لمحات في أحكام الشريعة الإسلاميّة

السيد فاضل الموسوي الجابري

لمحات في أحكام الشريعة الإسلاميّة

المؤلف:

السيد فاضل الموسوي الجابري


الموضوع : الفقه
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-31-5
الصفحات: ١٤٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

Description: image001

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المركز

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين.. وبعد.

اتّصفت أحكام الشريعة الإسلامية ـ زيادة على مرونتها وكمالها وصلاحيّتها لكلّ عصر وجيل ـ بصفات أهّلتها لأن تحتل أرفع المواقع بين التشريعات الأخرى سماوية كانت أو وضعية ، حيث أروت ضمأ الإنسان في جانبه الروحي من دون إرهاق أو رهبانية كما في العبادات ، وتلبية حاجاته وانتظام حياته في المعاملات ، وتشريع ما يناسب كلّ حالة ، مع لحاظ المؤثّرات الخارجية الطارئة على الحكم الشرعي وبيان التكليف عند وقوعها ، كالاضطرار ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) ، والإكراه ( إلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيْمَانِ» و ( إلاّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ). كلّ هذا مع التأكيد على جانب اليسر وعدم العسر ( يُرِيْدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ونفي الحرج والمشقّة ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّيْنِ مِنْ حَرَجٍ ) ، مع ربط أداء التكليف بالقدرة عليه والاستطاعة ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيْضا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ( وَلاَ عَلَى الْمَرِيْضِ حَرَجٌ ) ، ( وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيْلاً ) ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ ) ، وهكذا لا تجد في شريعة الإسلام تكليفاً بما لا يطاق أبداً ( لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسا إلّا وُسْعَهَا ) ، و ( لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسا إلّا مَا آتَاهَا ) وكلّ هذا من رفق الشريعة بالإنسان وعلم المشرّع الأقدس بضعفه وتقلّبه من حال إلى حال ، ومن هنا جاءت أحكامه المقدّسة برمّتها سهلة سمحة ، وفي الحديث المشهور ، « أتيتكم بالشريعة السهلة السمحة ».

وقد استمدّ الفقهاء من روح الشريعة الإسلامية قواعدهم الفقهية لتعبّر هي الأخرى عما اتّصفت به أحكام الشريعة من يسر وسهولة ، كقاعدة الحلّية ( كلّ شيء حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه ) ، وقاعدة الطهارة ( كلّ شيء طاهر حتى

٣

تعلم أنّه قذر) ، وقاعدة الصحّة (كلّ شيء صحيح ـ من معاملة أو غيرها مما يتّصف بالصحّة والفساد ـ حتى يثبت فساده ) ، وقاعدة الفراغ والتجاوز في خصوص بعض موارد الشك في الصلاة ، وغيرها من القواعد الفقهية الأخرى التي انطلقت من إطار يُسْرِ التشريع وبيان روعة أحكامه.

ولأجل أن تصان أحكام الشريعة الغرّاء من الاختلاط بالبدع والأهواء ، ولأجل أن لا تقع الأمة فريسة الاختلاف والتباغض لابدّ وأن يكون للشريعة نفسها إسهام فاعل في تحديد المرجعية العلمية للأمّة بكلّ وضوح ودقّة ؛ لكي تُمَيّز وتُعرَف وتؤخذ منها معالم الدين نقيّةً صافية بعيدة عن الشُّبَه والأوهام وأضغاث الباطل ، وإلّا ستكون الشريعة نفسها قد أغرت ـ وحاشاها ـ بهذا الاختلاف الواسع الذي لا يعقل أن يكون من الدين لما فيه من تناقض وتضاد !

ومن هنا نجد القرآن الكريم قد حدّد تلك المرجعية وصفا ، والسنّة النبوية تشخيصا ، ولو لم يكن من السنّة إلاّ حديث الثقلين الشريف «كتاب الله وعترتي أهل بيتي » لكان كافياً في معرفة الْـمُـؤَمِّنِ الوحيد للنجاة وعدم الضلال إلى يوم القيامة ، بل لو لم يكن في السُّنَّة إلّا حديث السفينة لأوجب كلّ مسلم عاقل على نفسه دخولها خشية من الغرق ، وكفى بذلك حجّة لمن تمسّك بها ، والعقل يحكم بحسن عقاب العبد على تقدير مخالفتها ، وقبح عقابه على تقدير موافقتها حتى مع فرض عدم إصابته الواقع.

