جواهر الكلام - ج ٤٣

الشيخ محمّد حسن النّجفي

الجائفة.

( ولو جرح في عضو ثم أجاف لزمه دية الجرح ثم ) دية ( الجائفة ) وإن اتصلا ( مثل أن يشق الكتف حتى يحاذي الجنب ثم يجيفه ) من ذلك الشق أو من غيره ، لإطلاق الأدلة ، وأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب ، وقد يحتمل التداخل لو كان من الشق كما سمعته سابقا في نظيره ، ولكن الأقوى خلافه ، بل ينبغي القطع به مع تعدد الجاني ، والله العالم.

( فروع )

(لو أجافه واحد ) مثلا ( كان عليه دية الجائفة ) لما عرفت ( ولو أدخل آخر سكينه ) مثلا في ذلك الجرح ( ولم يزد ) على الأول بقطع شي‌ء ( فعليه التعزير حسب ) لأنه أذاه ، ولا ضمان لعدم جرحه إياه ( وإن وسعها باطنا أو ظاهرا ) بأن قطع جزءا من أحدهما ( ففيه الحكومة ) لعدم التقدير له بعد أن لم يكن جائفة ( و ) لا غيرها نعم ( لو وسعها فيهما فهي جائفة أخرى كما لو انفردت ) مع فرض اتصال الجزء على وجه يتحقق به اسمها.

أما لو قطع جزء من الظاهر في جانب وجزء من الباطن في جانب آخر بحيث لم تتسع الجائفة بتمامها وإن اتسع ظاهرها من جانب وباطنها من آخر ، فالحكومة ، بل في القواعد « وكذا لو زاد في غوره » وفي كشف اللثام « أي في غور الجراح أو العضو المجروح فالحكومة لأنه ليس من الجائفة فإنها الجرح من الظاهر بحيث يبلغ الجوف (١) » وفيه منع اعتبار ذلك في الجائفة كما عرفت الحكم منه ومن غيره بتعدد الجائفة لو جرح في عضو ثم أجاف وإن اتصلا ، بل قال هو هناك : « وكذا إذا فعل ذلك في موضع واحد كأن ضرب على جنبه فأوضحه ثم ضربه‌

__________________

(١) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٣٨.

٣٤١

فأجافه فيلزمه مع دية الجائفة أرش الموضحة كما يقتضيه إطلاق الكتاب والمبسوط ، ويحتمل التداخل ، أما إذا تعدد الجاني فعليهما الديتان قطعا (١) » وهو صريح فيما قلناه ، فالمتجه حمل عبارة الفاضل على إرادة (٢) في غوره في الجوف نفسه فإن الإجافة حاصلة قبله ولم يحصل من فعله أجافه ، ويمكن إرادة الأصبهاني ذلك أيضا ، وإن اقتضى تأديته المعنى المزبور ما عرفت.

ولو ظهر عضو من الأعضاء الباطنة كالكبد والقلب والطحال ، فغرز السكين فيه ، ففيه الحكومة ، لعدم التقدير بعد أن لم يكن مثله جائفة ، وإن لم يكن بارزا فغرز من الظاهر مثلا حتى وصل إليه تحققت الجائفة.

ولو أجافه ثم عاد الجاني فوسع الجائفة أو زاد في غوره ففي القواعد « فدية الجائفة الواحدة لا غير على إشكال » وفي كشف اللثام « من تعدد الجناية ومن كونها جائفة واحدة في الاسم والأصل البراءة » وفيه إنه فرق واضح بين التوسعة والزيادة في الغور ، ضرورة تحقق الجائفة بالتوسعة ظاهرا وباطنا كما عرفته في تعدد الجاني ، بخلاف زيادة الغور التي قد عرفت فيها الحكومة ، وإن كانت من جان آخر ، نعم قد يقال بالتداخل في الأول ، وفيه منع واضح كما عرفته في نظائره.

( ولو أبرز حشوته فالثاني قاتل ) دون الأول لعدم السلامة معه غالبا بخلاف مجرد الإجافة. وحينئذ فعلى الأول ثلث الدية وعلى الثاني القود أو الدية.

( ولو خيطت ففتقها آخر فإن كانت ) قبل الفتق ( بحالها لم تلتئم ولم تحصل بالفتق جناية ، قال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط : فلا أرش ) لعدم جرح فيه‌

__________________

(١) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٣٦.

(٢) كذا في الأصل ويحتمل كون « ارادة » تصحيف « زيادة » أو كون « في » زائدة.

٣٤٢

( و ) لكن ( يعزر ) للإيذاء المحرم عليه ( و ) لكن في المتن والقواعد والتحرير ( الأقرب الأرش لأنه لا بد من أذى ولو ) تكلف ( في الخياطة ثانيا ) وفيه أن ذلك ما لم يوجب النقص لا يقتضي الأرش ، نعم عليه أرش الخيوط إن نقص منها وأجرة الخياطة مرة أخرى ( ولو التحم البعض ) ففتقه ( ففيه الحكومة ) كما في القواعد لعدم صدق الجرح بجائفة ، فليس إلا الحكومة بعد عدم التقدير هذا.

