شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١١

[ حديث الدينار ]

[٧٤٦] يحيى ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح علي عليه‌السلام ذات يوم ، فقال لفاطمة عليها‌السلام : يا فاطمة هل عندك شيء [ تغذينيه ] (١).

قالت : والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصبح اليوم عندي شيء اغذيكه ، وما كان عندي شيء منذ يومين إلا ما كنت اوثرك به على نفسي وعلى هذين ـ تعني الحسن والحسين عليهما‌السلام ـ.

قال : فهلا كنت ذكرت ذلك لي ، فأبغركم شيئا؟

قالت : إني لأستحي من الله أن اكلّفك ما لا تقدر عليه ، ولا تجده.

فخرج علي عليه‌السلام من عندها ، واثقا بالله ، حسن الظن به ، فأتى بعض الصحابة ، فاستقرض دينارا ، وأقرضه إياه. فمضى ليبتاع به لعياله ما يصلحهم ، فلقي المقداد بن الأسود (٢) في يوم شديد الحر ، وقد لوحته الشمس من فوقه وأذته من تحته ، فلما رآه علي عليه‌السلام أنكر

__________________

(١) هكذا صححناه من ذخائر العقبى ص ٤٤ وفي الاصل : شيء الغذاء.

(٢) أبو معيد المقداد بن عمرو ويعرف بابن الاسود الكندي البهراني الحضرمي الصحابي الجليل سكن المدينة وتوفي على مقربة منها فحمل إليها ودفن فيها ٣٣ ه‍.

٤٠١

حاله ، فقال : يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة عن أهلك؟

فقال : يا أبا الحسن خلّ عن سبيلي ، ولا تسألني عما ورائي.

قال : يا أخي إنه لا ينبغي أن تجاوزني حتى أعلم علمك.

قال : يا أبا الحسن ، رغبة الى الله عزّ وجلّ وإليك أن تخلّي سبيلي ، ولا تكشفني عن حالي.

قال له : يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.

قال : يا أبا الحسن ، أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمّدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ، ما أزعجني عن أهلي إلا الجهد ، وقد تركت عيالي يتضارعون جوعا. فلما سمعت ذلك منهم وبكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموما راكبا رأسي ، فهذه قضيتي وحالي.

فهملت عينا علي عليه‌السلام بالبكاء حتى بلّت دموعه لحيته ، وقال له : أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني وأخرجني عن أهلي غير الذي أخرجك وأزعجك عن أهلك ، ولكن قد استقرضت دينارا ، فهاكه قد آثرتك به على نفسي.

فدفع الدينار إليه ، وأتى المسجد ، فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة مرّ بعلي عليه‌السلام وهو يصلّي ، فغمزه [ برجله ] ، فأوجز في صلاته ، ثم لحق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند باب المسجد. فقال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل (١).

فأطرق علي عليه‌السلام ساعة لا يحير جوابا حياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان جبرائيل عليه‌السلام قد هبط على النبيّ

__________________

(١) وفي كفاية الطالب ص ٢٦٨ : هل عندك شيء تعشينا فأنفتل الى الرحل.

٤٠٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا محمّد إن الله عزّ وجلّ يأمرك ان تتعشى هذه الليلة عند علي عليه‌السلام ، فلما نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى سكوت علي عليه‌السلام قال : يا أبا الحسن ، مالك لا تقول شيئا ، أتقول : نعم ، فأمضي معك ، أم أنصرف؟

فقال ـ حياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : نعم ، فامض بنا يا رسول الله.

فانطلقا ، فدخلا على فاطمة عليها‌السلام وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها ، وخلفها في البيت جفنة تفور دخانها ، فلما أن أحست بالنبي وعلي عليهما‌السلام قامت مبادرة الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت من أحب الناس إليه ، فسلّمت عليه ، فردّ عليها‌السلام ، فمسح بيده على رأسها ، وقال : يا بنية كيف أمسيت رحمك الله [ عشّينا غفر الله لك ] (١) ، وجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام وجلست فاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام بحسب ما كانوا يجلسون على الطعام ، وعلي عليه‌السلام [ يظن ] أن الطعام شيء عملته فاطمة عليها‌السلام ، وهي تظن أنه جاء به مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حسب ما كان يفعل ذلك كثيرا ، وكشفت عن الجفنة ، فإذا ثريد يفور وعراق كثير ، فجعلوا يأكلون ، وعلي عليه‌السلام ينظر الى فاطمة عليه‌السلام نظرا شحيحا (٢).

