شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار - ج ٢

المؤلف:

القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي


المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١١

بن الصباح أولى به.

ومنها : تخلفه عن مقدار عمرو بن العاص في الدهاء والمكر والحيلة والخديعة.

[ اجتماع الحكمين ]

فلما اجتمع مع عمرو بن العاص ، أظهر له عمرو ـ لما أضمره من المكر به ـ التبجيل والتعظيم والتقدمة على نفسه ، وأن ذلك واجب عليه لسنّه وعلمه وفضله حتى إذا استحكم ذلك فيه ، وان طبع عنده جعل عمرو يدخل عليه من حيث علم أنه يميل نحوه ، من أن الواجب والرأي القعود عن الحرب وترك الدخول في الفتنة والعمل في صلاح ذات البين ، حتى لم يشك أبو موسى أن رأي عمرو في ذلك كرأيه.

ثم جعل يذكر له فضل عبد الله بن عمر وحاله ، ويكرر ذلك عليه (١) ، ويكثر ذكره ويطريه (٢) ، ويذكر أبو موسى مثل ذلك فيه ، حتى رأى أبو موسى أن عبد الله عند عمرو ، في الحال التي هو فيها عنده ، أو أفضل من ذلك.

وقلّ إنسان يؤتى من قبل محبوبه وشهوته وإرادته وموافقته ونحلته إلا مال الى من يوافقه على ذلك ، وركن الى من يرى رأيه ، ويذهب الى ما ذهب إليه. فلما تمكن ذلك لعمرو بن العاص عند أبي موسى مع ما قدمه إليه من تبجيله ، وتعظيمه ، والميل إليه ، والتواضع له ، ثم موافقته إياه على ما هو عليه.

قال له : يا أبا موسى ، إنا إن ذهبنا أن ننظر في فضل علي على معاوية ،

__________________

(١) وفي الأصل : ويكرر ذلك.

(٢) وفي نسخة ـ ج ـ : ويطير به.

١٤١

وفي فضل معاوية على علي ، وما ادعى به الأمر لنفسه لطال ذلك. ونخشى أنه لا يصلح لنا به حكومة ، لأنا إن حكمنا بخلع معاوية وإثبات علي لم نعدم طاعنا (١) في ذلك من أهل الشام علينا ، ورادا لما حكمنا به. وقد استمال معاوية اكثر أهل الشام ، فليسوا براجعين عن نصرته والقيام معه ، ولا يرجع هو عن الذي قام فيه وطلبه. وإن نحن أثبتنا معاوية ، وخلعنا عليا كان الخوف في ذلك منه ، ومن معه اكثر ، فتبقى الفتنة بحالها ويهلك الناس فيها.

ولكن هل لك في شيء يصلح الله به أمر الامة ، ويقطع به الفتنة ويجري ذلك على يديك ويجزل الله به مثوبتك؟

قال أبو موسى : وما هو؟

قال عمرو بن العاص : أن تخلع أنت عليا ، وأخلع أنا معاوية ، ثم نقول للناس : اختاروا من شئتم غيرهما ، فإن هذين قد صار لكل واحد منهما شيعة وأحزاب وأنصار لا يسلّمون الأمر لصاحبه ، لما وقع بينهم من الاختلاف وسفك الدماء ، ونختار نحن لهم عبد الله بن عمر. فحاله الحال التي قد علمت وقد اعتزل هذه الحروب ، فليس أحد ممن كان فيها يكرهه من اجلها ، وقد سئم الفريقان الحرب لما نالهم فيها من القتل والجراح وذهاب الأموال والاغتراب عن الأوطان ، فلا شك أنهم يجيبون الى ذلك ويرونه ويتلقونه بالقبول ، ويجيب أيضا الى ذلك ويسارع إليه كل من اعتزل الطائفتين إذ كان رأي عبد الله بن عمر في ذلك كرأيهم ، وكان فيه أحدهم ومكانه منهم ومكان أبيه ما قد علمت.

فجاء عمرو بن العاص من ذلك الى أبي موسى بكل ما يعتقده ، ويشتهيه ، ويحبه ، ويميل إليه ، كما قدمنا ذلك ممّا كان من أغلب طباعه

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ و ـ ج ـ : طاعتنا.

