شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١١

بمثقال حبة من خردل من حبّ أحد منهم إلا أدخلته جنتي ، وآليت بعزتي أن لا يأتيني أحد بمثقال حبة من خردل من بغض أحد منهم إلا أدخلته ناري ولا ابالي.

يا آدم ، وهؤلاء صفوتي من خلقي بهم انجي وبهم اهلك (١).

[٨٨٥] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن أبي رافع ـ مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

من لم يعرف حق عترتي فهو بإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما الزانية (٢) وإما أن تكون أمه حملت به بغير طهر.

[ سادة أهل الجنة ]

[٨٨٦] فرات ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

نحن سبعة من ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة ، أنا وعلي وجعفر وحمزة والحسن والحسين والمهدي.

[ مثل أهل بيتي ]

[٨٨٧] عبد الرحمن بن نجران ، باسناده عن حذيفة بن أسد ، أنه قال : سمعت أبا ذر ـ وهو متعلق بحلقة باب الكعبة ـ : أنا جندب لمن عرفني ، وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

__________________

(١) وأضاف في فرائد السمطين ١ / ٣٧ : فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسل. فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجا ومن حاد عنها هلك ، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت.

(٢) هكذا في الاصل ، والاصح : وإما لزنية.

٥٠١

إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق (١) ، ألا هل بلّغت.

[ أهل بيتي أمان لأهل الأرض ]

[٨٨٨] فضالة بن أيوب ، باسناده ، عن فضيل الرسان ، قال : كتب محمّد بن إبراهيم الى أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام يقول له : أخبرني عن فضل أهل البيت. فكتب إليه : كتبت تسألني عن فضلنا أهل البيت ، وأن من فضلنا أن جعل الكواكب أمانا لأهل السماء وجعلنا أمانا لأهل الأرض.

يعني حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى لأهل السماء ما يوعدون. وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يوعدون.

[ أبو ذر في البيت الحرام ]

[٨٨٩] الحسن بن محبوب (٢) ، باسناده ، عن زيان بن عمرانة ، قال رأيت أبا ذر متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول :

أيها الناس أنا جندب من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أذكركم الله من سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. ألا قال ذلك؟

__________________

(١) وفي فرائد السمطين ٢ / ٢٤٦ : تخلف عنها هلك.

(٢) وهو أبو علي الحسن بن محبوب السراد ، ولد ١٤٩ هـ ، من أهل الكوفة ، وتوفي ٢٢٤ ه‍.

٥٠٢

فقال طوائف من الناس : اللهمّ نعم ، لقد سمعناه يقول ذلك.

فقال : والله ما كذبت مذ عرفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا اكذب حتى ألقاه. ولقد سمعته يقول :

أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي حبل ممدود من السماء الى الأرض ، طرف منه بيد الله ، وطرف منه بأيديكم.

فانظروا كيف تحفظوني في أهل بيتي ، وإن الله قد عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

ولقد سمعته يقول :

يا أيها الناس إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ومثل باب حطة بني إسرائيل.

٥٠٣

[ من هم المستضعفون؟ ]

[٨٩٠] فضالة بن أيوب (١) ، عن عثمان بن أبان ، قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام :

إذا سمعتم الله عزّ وجلّ ذكر أحدا في كتابه ممن مضى بخير ، فنحن مثلهم ، وإذا ذكر أحدا من هذه الامة بخير ، فنحن هم.

قال : وسألته عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا ، مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ) (٢).

قال : نحن اولئك.

[ آية المودّة ]

[٨٩١] محمّد بن خالد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام ، أنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٣)

__________________

(١) الازدي سكن الاهواز ثقة في حديثه مستقيما في دينه ( النجاشي : ٣١١ ).

(٢) النساء : ٧٥.

(٣) الشورى : ٢٣.

٥٠٤

فقال : إن الله عزّ وجلّ علم أن قوما يحبون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويبغضون قرابته ، وكره لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكون في قلبه على أحد من المؤمنين شيء ، ففرض مودة أهل بيته ، فمن عمل ذلك عمل بفريضة الله ومن تركها ترك ما فرض الله عليه.

