الصحيفة الصادقية

باقر شريف القرشي

الصحيفة الصادقية

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

« يا ميسر ادع ، ولا تقل إن الامر قد فرغ منه ، أن عند الله عزوجل ، منزلة لا تنال إلا بمسألة ، ولو أن عبدا سد فاه ، ولم يسأل ، لم يعط شيئا ، فسل تعط ، يا ميسر ، إنه ليس من باب يقرع ، إلا يوشك أن يفتح لصاحبه .. » (١).

إن الامام عليه‌السلام اراد من الانسان المسلم ، أن يرتبط بخالقه ، في جميع شوؤنه وأحواله ، فبيده تعالى ، العطاء والحرمان ، ومن فاز بالاتصال به فقد فاز بخير عميم.

الدعاء عبادة :

واعتبر الامام الصادق عليه‌السلام ، الدعاء ضربا من ضروب العبادة ، ونوعا من أنواعها فقال :

« الدعاء هو العبادة ، التي قال الله عزوجل : « إن الذين يستكبرون عن عبادتي » (٢) ، أدع الله عزوجل ، ولا تقل ، إن الامر قد فرغ منه ، فان الدعاء هو العبادة.

وعلق الفقيه الكبير زرارة على الجملة الاخيرة ، من كلام الامام. قال : إنما يعني لا يمنعك ايمانك بالقضاء والقدر ، أن تبالغ بالدعاء ، وتجهد فيه (٣).

الدعاء يدفع القضاء :

وحث الامام الصادق عليه‌السلام ، على الدعاء ، لانه من جملة الاسباب ، التي يستدفع بها البلاء ، وقد أدلى عليه‌السلام بذلك ، بمجموعة

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٦٦.

٢ ـ سورة غافر : آية ٦٠.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٦٧.

٢١

من الاحاديث من بينها :

أ ـ قال عليه‌السلام : « إن الدعاء يرد القضاء ، ينقضه كما ينقض السلك ، وقد أبرم إبراما. » (١).

ب ـ قال عليه‌السلام : « إن الله عزوجل ، ليدفع بالدعاء الامر الذي علمه ، أن يدعي له فيستجيب ، ولولا ما وفق العبد من ذلك الدعاء ، لاصابه ما يجتثه من جديد الارض. » (٢).

ج‍ : ـ قال عليه‌السلام : « الدعاء يرد القضاء ، بعدما أبرم إبراما ، فاكثروا من الدعاء ، فانه مفتاح كل رحمة ، ونجاح كل حاجة ، ولا ينال ما عند الله عزوجل إلا بالدعاء ، وإنه ليس باب يكثر قرعه ألا يوشك أن يفتح لصاحبه .. » (٣).

وحكت هذه الاحاديث غن أهمية الدعاء ، وأنه من الاسباب الفعالة في دفع البلاء المبرم.

الدعاء شفاء من الداء :

إن الدعاء وصفة روحية ، وهو من أوكد الاسباب في ازالة الامراض ، فإن له تأثيرا بالغا في الشفاء من كل داء ، وقد قررت البحوث الطبية الحديثة ذلك ، واكدت ان الطب الروحي ، من أهم الاسباب في إزالة الامراض المستعصية ، خصوصا الامراض النفسية ، وقد اكتشف الامام الصادق عليه‌السلام ، هذه الظاهرة ، فقال للعلاء بن كامل :

« عليك بالدعاء فانه شفاء من كل داء .. » (٤).

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٦٧.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٠.

٣ ـ اصول الكافي ٢ /.

٤ ـ اصول الكافي ٢ /.

٢٢

آداب الدعاء :

وضع الامام الصادق عليه‌السلام ، منهجا خاصا لآداب الدعاء ، فعلى المسلم السير على ضوئه ، يقول عليه‌السلام :

« إحفظ أدب الدعاء ، وانظر من تدعو ، وكيف تدعو ، وحقق عظمة الله وكبرياءه ، وعاين بقلبك علمه ، بما في ضميرك ، وإطلاعه على سرك ، وما تكون فيه من الحق والباطل ، واعرف طرق نجاتك وهلاكك ، كي تدعو الله بشيء فيه هلاكك ، وأنت تظن أن فيه نجاتك ، قال الله تعالى : « وَيَدْعُو الانسَانُ بِالشرِّ دُعَاءَهُ بالخَيْرِ ، وكان الانسَانُ عَجُولاً » وتفكر : ماذا تسأل؟ وكم تسأل؟ ولماذا تسأل؟!.

