في تفاصيل ذلك لعدم ورود صيغة الوحي في القرآن الكريم تعبيراً عن تلك التصرّفات.

هذا بحدود التفسير الظاهر للآية الكريمة ، وهو تفسير مقبول ومعقول لدى الفريقين ، وأمّا الباطن فقد اختصّ به أهل العصمة عليهم‌السلام كما بيّنا ذلك في كتابنا تأسيس الأئمّة عليها‌السلام لأُصول منهج فهم النص القرآني.

ولا بأس هنا بذكر ما يخصّ باطن الآية الشريفة.

عن مسعدة بن صدقة ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال في قوله تعالى : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) (٢) ، قال : « فالنحل : الأئمّة عليهم‌السلام ، والجبال : العرب ، والشجر : الموالي.. الخ » (٣).

وعن حريز بن عبد الله ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) ، قال : « نحن النحل الذي أوحى الله إليه ( أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ) أمرنا أن نتّخذ من العرب شيعة ( وَمِنَ الشَّجَرِ ) يقول : من العجم ( وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) من الموالي. والشراب المختلف ألوانه العلم الذي

________________

(١) طبائع الأحياء : ٢٤.

(٢) سورة النحل : ١٦ / ٦٨.

(٣) تفسير العيّاشي ٢ : ٢٦٣ / ٤٣ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٤ : ١١٢ / ٥ باب (٢٨).

٢٠٧

يخرج منّا إليكم » (١).

وعن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام في قوله عزّوجلّ وذكر الآية نفسها فقال عليه‌السلام : « ما بلغ من النحل أن يُوحى إليها بل فينا نزلت ، فنحن النحل ونحن المقيمون لله في أرضه بأمره ، الجبال شيعتنا ، والشجر النساء المؤمنات » (٢).

وعن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله تعالى : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) قال : « هم الأوصياء عليهم‌السلام » (٣).

وفي بعض الزيارات لأهل البيت عليهم‌السلام الجامعة : « اللّهمّ صلِّ على الفئة الهاشمية والمشكاة الباهرة النبويّة ... الموحىٰ إليه بأكل الثمرات واتّخاذ البيوت من الجبال والشجر ومما يعرشون » (٤).

وتظافر هذه الأخبار يدلُّ على ان للمعنى المذكور أصلاً في أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام.

رابعاً ـ الوحي إلى مظاهر الطبيعة :

ينحصر ذكر الوحي إلى مظاهر الطبيعة في القرآن الكريم في موردين هما : المورد الأوّل : الأرض. المورد الثاني : السماوات وترد إشارة غير مباشرة إلى ما يشترك مع هذا الوحي في بعض عناصره في مظاهر أخرى سيجمل القول فيها بعد هذين الموردين :

________________

(١) تفسير القمّي ١ : ٣٨٧ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٤ : ١١٠ / ١ باب (٢٨).

(٢) بحار الأنوار ٢٤ : ١١٠ ـ ١١١ / ٢ باب (٢٨).

(٣) تفسير فرات الكوفي : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ / ٣١٨.

(٤) بحار الأنوار ٢٤ : ١١١ / ٣ باب (٢٨).

٢٠٨

المورد الأوّل ـ الوحي إلى الأرض :

يرد ذكر الوحي صريحاً إلى الأرض في قوله تعالى : ( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ) (١). والحق أن في الآية مفهومين مهمين يستشف فَهمُ الوحي إلى الأرض من خلال الجمع بين عناصرهما وهما :

أ ـ تحديث الأرض :

تنسب الآية الكريمة إلى الأرض ـ وهي الجماد ـ التحديث بالأخبار ، وهو أمر يرتبط في الأذهان بما يكون من العاقل ، من هنا فللمفسرين في هذا التحديث اتجاهان :

الاتجاه الأوّل : يميل إلى أن نسبة التحديث إلى الأرض تعبير مجازي.