وفي التحرير (١) بعد أن ذكر الحكم في الفتق قبل الالتئام قال : « ولو فعل ذلك بعد التئامها فعليه أرش الجائفة وثمن الخيوط ، وإن التحم بعضها ففتقه فعليه أرش جنايته (٢) ولو فتق غير الملتحمة فعليه أرشه لا دية الجائفة ، ولو فتق بعض ما التحم في الظاهر دون الباطن أو بالعكس فالحكومة » ولا يخلو من تشويش.

وفي كشف اللثام في تفسير نحو عبارة المتن « أي الظاهر أو الباطن من الكل أو البعض كما يعطيه التحرير ففتقه فالحكومة (٣) » وبالجملة فالمراد أن الفتق بعد الالتحام (٤) يوجب الأرش لا الدية لأنه ليس اندمالا فيقوم حينئذ ملتحما وغير ملتحم ( و ) يغرم التفاوت.

نعم ( لو كان ) الفتق ( بعد الاندمال فهي جائفة مبتكرة فعليه ثلث الدية ) لتحقق اسمها حينئذ ( ولو أجافه اثنين ) في موضعين ( فثلثا الدية ) ولو كن ثلاثة فتمام الدية لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب.

( ولو طعن في صدره ) مثلا ( فخرج من ظهره قال في المبسوط ) (٥) جائفة ( واحدة ) عرفا لاتحاد الجناية وأصل البراءة ، وكون الجائفة ما نفذت‌

__________________

(١) التحرير ج ٢ ص ٢٧٧.

(٢) في الأصل « جائفة » مكان « جنايته ».

(٣) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٨٨.

(٤) كذا في الأصل وفي بعض النسخ « الالتئام ».

(٥) المبسوط ج ٧ ص ١٢٥.

٣٤٣

إلى الجوف من ظاهر ، أعم من أن تنفذ إلى الظاهر من جانب أخرى أولا ( و ) قال ( في الخلاف اثنتان و ) في المتن ( هو أشبه ) لأنهما عضوان متباينان تحقق في كل منهما جائفة وهي الجرح النافذ من الظاهر إلى الباطن ، ولأنه لو انفرد كل منهما لأوجب حكما فعند الاجتماع لا يزول ما كان ثابتا حالة الانفراد ، ولأنه لو طعنه من كل جانب طعنة فالتقتا كانتا جائفتين ، فكذا هنا ، إذ لا فارق إلا اتحاد الضربة وتعددها وهو غير صالح للفرق ، إلا أن ذلك كما ترى مخالف للعرف ، فالأشبه حينئذ الوحدة ، وكذا الكلام لو أصابه من جنبه وخرج من الجنب الآخر أو طعنة من مقدم الرأس فأخرجه من مؤخره ، بل عن الشهيد في ذلك أن الوحدة ظاهر فتوى علمائنا ، والله العالم.

المسألة ( الرابعة )

(قيل ) كما عن الشيخ وأتباعه كما في المسالك ، أو جماعة كما عن غيرها : ( إذا نفذت نافذة في شي‌ء من أطراف الرجل ففيها مأة دينار ) كما في‌ كتاب ظريف (١) الذي قد عرفت صحته في بعض طرقه.

قال فيه : « وفي النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر في شي‌ء من الرجل من أطرافه فديتها عشر دية الرجل مأة دينار ».

وفيه أيضا « في الخد إذا كانت فيه نافذة ويرى منها جوف الفم فديتها مأة دينار فإن دووي فبرء والتأم وبه أثر بين وشين فاحش فديته خمسون دينارا ، فإن كانت نافذة في الخدين كلتيهما فديتها مأة دينار ، وذلك نصف الدية التي يرى منها الفم ، وإن كانت رمية بنصل نشبت في العظم حتى تنفذ في الحنك فديتها مأة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها ، وإن كانت ثاقبة ولم ينفذ فديتها مأة دينار ».

__________________

(١) الفقيه ج ٤ ص ٩٢ و ٨٢ و ٨٤ و ٨٥.

٣٤٤

وفيه أيضا « إن في نافذة الكف إن لم تنسد مأة دينار وإن في نافذة القدم لا تنسد خمس دية الرجل وإن في نافذة الساعد خمسين دينارا ».

وقال الصادق عليه‌السلام في خبر مسمع (١) : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في النافذة تكون في العضو ثلث دية ذلك العضو ».

إلا أنه لم أعثر على مفت بتمام ذلك ، بل قد يشعر نسبة الأول في المتن وغيره إلى القيل بنوع توقف فيه ، ولعله لما قيل من ضعف المستند ، أو عدم الوقوف عليه ، مع أنه يشكل بما لو كانت دية الطرف تقصر عن المأة كالأنملة ، إذ يلزم زيادة دية النافذة فيها على ديتها ، بل على دية أنملتين حيث يشتمل الإصبع على ثلاث.

وفيه أن المستند ما عرفت من كتاب ظريف (٢) ، ونحوه ما عرضه ابن فضال (٣) على أبي الحسن عليه‌السلام المروي في الصحيح أو الموثق ، نعم عموم ذلك لا يلائم بما سمعته في كتاب ظريف بل ولا خبر مسمع المزبور ، بل ولا ما سمعته في نافذة الأنف ، اللهم إلا أن يقال إن خبر مسمع ضعيف ، ولا جابر له ، فلا يصلح معارضا للصحيح المعتضد بعمل من عرفت ، بل لم يوجد مخالف لهم صريح.

