الصحيفة الصادقية

باقر شريف القرشي

الصحيفة الصادقية

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٧

وَغُفْرَانِكَ ، وَحَقِيقَةِ رِضْوَانِكَ ، حَتَّى تُظْفِرَنَا فِيهِ ، بِكُلِّ خَيْرٍ مَطْلُوبٍ وَجَزِيلِ عَطَاءٍ مَوهُوبٍ ، وَتُؤْمِنَنَا فِيهِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مَرهُوبٍ ، وَذَنْبٍ مَكْسوبٍ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِعَظِيم مَا سَأَلَكَ أَحَدٌ ، مِنْ خَلْقِكَ ، مِنْ كَرِيمِ أَسْمَائِكَ ، وَجَزِيلِ ثَنَائِكَ ، وَخَاصَّةِ دُعَائِكَ أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ شَهْرَنَا هَذَا ، أَعْظَمَ شَهْرِ رَمَضَانَ مَرَّ عَلَيْنا ، مُنْذُ أَنْزَلْتَنَا إلى الدُّنْيَا ، في عِصْمَةِ دِينِي ، وَخَلاِصِ نَفْسِي ، وَقَضَاءِ حَاجَتي ، وَتُشَفِّعَني في مَسَائِلي ، وَتَمَامِ النِعْمَةِ عَلَيَّ ، وَصَرْفِ السُّوءِ عَنِّي ، وَلِبَاسِ العَافِيَةِ لي ، وَأَنْ تُجْعَلَني بِرَحْمَتِكَ ، مِمَّنْ حُزْتَ لَهُ لِيْلَةَ القَدْرِ ، وَجَعَلْتَها لَهُ خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرِ ، في أَعْظَمِ الَأجْرِ ، وَكَرَائِمِ الذُّخْرِ ، وَطُولِ العُمْرِ ، وَحُسْنِ الشُّكْرِ ، وَدَوَامَ اليُسْرِ.

اللّهُمَّ ، وَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَطَولِكَ ، وَعَفْوِكَ ، وَنَعْمَائِكَ ، وَجَلَالِكَ وَقَدِيمِ إحْسَانِكَ ، وَامْتِنَانِكَ ، أَنْ لا تَجْعَلَهُ آخِرَ العَهْدِ مِنَّا ، لِشَهْرِ رَمَضَانَ ، حَتَّى تُبَلِّغَنَا مِنْ قَابِلٍ على أَحْسَنِ حَالٍ ، وَتُعَرِّفَني هِلَالَهُ ، مَعَ النَّاظِرِيِنَ إلَيْهِ ، وَالمْتَعَرِّفِينَ لَهُ ، في أَعْفى عَافِيَتِكَ ، وَأَتَمِّ نِعْمَتِكَ ، وَأَوْسَعِ رَحْمَتِكَ ، وَأَجْزَلِ قِسَمِكَ ، اللّهُمَّ ، يا ربِّ الذي لَيْسَ لي غَيْرُهُ ، أَسْأَلُكَ أَنْ لا يَكُونَ هَذَا الوَدَاعُ مِنِّي ، وَدَاعَ فَنَاءٍ ، وَلَا آخِرَ العَهْدِ مِنَ اللِّقَاءِ ، حَتَّى تُرِينيهِ مِنْ قَابِلِ في أَسْبَغِ النِّعَمِ ، وَأَفْضَلِ الرَّخَاءِ ، وَأَنَا لَكَ على أَحْسَنِ الوَفَاءِ ، إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.

اللّهُمَّ اسْمَعْ دُعَائِي ، وَارْحَمْ تَضَرُعِي ، وَتَذَلُّلي لَكَ ، وَاسْتِكَانَتِي

١٤١

لَكَ ، وَتَوْكُّلِي عَلَيْكَ ، وَأَنَا لَكَ سِلِمٌ (١) لا أرَجْوُ نَجَاحاً ، وَلا مُعَافَاةً ، وَلا تَشْرِيفاً ، وَلا تَبْلِيغاً إلاَّ بِكَ وَفِيْكَ ، فَامْنُنْ عَلَيَّ جَلَّ ثَنَاؤُكَ ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ ، بِتَبْلِيغِي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَنَا مُعَافَى مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ ، وَمَحْذُورٍ ومِنْ جَمِيعِ البَوَائِقِ.

الحَمْدُ لله ، الذي أَعَانَنَا ، على صِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ وَقِيَامِهِ ، حَتَّى بَلَغَنَا آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْهُ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِأَحَبِّ ما دُعِيتَ بِهِ ، وَأَرْضَى مَا رَضَيتَ بِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَلا تَجْعَلْ وَدَاعِي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَدَاعَ خُرُوجِي مِنَ الدُّّنْيَا ، وَلا وَدَاعَ آخِرَ عِبَادَتِكَ فِيهِ ، وَلا آخِرَ صَوْمي لَكَ ، وَأرْزُقْني العَوْدَ فِيهِ ، ثُمَ العَوْدَ فِيهِ ، بِرَحْمَتِكَ يا وَلِيِّ المُؤْمِنِينَ ، وَوَفِّقْني فِيهِ لِلَيْلَةِ القَدْرِ ، وَاجْعَلْهَا لي خَيْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، رَبِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالجِبَالِ وَالبِحَارِ ، وَالظُلَمِ وَالَأنْوَارِ ، وَالَأرْضِ وَالسَّمَاءِ ، يَا بَارِئُ ، يا مُصَوِّرُ ، يا حَنَّانُ ، يا مَنَّانُ ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ يا قَيُّومُ ، يا بَدِيعُ ، لَكَ الَأسمَاءُ الحُسْنَى ، وَالكِبْرِيَاءُ وَاَلآلاءُ ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، أنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ اسْمِي ، في هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، في السُّعَدَاءِ وَرُوحِي مَعَ الشُّهَدَاءِ ، وَإحْسَانِي في عِلِّيِّيْنَ ، وَإسَاءَتِي مَغْفُورَةً ، وَأَنْ تَهَبَ لي يَقِيناً تُبَاشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَإيمَاناً لا يَشُوبُهُ شَكٌّ ، وَرِضَىً بِمَا قَسَمْتَ لي ، وَأَنْ تُؤْتِيَني ، فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَأَنْ تَقِيَني عَذَابَ النَّارِ ،