والدعاء : إستجابة الكل منك للحق ، وتذويب المهجة في مشاهدة الرب ، وترك الاختيار جميعا ، وتسليم الامور كلها ، ظاهرا وباطنا ، إلى الله تعالى فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الاجابة ، فانه يعلم السر وأخفى ، فلعلك تدعوه بشيء ، قد علم من سرك خلاف ذلك .. » (١).

ووضع الامام عليه‌السلام في هذا الحديث ، المناهج لآداب الدعاء ، التي منها أن يتأمل الداعي ، ويفكر بوعي في عظمة من يدعوه ، ويرجو منه أن يفيض عليه بقضاء حوائجه ، وعليه أن يعرف ، أنه يدعو خالق الكون ، العالم بخفايا النفوس ، وأسرار القلوب ، كما أن على السائل ، أن يمعن في مسألته ، وينظر في أبعادها ، لكي لا يدعو بما فيه هلاكه ، وكذلك عليه ، أن يسلم جميع أموره ، ظاهرها وباطنها لله تعالى ، من بيده العطاء والحرمان ، وعلى الداعي أن يراعي بدقة هذه الآداب ، فان أهملها فلا ينتظر الاجابة من الله.

__________________

١ ـ البحار ١٩ / ٤٤ طبع حجر.

٢٣

إستجابة الدعاء :

أدلى الامام الصادق عليه‌السلام ، بكوكبة من الاحاديث ، أعرب فيها ، عن الاسباب الموجبة لاستجابة الدعاء ، وهذه بعضها :

أ ـ الاقبال على الله :

من أهم الاسباب في استجابة الدعاء ، أن يقبل الداعي على الله تعالى بقلبه ، وأن لا يكون دعاؤه بلسانه ، وقلبه مشغولا بشؤون الدنيا ، وقد أعلن الامام الصادق عليه‌السلام ذلك بقوله :

« إن الله عزوجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه. فإذا دعوت فاقبل بقلبك ، ثم استيقن الاجابة .. » (١).

وقال عليه‌السلام لبعض اصحابه :

« إذا دعوت فاقبل بقلبك ، وظن حاجتك بالباب .. » (٢).

إن اتجاه الانسان بقلبه وعواطفه ، في حال دعائه ، شرط أساسي ، في نجاح دعائه.

ب ـ التضرع إلى الله

من الشروط في إجابة الدعاء : إبتهال الداعي ، وتضرعه أمام الله تعالى ، وقد ذم الله الذين لا يتضرعون إليه ، قال تعالى : « ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ». (٣) وقد سئل الامام الصادق عليه‌السلام ، عن كيفية الابتهال إلى الله في أثناء الدعاء ، فقال : الابتهال رفع

__________________

١ ـ اصول الكافي.

٢ ـ اصول الكافي.

٣ ـ سورة المؤمنين ـ آية ٧٥.

٢٤

اليدين ، ومدهما وذلك عند الدمعة ، ثم أدع. (١).

جـ ـ الثناء على الله :

وينبغي للداعي ، قبل أن يشرع في دعائه ، أن يمجد الله ، ويذكر الطافه ، ونعمه عليه ، ثم بعد ذلك يدعو ، وقد أثرت عن الامام الصادق عليه‌السلام ، في ذلك ، مجموعة من الاحاديث منها :

١ ـ قال عليه‌السلام : إذا طلب أحدكم الحاجة ، فليثن على ربه ، وليمدحه ، فان الرجل ، إذا طلب الحاجة من السلطان ، هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه ، فإذا طلبتم الحاجة ، فمجدوا الله العزيز الجبار ، وامدحوه ، وأثنوا عليه تقول :

« يا أجْوَدَ مَنْ أعْطَى ، وياخَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، يا أَرْحَمَ مَنْ استًرْحِمَ ، يا أَحَدُ ، يا صَمَدُ ، يا مَنْ لم يَلِدْ ، ولم يُولَدْ ، ولم يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، يا مَنْ لم يَتَّخِدْ صَاحبةً ولا وَلَداً ، يا مَنْ يَفْعَلُ ما يَشَاءُ ، وَيَحْكُمُ ما يُرِيد ، وَيَقْضِي ما أَحَب ، يا مَنْ يَحُولُ بَبْنَ المَرءِ وَقلْبِهِ ، يا مَنْ هُوَ بالمنْظَرِ الأعلََى ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، يا سَمِيعُ يا بَصِيرُ.