بل ربما أجيب عن الإشكال المذكور أولا بالتزامه أو الذب عنه بتخصيص العموم بالمأة دينار مما فيه كمال الدية ، كما حكاه قولا في الروضة وغيرها ، أو ما كان ديته زائدة على المأة كما احتمله بعض الأجلة ، وعما ذكرناه بتخصيصه أيضا بغير ما تضمنه من النوافذ المزبورة إذ التنافي بينها وبينه ليس تنافي تضاد بل عموم وخصوص يجري فيه التخصيص المذكور.

وفيه أن ذلك يتوقف على وجود قائل به ولم نجده ، مع أن النص عام‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث ٢ وفيه « الناقلة » مكان « النافذة ».

(٢) الفقيه ج ٤ ص ٧٥ ـ ٩٢.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ٢٩٥ ـ ٣٠٨.

٣٤٥

كعبائر الجماعة ، فالمتجه العمل به على عمومه والاقتصار في تخصيصه على ما يصلح لذلك كما سمعته في نافذة الأنف ، ولعل منه أيضا العضو الذي علم أن ديته أقل من ذلك ، فيختص الحكم حينئذ في النافذة في العضو الذي مقدرة أزيد من ذلك وأما فيه ففيه الحكومة ، ولو بملاحظة نسبته إلى المقدر.

كما أن ظاهر تقييد الحكم المزبور نصا وفتوى بأطراف الرجل يقتضي الحكومة أيضا في النافذة في أطراف المرأة ، أو يقال : إنها على النصف من الرجل كالدية كما عن بعضهم التصريح به.

بل قيل وفي المملوك بنسبة القيمة إلى دية الحر ، ويؤيده‌ قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في خبر السكوني (١) « جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن » ‌وعن بعض فتاوى الشهيد « أن الأنثى كالذكر في ذلك ففي نافذتها مأة دينار أيضا » ، وهو مناسب للأصل المقرر الذي سمعته وتسمعه أيضا إن شاء الله من مساواتها للرجل في دية الأعضاء ما لم تبلغ الثلث ، أو تتجاوزه ، لكن التقييد بالرجل في النص والفتوى لا يناسبه ، والاحتياط مهما أمكن لا ينبغي تركه ، والله العالم.

المسألة ( الخامسة )

لو اشتملت الجناية على غير جرح ولا كسر كالضرب بالرجل أو بالكف مفتوحة أو مضمومة بالسوط أو بالعصا ونحو ذلك فأحدثت انتفاخا فالحكومة ، لعدم التقدير وإن أحدثت تغييرا فـ ( ـفي احمرار الوجه بالجناية ) بذلك ( دينار ونصف وفي اخضراره ثلاثة دنانير ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث ٢.

٣٤٦

بل المحكي منهما مستفيض ، مضافا إلى‌ الموثق كالصحيح (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في اللطمة يسود أثرها في الوجه إن أرشها ستة دنانير ، وإن لم تسود واخضرت فإن أرشها ثلاثة دنانير ، فإن احمرت ولم تخضر فإن أرشها دينار ونصف ، وفي البدن نصف ذلك » ‌بل ( وكذا في الاسوداد ) ثلاثة دنانير ، ( عند قوم ) منهم السيدان مدعيين عليه الإجماع للأصل ( و ) لكن ( عند آخرين ، ) بل قيل الأكثر ، بل عن الشيخ في الخلاف دعوى الإجماع عليه ( ستة دنانير وهو أولى لرواية إسحاق بن عمار ) (٢) ( عن أبي عبد الله عليه‌السلام ) المتقدمة المعتضد بما عرفت ، ( ولما فيه من زيادة النكاية ، ) هذا كله في الوجه.

( و ) أما في غيره فقد ( قال جماعة ) منا بل لا أجد فيه خلافا بينهم إن ( دية هذه الثلاث في البدن على النصف ) مما في كل منها ، ففي الاحمرار ثلاثة أرباع الدينار ، وفي الاخضرار دينار ونصف ، وكذا في الاسوداد أو ثلاثة ، على الخلاف السابق ، بل عن الانتصار والخلاف والغنية دعوى الإجماع عليه ، وهو الحجة بعد ما سمعته في الموثق المزبور على ما رواه في الفقيه (٣) ، وإن خلى عنه في التهذيب والكافي (٤) ، فما عساه يشعر به نسبة المصنف له إلى قول جماعة من التوقف فيه في غير محله.

ثم إن مقتضى إطلاقه النص والفتوى عدم الفرق في الحكم المزبور بين أجزاء البدن كلها ، ماله دية مقدرة وما ليست له ، فلا ينسب العضو الذي ديته أقل من دية النفس كاليد الواحدة والرجل بل والإصبع كنسبة البدن ليكون في تغيير لون كل منها نصف ما في الوجه ، وربما احتمل اختصاص الحكم بما لا دية له مقدرة من أجزاء البدن ، أما غيره فتنسب الأعضاء التي دياتها أقل إلى دية الرأس وهي دية‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث الأول.

(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث الأول.

(٣) الفقيه ج ٤ ص ١٥٨.

(٤) الكافي ج ٧ ص ٣٣٣ التهذيب ج ١٠ ص ٢٧٧.

