الصحيفة الصادقية

باقر شريف القرشي

الصحيفة الصادقية

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

العُقُوبَةِ .. » (١).

إن الله تعالى ، الذي هو مصدر الفيض ، والاحسان ، على عباده ، الذي لا حول لهم ولا قوة ، فهو تعالى أولى وأجدر بالعفو عن العقوبة والاساءة.

٩ ـ دعاؤه لقضاء الحوائج

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، يأمر من كانت له حاجة ، يريد قضاءها ، بقراءة سورة الانعام ، وصلاة أربع ركع ، يقرأ فيها سورة الحمد ، والانعام ، وإذا فرغ من صلاته فليقرأ هذا الدعاء :

« يا كَرِيمُ ، يا كَرِيمُ ، يا عَظِيمُ ، يا عَظِيمُ مِنْ كُلِّ عَظِيمٍ ، يا سَمِيعَ الدُّعَاءِ ، يا مَنْ لا تُغَيِّرُهُ اَلَأيَّامُ وَاللَّيَالِي ، صَلِّ على مًُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْ ضَعْفِي ، وَفَقْرِي ، وَفَاقَتي ، وَمَسْكَنَتي ، وَمَسْأَلَتي ، فَإنَّكَ أَعْلَمُ بِحَاجَتي ، يا مَنْ رَحِمَ الشَّيْخَ الكَبِيرَ يَعْقُوبَ ، حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ يُوسُفَ ، وَأَقَرَّ عَيْنَهُ ، يا مَنْ رَحِمَ أَيُوبَ بَعْدَ طُولِ بَلَاءٍ ، يا مَنْ رَحِمَ مُحَمَداً صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَفي اليُتْمِ آوَاهُ ، وَنَصَرَهُ على جَبَابِرَةِ قُرَيْشٍ ، وَطَوَاغِيتِهَا ، وَأمْكَنَهُ مِنْهُمْ ، يا مُغِيثُ ، يا مُغِيثُ .. »

وأضاف الامام عليه‌السلام ، قائلا: فوالذي نفسي بيده ، لو دعوت به ، بعدما تصلي هذه الصلاة ، لقضيت جميع حوائجك (٢).

١٠ ـ ادعيته في دفع الامراض

ونقل الرواة ، مجموعة من الادعية ، عن الامام الصادق عليه‌السلام ،

__________________

٢ ـ زهر الآداب وثمر الالباب ١ / ٨٤.

١ ـ البلد الامين ( ص ١٥٥ ـ ١٥٦ ).

٢٦١

كان يتسلح بها ، في دفع العلل والامراض عنه ، وكان يعلمها لاصحابه ، ويرشدهم لقراءتها ، وهذه بعضها :

إ ـ كان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا ألم به المرض ، دعا بهذا الدعاء الجليل :

اللّهُمَّ ، إنَّكَ عَيَّرْتَ أَقْوَاماً ، فَقُلْتَ : « قُلْ ادْعُوا الذِين زَعَمْتُمْ ، مِنْ دُونِهِ ، فَلَا يَمْلِكُوُنَ كَشْفَ الضُرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلا .. » (١) فَيَا مَنْ لا يَمْلِكُ كَشْفَ ضُرِّي ، وَلا تَحْويلَهُ عَنِّي غَيْرُهُ ، صَلِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاكْشِفْ ضُرِّيَ ، وَحَوِّلْهُ إلى مَنْ يَدْعُو مَعَكَ اِلَهآ آخَرَ ، لا إلهَ غَيْرُكَ ... » (٢).

ب ـ روى داوود بن رزين قال : مرضت بالمدينة ، مرضا شديدا فبلغ ذلك ، أبا عبدالله عليه‌السلام ، فكتب إلي: قد بلغني علتك فاشتر صاعا من بر ، ثم استلق على قفاك ، وانثره على صدرك كيفما انتثر وقل :

اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ ، الذي إذَا سَأَلَكَ بِهِ المُضْطَرُ ، كَشَفْتَ ما بِهِ مِنْ ضُرِّ ، وَمَكَّنْتُ لَهُ في الَأرْضِ ، وَجَعَلْتَهُ على خَلِيفَتَكَ على خَلْقِكَ ، أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُعَافِيني مِنْ عِلَّتي .. »

ثم إستو جالسا ، واجمع البر من حولك ، وأقسمه مدا مدا لكل مسكين ، قال داوود: فعلت ذلك فكأنما نشطت من عقال ، وقد فعله غير واحد فانتفع به (٣).

