شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١١

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ بقية أخبار صفّين ]

[٣٧٩] محمّد بن حميد ، عن أبي عبد الرحمن السلمي أنّه قال : شهدت صفين مع علي صلوات الله عليه ، وكنا قد وكلنا رجلين يحرسانه (١) ، فإذا حانت منهم غفلة ، هجم في القوم حتى يخالطهم ، فما يرجع إلينا حتى يخضب سيفه. وإنه حمل حملة من ذلك فرجع ، وقد انحني سيفه ، فرمى به. وقال : ما جئتكم حتى انثنى عليّ سيفي.

[٣٨٠] أبو نعيم ، باسناده ، عن يحيى بن مطرف ، قال : مرّ علينا علي صلوات الله عليه يوم صفين ، ونحن وقوف تحت راياتنا.

فقال : لمن هذه الرايات؟

قلنا : رايات ربيعة ، يا أمير المؤمنين.

قال : بل هي رايات الله.

[ عصم الله أهلها وثبت أقدامهم ] (٢).

[٣٨١] وبآخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (٣) ، قال : نادى (٤) رجل من أهل

__________________

(١) هكذا في النسخة ـ د ـ ، أما في نسختي ـ أو الأصل ـ : بحرسه.

(٢) هذه الزيادة من المناقب للخوارزمي ص ١٥٦.

(٣) وهو عبد الرحمن بن أبي ليلى واسمه يسار ويقال : داود الكوفي الانصاري والد محمّد وعيسى المتوفى ٨٣ ه‍. وهو الذي ضربه الحجاج حتى اسود كتفاه على سبب أمير المؤمنين علي عليه‌السلام فما فعل. ( ابن خلكان ١ / ٢٩٦ ).

(٤) وفي نسخة ـ ج ـ : دنا.

٣

الشام يوم صفين بنا : أفيكم اويس القرني؟

قلنا : نعم [ وما تريد منه ] (١).

قال : فاني سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول : اويس القرني من خير التابعين [ بإحسان ] (٢) ، ثم ضرب دابته ، فدخل في جملة أصحاب علي صلوات الله عليه.

[٣٨٢] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن قيس بن أبي حازم (٣) [ التميمي ] ، قال : سمعت عليا عليه‌السلام يستنفر الناس إلى قتال معاوية ، وهو يقول : انفروا الى بقية الأحزاب ، وأولياء الشيطان (٤) ، انفروا الى من يقول : كذب الله ورسوله مع من يقول : صدق الله ورسوله.

[٣٨٣] وبآخر ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال : رأيت رسول الله صلوات الله عليه وآله في المنام ، فجعلت أشكو إليه ما لقيت [ من امته من الأود واللّدد ] (٥) حتى بكيت.

فقال لي : يا علي لا تبك ، وارفع رأسك الى ما هاهنا ، فرفعت رأسي ، فنظرت الى معاوية وعمرو بن العاص مناطين بأرجلهما ، فجعلت ارضخ (٦) رأسهما بالحجارة حتى يموتان (٧) ، ثم يعودان.

__________________

(١) هذه الزيادة من حلية الابرار ١ / ٨٩٦.

(٢) وفيه يقول دعبل الخزاعي مفتخرا في قصيدته :

ألا حييت عنا يا مدينا

اويس ذو الشفاعة كان منا

فيوم البعث نحن الشافعونا

(٣) وفي نسخة ـ ج ـ : أبي خد. وهو قيس بن عبد عوف بن الحارث الاحمسي البجلي سكن الكوفة.

توفي ٨٤ ه‍.

(٤) هكذا في نسخة ـ ج ـ وفي الأصل : الشياطين.

(٥) الزيادة من وقعة صفين ص ٢١٨.

(٦) الرضخ : كسر الشيء ودقه.

(٧) وفي نسخة ـ ج ـ يموت.

٤

[٣٨٤] الحسن (١) بن عطية ، عن عمرو بن أبي جندب ، قال : كنا جلوسا عند سيّدنا سعيد بن قيس (٢) بصفين ، إذ جاء أمير المؤمنين يتوكأ على عنزة (٣) وان الصفين ليتراءيان بعد ما اختلط الظلام.