٣٤٧

النفس ، فيكون في اسوداد أنملتي الإبهام مثلا ثلاثة أعشار دينار ، وفي اخضرارها عشر وربعه ، ولكنه كما ترى لا مستند له.

بل هو خلاف ظاهر ما ذكرنا من الإطلاق نصا وفتوى ، الذي مقتضاه أيضا ثبوت ذلك بوجود أثر اللطمة ونحوها في الوجه مثلا وإن لم يستوعبه ، بل وإن لم تدم فيه ، وربما حكى قول باشتراط الدوام وإلا فالأرش ، وهو مع عدم معروفية قائله ضعيف لمخالفته الإطلاق المزبور ، نعم قد يقال بانسياق الحر منهما كما عن ظاهر الغنية ، قيل فيرجع في العبد حينئذ إلى الحكومة ، كما في كل لطمة أو وكزة لم تتضمن التغيرات المزبورة ، وفيه إنك قد عرفت سابقا أن الحر أصل للعبد في كل ماله مقدر فيه ، والعبد أصل للحر في كل ما لا مقدر له ، فالمتجه حينئذ مراعاة نسبة القيمة كما عن بعضهم هذا.

ولا يخفى عليك أن مورد النص والفتوى الوجه ، لكن عن الخلاف والسرائر أن الرأس كالوجه ، ولعله لمساواته له في الشجاج كما ستعرف ، ولكنه كما ترى قياس لا نقول به ، فالمتجه حينئذ الحكومة فيه لا إلحاقه بالبدن الذي لا يشمله ، والله العالم.

ثم إن الموثق المزبور مختص بالرجل ، ولذا قيل إن كانت الجناية على المرأة فنصف المذكورات ، ولكن الفتاوى مطلقة ، فلا يبعد مساواة المرأة للرجل في ذلك إلحاقا لهذه بالجراح الذي لم يبلغ الثلث فيه ، والله العالم.

المسألة ( السادسة )

كل عضو ديته مقدرة ففي شلله ثلثا ديته كاليدين والرجلين والأصابع ، وفي قطعه بعد شلله ثلث ديته ) بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك كما تقدم الكلاه فيه ، بل عن الخلاف والغنية الإجماع عليه في الأول ، بل الظاهر الإجماع ـ كما اعترف به بعض الأفاضل ـ في الثاني أيضا ، كل ذلك مضافا إلى النصوص‌

٣٤٨

السابقة التي هي وإن كانت في أطراف مخصوصة إلا أنها متممة بعدم القول بالفصل.

مع أن في‌ الخبر (١) الوارد في الأصابع منها « وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح » ‌وأما ما في كتاب ظريف (٢) و‌ما عرضه يونس (٣) على الرضا عليه‌السلام « من أن في شلل اليدين ألف دينار وفي شلل الرجلين ألف دينار » ‌فهو شاذ لا قائل به كالقوي (٤) الوارد في ذكر العنين ، وإن حكى القول به عن الصدوق والإسكافي ، ونحوهما في الشذوذ‌ الصحيح (٥) « في الإصبع عشر الدية إذا قطعت أو شلت » ‌كما عرفت البحث في ذلك كله سابقا ، فلاحظ فلو لم يكن له مقدر فالحكومة بلا خلاف ولا إشكال.

المسألة ( السابعة )

(دية الشجاج في الرأس والوجه سواء ) بلا خلاف كما اعترف به بعض الأفاضل ، لشمول الرأس له ، ولقول الصادق عليه‌السلام في خبر السكوني (٦) « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الموضحة في الوجه والرأس سواء » ‌المتمم بعدم القول بالفصل ، وفي‌ خبر الحسن (٧) بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه‌السلام « سألته عن الموضحة في الرأس كما هي في الوجه؟ فقال : الموضحة والشجاج في الوجه والرأس سواء في‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات المنافع الحديث الأول.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات المنافع الحديث الأول.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٢.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث ٢.

(٧) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث الأول.

٣٤٩

الدية ، لأن الوجه من الرأس وليست الجراحات في الجسد كما هي في الرأس » ‌وهو صريح في العموم ، فما في‌ خبر أبي بصير (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في السمحاق وهي التي دون الموضحة خمسمائة درهم ، وفيها إذا كانت في الوجه ضعف الدية على قدر الشين » ‌من الشواذ المطرحة.

( و ) كذا لا خلاف أجده كما اعترف به بعض الأفاضل في أن ( مثلها ) أي الشجاج المزبورة ( في البدن بنسبة دية العضو الذي يتفق فيه من دية الرأس ) أي النفس ، ففي حارصة اليد مثلا نصف بعير ، أو خمسة دنانير ، وفي حارصة أنملتي الإبهام نصف عشر بعير ، أو نصف دينار ، لأن ذلك مقتضى النسبة المزبورة ، لما سمعته في خبر الثوري (٢) الذي يفسره ما في‌ خبر إسحاق (٣) بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام على ما في التهذيب « قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في الجروح في الأصابع إذا أوضح العظم نصف عشر دية الإصبع إذا لم يرد المجروح أن يقتص » ‌بعد إتمامه بعدم القول بالفصل ، نعم هو في‌ الكافي والفقيه (٤) « عشر دية الإصبع » ‌بإسقاط لفظ النصف ، وحينئذ يكون من الشواذ.