ثم أوصى الامام ، بالاكثار من ذكر أسماء الله تعالى ، والصلاة على النبي وآله ، وبعد ذلك أمر بالقول :

اَلْلّهُمَ ، أَوسِعْ عَلَيَّ مِن رِزْقِكِ الحَلاَلِ ، ما أَكُفُّ بِهِ وَجْهِي ، وأَؤدي بِهِ أَمانَتي ، وَأَصِلُ بِهِ رَحِمي ، وَيَكُونُ عَوْناً لي في الحَجِّ وَالعُمْرَةِ .. » (٢).

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٨٥.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٨٤.

٢٥

٢ ـ قال عليه‌السلام : « اياكم ، إذا أراد أحدكم ، أن يسأل ربه شيئا من حوائج الدنيا والآخرة ، حتى يبدأ بالثناء على الله عزوجل ، والمدح له ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يسأل الله حوائجه .. » (١).

٣ ـ روى الفقيه الكبير محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن في كتاب الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان المدحة قبل المسألة ، فإذا دعوت الله عزوجل فمجده ، قلت : كيف أمجده؟ قال : تقول :

« يَاَ مَنْ هُوَ أَقرَبُ إليَّ مِن حَبْلِ الوَرِيدِ ، يا فَعَّالاً لِمَا يُرِيدُ ، يا مَنْ يَحُولُ بَين المَرْءِ وَقَلْبِهِ ، ويا مَنْ هُوَ بالمَنْظَرِ الاَعْلى ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيْءٌ .. » (٢).

٤ ـ قال عليه‌السلام : « إذا إردت أن تدعو فمجد الله عزوجل ، وأحمده ، وسبحه ، وهلله ، وأثن عليه ، وصلى على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم سل تعط .. » (٣).

د ـ الالحاح في الدعاء :

من الامور ، التي لها الاثر في إجابة الدعاء ، الالحاح في الدعاء ، وكثرة السؤال من الله وقد أعلن ذلك الامام الصادق عليه‌السلام بقوله :

« إن الله عزوجل ، كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة ، وأحب ذلك لنفسه ، إن الله عزوجل يحب أن يسأل ، ويطلب ما عنده .. » (٤).

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٨٥.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٨٥.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٨٧.

٤ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٥.

٢٦

هـ ـ اجتماع المسلمين :

من الاسباب المؤدية لاستجابة الدعاء ، إجتماع المسلمين في دعائهم ، وتضرعهم إلى الله تعالى ، وقد أعلن ذلك الامام الصادق عليه‌السلام بقوله :

« ما من رهط أربعين رجلا ، إجتمعوا فدعوا الله عزوجل في أمر ، إلا إستجاب لهم ، فان لم يكونوا أربعين فأربعة ، يدعون الله عزوجل ، عشر مرات ، إلا استجاب لهم ، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة ، فيستجيب الله العزيز الجبار له .. » (١) إن إجتماع المسلمين له موضوعية في نجاح الدعاء واستجابته ، وقد أكد الامام الصادق عليه‌السلام ذلك ، في كثير من أحاديثه ، وقد قال : كان أبي ، إذا أحزنه أمر ، جمع النساء والصبيان ، ثم دعا ، وأمنوا (٢).

و ـ الصلاة على النبي وآله :

وأعلن الامام الصادق عليه‌السلام ، أن من موجبات إستجابة الدعاء ، ونجاحه ، الصلاة على النبي وآله ، قال عليه‌السلام :

« لا يزال الدعاء محجوبا ، حتى يصلي على محمد وآل محمد. » (٣).

وقال عليه‌السلام : من دعا ولم يذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، رفرف الدعاء على رأسه ، فإذا ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، رفع الدعاء (٤) لقد جعل الله تعالى الصلاة على نبيه العظيم ، من الوسائل الفعالة ، في استجابة الدعاء.

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٨٧.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٨٧.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٩١.

٤ ـ اصول الكافي : ٢ / ٤٩١.