اللّهُمَّ ، أجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي وَتُقَدِّرُ ، مِنَ الَأمْرِ المَحْتُومِ ، وَفِيمَا تُفْرُقُ

__________________

١ ـ سلم : اي مستسلم منقاد إليك.

١٤٢

مِنَ الَأمْر الحَكِيمِ ، في لَيْلَةِ القَدْرِ ، مِنَ القَضَاءِ الذي لا يُرَدُّ ، وَلا يُبَدَّلُ ، وَلا يُغَيَّرُ أَنْ تَكْتُبَني مِنْ حُجَّاجَ بَيْتِكَ الحَرَامِ ، المَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، المَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، المَغْفُورَةِ ذُنُوبُهُمْ ، المُكَّفِر عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُم ، وَاجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي وَتُقَدِّرُ ، أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ وَلَمْ يَسْأَلِ العِبَادُ مِثْلَكَ جُوداً وَكَرَماً ، وَأَرْغَبُ إلَيْكَ ، وَلَمْ يُرْغَبْ إلى مِثْلِكَ ، أَنْتَ مَوْضِعُ مَسْأَلَةِ السَّائِلِينَ ، وَمُنْتَهَى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ ، أَسْأَلُكَ يا عَظِيمَ المَسَائِلِ كُلِّهَا ، وَأَنْجَحِهَا ، التي يَنْبَغِي لِلْعِبَادِ أَنْ يَسْأَلُوكَ بِهَا ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ ، وَبِأَسْمَائِكَ ما عَلِمْتُ مِنْهَا ، وَماَ لَمْ أَعْلَمْ ، وَيِأَسْمَائِكَ الحُسْنَى ، وَأَمْثَالِكَ العُلْيَا ، وَنِعَمِكَ التي لا تُحْصَى ، وَبِأَكْرَمِ أَسْمَائِكَ عَلَيْكَ ، وَأَحَبِّهَا وَأَشْرَفِهَا عِنْدَكَ مَنْزِلَةً ، وَأَقرَبِهَا مِنْكَ وَسِيلَةً ، وَأجَزْ َلِهَا مِنْكَ ثَوَاباً ، وَأَسْرَعِهَا لَدَيْكَ إِجَابَةً ، وَبِاسْمِكَ المَكْنُونِ المَخزُونِ ، الحَيِّ ، القَيُّومِ ، الَأكْبَرِ ، الَأجَلِّ ، الذي تُحِبُّهُ وَتَهْوَاهُ ، وَتَرْضَى عَمَّنْ دَعَاكَ بِهِ ، وَتَسْتَجِيبُ لَهُ دَعَاءَهُ ، وَحَقَّ عَلَيْكَ يا رَبُّ ، أنْ لا تُخيِّبَ سَائِلَكَ ، وَأَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ ، هُوَ لَكَ في التَوْرَاةِ ، وَالإِنْجِيلِ ، وَالزَّبُورِ ، وَالقُرْآنِ ، وَبِكُلِّ اسْمٍ دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ ، وَمَلَائِكَةُ سَموَاتِكَ ، وَجَمِيعُ الَأصْنَافِ مِنْ خَلْقِكَ ، مِنْ نَبِيٍّ ، أَوْ صِدِّيقٍ أَوْ شَهِيدٍ ، وَبِحَقِّ الرَّاغِبِينَ إلَيْكَ ، القَرِيبِينَ مِنْكَ ، المُتَعَوِّذِينَ بِكَ وَبِحَقِّ مُجَاوِرِي بَيْتِكَ الحَرَامِ ، حُجَّاجاً وَمُعْتَمِرِينَ ، وَمُقَدِّسِينَ ، وَالمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِكَ ، وَبِحَقِّ كُلِّ عَبْدٍ مُتَعَبِّدٍ لَكَ في بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ ، أَوْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ ، أَدْعوُكَ دُعَاءَ مَنْ قَدِ اشْتَدَّتُ فَاقَتُهُ ، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ، وَعَظُمَ جُرْمُهُ ، وَضَعُفَ كَدْحُهُ ، دُعَاءِ مَنْ لا يَجِدُ لِنَفْسِهِ سَادّاً ، وَلا لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً ، وَلا لِذَنْبِهِ غَافِراً غَيْرَكَ ، هَارِباً إلَيْكَ ، مُتَعَوِّذاً بِكَ ، غَيْرَ مُسْتَكْبِرٍ وَلا مُسْتَنْكِفٍ ، خَائِفاً ،

١٤٣

بَائساً ، فَقِيراً ، مُسْتَجيراً بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ ، وَجَبَرُوتِكَ ، وَسُلْطَانِكَ ، وَبِمُلْكِكَ ، وَبَهَائِكَ وَجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَبِآلآئِكَ وَحُسْنِكَ ، وَجَمَالِكَ ، وَبِقُوَّتِكَ على ما أَرَدْتَ مِنْ خَلْقِكَ ، أَدْعُوكَ يا رَبِّ خَوْفاً ، وَطَمَعاً ، وَرَهْبَةً ، وَرَغْبَةً ، وَتَخَشُّعاً ، وَتََمَلُّقاً ، وَتَضَرُّعاً ، وَإلْحَاحاً ، خَاضِعاً لَكَ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ ، لا شَرِيكَ لَكَ.

يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ ، يا قُدُّوسُ.

يا الله ، يا الله ، يا الله.

يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ ، يا رَحْمنُ.

يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ ، يا رَحِيمُ.

يا رَبُّ ، يا رَبُّ ، يا رَبُّ.

أَعُوذُ بِكَ ، يا اللهُ ، الوَاحِدُ ، الَأحَدُ ، الصَّمَدُ ، الوَتْرُ ، المُتَكَبِّرُ ، المُتَعَالِ. وَأَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ ما دَعَوْتُكَ بِهِ ، وَبِأَسْمَائِكَ التي تَمْلُا أَرْكَانَكَ كُلَّهَا ، أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لي ذَنْبِي ، وَارْحَمْني ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَصِيَامَهُ ، وَقِيَامَهُ ، وَفَرْضَهُ ، وَنَوَافِلَهُ ، وَاغْفِرْ لي ، وَارْحَمْني ، وَاعْفُ عَنِّي ، وَلا تَجْعَلْهُ آخرِ َشَهْرِ رَمَضَانَ صُمْتُهُ لَكَ ، وَعَبَدْتُكَ فِيهِ ، وَلا تَجْعَلْ وَدَاعِي إيَّاهُ وَدَاعَ خُرُوجِي مِنَ الدًّنْيَا.

أللّهُمَّ ، أَوُجِبْ لي مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، وَرِضْوَانِكَ ، وَخِشْيَتِكَ ، أَفْضَلَ ما أَعْطْيتَ أَحَداً مِمَّنْ عَبَدَكَ فِيهِ ، أللّهُمَّ لا تَجْعَلْني آخِرَ مَنْ سَأَلَكَ فِيهِ ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ أَعْتَقْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ مِنَ النَّارِ ، وَغَفَرْتَ

١٤٤

لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ ، ما تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَوجَبْتَ لِهُ أَفْضَلَ ما رَجَاكَ وَأَمِلَهُ مِنْكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، ارزُقْني الَعَوْدَ في صِيامِهِ لَكَ ، وَعِبَادَتِكَ فِيهِ ، وَاجعَلنِي مِمَّنْ كَتَبْتَهُ ، في هَذَا الشَّهْرِ ، مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الحَرَامِ ، المَبْرُورِ حَجُّهُمْ ، المَغْفُورِ لَهُمْ ذَنْبُهُمْ المُتَقَبَّلِ عَمَلُهُمْ آمينَ ، آمين ، آمين ، يا ربَّ العَالَمِينَ.

اللّهُمَّ ، لا تَدَعْ لي فِيهِ ذَنْباً إلَّا غَفَرْتَهُ ، وَلا خَطِيَئَةً إلَّا مَحَوْتَهَا ، وَلا عَثْرَةً إلَّا أَقَلْتَهَا ، وَلا دَيْناً إلَّا قَضَيْتَهُ ، وَلا عَيْلَةً إلَّا أَغْنَيْتَهَا ، وَلا هَمّاً إلَّا فَرَّجْتَهُ ، وَلا فَاقَةً إلَّا سَدَدْتَهَا ، وَلا عِرْيَاناً إلَّا كَسَوْتَهُ ، وَلا مَرِيضَاً إلَّا شَفَيْتَهُ ، وَلا دَاءاً إلَّا أذْهَبْتَهُ ، وَلا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا ، وَالآخِرَةِ ، إلَّا قَضَيْتَهَا ، على أَفْضَلِ أَمَلِي وَرَجَائِي فِيكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا ، وَلا تُذلَّنَا بَعْدَ أِذْ عَزَّزْتَنَا ، وَلا تَضَعْنَا بَعْدَ إذْ رَفَعْتَنَا ، وَلا تُهِنَّا بَعْدَ إذْ أكْرَمْتَنَا ، وَلا تُفْقِرْنَا بَعْدَ إذْ أَغْنَيْتَنَا وَلا تَمْنَعْنَا بَعْدَ إذْ أَعْطَيْتَنَا ، وَلا تَحْرِمْنَا بَعْدَ إذْ رَزَقْتَنَا ، وَلا تُغَيِّرْ شَيْئَاً مِنْ نِعْمَتِكَ عَلَيْنا ، وَإحْسَانِكَ إلَيْنا ، لشَيءٍ كَانَ مَنْ ذُنُوبِنَا ، وَلا لِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنَّا ، فَإنَّ في كَرَمِكَ ، وَعَفْوِكَ ، وَفَضْلَكَ ، وَمَغْفِرَتِكَ ، سَعَةً لِمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنَا ، فَاغْفِر لنا وَتَجَاوَزْ عَنَّا ، وَلا تُعَاقِبْنَا يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اللّهُمَّ ، أكْرِمْني في مَجْلِسِي هَذَا ، كَرَامَةً لا تُهِنّيِ بَعْدَهَا أَبَداً ، وَأَعِزَّني عِزّاً لا تُذِلُّني بَعْدَهُ أَبَداً ، وَعَافِني عَافِيَةً لا تَبْتَلِيني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَارْفَعْنِي رَفَعَةً لا تَضَعُني بَعْدَهَا أَبَداً ، وَاصرِفْ عَنَّي شَرَّ كُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ ، وَشَرَّ كُلَّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ ،