ومن هنا تمسّك الشيعة بقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بيان تلك الحجّة بعده ، ولهم في وجوب التمسّك بها ما يشاطرهم بروايته وتصحيحه سائر المسلمين ، ومع هذا كلّه نرى فقهاءهم لا يأخذون بأي حكم سابق حتى ولو ادّعي اجماع الشيعة عليه ما لم يتأكّدوا بأنفسهم من سلامته ، إذ لابدّ عندهم من التدبّر والنظر في المنقول والمعقول بكلّ حكم شرعي ، ولهم في حال تطبيقه من لدن عامّة المذهب تقليد الفقيه الأعلم حتى مع فرض اكتفائه في مقام الفتوى بالإجمال الشرعي لو لم يتمّ العثور

٤

على دليل الحكم تفصيلاً.

لقد مرّ الفقه الشيعي بعصور علمية مختلفة وبرزت في سمائه طاقات فقهية عملاقة عبّرت عن تطوّره ، ومن وجهة نظر مؤرّخي الفقه الشيعي عُدَّ الشيخ الطوسي ( ت / ٤٦٠ هـ ) الحدّ الفاصل بين العصر العلمي التمهيدي الذي شقّ طريقه فقهاء الغيبة الصغرى ( ٢٦٠ ـ ٣٢٩ هـ ) ، ومن جاء بعدهم ، والعصر العلمي الكامل الذي أصبح فيه للفقه دقّته وصناعته وذهنيّته العلمية الخاصّة ، إذ كان قبل عصر الشيخ مقتصرا في الغالب على أصول المسائل المعطاة في النصوص مباشرة ، وهو ما يسمى بالفقه الروائي في قبال الفقه المستنبط الذي شهد في زمان الشيخ ممارسات فقهية اشتملت على التفريع والتفصيل والمقارنة بين الأحكام وتطبيق القواعد العامّة ، مع تتبّع أحكام مختلف الحوادث والفروض على ضوء المعطيات المباشرة للنصوص والقواعد الأصولية الثابتة بعيدا عن القياس والاستحسان وما شابه ذلك.

وقد امتازت بعض الجهود الفقهية قبل زمان الشيخ بكثافتها ودقّتها ، كجهود ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل ، والشيخ المفيد ، والسيد المرتضى مما مهّدت للشيخ الطوسي أن يؤسّس لممارسة فقهية من طراز رفيع.

ولعلّ ما ذكره الشيخ في ديباجة كتابه ( المبسوط ) يعدّ وثيقة تاريخية مهمّة تكشف للباحث عن هاتين المرحلتين العلميّتين في تاريخ الفقه الشيعي.

ومما ساعد على نموّ الفقه الشيعي وتطوّره ودقّة استنباطه وكثرة مدارسه الفقهية عبر التاريخ والتي لم تزل قائمة إلى اليوم هو فتح باب الاجتهاد.

ومن مميّزات الفقه الشيعي أنّه لم يستمدّ فقهاء الشيعة دوافع البحث العلمي الفقهي من حاجات الجهاز الحاكم بل من حاجات الناس الذين آمنوا بإمامة أهل البيت عليهم‌السلام ، حيث كانوا ولا زالوا يرجعون إلى فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام في معرفة أحكام الشريعة ، وبهذا توفّرت للفقه الشيعي عوامل النمو بحكم فتح باب

٥

الاجتهاد أوّلاً ، وعلاقة الشيعة بفقهائهم ثانياً ، حيث كانت تلك العلاقة تشدّ الفقيه بقاعدته وتدفعه إلى معرفة حاجاتها المتزايدة ، ممّا أدّى هذا إلى أن تميّز الفكر الفقهي الشيعي بشموليّته وسعته بحيث لم يترك ملحظاً كلّياً أو جزئياً ـ له صلة بحياة الفرد أو المجتمع ـ إلّا وبيّن حكمه بمنتهى الدقّة والتفصيل ، وبحيويته المتجدّدة ، وتفاعله المستمر مع حياة الناس ، ولم يكن عقيماً جامداً لا يمتلك في ضوابطه وقوانينه ما يجعله قادراً على مواكبة العصر في موضوعاته المتنوّعة وحوادثه المستجدة. وهكذا استطاع الفقه الشيعي الوصول إلى ذروة النضج والكمال مع احتفاظ مدارسه كلها بالبنى الأساسية التي تحفظ للفقه مصادر استنباطه على الرغم من تجدّده على الدوام ، في حين توقّفت المدارس الفقهية الأخرى بعد أن شلّت السلطة حركتها بغلق باب الاجتهاد قبل أكثر من ألف عام !!