فقالت عليها‌السلام : يا أبا الحسن ، مالي أرى أكلك ضعيفا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من كفاية الطالب.

(٢) النظر بغضب.

٤٠٣

وعهدي بك منذ أول النهار سألت الغذاء ، ثم لم أرك ، وأراك مع ذلك تنظر الي نظرا شحيحا ، كأن في نفسك عليّ شيء.

قال علي عليه‌السلام : كيف لا يكون ذلك وقد كدت أرد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سألني العشاء عندي ، وأنا لا أعلم عندك شيء على قولك ، فمن أين هذا الطعام؟

قالت : والذي بعثه بالحق نبيا ـ وأشارت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ما عندي منه علم ، ولا ظننت إلا أنه شيء جئت به من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فأمسكت عن الطعام ، وأمسك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وتغشى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الوحي ، فغمز بين كتفي علي عليه‌السلام ، ثم قال : كل يا علي ، كلي يا فاطمة ، ووضع يده فأكل.

وقال : هذا من عند الله ، يا علي هذا عوض دينارك ، هذا عوض إيثارك على نفسك ، هذه كرامة من عند الله عزّ وجلّ لنا أهل البيت.

فأنزل الله عزّ وجلّ فيه : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١). واستعبر رسول الله ، وقال : الحمد لله الذي أنالكما كما أنال زكريا ومريم بنت عمران ، إذ كان ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (٢).

__________________

(١) الحشر : ٩.

(٢) آل عمران : ٣٧.

٤٠٤

[٧٤٧] أحمد بن شعيب [ النسائي ] ، باسناده ، عن [ هلال ، عن عوار ] (١) ، قال : قلت لعبد الله بن عمر : أخبرني عن علي عليه‌السلام وعثمان ، ومنزلة كل واحد منهما.

قال : أما علي عليه‌السلام فهذا منزله وهذا منزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا اخبرك بأكثر من هذا. وأما عثمان فإنه أذنب ذنبا عظيما ، كان ممن تولّى يوم التقى الجمعان ، وذلك يوم أحد ، فغفر الله له ذلك فيمن غفر ، وأذنب فيكم [ ذنبا صغيرا ] فقتلتموه.

[٧٤٨] وبآخر ، عن علي عليه‌السلام أنه قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي يهلك فيك محبّ مفرط ، ومبغض مفرط ، ومثلك مثل المسيح غلت فيه النصارى ، فزعموا أنه ابن الله. وغلت فيه اليهود فزعموا أنه لغير رشده ، [ واقتصد قوم فنجوا ] (٢).

[٧٤٩] يحيى بن مساور ، باسناده ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال ـ يوما وعنده جماعة من أصحابه ـ : نقيّ القلب ؛ نقيّ النفس ؛ يقول صوابا ، ويمشي سدادا ، تزول الجبال ولا يزول ، هو مني وأنا منه.

قالوا : يا رسول الله ، من هو هذا؟

قال : علي بن أبي طالب ، نور الله بين عينيه.

[٧٥٠] وبآخر ، عن أبي موسى الأشعري ، أنه قال لعمرو بن العاص ـ لما أن تفاوض في الحكومة ـ :

ويحك يا عمرو ، ما يدعوك الى أن تجعل الخلافة في غير علي بن أبي

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من خصائص النسائي ص ١٠٦ وفي الاصل : عن علاء بن عمران.

(٢) ما بين المعقوفتين من بحار الانوار ٣٥ / ٣١٩.

٤٠٥

طالب عليه‌السلام؟ أما سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح (١) من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق؟ أما تذكر يوم كنا بباب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرج إلينا ، فقال :

إن إبراهيم خليل الله ، وموسى كليم الله ، وعيسى روح الله ، وأنا حبيب الله ، وعلي بن أبي طالب وديعتي عند الله؟

أو ما تذكر إذ كنا في سفر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل يسير على رجليه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

والذي نفسي بيده لئن شئتم لأرينكم أيّ الناس شبها ومنطقا بابراهيم خليل الرحمن عليه‌السلام.

قالوا : ومن هو يا رسول الله؟

قال : هذا المقبل علي بن أبي طالب ، نور الله بين عينه.

فرفعوا أبصارهم فإذا وجه علي عليه‌السلام يضيء مثل الشمس.