__________________

١ ـ سورة الاسراء ) آية ٥٦.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٦٤.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٦٤.

٢٦٢

ج: ـ روى يونس بن عمار ، قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام ، جعلت فداك ، هذا الذي ، ظهر بوجهي ، يزعم الناس ، أن الله عزوجل ، لم يبتل به عبدا له فيه حاجة ، فقال لي: لقد كان مؤمن آل فرعون مكنع الاصابع (١) فكان يقول : هكذا ويمد يده ـ ويقول : « يا قوم اتبعوا المرسلين » ثم قال : إذا كان الثلث الاخير من الليل ، ففي أوله توضأ ، وقم إلى صلاتك التي تصليها ، فإذا كنت في السجدة الاخيرة من الركعتين الاوليين ، فقل وأنت ساجد :

« يا عَلِيٌّ ، يا عَظِيمُ ، يا رَحْمنُ ، يا رَحِيمُ ، يا سَامِعَ الدَّعَوَاتِ ، وَيا مُعْطِيَ الخَيْرَاتِ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاعْطِني مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَاصْرِفْ عَنِّي من شَرِّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَأَذهِبْ عَنِّي هَذَا الوَجَعَ ـ وتذكر اسمه ، فَإنَّهُ قَدْ غَاظَني وَأَحْزَنَني .. »

وامره بالاكثار من الدعاء ، قال يونس: فما وصلت إلى الكوفة ، حتى أذهب الله به عني كله (٢).

د : شكا بعض أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام إليه ، وجعا ألم به ، فقال عليه‌السلام له قل : بسم الله ، ثم امسح يدك عليه ، وقل

« أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِقُدْرَةِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِجَلَالِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِعَظَمَةِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِجَمعِ اللهِ ، وَأَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ (ص) وَأَعُوذُ بِأَسْمَاءِ اللهِ مِنْ شَر ما أَحْذَرُ ، وَمِنْ شَرِّ ما أَخَافُ على نَفْسِي »

__________________

١ ـ مكنع الاصابع : هو من رجعت اصابعه إلى كفه ، وظهرت دواجيه وهي مفاصل اصول الاصابع جاء ذلك في مجمع البحرين.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٦٥.

٢٦٣

وأمره بأن يقرأ هذا الدعاء سبع مرات ، ففعل ، فذهب عنه ما كان يجد من ألم (١).

ه‍ ـ روى عبدالله بن سنان: عن الامام الصادق عليه‌السلام ، أنه قال : إذا أصابك وجع ، فضع يدك عليه ، وقل :

« بِسْمِ اللهِ ، وَبِاللهِ ، مُحَمَدٌ رَسُولُ اللهِ (ص) لا حَوْلَ وَلا قُوَّةِ إلاَّ بِاللهِ ، اللّهُمَّ ، إمْسَحْ عَنِّي ما أُجِدُهُ ، وَتَمْسَحُ مُوْضِعَ الوَجَعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (٢).

و ـ روى حسين الخباز الخراساني ، قال : شكوت إلى الامام أبي عبد الله عليه‌السلام ، وجعا بي ، فقال عليه‌السلام : إذا صليت فضع يدك موضع سجودك ، ثم قل

« بِسْمِ اللهِ ، مُحَمَدٌ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إشْفِني يا شَافي ، شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يَغَادِرُ سُقْماً ، شفَاءٌ مِنْ كُلِّ داءٍ وَسُقْمٍ (٣).

ز ـ روى معاوية بن عمار ، عن الامام أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : تضع يدك على موضع الوجع ، وتقول :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ القُرْآنِ العَظِيمِ ، الذي نَزَلَ بِهِ الروُحُ الَأمِينُ ، وَهُوَ عِنْدَكَ في أُمِّ الكِتَابِ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ، أَنْ تُشْفيَني بِشِفَائِكَ ، وَتُدَاويَني بِدَوَائِكَ ، وَتُعَافِيَني مِنْ بَلَائِكَ .. »

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٦٦.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٥٣.

٣ ـ اصول الكافي ٢ /.

٢٦٤

تقول ذلك: ثلاث مرات ، وتصلي على محمد وآله (١).

ح ـ روى الحسين بن نعيم ، عن الامام الصادق عليه‌السلام ، أن بعض أولاده ، اشتكى علة ، فقال عليه‌السلام له : يا بني قل :

« اللّهُمَّ ، إشْفِني بِشِفَائِكَ ، وَدَاوِني بَدَوَائِكَ ، وَعَافِني مِنْ بَلَائِكَ ، فَإنّي عَبْدُكَ وَأبْنُ عَبْدِكَ (٢).