قال الشريف الرضي عنه : إنه استعارة ، فالمراد : ما يظهر فيها من دلائل انقطاع أحوال الدنيا وإقبال أشراط الآخرة ، فيكون ما يظهره الله تعالى فيها من ذلك قائما مقام الإخبار ونائباً عن النطق باللسان (٢). وهذا ما أكده الزمخشري تحديداً ، إذ ذهب إلى أن ما يكون من تلك الأحوال يجعل القائل : ( مالها ) ينظر ( فيعلم لمَ زلزلت ) (٣).

ويجد القائلون بمجازية هذا التحديث سنداً لقولهم بما ذهب إليه سعيد ابن جبير في تفسيره للآية فيما رُوي عنه ، فعنده أن ( تُحدِّثُ ) بمعنى تُنبئ ،

________________

(١) سورة الزلزلة : ٩٩ / ١ ـ ٥.

(٢) تلخيص البيان في مجازات القرآن : ٢٨٢.

(٣) الكشاف ٤ : ٢٧٦.

٢٠٩

وإنباءُ الأرض أخبارُها يعني : إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها (١) وهو التفسير الذي أيّده الطبري وبنى عليه تفسيره للآية بأن معناها : يومئذٍ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرَجَّة وإخراج الموتى ... (٢).

فكان مجمل ما يشتمل عليه هذا الاتجاه في تفسيره لتحديث الأرض أن ما يكون من الأحوال المصاحبة للزلزلة من إخراج الأثقال والارتجاج وإخراج الموتى وغيرها أمور ناطقة بأن الآخرة قد أتت وأن هذه الأحوال ناتجة عن أمره تعالى واقعة بِوَحيه.

الاتجاه الثاني : يرى أصحابه أن التعبير بتحديث الأرض استعمال حقيقي ، وأن المراد منه أن الأرض تتحدث بكلام حقيقي ، عن ابن عباس وابن مسعود : إن تحديث الأرض هو ( أن تتكلم وتقول : إن الله أمرني بهذا ، وأوحَى إليّ به ، وأذِن لي فيه ) (٣).

وقد رُوي في الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبارها أن تشهد على كل عبد وأَمَة بما عَمِلَ على ظهرها » (٤).

أما كيفية هذا الكلام الحقيقي الذي قال هؤلاء بأن الأرض تتحدث به فمجمل آرائهم أنه واقع بأحد الاحتمالات التالية (٥) :

________________

(١) جامع البيان ٣٠ : ١٧١.

(٢) و (٢) جامع البيان / الطبري ٣٠ : ١٧١.

(٣) مجمع البيان / الطبرسي ١٠ : ٥٢٦ ، وبحار الأنوار ٧ : ٩٧.

(٤) انظر : التبيان / الطوسي ١٠ : ٣٩٣ ، والكشاف / الزمخشري ٤ : ٢٧٦ ، وجامع أحكام القرآن / القرطبي ٢٠ : ١٤٩.

٢١٠

١ ـ فإما أنه تعالى يقلبها حيواناً قادراً على الكلام فتتكلم بذلك وتنطق بما عُمِل عليها.

٢ ـ وإما أنه تعالى يُحدثُ فيها الكلام ، فهو كلامه ولكنه يُنسب إليها توسعاً ومجازاً.

٣ ـ أو أن يكون منها بيان يقوم مقام الكلام.

إلّا أن السيد الطباطبائي يستفيد من كون كلام الأرض ونطقها حقيقياً أن الأرض شاعرة بما يقع فيها من الأعمال خيرها وشرها ، متحملة لها يُؤذن لها يوم القيامة بالوحي أن تُحدّث بأخبارها ، وتشهد بما تَحمَّلَت ، وفي ذلك دلالة على سريان الحياة والشعور في الأشياء (١).