[٧٥١] سعيد بن نوح العجلي ، باسناده ، عن أنس بن مالك. قال : كنت خادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته يقول :

ليدخلن عليّ اليوم البيت رجل هو خير الأوصياء ، وسيد الشهداء ، وأقرب الناس يوم القيامة [ إليّ ] مجلسا (٢).

__________________

(١) لقد عثرت لجنة التنقيب عن الآثار السوفيتية في منطقة وادي قاف على قطع من هذه السفينة وعلى قطعة خشبية مكتوب عليها باللغة السامانية كلمات ترجمها العالم البريطاني ايف ماكس ( استاذ الألسن القديمة في جامعة مانجستر ) الى الانكليزية ، وإليك ترجمتها بالعربية : يا الهي ويا معيني برحمتك وكرمك ساعدني ولأجل هذه النفوس المقدسة محمّد وإيليا شبر شبير فاطمة الذين هم جميعهم عظماء ومكرمون ، العالم قائم لاجلهم ، ساعدني لأجل أسمائهم. ولا يخفى أن هذه اللوحة موجودة في متحف الآثار القديمة في موسكو. وأن إيليا وشبر وشبير يعني بالعربية علي والحسن والحسين.

(٢) وفي أمالي الصدوق ص ١٧٥ : وأدنى الناس منزلة من الأنبياء.

٤٠٦

قال أنس بن مالك ، فقلت : اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار ، فدخل علي عليه‌السلام في ذلك اليوم.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومالي لا أقول هذا فيك ، وأنت تبرأ ذمتي وتحفظ وصيتي.

[٧٥٢] حسن بن حريث بن عمارة (١) ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه سئل عن علي عليه‌السلام ، قال : ذلك خير البشر من شك فقد كفر.

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : حسن بن حر بن أبو عمار. والمفروض أن يكون : بن أبي عمار فلاحظ.

٤٠٧

[ عليّ مع الملائكة ]

قول الملائكة في علي عليه‌السلام وعونهم إياه وما جاء عنهم فيه

[٧٥٣] سعد بن طريف ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : زارت الملائكة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاء عمر يريد أن يدخل إليه ، وعلي عليه‌السلام بالباب (١).

فقال له عمر : أتأذن لي؟

فقال له : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على حاجة.

وعلي عليه‌السلام يمسح العرق عن وجهه ويحسب بيده ، فانصرف عمر ، ثم عاد ، فقال له : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على حاجة ، ثم جاء الثالثة ، فقال : يا عمر إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زاره اليوم ثلاثمائة وستون ملكا ، فهو معهم مشغول عنك وعن غيرك.

فانصرف عمر ، فلما أن صلّى الظهر أتى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أتيت اليوم إليك مرارا فردّني علي وزعم أنه زارك اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام ، فقال له :

__________________

(١) وفي بحار الانوار ٣٩ / ١١٢ : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليا فقال : يا علي ، احفظ عليّ الباب فلا يدخلن أحد اليوم فإن ملائكة من ملائكة الله استأذنوا ربهم أن يتحدثوا لي اليوم إلى الليل ، فاقعد ، فقعد علي عليه‌السلام على الباب.

٤٠٨

يا علي ، ما أعلمك أنه زارني اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

قال : يا رسول الله ، أحصيت سلامهم عليك.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفسي بيده ، ما زدت ولا نقصت قلامة ظفر ولقد أحصيت عددهم.

[٧٥٤] محمّد بن عيسى النخعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : لما أن أمر الله عزّ وجلّ نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالهجرة ، وأعلمه بما عقد (١) المشركون من أن يثبوه ليقتلوه ، وأمر عليا عليه‌السلام بأن يضطجع مضجعه ، ففعل ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرائيل وميكائيل عليهما‌السلام :

إني قد آخيت بينكما وإني قابض روح أحدكما ، فاختارا ، أيكما أقبض روحه؟

فكلاهما أحبّ الحياة وكره الموت.

فأوحى الله عزّ وجلّ إليهما : ما أنتما في مواساتكما كمواساة علي لمحمّد. فانطلقا ، فاحفظاه من كل سوء من عدوي وعدوه حتى يصبح.

فهبطا ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، وهما يقولان : بخ بخ لك يا علي المحبوب المواسي بنفسه.

[٧٥٥] أبو عثمان (٢) قاضي الموصل ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري (٣) أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لقد صلّيت وعلي بن أبي طالب سبع سنين وذلك أنه لم يؤمن ذكر من قبله ، وذلك قول الله عزّ وجلّ ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : بما عقل.