ط ـ روى داوود بن رزين ، عن الامام الصادق عليه‌السلام ، أنه قال : تضع يدك على الوجع ، وتقول : ثلاث مرات :

اللهُ ، اللهُ رَبِّي حَقّاً ، لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ لَهَا وَلِكُلِّ عَظِيمَةِ فَفَرِّجْهَا عني (٣).

ي ـ وكان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا دهمته بعض الامراض ، قال :

« اللّهُمَّ ، إجْعَلْهُ أَدَباً لا غَضَباً » (٤)

إن هذه الادعية ، التي وصفها سليل النبوة ، لمعالجة بعض الامراض من الوصفات الروحية ، التي أثبتت الفحوص الطبية ، أنها من أنجع الوسائل ، لمعالجة بعض الامراض المستعصية ، كما أنها في نفس الوقت ، تشيع في آفاق النقس ، روح الطمأنينة بالله الذي بيده جميع مجريات الاحداث.

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ /.

٢ ـ اصول الكافي ٢ /.

٣ ـ اصول الكافي ٢ /.

٤ ـ اعيان الشيعة ٤ / ق / ٢١٧ ـ ٢٢٠.

٢٦٥

١١ ـ دعاؤه عند المصيبة

وكان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا ألمت به مصيبة ، أو خطب ، دعا بهذا الدعاء :

« الحَمْدُ للهِ ، الذي لَمْ يَجْعَلْ مُصِيبَتي في دِيني ، وَالحَمْدُ للهِ الذي لَوْ شَاءَ أَنْ تَكُونَ مُصِيبَتي أَعْظَمَ مِمَّا كَانَتْ لَكَانَتْ ، وَالحَمْدُ للهِ على الَأمْرِ الذي شَاءَ أَنْ يَكُونَ .. » (١).

لقد فوض الامام عليه‌السلام ، جميع أموره ، وشؤونه ، إلى الله تعالى ، فهو في الضراء ، والسراء يشكره ، ويرفع له آيات الحمد ، والرضا بما قسم وقدر.

١٢ ـ دعاؤه عند اجابة دعائه

وكان الامام عليه‌السلام ، إذا دعا الله تعالى ، واستجاب له دعاءه ، حمده ودعا بهذا الدعاء :

« يا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطَى ، وَيَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتَرْحِمَ ، يا أَحَدٌ ، يا صَمَدٌ ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْواً أَحَدٌ ، يا مَنْ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً ، يا مَنْ يَفْعَلُ ما يَشَاءُ ، وَيَحْكُمُ ما يُرِيدُ ، وَيَقْضِي ما أَحَبِّ ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ ، يا مَنْ هُوَ بِالمَنْظَرِ الَأعْلَى ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْىٌ يا سَمِيعٌ يا بَصِيرٌ .. »

١٣ ـ دعاؤه للتوسعة عليه

وكان عليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء ، للتوسعة عليه في الرزق ، وهذا

__________________

١ ـ اعيان الشيعة ٤ / ق ٢ / ٢١٧ ـ ٢٢٠.

٢٦٦

نصه :

« اللّهُمَّ ، أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلَالِ ، ما أَكْفِي بِهِ وَجْهِي ، وَاُؤدِّي بِهِ عَنِّي أَمَانَتِي ، وَأَصِلُ بِهِ رَحِمي ، وَيَكُونُ عَوْناً لي في الحَجِّ وَالعُمْرَةِ .. »

١٤ ـ دعاؤه إذا أهمه أمر

وكان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا أهمه أمر ، دعا بهذا الدعا :

« اللّهُمَّ ، إنَّكَ لا يَكْفِي مِنْكَ أَحَدٌ ، وَأَنْتَ تَكْفِي مِنْ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَاكْفِني »

ثم يذكر ما أهمه (١).

١٥ ـ دعاؤه في طلب المغفرة

ومن أدعية الامام الصادق عليه‌السلام ، في طلب المغفرة ، من الله تعالى ، هذا الدعاء :

« سَائِلٌ بِبَابِكَ ، مَضَتْ أَيَّامُهُ ، وَبَقِيَتْ آثَامُهُ ، وَانْقَضَتْ شهْوَتُهُ ، وَبَقِيَتْ تَبِعَتُهُ ، فَارْضَ عَنْهُ ، وَإنْ لَمْ تَرْضَ عَنْهُ فَاعْفُ عَنْهُ ، فَقَدْ يَعْفُو السَيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ ، وَهُوَ غَيْرُ رَاضٍ عَنْهُ » (٢)

١٦ ـ دعاؤه لتعجيل الدين

روى الوليد بن صبيح ، قال : شكوت إلى الامام أبي عبدالله عليه

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٥٧.