فقال له سعيد : يا أمير المؤمنين.

قال : نعم.

قال : سبحان الله أما تخاف أن يغتالك أحد [ وأنت قرب عدوك ] (٤)؟

قال : لا ، إنه ليس من أحد إلا ومعه من الله حفظة أن يصيبه حجر ، أو أن يخر من جبل ، أو يقع في بئر ، أو تصيبه دابة حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه. [ وإن الأجل جنة حصينة ] (٥).

[٣٨٥] سعيد بن كثير ، باسناده عن الليث بن سعيد ، قال : لما اجتمع أهل الشام وأهل العراق بصفين ، امطروا دما عبيطا ، فهال ذلك أهل الشام ، فقال لهم عمرو بن العاص :

أيها الناس إنما هذه آية من آيات الله (٦) اراكموها ، فليصلح كل

__________________

(١) وفي نسخة ـ د وج ـ : الحسين.

(٢) وهو سعيد بن قيس بن زيد من بني زيد بن مريب من همدان من الدهاة الاجواد من سلالة ملوك همدان توفي ٥٠ ه‍.

(٣) العنزة : كالعكازة في اسفله الزج ( الحديد التي في اسفل الرمح ). وفي الاصل : غذة.

(٤) هذه الزيادة من كتاب صفين ص ٢٥٠.

(٥) هذه الزيادة من نهج البلاغة ـ الكلمات ـ ٢٠١ ص ٥٠٥.

أقول : وهنا احتمالان :

١ ـ أن تكون هذه الامور من خصائصهم (ع) لعلمهم بعدم تضررهم بهذه الامور ومعرفة زمان موتهم وعوامله.

٢ ـ أن يكون المراد عدم المبالغة بالخوف وترك الواجبات لاجل التوهمات البعيدة.

(٦) وفي نسخة ـ د ـ : إنما هذه آيات من آيات الله.

٥

امرئ ما بينه وبين ربه ، ثم لا عليه أن ينتطح هذان الجبلان ، فقدموا الدروع وأخروا الحسر ، وأعيرونا جماجمكم ساعة من نهار.

قال : واقتتلوا بصفين أربعين يوما وكانت الهزيمة في أهل الشام ، فأمرهم عمرو بن العاص بأن يعلقوا المصاحف.

[٣٨٦] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي عليه‌السلام ، أنه قال للحكمين ـ حين بعثهما ـ : عليكما أن تحكما بما في كتاب الله فإن لم تحكما بما في كتاب الله فلا حكم لكما.

[٣٨٧] وبآخر ، عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، أنه قال : قال علي عليه‌السلام [ لهما ] ـ يعني الحكمين ـ : عليكما أن تحكما بما في كتاب الله ، فتحييان ما أحيى القرآن ، وتميتان ما أمات القرآن ، ولا تزيغا عنه.

[٣٨٨] محمّد بن علي الدغشي ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، أنه قال : لما انصرف من صفين خاض الناس في أمر الحكمين. فقال بعضهم (١) : ما يمنع أمير المؤمنين من أن يأمر بعض (٢) أهل بيته ليتكلم؟

فقال علي صلوات الله عليه للحسن : قم يا حسن ، فقل في أمر هذين الرجلين ـ عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص ـ.

فقام الحسن عليه‌السلام ، فقال :

يا أيها النّاس إنكم قد اكثرتم في أمر عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص ، وإنما بعثا ليحكما بالكتاب على الهوى ، فحكما بالهوى على الكتاب ، ومن كان هكذا لم يسمّ حكما ، ولكنه محكوم عليه ، وقد

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : بعض الناس.

(٢) وفي نسخة ـ ج ـ : من.

٦

أخطأ عبد الله بن قيس (١) في أن أومأ (٢) بها الى عبد الله بن عمر ، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال : في أن أباه لم يرضه لها. وفي أنه لم يستأمره. وفي أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين عقدوها لمن قبله. وإنما الحكومة [ فضل من الله ] ، وقد حكم رسول الله صلوات الله عليه وآله سعدا (٣) في بني قريظة ، فحكم فيهم بحكم الله لا شك فيه ، فنفذ رسول الله صلوات الله عليه وآله حكمه ، ولو خالف ذلك لم يجزه.