(٢) وفي نسخة الاصل : أبو غسان.

(٣) وهو خالد بن زيد بن كعب بن ثعلبة من بني النجار ، توفي ٥١ ه‍.

٤٠٩

يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ ) (١) لمن في الأرض وكان ذلك لي ولعلي وخديجة بنت خويلد ، ثم لمن آمن من بعد.

[ حديث الناقة ]

[٧٥٦] محمّد بن مالك ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : خرج علي عليه‌السلام ومعه إزار ، فباعه بستة دراهم في سوق المدينة ، وأقبل ليبتاع بها طعاما لعيال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلقيه سائل.

فقال يا أبا الحسن عادتك الجميلة ، فدفع إليه الستة الدراهم ، وأقبل بلا شيء ، فلما أن صار في بعض الطريق لقي أعرابيا ومعه ناقة.

فقال له الأعرابي : هل تشتري مني هذه الناقة؟

قال له : ليس معي ثمنها.

قال : أنا أصبر عليك.

قال [ أمير المؤمنين ] : بكم هي؟

قال [ الأعرابي ] : بمائة درهم.

قال [ أمير المؤمنين ] : أخذتها.

قال : فدفعها إليه ، فأخذها علي عليه‌السلام منه ، ثم وقف عليهما أعرابي آخر.

فقال لعلي عليه‌السلام : أتبيع الناقة؟

قال : نعم.

قال [ الأعرابي ] بكم هي؟

قال : أخذتها من هذا بمائة درهم بنظرة فاعط ما شئت؟

__________________

(١) غافر : ٧.

٤١٠

قال : اعطيك مائة وستين درهما نقدا.

قال [ أمير المؤمنين ] : هي لك.

فوزن الدراهم ، فاستوفى البائع المائة ، وأتى عليه‌السلام بستين درهما فوضعها بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال :

نعم البائع ، ونعم المشتري. يا علي ، أما البائع منك فجبرائيل ، وأما المشتري منك فميكائيل. أعطيت ستة ، فأعطيت ستين. ولو زدت لزادك ، ولو دنقت لدنق عليك ، ألا إن الله عزّ وجلّ انتجبك ، فهداك.

[٧٥٧] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : قدم علي عليه‌السلام من بعض غزواته المباركة.

فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا على إن جبرائيل يقرئك السّلام ، وأخبرني أنه عنك راض.

قال : فبكى علي عليه‌السلام.

فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفرحا بكيت يا علي؟

قال : فكيف لا أفرح يا رسول الله ، وأنت تخبرني برضاء جبرائيل عني.

فقال : يا علي إن الله عزّ وجلّ وملائكته ورسوله عنك راضون ، ولو لا أني أخاف أن يقول فيك الناس ما قالت النصارى في عيسى بن مريم عليه‌السلام لقلت فيك اليوم قولا ما تمرّ بملإ من أمتي (١) إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يرجون بذلك البركة والرحمة.

__________________

(١) وفي مقتل الخوارزمي ١ / ٤٦ : لا تمر بأحد من المسلمين.

٤١١

[٧٥٨] إسحاق بن وهب بن زياد ، باسناده ، عن جابر عن عبد الله ، أنه قال : لما أن قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بفتح خيبر.

قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي ، إني اخبرت خبرك واوتيت مناي فيك ، وإني عنك راض.

قال : فدمعت عينا علي عليه‌السلام.

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تبك فان الله وملائكته ورسله وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل عنك راضون ، ولو لا أن تقول امتي فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ على ملأ من الناس قلّوا أو كثروا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، وفضل طهورك ، يلتمسون به البركة ويستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك ترثني وأرثك ، وإن ولدك ولدي ، وحربك حربي ، وسلمك سلمي ، وإن سرك سري ، وعلانيتك علانيتي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن الإيمان قد خالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وإنك تنجز عداتي ، وتقاتل على سنتي ، وإنك أول من يرد الحوض عليّ ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإن الحق بين عينك وفي قلبك وعلى لسانك ، وإنك تكسى إذا كسيت ، وتحلى إذا حليت ، وتعطى إذا اعطيت ، وإن شيعتك يوم القيامة على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي ، أشفع لهم ، ويكونون في الجنة جيراني ، وكل مبغض لك وأهل بيتك يذاد عن حوضي.