ب ـ الوحي إلى الأرض :

قال رؤبة بن العَجّاج :

أوْحى لها القرارَ فاسْتقرَّتِ

وَشَدَّها بالراسِياتِ الثبَّتِ (٢)

يستفيد بعض المفسرين هنا من قوله تعالى : ( أَوْحَىٰ لَهَا ) بمعنى ( إليها ) دليل على أن الوحي يراد به معناه الحقيقي بأنه وحي صادر عنه تعالى مباشرة إلى الأرض بالذات وذلك لأنّ الإيحاء يتعدى بإلى (٣).

وممن نبه إلى ذلك ابن عباس وأبو عبيدة والشيخ الطوسي والزمخشري وغيرهم (٤) وقد اختلف المفسرون في التعبير عن كيفية هذا الوحي

________________

(١) الميزان ٢٠ : ٣٢٤.

(٢) العين ٣ : ٣٢٠.

(٣) الميزان ٢٠ : ٣٢٤.

(٤) انظر : على التوالي : جامع البيان ٣٠ : ١٧١ ، وجامع أحكام القرآن ٢٠ : ١٤٩ ،

٢١١

الحقيقي منه تعالى إلى الأرض : فقد ذهب مجاهد وعبدالله بن مسعود وتابعهما الخليل الفراهيدي إلى أن الوحي لها كان بالأمر (١) أي : أنه تعالى أمر الأرض بالزلزال أمراً مباشراً.

وعبر عنه ابن عباس بأنه تعالى أذِنَ لها بالتحديث (٢). وقال سفيان الثوري : أعلَمَها بذلك (٣). وقال آخرون : بأن الوحي لها هنا تعبير عن التسخير ، فأوحى لها : سَخَّرها (٤).

ويستفيد الشريف الرضي من كونه تعالى قال : ( أَوْحَىٰ لَهَا ) وليس ( إليها ) بأن هذا الوحي لم يكن مباشرة منه تعالى إلى الأرض وإنّما كان بواسطة يراها متمثلة في الملائكة ، فمعنى الآية عنده : أنه تعالى : ( أوحى إلى ملائكته بأن يُظهِروا فيها تلك الأشراط ويُحْدِثُوا فيها تلك الأعلام ) (٥).

أما الزمخشري : فإنّه يرى أن ( الوحي ) في الآية تعبير مجازي ، وأنه تعالى إنما يُحدِثُ تلك الأحداث ( الزلزلة ) التي يستدل منها الرائي لها بأن ما يراه هو بِوَحي منه تعالى (٦).

________________

والتبيان ١٠ : ٣٩٤ ، والكشاف ٤ : ٢٧٦.

(١) انظر : على التوالي : جامع البيان ٣٠ : ١٧١ ، والتبيان ١٠ : ٣٩٤ ، والعين ٣ : ٣٢٠.

(٢) انظر : جامع أحكام القرآن / القرطبي ٢٠ : ١٤٩.

(٣) انظر : جامع البيان / الطبري ٣٠ : ١٧١.

(٤) انظر : جامع أحكام القرآن ٢٠ : ١٤٩.

(٥) تلخيص البيان في مجازات القرآن : ٢٨٢.

(٦) الكشاف ٤ : ٢٧٦.

٢١٢

وذهب مفسرون آخرون منهم العلّامة الطبرسي إلى أن الوحي للأرض معناه الإلهام ، وذلك أنه تعالى ألهمها وعرفها (١).

ويفسر إبراهيم الحربي ( ٢٨٥ هـ ، ٨٩٨م ) فيما نقله القرطبي حقيقة هذا الإلهام بقوله : ( إن لله عزّ وجلّ في الموات قدرة لم يُدرَ ما هي ، لم يأتِها رسول من عند الله ولكن الله تعالى عرفها ذلك : أي ألهمها ) (٢).

إلّا أن الشريف الرضي يستبعد بشدة أن يكون ذلك الوحي للأرض على سبيل الإلهام لأنه إذا كان ذلك جائزاً في الوحي للنحل لأنّها حيوان متصرف ألهمه الله تعالى ما أراد منها فإنّ الوحي إلى الأرض ليس بجار مجرى ذلك ، فلا يصح القول فيها بأنه إلهام لأنّها جماد خامد (٣).