ثم قال علي عليه‌السلام لعبد الله بن عباس : قم ، فتكلم ثم جلس.

فقام عبد الله ، فقال :

أيها الناس إن للحق أهلا أصابوه بالتوفيق ، والناس بين راض به وراغب عنه. وإنما بعث عبد الله بن قيس بهدى لا بضلالة ، وبعث عمرو بن العاص بضلالة لا بهدى (٤) ، فلما التقيا رجع عبد الله بن قيس عن هداه. وثبت عمرو بن العاص على ضلالته. والله لئن كانا حكما بالكتاب لقد حكما عليه ، وان كانا حكما بما اجتمعا عليه معا فما اجتمعا على شيء ، ولئن كانا حكما بما سارا عليه ، لقد سار عبد الله بن قيس وعلي إمامه وسار عمرو ومعاوية إمامه ، فما بعد هذا من عتب (٥) ينتظر ، ولكنهم سأموا الحرب ، فاحبوا البقاء ودفعوا البلاء بمثله ورضي (٦) كل قوم صاحبهم.

__________________

(١) وهو أبو موسى الاشعري.

(٢) وفي المناقب ٣ / ١٩٣ : أن أوصى.

(٣) أبو عمرو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الخزرجي.

(٤) وفي نسخة ـ ج ـ : الى هدى.

(٥) وفي الأصل وفي نسخة ـ ج ـ : عيب.

(٦) وفي المناقب ٣ / ١٩٣ : ورجاء.

٧

ثم جلس.

ثم قال علي صلوات الله عليه لعبد الله بن جعفر : قم ، فتكلم.

فقام عبد الله ، فقال :

أيها الناس إن هذا الأمر كان النظر فيه إلى علي عليه‌السلام والرضا فيه لغيره ، فجئتم بعبد الله بن قيس ، فقلتم : لا نرضى إلا بهذا ، فارض به فانه رضانا ، وأيم الله ما استفدناه علما ، ولا انتظرنا منه غائبا ، ولا أمّلنا ضعفه (١) ولارجونا توبة صاحبه ، ولا أفسدا بما فعلا العراق ، ولا أصلحا الشام ، ولا أماتا حق علي ، ولا احييا باطل معاوية ، ولا يذهب الحق رقية راق ، ولا نفخة شيطان ، وإنّا اليوم لعلى ما كنا عليه أمس.

ثم جلس.

[٣٨٩] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، بينا هو يخطب يوما إذ وقفت إليه امرأة [ من بني عبس ].

فقالت : يا أمير المؤمنين ثلاث ملئت (٢) القلوب عليك.

قال : وما هن ، ويحك؟

قالت : رضاك بالقضية ، وأخذك الدنيئة (٣) ، وجزعك عند البلية.

فقال لها : ما أنت وهذا ، إنما أنت امرأة ، فارجعي الى بيتك ، واجلسي على ذيلك.

قالت : لا ، والله ما من جلوس إلا في ظلال السيوف (٤).

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : منعه.

(٢) وفي الغارات ١ / ٣٨ : بلبلن.

(٣) وفي نسخة ـ ج ـ : الدينية.

(٤) هكذا في الغارات أما في الاصل : إلا في تحت ظلال السيوف.

٨

[٣٩٠] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن عبد الله بن أبي رافع (١) قال : بينا أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه يخطب بالكوفة بعد انصرافه من صفين ، إذ قام رجل من جانب المسجد ، فقال : لا حكم إلا لله.

فسكت أمير المؤمنين عليه‌السلام. وجلس الرجل.

فرجع علي عليه‌السلام الى خطبته. فقام آخر ، فقال : مثل ذلك.