٢٧

ز ـ تسمية الحاجة :

وينبغي للداعي ، أن يذكر حاجته ، في إطار دعائه ، قال الامام الصادق عليه‌السلام : « إن الله تبارك وتعالى ، يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، ولكنه يحب أن تبث إليه الحوائج ، فإذا دعوت فسم حاجتك .. » (١).

ح ـ أوقات الدعاء :

وأدلى الامام الصادق عليه‌السلام ، بمجموعة من الاحاديث ، عن الاوقات التي يرجى فيها إجابة الدعاء ، وهي :

١ ـ قال عليه‌السلام : « أطلبوا الدعاء ، في أربع ساعات : عند هبوب الرياح ، وزوال الافياء (٢) ، ونزول القطر ، وأول قطرة من دم القتيل المؤمن ، فان أبواب السماء تفتح ، عند هذه الاشياء (٣).

٢ ـ قال عليه‌السلام : يستجاب الدعاء في أربعة مواطن : في الوتر ، وبعد الفجر ، وبعد الظهر ، وبعد المغرب (٤).

٣ ـ قال عليه‌السلام : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إغتنموا الدعاء عند أربع : عند قراءة القرآن ، وعند الاذان ، وعند نزول الغيث ، وعند إلتقاء الصفين للشهادة (٥).

٤ ـ قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خير وقت دعوتم الله عزوجل فيه الاسحار ، وتلا هذه الآية في قول يعقوب : « سوف

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٦.

٢ ـ الافياء : جمع فيئ وهو رجوع الظل.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٤ ٧٧.

٤ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٧.

٥ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٧.

٢٨

أستغفر لكم ربي » قال : « أخرهم إلى السحر » (١).

٥ ـ قال عليه‌السلام : كان أبي ، أذا طلب الحاجة ، طلبها عند زوال الشمس ، فإذا أراد ذلك ، قدم شيئا فتصدق به ، وشم شيئا من طيب ، وراح إلى المسجد ، ودعا في حاجته بما شاء الله (٢).

٦ ـ قال عليه‌السلام : « إن في الليل لساعة ، ما يوافقها عبد مسلم ، ثم يصلي ، ويدعو الله عزوجل فيها ، إلا استجاب له في كل ليلة ، فقال عمر بن أذينة : أصلحك الله ، وأي ساعة هي من الليل؟ قال عليه‌السلام : إذا مضى نصف الليل ، وهي السدس الاول من أول النصف (٣).

٧ ـ روى عبدالله بن سنان ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام ، عن الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة. قال : ما بين فراغ الامام من الخطبة ، إلى أن تستوي الصفوف بالناس ، وساعة أخرى من آخر النهار ، إلى غروب الشمس (٤).

هذه هي الاوقات ، التي يؤمل فيها استجابة الدعاء ، فينبغي للداعي مراعاتها.

الدعاء للاخوان :

وحث الامام الصادق عليه‌السلام على الدعاء للاخوان ، بظهر الغيب ، لان في ذلك إيجادا للتضامن الاسلامي ، ونشرا للمودة والمحبة بين المسلمين ، قال عليه‌السلام : « دعاء المرء لاخيه ، بظهر الغيب ، يدر

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٧.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٧.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٤٧٨.

٤ ـ مصباح المتهجدين ( ص ٢٥٤ ).

٢٩

الرزق ، ويدفع المكروه .. » (١).

وحكى الامام عليه‌السلام لاصحابه ، ما قاله جده الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، في فضل دعاء المسلم ، لاخوانه المسلمين. قال عليه‌السلام :

« قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما من مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات ، إلا رد الله عزوجل عليه ، مثل الذي دعا لهم به ، من كل مؤمن ومؤمنة ، مضى من أول الدهر ، أو هو آت إلى يوم القيامة ، إن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب ، فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا رب ، هذا الذي كان يدعو لنا ، فشفعنا فيه ، فيشفعهم الله عزوجل فيه ، فينجو » (٢).

دعوات مستجابة :

وأدلى الامام الصادق عليه‌السلام ، في بعض أحاديثه ، عن الدعوات المستجابة وفي ما يلي ذلك :

١ ـ قال عليه‌السلام : كان أبي يقول :« خمس دعوات ، لا يحجبن عن الرب تبارك وتعالى : دعوة الامام المقسط ، ودعوة المظلوم ، يقول الله عز وجل : « لانتقمن لك ، ولو بعد حين » ودعوة الولد الصالح لوالديه ، ودعوة الوالد الصالح لولده ، ودعوة المؤمن لاخيه بظهر الغيب ، فيقول : ولك مثله .. » (٣).