ويظهر ممّا قدّمناه أنّ كتاب ( لمحات في أحكام الشريعة الإسلامية ) لن يكون بديلاً عن الرسائل العملية المعاصرة بوجه من الوجوه ، وإن كان لا يختلف عنها إلّا من حيث ضغط العبارة واختصارها ووضوحها واختيار الأنسب فالأنسب وترك ما عداه ، مع اعتماد المتّفق عليه والمشهور بين فقهاء الشيعة ، وتسليط الضوء على أبرز مسائل الخلاف في الفقه الإسلامي بإطاره الواسع ، ومعالجتها بطريقة علمية موضوعية ، وهكذا استطاع هذا الكتاب أن يوضّح معالم الفقه الإسلامي على ضوء مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام ويخرج من المسائل الحساسة بنتائج باهرة..

آملين أن يصل إلى أهدافه ، ويتوفّق في تحقيق غاياته.

وما التوفيق إلاّ من عند الله

مركز الرسالة

٦

المُقدَّمةُ

الحمد لله الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء والصلاة والسلام علىٰ خير أهل الأرض والسماء محمّد وآله سادة الأوصياء.

على فترة من الرسل وفي بقعة من الأرض قاسية في جميع مجالاتها وبين ثلّة من البشر تعيش جاهلية مدقعة وتنعدم فيها الحضارة والتعليم وفي ظلام حالك ما بعده ظلام انبثقت شمس الإسلام العظيم برائده محمّد بن عبداللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء بدين إلهي هو خاتم الأديان ، ورسالة سماوية هي أكمل الرسالات وفكر وثقافة ونظم تبهر العقول ، ومنهج متكامل جذب القلوب والأبصار ، فحوّل ذلك الظلام إلى نهار وتلك الأرض اليباب إلى واحة خضراء. وإذا بأولئك البشر الجهلاء يتألّقون في مجالات شتىٰ. حيث زوّدهم الدين الجديد معرفياً برؤية كونية منطقية متميزة من خلال تفسيره للمبدأ والمعاد والغاية من وجود العالم والإنسان وبهذا أخرج الانسان من براثن الخرافة والجهل حيث كان يعتقد بأن العالم وجد صدفة أو أنه بلا غاية عقلائية حكيمة. وزودهم تشريعياً بأكبر وأشمل منظومة تشريعية وقانونية غطّت جميع مجالات الحياة الإنسانية ووضعت لكل موضوع حكماً وقانوناً ، فقد نظّمت للإنسان علاقته بخالقه وما يجب عليه فعله في أيام حياته من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها من العبادات. ونظّم لهم المعاملات من بيع وشراء واجارة وشركة وغيرها. وعلى الصعيد الاجتماعي ، فصل هذا الدين الجديد أحكام الزواج والطلاق والنسب والأولاد وغيرها. بل وشمل التشريع المجالات المتعلّقة بالطبيعة والحيوان والمأكل والمشرب والمسكن وتميّزت تشريعاته بمنظومة قانونية وجزائية أرست دعائم العدل وحقوق الناس ، وبكلمة جامعة لم يدع هذا الدين مجالاً من مجالات حياة الإنسان إلّا وقد جعل له حكما ونظماً وقانوناً.

والفقه الإسلامي هو الذي يستطيع بلورة هذه المنظومة العظيمة ويجعلها مرنة ومتحرّكة تنعطف بانعطاف الزمان والمكان وتسير مع الإنسان أين ما سار ، فقد استلهم الفقهاء من زمن الغيبة الصغرى وإلى اليوم من أسس هذه الشريعة التي ابتدأ غرس