فسكت علي عليه‌السلام ، وسكت الرجل. فرجع عليه‌السلام الى خطبته ، حتى قام كذلك جماعة. فقال عليه‌السلام :

كلمة حق يراد بها باطل (٢) لكم عندنا ثلاث خصال : لا نمنعكم مساجد الله أن تصلّوا معنا فيها ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نبدأكم بحرب حتى تبدءونا ، وأشهد لقد أخبرني النبي الصادق عن الروح الأمين عن رب العالمين ، إنه لا يخرج علينا منكم فئة ـ قلّت أو كثرت ـ إلا جعل الله عزّ وجلّ حتفها على أيدينا.

وذكر باقي الحديث.

[٣٩١] أبو غسان ، باسناده ، عن ابن أبّزى (٣) ، قال : شهدت مع علي عليه‌السلام صفين ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان ، قتل معه منهم ثلاثة وستون رجلا منهم عمار بن ياسر رضوان الله عليه.

[٣٩٢] وبآخر ، عن الحكم ، قال : شهد (٤) مع علي صلوات الله عليه صفين ثمانون من أهل بدر ، وخمسون ومائتان ممن بايع تحت الشجرة.

[٣٩٣] وبآخر ، عن سعيد بن جبير ، قال : شهد مع علي عليه‌السلام ثمانمائة

__________________

(١) كاتب أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) أي : الكلمة كلمة حق ولكنكم تريدون إبطال الإمامة.

(٣) وفي نسخة ـ ج ـ : أبي أثر. وفي الاصل : اثرى وهو تصحيف.

(٤) هكذا في نسخة ـ ج ـ وفي الأصل : شهدت.

٩

من الأنصار ، وتسعمائة ممن بايع بيعة الرضوان.

[٣٩٤] وبآخر ، عن السدي (١) ، أنه قال : شهد مع علي عليه‌السلام من أهل بدر ثلاثون ومائة.

[٣٩٥] وبآخر ، يرفعه : أن رسول الله صلوات الله عليه وآله سار في بعض غزواته ليلة مع أصحابه ، فسمعوه يقول : جندب وما جندب ، والاقطع الخير زيد (٢).

وكرر ذلك.

فقيل له : يا رسول الله سمعناك تذكر رجلين بخير ، فمن هما؟

قال : يكونان في هذه الامة ، يضرب أحدهما ضربة يفرق بين الحق والباطل (٣) ، ويقطع يد الآخر في سبيل الله فتسبقه الى الجنة ثم يتبعها سائر جسده. فأما جندب (٤) يقتل رجلا ساحرا كان قد افتتن الناس به. وأما زيد فقطعت يده يوم جلولاء ، وقتل مع علي عليه‌السلام يوم الجمل.

[٣٩٦] اسماعيل بن أبان ، عن صلة (٥) بن زفر ، قال : لما احتضر حذيفة بن اليمان وسجي ، جلست عند رأسه ، وأدخلت رأسي في الثوب معه ، وقلت : يا أبا عبد الله اذا وقعت الفتن فالى من تأمرني أن أفزع؟

قال : إذا كان ذلك فاشدد على راحلتك والحق بعلي عليه‌السلام

__________________

(١) وهو اسماعيل بن عبد الرحمن المتوفى ١٢٨ هـ تابعي سكن الكوفة صاحب التفسير والمغازي والسير ( النجوم الزاهرة ١ / ٣٠٨ ).

(٢) زيد بن صوحان وهو يدعى زيد الخير.

(٣) وفي الإصابة ١ / ٢٥٠ : يضرب ضربة فيكون امة وحدة.

(٤) جندب بن كعب بن عبد الله الأزدي.

(٥) وفي نسخة ـ خ وج ـ : عيلة.

١٠

فإنه على الحق لا يفارقه.

قال : فلما مات حذيفة ، شددت على راحلتي ، ولحقت به عليه‌السلام.

[٣٩٧] سعيد بن كثير بن عفير ، قال : خرج علي صلوات الله عليه الى صفين وخباب بن الأرت (١) مريض بالكوفة ، فرجع علي عليه‌السلام وقد توفي خباب.

قال : وكان مع علي عليه‌السلام من الأنصار البدريين : أبو أيوب الأنصاري (٢) ، وأبو مسعود ، ورفاعة بن مالك العجلان (٣) ، وسهل بن حنيف.