قال : فخرّ علي (١) عليه‌السلام ساجدا. ثم رفع رأسه الى السماء

__________________

(١) هكذا في نسخة هـ وفي الاصلب : فخرّ رأسه علي.

٤١٢

فقال : الحمد لله (١).

[٧٥٩] محمّد بن ثابت ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة من غزواته ، فنزل منزلا ونزل المسلمون معه على غير ماء ، والمشركون على ماء لهم ، فعطش النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال : من يسقني شرية من ماء وله الجنة؟

فلم يكن عند أحد ماء. فوثب علي عليه‌السلام فتناول القربة ، وقد غابت الشمس ، وخرج يمشي نحو الماء الذي عليه المشركون ، فأتاه ليلا فملأ القربة. فلما احتملها [ وخرج ، فجاءت ريح ] ، فوقع ، وهرق الماء فملأها ثانية ، فأصابه مثل ذلك. ثم ثالثة ، فأصابه مثل ذلك ، ثم ملأها (٢) ، وأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بها مملوءة.

فقال : يا علي ، اسقطت ثلاث مرات؟

قال : نعم ، والذي بعثك بالحق يا رسول الله ، لقد أصابني ذلك ، فمن أخبرك؟

قال : جاء جبرائيل في جماعة من الملائكة ، فأخبرني أنهم أتوا إليك ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت ، ثم جاءني ميكائيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت. ثم جاءني إسرافيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك مثل ذلك. وما

__________________

(١) وفي كفاية الطالب ص ٢٦٥ ومناقب الخوارزمي ص ٧٦ : قال علي عليه‌السلام : فخررت ساجدا لله سبحانه وحمدته على ما أنعم به عليّ من الاسلام والقرآن وحببني الى خاتم النبيين وسيد المرسلين صلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٢) وفي مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ٢٤٢ : فلما كانت الرابعة ملأها.

٤١٣

أتوك إلا ليحفظوك (١).

[٧٦٠] محمّد بن عمرو ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما عصاني قوم من المشركين إلا رميتهم بسهم الله.

قيل : وما سهم الله يا رسول الله؟

قال : علي بن أبي طالب ، ما بعثته في سرية ولا أبرزته لمبارزة إلا رأيت جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه وسحابة تظله حتى يعطيه الله خير النصر والظفر.

[٧٦١] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن الليث ، قال : كان لعلي عليه‌السلام في ليلة واحدة ثلاثة ألف منقبة وثلاث مناقب. بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يستقى له ماء ، فبينا هو على البئر إذ هبت ريح شديدة حتى استمسك بالبئر ، ثم مرت ريح ثانية ، ثم ثالثة كذلك ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر ذلك له.

فقال له : يا أبا الحسن ، أما الريح الاولى فانه جبرائيل مرّ بك في ألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلّموا عليك. وأما الريح الثانية فانه ميكائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلموا عليك. وأما الريح الثالثة ، فانه اسرائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم وسلّموا عليك (٢).

__________________

(١) وهذا الصدد يقول الحميري :

وسلّم جبريل وميكال ليلة

عليه وحياة اسرافيل معربا

أحاطوا به في روعة جاء يستقي

وكان على الف بها قد تحزّبا

ثلاثة آلاف ملائك سلّموا

عليه فأدناهم وحيّا ورحّبا

(٢) ونعم ما قال القائل :

ذاك الذي سلّم في ليلة

عليه ميكال وجبريل

ميكال في الف وجبريل في

الف ويتلوهم سرافيل

٤١٤

[٧٦٢] محمّد بن [ الجنيد ] (١) ، باسناده ، عن سعد بن المسيب ، قال : لقد أصابت عليا عليه‌السلام يوم احد ست عشرة ضربة ، وهو بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يذبّ عنه. كل ضربة منها يسقط الى الارض ، فإذا سقط رفعه جبرائيل عليه‌السلام.

[٧٦٣] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن إبراهيم النخعي (٢) ، أنه قال. لما أسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى السماء هتف به هاتف من السماوات : يا محمّد إن الله عزّ وجلّ يقرئ عليك السّلام ، ويقول لك أقرئ علي بن أبي طالب مني السّلام.

[٧٦٤] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن عبد الله بن عباس ، أنه سئل عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : ما تسألون عن رجل طالما سمع وقع جبرائيل عليه‌السلام فوق بيت نبيه.