١٤٢

عليه ، ونقب عما في سويداء قلبه ، فأتاه من جهة ما يراه ويعتقده حتى كأنه هو ، ولم يأته من ذلك شيء ينكره ولا يكرهه ولا ينفر طباعه.

فأجابه أبو موسى الى ذلك ، واتفقا عليه ، ووجها الى من أحبا إحضاره ، والى عبد الله بن عمر بأن يوافقوهما للقضية ـ بدومة الجندل ـ (١) فلما وافى من بعثا إليه ، وحضر عبد الله بن عمر وهو لا يدري ما كان من الأمر بين عمرو بن العاص وبين أبي موسى ممّا عقداه في أمره.

فقال عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري : قم ، يا أبا موسى ، وفقك الله وقل بما أراك الله فيما قلدته وجعل إليك أمره وذلك بحسب ما واطأه عمرو بن العاص لما أراده من الحيلة والمكر به من تقديمه في كل شيء جرى قبل ذلك بينهما ، حتى أنهما كانا إذا مشيا جميعا تأخر عمرو عن أبي موسى ، وقدمه ، فإذا جبده ، وقدمه إليه ، وأراد أن يحدثه رنا قليلا لم يساوه.

فقام أبو موسى ، فتقدم عمرا ، كما جرت به سنّة ما بينهما (٢) في تقديمه فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن عليا قد قدّمني كما علمتم وحكّمني ، وقد صار الناس الى ما صاروا إليه من الفتنة ، وسفك الدماء ، وقتل فيما بينه وبين معاوية من قد علمتم من الخلائق ، وقد رأيت أن الذي هو أصلح للأمة خلعه ليضع الحرب أوزارها ، وتحقن الدماء ، وتسكن الدهماء ، وقد خلعته كما خلعت خاتمي هذا. وأخذ خاتمه فخلعه من اصبعه ، ثم جلس.

وقام عمرو بن العاص. فحمد الله ، وأثنى عليه. ثم قال :

أيها الناس قد علمتم أن خليفتكم عثمان قتل مظلوما ، وأن معاوية ابن

__________________

(١) دومة الجندل بضم أوله وفتحه : من اعمال المدينة سميت بدوم بن اسماعيل بن ابراهيم.

(٢) وفي نسخة ـ أ ـ : به سنتهما.

١٤٣

عمه وولي الطلب بدمه ، وقد كان هو وعمر من قبله ولياه ما ولياه ، فهو على ذلك ، وقد أثبته كما أثبت خاتمي في إصبعي هذا ، وأخذ خاتمه فأدخله في إصبعه ، ثم جلس.

فقام أبو موسى ، فقال : معاذ الله ما كنا اتفقنا إلا على خلع علي ومعاوية. فقال عمرو : سبحان الله ، يا أبا موسى متى كان هذا؟

وتراجعا الكلام بينهما واعتكر الى أن لعن كل واحد منهما صاحبه.

وافترق الناس على غير إحكام شيء ، ولا يشك أكثرهم أن عمرا خدع أبا موسى. وأقام أهل الشام على ما كانوا عليه لمعاوية ، وأهل العراق على ما كانوا عليه لعلي عليه‌السلام. ومن كان من شيعة كل واحد منهما ، خلا الخوارج الذين قدمنا ذكرهم ، ومفارقتهم لعلي عليه‌السلام لما أنكروه من أمر التحكيم ، وندموا عليه بعد أن رأوه ودعوا إليه.

وبقي معاوية على حالته يدعى : أميرا ، وعلي عليه‌السلام على ما كان عليه يدعى : أمير المؤمنين ، الى أن قتل صلوات الله عليه. ولم يعقد أحد شيئا ممّا كان بين أبي موسى وبين عمرو بن العاص ، ولا احتج به. وانصرف عمرو بن العاص الى معاوية.

وانصرف أبو موسى الى علي عليه‌السلام يعتذر ممّا كان منه ، وبقي الأمر على ما كان عليه الى أن قتل علي عليه‌السلام.

فهذه جملة من القول فيما جرى بين علي وبين من حاربه ، ممن انتحل دعوة الإسلام.

والحجة في أنهم بغوا عليه ، وفي أنه وفئته فئة أهل العدل ، وكل فئة حاربته فئة أهل البغي الذين أمر الله عزّ وجلّ بقتالهم في كتابه حتى يفيئوا الى أمره (١).