٢ ـ قال عليه‌السلام : كان أبي يقول : إتقوا الظلم ، فان دعوة المظلوم تصعد إلى السماء (٤).

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٠٩.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٠٩.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٠٩.

٤ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٠٩.

٣٠

٣ ـ قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة لا ترد لهم دعوة ، حتى تفتح لهم أبواب السماء ، أو يصير إلى العرش : الوالد لولده ، والمظلوم على من ظلمه ، والمعتمر حتى يرجع ، والصائم حتى يفطر (١).

٤ ـ قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب (٢).

٥ ـ قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم ، ودعوة المظلوم ، فانها ترفع فوق السحاب ، حتى ينظر الله عزوجل إليها ، فيقول : إدفعوها حتى استجيب له ، وإياكم ودعوة الوالد فإنها أحد من السيف (٣).

٦ ـ قال عليه‌السلام : ثلاثة دعوتهم مستجابة : الحاج ، فانظروا كيف تخلفونه ، والغازي في سبيل الله ، فانظروا كيف تخلفونه ، والمريض ، فلا تغيظوه ولا يضجروه (٤).

هؤلاء هم الاصناف الذين يستجيب الله دعاءهم ، وقد أكد الامام عليه‌السلام ، بصورة خاصة ، على دعوة المظلوم الذي لا يجد ناصرا إلا الله ، فإنها لا ترد ، وإن الله تعالى لابد أن ينتقم من ظالمه ولو بعد حين.

دعوات لا تستجاب :

وأعلن الامام الصادق عليه‌السلام ، في بعض أحاديثه ، عن الاشخاص الذين لا يستجاب دعاؤهم ، وهم.

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٠٩.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٠٩.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٠٩.

٤ ـ اصول الكافي ٢ / ٥١٠.

٣١

أ ـ : قال عليه‌السلام : أربعة لا تستجاب لهم دعوة :

رجل جالس في بيته. يقول : الهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالطلب؟

ورجل كانت له امرأة فدعا عليها ، فيقال له : ألم أجعل أمرها إليك؟

ورجل كان له مال فأفسده ، فيقول :

اللهم ارزقني ، فيقال له : ألم آمرك بالاقتصاد؟ ألم آمرك بالاصلاح؟

ثم تلا قوله تعالى : « والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولن يقتروا وكان بين ذلك قواما » (١) ورجل كان له مال ، أدانه بغير بينة ، فيقال له ألم آمرك بالشهادة؟ (٢).

ب ـ قال عليه‌السلام : ثلاثة ترد عليهم دعوتهم : رجل رزقه الله مالا فأنفقه في غير وجهه ، ثم قال : يا رب ارزقني. فيقال له : ألم أرزقك؟ ورجل دعا على امرأته ، وهو لها ظالم ، فيقال له : ألم أجعل أمرها بيدك؟ ورجل جالس في بيته ، وقال : يا رب ارزقني ، فيقال له : الم أجعل لك السبيل إلى طلب الرزق؟ (٣).

وحكت هذه الاحاديث ، بعض المعالم في الاقتصاد الاسلامي ، فقد دعت إلى العمل ، الذي هو الركيزة الاولى في تنمية اقتصاد الامة ، وازدهار الرخاء فيها ، كما نهت عن الكسل والخمول ، وان الله تعالى ، لا يستجيب دعاء العاطلين عن العمل ، مع قدرتهم عليه ، وفي ذلك دعوة خلاقة إلى

____________

١ ـ سورة الفرقان ـ آية ٦٧.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥١١ ، وفريب منه في كنز الفوائد ( ص ٢٩١ ).

٣ ـ اصول الكافي ١ / ٥١١.

٣٢

العمل ، وعدم تجميد طاقة الانسان ، وهو من الاسس القويمة في بناء الاقتصاد العالمي.

ومنعت هذه الاحاديث ، تبذير المال ، والاسراف في إنفاقه فإنهما الاساس في فقر الفرد ، وانهيار ثروته.

