آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

السيد مرتضى العسكري

آراء وأصداء حول عبدالله بن سبأ وروايات سيف

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دانشكده اصول دين
المطبعة: شفق
الطبعة: ١
ISBN: 964-5841-65-8
الصفحات: ٣٩٠

نصوص من كتاب المالكي :

أما بين الخاصة : فلم تنتشر روايات سيف على مدى قرن ونصف القرن من موته ( ١٨٠ ه‍ ) فكان أول من أشهرها ـ كما أشهر غيرها ـ هو الطبري ( ت : ٣١٠ ه‍ ) وكانت روايات سيف قبل ذلك خاملة جداً فاحتاجها الناس بعد الطبري للرد على الشيعة !! لان روايات سيف كما سبق تمجد بني امية وتدافع عنهم !! فلما غلا الشيعة في ذم عثمان وولاة عثمان وبني امية وجد المدافعون في روايات سيف كنزاً مخفياً في الدفاع عن العنصر الاموي !! ثم صار بعد ذلك دفاعا لكثير من أهل السنة ضد الشيعة ! هكذا دون تأمل ولا بحث ولا نظر في اتهامه بالكذب والزندقة !! فبسبب هذا إزداد الانتشار لروايات سيف واعتمد عليها المعاصرون للسبب نفسه تقريباً !!. فالمؤرخون بل وأهل السنّة المعاصرون عامة احتاجوا للرد على هجمات الشيعة والمستشرقين على التاريخ الاسلامي خصوصاً عهد عثمان وبني أمية فلذلك اتجه المدافعون يتسلمون الدفاع سواء كان الدفاع بحق أو بباطل !! فاتجهوا للطبري فوجدوا في روايات سيف منهلا فائضا للدفاع عن بني امية وولاتهم !! فلهذا أكثروا من النقل عنه ثم وثقوه !! مخالفين اجماع المحدثين بل ولم يكتفوابهذا فنسب بعضهم الى المحدثين ( توثيق سيف ) ! وزعم آخرون أن سيفا راوي أهل السنّة !! كأنه يقصد راوي بني أمية !! ولله في خلقه شؤون !!

ثم إن توثيق المؤرخين في هذه الأيام لسيف بن عمر لأجل الدفاع عن بني امية ضد الشيعة والمستشرقين وأحياناً ضد عمار وابي ذر وهذا يعني بكل بساطة ان مقياس التوثيق والتضعيف لم يعد الصدق والكذب وانما ( المصالح ) و ( الظروف الراهنة ) و ( الحاجة الملحة ) !! وهذا المنهج ـ للأسف ـ منهج انهزامي ، ولو علم

٢١

هؤلاء اننا نستفيد من أخطاء سلفنا مثلما نستفيد من صوابهم لما فعلوا هذا الفعل !! (١)

وقد يأخذ عليّ الدكتور انني نقلت بعض النتائج التي توصل إليها بعض الباحثين كالهلابي والعسكري ! وهذا غير صحيح لأنني رجعت للمصادر نفسها وتأكدت من تلك النتائج بنفسي وخالفتهما في بعض النتائج التي لم أعلن عنها وأضفت مما لو أجده عندهما مع امتناني لصاحب السبق في سبقه الى تلك النتائج أو بعضها لكن لنتأكد من المعلومات بأنفسنا ونضيف غير مقلدين ليأتي بعدنا من يضيف ويبني على نتائجنا وهكذا. (٢)

__________________

(١) نحو انقاذ التاريخ الاسلامي ص ٧٧ ـ ٧٨.

(٢) نفس المصدر السابق ص ٨١ ـ ٨٢.

٢٢

أجوبة السيد العسكري

على أقوال الأساتذة الجامعيين

٢٣
٢٤

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة على محمد وآله الطاهرين والسلام على أزواجه أمهات المؤمنين وأصحابه المنتجبين.