__________________

(١) مفاد الآية الكريمة : ( فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) ( الحجرات : ٩ ) وفي نسخة ـ ج ـ : ووافاهم.

١٤٤

وهذه نكت وجوامع من أخبار معاوية وسلفه وخلفه تبيّن عن سوء اعتقادهم وما كانوا عليه.

وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الكتاب عداوة أبي سفيان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما تولاه من حربه والتأليب عليه والزحف بمن استنصر به من قبائل العرب إليه ، ومن لفّ لفيفه من بني عبد شمس كافة ، ومن بني أميّة خاصة ، وان معاوية ابنه كان في ذلك معه الى أن مكّن الله رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأعزّ دينه ، وفتح عليه مكة ، فاستسلم أبو سفيان والذين كانوا تمالئوا معه على حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بنيه ، وأقاربه ، ومن كان على مثل رأيه من بنى أميّة وغيرهم ، وأظهروا الإسلام واعتصموا به لما غلب عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأتاهم (١) من المسلمين أنصار دين الله بما لا قبل لهم به ، والله عزّ وجلّ أعلم بما اعتقده في ذلك كل واحد منهم ، ولكنا نذكر في هذا الفصل من هذا الكتاب نكتا ممّا جاء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم ، وما كان بعد إظهارهم الإسلام منهم.

وقد ذكرت في كتاب المناقب والمثالب عداوة بني عبد شمس لبني عبد مناف على القديم ، وعداوة بني أميّة لبني هاشم بعد ذلك. وذلك ما يخرج ذكره عن حد هذا الكتاب ، وليس هو ممّا بني عليه ، وذكرت فيه ، وفي بعض ما تقدم من هذا الكتاب ما استفرغوا جهدهم فيه من محاربة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومناصبته ، والسعي في إطفاء نور الله عزّ وجلّ الذي أبى الله إلا تمامه (٢) وقطع دينه الذي كفل بإظهاره.

__________________

(١) يوم الفتح.

(٢) وفي نسخة ـ ج ـ : إلاّ إتمامه.

١٤٥

[ أبو سفيان ]

[٤٤٥] فأما أبو سفيان ممّا يؤثر عنه بعد إسلامه.

أنه قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما ـ وابنته أم حبيبة (١) عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو عنده في بيتها ، وهو يظهر المزاح لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : والله إن هو إلا تركتك فتركتك العرب ، إن انتطحت جماء ، ولا ذات قرن.

فضحك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة (٢).

وهذا ممّا قيل في مثله : ما صدقك إلا مازح ، أو سكران.

ولو كان أبو سفيان يعتقد الإسلام حق الاعتقاد ، ويعرف لرسول الله فضل الرسالة لم يكن يمازحه بمثل هذا القول ، ولم يكن يعتقده.

[٤٤٦] ومن ذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نظر يوما الى أبي سفيان مقبلا وخلفه ابنه معاوية ، فقال : اللهمّ العن التابع والمتبوع ، اللهمّ عليك بالأقيعس ـ يعني معاوية ـ.

__________________

(١) وهي رملة بنت ابي سفيان توفيت ٤٤ هـ تزوجها الرسول بعد ان مات زوجها عبيد الله بن جحش.

(٢) ابن أبي سفيان الاكبر قتل كافرا في بدر مع المشركين.

١٤٦

[٤٤٧] ورأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا سفيان يوما راكبا ومعاوية يقود به ويزيد يسوق ، فقال : اللهمّ العن الراكب والقائد والسائق.

[٤٤٨] ودخل أبو سفيان بعد أن كفّ بصره المسجد لحاجة ، فاقيمت الصلاة.

فقام مع الناس ، فلما ركع الإمام أطال الركوع فجعل أبو سفيان يقول لقائده ـ وهو الى جنبه ـ : لم يرفعوا رءوسهم بعد؟

قال : لا.

قال : لا رفعوها. فهذا قول مستخف بالإسلام ، وممّا يبيّن أنه كان لا يعتقده ، وأن إظهاره إياه ودخوله في الصلاة إنما كان رياء.

[٤٤٩] وممّا يؤثر : أنه دخل يوما على عثمان ـ وقد كفّ بصره ـ ، فجلس ، ثم قال لعثمان : أعليّ عين؟ قال : لا. قال : يا عثمان لا تكن حجر بن حجر (١) ، انظر هذا المال ، فاجعله دولة بينكم ، وتلقفوا هذه الإمارة تلقف الكرة. وكان البراء بن عازب بالحضرة. فاستحيى عثمان من البراء ، وقال له : خرف أبو سفيان.