كما أن ما‌ في كتاب ظريف (٥) مما لا يوافق الضابط المزبور كذلك أيضا ، قال فيه : « ولكل عظم كسر معلوم فديته ونقل عظامه نصف دية كسر ودية موضحته ربع دية كسره » وفيه في الترقوة « فإن أوضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا ، وذلك خمسة أجزاء من ديتها إذا انكسرت ، فإن نقل منها العظام فديتها نصف دية‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث ٩.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث الأول.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ٢٩٠ الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث الأول. وليست فيه كلمة « نصف » كما في الكافي والفقيه.

(٤) الكافي ج ٧ ص ٣٢٧ الفقيه ج ٤ ص ١٣٧.

(٥) الفقيه ج ٤ ص ٧٩ و ٨٣ و ٨٤ و ٨٥.

٣٥٠

كسرها عشرون دينارا ».

وفي المنكب « إذا أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا فإن نقلت منه العظام فديته مأة دينار وخمسة وسبعون دينارا منها مأة دينار دية كسره وخمسون دينارا لنقل العظام وخمسة وعشرون دينارا للموضحة » ‌، ونحوه في المرفق ، وهو موافق ـ كما في كشف اللثام ـ لما سمعته من الضابط.

وفي العضد ، « دية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ودية نقل عظامها نصف دية كسرها خمسون دينارا ».

وفي الساعد ، « دية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ودية نقل عظامها مأة دينار وذلك خمس دية اليد » وفي الكف ، « في موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ودية نقل عظامها مأة دينار وثمانية وسبعون دينارا نصف دية كسرها ».

ولعل المراد أن ذلك دية هذه الأمور حال اجتماعها على التوزيع المزبور.

وفيه أيضا على ما رواه في الكافي (١) « في موضحة القصبة السفلى من إبهام اليد ثمانية دنانير وثلث دينار ودية نقل عظامها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار وفي موضحة المفصل الأعلى منها أربعة دنانير وسدس دينار وفي نقل عظامه خمسة دنانير وفي موضحة كل قصبة عليا من قصبات سائر الأصابع أربعة دنانير وسدس دينار وفي نقل العظام كل فيها ثمانية دنانير وثلث وفي موضحة القصبة الوسطى منها دينار وثلثا دينار وفي نقل عظامها خمسة دنانير وثلث وفي موضحة الكف خمسة وعشرون دينارا وفي نقل عظامها عشرون دينارا ونصف وفي موضحة كل من الصدر والظهر والكتفين خمسة وعشرون دينارا » ‌

ـ إلى آخر ما ذكر فيه ـ مما بعضه موافق للضابط المزبور وبعضه مخالف ، إلا أنه يمكن الاستدلال بالموافق منه متمما بما عرفت ، ولا ينافيه‌

__________________

(١) الكافي ج ٧ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ و ٣٣٦ ـ ٣٣٨ ولا يخفى أن الشارح أورد هنا عبارة كشف اللثام بطولها راجع ج ٢ ص ٣٣٦ ولا يوافق ما أورده مع ما في الكافي كاملا فراجع.

٣٥١

البعض المخالف كما هو مقرر في محله.

هذا كله مع فرض وقوعها فيما له مقدر ، أما ما لا مقدر له فالظاهر الحكومة ، بل في القواعد « وفي المقدر مما لا عظم له كالذكر واللسان والشفة والثدي (١) » وإلا لزم تساوي الجراحات في الرأس وفي الذكر ونحوه مما ديته دية النفس ، وقد سمعت ما في‌ الخبر (٢) المزبور من « أن الجراحات في الجسد ليست كما هي في الرأس » ‌ولأن العظم مناط تمايز الجراحات ، ولكن لا يخفى عليك ما فيه بعد ما عرفت من الإطلاق ، والله العالم.

المسألة ( الثامنة )

قد تقدم الكلام في كتاب القصاص إن ( المرأة تساوي الرجل في ديات الأعضاء والجراح حتى تبلغ ثلث دية الرجل ) أو تتجاوزه ( ثم تصير على النصف ) بلا خلاف في شي‌ء من ذلك ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى النصوص ، نعم في القواعد ( سواء كان الجاني رجلا أو امرأة ) على إشكال ، ولعله من عموم الفتاوى وكثير من النصوص ، ومن أن الأصل في ديات أعضائها وجراحاتها أن تكون على النصف مطلقا قبل بلوغ الثلث وبعده ، وإنما علم استثناء ما قبله إذا كان الجاني رجلا لاختصاص أكثر الأخبار به ، بل في المسالك عن بعضهم اختياره ، ولعل الأول أقوى وحينئذ ( ففي ) قطع ( الإصبع ) منها وإن كان القاطع امرأة ( مأة وفي الاثنين مأتان وفي الثلاث ثلاثمائة وفي أربع مأتان ) إن كان قطعهن بضربة واحدة وإلا كان لكل ضربة حكمها ( وكذا يقتص من الرجل ) ‌

__________________

(١) مفتاح الكرامة ج ١٠ ص ٤٩٣ والأمثلة غير الذكر من كشف اللثام لا القواعد فراجع.

(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب ديات الشجاج الحديث الأول.