٢ ـ المخلاة ( ص ١٨٦ ).

٢٦٧

السلام ، دينا لي على أناس ، فقال : قل :

« اللّهُمَّ ، لَحْظَةً مِنْ لَحَظَاتِكَ ، تَيَسِّرًُ على غُرَمَائي بِهَا القَضَاءَ ، وَتُيَسِّرُ لي بِهَا الإِقْتِضَاءَ إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. » (١).

١٧ ـ دعاؤه في مهام الامور

ومن أدعيته عليه‌السلام ، هذا الدعاء الجليل ، وقد حفل بمهام أمور الدنيا والآخرة.

« اللّهُمَّ احرسِني بِعَينكَ التي لا تنام ، وَاكْنُفْني بِرُكْنِكَ الذي لا يُرَامُ ، وَاغْفِرْ لي ، بِقُدْرَتِكَ حَتَّى لا أَهْلَكَ ، وَأَنْتَ رَجَائي ، رَبِّ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ ، قُلَّّ عِنْدَهَا شُكْرِي ، وَكَمْ مِنْ بَلِيََّةٍ ابْتَلَيْتَني بِهَا ، قُلْ عِنْدَهَا صَبْرِي ، فَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعْمَتِهِ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْني ، وَيَا مَنْ رَآنِي على المَعَاصِي فَلَمْ يَفْضَحْني ، يا ذا المَعْرُوفِ الذي لا يَنْقَضِي مَعْرُوفُهُ أَبَداً ، وَيا ذا النَّعْمَاءِ التي لا تُحْصَى عَدَداً ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَبِكَ أَدْرَأُ في نُحُورِ الَأعْدَاءِ وَالجَبَّارِينَ ، اللّهُمَّ ، أعِنِّي على دِيني بِالدُّنْيَا ، وعلى آخِرَتي بِالتَّقْوَى ، وَاحْفَظْني فِيمَا غَيَّبْتَ عَنِّي ، وَلا تَكِلْني إلى نَفْسِي فِيمَا حَظَّرْتَهُ عَلَيَّ ، يا مَنْ لا تَضُرُّهُ الذُنُوبُ ، وَلا تُنْقِصُهُ المَغْفِرَةُ اغْفِرْ لي ما لا يَضُرُّكَ ، وَأعْطِني ما لا يُنْقِصُكَ ، إنَّكَ وَهَّابٌ أَسَأَلُكَ فَرَجاً وَصَبْراً عَاجِلاً وَزِرْقاً وَاِسعاً وَالعَافِيَةَ مِنْ جَمِيعِ البَلَايَا يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .. (٢).

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٥٤.

٢ ـ المخلاة ( ص ١٨١ ـ ١٨٢.

٢٦٨
٢٦٩

القسم العاشر

فيما يرويه من الادعية عن آبائه

٢٧٠
٢٧١

ونقل الرواة كوكبة ، من الادعية ، التي رواها ، الامام الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه العظام ، عليهم السلام ، دعاة الله في أرضه ، وحججه على عباده ، وهي لوحات من النور ، تجذب العقول ، وتنمي الافكار ، وتهدي الحائر ، وترشد الضال ، وتدفع الانسان لما يسمو به من المثل العليا ، والصفات الكريمة ، ونعرض لبعضها.

١ ـ أدعية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

وروى الامام الصادق عليه‌السلام ، مجموعة من الادعية ، كان يدعو بها جده الرسول الاعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مفجر العلم ، والنور في الارض ، وهذه بعضها :

١ ـ قال عليه‌السلام : كان من دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الدعاء :

« اللّهُمَّ ، ارْحَمْني بِتَرْكِ مَعَاصيكَ أَبَداً ما أَبْقَيْتَني ، وَارْزُقْني حُسْنَ النَظَرِ فِيمَا يُرْضِيكَ عَني ، وَأَلْزِمْ قَلْبي حِفْظَ كِتَابِكَ عَلَّمْتَني ، وَاجْعَلْني أَتْلُوهُ على النَّحْوِ الذي يُرْضِيكَ عَنَّي ، اللّهُمَّ ، نُوِّرْ بِكِتَابِكَ بَصَرِي ،

٢٧٢

وَاشْرَحْ بِهِ صَدْرِي ، وَأَفْرِحْ بِهِ قَلْبي ، وَأَطْلِق بِهِ لِسَاني ، وَاسْتَعْمِلُ بِهِ بَدَني ، وَقَوِّنِي على ذلِكَ ، فَإنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِكَ .. » (١).