وبهذا ينتهي بنا المطاف حول بعض أحاديث الامام عليه‌السلام ، التي القت الاضواء على الدعاء ، وبينت مدى أهميته البالغة في قضاء مهمات الناس.

٣٣

القسم الاول : من أدعيته في الصباح والمساء

٣٤
٣٥

أما أدعية الامام الصادق عليه‌السلام ، فإنها تكشف جانبا مشرقا ، من روحانيته المقدسة ، وتدلل على إنابته ، وانقطاعه إلى الله ، في جميع شؤونه وأموره .. وكان يجد في دعائه مع الله ، متعة روحية لا تعادلها أية متعة ، من متع الحياة ، ونعرض في هذا المقطع بعض أدعيته ، وفي ما يلي ذلك :

١ ـ أدعيته في الصباح والمساء :

أثرت عن الامام الصادق عليه‌السلام ، كوكبة من الادعية الجليلة ، كان يدعو بها في صباحه ومسائه ، وهذه بعضها :

أ ـ روى فرات بن حمزة ، هذا الدعاء الجليل ، عن الامام عليه‌السلام ، وقد أوصاه بالمواظبة عليه ، وهذا نصه :

« اَللَّهُمَّ ، إني أَصْبَحْتُ أَسْتَغْفِرُكَ في هَذَا الصَّبَاحِ ، وَفي هَذَا اليَوْمِ ، وَأَبْرَأُ إلَيْكَ مِنْ أَهْلِ لَعْنَتِكَ. اَلْلّهُمَّ ، إني أَصْبَحْتُ أَبْرَأُ إلَيْكَ في هَذَا اليَوْمِ وَفي هَذَا الصَّبَاحِ ، مِمَّنْ نَحْنُ بَيْنِ ظَهْرَانِيهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ ، وَمِمَّا كَانُوا يَعْبدُونَ ، إنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ.

اَلّلُهَّم ، إجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ مِنَ السَّمَاءِ إلى اَلَأرْضِ ، في هَذَا

٣٦

الصَّبَاحِ ، وَفي هَذَا اليَوْمِ ، بَرَكَةً على أَوْليَائِكَ ، وَعِقَاباً عَلى أَعْدَائِكَ ، اَلّلهُمَّ ، وَالِ مَنْ وَالاَكَ ، وعَادِ مَنْ عَاَدَاكَ ، اللّهُمَّ ، أُختمْ لي بِالامنِ وَاَلايمَان ، كُلَّمَا طَلَعَتْ شَمْسٌ أَوْ غَرُبَتْ ، اللّهُمَ ، اغْفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ ، وَارْحَمْهُمَا ، كَمَا رَبَّيّاني صَغِيراً. اللّهُمَّ ، أغْفِرْ لِلمُؤْمِنينَ وَاَلمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُسْلِمينَ وَاَلْمُسْلِمَات ، اَلاحيَاءِ مِنْهُمْ وَاَلَامْوَاتِ ، اللّهُمَّ ، إنَّكَ تَعْلَمُ مُتَقَلَّبَهُمْ وَمَثْوَاهُمْ.

اَلْلَّهُمَّ ، إحْفَظْ إمَامَ المُسلِمينَ ، بِحِفْظِ الايمَانِ ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً ، وافتَحْ لَهُ فَتحاً يَسيرَاً ، واَجْعَلْ لَهُ وَلَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً .. اللّهُمَّ إلْعَنْ .. وَالفِرَقَ المُخْتَلِفَةَ على رَسولِكَ ، وَوُلاِةِِ اَلامْرِ بَعْدَ رَسولِكَ واَلَائِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ وَشِيعتِهِمْ ، وَأَسْأَلُكَ اَلْزِّيَادَةَ مِنْ فَضْلِكَ ، واَلاقْرَارَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِكَ ، وَالتَسْلِيمَ لأمْرِكَ ، وَالمْحَافَظَةَ لِمَا أَمَرْتَ بِهِ ، لا أَبْتَغِي بِهِ بَدَلاً ، ولا أَشْتَرِي بِهِ ثَمناً قليلاً.