وبعد ، منذ أواخر محرم سنة ١٤١٨ ه‍ الى ٢٥ / ج١ / ١٤١٨ ه‍ وجدت ضجة كبرى في صحيفتي الرياض والمسلمون السعوديتين أثارها أساتذة جامعيون حول ثلاثة مواضيع :

أ ـ الرواية الكذوب سيف بن عمر.

ب ـ عبدالله بن سبأ واسطورته.

ج ـ كتابي عبدالله بن سبأ وخمسون ومائة صحابي مختلق وخاصة حول القعقاع بن عمرو أشهر من احتلقهم سيف في الصحابة.

وجرى الكلام فيهما عني وعن الدكتور حسن المالكي ، غير ان الدكتور المالكي دافع عن رأيه في الصحيفتين باستمرار ، ولم يتسن لي أن أبين وجهة نظري في ما كتب ودوافعي لما كتبت. واليوم استعين الله تبارك وتعالى لاشرح في ما يأتي دوافعي لهذه البحوث وكيفية توصلي إلى تلكم النتائج بداية العمل.

٢٥

عندما كنت أدرس الفقه الاستدلالي بمسقط رأسي سامراء بلد الامامين العسكريين (ع) لاحظت ان الادلة في بحوثنا الفقهية روايات الأحاديث ولا يستدل بسيرة الرسول (ص) في استنباط المسائل الفقهية ودفعني ذلك إلى القيام بتأليف في سيرة الرسول الأكرم (ص) يستدل بها في استنباط الاحكام إلى جنب روايات لحديث ، وفي هذا الصدد عزمت على جمع روايات السيرة من كتب عامّة المسلمين لأنّ الخلاف وقع بعد عصر الرسول الأكرم (ص) ونويت أن أُسمي بحوثي « لواء الوحدة الاسلامية » ثم بدا لي أن أتوسّع في البحث وأكتب عصور الاسلام ، كالآتي :

أ ـ الاسلام في مكة ( من البعثة إلى الهجرة ).

ب ـ الاسلام في المدينة ( من هجرة الرسول (ص) إليها إلى هجرة الامام علي (ع) منها ).

ج ـ الاسلام في العراق مدة حكم الامام على (ع) في الكوفة وهكذا إلى عصر العباسيين.

وبدأت بالتفتيش وكان اسلوبي في الرجوع إلى المصادر أخذ الرواية من الأقدم زماناً فالأقدم. وكنت أرى ان الرواية ـ مثلاً ـ في مسند الطيالسي ( ت : ٢٠٤ ه‍ ) أقرب إلى الصحة من الرواية في مسند أحمد ( ت : ٢٤١ ه‍ ) والرواية فيهما ـ ان اختلفت الألفاظ ـ وما في مسند أحمد أصح مما في سنن الدارمي ( ت : ٢٥٥ ه‍ ) وكذلك الأمر في غيرها.

وكان في ما جمعت من سيرة الرسول (ص) من رواية ان جبرائيل (ع) لما نزل عليه (ص) أول وحي قال له : « اقرأ » قال الرسول (ص) ما أنا بقارئ

٢٦

فغطّه (١) حتى بلغ به الجهد ـ إلى ثلاث مرّات ـ ثم أرسله فقال ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ... ).

فجاء الرسول (ص) الى خديجة (ع) يرجف فؤاده وخشي على نفسه فاخذته إلى ورقة بن نوفل النصراني فطمأنه وأخبره انه رسول والذي أتاه جبرائيل.

وفي روايات أخرى قال (ص) لخديجة : « أخشى أن يكون في جنن ».

و « لأخشى أن أكون كاهناً ».

وفي بعض روايات كتب السيرة انه (ص) قال لنفسه « ان الابعد ـ يعني نفسه لشاعر أو مجنون .. لاطرحن نفسي من حالق جبل ».

وفي رواية أخرى ان خديجة (ع) أجلسته عندما نزل عليه جبرائيل على فخذها اليمنى واليسرى وهي مقتنعة بخمارها ولما تحسّرت وألقت خمارها لم ير جبرائيل فطمأنته خديجة بأن الذي يراه ملك وليس بشيطان (٢).