نظر هذا الدعاء الشريف إلى كتاب الله العظيم ، الذي هو من بركات الله ، على عباده ، ومن ألطافه عليهم ، وقد سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الله تعالى ، أن يمن عليه بحفظه ، والتأمل في آياته ، وأن يشرح به صدره ، ويفرح به قلبه ، ويطلق به لسانه ، ومن الطبيعي أن في ذلك إرشاد للامة ، ليهتموا بالقرآن العظيم ، ويطبقوا أحكامه وتعاليمه على واقع حياتهم.

٢ ـ قال عليه‌السلام : ما من نبي إلا وخلف في أهل بيته دعوة مجابة ، وقد خلف فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، دعوتين مجابتين: أما الواحدة فلشدائدنا ، وأما الاخرى فلحوائجنا.

أما التي لشدائدنا :

« يا كَائِنُ دائماً لَمْ يَزَلْ ، يا إلهي ، يا إلهَ آبَائي ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، إجْعَلْني لَكَ مُخْلِصاً .. »

وأما التي لحوائجنا :

« يا مَنْ يَكْفي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَلَا يَكْفَى مِنْهُ شَيْءٌ: يا اللهُ يا رَبِّ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله .. » (٢).

٣ ـ روى الامام عليه‌السلام ، عن جده ، رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الدعاء :

__________________

١ ـ قرب الاسناد ( ص ٥ ).

٢ ـ مفتاح السعادة ، ومصباح السيادة ٣ / ١٣٨ طبع دار الكتب الحديثة

٢٧٣

« يا رَازِقَ المُقِلِّينَ (١) يا رَاحِمَ المَسَاكِينَ ، يَا وَلِيَ المُؤْمِنين ، يا ذا القُوَّةِ المَتِين ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَارْزُقْني ، وَعَافِنِي ، وَاكْفني ما أَهَمَّني .. » (٢).

٤ ـ قال الامام الصادق عليه‌السلام : أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجل ، فقال : يا نبي الله : الغالب علي الدين ووسوسة الصدر ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل :

« تَوَكْلتُ على الحَيِّ الذي لا يَمُوتُ ، الحَمْدُ للهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ».

فصبر الرجل مدة ثم مر على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : ما صنعت؟ فقال : يا رسول الله قضى الله ديني وأذهب وسوسة صدري (٣).

٥ ـ : قال عليه‌السلام : جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله : قد لقيت شدة من وسوسة الصدر ، وأنت رجل مدين معيل ، محوج ، فقال له : كرر هذه الكلمات :

« تَوَكْلتُ على الحَيِّ الذي لا يَمُوتُ ، الحَمْدُ للهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُلِّ ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ».

فلم يلبث أن جاءه فقال : أذهب الله عني وسوسة صدري ، وقضى عني

__________________

١ ـ المقلن : جمع مقل ، وهو الفقير البائس.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٥٢.

٣ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٥٤.

٢٧٤

ديني ، ووسع علي رزقي (١).

إن وسوسة الصدر ، من الامراض النفسية ، التي تشيع في النفس ، القلق والاضطراب ، وخير وصفة لدفعها ، أدعية أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، وذكر الله تعالى والاستعاذة به من الشيطان الرجيم.

٢ ـ داعية الامام أمير المؤمنين (ع)

روى الامام الصادق عليه ، مجموعة من الادعية الجليلة ، عن جده الامام أمير المؤمنين ، عليه‌السلام ، باب مدينة علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى وهذا بعض ما رواه عنه :

١ ـ قال عليه‌السلام : إن عليا صلوات الله عليه وآله كان يقول : إذا أصبح :

« سُبْحَانَ اللهِ المَلِكِ القُدُّوسِ ـ كان يقول ذلك ثلاثاً. اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَمِنْ تَحْوِيلِ عَافِيَتِكَ ، وَمِنْ فجْأَة نَقْمتكَ ، وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَمِنْ شَرِّ ما سَبَقَ في اللَّيْلَ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بعِزَّةِ مُلْكِكَ ، وَشِدَّةِ قُوَّتِكَ ، وَتَعْظِيمِ سُلْطَانِكَ ، وَبِقُدْرَتِكَ على خَلْقِكَ .. » (٢).