٧

أشجارها الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله وامتدّت إلى الأئمّة الطاهرين من أهل البيت عليهم‌السلام حيث رفدوا الشريعة بأحكام كثيرة وبلوروا أصولاً جديدة كانت سببا في امتداد التشريع وعدم انقطاعه برحيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبذلك تميّز فقه مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام عن باقي الاتجاهات الإسلامية الأُخرى التي توقّف مصدر التشريع عندهم بوفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي لم تسع حياته المباركة التي كانت زاخرة بالجهاد والدعوة إلى الله أن يغطي كل الموضوعات الموجودة في زمنه فضلاً عن الآتية بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن أجل ذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يمتد خط الرسالة بكل تفاصيله ـ عدا الوحي ـ إلىٰ ذرّيته الطاهرين لتوكل إليهم مهمة إكمال ما بدأه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من تبليغ الأحكام وهداية الناس بعد أن أعطاهم الله عزّوجلّ كل ما يحتاجون إليه في هذا الدور من العلم والعصمة والقدرة الكبيرة ، وقد بين ذلك للأمة وأشار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليهم بأسمائهم وأوصافهم ، وأمر باتّباعهم والتمسّك بعروتهم وركوب سفينتهم لأنهم عدل القرآن والثقل الآخر لطريق النجاة من الضلال والانحراف فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديثه المتواتر : « إني مخلّف فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتىٰ يردا عليّ الحوض ». إلىٰ غير ذلك من النصوص التي طفحت بها كتب المسلمين وصحاحهم ، واستُدِلَّ بها في علم الكلام على إمامتهم وولايتهم.

ومن هنا احتضن فقهاء الإمامية فقههم عليهم‌السلام ؛ لأنه فقه الإسلام بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنىٰ ، وما نريده هنا هو عرض الخطوط العريضة للفقه الإمامي بلمحات كلية ـ تاركين التفاصيل إلى الكتب الأخرىٰ في ذلك ـ في هذا الكتاب الصغير دون التعرّض للآراء والاجتهادات الخاصة وإنما اعتمدنا في هذا العرض علىٰ رأي المشهور من فقهاء الطائفة ، وأعرضنا عن التطرّق إلى المسائل التي لم يعد لموضوعاتها وجود في هذا الزمن كالعبيد والإماء وغيرها مع التأكيد على ان هذا البحث لا يكون بديلاً بوجه عن الرجوع إلى الرسائل العملية في مقام العمل ، ولا مُغْنِياً عن الكتب التفصيلية لمن يريد التعمّق في الفقه الإمامي وما توفيقي إلّا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب.

٨

مدخل البحث

سنتناول في هذا المدخل جملة من الأُمور التي ينبغي التعرّض لها قبل الخوض في عرض موضوعات الفقه ووسائله وهي :

أولاً : الفقه في اللغة والاصطلاح

الفقه في اللغة : الفهم والعلم (١). ولعلّ منه قوله تعالىٰ : ( قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ ) (٢). أي لا نفهم ولا نعلم.

وأما في اصطلاح الفقهاء ، فالفقه يعني عندهم : العلم بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية. وأرادوا بهذا التعريف أن علم الفقه هو العلم المتكفل بالبحث عن الأحكام الشرعية التي تتعلق بأعمال المكلفين (٣).

______________

(١) صحاح الجوهري : مادة فقه.

(٢) سورة هود : ١١ / ٩١.

(٣) زبدة الأصول / السيد الروحاني ١ : ٥١ ، إيضاح الفوائد / فخر المحققين ابن العلّامة ٢ : ٢٦٤ ، قوانين الأصول / الميرزا القمي : ٦.

٩

ثانياً : دور الفقه في الحياة

اتّسمت الشريعة الإسلامية بأنها عالمية في كل جوانبها تبعاً لعالمية الإسلام التي تستند إليه. وهي قادرة علىٰ رفد الإنسان بكل القوانين التي من شأنها أن تنظّم حياته بما يكفل له السعادة في الدينا والفوز بالآخرة. وقد شرّع الله تعالىٰ هذه الشريعة بحيث تصلح للتطبيق والإنسجام مع مختلف حالات الإنسان في أقصى أبعادها. وهي بذلك رسالة عامة عالمية للناس جميعاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

قال تعالى : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) (١).

وقال عزّوجلّ : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ ) (٢).

أضف إلى ذلك فإن هذه الشريعة الغرّاء قد تميّزت بخصائص جعلتها صالحة للبقاء والشمول ، فهي الشريعة السمحاء التي لا يشق على الإنسان العمل بها وإتباع قوانينها لابتنائها على اُسس موضوعية مرنة تراعي ظروف الإنسان وحاجاته الضرورية. وهي بذلك منسجمة تماماً مع فطرة الإنسان وعقله وعواطفه.

قال تعالىٰ : ( لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) (٣) ، وقال عزّوجلّ : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٤) ، وقال سبحانه : ( وَمَا

______________

(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ١.

(٢) سورة سبأ : ٣٤ / ٢٨.

(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٨٦.

(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٨٥.

١٠

جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١).