[٧٦٥] سعد بن طريف ، باسناده ، عن ابي جعفر محمّد بن علي عليه‌السلام ، أنه قال : دخل علي عليه‌السلام على فاطمة عليها‌السلام وعندها رسول الله لما انصرف عن أحد.

فقال لها : يا فاطمة خذي السيف غير ذميم.

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أجدت القتال اليوم ، يا أبا الحسن؟

قال : الله ورسوله أعلم.

قال : ألا ابشرك يا علي إن جبرائيل قال ـ وأنت تقاتل ـ : لا سيف

__________________

(١) هكذا صححناه من المناقب ٢ / ٢٤٠ وفي الاصل : محمّد بن الحسن.

(٢) أبو عمران النخعي ، ابراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود ، ولد ٤٦ ه‍. من مذحج من اكابر التابعين صلاحا ، من أهل الكوفة. توفي مختفيا من الحجاج ٩٦ ه‍.

٤١٥

إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي (١).

[٧٦٦] الدغشي (٢) ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : كنا مع علي عليه‌السلام يوما في مسجد الكوفة إذ أقبل رجل أصهب اللحية ذو ظفيرتين (٣) عليه ثوبان أخضران حتى جلس الى جانب علي عليه‌السلام ، وعلي عند سارية المسجد ، فلما رآه علي قام ، وقام الرجل معه ، فخرجا من المسجد ، فمكثا مليا.

فقال بعض لبعض : ما صنعنا شيئا تركنا أمير المؤمنين مع رجل لا نعرفه.

فقمنا ، فلقينا عليا عليه‌السلام راجعا ، فقلنا له : أخذنا على أنفسنا يا أمير المؤمنين إن تركناك مع رجل لا نعرفه.

قال : أتدرون من ذلك الرجل؟

قلنا : لا.

قال : هو الخضر (٤) عليه‌السلام ، وقد أتاني مرتين قبل هذا وأخبرني أنه سيعود إليّ ، وحدثني بأشياء منها ما عرفته ، ومنها ما لم أعرفه.

قلنا : يا أمير المؤمنين ، بما ذا حدثك ، إن رأيت أن تخبرنا به ، فافعل.

قال : أما في مقامي هذا فلا ، ولكني أخبركم ببعض ما قال. إنه

__________________

(١) نسبة الى دغش بن عمرو بن سلسلة بطن من طي.

(٢) قال الحميري ره :

وله بلاء يوم احد صالح

والمشرفية تأخذ الادبارا

إذ جاء جبريل فنادى معلنا

في المسلمين وأسمع الأبرارا

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى

الا علي ان عددت فخارا

(٣) هكذا في الاصل وفي مناقب ابن شهر اشوب ٢ / ٢٤٦ : وله عقيصتان سوداوان أبيض اللحية.

(٤) وهو صاحب موسى عليه‌السلام ، أشار إليه القرآن ورفع ذكره.

٤١٦

ذكر الكوفة ، فقال : أما إنها مدرة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله عزّ وجلّ.

ثم قال لي : أتدري لم سميت الكوفة؟

قلت : لا.

قال : شقّ نهرها ملك يسمى كوفان.

[٧٦٧] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ـ زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عندي فخرج. ثم قال لي : يا أم سلمة : إن جاء علي فقولي له يلحقني بهذه الأدوات الى الجبل ، وإن أبطأ عليك وجاء بلال فقولي له : يلحقني بها.

قالت : فأبطأ علي عليه‌السلام وجاء بلال. فقلت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمرك أن تأخذ هذه الأدوات فتلحقه بها الى الجبل.

قالت : فلما ذهب بلال ليتناولها جاء علي عليه‌السلام فأخبرته.

فقال لبلال : هلمّ بنا نتعاقبه (١) فمضيا يطلبان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجبل فلم يجداه ، فبينا هما في بعض الشعاب يطلبانه إذ لقيا رجلا يتوكأ على عصاه ، وكساء على عاتقه كأنه راع.

فقال له علي عليه‌السلام : هل رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فقال : وهل لله من رسول؟

فغضب علي عليه‌السلام وتناول حجرا فرماه ، فأصاب بين

__________________

(١) هكذا في الاصل ، وفي المناقب ٢ / ٢٤٩ : وخرج علي ومعه بلال يقفوان أثر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤١٧

عينيه ، فصاح صيحة ، فإذا الأرض كلها سوداء من خيل ورجال [ حتى أطافوا به. ثم أقبل علي عليه‌السلام فبيناهم كذلك ] (١) فأقبل طائران أبيضان ، فأخذ أحدهما يمنة والآخر يسرة [ فما زالا يضربانهم بأجنحتهما حتى ] انكشف ذلك السواد ، فلم ير منه شيء. [ ورجع الطائران حتى أخذا في الجبل ].