لقد استعاذ الامام أمير المؤمنين ، بالله العظيم ، من زوال النعمة ، وتحويل العافية ، وفجأة النقمة ، فبانعدام هذه الامور تعود الحياة قاسية ، ولا تطاق.

٢ ـ قال عليه‌السلام ، كان الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من قال هذا القول كان مع محمد وآل محمد ، إذا قام قبل أن يستفتح الصلاة :

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٥٥.

٢ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٢٧.

٢٧٥

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَتوَجَهُ إلَيْكَ بِمُحَمَدً وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتي ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِمْ إلَيْكَ ، فَاجْعَلْني بِهِمْ وَجِيهاً ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمِنَ المُقَرَّبِينَ ، اللّهُمَّ ، إنَّكَ مَنَنْتُ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ ، فَاخْتُمْ لي بِطَاعَتِهِمْ ، وَمَعْرَفتِهِمْ ، وَوِلَايَتِهِمْ فَإنَّهَا السَّعَادَةُ وَاْخُتْم لي بِهَا فَإنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. »

ثم تصلي ، فإذا إنصرفت قلت :

« اللّهُمَّ ، إجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ عَافِيَةٍ وَبَلَاءٍ ، وَاجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ مَثْوَى ، وَمُتَقَلَّبٍ اللّهُمَّ ، إجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَاهُمْ ، وَمَمَاتي مَمَاتَهُمْ ، وَاجْعَلْني مَعَهُمْ في المَوَاطِنِ كُلِّهَا ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. » (١).

وعرض هذا الدعاء الشريف ، بجميع بنوده ، إلى أهمية آل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، دعاة العدل الاجتماعي في الارض ، وحملة مشعل التوحيد ، الذين ناضلوا كأشد ما يكون النضال ، في محاربة الظلم والاستبداد وتوطيد أركان العدل بين الناس.

٣ ـ قال عليه‌السلام : كان الامام أمير المؤمنين ، صلوات الله عليه ، يقول إذا فرغ من الزوال ،

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَتَقَرَّبً إلَيَْكَ بِجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِمَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَبِكَ.

اللّهُمَّ ، أَنْتَ الغَنِّى عَنِّي ، وَبي الفَاقَةُ إلَيْكَ ، وَأَنْتَ الغَنِيُ ، وَأَنَا

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٤٤.

٢٧٦

الفقيرُ إلَيْكَ أقلْتني مِنْ عَثْرَتي ، وَسَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوبي ، فَاقْضِ اليَوْمَ حاجتي ، ولا تُعَذّبْني بِقَبِيحِ ما تَعْلَمُ مِنِّي ، بَلْ عَفْوُكَ وَجُودُكَ يَسَعُني .. »

ثم يخر ساجدا ويقول :

« يا أَهْلَ التَقْوَى ، وَيَا أَهْلَ المَغْفِرَةِ ، يا بِرُّ يا رَحِيمُ ، أَنْتَ أَبرُّ بي مِنْ أَبي ، وَأُمِّي ، وَمِنْ جَمِيعِ الخَلَائِقِ ، إقْبَلْني بِقَضَاءِ حَاجَتي ، مُجَاباً دُعَائي ، مَرْحُوماً صَوْتي ، قَدْ كَشَفْتَ أَنْوَاعَ البَلَاءِ عَنِّي .. » (١)

ويلمس في هذا الدعاء ، مدى إنابة سيد المتقين ، والموحدين إلى الله تعالى ، فمن المقطوع به إنه ما عرف الله حق معرفته ، وآمن به كاشد ما يكون الايمان ، سوى الامام أمير المؤمنين ، وأبنائه الائمة الطاهرين عليهم‌السلام.

٤ ـ روى معاوية بن عمار قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام ، أبتداء منه : يا معاوية أما علمت أن رجلا أتى الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام فشكا الابطاء عليه في الجواب في دعائه ، فقال له : ـ

« أين أنت عن الدعاء السريع الاجابة؟ .. »

ـ « فقال الرجل : ما هو؟.