١٤٥

وَشَرَّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

اللّهُمَّ ، ما كَانَ في قَلْبي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيبَةٍ ، أَوْ جُحُودٍ ، أَوْ قُنُوطٍ ، أَوْ فَرَحٍ ، أَوْ مَرَحٍ ، أَوْ بَطَرٍ ، أَوْ بَذْخٍ ، أَوْ خُيَلاءَ ، أَوْ رِيَاءَ ، أَوْ سِمْعَةٍ ، أَوْ شِقَاقٍ ، أَوْ نِفَاقٍ أَوْ كُفْرٍ ، أَوْ فُسُوقٍ ، أَوْ مَعْصيَةٍ ، أَوْ شَيْءٍ لا تُحِبُّ عََلَيْهِ وَلِّياً لَكَ ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَمْحُوَهُ مِنْ قَلْبِي ، وَتُبَدِّلَني مَكَانَهُ إيمَاناً بِوَعْدِكَ ، وَرِضَاً بِقَضَائِكَ ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ ، وَوَجَلاً مِنْكَ ، وَزُهْداً في الدُّنْيَا ، وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ ، وَثِقَةً بِكَ ، وَطُمَأنِينَةً إلَيْكَ ، وَتُوْبَةً نَصوُحاً إلَيْكَ.

اللّهُمَّ ، إنْ كُنْتَ بَلَّغْتَنَاهُ ، وَإلاَّ فَأَخِّر آَجَالَنَا إلى قَابِلٍ حَتَّى تُبَلَّغَنَاهُ في يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثيراً وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ ، الحَمْدُ لله الذي بَلَّغَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَعَانَنَا على صِيَامِهِ وَقِيامِهِ حَتَّى انْقَضَتْ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْهُ ، وَلَمْ يَبْتَلِنَا فِيهِ بِارْتِكَابِ حَرَامٍ ، ولا انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ ، وَلا بِأَكْلِ رِباً ، وَلا بِعُقُوقٍ لِوَالِدَينِ ، وَلا قَطْعِ رَحِمٍ ، وَلا بِشَيْءٍ مِنَ البَوَائِقِ ، وَالكَبَائِر ، وَأَنْوَاعِ البَلَايَا التي قَدْ بُلِيَ بِهَا مِنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي.

اللّهُمَّ ، فَلَكَ الحَمْدُ شُكْراً ، على ما عَافيتَني ، وَحُسْنِ ما ابْتَلَيْتَني ، إلهي أُثْني عَلَيْكَ ، أَحْسَنَ الثَّنَاءِ ، لَأنَّ بَلَاءَكَ عَنْدِي أَحْسَنُ البَلَاءِ أَوْقَرْتَني نِعَماً ، وَأَوْقَرْتُ نَفْسيِ ذُنُوباً ، كَمْ مِنْ نِعْمَةِ لَكَ يا سَيدِي ، أَسْبَغْتَهَا عَلَيَّ لَمْ أُؤَدِّ شُكْرَهَا ، وَكَمْ مِنْ خَطِيئَةٍ ، أَحْصَيْتَهَا عَلَيَّ أَسْتَحْيِيْ مِنْ ذِكْرِهَا ، وَأَخَافُ خِزْيَهَا ، وَأَحذَرُ مَعْرَّتَّهَا ، إنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي أَكُنْ مِنَ الخَاسِرِينَ. إلهيِ : فَإنَّي أعَتَرِفُ لَكَ بِذُنُوبي ، وَأَذْكُرُ لَكَ حَاجَتي ،

١٤٦

وَأَشكُو إلَيْكَ مَسْكَنَتي ، وَفَاقَتي ، وَقَسْوَةَ قَلْبِي ، وَمَيْلَ نَفْسِي ، فَإنَّكَ قُلْتَ : « فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ » وَهَا أَنَا : قَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ ، وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مِسْكِينًا مُتِضَرِّعاً ، رَاجِياً ، لِمَا أُرِيدُ مِنَ الثَّوَابِ ، بِصِيَامِي وَصَلاتي ، وَقَدْ عَرَفْتُ حَاجَتي وَمَسكَنَتي ، إلى رَحْمَتِكَ وَالثَبَاتَ على هُدَاكَ ، وَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ هَرَبَ العَبْدَ السُّوءِ إلى المَوْلَى الكَرِيمِ.

يا مَوْلايَ ، وَتَقَرَّبْتُ إلَيْكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوِحْدَانِيَّتِكَ لَمَّا صَلَيَّتَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِرَةً ، كَرِيمَةً ، شَرِيفَةً ، تُوجِبُ لي بِهَا شَفَاعَتَهُمْ ، وَالقِيَامَةَ عِنْدَكَ ، وَصَلَّيْتَ على مَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، لَمَّا غَفَرْتَ لي في هَذَا اليَوْمِ ، مَغْفِرَةً لا أشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً ، إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ... » (١).

وحكى هذا الدعاء ، الشريف عن أنابة الامام عليه‌السلام ، لله تعالى ، وإعتصامه به ، وقد تجاوز بذلك حدود الزمان والمكان.

لقد ودع الامام عليه‌السلام ، بهذا الدعاء ، شهر رمضان المبارك ، وقد ألم بمدى تعظيمه ، وتقدسيه ، لهذا الشهر ، الذي هو شهر الطاعة ، وشهر التقوى وشهر الانابة إلى الله تعالى.

١٩ ـ دعاء أخر في وداع رمضان

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، يودع شهر رمضان ، بهذا الدعاء ، وكان يقرأه في العشر الاواخر منه :

« أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ ، أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ ، أَوْ

__________________

١ ـ المصباح ( ص ٦٣٤ ـ ٦٤٠ ) البلد الامين ( ٥٢٢ ).