ومما يصور لنا عناية الشريعة بالإنسان في كل عصر ، أحكامها ، إذ توزعت على نوعين :

الأول : الأحكام الأوّلية ، وهي الأحكام التي لا يختلف فيها الإنسان في زمان دون زمان أو مكان دون آخر كوجوب العبادات من الصلاة والصيام والزكاة وغيرها. والحقوق وحرمة الجرائم التي تخصّ النفس أو العرض أو المال. لأن وجوب العدل وحرمة الظلم أمر ثابت في كل زمان ومكان لا يتغيّر أو يتبدّل.

الثاني : الأحكام الثانوية ، وهي التي جُعلت في الشريعة للحالات الاستثنائيّة التي تعرض على الفرد المسلم أو تطرأ على المجتمع الإسلامي حيث أوكل تشخيص الموضوع إلى الفرد في ما يخصّه وإلى الفقيه الجامع للشرائط فيما يتعلّق بالأمور العامّة.

والميزة الأُخرى للشريعة الإسلامية إنها تستند في وجودها إلى الله تعالى الذي هو الخالق للإنسان والعالم بكل مصالحه ومفاسده الحالية والمستقبلية في الدنيا والآخرة. وإلى ذلك أشار تعالى بقوله : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (٢) ، وهي بذلك تختلف عن القوانين البشرية المعرضة للخطأ دائماً. والواقع أثبت فشل تلك القوانين وتناقضها بل وأضرارها بالإنسان ومصالحه الواقعية. بخلاف الشريعة الغراء التي تعطي للإنسان الحلول المناسبة بما يضمن له

______________

(١) سورة الحج : ٢٢ / ٧٨.

(٢) سورة الملك : ٦٧ / ١٤.

١١

السعادة الواقعية لا الموهومة. وحينما نقول أنها تستند إلى الله تعالى نقصد بذلك إنها مستمدة من الكتاب المجيد والسنّة النبوية الشريفة التي هي مجموعة أحاديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأفعاله وتقريراته وبعده أوصياءه الطاهرين.

ومن هنا نعلم بأن الفقه الذي هو فهم الشريعة وبيان الأحكام الشرعية المتعلّقة بأفعال المكلّفين له دور بالغ في رسم خريطة المنظومة القانونية والسلوكية لحياة الإنسان بكل أبعادها. ولذا يتوجّب علىٰ كل مسلم التفقّه في الدين ومعرفة أحكام الله عزّوجلّ ؛ ولذا أكّدت النصوص الدينية بشكل كبير واهتمام بالغ علىٰ حثّ كل المسلمين على ذلك كقول الإمام الصادق عليه‌السلام : « عليكم بالتفقّه في دين الله ولا تكونوا أعراباً ، فإنه من لم يتفقّه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً » (١).

ثالثاً : مميزات فقه أهل البيت عليهم‌السلام

اشتهر الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في أنّ أُمّته ستفترق من بعده إلى ثلاث وسبعين فرقة ، وأخبر أنّ فرقة واحدة منها فقط هي الفرقة الناجية. ثمّ أخبر صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في حديث الثقلين المتّفق عليه ـ بأنّ من تمسّك من الأمّة بالكتاب والعترة فإنّه سوف لن يضلّ من بعده أبداً.

وقد أُسِّست المعارف الدينية عند الشيعة الإمامية على أساس الكتاب والسنّة النبوية الواصلة عن طريق العترة الطاهرة ويأتي في طليعتها العقائد والفقه. ونحن لا نريد ـ هنا ـ أن نبحث الموضوع من جهته الكلامية ؛ لأن لذلك

______________

(١) المحاسن / البرقي ١ : ٢٢٥ ، الكافي / لثقة الإسلام الكليني ١ : ٣١.

١٢

حقله الخاص من علم الكلام والتاريخ. وإنما نريد أن نطل على آفاق مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام في المجال الفقهي وما تميّزت به مدرستهم المباركة.

فبعد أن حقّقت هذه المدرسة المباركة تفوّقاً واضحاً في الحقل العقائدي من خلال تثبيت دعائم العقيدة الصحيحة على أُسس ثابتة وركائز راسخة ، جلّت أن تخالطها الرؤى النسبية ، وتنزّهت أن تمازجها إيحاءات اللامعقول ، فطفقت مهيمنة علىٰ من سواها من الاتجاهات الفكرية. نراها أرست أقوى الدعائم وأمتنها في المجال الفقهي بنفس المستوى. فكان أهل البيت عليهم‌السلام الينبوع الدفّاق الذي تعبُّ من معينه العذب الأُمة بسائر قطاعاتها حتّى أن الجهات السلطوية كثيراً ما كانت تلجأ إليهم لحلّ بعض المعضلات للخروج من الإحراجات التي كانوا يقعون فيها على صعيد الفتوىٰ والقضاء.