[٨٩٢] حماد بن عيسى ، باسناده ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام أنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ) (١).

قال : فينا أنزلت ، أورث الله عزّ وجلّ الكتاب الائمة منا.

وقوله ( فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) يعني منهم من لا يعرف إمام زمانه ولا يأتمّ به فهو ظالم لنفسه بذلك.

وقوله : ( وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) : يعني من هو منهم في النسب ممن عرف إمام زمانه وائتمّ به واتبعه فاقتصد سبيل ربه بذلك و « السابق ( بِالْخَيْراتِ ) هو الإمام منا.

[٨٩٣] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام أنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ حكاية عن إبراهيم عليه‌السلام : ( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (٢).

فقال : نحن تلك الذرية.

__________________

(١) فاطر : ٣٢.

(٢) إبراهيم : ٣٧.

٥٠٥

[ كونوا مع الصادقين ]

[٨٩٤] موسى بن إسحاق ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (١).

قال : نحن الصادقون ما حملناه (٢) إليكم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنه تبارك اسمه.

[ النظر الى أربع عبادة ]

[٨٩٥] محمّد بن عبد الله الحلبي ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعد ، أنه كان يقول :

النظر الى أهل بيت النبي عبادة ، والنظر الى الكعبة عبادة ، والنظر الى المصحف عبادة ، والنظر الى الوالدين عبادة.

[٨٩٦] محمّد بن عبيد الله ، باسناده عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، أنه قال : خطب عمر بن الخطاب الى علي عليه‌السلام ابنته أمّ كلثوم.

فقال علي عليه‌السلام : إنها صغيرة.

فقال عمر : إنما أردت منها ، إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سبي ونسبي ، فأردت أن يكون لي بها سبب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتصل

__________________

(١) التوبة : ١١٩.

(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : عن حملناه.

٥٠٦

به من أجله (١).

[٨٩٧] جعفر بن الأحمر ، قال : دخلت على فطر الخياط ـ وقد اغمي عليه ـ ، فقرأت عند رأسه سورة ياسين ، فرفع رأسه إليّ.

__________________

(١) قال علي بن أحمد المتوفى ٣٥٢ هـ في الاستغاثة ص ٩١ ما نصه : وأما تزويج عمر من أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه‌السلام فانه حدثنا جماعة من مشايخنا الثقات ، منهم جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، عن أحمد بن الفضل ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام عن تزويج عمر من أمّ كلثوم.

فقال عليه‌السلام : ذلك فرج غصبنا عليه.

وهذا الخبر مشكل لما رواه مشايخنا عامة في تزويجه منها وذلك في الخبر : أن عمر بعث العباس بن عبد المطلب الى أمير المؤمنين عليه‌السلام يسأله أن يزوجه أمّ كلثوم ، فامتنع عليه‌السلام فلما رجع العباس الى عمر يخبره امتناعه ، قال : يا عباس أيأنف من تزويجي؟ والله لئن لم يزوجني لاقتلنه. فرجع العباس الى علي عليه‌السلام ، فأعلمه بذلك. فأقام علي عليه‌السلام على الامتناع ، فأخبر العباس عمر ، فقال له عمر : احضر في يوم الجمعة في المسجد وكن قريبا من المنبر لتسمع ما يجري فتعلم أني قادر على قتله إن أردت.

فحضر العباس المسجد ، فلما فرغ عمر من الخطبة قال : أيها الناس إن هاهنا رجلا من أصحاب محمّد وقد زنى وهو محصن وقد اطلع عليه أمير المؤمنين وحده ، فما أنتم قائلون؟

فقال الناس من كل جانب : اذا كان أمير المؤمنين اطلع عليه فما الحاجة إلى أن يطلع عليه غيره وليمض في حكم الله.

فلما انصرف عمر ، قال للعباس : امض الى علي فاعلمه بما قد سمعته ، فو الله لئن لم يفعل لأفعلن.