١٤٧

يَطْلَعُ الفَجْرُ مِنْ لَيْلَتي هَذِهِ ، وَلَكَ عِنْدِي تَبِعَةٌ ، أَوْ ذَنْبٌ ، تُعَذِّبُني عَلَيْهِ يَوْمَ أَلْقَاكَ ... » (١).

حقا هذا هو التبتل الحقيقي ، إلى الله تعالى الذي هو معقل الرجاء والامل للعارفين والمتقين.

هذه بعض الادعية ، التي أثرت عن عملاق الفكر الاسلامي ، الامام الصادق عليه‌السلام ، في شهر رمضان المبارك ، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن أدعية رمضان.

__________________

١ ـ الاقبال ( ص ١٩٩ ).

١٤٨
١٤٩

القسم الخامس

في أدعية الحج

١٥٠
١٥١

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، يستقبل السفر إلى حج بيت الله الحرام ، بشوق بالغ ، ورغبة ملحة ، وذلك لما يترتب على هذه العبادة من الثمرات والفوائد ، البالغة الاهمية ، فإن الحج ، أهم مؤتمر إسلامي ، يلتقي فيه المسلمون ، من شتى أقطار الارض لاداء فريضة الحج ، وعرض قضاياهم المصيرية ، وما ألم بهم من أحداث وشؤون.

وكان الامام الصادق عليه‌السلام ، بحسب مركزه الروحي ، الزعيم الاعلى للعالم الاسلامي فكانت وفود بيت الله الحرام ، تتشرف بلقياه ، لانه بقية النبوة والامامة فتأخذ منه معالم دينها ، ومناسك حجها ، وقد قام عليه‌السلام بدور إيجابي ، في بيان أكثر مسائل الحج وفروعه ، ويقول الرواة : أنه لولاه ولولا أبو الامام الباقر عليه‌السلام من قبل لما عرف المسلمون مناسك حجهم ، وقد دونت تلك المسائل ، في كتب الحديث ، وموسوعات الفقه الاستدلالي ، وبالاضافة لذلك ، فقد قام الامام عليه‌السلام بدور مهم في تفسيد وإبطال ، أوهام الملحدين ، الذين كانوا يفدون إلى بيت الله الحرام ، في موسم الحج ، لافساد عقائد المسلمين ، أمثال عبد الكريم بن أبي العوجاء ، وجماعته ، فقد تصدى لهم الامام وأبطل جميع شبههم ، وأوهامهم ، وقد عرضنا إلى تفصيل ذلك كل في بحوث هذا الكتاب.

١٥٢

وعلى أي حال ، فقد أثرت عن الامام الصادق عليه‌السلام ، كوكبة مشرقة من الادعية الجليلة ، في حال سفره من بيته إلى حال فراغه من مناسك الحج ، وفي ما يلي تلك الادعية.

١ ـ دعاؤه في الخروج إلى السفر

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا اراد الخروج إلى السفر ، لبيت الله الحرام دعا ، بهذا الدعاء ، وقد علمه إلى أبي سعيد المكاري ، وهذا نصه

« اللّهُمَّ ، إنِّي خَرَجْتُ في وَجْهِي هَذَا ، بِلا ثِقَةٍ مِنِّي لِغَيْرِكَ ، وَلا رَجَاءٍ آوِي إلَيهِ إلاَّ إلَيْكَ ، وَلا قُوَّةٍ أَتَّكِلُ عَلَيْهَا ، ولا حيلَةٍ أَلْجَأ إلَيْهَا إلاَّ طَلَبَ فَضْلِكَ ، وَإبْتِغَاءَ رِزْقِكَ ، وَتَعَرُّضاً لِرَحْمَتِكَ ، وَسُكُوناً إلى حُسْنِ عَادَتِكَ ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَ لي ، في عِلْمِكَ في سَفَري هَذَا ، مِمَّا أُحِبُّ أَوْ أَكْرَهُ ، فَإنَّ ما وَقَعْتُ عَلَيْهِ ، يا رَبُّ ، مِنْ قََدَرِكَ فَمَحْمُودٌ فِيهِ بِلَاؤُكَ ، وَمُتَّضِحٌ عِنْدِي فِيهِ قَضَاؤُكَ ، وَأَنْتَ تَمْحُو ما تَشَاءُ ، وتُثْبِتُ ، وَعِنْدَكَ أُمُّ الكِتَابِ.

اللّهُمَّ ، فَاصْرِفْ عَنِّي مَقَادِيرَ كُلِّ بَلَاءٍ ، وَمَقْضِيَّ كُلِّ لْأوَاءٍ ، وَابْسطْ عَلَيَّ كَنَفاً مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلُطْفاً مِنْ عَفْوِكَ ، وَسَعَةً مِنْ رِزْقِكَ ، وَتَمَاماً مِنْ نِعْمَتِكَ ، وَجُمَاعاً مِنَ مُعَافَاتِكَ ، وَأَوْقِعْ عَلَيَّ فِيهِ جَميَعَ قَضَائِكَ ، على مُوَافَقَةِ جَميعِ هَوَايَ ، في حَقِيقَةِ أَحْسَنِ عَمَلي ، وَدَفعِ ما أَحْذَرُ فِيهِ ، وَمَا لا أَحْذَرُ على نَفْسي ، وَدِيني ، وَمَالِي ، مِمَّا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، وَاجْعَلْ ذلِكَ خَيْراً لآخِرَتي ، وَدُنْيَايَ ، مَعَ ما أَسْأَلُكَ ، يا رَبُّ أَنْ تَحْفَظَنِي ، فِيمَا خَلَّفْتُ وَرَائي ، مِنْ أَهْلي ، وَوَلَدِي ، وَمَا لي وَمَعِيشَتي ، وَحُزَانَتي ، وَقَرَابَتي ، وَإخْوَاني ، بأحَسَنِ ما خَلَّفْتَ بِهِ غَائِباً مِنَ المُؤمِنِينَ في تَحْصِينِ كُلِّ عَوْرَةٍ ، وَحِفْظٍ مِنْ كُلِّ مَضْيَعَةٍ ، وَتَمَامِ كُلِّ نِعْمَةٍ ، وَكِفَايَةِ كُلِّ