ـ قال قل :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظِيمِ الَأعْظَمِ ، الَأجَلِّ الَأكْرَمِ ، المَخْزُونِ ، المَكْنُونِ ، النُّورِ الحَقِّ ، البُرْهَانِ المُبِينِ ، الذي هُوَ نُورٌ مَعَ نُورٍ ، نُورٌ مَنْ نُورً ، وَنُورٌ في نُورٍ ، وَنُورٌ على نُورٍ ، وَنُورٌ فَوْقَ كُلِّ نُورٍ ، وَنُورٌ يُضِييءُ بِهِ كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيَكْسِرُ بِهِ كُلِّ شِدَّةٍ ، وَكُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَكُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَلا تَقِرُّ بِهِ أَرْضٌ ، وَلا تَقُومُ بِهِ سَمَاءٌ ، وَيَا مَنْ يَأمنُ بِهِ كُلُّ

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٤٥.

٢٧٧

خَائِفِ ، وَيَبْطُلُ بِهِ سِحْرُ كُلِّ سَاحِرٍ ، وَبَغْيُ كُلِّ بَاغٍ ، وَحَسَدُ كُلِّ حَاسِدٍ ، وَيَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ البَرُّ وَالبَحْرُ ، وَتَسْتَقِلُّ بِهِ الفُلْكَ حِينَ يَتَكلَّمُ بِهِ المُلْكُ ، فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْجِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَهُوَ إسْمُكَ الَأعْظَمُ ، الَأعْظَمُ ، الَأجَلُّ ، الَأجَلُّ ، النٌّورٌ الَأكْبَرُ ، الذي سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسُكَ ، وَاسْتَوَيْتَ بِهِ على عَرْشِكَ ، وَاَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، أَسْأَلُكَ بِكَ وَبِهِمْ ، أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .. »

ثم تذكر حاجتك التي تريد قضاءها (١).

٥ ـ روى الامام الصادق ، عليه‌السلام ، أن رجلا ، أتى الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال له : يا أمير المؤمنين كان لي مال ورثته ، ولم أنفق منه درهما في طاعة الله ، ثم أكتسبت منه مالا فلم أنفق منه درهما في طاعة الله ، فعلمني داء يخلف علي ما مضى ، ويغفر لي ما عملت : أو عملا أعمله ، قال عليه‌السلام :

قل .. »

« وأي شيء أقول؟. »

قل :

« يا نُورِي في كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيَا أُنْسِي في كُلِّ وَحْشَةٍ ، وَيَا رَجَائي في كُلِّ كَرْبَةٍ ، ويا ثِقَتي في كُُلِّ شِدَّةٍ ، وَيَا دَلِيلي في الضَّلَالَةِ ، أَنْتَ دَلِيلي إذَا انْقَطَعَتْ دَلَالَةُ الَأدِلَّاءُ : فَإِنَّ دَلَالَتَكَ لا تَنْقَطِعُ ، وَلَا يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ ، أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأسْبَغْتَ ، وَرَزَقْتَني فَوَفَرْتَ ، وَغَذَّيْتَني فَأَحْسَنْتَ غِذَائِي ، وَأَعْطَيْتَني فَأَجْزَلْتَ ، بِلَا اسْتِحْقَاقٍ لِذلِكَ بِفَضْلٍ مِنِّي ، وَلكِن إبْتِدَاءً مِنْكَ

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٨٢ ـ ٥٨٣.

٢٧٨

لكرمك ، وجُودك ، فتقوُيْتَ بكرمك على معاصيك ، وتقويْتُ برزْقك على سُخْطك ، وأَفْنيْتُ عُمْرِي فيما لا ُتحِبُّ ، فلمْ تمْنعْك جُرْأتي عليْك ، وَرُكُوبي لِمَا نهَيْتَني عنْهُ ، وَدُخُولي فيما حَرَّمْت علي ، أنْ عُدْتَ عليَّ بِفَضْلِكَ ، وَلَمْ يَمْنَعْني حِلْمُك عني ، وَعَوْدُكَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، انْ عُدْتُ في مَعَاصيكَ ، فَأَنْتَ العَوَّادُ بِالفَضْلِ ، وَأَنَا العوَّادُ بِالمَعَاصِي ، فيا أكْرمَ مَنْ أُقرَّ لَهُ بِذَنْبٍ ، وَأَعَزَّ مَنْ خُضِعَ لَهُ بِذُلِّ ، لِكَرَمِكَ أَقْرَرْتَ بِذَنْبي ، وَلِعِزِّكَ خَضَعْتُ بِذُلِّي ، فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ بي في كَرَمِكَ وَإقْرَارِي بِذَنْبي ، وَعزِّكَ وَخُضُوعي بِذُلِّي إفْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَلَا تَفْعَلْ بي ما أنَا أَهْلُهُ .. » (١)

وحكى هذا الدعاء النعم التي أنعمها الله على عباده ، والالطاف التي أسداها عليهم ، ولجهلهم قابلوها بالتمرد والعصيان له ، وهو مع ذلك يفيض عليهم بعطائه وإحسانه.