تروىٰ أمثال هذه الروايات عن أم المؤمنين عاشة وعبدالله بن عباس في حين ان أهل الكتاب كانوا ينتظرون بعثته ، نظير خبر بحيرى الراهب في سفره (ص) مع عمّه الى الشام مما ذكرنا قسماً منها في كتابنا أحاديث أم المؤمنين عائشة ( ج ٢ ) وفيها :

__________________

(١) غطه : عصره عصراً شديداً.

راجع صحيحي البخاري ومسلم ومسند احمد والتفاسير والسير عن أم المؤمنين عائشة.

(٢) راجع سيرة الرسول (ص) في أخبار البعثة ب‍ سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري وطبقات ابن سعد.

٢٧

عن علي بن أبي طالب (ع) خرجنا بعض نواحيها ـ مكة ـ فما استقبله جبل ولا شجر إلاّ وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله (١).

وأيضاً وجدت في الروايات في تفسير آية ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ... ) (الحج / ٥٢) ان الله لما أنزل على رسوله (ص) ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ... ) فلما انتهى إلى قوله ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ ) ألقى الشيطان على لسانه ( تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ) فلما سمع المشركون ذلك فرحوا وسجد المشركون لذكر الهتهم والمسلمون.

فبلغ الخبر المهاجرين إلى الحبشة فرجع بعضهم إلى مكة ولما عرفوا حقيقة الخبر بقي بعضهم مستخفياً وعاد بعضهم إلى مهجره.

ونزل جبرئيل (ع) وأخبر النبي (ص) بانها ليست وحياً فحزن الرسول (ص) فنزلت عليه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ... ) (٢) (الحج / ٥٢).

وأيضاً وجدت في روايات سيرة الرسول (ص) بصحيح مسلم باب ان من لعنه النبي أو سبه جعله الله له زكاة وطهورا : عن أم المؤمنين عائشة وغيرها من الصحابة : ان رسول الله (ص) كان يلعن المؤمنين إذا ضويق ويبرر ذلك بقوله : شارطت ربي أيما مؤمن لعنته أو سببته جعله الله له زكاة وطهورا. مع قوله تعالى في وصفه : ( إِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ومع قوله (ص) : « من لعن مؤمناً فهو

__________________

(١) سنن الترمذي ، أبواب المناقب وراجع أحاديث أم المؤمنين عائشة ج ٢ / ٢٨٠.

(٢) لقد برهنا في المجلّد الثاني من كتابنا « أحاديث أم المؤمنين عائشة » ان تلك الأحاديث مفتراة عليها وعلى غيرها من الصحابة.

٢٨

كقتله » (١).

فرأيت اننا بحاجة إلى تمحيص سنّة الرسول (ص) وثبت عندي ان قسماً من هذه الروايات افتري بها على الصحابة كما افتري بها على رسول (ص). وبدأت أجمع الروايات اللاتي نحن بحاجة إلى دراستها من المكثرين في ملفات خاصّة لدراستها مثل روايات أم المؤمنين عائشة وعبدالله بن عباس كي أدرسها بعد ذلك. وكنت أرى في سيرة الصحابة روايات لا يتقبلها العقل السليم وكثيراً منها كانت من روايات أخبار الفتوح مثل رواية سيف في خبر فتح السوس التي قال فيها : ان ابا سبرة ناوش أهل السوس مرّات ويصيب فيها المشركون المسلمين وذات يوم أشرف رهبان سوس على المسلمين وقالوا لهم : لا يفتح السوس إلاّ الدجال وصاحوا بالمسلمين وغاضوهم وكان مع المسلمين الدجال صاف بن صياد فاتى باب السوس ودقّه برجله وقال انفتح بَظار فتقطعت السلاسل وتكسّرت الاغلاق وتفتحت ودخلها المسلمون واستسلم المشركون.