١٥٣

مَكْرُوهٍ ، وَسَتْرِ كُلِّ سَيِّئَةٍ ، وَصَرْفِ كُلِّ مَحْذُورٍ ، وَكَمَالِ كُلِّ ما يَجْمَعُ لِيَ الرِّضا وَالسُّرور في جَميعِ أُمُوري ، وَأفْعَلْ ذلِكَ بِيَ ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَركَاتُهُ .. » (١).

ويمثل هذا الدعاء الجليل ، صرحا من صروح الايمان ، الذي أقامه سليل النبوة ، للمتقين والمنيبين ، فقد أرشدهم إلى التمسك ، والاعتصام بالله في جميع شؤونهم ، وأمورهم ، وان غير الله وهم وسراب ، ومن الجدير بالذكر أن هذا الدعاء يدعي به في كل سفر سواء ، إلى بيت الله الحرام أو غيره.

٢ ـ دعاء آخر في السفر لبيت الله

وأوصى الامام الصادق عليه‌السلام ، تلميذه ، الفقيه معاوية بن عمار ، أن يدعو بهذا الدعاء إذا أراد السفر للحج والعمرة ، وهذا نصه :

« لا إلهَ إلاَّ اللهُ ، الحَلِيمُ الكَرِيمُ ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، وَرَبِّ الَأرْضِينَ السَّبْعِ ، وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيم ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

اللّهُمَّ ، كُنْ لي جَاراً ، مِن كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَمِنْ كُلِّ شَيْطَان رَجِيمٍ مريد.

بِسْمِ اللهِ دَخَلْتُ ، وَبِسْمِ الله خَرَجْتُ وَفي سَبِيلِ اللهِ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أُقْدِّمُ بَيْنَ يَدَيَّ ، نِسْيَانِي وَعَجَلَتي ، بِسْمِ الله ، مَا شَاَءَ اللهُ ، في سَفَرِي هَذَا ذَكَرْتُهُ ، أَوْ نَسِيتُهُ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ المُسْتَعَانُ على الأمورِ كُلِّهَا ، وَأَنْتَ

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٨٦.

١٥٤

الصَّاحِبُ في السَفَرِ ، وَالخَليفَةُ في الَأهْلِ ، اللّهُمَّ ، هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا ، وَاطْوِ لَنا الَأرْض ، وَسَيِّرْنا فِهَا بِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ ، اللّهُمَّ ، أصْلِحْ لَنَا ظَهْرَنَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا ، وَقِنَا عَذَابَ النَّار.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَعْوذُ بِكَ ، مِنَ وَعْثَاءِ السَفَرِ ، وَكآبَةِ المُنْقَلَبِ ، وَسُوْءِ المُنْظَرِ في الَأهْلِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ عَضُدِي ، وَنَاصِري ، بِكَ أَحِلُّ وَبِكَ أَسِيرُ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ في سَفَرِي هَذَا : السُّرُورَ وَالعَمَلَ ، لِمَا يُرْضِيكَ عَني ، اللّهُمَّ ، إقْطَعْ عَني بُعْدَهُ وَمَشَقَّتَهُ ، وَاصْبَحْني فِيهِ ، وَأَخْلِفْني في أَهْلِي بِخَيْرٍ ، وَلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بالله العلِّي العَظِيم ،

اللّهُمَّ ، إنِّي عَبْدُكَ ، وَهذه جمالاتُكَ ، والوَجْهُ وَجْهُكَ ، والسَفَرُ إلَيْكَ ، وقَدْ اطََّلَعْتَ على مَا لَمْ يطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُكَ ، فَاجْعَلْ سَفَرِي هَذَا كَفَّارَةً ، لِمَا قَبْلَهُ ، مِنْ ذُنُوبي ، وَكُنْ عَوْنا لي عَلَيْهِ ، وَاكْفِنيِ وَعَثَهُ وَمشقَّتهُ ، وَلَقِنِّي مِنَ القَوْلِ وَالعَمَلِ رِضاكَ فإنَّما أَنَا عَبْدُكَ ، وَبِكَ وَلَكَ. (١).

وحفل هذا الدعاء بتوحيد الله والثناء عليه ، بما هو أهله ، وبالاستعاذة به تعالى من كل جبار عنيد ، وشيطان رجيم ، كما حفل بالطلب من الله العون والمساعدة على وعثاء السفر ، ومشقة الطريق ، وأن يرزقه رضاه وعفوه ، وغفرانه.

٣ ـ دعاؤه عند ركوب راحلته

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا اعتلى راحلته للسفر ، إلى بيت الله الحرام ، دعا بهذا الدعاء :

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ).