٣٥٢

للمرأة ( في الأعضاء والجراح من غير رد حتى تبلغ الثلث ثم تقتص مع الرد ) ولو جنت هي عليه وأراد القصاص منها اقتصر عليه من غير مطالبة بغيره كما تقدم الكلام في ذلك كله ، بل وفي :

المسألة ( التاسعة )

وهي ( كل ما فيه دية الرجل من الأعضاء ) كالأنف واليدين والرجلين والمنافع ، بل ( والجراح ) كما عرفته سابقا فـ ( ـفيه من المرأة ديتها وكذا من الذمي ديته ) وهي ثمانمائة درهم ومن الذمية نصفه ( ومن العبد قيمته وما فيه مقدر من الحر فهو بنسبته من دية المرأة والذمي وقيمة العبد ) إلا أن المرأة تساوي الرجل فيما نقص عن الثلث كما عرفته ذلك كله سابقا مفصلا بأدلته وجميع ما يتفرع عليه والحمد لله ، فلاحظ.

المسألة ( العاشرة )

( كل موضع قلنا فيه الأرش أو الحكومة فهما واحد ) اصطلاحا ( والمعنى أنه يقوم ) المجروح ( صحيحا لو كان مملوكا ) تارة ( ويقوم مع الجناية ) أخرى ( وينسب إلى القيمة ) الأولى ويعرف التفاوت بينهما ( ويؤخذ من الدية ) للنفس لا العضو ( بحسابه ) أي التفاوت بين القيمتين خلافا لبعض العامة فيأخذ من دية العضو إن قدرت له دية ، فالحكومة في إحدى الشفتين مثلا أن يقوم لو كان عبدا بالقيمتين فإن نقص عشر القيمة مثلا كان للمجنى عليه عشر الدية عندنا لا عشر نصفها كما عن بعضهم.

وكيف كان فهذا في الحر الذي يكون العبد أصلا له في هذا الحال ، ضرورة توقف معرفة الفائت على ذلك بعد عدم التقدير من الشارع له والفرض كون الجملة‌

٣٥٣

مضمونة بالدية فتضمن الأجزاء منها ، فيستكشف بذلك كما يستكشف تفاوت المعيب والصحيح ، ثم يرجع بعد إلى الثمن الذي ضمن به المبيع ، فكذلك هنا وهو واضح ( وإن كان المجني عليه مملوكا أخذ مولاه على قدر النقصان ) إن لم تزد قيمته على دية الحر وإلا رد إليها ، لأن الحر أصل له في ذلك وفي كل ما فيه مقدر من الأعضاء.

نعم لو لم تنقص قيمته بالجناية كقطع السلع احتمل السقوط للأصل ، ويحتمل ـ بل في القواعد أنه الأقرب ـ أخذ أرش نقصه حين الجناية ، لأنها حينها في معرض السراية ، فإن كان مملوكا كان لمولاه الأرش وإلا فرض مملوكا ، وذلك لتحقق جناية أوجبت نقصا ولو حينا ، وفيه أن دية الجناية إنما يستقر عند الاندمال أو تحقق الموت بها ، والمفروض عدم الموت وعدم النقص بعده.

ثم إن مقتضى إطلاق المصنف وغيره ثبوت الأرش لو كانت الجناية على عضو له مقدر وإن ساوى المقدر أو زاد عليه ، ولكن في المسالك « ولو قيل ينقص منه شيئا لئلا يساوي الجناية على العضو مع بقائه زواله رأسا كان وجها ، لأن العضو مضمون بالدية المقدرة لو فات ، فلا يجوز أن يكون الجناية عليه مضمونة مع بقائه (١) » وفيه أنه اجتهاد في مقابلة ما عرفت ، وقد تقدم سابقا بعض الكلام في المسألة ، فلاحظ وتأمل.

__________________

(١) المسالك ج ٢ ص ٥٠٦.

٣٥٤

المسألة ( الحادية عشر )

( من لا ولي له فالإمام ولي دمه )

بلا خلاف أجده فيه ولا إشكال فـ ( ـيقتص ) حينئذ ( إن قتل عمدا ) أو يأخذ الدية لأنه الوارث ، وولي من لا ولي له ، وأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ولقول الصادق عليه‌السلام في حسن أبي ولاد أو صحيحه (١) : « في مسلم قتل وليس له ولي مسلم ، على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل الإسلام فمن أسلم فهو وليه ، يدفع إليه القاتل ، فإن شاء قتل وإن شاء عفى وإن شاء أخذ الدية ، فإن لم يسلم أحد كان الإمام ولي أمره ، فإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية يجعلها في بيت مال المسلمين لأن جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين ».

( وهل له العفو ) مجانا؟ ( الأصح لا ) وفاقا للأكثر ، بل كاد يكون إجماعا كما اعترف به غير واحد ، إذ لا أجد فيه مخالفا إلا الحلي ، للأصل المقطوع بما في الصحيح المزبور. قال فيه : « فإن عفى عنه الإمام قال : إنما هو حق لجميع المسلمين ، وإنما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية ، وليس له العفو » كانقطاع عموم تسلط الإنسان على ماله ، بناء على أنه الوارث حقيقة كغيره من الورثة ، ولكن لا يخفى عليك قلة الفائدة في البحث عن ذلك ، اللهم إلا أن يكون جواز ذلك لنائب الغيبة وعدمه ، ولا ريب في أن الأحوط العدم ( وكذا لو قتل خطأ ) أو شبيه عمد ( فله استيفاء الدية وليس له العفو عنها ) لما عرفت وقد تقدم سابقا بعض الكلام في هذه المسألة.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٦٠ ـ من أبواب القصاص في النفس الحديث ١ و ٢.