[٣٩٨] أبو نعيم ، باسناده ، عن ابراهيم النخعي ، أنه سئل عن : أيهما كان الأفضل الأسود أو علقمة؟ قال : علقمة أفضل ، علقمة شهد صفين مع علي عليه‌السلام.

قيل لإبراهيم : أفقاتل علقمة في أيام صفين؟

قال : نعم قاتل حتى خضب سيفه.

وشهد عبد الرحمن بن أبي ليلى (٤) صفين مع علي عليه‌السلام.

__________________

(١) أبو يحيى : أو أبو عبد الله خباب بن الارت بن جندلة بن سعد التميمي من السابقين في الاسلام ولما أسلم استضعفه المشركون فعذبوه فصبر. هاجر الى المدينة ونزل الكوفة فمات فيها وهو ابن ٧٣ سنة ولما رجع أمير المؤمنين من صفين مرّ بقبره فقال : رحم الله خبابا أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا ، توفي ٣٧ ه‍.

(٢) وهو خالد بن زيد بن كليب.

(٣) هكذا في جميع النسخ واظنه رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان كما في الاستيعاب ١ / ٣٨٩ وهو الذي شهد مشاهد الرسول وشهد مع علي عليه‌السلام الجمل وصفين ، ويكنى : أبا معاد.

(٤) وفي اسد الغابة ٥ / ٢٦٨ شهد هو وأبوه ( أبو ليلى الانصاري ـ داود بن بلبل بن بلال ) مع علي عليه‌السلام مشاهده كلها.

١١

[٣٩٩] شريك بن عبد الله ، عن يزيد (١) بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : قال : قتل اويس القرني (٢) يوم صفين مع علي عليه‌السلام.

[٤٠٠] عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال علي عليه‌السلام ـ يوم صفين ـ : أين شرطة الموت؟ فقام تسعة وتسعون رجلا.

فقال علي عليه‌السلام : ليس هذا تمام ما وعدت به. فقام (٣) رجل عليه جبة من صوف (٤).

فقال له علي عليه‌السلام : من أنت؟ قال : أنا اويس القرني.

فقال علي عليه‌السلام : الله اكبر ، وتقدموا الى القتال.

وكان اويس أول قتيل.

__________________

(١) وفي الاصل : زيد بن أبي زياد.

(٢) اويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني أصله من اليمن تابعي ، أدرك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يره استشهد ٣٧ ه‍.

(٣) وفي الخصائص للرضي ص ٢١ : قال : فجاء رجل.

(٤) وفي الخصائص أضاف : متقلد سيفين.

١٢

[ مقتل عبيد الله بن عمر ]

[٤٠١] عن الحسن (١) قال : قتل عبيد الله بن عمر يوم صفين مع معاوية ، قتله المسلمون ، وأخذوا سلبه ، وكان مالا كثيرا (٢).

وقيل : إن عبيد الله بن عمر كان يرتجز ذلك اليوم ، ويقول :

أنا عبيد الله ينميني عمر

خير قريش من مضى ومن غبر

الا رسول الله والشيخ الأغر (٣)

وإنما نزغ عبيد الله بن عمر الى معاوية خوفا من علي عليه‌السلام لأنه كان أصاب دما في أيام عثمان ، وذلك أن عمر لما قتل وثب عبيد الله على رجل من العجم ـ يقال له الهرمزان ـ من المسلمين ، فقتله (٤) ، فأقاموا (٥) عليه عند عثمان. فقال : قتل أبوه بالأمس ويقتل هو اليوم ، فتواعده علي عليه‌السلام ، فلحق بمعاوية.

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ : عن الحسين.

(٢) وفي نسخة ـ ج ـ : ذا مال كثير.

(٣) وأضاف نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص ٢٩٩ :

قد أبطات عن نصر عثمان مضر

والرّبعيّون فلا أسقطوا المطز

وسارع الحيّ اليمانون الغرر

والخبر في الناس قديما يبتدر

(٤) وزوجته وطفله الرضيع انتقاما لأبيه بدلا عن أبي لؤلؤ.