[٤٥٠] أبو ليلى عبد الله بن عبد الرحمن ، يرفعه الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان جالسا في ملأ من أصحابه فيهم معاوية. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : إن هذا ـ وأشار بيده الى معاوية ـ سيطلب الإمارة ، فإذا فعل فابقروا بطنه.

[٤٥١] سيّان (٢) بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : سيطلع عليكم من هذا الفج (٣) رجل يموت وهو على غير ملتي. فقال عبد الله : وكنت قد

__________________

(١) يشير الى عمر بن الخطاب.

(٢) وفي نسخة ـ أ ـ : سفيان.

(٣) الفج : الطريق.

١٤٧

خلفت أبي وقد لبس ثيابه يريد أن يأتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكنت كحابس البول خوفا من أن يكون هو الطالع ، فطلع معاوية.

[ بنو أميّة ]

[٤٥٢] سفيان الثوري ، عن ابن طاوس.

قال : مرض أبي فدخل عليه بعض ولاة بني أمية يعوده ، فجلس على كرسي.

فلما خرج ، أمر بالكرسي فغسل ، وغسل أثره في الدار.

فقيل له في ذلك.

فقال : إن حذيفة لو أدرك هؤلاء ما استظل في ظلهم ولا شرب من مائهم الذي يشربون.

[٤٥٣] صالح بن أحمد ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه كان يقول : لكل شيء آفة ، وآفة الإسلام بنو أميّة ، وبنو مروان.

[٤٥٤] عبد الله بن عبيد (١) باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : كنا نقرأ فيما نقرأ : ( وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ) (٢) في آخر الزمان ، كما جاهدتم في أوله.

فقيل له : فمتى يكون ذلك؟

فقال : إذا كان بنو أميّة الأمراء وبنو المغيرة الوزراء.

وهذا التوقيف على بني أميّة ، فليس ممّا يكون مثله موقوفا على

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : ابن أحمد باسناده عمر بن الخطاب.

(٢) الحج : ٧٨.

١٤٨

عمر لأنه من علم ما يكون ، ولا يكون ذلك إلا ممّا سمعه عمر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وان لم يرفعه إليه.

[٤٥٥] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا ، اتخذوا دين الله دغلا ، وماله دولا ، وعباده خولا.

[٤٥٦] يعلي بن عبيد ، باسناده ، عن سعيد المسيب (١) يرفعه ، قال : رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شبان بني أميّة يطلعون على منبره وينزلون ، فاغتمّ لذلك ، فأنزل الله عزّ وجلّ : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَ االَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (٢) ـ يعني بني أميّة ـ.

وقيل له : إنما هي دنيا يعطونها ثم يصيرون الى النار.

[٤٥٧] الأعمش ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : لكل شيء آفة ، وآفة [ هذا ] الدين بنو أميّة.

[٤٥٨] وكيع ، باسناده ، يرفعه أنه كان أبغض الأحياء الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنو أميّة.

[٤٥٩] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي (٣) صلوات الله عليه أنه قال في قوله تعالى : ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا ) (٤).

قال : عنى بني أميّة.

__________________

(١) أبو محمّد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي ولد ١٣ هـ توفي بالمدينة ٩٤ ه‍.

(٢) الاسراء : ٦٠.

(٣) وفي نسخة ـ ب ـ : بإسناده عن جعفر بن محمّد.

(٤) مريم : ٩٧.

١٤٩

[٤٦٠] حماد بن سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ليرعفنّ جبار من جبابرة بني أميّة على منبري هذا [ فيسيل رعافه ].

قال علي بن زيد : فحدثني من رأى [ عمرو بن ] سعيد بن العاص رعف على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسال رعافه على درج المنبر.

[ بنو مروان ]

[٤٦١] وبآخر ، يرفعه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن الحكم بن أبي العاص ، وقال : جاء حتى شق الجدار إليّ ، وأنا مع بعض أزواجي فكلح (١) في وجهي.

ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كأني أنظر الى بنيه يصعدون على منبري وينزلون.

ثم نفاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة ، فلم يزل منفيا بنفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وعمر وصدرا من أيام عثمان ، ثم رده عثمان ، ووصله وحباه وقربه وأدناه. وكان ذلك ممّا نقمه الناس عليه لنقضه حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه.