المورد الثاني ـ الوحي إلى السماء :

قال تعالى : ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) (٤). إضافة إلى ما قيل من آراء وتفسيرات في معنى الوحي إلى الأرض مما ينطبق في كثير من جوانبه على الوحي إلى السماء فإنّ الراغب الأصبهاني يجمل الأقوال في الوحي إلى السماء في قولين هما (٥) :

الأوّل : إن المراد منه الوحي إلى أهل السماء خصوصاً وهم الملائكة لأنّهم أهل السماء ، فكان هذا الرأي يحاول أن يربط ذلك بقوله تعالى : ( إِذْ يُوحِي

________________

(١) مجمع البيان ١٠ : ٥٢٦.

(٢) جامع أحكام القرآن ١٠ : ١٣٣.

(٣) تلخيص البيان : ٢٨٢.

(٤) سورة فصلت : ٤١ / ١٢.

(٥) المفردات : ٥١٦.

٢١٣

رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ ... ) (١).

الثاني : إنّ الوحي إلى السماوات على الخصوص فيكون فيه رأيان :

إنه تسخير عند من قال إن السماء غير حيّ ( ليست حية ).

أو أنه نطق ، عند من جعلها حية.

ويرتبط بمعنى الوحي في الآية ما ينطبق على تعبيره تعالى عن ذلك بـ ( القول ) وتصريفاته منسوباً إليه تعالى متوجهاً بالخطاب إلى السماء وكذلك إلى الأرض كما في قوله تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (٢).

فقد ذهب بعض المفسرين فيما نقله ابن دريد إلى أن القول هنا كان لأهل السماوات والأرض وليس لهما تخصيصاً (٣). وقال آخرون : إن القول هنا تعبير مجازي ، وأنه لا قول على الحقيقة وإنّما المراد دلالة ما جعل فيها. فعن السدي أنه قال : جعل فيها ما أراده من مُلك أو غيره (٤).

ويرى الشريف الرضي أن مثل هذا ( القول ) في هذه الآية وأمثالها إنّما هو استعارة بلاغية ، لأنّه لا يصح في السماوات والأرض أن تؤمراً أو تخاطبا ، لأنّ ذلك لا يكون إلّا لمن يعقل فكان المراد من هذه الآيات ( الإخبار عن عظيم قدرة الله تعالى وسرعة مضي أمره ، ونفاذ تدبيره ، ووقوع أوامره سبحانه من غير معاناة ولا كلفة ولا لغوب ولا مشقة ).

________________

(١) سورة الأنفال : ٨ / ١٢.

(٢) سورة فصلت : ٤١ / ١١.

(٣) انظر : جمهرة اللغة ٩ : ١١٢.

(٤) انظر : التبيان / الطوسي ٩ : ١١٢.

٢١٤

ويتطابق رأي كل من الشيخ الطوسي (١) والزمخشري (٢) مع ما ذهب إليه الشريف الرضي في ذلك.

الوحي في مظاهر أخرى :

من نظائر الحالات التي عبر عنها بالوحي والقول إلى السماء والأرض ترد حالات تقترب منها في بعض عناصرها مما يكون من أحوال مخصوصة في ظواهر كونية ومعجزات وخوارق ودلالات في مظاهر الطبيعة ، ومن ذلك ما يرد في مثل قوله تعالى : ( فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) (٣). فالآية في مقام بيان إحدى ظواهر معجزات موسى عليه‌السلام حين خروجه ببني إسرائيل من مصر ، ويستفيد بعض المفسرين هنا ـ في إشارة إلى الصلة بين الوحي والمعجزة ـ أن هذا الانفلاق للبحر كان بوحي إلٰهي فعن محمد بن إسحاق وآخرين : أوحى الله تعالى ـ فيما ذُكِر ـ إلى البحر : إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق (٤).