بينما روى البلاذري والطبري وسائر المؤرخين عن غير سيف : ان أبا موسى الأشعري قاتل أهلها وحاصرهم حتى نفذ ما عندهم من الطعام فضرعوا إلى المصالحة في السنة الثامنة عشرة.

وروايته عن يوم سمّاه بيوم الا باقر قال : ان سعد بن أبي وقاص بعث عاصم بن عمرو ـ الصحابي المختلق ـ إلى أسفل الفرات في طلب الغنم والبقر لاطعام الجيش فأتى ميسان وسأل رجلاً رآه هناك عن البقر والغنم فحلف له وقال : لا أعلم وكان راعي الثيران في الأجمة فصاح منها ثور : كذب والله

__________________

(١) صحيح البخاري ، باب ما ينهى من السباب واللعن ، من كتاب الأدب.

٢٩

وها نحن اولاء. فدخل واستاق الثيران فاخصب الجيش أياماً وسمّي ذلك اليوم بيو الأباقر.

وروايته عن يوم الجراثيم :

قال سيف وقف سعد بن أبي وقاص بعد القادسية حائراً أمام دجلة وقد فاضت فحطب جيشه وقال : إني عزمت على قطع هذا البحر فركبوا اللّجة وان دجلة لترص بالزبد وان الناس ليتحدثون في عومهم لا يكترثون كما يتحدثون في مسيرهم على الأرض لا يعي فرس إلاّ نشزت له جرثومة (١).

وفي رواية غير سيف : ان الدهاقين ولو هم على مخاضة اسفل المدائن فاخاضوها الخيل (٢).

وذكر نظيرها للعلاء بن الحضرمي وجيشه في فتح دارين وقال :

... حتى إذا أتى ساحل البحر اقتمحوا ... الراكب والراجل .. فاجتازوا ذلك الخليج يمشون على مثل رملة ميثاء (٣) فوقها ماء يغمر اخفاف الابل وان ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفن البحر (٤).

وخبر اطلال فرس بكير في فتح القادسية :

قال سيف : وقرأ المشركون وأمر سعد .. أن يتبعوا أثر الفارين فاتبعوهم حتى انتهوا النهر الذي بثقوه ليمنعوا المسلمين من عبوره فضرب بكير بن

__________________

(١) وفي رواية أخرى لسيف ( تَلعَة ) أي ما ارتفع من الأرض. والجرثومة والتلعة بمعنى واحد.

(٢) راجع تفصيل الخبر الاول من عبدالله بن سبأ ١ / ٢٥٠.

(٣) الميثاء : الرملة أو الأرض السهلة.

(٤) راجع عبدالله بن سبأ ١ / ١٩٨ قصة العلاء بن الحضرمي.

٣٠

عبدالله فرسه ـ وكانت انثى ـ وقال لها ثبي اطلال فتجمعت وقالت ( وثباً وسورة البقرة ) ووثبت ، فاقتحم الباقون خلفه (١).

ومثل خبر الأسود العنسي المتنبئ الكذّاب الذي روى سيف في خبره : انه كان له شيطان ينبئه عن الغيب وكان الأسود يسميه الملك. والذي نشك أن سيفا كان يحاول في قريته هذه أن يأتي بمشابه للوحي الذي كان ينزل به جبرائيل (ع) على رسول الله (ص) بدافع ما رمي به من الزنادقة (٢).

ومثل خبر ما رآه يزدجر ملك الفرس في نومه في ما رواه سيف :

انه كان نائماً في محمله ليلاً والبعير يسير به فانبهوه ليعبروا مخاضة فقال : بئسما صنعتم لو تركتموني لعلمت ما مدة هذه الأمة إني رأيت : اني ومحمداً تناجينا عند الله فقال له : ـ أي قال الله ـ املكهم مائة سنة ، فقال : زدني ، فقال : عشراً ومائة سنة ، فقال : زدني ، فقال : عشرين ومائة سنة ، فقال : لك ، وأنبهتموني فلو تركتموني لعلمت ما مدة هذه الامّة (٣).