ولذلك قال الحسن بن علي عليه‌السلام لمروان : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن أباك وأنت في صلبه.

[٤٦٢] إسحاق ، عن أبي إسرائيل ، باسناده ، عن محمّد بن كعب القرظي ،

__________________

(١) كلح يكلح : عبس وتكثر.

١٥٠

أنه قال : لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحكم وما خرج من صلبه إلا القليل.

قال عمرو بن أبي بكر القريشي : ففرحنا بها لعمرو بن عبد العزيز. يعني أنه القليل ممّن خرج من صلبه ممّن لم تدركه لعنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

[٤٦٣] الأعمش ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه ، أنه خطب الناس بخطبة ذكر فيها بني أميّة ، فقال فيهم : إن رأيتم رجلا من بنى أميّة في الماء الى حلقه ، فغطوه في الماء حتى يغرق ، فإنه لو لم يبق منهم إلا رجل واحد ، لبغي دين الله عوجا (١).

[٤٦٤] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن حذيفة بن اليمان ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إذا رأيتم الحكم بن أبي العاص (٢) ولو تحت أستار الكعبة فاقتلوه.

ونفاه الى دهلك من أرض الحبشة.

[٤٦٥] عن عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن عبد الله بن الزبير (٣) ، أنه قال ـ وهو على المنبر ، مستند الى الكعبة ـ : وربّ هذا البيت الحرام والبلد الحرام (٤) ، إن الحكم بن أبي العاص وولده لملعونون (٥).

__________________

(١) ولهذا المعنى يشير الشاعر بقوله :

آل حرب أوقدتموا نار حرب

ليس يخبو الزمان وقود

فابن حرب للمصطفى وابن هند

لعلي وللحسين يزيد

(٢) الحكم بن أبي عاص بن أميّة بن عبد شمس القرشي الذي نفاه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الى الطائف واعاده عثمان الى المدينة ، وهو عم عثمان وابو مروان رأس الدولة المروانية.

(٣) ولد ١ هـ وهو ابن الزبير بن العوام واسماء كبرى بنات أبي بكر ، اشترك مع عائشة. أعلن نفسه خليفة وعارض الامويين. قتله الحجاج ٧٣ ه‍.

(٤) وفي نسخة ـ ج ـ : الحراب.

(٥) وفي كنز العمال ٦ / ٩٠ : ح ٢٠٠ : وولده ملعونون على لسان محمّد (ص).

١٥١

[٤٦٦] وبآخر ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أتي بمروان بن الحكم حين ولد ليحنكه (١) ، كما كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يفعل بأولاد المسلمين إذا اتي بهم ، فرده ، ولم يحنكه ولا تناوله ، وقال : ائتوني بأزرقهم.

__________________

(١) وفي حاشية نسخة الاصل : حنك الرجل الصبي : اذا مضغ زبيبا أو تمرا.

١٥٢

[ معاوية بن أبي سفيان ]

[٤٦٧] حسن بن حسين ، باسناده ، عن جابر بن عبد الله ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يموت معاوية على غير ملتي (١).

[٤٦٨] وبآخر ، عن طاوس (٢) ، أنه قال : ما كان معاوية مؤمنا.

[٤٦٩] وبآخر ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : مرض معاوية ، مرضه الذي مات فيه ، فدخل عليه طبيب له نصراني ، فقال له : ويلك ما أراني أزداد مع علاجك إلا علة ومرضا؟ فقال له : والله ما أبقيت في علاجك شيئا أرجو به صحتك إلا وقد عالجتك به غير واحد ، فاني أبرأت به جماعة ، فان أنت ارتضيته وأمرتني بأن اعالجك به فعلت. قال : وما هو؟ قال : صليب (٣) عندنا ما علق في عنق عليل إلا فاق. فقال له معاوية : عليّ به. فأتاه ، فعلقه في عنقه. فمات في ليلته تلك والصليب معلق في عنقه ، وأصبح وقد انزوت بين عينيه غصون انطوت من جلدة جبهته مكتوبة يقرأها كل من رآها ، كافرا.

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : وولده ملعون.

(٢) أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان الخولاني الهمداني ولد باليمن ٣٣ وتوفي بمنى ١٠٦.