(٥) وفي الاصل : فقاموا عليه.

١٣

وقيل : إن أهل الشام فخروا به على أصحاب علي عليه‌السلام ، فقالوا : هذا عبيد الله بن عمر معنا! فقال لهم أصحاب علي عليه‌السلام : أو لم (١) تنظروا الى عدة من معنا من أخيار المهاجرين والأنصار من أهل بدر ومن بيعة الرضوان وممن شهد لهم رسول الله صلوات الله عليه وآله بالجنة وتنظرون الى غلام هرب بنفسه من قتل وجب عليه؟

فقالوا : إنه ابن عمر.

قال لهم أصحاب علي عليه‌السلام : أفعمر أفضل أم أبو بكر؟

قالوا : أبو بكر.

قال أصحاب علي عليه‌السلام : فهذا محمّد بن أبي بكر معنا فاضل لم يصب حدا ولا هرب من إقامته عليه.

[ من شهد حروب أمير المؤمنين ]

[٤٠٢] ابن أبي سلمة (٢) باسناده ، عن أبيه (٣) ، أنه قال : قتل مع علي عليه‌السلام بصفين خمسة وعشرون بدريا.

[٤٠٣] ابن أبي خيثمة (٤) ، عن يحيى بن معين (٥) ، عن أبي مسمع ، عن

__________________

(١) وفي الأصل ونسخة ـ ج ـ : لم.

(٢) واظنه عمر بن عبد الله ( أبي سلمة ) بن عبد الاسد ولد بالحبشة ٢ ه‍. وتوفي بالمدينة ٨٣ ه‍.

(٣) هكذا في ـ أ ـ و ـ د ـ ، أما في الاصل : باسناده عن يوثر عن أبيه ، وفي نسخة ـ ج ـ : باسناده عن بدر عن أبيه.

(٤) أبو بكر ، أحمد بن زهير ( أبي خيثمة ) بن حرب بن شداد النسائي ولد ١٨٥ هـ توفي ٢٧٩ ه‍.

(٥) أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد المري ولد ١٥٨ هـ عاش ببغداد وتوفي بالمدينة حاجا ٢٣٣ ه‍.

١٤

سعيد بن عبد العزيز (١) ، قال : كان علي عليه‌السلام بالعراق يدعى أمير المؤمنين ، وكان معاوية بالشام يدعى الأمير ، فلما مات علي عليه‌السلام تسمى معاوية أمير المؤمنين.

[٤٠٤] ابن الأعرابي (٢) باسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : دعا عمار يوم صفين بشراب ، فاتي بضياح من لبن ، فشربه ، ثم قال :

اليوم ألقى الأحبة محمّدا وحزبه

سمعت رسول الله صلوات الله عليه وآله يقول لي : تقتلك الفئة الباغية ، ويكون آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن ، ثم تقدم إلى القتال ، فقاتل حتى قتل رحمة الله عليه.

[ ضبط الغريب ]

قوله. ضياح من لبن : الضياح : اللبن الخاثر يصب فيه الماء حتى ينضح أي يرق ويطيب ، وكل دواء وما أشبهه يصب فيه الماء يقال فيه : ضيحته : يصب الماء عليه ، ولكن لا يقال : ضياح إلا في اللبن وحده. وقيل : إن تضيحه : تبريده.

[٤٠٥] محمّد بن راشد ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه أنه لما دخل الكوفة بعد منصرفه من صفين سمع بكاء النساء على من قتل بصفين. فقال عليه‌السلام : ما صاح من نساء أهل الشام أكثر.

__________________

(١) أبو محمّد ، سعيد بن عبد العزيز الشوخي الدمشقي ولد ٩٠ ه‍. وتوفي ١٦٧ ه‍.

(٢) أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد بن بشر بن درهم ولد ٢٤٦ هـ وتوفي بمكة ٣٤٠ ه‍.

١٥

[ كتاب ابن أبي رافع ]

[٤٠٦] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن عون بن عبيد الله (١) عن أبيه ـ وكان كاتبا لعلي عليه‌السلام ـ أنه سئل عن تسمية من شهد مع علي صلوات الله عليه حروبه من المهاجرين والأنصار الذين بشرهم رسول الله صلوات الله عليه وآله بالجنة ، ومن التابعين ، ومن أفاضل العرب؟

ـ وكان عالما بذلك ـ.