فصار العباس الى علي عليه‌السلام فعرفه ذلك. فقال علي عليه‌السلام : أنا أعلم أن ذلك ممّا يهون عليه وما كنت بالذي أفعل ما يلتمسه أبدا.

فقال العباس : لئن لم تفعله فأنا أفعل وأقسمت عليك أن لا تخالف قولي وفعلي.

فمضى العباس الى عمر ، فأعلمه أن يفعل ما يريد من ذلك فجمع عمر الناس فقال : إن هذا العباس عمّ عليّ بن أبي طالب وقد جعل إليه أمر ابنته أمّ كلثوم وقد أمره أن يزوجني منها ، فزوجه العباس بعد مدة يسيرة ، فحملوها إليه.

وقال المفيد في المسائل السروية : إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليه‌السلام ابنته من

٥٠٧

فقال لي : جعفر.

قال : قلت : لبيك.

قال : ما يسرني بحبي أهل بيت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعدد كل شعر في جسدي يذكر الله عزّ وجلّ وأنا أبغضهم.

[ السؤال يوم القيامة ]

[٨٩٨] حسن بن حسين الأنصاري ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

لا يزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال [ عن أربع ] :

عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت.

[٨٩٩] محمّد بن عبد الله ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الفجر ، ثم التفت إلينا ، فنظر مليا ، ثم سجد ست سجدات.

فقال له العباس : يا رسول الله ، ما هذا السجود؟

__________________

عمر غير ثابت ، وطريقه من الزبير بن بكار ، وطريقه معروف لم يكن موثوقا به في النقل ، وكان متهما فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين عليه‌السلام وغير مأمون فيما يدعيه عنهم في بني هاشم ، وانما نشر الحديث أبي محمّد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه ، فظن كثير من الناس أنه حق لرواية رجل علوي له وهو انما رواه عن ابن الزبير. كما روى الحديث نفسه مختلفا. فتارة يروي أن أمير المؤمنين عليه‌السلام تولى العقد له على ابنته.

وتارة يروي عن العباس أنه تولى ذلك عنه.

وتارة يروي أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم.

وتارة يروي أنه كان من اختياره وايثاره.

... وبدء هذا القول وكثرة الاختلاف يبطل الحديث ، ولا يكون له تأثير على حال.

٥٠٨

فقال : هبط عليّ جبرائيل ، فقال : إنك يا محمّد في الجنة ، فسجدت. ثم بشّرني أن عليا في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن فاطمة في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن الحسن والحسين في الجنة وأنهما سيدا شبابها ، فسجدت. ثم بشرني أن عمي حمزة في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن ابن عمي جعفر في الجنة يطير فيها بجناحين ، فسجدت.

قال : فكان العباس بعد ذلك يقول : منا سبعة ليس في الناس مثلهم : منا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر ذو الجناحين ، وليس من هذه الأمة أحد يعدلهم ، فمن ناصبنا حربا أو جحدنا حقنا فقد حارب الله ورسوله وجحد ما أنزل الله عزّ وجلّ على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله .

[ الرسول وفاطمة ]

[٩٠٠] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتته فاطمة عليها‌السلام تعوده ، فلما رأت ما به [ من الجهد والضعف ] بكت.

فقال لها : ما يبكيك يا فاطمة ، أما علمت أن الله عزّ وجلّ أطلع إلى أهل الأرض اطلاعة ، فاختار منهم أباك ، فجعله نبيا ، ثم أطلع إليهم ثانية ، فاختار منهم بعلك ، فجعله لي وصيا ، وأوحى إليّ أن ازوجك إياه ، أما علمت يا فاطمة أن لكرامة أباك زوّجك أعظمهم حلما ، وأقدمهم سلما ، وأكثرهم علما.

فسّرت فاطمة عليها‌السلام بذلك واستبشرت. فلما رأى ذلك منها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يزيدها من مزيد الخير الذي قسمه الله له ولأهل بيته عليه وعليهم‌السلام.