(٣) هكذا في نسخة ـ ج ـ وفي الأصل : طبيب.

١٥٣

[٤٧٠] إسماعيل بن عامر ، باسناده : أن معاوية لما احتضر ، بكى! فقيل له : ما يبكيك؟

فقال : ما بكيت جزعا من الموت ، ولكني ذكرت أهل القليب ببدر.

فانزوي ما بين عينيه لبكائه كافر ، وبقي كذلك يراه كل من شهده ، وغسل ، وكفن ، ودفن وهو كذلك.

[٤٧١] محمّد بن علي (١) ، باسناده : أن أسقف (٢) نجران كتب الى معاوية يستعينه في بناء كنيسة.

فأرسل إليه مائتي الف درهم من بيت مال المسلمين.

[٤٧٢] يحيى بن عبيد الله ، باسناده عن أبي شيرين ، أنه تلا قول الله عزّ وجلّ : ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ. وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) (٣).

فقال : ان لم يكن هؤلاء معاوية وأصحابه فلسنا ندري من هم؟

[٤٧٣] ابن عون ، باسناده ، قال : أول من غيّر حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله معاوية ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، فألحق معاوية (٤) زيادا بأبي سفيان ، لأنه زنى بأمه ، فحملته فيما قال منه.

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : أحمد بن علي.

(٢) وفي نسخة ـ ج ـ : اسفن بن نجران. واسقف النصارى : عالمهم ونجران : واد في اليمن.

(٣) القلم : ٤٤ و ٤٥.

(٤) ونعم ما قاله ابن مفرغ الحميري :

ألا أبلغ معاوية بن صخر م

غلغلة من الرجل اليماني

أتغضب أن يقال أبوك عف

وترضى أن يقال أبوك زاني

فاشهد ان رحمك من زياد

كرحم الفيل من ولد الأتان

١٥٤

[٤٧٤] أبو نعيم (١) ، باسناده ، عن مسروق ، أنه مرت به سفينة فيها أصنام ، فقال : ما هذا؟

قالوا : معاوية بعث بهذه الأصنام الى الهند لتباع ممّن يعبدها.

فقال مسروق : والله ما أدري أيّ الرجلين معاوية ، أرجل قد يئس من الآخرة ، فهو يتمتع من دنياه؟ أو رجل زين له سوء عمله؟ أما والله لو أعلم أنه إنما يقتلني لغرقتها ، ولكني أخاف أن يعذبني ، فيفتنني.

[٤٧٥] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي صلوات الله عليه لما نظر الى رايات معاوية ـ يوم صفين ـ قال : هذه رايات أبي سفيان التي قاتل بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم قال علي عليه‌السلام (٢) : والله ما أسلم القوم ولكنهم استسلموا ، وأسرّوا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.

[ رجعوا إلى عداواتهم منّا ، إلا أنهم لم يدعوا الصلاة ] (٣).

[٤٧٦] هودة بن خليفة ، باسناده [ عن ] أبي بكرة ، أنه قال : أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء ـ يعني بني أميّة ـ في أمر الدنيا ، فقد

__________________

(١) وفي نسخة ـ ج ـ : إبراهيم باسناده.

(٢) وفي وقعه صفين : رفع عمرو بن العاص بصفين شقة خميصة في رأس رمح. فقال ناس : هذا لواء عقده له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يزالوا كذلك حتى بلغ عليا ، فقال علي عليه‌السلام : هل تدرون ما أمر هذا اللواء؟ إن عدو الله عمرو بن العاص أخرج له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الشقة. فقال : من يأخذها بما فيها؟ فقال عمرو : وما فيها يا رسول الله؟ قال : فيها أن لا تقاتل به مسلما ، ولا تقربه من كافر ، فأخذها فقد والله قرّبه من المشركين ، وقاتل به اليوم المسلمين. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا ولكن استسلموا ... الخبر.

(٣) هذه الزيادة من وقعة صفين : ص ٢١٥.

١٥٥

استعملوا عبد الله على فارس ، واستعملوا داود على دار الرزق ، واستعملوا عبد الرحمن على بيت المال والديوان. أفليس لي في هؤلاء دينا ، كلا والله لكني إنما عتبت أنهم كفروا صراحة.

[٤٧٧] سليمان بن عبد العزيز ، باسناده : أن معاوية نقم على رجل ، فأمر به فحلق رأسه ، وطيف به.