فقال : شهد معه :

من بني عبد المطلب :

الحسن والحسين عليهما‌السلام اللذان قال رسول الله صلوات الله عليه وآله فيهما : إنهما سيدا شباب أهل الجنة.

ومحمّد بن الحنفية الذي قال فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله لعلي عليه‌السلام : إنه سيولد لك غلام بعدي فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي (٢) فسمّاه محمّدا ، وكنّاه أبا القاسم.

وعقيل بن أبي طالب.

وعبد الله بن عباس (٣).

__________________

(١) وفي الاصل و ـ ج ـ : عبد الله وهو غلط لأن أبا رافع له ولدان عبيد الله وعلي.

(٢) وفي الاصل : بكنتي.

(٣) وكان أحد الأمراء فيها.

١٦

ومحمّد وعون ابنا جعفر الطيار في الجنّة.

وعبد الله بن جعفر الذي قال له رسول الله صلوات الله عليه وآله : إن أباك أشبه خلقي وخلقي وقد أشبهت خلق أبيك.

وعبد الله (١) وكثير وقثم وتمام بنو العباس بن عبد المطلب.

ومحمّد ومسلم ابنا عقيل بن أبي طالب.

ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.

وربيعة وأبو رافع مولى رسول الله صلوات الله عليه وآله.

وأبو رافع الذي قال له رسول الله صلوات الله عليه وآله : كيف أنت يا أبا رافع وقوم يقاتلون عليا ، وهو على الحق وهم على الباطل؟

فقال : ادع الله لي يا رسول الله إن أدركتهم ألاّ يفتني (٢) ويقويني على قتالهم. فدعا له بذلك.

فلما نكث على علي عليه‌السلام من نكث ، باع أبو رافع أرضه بخيبر وبني قريظة وداره ، وتقوّى بذلك وقوى ولده وأهله وخرج بهم ، وهو يومئذ ابن خمس وثمانين سنة ، وقاتل في جميع حروب علي صلوات الله عليه.

ومن بني عبد المطلب أيضا : (٣)

الحصين والحارث ابنا الحارث (٤) ، وهما بدريان ، وشهدا مع النبي كل مشاهده.

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ ولا أدري لما ذا كرر اسمه وقد ذكره سابقا واظنه عبيد الله.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ : لا يغشني.

(٣) كذا في النسخ ، لكنّ المذكورين تحت هذا العنوان ليسا من بني عبد المطلب بل هما من بني المطلب فلاحظ.

(٤) وفي نسخة ـ ج ـ : ابنا الحرث.

١٧

ومن بني عبد شمس بن عبد مناف :

محمّد بن [ أبي ] حذيفة بن ربيعة ، وهو الذي كان عاملا لعثمان على مصر ، ثم قدم عليه المدينة ، فأعطاه مائة الف درهم ، فخرج بها الى المسجد ، فقال :

يا معشر المؤمنين من أين يعطيني عثمان هذا المال دونكم؟

ومن بني زهرة :

هاشم بن عتبة (١) بن أبي وقاص ، قتل يوم صفين ، وكانت راية علي عليه‌السلام يومئذ [ بيده ] وأخذها بعده ابنه عبد الله.

وعبد الله بن خباب بن الارت ، وهو أول من قتلته (٢) الخوارج حين انصرفوا من صفين ، دعوه الى البراءة من علي عليه‌السلام ، فأبى ذلك ، فقتلوه بالمدائن.

ومن بني تيم (٣) :

محمّد وعبد الرحمن ابنا أبي بكر بن أبي قحافة.

ومن بني مخزوم :

عمار بن ياسر رحمة الله عليه.

ومحمّد بن عمار.

وعمار هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن عنس ، وعنس من مدحج من اليمن ، وأبوه ياسر كان قدم مكة وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومي ، وزوجه أبو حذيفة أمة له يقال لها : سمية ، فولدت منه

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : ابن عطية. وهو هاشم المرقال.