وإني أرى ان سيف بن عمر كان يرمي من وراء هذا النوع من التهوين في أمر الوحي الذي كان ينزل على خاتم الانبياء (ص) تشويش أذهان المسلمين.

كنت أجمع هذه الأخبار في ملف خاص ولا أعرف إلى من أنسب هذه الروايات بينما كنت أجمع روايات المكثرين من الصحابة كل في ملف باسم من رويت عنه.

وكان ضمن ملف الراوي المجهول أخبار عبدالله بن سبأ وانه كان يهودياً

__________________

(١) خمسون ومائة صحابي مختلق ١ / ١٤٠ خبر بعد ليلة الهرير.

(٢) راجع عبدالله بن سبأ ج ٢ / ١٣٣ ، قصة الأسود العنسي.

(٣) خمسون ومائة صحابي مختلق ١ / ٢٧ ، البحث التمهيدي الأول.

٣١

واليمن أسلم على عهد الخليفة عثمان ، وجاء بعقيدة الوصاية والرجعة وآمن بقوله صحابة وتابعين أبرار مثل أبي ذر وعمّار بن ياسر ومحمد بن حذيفة وصعصعة بن صوحان العبدي و ... وانهم استطاعوا أن يثيروا أهل الشام على معاوية ، وأهل الكوفة على الوليد وسعيد وأهل مصر والبصرة وغيرها على ولاتهم وجاؤا إلى المدينة وقتلوا الخليفة عثمان ونصّبوا علياً للخلافة وأقاموا حرب الجمل ولم يدرك كل ذلك الخليفتان علي وعثمان وعائشة وطلحة والزبير إلى غيرهم وجهاء ذلك العصر ـ على عقل من يقبل ذلك العفاء ـ.

وكنت قد جمعت تلكم الروايات التي لم أعرف راويها في ملف خاص بينما كنت قد جمعت الروايات المنسوبة إلى المكثرين من الصحابة كل في ملف خاص وباسمه وذات ليلة بينما كنت أراجع روايات ملف الراوي المجهول انتهيت إلى تكرار اسم سيف في روايات ذلك الملف فصرخت ( وجدته ، وجدته ، وجدته ) وراجعت ما حضرني من كتب الرجال وإذا بهم يقولون عنه متهم بالوضع وبعد كل ذلك التفتيش والبحث رأيت من الواجب علي أن أقوم أولاً بتمحيص سنّة الرسول (ص) وأبدأ بدراسة روايات المكثرين واسمي روايات كل منهم باسم من روى عنه وكان من أهمها الأحاديث المروية عن أم المؤمنين عائشة والأحاديث المروية عن الصحابي أبي هريرة وأحاديث سيف وفي ما أنا أدرس أحاديث سيف شككت بانه اختلق في ما اختلق صحابة للرسول (ص) وبقيت شهرين أدرس تراجم الصحابة في مصادرها قثبت عندي اختلاق سيف أكثر من خمسين صحابياً للرسول وسميت الكتاب أحاديث سيف ولما رآه العلامة الشيخ راضي آل ياسين سماه بعبدالله بن سبأ وأساطير أخرى ثم تابعت الدراسة وبلغ عدد الصحابة في بحوثي نيفاً وستين ومائة صحابي مختلق وسميته ( خمسون

٣٢

ومائة صحابي مختلق ) تخفيفاً للاسم ونشرت تراجم ثلاث وتسعين صحابيا منهم حتى اليوم في مجلدين وبقي المجلّد الثالث لبقية المختلقين أما ( عبدالله بن سبأ وأساطير أخرى ) فقد نشرت منها حتى اليوم مجلدين وبقي المجلّد الثالث ( الاسطورة السبائية ) وهي أصل الاسطورة رجحت نشر بحوث أخرى لي على نشرهما.