فبلغ ذلك ابن عباس وكعبا ، فقالا : ما لمعاوية قاتله الله ، ابتدع بدعة جعل الحلق عقوبة ومثلة وقد جعله الله نسكا وسنّة.

[٤٧٨] يحيى الحماني ، باسناده ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه قيل له : إن معاوية ينهي عن متعة الحج.

قال : قد والله فعلها من آمن بالله ورسوله ومعاوية كافر بهما.

[٤٧٩] هودة بن خليفة ، باسناده ، عن أبي عالية قال : غزى يزيد بن أبي سفيان بالناس ـ وهو أمير على الشام ـ فغنموا ، وقسموا الغنائم ، فوقعت جارية في سهم رجل من المسلمين ، وكانت جميلة ، فذكرت ليزيد ، فانتزعها من الرجل.

وكان أبو ذر يومئذ بالشام ، فأتاه الرجل ، فشكا إليه ، واستعان به على يزيد ليردّ الجارية إليه. فانطلق إليه معه ، وسأله ذلك ، فتلكأ عليه.

فقال له أبو ذر : أما والله لئن فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن أول من يبدل سنّتي رجل من بني أميّة.

ثم قام ، فلحقه يزيد ، فقال له : اذكرك الله عزّ وجلّ أنا ذلك الرجل؟

قال : لا. فردّ عليه الجارية.

[٤٨٠] الشعبي ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه قال : سمعت

١٥٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ائمة الكفر خمسة : معاوية وعمرو وذكر الثلاثة.

[٤٨١] يحيى بن يعلي ، باسناده ، عن صعصعة بن صوحان ، أنه قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : خمسة من قريش ضالّون مضلّون معاوية وعمرو بن العاص (١) منهم.

[٤٨٢] عبد الله بن صالح ، باسناده ، عن عمار بن ياسر ، أنه قال ـ يوم صفين ـ ، ونظر الى معاوية وأصحابه : والله ما أسلموا ولكن استسلموا وأسرّوا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.

[٤٨٣] يعلي بن عبيد ، باسناده ، عن سعيد بن سويد ، قال : خطبنا معاوية ـ بالنخيلة ـ (٢) ، فقال : يا أهل العراق ، أترون إني إنما قاتلتكم لأنكم لا تصلّون ، والله إني لأعلم انكم لتصلّون وإنكم لتغتسلون عن الجنابة ، وإنما قاتلتكم لأتامر عليكم ، فقد تأمرت.

[٤٨٤] أبو نعيم ، باسناده ، عن معاوية ، أنه قال : أنا أول الملوك.

[٤٨٥] شهاب بن عباد (٣) باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال : اعتل معاوية ، فبكى.

فقال له مروان بن الحكم : ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟

قال : كبرت سني ، ودق عظمي ، ورق جلدي ، وكثر الدمع في عيني ، وراجعت ما كنت عنه عزوفا (٤) لو لا هواي ( في يزيد ) (٥)

__________________

(١) راجع كتاب الغدير للأميني ٢ / ١٢٩ ففيه بحث مفصل عن عمرو بن العاص وترجمته.

(٢) تبعد عن الكوفة بفرسخين.

(٣) وفي نسخة ـ ج ـ : شهاد بن عباس.

(٤) عزفت نفسه عن الشيء : زهدت فيه وملّته.

(٥) هذه الزيادة من نسختي ـ أ ـ و ـ ج ـ.

١٥٧

لأبصرت رشدي.

[٤٨٦] علي بن أبي الجعد ، باسناده ، عن الشعبي ، قال : خطب معاوية بالكوفة ، بعد أن بويع له.

فقال في خطبته : إنه لم يختلف امة بعد نبيها إلا غلب أهل باطلها ( على أهل حقها ).

وهذا حديث يروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أجراه الله على لسانه ، فلما قاله ندم.

فقال : إلا هذه الامة فإنها ، فتلجلج (١) لسانه ، ولم يدر ما يقول في ذلك ، فأخذ في غيره.

[٤٨٧] حماد بن سلمة ، عن محمّد بن زياد ، قال : كتب معاوية الى مروان ـ وهو على المدينة ـ أن يبايع الناس ليزيد.

فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : جاء بها معاوية هرقلية (٢).