اَلْلّهُمَّ ، إهدِنِي فِيمنْ هَدَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَي عَلَيْكَ ، وَلا يُذَلُ مَنْ وَالَيْتَ ، تَبَارَكْتَ وتَعالَيْتَ ، سُبحَانَكَ رَبَّ البَيْتِ ، تَقَبَّلْ مِني دُعَائي ، وَمَا تَقَّربْتُ بِهِ إليْكَ ، فَضَاعِفْهُ لي أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً كَثيِرَةً ، وَآتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، وَأَجْراً عَظِيماً ، رَبِّ ، ما أَحْسَنَ ما ابْتَلَيْتَنِي ، وَأَعَظَمَ مَا أَعْطَيْتَني ، وأَطوَلَ مَا عَافَيْتَني ، وَأكْثَرَ مَا سَتَرْتَ عَليَّ فَلَكَ اَلْحمْدُ يا إلهي ، كَثيراً طَيِّباً مُبَارَكاً عَلَيْهِ ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ ، وَمِلْءَ اَلَأرْضِ وَمِلْءَ مَا شَاَء رَبِّي كَما يُحبُ وَيَرْضَى ، وَكَما يَنْبَغِي لِوَجْهِ رَبِّي ذَي الجَلالِ وَالإكْرَامِ .. » (١).

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٣٠.

٣٧

حكى المقطع الاول من دعاء الامام عليه‌السلام ، براءته من المشركين ، الذين يعبدون غير الله. كما حكى عن نقمته البالغة ، على أئمة الظلم والجور في عصره ، الذين سلبوا حرية الامة ، ونهبوا ثرواتها ، واستبدوا في شؤونها ، فقد دعا عليهم بالهلاك والدمار ، لانقاذ المجتمع الاسلامي ، من ظلمهم وجورهم .. كما دعا لائمة الهدى بالنصر والفتح ، وهم الذين يشيعون العدل بين الناس ، وهذا الدعاء ، من الادعية السياسية ، التي كان يدعو بها الامام ، لاقرار الامن والرخاء بين الناس.

وختم الامام دعاءه ، بالدعاء لنفسه ، ملجئا جميع أموره إلى الله تعالى ، طالبا منه ، أن يضاعف له الخير ، وأن يسدي إليه بنعمه وألطافه.

ب ـ طلب صفوان من الامام الصادق عليه‌السلام ، أن يزوده بدعاء ، يقرأه في الصباح والمساء ، ليتسلح به من طوارق الزمان ، فعلمه الامام عليه‌السلام هذا الدعاء :

« اَلْحَمْدُ للِه ، الذي يَفْعَلُ ما يَشَاءُ ، وَلا يَفْعَلُ ما يَشَاءُ غَيْرُهُ ، اَلْحَمْدُ للِه ، كَمَا يُحبُّ الله أَنْ يُحْمَدَ ، اَلْحَمْدُ للِه كَمَا هُوَ أَهْلُهُ ، اَلْلَّهُمَّ ، أدخِلّني في كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فيه مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ وَأََخْرجْني مِنْ كُلِّ سُوءٍ أخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ ، وَصَلَّى اَلله على مُحَمَّدٍ وَآلَ مُحَمَّدٍ .. » (١).

أناط هذا الدعاء الشريف ، جميع الامور ، بقدرة الله ومشيئته ، فهو وحده يفعل ما يشاء ، ولا يشاركه أحد في ذلك ، فالحمد والمجد له ، لا لغيره تبارك وتعالى ، وطلب الامام في هذا الدعاء من الله ، أن يفيض عليه من كل خير أفاضه على نبيه العظيم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن ينقذه من كل سوء أنقذ منه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وآله ، وما أثمن هذا الطلب وأجله!

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٢٩.

٣٨

ج ـ ومن الادعية الجليلة التي كان يدعو بها الامام عليه‌السلام ، في الصباح هذا الدعاء :

« الحمد لله الذي أصبحنا ، والملك له ، وأصبحت عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك في قبضتك ، اللهم ، ارزقني من فضلك رزقا من حيث احتسب ، ومن حيث لا أحتسب ، واحفظني من حيث أحتفظ ومن حيث لا أحتفظ.