وفي بادئ الأمر ظننت أن سيفاً يروم في ما يضع ويختلق الدفاع عن ذوي الجاه من الصحابة والحطّ من مناوئيهم وانه بسبب ذلك راجت رواياته وشاعت ، ولما تابعت دراساتي في أحاديث سيف أدركت ان دافع سيف في ما وضع واختلق أمران :

ألف ـ التعصب القبلي ولذلك يمجد في ما يختلق العدنانيين وخاصة قبائل تميم منهم ويحطّ من قدر القحطانيين ويختلق لهم المعايب والمثالب ولما كانت السلطة للعدنانيين اختلق عبدالله بن سبأ وجاء به من اليمن وألقى تبعة وقوع الخلاف بين سادة مضر على عاتقه وحده واختلق في ما اختلق ثلاثاً وعشرين صحابياً من تميم جاءت تراجم بعضاً آخر منهم في الجزء الثاني المطبوع وتأتي تراجم من بقي منهم في الجزء الثالث الذي لم يطبع حتى الآن (١).

ب ـ دفعه ما رُمي به من الزندقة إلى تشويش معالم التاريخ الاسلامي واشاعة أن الاسلام انتشر بحد السيف ونشر أساطير وخرافات في المجتمع الاسلامي وفي ما يأتي بيان كلا الأمرين.

__________________

(١) راجع المقدمة من الجزء الثاني من عبدالله بن سبأ.

٣٣

ويأتي في مقدمة ما روي بدافع التعصب القبلي ما اختلقه من أمجاد لقبيلته تميم الصحابة الاسطوريون من بني عمرو بن مالك :

وفي مقدمتهم بروايات سيف : القعقاع بن عمرو ، بما رواه عن الخليفة أبي بكر عندما أرسل القعقاع مدداً للقائد خالد في حروب العراق بعد أن ارفض (١) عنه جنوده انه قيل له « أتمدّ من ارفض عنه جنوده برجل » فقال : « لايهزم جيش فيهم مثل هذا » أي : القعقاع.

بروايته هذه هيأ سيف ذهن القارئ لسماع ما يختلفه من بطولات

__________________

(١) ارفضّ : تفرّق.

٣٤

للقعقاع وأولها ما رواه في فتح الابلّه (١) بان قائد الفرس هرمز واطئ أصحابه على الغدر بخالد فلما تبارزا حملت حامية هرمز على خالد للغدر وكان القعقاع منتبهاً لهم فحمل عليهم وأزاحهم وروى عن قول القعقاع ستة أبيات منها :

فنحن وطأنا بالكواظم هرمزاً

وبالثني قَرني قارِنٍ بالجوارفِ (٢)

بينما روى الطبري ان فتحها كان بيد عتبة بن غزوان سنة ١٤ ه‍ وعلى عهد الخليفة عمر.

ولم يكن لمن تخيلهما سيف قائدي الفرس وللمكانين الثني والولجة ولا للمعارك التي ذكرها ولا لكتاب صلح خالد لهم والذي شهد فيه القعقاع ولا لأربعة من رواة أخبارها وجود خارج روايات سيف (٣).

وكذلك شأن معركة الفراض والتي ذكر فيها ان خالداً قتل فيها مائة الف.

وذكر صرف عمر خالد وجيشه وفيهم القعقاع إلى الشام وانهم قتلوا في اليرموك عشرون ومائة ألف.

وروى في فتح دمشق ان خالداً كان قد هيأ حبالاً فألقاه مع القعقاع فتعلقت بالشرف فتسلقوها وقتلوا في فحل ثمانين الفاً.

بينما روى غيره ان خالداً أخذ من دير خالد سلماً صعد عليه.

وروى أن الخليفة أمر بصرف جيش العراق إلى العراق وفي مقدمتهم

__________________

(١) الابلَّة : بلدة على شاطئ دجلة البصرة. معجم البلدان.

(٢) تخيل سيف هرمزاً وقارنا من قادة الفرس بتلك المعارك التي لم تقع ولم يكن لهم وجود خارج روايات سيف ولا للولجة والثني.