١٥٥

« بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ اللهِ ، وَالله أَكْبَرُ .. وَإذَا اسْتَوىَ على رَاحِلَتِهِ. قَالَ : الحَمْدُ للهِ الذي هَدَانَا لِلاسْلامِ ، وَعَلَّمَنَا القُرْآنَ ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ (ص) ، سُبْحَانَ الله ، سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا ، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإنّا إلى رَبنَا لَمُنْقَلِبونَ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ الحَامِلُ عَلَى الظَّهْرِ ، وَالمُسْتَعَانُ عَلَى الَأمْرِ ، اللّهُمَّ ، لا طَيرَ إلاَّ طَيْرُكَ ، وَلا خَيْرَ إلاَ خَيْرُكَ ، وَلا حَافِظَ غَيْرُكَ ... » (١).

٤ ـ دعاؤه في اثناء المسير

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، في أثناء مسيره في السفر ، إلى بيت الله الحرام ، يمجد الله ، ويلهج بذكره ، وكان فيما يدعو به هذا الدعاء :

« اللّهُمَّ ، أنِّي أَسْأَلُكَ لِنَفْسِي ، اليَقِينَ ، وَالعَفْوَ ، وَالعَافِيَةَ ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ، اللّهُمَّ ، أَنْتَ ثِقَتي وَرَجَائِي ، وَأَنْتَ عَضُدِي ، وَأَنْتَ نَاصِرِي ، بِكَ أَحِلُّ وَبِكَ أَسِيرُ .. » (٢).

حكى هذا الدعاء ، مدى اعتصام الامام عليه‌السلام بالله تعالى ، وإلتجائه إليه في جميع شؤونه.

٥ ـ دعاؤه عند باب المسجد الحرام

وكان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا انتهى إلى مكة المكرمة ، قصد البيت الحرام ، ليطوف حول الكعبة ، وكان يقف عند باب البيت المعظم ،

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.

٢ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٨٦.

١٥٦

ويدعو بهذا الدعاء ، وقد رواه عنه الثقة أبو بصير ، وهذا نصه :

« بِسْمِ الله ، وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ ، وَمَا شَاءَ اللهُ ، وَعلى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ (ص) وَخَيْرُ الَأسمَاءِ للهِ ، وَالحَمْدُ للهِ ، والسَّلَامُ على رَسُولِ الله ، السَّلَامُ على مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِاللهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ ، أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةً اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ على أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ ، السَّلَامُ على إبْرَاهِيمَ خَليلِ الرَّحْمنِ ، السَّلَامُ على المُرْسَلِينَ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَميِنَ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا ، وَعلى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَعلى إبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ ، وَعلى أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ ، وَسَلَامٌ على المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ.

اللّهُمَّ ، إفْتَحْ لي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَاسْتَعْمِلْني في طَاعَتِكَ ، وَاحْفَظْني بِحِفْظِ الإِيمَانِ ، أَبَداً ، ما أبْقَيْتَني ، جَلَّ ثَنَاءُ وَجْهِكَ ، الحَمْدُ للهِ الذي جَعَلَني مِنْ وَفْدِهِ وَزُوَّارِهِ ، وَجَعَلَني مِمَّنْ يُعمِّرُ مَسَاجِدَهُ ، وَجَعَلَني مِمَّن يُنَاجِيهِ.

اللّهُمَّ ، إني عَبْدُكَ ، وَزَائِرُكَ في بَيْتِكَ ، وَعلى كُلِّ مَأْتِيٍّ حَقٌّ لِمَنْ أَتَاهُ وَزَارَهُ ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَأْتي ، وَأَكْرَمُ مَزُورٍ ، فَأَسْأَلُكَ ، يا اللهُ ، يا رَحْمنُ وَبِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، وَبِأَنَّكَ وِاحِدٌ صَمَدٌ ، لَمْ تَلِدْ ، وَلَمْ تُولَد ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفْواً أَحَدٌ ، وَأَنَّ مُحَمَداً صلى‌الله‌عليه‌وآله عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، وَعلى أَهْلِ بَيْتِهِ. (١) يا جَوَادُ يا كَرِيمٌ ، أَسْأَلُكَ أَنْ

__________________

١ ـ كذا في الاصل ، واحتمل هناك سقط وان فيه سلاما على أهل البيت عليهم‌السلام أو دعاءا لهم.

١٥٧

تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إيَّايَ ، بِزِيَارَتِي إيَّاكَ ، أَوَّلَ شَيْءٍ تُعْطِيني فَكَاكَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ ،

اللّهُمَّ ، فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ

كان يقول ذلك ثلاثا

وَأَوسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلَالِ الطَيِّبِ ، وَادْرَأْ عَنِّى شَرَّ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجنَّ ، وَشَرَّ فَسَقَةِ العَرَبِ وَالعَجَمِ .. » (١).

٦ ـ دعاؤه عند دخول المسجد الحرام

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، إذا دخل البيت الحرام ، دخله بسكينة ، وخشوع ، ووقار ، وقد أوصى بذلك تلميذه الفقيه معاوية بن عمار ، وقال له : من دخله ـ البيت الحرام ـ بخشوع غفر الله له ، فقال له عمار : ما الخشوع؟ قال عليه‌السلام : السكينة ، لا تدخل بتكبر ، وأمره بالدعاء التالي عند باب المسجد :

« السَّلَامُ عَلَيْكَ إَيُّها النَّبِيُّ وَرَحْمَةً اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ، بِسْمِ الله ، وَبِاللهِ ، وَمِنَ اللهِ ، وَمَا شَاءَ اللهُ ، وَالسَّلَامُ على أَنبْيَاءِ الله وَرُسُلِهِ ، وَالسَّلَامُ على رَسُولِ اللهِ (ص) وَالسَّلَامُ على إبراهيمَ خَليلِ اللهِ ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ ».