اللّهُمَّ ، ارْزُقْني مِنْ فَضْلِكَ ، وَلا تَجْعَلْ لي حَاجَةً ، إلى أَحَدٍ منْ خَلْقِكَ ، اللّهُمَّ ، ألبِسْني العَافِيَةَ ، وَارْزُقْني عَلَيْهِا اَلْشُكْرَ ، يا وَاحِدُ ، يا أَحَدُ يا صَمَدُ ، يا اللهُ الذي لَمْ يَلِدْ ، ولَمْ يُولَدْ ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أَحَدٌ ، يا اللهُ يا رَحْمنُ يا رِحِيمُ ، يا مَالِكَ المُلْكِ ، وَرَبَّ الأرْبَابِ ، وَسَيِّدَ السَادَاتِ ، يا الله لا إلهَ إلَّا أنْتَ ، إشْفِني بِشِفَائِكَ ، مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ ، فَإني عَبْدُكَ ، وَأبْنُ عَبْدِكَ ، أتَقَلَّبُ في قَبْضَتِكَ .. » (١).

وحكى هذا الدعاء ، إقرار الامام عليه‌السلام ، بالعبودية المطلقة لله تعالى ، الملك العدل ، الذي بيده جميع مجريات الاحداث ، كما حكى إنقطاع الامام ، والتجاءه إلى الله في جميع أموره ، التي منها رزقه وحفظه وعافيته.

د ـ ومن أدعية الامام الجليلة هذا الدعاء ، وكان يدعو به في الصباح ، وقد رواه الفقيه الثقة ، معاوية بن عمار ، وهذا نصه :

« اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ ، أَحْمَدُكَ ، وأَسْتَعِيُنكَ ، وَأَنْتَ رَبيِّ ، وَأَنا عَبْدُكَ ، أَصْبَحْتُ على عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ، أو منُ بِوَعْدِكَ ، وَأوفي بِعَهْدِكَ ما

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٢٩.

٣٩

اسْتَطَعْتُ ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا باللهِ وَحْدَهُ ، لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَصْبَحْتُ على فِطْرَةِ الإسْلامِ ، وَكَلِمَةِ الإخلاصِ ، وَمِلَّةَ إبْرَاهيمَ ، وَدِينِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، على ذلِكَ أحْيَا وَأَموتُ ، إنْ شَاءَ اللهُ ...

اللّهُمَّ ، أَحْيِنِي ما أحْيَيْتَني بِهِ ، وَأَمِتْني إذَا أمَتَّني على ذلِكَ ، وابْعَثْني إذا بَعَثْتَني على ذلِكَ ، أَبْتَغِي بِذلِكَ رِضْوَانَكَ ، وَاتِباع سَبيلِكَ ، إلَيْكَ ألْجَأتُ ظَهْري ، وَإلََيْكَ فَوَّضْتُ أمري ، آلُ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله أَئِمَّتي لَيْسَ لِي أَئِمَةٌ غَيْرَهمْ ، بِهِمْ أَئْتَمُّ ، وَإيَاهُمْ أَتَوَلَّى ، وَبِهِمْ أَقْتَدِي ، اللّهُمَّ إجْعَلْهمْ إوليائي في الدُّنْيا وَاَلآخِرَةِ ، وَاجْعَلْني أُوَالي أَوْلِيَاءَهُمْ ، وَأُعَادي أَعْدَاءَهُمْ ، في الدُّنْيا والآخِرَةِ ، وَأَلْحِقْني بالصَّالِحين وَآبائي مَعَهُمْ ... » (١).

ولقد أعرب الامام عليه‌السلام ، في هذا الدعاء ، عن التزامه الكامل بحرفية الاسلام ، من الوفاء بعهد الله ، ووعده ، والشهادة له بالواحدانية ، والايمان برسالة رسوله العظيم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي غير مجرى الحياة ، وأضاءها برسالته المشرقة ، كما أعرب الامام عليه‌السلام ، عن تفويض جميع أموره ، وشؤونه إلى الله ، وتمسكه الوثيق بأئمة الهدى ، من آبائه الذين هم سفن النجاة ، وأمن العباد ، وفي ذلك ارشاد إلى المسلمين بضرورة ولائهم ، والاخلاص لهم في المودة.

ه‍ : ـ وكان الامام الصادق عليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء الجليل ، إذا إنبثق نور الصبح ، وهذا نصه بعد البسملة :

« أصْبَحْتُ بِالله مُمْتَنِعاً ، وَبِعِزَّتِهِ مُحْتَجِباً ، وَبِأَسْمَائِهِ عَائِذاً ، مِنْ شَرِّ

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٣٣.

٤٠