(٢) وفي نسخة ـ ج وأ ـ : قتله.

(٣) هكذا في نسخة ـ د ـ وفي الأصل : تميم.

١٨

عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة وكانت أمه ـ سمية ـ اول من قتل في الاسلام ، قتلها ابو جهل بمكة. ولحق ياسر الاسلام ، فأسلّم هو وعمار وسمية. ومات ياسر وخلف على سمية بعده الازرق ، وكان روميا ممن ترك من عبيد أهل الطائف الذين أعتقهم رسول الله صلوات الله عليه وآله فولدت منه سلمة بن الأزرق. فسلمة بن الأزرق أخو عمار لامه (١).

فمن أجل ذلك نسب عمار الى بني مخزوم. وعمار الذي قال فيه رسول الله صلوات الله عليه وآله : تقتله الفئة الباغية ، وبشر قاتله بالنار. قتل يوم صفين.

وممن كان مع علي عليه‌السلام سلمة ومحمّد ابنا أبي سلمة ، وامهما أمّ سلمة زوج النبي صلوات الله عليه وآله ، أتت بهما إلى علي عليه‌السلام ، فقالت : هما عليك صدقة ، فلو حسن بي أن أخرج لخرجت معك.

ومن بني جمح :

محمّد بن حاطب.

وعبد الرحمن بن [ حنبل ] (٢) وهو الذي ضربه عثمان ، وسيره الى خيبر ، قتل يوم صفين.

ومن بني عامر بن لؤي :

عبد الله بن أبي سيرة بن أبي رهم (٣).

__________________

(١) هكذا ذكر الطبري والبلاذري ( الإصابة ١ / ٢٨ ) ولكنه غريب جدا ، لأن ياسر كان معها حتى سن الشيوخة وأسلما معا. وأجاد أبو عمر حيث قال : خلف على سمية بعد ياسر الازرق غلام الحارث بن كلدة فولدت له سلمة فهو أخو عمار لامه ... وهو وهم فاحش ، فإن الازرق إنما خلف على سمية والدة زياد ، فسلمة بن الازرق أخوه لامه ( الاصابة ٤ / ٣٣٥ ).

(٢) وفي نسخة ـ ج ـ : بن حبان ، وفي الاصل : حسان ، والاصح ما ذكرناه.

(٣) وفي نسخة ـ أ ـ : راهم.

١٩

[ وعلي بن أبي رافع ] وكان علي بن أبي رافع صاحب خاتم علي عليه‌السلام وعلى بيت ماله.

وعبيد الله بن أبي رافع كاتبه.

ومن الأنصار البدريين

من بني مالك :

خزيمة وعدي ابنا النجار.

وأبو أيوب بن زيد بدري (١) : وهو الذي نزل عليه رسول الله صلوات الله عليه وآله [ يوم ] مقدمه المدينة ، وكان على مقدمة علي عليه‌السلام يوم صفين ، وهو الذي خاصم الخوارج يوم النهروان ، وهو الذي قال لمعاوية ـ حين أظهر سب علي عليه‌السلام ـ : كف يا معاوية عن سبّ علي! قال معاوية : ما أقدر على ذلك. فتنحى أبو أيوب ، وقال : والله لا أسكن أرضا أسمع فيها سبّ علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. وخرج من المدينة الى ساحل البحر (٢) ، فأقام هنالك حتى مات رحمة الله عليه.

وعمرو بن حزم بدري ، وهو الذي فتح للناس بابا من داره ، فدخلوا على عثمان ، فقتل يومئذ.

وحارثة بن النعمان بدري ، وهو الذي مرّ على النبي صلوات الله عليه وآله وجبرائيل معه ، فلم يسلّم. فقال جبرائيل عليه‌السلام : لو سلّم لرددت عليه ، فلما انصرف جبرائيل أرسل النبي صلوات الله عليه وآله

__________________

(١) وقد مرّ اسمه في الحديث ٣٩٧ من هذا الجزء.

(٢) وفي نسخة ـ أ ـ : جانب البحر.

٢٠