وإذا ما أردنا أن نحصي أمثال هذه الحالات فإنها كثيرة متناثرة هنا وهناك في نصوص الآيات مما يشتمل على أوجُه مشتركة مع عناصر الوحي المنسوب له تعالى إلى بعض مظاهر الطبيعة كالأوامر الإلهية المعبر عنها بألفاظ ( القول ) و ( الأمر ) و ( التسخير ) وتصريفاتها.

________________

(١) التبيان ٩ : ١١٠.

(٢) الكشاف ٣ : ٤٤٥.

(٣) سورة الشعراء : ٢٦ / ٦٣.

(٤) انظر : جامع البيان / الطبري ١٩ : ٥٠.

٢١٥

وخلاصة القول في الوحي إلى مظاهر الطبيعة أن التفسيرات غالباً ورغم تعددها تحاول الوصول إلى أن هذا الوحي يتمثل في التسخير لتلك المظاهر بمعنى تذليلها وجعل سيرها بمقتضى أوامره تعالى فيها.

وهذا بلا شك تفسير لا اعتراض عليه إلّا أنه لا يكفي لتفسير الوحي الذي نصت عليه الآيات ، أنه كائن في أحوال ومظاهر مخصوصة بمحيط وزمان معين ، فَأن يكون سير نظام الكون على هذا الطريق والنظام المعروف بما يتحكم به من قوانين طبيعية فهذا تسخير لا شك فيه ولا نريد الخوض في ماهيته ، ولكن الوحي الموصوف في الآيات مراده ولا شك ما يقع في تلك الأحوال المخصوصة التي تذكرها الآيات كالوحي في زلزلة الأرض ، وإخبارها ، وانفلاق البحر لموسى عليه‌السلام ... إلخ.

فالوحي هنا كما يرى الباحث يحمل معنى الوحي حقيقة بكل ما يتوافر عليه من عناصر ومقومات الوحي في اللغة من معاني الإلقاء في خفاء والسرعة وهي متمثلة بوضوح في تلك الأحداث والمظاهر الكونية ، وهي في كل هذا تنبئ عن شعور يسري في هذه المظاهر الطبيعية تتلقى به الأمر الإلٰهي وحياً وتمتثل له بالطاعة.

٢١٦

المحتويات

مقدّمة المركز ..................................................................  ٥

مقدّمة المؤلِّف .................................................................  ٧

الباب الأوّل

مصادر الوحي في القرآن الكريم ......................  ١١

الفصل الأوّل

الوحي الإلهي .......................................  ١٣

أوّلاً : نسبته إليه تعالى ........................................................  ١٣

ثانياً : صلته بالغيب ...........................................................  ١٤

ثالثاً : حكمته وغاياته .........................................................  ٣٣

رابعاً : أهميته ................................................................  ٣٤

خامساً : طرق الوحي الإلٰهي وأنواع متلقيه ......................................  ٣٦

الفصل الثاني

الوحي الشيطاني ....................................  ٣٩

أوّلاً : حقيقة الشيطان ........................................................  ٣٩

ثانياً : طبيعة الوحي الشيطاني ..................................................  ٤١

ثالثاً : الوحي ودعاوى إلقاء الشيطان ...........................................  ٤٩

٢١٧

رابعاً : علامات الوحي الشيطاني ...............................................  ٦٢

خامساً : أنواع الوحي الشيطاني ................................................  ٦٥

١ ـ الوسوسة ...............................................................  ٦٥

٢ ـ النزغ ...................................................................  ٦٧

٣ ـ المس ...................................................................  ٦٨

٤ ـ الهمز ...................................................................  ٦٩

٥ ـ الأزّ ...................................................................  ٧٠

سادساً : مراتب التأثير الشيطاني ...............................................  ٧١

الفصل الثالث

الوحي من مصادر أُخرى .............................  ٧٣

أولاً ـ الوحي البشري ........................................................... ٧٣

أ ـ وحي زكريا عليه‌السلام إلى قومه ..................................................  ٧٣

ب ـ وحي شياطين الإنس ....................................................  ٧٧

ثانياً : الوحي الملائكي .......................................................  ٧٩