٥٠٩

فقال : يا فاطمة إن لعلي أربعة أضراس (١) ثواقب : إيمانه بالله ورسوله ، وعلمه وحكمته ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقضاؤه بكتاب الله عزّ وجلّ.

يا فاطمة إنا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين قبلنا ولا يدركها أحد من الآخرين بعدنا :

نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك ، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك. ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك. ومنا مهدي هذه (٢) الامة في آخر الزمان.

[ ذرية بعضها من بعض ]

[٩٠١] عبد الله بن بشير ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام أنه قال :

عجبا للناس كيف غفلوا أو تناسوا أو نسوا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم مشربة أم إبراهيم ، إذ وثبت قدمه ، وجاء الناس يعودونه ويسلّمون عليه حتى تضايق بهم المكان. ثم جاء علي عليه‌السلام فسلّم عليه ، وقد أخذ الناس مجالسهم ، فلم يوسعوا له ، ولم ير أن يتخطاهم الى رسول الله. فلما رآهم لا يوسعون قال له : ادن مني يا علي ، فدنا منه فأجلسه الى جانبه ، ثم قال :

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٤٣ / ٩٨ : يا فاطمة لعلي ثمان خصال : إيمانه بالله ورسوله ، وعلمه ، وحكمته ، وزوجته ... وهكذا في مناقب ابن المغازلي : ص ١٠٢.

(٢) وفي نسخة ـ و ـ : ومنا المهدي لهذه ...

٥١٠

أيها الناس هذا أنتم تفعلون بأهل بيتي في حياتي فكيف بعد موتي؟

أما والله لا تقربون من أهل بيتي قربة إلا تقربتم من الله منزلة. ولا تبعدون من أهل بيتي حتى تعرضوا عنهم إلا أعرض الله عنكم.

يا أيها الناس إن القرب والقرابة ، والبشرى والبشارة ، والرضا والرضوان ، والحب والمحبة لمن أحب عليا وتولاه وائتمّ به لفضله ، وبأهل بيته من بعده. وحق عليّ لأدخلنهم في شفاعتي. وحق عليّ أن يستجاب لي فيهم لأنهم أتباعي ، ومن تبعني فإنه مني مثل ما جرى في إبراهيم لأنني من إبراهيم ، وابراهيم مني ، فسنّته سنّتي وسنّتي سنّته ، وفضلي فضله وفضله فضلي ، وأنا أفضل منه فضلا ، يصدق قولي قول الله عزّ وجلّ ( ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (١).

[٩٠٢] أحمد بن عمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي (٢) ، أنه قام في المسجد فقال : أيها الناس إني أبرأ من المرجئة والقدرية والحرورية وبني أميّة وشاهري السيف على آل محمّد.

فأقبل الناس يقولون : ما لجابر ، أجنّ جابر؟

ثم قام إليه شعبة ، فقال : يا جابر ، لأيّ شيء قلت ما قلت؟

قال : قال لي محمّد بن علي بن الحسين عليه‌السلام : إذا سمعت بزلزلة الشام ، واختلفت شيعا بنو أميّة ، وسقط جانب مسجد الكوفة الأيمن ، وطلعت راية آل عباس (٣) ، فقم ، فأبرأ من المرجئة والقدرية

__________________

(١) آل عمران : ٣٤.

(٢) وفي كلا النسختين زيد الجعفي تصحيف ، وهو أبو عبد الله جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي تابعي سكن وتوفي بالكوفة ١٢٨ ه‍.

(٣) أي بني العباس.

٥١١

والحرورية وبني أميّة وشاهري السيف على آل محمّد. فكان ذلك ، ففعلت ما أمرني به أن أفعله.

[٩٠٣] علي بن الحزور ، باسناده ، عن أبي ذر رحمة الله عليه ، أنه صعد درجة الكعبة حتى أخذ بحلقة الباب ، ثم أسند ظهره إليه ، وقال :

أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

من قاتل أهل بيتي في الاولى ، وتوفي في الثالثة فهو من شيعة الدجال (١).

وسمعته يقول : إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك.