٣٥٥

( النظر الرابع في اللواحق )

(وهي أربع ) ‌

( الأولى )

( في الجنين و ) المشهور أن ( دية الجنين ) إذا كان بحكم ( المسلم الحر مأة دينار إذا تم ) خلقه ( ولم تلجه الروح ، ) بل في الانتصار والغنية ومحكي الخلاف والسرائر وظاهر المبسوط الإجماع عليه ، بل لعله كذلك لما تسمعه من ندرة المخالف، للمعتبرة المستفيضة كالصحيح (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام وأبي الحسن الرضا عليه‌السلام « ان أمير المؤمنين عليه‌السلام جعل دية الجنين مأة دينار ، وجعل مني الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة أجزاء ، فإذا كان جنينا قبل أن تلجه الروح مأة دينار ، وذلك إن الله تعالى خلق ( الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ ) وهي النطفة فهذا جزء ، ثم علقة فهو جزءان ، ثم مضغة فهو ثلاثة أجزاء ، ثم عظما فهو أربعة أجزاء ، ثم يكسى لحما فحينئذ تم جنينا فكملت له خمسة أجزاء مأة دينار ، والمأة دينار خمسة أجزاء : للنطفة خمس المأة عشرين دينارا ، وللعلقة خمسي المأة أربعين دينارا ، وللمضغة ثلاثة أخماس المأة ستين دينارا ، وللعظم أربعة أخماس الدية ثمانين دينارا ، فإذا كسى اللحم كانت له مأة دينار كاملة ، فإذا أنشأ فيه خلقا آخر وهو الروح فهو حينئذ نفس فيه ألف دينار دية كاملة إن كان ذكرا ، وإن كان أنثى فخمسمأة دينار ».

ومرسل ابن مسكان (٢) عنه أيضا « دية الجنين خمسة أجزاء ، خمس للنطفة‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب ديات النفس الحديث الأول.

٣٥٦

عشرون دينارا ، وللعلقة خمسان أربعون دينارا ، وللمضغة ثلاثة أخماس ستون دينارا ، فإذا تم الجنين كان له مأة دينار ، فإذا أنشئ فيه الروح فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم إن كان ذكرا ، وإن كان أنثى فخمسمأة دينار ، وإن قتلت المرأة وهي حبلي فلم يدر أذكرا كان ولدها أو أنثى فدية الولد نصفان ، نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى ، وديتها كاملة ».

وخبر سليمان بن صالح (١) عنه أيضا « في النطفة عشرون دينارا ، وفي العلقة أربعون دينارا ، وفي المضغة ستون دينارا ، وفي العظم ثمانون دينارا ، فإذا كسي اللحم فمأة دينار ، ثم هي مأة حتى يستهل ، فإذا استهل فالدية كاملة ».

وخبر أبي جرير القمي (٢) « قال : سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن النطفة ما فيها من الدية؟ وما في العلقة؟ وما في المضغة؟ وما في المخلقة؟ وما يقر في الأرحام؟ قال : إنه يخلق في بطن أمه خلقا من بعد خلق يكون نطفة أربعين يوما ، ثم يكون علقة أربعين يوما ، ثم يكون مضغة أربعين يوما ، ففي النطفة أربعون دينارا ، وفي العلقة ستون دينارا ، وفي المضغة ثمانون دينارا (٣) فإذا كسى العظام لحما ففيه مأة دينار ، قال الله عز وجل ( ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) (٤) ، فإن كان ذكرا ففيه الدية وإن كان أنثى ففيها ديتها ».

إذ المراد من قراءة الآية بيان ولوج الروح فيه.

خلافا للعماني فأوجب فيه الدية كاملة لصحيح أبي عبيدة (٥) عن الصادق‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٩. والتهذيب ج ١٠ ص ٢٨٢ وبينهما اختلاف يسير فراجع.

(٣) زدنا هذه الجملة من الوسائل.

(٤) المؤمنون : ١٣.

(٥) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب موانع الإرث الحديث الأول الكافي ج ٧ ص ١٤١ التهذيب ج ٩ ص ٣٧٩ الفقيه ج ٤ ص ٣١٩ و ١٤٥.

٣٥٧

عليه‌السلام أو عن أبيه عليه‌السلام « في امرأة شربت دواء عمدا (١) وهي حامل لتطرح ولدها (٢) ولم يعلم بذلك زوجها فألقت ولدها ، فقال : إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فإن عليها دية تسلمها إلى أبيه وإن كان جنينا علقة أو مضغة فإن عليها أربعين دينارا أو غرة تسلمها إلى أبيه ، قلت : فهي لا ترث من ولدها من ديته؟ قال : لا لأنها قتلته ».

و‌قول أبي جعفر عليه‌السلام في صحيح ابن مسلم (٣) « إذا كان عظما شق له السمع والبصر ورتبت جوارحه فإذا كان كذلك فإن فيه الدية كاملة ».