وقال له : إذا دخلت المسجد ، فارفع يديك ، واستقبل البيت ، وقل :

« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ في مَقَامِي هِذا ، في أَوَّلِ مَنَاسِكِي ، أَنْ تَقْبَلَ تَوْبَتي ، وَأَنْ تَتَجَاوَزَ عَنْ خَطيئتي ، وَتَضَعَ عَنْي وِزْرِي ، الحَمْدُ للهِ الذي

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ ).

١٥٨

بَلَّغَني بَيْتَهُ الحَرَامَ.

اللّهُمَّ ، إنِّي أَشْهَدُ ، أَنَّ هَذَا بَيْتَكَ الحَرَامَ ، الذي جَعَلْتَهُ مَثَابَةً لِلْنَّاسِ وَأَمْناً وَمُبَارَكاً ، وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ ،

اللّهُمَّ ، أنِّي عَبْدُكَ ، وَالبَلَدُ بَلَدُكَ ، وَالبَيْتُ بَيْتُكَ ، جَئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَكَ ، وَأَرُومُ طَاعَتَكَ ، مُطِيعاً لإمْرِكَ ، رَاضِياً بِقَدَرِكَ ، أَسْألُكَ مَسْأَلَةَ المُضْطَرِ إلَيْكَ ، الخَائِفِ لِعُقُوبَتِكَ ، اللّهُمَّ ، إفْتَحْ لي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَاسْتَعْمِلْني بِطَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ .. » (١).

ويمثل هذا الدعاء مدى إنابته إلى الله ، وانقطاعه إليه ، فهو الذي وضع المناهج العليا لمناسك الحج ، وأرشد المسلمين إلى أفضل الطرق في أداء هذه العبادة.

٧ ـ دعاؤه حول الكعبة

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، يستقبل الكعبة المعظمة بالخشوع ، وذكر الله وقد روى ذريح ، ما شاهده من الامام ، وما سمعه من دعائه قال : رأيت الامام في الكعبة ، وهو ساجد ، يقول :

« لا يَرُدُ غَضَبَكَ إلا حِلْمُكَ ، وَلَا يُجِيرُ مِنْ عَذَابِكَ إلاَّ رَحْمَتُكَ ، وَلا يُنْجِي مِنْكَ إلاَّ التَضَرُعُ إلَيْكَ ، فَهَبْ لي ، يا إلهي ، فَرَجاً بِالقُدْرَةِ التي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ العِبَادِ ، وَبِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ البِلَادِ ، وَلا تُهْلِكْنِي ، يا إلهي حَتَّى تَسْتَجِيبَ لي دُعَائِي وَتُعَرِّفَني الإِجَابَةَ.

اللّهُمَّ ، ارْزُقْني العَافِيَةِ إلى مُنْتَهى أَجَلِي ، وَلا تَشْمِتْ بي عَدُوِّي ،

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٣٢١.

١٥٩

وَلا تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي ، مَنْ ذا الذي يَرفَعُني إنْ وَضَعْتني؟ وَمَنْ ذا الذي يَضِعُني إنْ رَفَعْتني؟ وَإنْ أَهْلَكْتَني فَمنْ ذَا الذي يَعْرِضْ لَكَ في عَبْدِكَ ، أَوْ يَسْألُكَ عَنْ أَمْرِهِ ، فَقَدْ عَلِمْتُ يا إلهي ، أَنَّهُ لَيْسَ في حُكْمِكَ ظَلْمُ ، وَلَا في نقْمَتك عجَلَةٌ ، إنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الفَوْتَ ، وَيَحْتَاجُ إلى الظُلْمِ الضعيفُ ، وَقَدْ تعالَيْتَ يا إلهي عَنْ ذلِكَ.

إلهي فَلَا تَجْعَلْني لِلْبَلَاءِ غَرَضاً ، وَلَا لِنَقْمَتِكَ نَصَباً ، وَأمْهِلْني وَنَفْسِي ، وَأَقلني عَثْرَتي ، وَلَا تَرُدَّ يَدِي في نَحْرِي ، وَلَا تُتْبِعْني بِبَلاءٍ ، فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي ، وَتَضَرُعي إلَيْكَ ، وَوَحْشتِي مِنَ النَّاسِ ، وَأُنْسِي بِكَ ، أَعُوذُ بِكَ اليَوْمَ فأعِذْني ، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْني ، وَأَسْتَعينُ بِكَ عَلَى الضَرَّاءِ فَأَعِنِّي ، وَأَسْتَنْصِرُكَ فَانْصُرني ، وَأَتوكَّلُ عَلَيْكَ فَاكْفني ، وأُومنُ بِكَ فَآمِنِّي ، وَأَسْتَهْدِي بِكَ فَاهْدِني ، وَأسْتَرْحِمُكَ فَارْحَمْني ، وَأسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ فَاغْفِر لي ، وَأَسْتَرْزِقُكَ مِنْ فَضْلِكَ الواسِعِ ، فارْزُقْني ، ولا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ... » (١).

لقد إتجه الامام عليه‌السلام ، بمشاعره وعواطفه نحو الله تعالى ، وناجاه بإيمان لا حدود له ، وقد طلب منه أجل وأسمى ما يطلبه المتقون ، والعارفون ، فقد طلب منه خير الدنيا وخير الآخرة.

٨ ـ دعاؤه عند دخول الكعبة

كان الامام الصادق عليه‌السلام ، يهتم إهتماما بالغا ، في الدخول إلى الكعبة المعظمة ، وقد عهد إلى تلميذه الفقيه ، معاوية بن عمار ، أن لا يدخلها بحذائه ، ويقول عند الدخول : اللهم : إنك قلت :« ومن دخله كان آمنا »

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٣٧٥ ـ ٣٧٦.

١٦٠