فقال علي عليه‌السلام لبلال : اتبع بنا هذين الطائرين فاني أراهما يعلمان حيث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقصدا نحوهما ، فلقيا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مقبلا من الجبل. فلما رأى عليا عليه‌السلام تبسم في وجهه ، وقال : يا علي مالي أراك مرعوبا (٢) ، فقصّ عليه القصة.

فقال : إن ذلك الرجل إبليس اللعين أراد أن يكيدك ، وأن الطائرين جبرائيل وميكائيل كانا عندي فلما سمعنا الصوت أتياك ، يا علي ، ليعيناك.

[٧٦٨] محمّد بن سلام ، [ عن علي ] بن يسار الكوفي ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : لما أخذت في غسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أردت أن أنزع القميص ، فنوديت من جانب البيت : لا تنزع القميص ، فغسله في قميصه. وكنت اعان على تقليبه وأحسّ أن يدا غيري تقلبه معي ، وأردت أن أكبه لوجهه لأغسل ظهره ، فنوديت لا تكبه.

[٧٦٩] الحلبي (٣) ، باسناده ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، أنه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين من المناقب ٢ / ٢٥٠.

(٢) وفي المناقب : مالي أراك مذعورا.

(٣) واظنه عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي.

٤١٨

قال : أوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام أن يغسله.

فقال : يا رسول الله إني لا أستطيع غسلك وحدي ، أنت ثقيل البدن ولا أستطيع أن اقلبك وحدي.

فقال : إن جبرائيل عليه‌السلام يغسلني معك ويناولك الماء الفضل (١) ، وقل له : فليعصب عينيه ، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا عمي.

فكان الفضل يناوله الماء وجبرائيل يغسله معه. فلما غسله عليه‌السلام وكفنه ، أتى العباس ، فقال له : يا علي إن الناس قد اجتمعوا للصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن يصلّي عليه؟

فقال علي عليه‌السلام : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إماما حيا وميتا.

قال : وأين (٢) تدفنه؟

قال [ أمير المؤمنين عليه‌السلام ] : بالبقعة التي قبض فيها.

قال : الأمر إليك.

فوقف علي عليه‌السلام فصلّى عليه. ثم أمر الناس أن يدخلوا عشرة عشرة يصلّون عليه ، ففعلوا. ثم حفر له في المكان الذي قبض فيه في بيت عائشة ، ودفنه هناك صلى‌الله‌عليه‌وآله .

[٧٧٠] سفيان بن عيينة ، قال : أتينا جعفر بن محمّد عليه‌السلام نعزّيه بابنه إسماعيل ، فتحدث معنا ، فذكر وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) وهو الفضل بن العباس بن عبد المطلب.

(٢) هكذا في نسخة هـ وفي الاصل : رأيت.

٤١٩

وقال في الحديث :

فلما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاهم آت ـ يعني أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يسمعون كلامه ولا يرون شخصه ، فقال :

السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (١) إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، فالله فارجوه وإياه فاعبدوه (٢) واعلموا أن المصاب من حرم الثواب ، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال سفيان الثوري بن عيينه : فقلت لجعفر بن محمّد صلوات الله عليه : من كنتم ترون المتكلم؟

قال : كنا نراه جبرائيل عليه‌السلام (٣).

وجاء أن فيما احتج به علي عليه‌السلام على النفر الخمسة يوم الشورى. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم ، أنه قال لهم :

اناشدكم الله هل تعلمون أن رجلا جاءته التعزية من الله غيري. إذ هتف بنا جبرائيل عليه‌السلام ونحن في البيت ـ لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ليس فيه إلا أنا وفاطمة والحسن والحسين ورسول الله صلّى الله

__________________

(١) آل عمران : ١٨٥.

(٢) وفي طبقات ابن سعد ٢ / ٤٨ : فبالله فثقوا وإياه فارجوا.

(٣) وفي بحار الانوار ٣٩ / ١٠٢ : فقيل للباقر عليه‌السلام : ممن كانت التعزية؟ قال : من الله تعالى على لسان جبرائيل.

٤٢٠