وسمعته يقول : اجعلوا أهل بيتي فيكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس ، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين. ادخلوا حيث دخلوا ، واخرجوا من حيث خرجوا ، ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم.

وسمعته يقول : ما تركت فئة تقتل مائة ولا تهدي مائة إلا وقد نبأت ناعقها وقائدها وسائقها ومنتهى أمرها ، وأودعت ذلك عند أهل بيتي يرث حيهم ميتهم حتى يقتل الدجال.

[ حبّ أهل البيت حسنة ]

[٩٠٤] محمّد بن حماد ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال لرجل : ألا

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٣ / ١٢٠ الحديث ٤٠ : من قاتلني في الاولى ، وقاتل أهل بيتي في الثانية ، حشرة الله تعالى في الثالثة مع الدجال.

٥١٢

اخبرك بالحسنة التي من جاء بها دخل الجنة ، والسيئة التي من جاء بها كبّ على وجهه في النار؟

قال : بلى ، يا أمير المؤمنين.

قال : الحسنة حبنا أهل البيت ، والسيئة بغضنا.

[٩٠٥] أحمد بن يحيى ، باسناده ، عن عائشة (١) ـ زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنها قالت : لما ولد لأبي ابنه محمّد (٢) ، فحمله الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال : يا رسول الله سمّه باسم.

فسماه محمّدا. وقال : يا رسول الله ادع له بالبركة.

فقال : اللهمّ بارك فيه وارزقه بره ، وأعنه على تأدية حقه ، واجعله محبا لنبيك ولأهل نبيه.

قالت عائشة : فقاتلني والله بالبصرة مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فذكرت يومئذ الدعوة ، فوددت أني كنت مقيمة عليلة سبع سنين ولم أخرج ذلك الخروج.

[٩٠٦] علي بن حمزة ، باسناده ، عن الحسين بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : من أحبنا أهل البيت لله لا لغيره نفعه الله يحبنا وإن كان أسيرا بالديلم (٣) ، ومن أحبنا لغير ذلك فإن الله يفعل ما يريد. إن حبنا أهل البيت ليسقط الذنوب عن العباد كما يسقط الريح الورق من الشجرة.

__________________

(١) وهي عائشة بنت أبي بكر ولدت ٩ قبل الهجرة ، ماتت ٥٨ ه‍.

(٢) وهو محمّد بن أبي بكر أمير مصر ومن أنصار أمير المؤمنين والمقاتلين في نصرته شهد الجمل وصفين. قال علي عليه‌السلام في حقه : إنه ابني. قتله معاوية بن خديج من قواد عمرو بن العاص ٣٨ ه‍.

(٣) الديلم : منطقة جبلية في گيلان شمال بلاد قزوين.

٥١٣

[ أنا سلم لمن سالمكم ]

[٩٠٧] علي بن هاشم ، باسناده ، عن الحسن عليه‌السلام ، أنه قال :

من أحبنا أهل البيت لله جلّ ذكره لا لغيره نفعه الله سبحانه بحبنا ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم : أنا سلم لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم.

[٩٠٨] شريك بن عبد الله ، باسناده ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي. ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ألا وهما الخليفتان من بعدي.

[٩٠٩] محمّد (١) بن إبراهيم ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : ما من نبي إلا وقد أعطي سبعة نجباء رفقاء. وأن نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أعطي أربعة عشر ، أنا ، وابني ـ حسنا وحسينا ـ ، وحمزة أسد الله وأسد رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجعفر له جناحان مضرّجان بالدم (٢) يطير بهما في الجنة حيث يشاء ، وعبيدة بن الحارث (٣) ، وزيد بن حارثة ، وبلال ، وسلمان ، وعمار ، والمقداد ، وحذيفة ، وابن مسعود رضوان الله عليهم أجمعين.

[٩١٠] عبد الله بن حكيم ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام

__________________

(١) وفي نسخة و: صحرز بن إبراهيم.

(٢) وفي نسخة و: بالدماء.