ولقد تجسّدت فيهم المرجعية الدينية بحقّ ، ومن بيت الوحي كانت الانطلاقة لبيان وتبليغ أحكام الله ، فقد قاموا بنشر الثقافة الدينية والفقهية العامة علىٰ نطاق واسع ، وبوضع الأُسس لنواة مدرسة فقهية أصيلة تستمد أصالتها من أرتباطها بالنهج الصحيح للإسلام كتاباً وسنّة ، وتبتني على الأُصول المتينة علىٰ وفق الشريعة بمنهج علمي منطقي متناسق.

وهكذا فقد تميّز الفقه الإمامي باعتماده علىٰ كتاب الله العزيز وسنّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المحفوظة والمدوّنة عند عترته الطاهرة والمروية من أتباعهم الصادقين الضابطين ، في الوقت الذي فقد الآخرون مثل هذا النبع الصافي مدّة طويلة ضاع فيها كلّ شيء نتيجة السياسة الغاشمة ، واختلط الحقّ بالباطل بتفشّي الوضع في الحديث

١٣

والكذب الكثير على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولهذا اضطرّوا إلى استعمال القياس (١) والاستحسان (٢) والمصالح المرسلة (٣) إلى غير ذلك من الاستنباطات الظنّية ، لأجل قلّة النصوص الصحيحة وندرتها عندهم مع كثرة الاحتياج إلى الفروع الفقهية الجديدة.

كما أنّ أهم ما يمتاز به الفقه الإمامي هو سعة منابعه الحديثية بفضل عطاء العترة الذي دام ٢٥٠ سنة بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما كان يفقد الآخرون مثل هذا المنبع الواسع الزاخر المستمر.

كما أن أهم ما يمتاز به هو نقاوة المصدر الذي كان يشكّل الركيزة الأساسية للفقه الإمامي بعد القرآن الكريم بفضل ما تتمتّع به العترة الطاهرة من العصمة التي دلّت عليها آية التطهير بوضوح ، فضلاً عن أدلّة المعقول والمنقول. ومن هذه الشجرة الطيبة الراسخة الجذور المتصلة بالنبوة نتجت هذه الثمرة وهي « الفقه

______________

(١) القياس المقصود هنا هو : التماس العلل للأحكام الشرعية من طريق العقل البشري وجعلها مقياسا لصحة النصوص التشريعية ! فما وافقها فهو حكم الله الذي يؤخذ به وما خالفها كان موضعا للرفض والتشكيك. راجع : اُصول الفقه المقارن / السيد محمّد تقي الحكيم : ٢٩٢.

(٢) المقصود من الاستحسان هو ما يستحسنه المجتهد بطبعه أو بعادته أو نحو ذلك من دون أمارة شرعية. راجع : الموسوعة الفقهية الميسرة / الشيخ محمّد علي الأنصاري ٢ : ٤١٠.

(٣) المصالح المرسلة ليس لها تعريف جامع ، والاستصلاح عند بعضهم : نوع من الحكم بالرأي المبني على المصلحة وذلك في كلّ مسألة لم يرد في الشريعة نصّ عليها. راجع الأصول العامّة للفقه المقارن : ٣٨٢.

١٤

الإمامي ».

وامتاز أيضاً بالسعة والشمولية والعمق والدقّة والانسجام الكامل مع الروح الإسلامية ، والنقاوة والبرهنة الساطعة والقدرة علىٰ مسايرة مختلف العصور ومستجداتها في الإطار الإسلامي دون تخطّي الحدود المرسومة لها (١).

وامتاز أيضاً بفتح باب الاجتهاد في كلّ زمان ومكان ، حيث لم تغلق الأبواب دونه ، ولم يتحجّر في زاوية من زوايا التاريخ ليفقد سمة التجدّد والابداع كما هو الحال في تاريخ فقه العامة.

كما امتاز الفقه الإمامي بعدم الاجتهاد بالرأي المحض التي يعتمد على الاستحسانات الذوقية والظنون اللاشرعية.

رابعاً : دور الاجتهاد في خلود الشريعة

الاجتهاد في الاصطلاح الفقهي هو : ملكة تحصيل الحجج على الأحكام الشرعية أو الوظائف العملية شرعية أو عقلية (٢).