٦ ـ قال عليه‌السلام : يقول في دعائه ، وهو ساجد :

« اللّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَبْتَلِيَني بِبَلِيَّةٍ ، تَدْْْعُوني ضُرُورتُهَا على أَنْ أَتَعَّرضَ لِشَيْءٍ مِنَ مَعَاصِيكَ.

اللّهُمَّ ، لا تَجْعَلْ بي حَاجَةً إلى أَحَدٍ مِنْ شِرَارِ خَلْقِكَ وَلِئَامِهِمْ ، فَإنْ جَعَلْتَ لي حَاجَةً إلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، فَاجْعَلْهَا إلى أَحْسَنِهِمْ وَجْهاً وَخَلْقاً ، وَخُلُقاً ، وَأَسْخَاهُمْ بهِاَ نَفْساً ، وَأَطْلَقَهُمْ بِهَا لِسَاناً ، وَأَسْمَحَهُمْ بِهَا كَفّاُ ، وَأَقَلَّهُمْ بِهَا عَلَيَّ امْتِنَاناً. » (٢)

__________________

١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٩٥.

٢ ـ قرب الاسناد ( ص ١ ).

٢٧٩

٣ ـ الادعية التي يرويها عن الامام زين العابدين

وروى الامام الصادق عليه‌السلام ، بعض الادعية ، عن جده الامام زين العابدين ، وسيد الساجدين عليه‌السلام ، وهي تكشف عن جانب من روحانية ، هذا الامام العظيم ، الذي عطر الدنيا بأدعيته ، التي تمثل صفاء النفس ، وسمو الذات ، وفي ما يلي بعض تلك الادعية :

١ ـ قال عليه‌السلام : كان علي بن الحسين عليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ حُسْنَ المَعِيشَةِ ، مَعِيشَةً أَتَقَوَّى بِهَا على جَمِيعِ حَوَائِجي وَأَتَوَصَّلُ بِهَا في الحَيَاةِ إلى آخِرَتي ، مِنْ غَيْرَ أَنْ تُتْرِفَني فِيهَا فَأَطْغى ، أَوْ تُقَتَّرَ بِهَا عَلَيَّ فَأَشْقَى ، أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ حَلَالِ رِزْقِكَ ، وَأَفْضِلْ عَلَيَّ مِنْ سَيْبِ فَضْلِكَ ، نِعْمَةً مِنْكَ سَابِغَةً ، وَعَطَاءاً غَيْرَ مَمْنُونٍ ، ثُمَّ لا تُشْغِلْني عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ ، بِإكْثَارٍ مِنْهَا تُلْهِيني بَهْجَتُهُ ، وَتَفْتِنيِّ زَهَراتُ زَهْوَتِهِ ، ولا بِإقْلَالٍ عَلَيَّ مِنْهَا يَقْصُرُ بِعَمَلي كَدُّهُ ، وَيَمْلُأ صَدْرِي هَمُّهُ ، أَعْطِني مِنْ ذلِكَ يا إلهي غِنى عَنْ شِرَارِ خَلْقِكَ ، وَبَلَاغاً أَنَالُ بِهِ رِضْوَانَكَ وَأَعُوذُ بِكَ يا إلهي مِنْ شَرِّ الدُّنْيَا ، وَشَرِّ ما فِيهَا ، وَلا تَجْعَلْ عَلَيَ الدُّنْيَا سِجْناً ، وَلَا فِراقَهَا عَلَيَّ حُزْناً ، أَخْرِجْني مِنْ فِتْنَتِهَا مَرْضيا عنِّي ، مَقْبُولاً فِيهَا عَمَلي إلى دَارِ الحَيَوَانِ ، وَمَسْاكِنِ الَأخْيَارِ ، وَأَبْدِلْني بِالدُّنْيا الفَانِيَةِ نَعِيمَ الدَّارِ البَاقِيَةِ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن أَزَلِّها (١) وَزِلْزَالِهَا ، وَسَطَوَاتِ شَيَاطِينِهَا ، وَسَلَاطِينِهَا ، وَنَكاَلِهَا ، وَمِنْ بَغْيِ مَنْ بَغَى عَلَيَّ فِيهَا ، اللّهُمَّ ، مَنْ كَاَدَني

__________________

١ ـ الازل : الشدة والضيق.

٢٨٠