(٣) راجع ( في الحيرة ) بترجمة القعقاع من كتاب « خمسون ومائة صحابي مختلق » ١ / ١٠٨.

٣٥

القعقاع ثمّ روى له ولاخيه عاصم بطولات الأيام التي سمّاها : أرماث وأغواث وعماس وانهما فقئا عين الفيل الأبيض الذي كانت تتبعه الفيلة وبتدبيره في الأيام الثلاثة قوى الجيش الاسلامي.

وفي عبور دجلة سبق عاصم الجيش وحماه للعبور.

وبعد الفتح سلب القعقاع من فارس يقود دابتين عليهما سيف كسرى وهرمز وقياذ وفيروز وهرقل وحاقان ملك الترك وداهر ملك الهند وبهرام وسياوخش والنعمان أعظم به من فخر تميم التي غنمت سيوف الملوك بفضل روايات سيف وروى انهم قتلوا في المعركة مائة ألف.

وفي جلولاء ـ أيضاً ـ فتحها الجيش الاسلامي بتدبير القعقاع بعد أن كانوا يزاحفونهم ثمانين يوماً دونما أية نتيجة وقُتِل منهم فيها مائة ألف.

وروى ان أبا عبيدة في الشام استمدّ من الخليفة عمر فكتب إلى سعد في العراق أن اندب الناس مع القعقاع يوم يأتيك كتابي فمضى القعقاع إلى الشام في أربعة آلاف وأنشد القعقاع في ذلك وقال :

يدعون قعقاعاً لكل كريهة

فيجيب قعقاع دعاء الهاتف

الأبيات

وروى سيف ان فتح نهاوند ـ أيضاً ـ كان بتدبير القعقاع وانهم قتلوا من المشركين في المعركة مائة ألف.

كان ذلكم فهرست ما رواه سيف عن القعقاع في الفتوح على عهد الخليفة عمر.

وعلى عهد الخليفة عثمان ولاّه سنة ٣٤ و ٣٥ الحرب على الكوفة وكانت الكوفة يومذاك عاصمة للقسم الشرقي من البلاد الاسلامية وانه

٣٦

لمّا حوصر الخليفة عثمان كتب إلى أهل الأمصار يستمدهم فخرج القعقاع من الكوفة لنصرة عثمان ومعاوية من الشام وبلغه في الطريق خبر قتل عثمان فرجع هو ومن معه إلى الكوفة.

وروي في حرب الجمل ان الامام علي بن أبي طالب لما استمدّ من الكوفة لحرب الجمل وثبطهم أمير الكوفة أبو موسى الأشعري قال القعقاع لابدّ من امارة تنظّم الناس وهذا علي ولي ويدعوا إلى الاصلاح فانفروا وكان هو من رؤساء أهل الكوفة الذين التحقوا في حرب الجمل بالبصرة فارسله الامام علي الى طلحة والزبير يدعوهما إلى الالفة والجماعة فذهب اليهم وكلمهم فضلّت أم المؤمنين عائشة ووافق طلحة والزبير على الصلح وقالوا له أحسنت وأصبت وأشرف القوم على الصلح فاجتمع السبأيون وتشاورا ليلاً فاشار عليهم ابن سبأ أن ينشبوا القتال ليلاً دون علم غيرهم وثاروا في الغس وأنشبوا القتال بين الجيشين دون علم غيرهم ووقع القتال بين الجيشين وأخيراً أمر القعقاع بعقر جمل أم المؤمنين عائشة وقال لمن يليه أنتم آمنون ووضعت الحرب أوزارها بفضل ما فعله القعقاع.