وهما مع قصورهما عن معارضة ما عرفت من وجوه يمكن حملهما على إرادة الدية الكاملة للجنين التي هي المأة دينار أو تقييدهما بما إذا ولجته الروح لأنهما مطلقان.

وللإسكافي فقال على ما حكى عنه : « إذا ألقى الجنين ميتا من غير أن تتبين حياته بعد الجناية على الأم كان فيه غرة عبدا أو أمة إذا كانت الأم حرة مسلمة وقدر قيمة الغرة قدر نصف عشر الدية » (٤).

لقول الصادق عليه‌السلام في الصحيح (٥) : « قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في جنين الهلالية حيث رميت بالحجر فألقت ما في بطنها غرة عبد أو أمة ».

وفي‌ خبر أبي بصير (٦) « إن ضرب رجل بطن امرأة حبلي فألقت ما في بطنها ميتا فان عليه غرة عبد أو أمة يدفعها إليها ».

__________________

(١) ليست في المصادر المذكورة كلمة « عمدا ».

(٢) ليست جملة : « لتطرح ولدها » إلا في الفقيه ج ٤ ص ١٤٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٤.

(٤) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٨٨.

(٥) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٣.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٥.

٣٥٨

وفي‌ خبر داود بن فرقد (١) « جائت امرأة فاستعدت على أعرابي قد أفزعها فألقت جنينا ، فقال الأعرابي : لم يهل ولم يصح ومثله يطل ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اسكت سجاعة ، عليك غرة عيد ووصيف عبد أو أمة ».

وفي‌ خبر سليمان بن خالد (٢) « إن رجلا جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ضرب امرأة حبلي فأسقطت سقطا ميتا فأتى زوج المرأة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاستعدى عليه ، فقال الضارب : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أكل ولا شرب ولا استهل ولا صاح ولا استبشر (٣) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنك رجل سجاعة فقضى فيه برقبة ».

وسئل عليه‌السلام أيضا في صحيح أبي عبيدة والحلبي (٤) « عن رجل قتل امرأة خطأ وهي على رأس الولد تمخض قال : عليه خمسة آلاف درهم وعليه دية الذي في بطنها ، غرة وصيف أو وصيفة أو أربعون دينارا ».

وفي خبر أبي مريم (٥) عن أبي جعفر عليه‌السلام « أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برجل قد ضرب امرأة حاملا بعمود الفسطاط فقتلها فخير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوليائها أن يأخذوا الدية خمسة آلاف وغيره وصيف أو وصيفة للذي في بطنها أو يدفعوا إلى أولياء الرجل خمسة آلاف ويقتلوه » ‌إلى غير ذلك من النصوص.

وأما التقدير المزبور للغرة فيدل عليه‌ خبر عبيد بن زرارة (٦) « قلت‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٤.

(٣) ولا استبش ن ل.

(٤) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٦ التهذيب ج ١٠ ص ٢٨٦ الكافي ج ٧ ص ٢٩٩ الاستبصار ج ٤ ص ٣٠١ وسقطت في الوسائل كلمة « غرة » فراجع.

(٥) الوسائل الباب ـ ٣٣ ـ من أبواب القصاص في النفس الحديث ٥ التهذيب ج ١٠ ص ١٨١ الكافي ج ٧ ص ٣٠٠.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٧.

٣٥٩

لأبي عبد الله عليه‌السلام : « إن الغرة قد تكون بمأة دينار وتكون بعشرة دنانير فقال : بخمسين » ‌وخبر السكوني (١) عنه عليه‌السلام أيضا « الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها خمسمائة درهم ».

إلا أن ظاهر الصحيح (٢) السابق كون قيمتها أربعين ، بل هو صريح‌ موثق إسحاق (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « إن الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها أربعون دينارا » ‌وهو مما يوهن القول المزبور في الجملة ، ولو لما في المختلف من تضمنها الحوالة على أمر غير منضبط لا تناط به الأحكام ، مضافا إلى شذوذه وقصور أخباره عن المعارضة من وجوه ، خصوصا بعد ضعف سند بعضها ولا جابر ، وكون آخر قضية في واقعة لا عموم فيها ، مع موافقتها أجمع لمذهب الجمهور وما رووه في جنين الهلالية ، ولذا حملها الشيخ على التقية تارة ، وعلى ما إذا كان علقة أو مضغة أخرى ، وإن كان لا يقبل الثاني جملة منها.

وعلى كل حال فالأصح الأول ( ذكرا كان أو أنثى ) أو خنثى لإطلاق النصوص التي كاد يكون صريحها اختصاص التفصيل بين الذكر والأنثى بما بعد ولوج الروح ، مضافا إلى إطلاق الإجماعات ، بل عن السرائر نفي الخلاف فيه ، ولعله كذلك ، فإنه لم يحد إلا عن الشيخ في المبسوط فأوجب في الأنثى ( الخنثى ن ل ) الخمسين نصف ما في الذكر ، بل عن ظاهره الاتفاق عليه إلا أنا لم نجد (٤) دليلا صالحا لمعارضة لما عرفت (٥) وخبر ابن مسكان (٦)

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٩.

(٢) يعنى صحيح أبي عبيده والحلبي المذكور آنفا.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٨.

(٤) في الأصل : انه لم نجد له.

(٥) كذا في النسخ الثلاثة التي راجعناها.

(٦) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب ديات النفس الحديث الأول.

٣٦٠