إذا عرفنا هذا نقول : إن مما لا يقبل الانكار أن بقاء الدين في كلا حقليه العقائدي والتشريعي إنما هو نتيجة الجهود المبذولة في سبيل صقل العقيدة وتنمية الشريعة فلو كان المسلمون يقتصرون على أخذ ما وصل إليهم عن طريق الوحي من دون تكرير وتقرير أو تدبّر وإمعان وبحث ونقاش لزال الدين واندرس ولم يبقَ منه خبر ولا أثر.

______________

(١) تذكرة الأعيان / الشيخ جعفر السبحاني : ٢٢٦.

(٢) مصباح الأُصول / السيد محمد سرور البهسودي : ٤٣٤.

١٥

يقول السيد الشهيد محمّد باقر الصدر قدس‌سره : « إن حركة الاجتهاد تتحدّد وتكسب اتجاهاتها ومعالمها على أساس عاملين وهما : عامل الهدف ، وعامل الفن ، ومن خلال ما يطرأ علىٰ هذين العاملين من تطوّر وتغيير تتطور الحركة نفسها.

وأقصد بالهدف : الأثر الذي تتوخّىٰ حركة الاجتهاد ويحاول المجتهدون تحقيقه وايجاده في واقع الحياة. وأريد بالفن : درجة التعقيد والعمق في أساليب الاستدلال التي تختلف في مراحل الاجتهاد تبعاً لتطور الفكر العلمي » (١).

وفي خصوص الهدف من حركة الاجتهاد يقول الشهيد الصدر قدس‌سره في ذلك : « أظن أننا متّفقون علىٰ خط عريض للهدف الذي تتوخّاه حركة الاجتهاد وتتأثّر به وهو تمكين المسلمين من تطبيق النظرية الإسلامية للحياة ، لأن التطبيق لا يمكن أن يتحقّق ما لم تُحَدِّد حركة الاجتهاد معالم النظرية وتفاصيلها » (٢).

وقد حرصت المدرسة الفقهية الإمامية ـ خلافاً للمدارس الأُخرىٰ ـ علىٰ فتح باب الاجتهاد منذ القرون الأُولىٰ. بل حتىٰ في زمن الأئمة عليهم‌السلام ، حيث كان هناك ثلّة من طلبتهم الذين كانوا مؤهّلين لاستنباط الأحكام الشرعية وإفتاء الناس ، وكان أهل البيت عليهم‌السلام يوعزون لهم بذلك كقول الإمام الصادق عليه‌السلام

______________

(١) مجلة فقه أهل البيت إصدار مؤسسة دائرة المعارف الإسلامية ـ قم ـ العدد الأول. السنة الأُولى : ١٣.

(٢) المصدر السابق : ١٤ ـ ١٥.

١٦

لكبار طلابه : « إنما علينا أن نلقي إليكم الأُصول وعليكم أن تُفرّعوا » (١). وقيل للإمام عليه‌السلام : « لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني. أفيونس بن عبدالرحمن ثقة ، أآخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني ؟ فقال : نعم » (٢). بل أكثر من ذلك أمر الإمام الصادق عليه‌السلام بعض طلابه بالفتيا في مسجد المدينة كأبان بن تغلب حينما قال له : « اجلس في مسجد المدينة وافت الناس فأني أُحب أن يُرىٰ في شيعتي مثلك » (٣).

ومن هنا يقول الدكتور حامد حفني داود فيما كتبه من تقريض لكتاب عقائد الإمامية للشيخ المظفر ، مشيراً إلى أهمية الاجتهاد ودوره في الفقه الشيعي الإمامي : « أمّا علماء الشيعة الإمامية فأنهم يبيحون لأنفسهم الاجتهاد في جميع صوره ... ويصرون عليه كل الإصرار ولا يقفلون بابه دون علمائهم في أي قرن من القرون حتىٰ يومنا هذا. وأكثر من ذلك نراهم يفترضون بل يشترطون وجود المجتهد المعاصر بين ظهرانيهم ، ويوجبون على الشيعة اتباعه رأسا دون من مات من المجتهدين ما دام هذا المجتهد المعاصر استمدّ مقومات اجتهاده ـ أُصولها وفروعها ـ ممن سلفه من المجتهدين وورثها عن الأئمة كابراً عن كابر. وليس هذا ما يلفت نظري ويستهوي فؤادي في قولهم بالاجتهاد ، وإنما الجميل والجديد في هذه المسألة أن الاجتهاد على النحو الذي نقرأه عنهم يساير سنن

______________

(١) وسائل الشيعة / الحرّ العاملي٢٧ : ٦١ / ٥١ باب٦ ، أبواب صفات القاضي ح٥١.