(٣) وفي مناقب الخوارزمي ص ٢١٢ : والعباس.

٥١٤

عن قول الله عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١).

قال : هي قرابة ما بينه وبيننا (٢) ، وتزعم قريش قرابة ما بينه وبينهم ، وكيف يكون ذلك ونحن أقرب إليه منهم! [٩١١] أبو عبد الرحمن المسعودي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال :

نزلت هذه الآية في خمسة ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣) في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين.

تمّ الجزء العاشر بحمد الله تعالى وفضل سيّدنا المختار وآله الائمة الأطهار عليهم صلوات الله العزيز الغفّار.

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) وفي بحار الأنوار ٢٣ / ٢٤١ : نزعم أنها قرابة ما بيننا وبينه.

(٣) الاحزاب : ٣٣.

٥١٥
٥١٦

تخريج الأحاديث

٥١٧
٥١٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[٣٨٠] رواه الخوارزمي في المناقب ص ١٥٦ ، ضمن رواية مفصلة أخذنا موضع الحاجة منها :

قال رضي‌الله‌عنه : وروي أن في اليوم العاشر من حرب صفين اقتتل الناس قتالا شديدا حتى عانق الرجال الرجال ، وانهزم طائفة من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأمير المؤمنين واقف ينظر إليهم ، وركض الأشتر في آثارهم يستردهم ، ويقول : أما تستحون تدعون أمير المؤمنين عليه‌السلام وسيد المسلمين.

وأقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن والحسين ومحمّد ابنه ومحمّد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر حتى صاروا الى رايات ربيعة والنبل يقع عليهم ، فقال له ابنه محمّد : يا أبة ، لو بادرت الى هذه الرايات التي تلينا فإن فيها بقية لنا والنبل كما ترى. فقال : يا بني إن لأبيك يوما لن يعدوه.

ثم صاح بصوت عال جهير : لمن هذه الرايات؟

قالوا : رايات ربيعة.

قال : بل هي رايات الله ، عصم الله أهلها وثبت أقدامهم ، ... الحديث.

[٣٨١] رواه الحاكم في المستدرك ٣ / ٤٠٢ بسنده ، عن عبد الرحمن بن أبي

٥١٩

ليلى ، الحديث مع اختلاف يسير.

ورواه أبو نعيم أيضا في حلية الأولياء ٢ / ٨٩٦ ، وابن سعد في طبقاته ٦ / ١١٢.

[٣٨٢] رواه ابن شهر اشوب في المناقب ٣ / ١٦٩ ، عن ابن مردويه ، عن ابن أبي حازم التميمي ، وأبو وايل ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ... الحديث.

ورواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات ١ / ٣٠ ، عن بكر بن عيسى ، عن الأعمش ، عن الحكم بن عيينة ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : سمعت عليا عليه‌السلام يقول : ... الحديث مع تفاوت.

ورواه محمّد بن عقيل في النصائح الكافية ص ٣١.

[٣٨٣] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ( باختلاف يسير ) ص ٢١٨ ، عن قيس بن الربيع ، وسليمان بن قرم ، عن الأعمش ، عن الحارث بن سعيد ، عن علي عليه‌السلام ... الحديث.

[٣٨٤] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي إسحاق قال : خرج علي يوم صفين ... الحديث. ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات ٣ / ٤٣. ورواه المجلسي أيضا في بحار الانوار ٥ / ١٠٥ الحديث ٣١.

[٣٨٥] روى قسما من الخطبة نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص ٢٢٣.

[٣٨٦] رواه المفيد في الارشاد ص ١٤٤ ـ ضمن خطبة ـ مرسلا. والمجلسي في بحار الأنوار مجلد ٨ / ٦١١.

[٣٨٨] رواه ابن شهر اشوب في المناقب ٣ / ١٩٣ ، عن محمّد بن عبد الله الرعيني ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ... الحديث.

[٣٨٩] رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج ، عن أبي نعيم الحافظ ، عن أبي عاصم الثقفي ، قال : جاءت امرأة ... الحديث.

٥٢٠