ثالثاً : وحي مظاهر الطبيعة ....................................................  ٨٣

الباب الثاني

الوحي مِنْ حَيث المتلقِّي .............................  ٨٧

توطئة .......................................................................  ٨٧

الفصل الأوّل

الوحي النبويّ العام الوحي إلى الأنبياء والرسل عليهم‌السلام        ٨٩

٢١٨

أوّلاً ـ معنى النبي والرسول لغة واصطلاحاً .......................................  ٨٩

١ ـ المعنى اللغوي ............................................................  ٨٩

٢ ـ المعنى الاصطلاحي .......................................................  ٩١

١ : الأنبياء عموماً ممن بعث إلى الأُمم والشعوب والبلدان والقبائل                     ٩٧

٢ : الرسل ذوو الشرائع الكبرى ...............................................  ٩٨

ثانياً : خصائص النفس النبوية ( المتلقية للوحي ) ..............................  ١٠٢

ثالثاً : صور الوحي النبوي العام ..............................................  ١٠٥

الصورة الأولى للوحي : الإلهام وصيغه ........................................  ١٠٥

الأنبياء الموحى إليهم بهذه الصورة ...........................................  ١٠٩

الصيغة الأولى : الوحي .....................................................  ١١١

الصيغة الثانية : من الصيغ التي عبَّر بها القرآن الكريم هي : التلقّي                    ١١٩

الصيغة الثالثة : المناداة .....................................................  ١٢١

الصيغة الرابعة : الرؤيا في المنام .............................................  ١٢١

الصيغة الخامسة : كلمة « قل » وتصريفاتها المنسوبة إلى الله تعالىٰ                   ١٢٢

الصيغة السادسة : العهد ....................................................  ١٢٣

الصيغة السابعة : التفهيم ....................................................  ١٢٣

الصورة الثانية للوحي ـ التكليم من وراء حجاب ................................  ١٢٥

أوّلاً : معنى التكليم والحجاب ...............................................  ١٢٥

ثانياً : المخصوص بالتكليم والحجاب ........................................  ١٣٠

خصائص الوحي الموسوي ( التكليم ) ........................................  ١٣٢

الصورة الثالثة ـ الوحي بواسطة الملك .........................................  ١٣٨

٢١٩

رابعاً : المبادئ العامة للوحي النبوي العام .....................................  ١٤١

الفصل الثاني

الوحي المحمدي ..................................  ١٤٥

المبحث الأوّل : وحي القرآن ...............................................  ١٤٦

الصيغة الأولى : نزول الملك به .............................................  ١٤٦

الصيغة الثانية : النزول على القلب ...........................................  ١٥١

الصيغة الثالثة : نزول الوحي مفرقاً ............................................. ١٥٣

الشكل الأوّل : النزول المتفرّق ............................................... ١٥٥

الشكل الثاني : النزول جملة واحدة ........................................... ١٥٨

المبحث الثاني صور الوحي المحمدي وأقسامه ................................  ١٥٩

الصورة الأولى : الرؤيا الصادقة ..............................................  ١٥٩

الصورة الثانية : الوحي بواسطة المَلَك ........................................  ١٦١

أوّلاً : أشكال الوحي بواسطة الملك ..........................................  ١٦٢

١ : مواجهة جبريل عليه‌السلام للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في صورته الملكية الحقيقية ...................  ١٦٣

٢ : تمثّل الملك في صورة بشرية ...............................................  ١٦٤

الأولى ـ تمثّله في صورة شخص معروف للنبيّ والصحابة ........................  ١٦٤

الثانية ـ تمثّله في صورة بشرية غير معروفة ......................................  ١٦٥

ثانياً : ملامح الوحي الملكي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ..................................  ١٦٧

الصورة الثالثة : الوحي الإلهامي ..............................................  ١٧٤

الصورة الرابعة : الوحي المباشر ..............................................  ١٧٥

أقسام الوحي ...............................................................  ١٧٦

٢٢٠