(٢) اثصدر السابق باب ١١ ح٣٣ ، كذلك ٢٧ : ١٤٧ / ٣٣ باب ١١ أبواب صفات القاك¨.

(٣) رجال النجاشي : ١٠ ، الفهرست / الشيخ الطوسي : ٥٧.

١٧

الحياة وتطوّرها ويجعل النصوص الشرعيّة حيّة متحرّكة نامية متطوّرة تتمشّىٰ مع نواميس الزمان والمكان فلا تجمد ذلك الجمود المضمد الذي يباعد بين الدين والدنيا أو بين العقيدة والتطوّر العلمي وهو الأمر الذي نشاهده في أكثر [ بل جميع ] المذاهب التي تخالفهم. ولعلّ ما نلاحظه من كثرة عارمة في مؤلّفات الإمامية وتضخّم مطّرد في مكتبة التشيّع راجع إلىٰ فتح باب الاجتهاد علىٰ مصراعيه » (١).

خامساً : هيكلية الفقه الإمامي

تقع الأحكام الفرعية الشرعية في الفقه الإمامي علىٰ قسمين وهما :

الأول : العبادات. ويدخل فيها : أحكام المياه ، والوضوء ، وآداب التخلي ، وأحكام الغسل ، وأقسام الغسل ، والحيض ، والاستحاضة ، والنفاس ، وأحكام الأموات ، والتيمم ، والنجاسات ، والمطهّرات ، وعادة ما تبحث هذه الأمور في أوّل العبادات تحت عنوان ( الطهارة ) ثم يأتي بعدها بحث الصلاة ، والزكاة ، والخمس ، والصوم ، والاعتكاف ، والحجّ ، والعمرة ، وأعمال المدينة المنوّرة ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والوقف ، والصدقة.

ودخول الوقف والصدقة في العبادات بلحاظ نية القربى ، ويدخلان في

______________

(١) عقائد الإمامية / الشيخ المظفّر : ١٨. والدكتور حامد حفني داود هو أُستاذ الأدب العربي بكلية الألسن بالقاهرة والمشرف على الدراسات الإسلامية بجامعة عليكرة بالهند.

١٨

العقود باعتبار آخر.

وقد تناولت العبادات في الباب الأول في ثلاثة فصول.

الثاني : المعاملات : وتقع على ثلاثة أقسام وهي :

١ ـ العقود ، ويدخل فيها : التجارة وآدابها ، البيع وأقسامه من النقد والنسيئة ، والسلف ، والصرف ، والربا ، وبيع الثمار والحيوان ، والخيارات ، والشفعة ، والإجارة ، والمزارعة ، والمساقاة ، والجعالة ، والسبق ، والرماية ، والشركة ، والمضاربة ، والوديعة ، والعارية ، والضمان ، والحوالة ، والكفالة ، والدين ، والرهن ، والصلح ، والوكالة ، والهبة ، والصدقة ، والوقف ، والسكنىٰ ، والعمرى ، والوصية ، والنكاح وتوابعه : كالرضاع والقسم والنشوز وأحكام الأولاد والنفقات والخلع والمبارات والمكاتبة.

٢ ـ الإيقاعات ، ويدخل فيها : الإقرار ، والطلاق ، وتوابعه : كأحكام العِدّة والظهار والإيلاء واللعان ، ويدخل في الإيقاعات أيضاً : العتق ، والتدبير ، والإيْمان ، والنذور ، والعهود.

٣ ـ الأحكام ، ويدخل فيها : اللقطة ، والغصب ، وإحياء الموات ، والحجر ، والكفارات ، والصيد ، والذباحة ، والأطعمة والأشربة ، والميراث ، والقضاء ، والشهادت ، والحدود ، والتعزيرات ، والقصاص ، والديات.

* * *

وقد تناولنا المعاملات في الباب الثاني وجعلنا لكل قسم من أقسامها

١٩

فصلاً مستقلاً به ، مراعين بذلك الاختصار والاقتصار على المطالب الفقهية المهمة وترك ما عداها ، مع انتخاب المشهور والمجمع عليه دون سواه ، كالآتي :

٢٠