فقال مروان : أيها الناس إن هذا عبد الرحمن بن أبي بكر هو الذي أنزل الله عزّ وجلّ فيه : ( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي ) (٣) الآية.

فبلغ ذلك اخته عائشة ، فغضبت ، وقالت : لا والله ما هو به ولو شئت أن اسميه لسميته ، ولكن الله لعن أباك يامرون على لسان رسوله وأنت في صلبه ، فأنت قطعة من لعنة الله عزّ وجلّ.

[٤٨٨] يحيى بن غيلان (٤) ، باسناده ، عن عبد الملك قال : دخل سعيد بن العاص على معاوية ، فقال : السّلام عليكم.

__________________

(١) التلجلج : التحرك والتردد في كلامه.

(٢) الهرقل : ملك من ملوك الروم.

(٣) الأحقاف : ١٧.

(٤) وفي نسخة ـ ج ـ : ابن عتيد.

١٥٨

فقال له معاوية : ما يمنعك أن تقول : السّلام عليك يا أمير المؤمنين؟

فقال له سعيد : لست بأمير المؤمنين ، والله ما رضيناك.

[٤٨٩] يحيى بن عبد الله ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : قاتل الله معاوية سلب هذه الأمة أمرها ، ونازع الأمر أهله ، واستعمل على المؤمنين علجا (١) يعني زيادا.

[٤٩٠] وبآخر ، عن الأسود (٢) ، قال : قلت لعائشة : ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع رجلا من أهل بدر الخلافة ـ يعني منازعة معاوية عليا عليه‌السلام.

فقالت عائشة : لا تعجب ، فإن فرعون قد ملك بني إسرائيل أربعمائة سنة ، والملك لله يعطيه البرّ والفاجر (٣).

__________________

(١) العلج : الرجل الغليظ. وفي نسخة ـ أ ـ : عجلا.

(٢) واظنه الاسود بن يزيد بن قيس النخعي توفي ٥٤ ه‍.

(٣) قال السيد محمّد بن عقيل العلوي في نصائح الكافية ص ١٢ : ان كلام عائشة يشير الى ثلاثة امور :

١ ـ دلالة مفهوم الصفة مخالفة أن معاوية ليس من أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

أقول : وقد نقل السيد النص من الدر المنثور هكذا ... رجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمّد في الخلافة.

٢ ـ الإشارة بالمثال الى فجور معاوية.

٣ ـ تشبيهها معاوية بفرعون الذي بيّن الله حاله بقوله تعالى : ( وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ. وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ) هود : ٩٧ ـ ٩٩.

ولله درّ الشاعر حيث يقول :

ما أنت بالحكم لترضى حكومته

ولا الأصل ولا ذي الرأي والجدل

١٥٩

[٤٩١] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن عبد الله بن عطاء ، أنه قال : لم تلد سمية ولدا على فراش ، غير زياد ، فإنها ولدته على فراش عبيد.

[٤٩٢] وبآخر ، أن أبا سفيان مرّ ببلال وسلمان وصهيب. فقالوا : لقد كان في قصرة (١) عدو الله هذا مواضع لسيوف المسلمين.

فسمعهم أبو بكر ، فقال : تقولون مثل هذا لشيخ من شيوخ قريش؟

وانطلق الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخبر بما قالوه.

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لعلك أغضبتهم؟ فإن كنت أغضبتهم ، فإنما أغضبت ربك.

[ فجاء أبو بكر إليهم وترضاهم وسألهم أن يستغفروا له. فقالوا : غفر الله لك ] (٢).

[٤٩٣] وبآخر ، أن أبا سفيان مرض في أيام عمر ، فدخل عليه عثمان يعوده ، فلما أراد عثمان القيام تمسك به ، وقال له : يا عثمان لي إليك حاجة! قال : وما هي؟

قال : إن مت فلا يليني غيرك ، ولا يصلّي عليّ إلا أنت.

قال : وكيف لي بذلك مع عمر؟

قال : فادفني ليلا ولا تخبره.

قال : أفعل.

قال : فاحلف لي باللات والعزى لتفعلن ذلك! فقال له عثمان : خرفت يا أبا سفيان.

فنقه (٣) من علته تلك ، ومات في أيام عثمان ، فصلّى عليه.

__________________

(١) قصرة : عنق.

(٢) هذه الزيادة من فصل الحاكم ص ٢٠.

(٣) نقه : برئ من علّته.

١٦٠