وروي ان معاوية بعد صلح الامام الحسن معه كان يخرج من الكوفه المستغرب في أمر علي ـ شيعة علي ـ وينزل مكانه المستغرب في أمر نفسه م أهل الشام والبصرة ونقل القعقاع وبني أبيه من الكوفة إلى الفلسطين ونقل بني تغلب الى الكوفة وأسكنهم منازل القعقاع وبني أمية ولذلك عده الشيخ الطوسي ( ت : ٤٦٠ ه‍ ) في رجاله من أصحاب أمير المؤمنين والأردبيلي ( ت : ١١٠١ ) في جامع الرواة والقهبائي ( كان حياً ١٠١٦ ه‍ ) في مجمع الرجال والمامقاني ( ت : ١٣٥١ ه‍ ) في تنقيحه.

٣٧

روى سيف أخبار القعقاع عن تسع وعشرين راوياً من مختلقاته من الرواة لم مجد لهم ذكراً في غير روايات سيف وكذلك لم نجد ذكر لأكثر من خمسين ومائة صحابي مختلق في غير روايات سيف.

وكذلك لم مجد أسماء لاثنتين وسبعين راوياً الآتية أسماؤهم في غير روايات سيف :

اسم الراوي

عدد رواياته

١) محمد بن عبدالله بن سواد بن نُويّرة

٢١٦

٢) سهل بن يوسف

١٢٦

٣) مُهَلَّب بن عقبة

٦٧ أو ٧٦

٤) زياد بن سرجس الأحمري

٥٣

٥) نَصْر بن السَرِّي

٢٩ أو ٢٤

٦) رُفيل وابنه

٢٠

٧) مُستَنير بن يزيد

١٨

٨) ابن رُفيل عن أبيه

١٨

٩) سَعيد بن ثابت بن جِذْع الأنصاري

١٦

١٠) عبدالله بن سَعيد بن ثابت

١٦

١١) مُبَشَّر بن فُضَيل

١٥

١٢) خالد «مجهول»

١٦

١٣) عُبادة «مجهول»

١٦

١٤) رُفَيل

١٤

٣٨

اسم الرواي

عدد رواياته

١٥) غُصْن بن قاسم

١٣

١٦) أبو عثمان « مجهول »

١٠

١٧) صَعب بن عَطِيّة

٩

١٨) ابو عثمان يزيد بن أسيد العَسّاني

٩

١٩) عبد بن رحمان بن سياه الأحمري

٧

٢٠) عبيدالله بن محفز

٦

٢١) عروة بن غزّية الدثيني

٦

٢٢) عَمرو بن الريَان

٦

٢٣) أبو سفيان طلحة بن عبدالرحمن

٥

٢٤) أبو زهراء القُشيري

٥

٢٥) رجل من بني كنانه

٥

٢٦) طاهر بن أبي هالة

٥

٢٧) ضحّاك بن قَيس

٤

٢٨) حَلْحال بن الذري

٤

٢٩) أنَس بن حليس

٤

٣٠) مخلّد بن قيس

٤

٣١) سماك بن فلان الهجيمي

٣

٣٢) قَيس بن زيد النَخَعي

٣

٣٣) قَيس بن يزيد

٣

٣٤) ظَفَر بن دهي

٣

٣٩

اسم الراوي

عدد رواياته

٣٥) مقطع بن هثيم بن فحيع

٣

٣٦) ابن محراق

٣

٣٧) بحر بن فرات العجلي

٢

٣٨) رجل من كنانة

٢

٣٩) عثمان بن سويد

٢

٤٠) حَنظلة بن زياد

٢

٤١) حمّاد بن فلاح البرجمي

٢

٤٢) جرير ابن اشرس

٢

٤٣) رجل عن بكر بن وائل

٢

٤٤) عامر

٢

٤٥) خُزَيمة بن شجرة العقفاني

٢

٤٦) عبد بن صخر بن لوذان

٢

٤٧) ورقاء بن عبدالرحمن الحنظلي

٢

٤٨) حبيب بن ربيعة الأسدي

١

٤٩) عمّار بن فلان الأسدي

١

٥٠) ابن شهيد

١

٥١) عمرو بن تمام

١

٥٢) رجل من طيّ

١

٥٣) عبدالله بن مسلك العكلي

١

٥٤) كرب بن أبو كليب العكلي

١

٤٠