جواهر الكلام - ج ٤٣

الشيخ محمّد حسن النّجفي

ماؤه أو إحباله أو حدث به سلس البول ونحوه (١) » لكن عن التحرير « الحكومة إذا ذهب ماؤه دون جماعة ، لأنه لم تذهب المنفعة » ولعله الأقوى ، بل لا يخفى عليك أن المدار على كل ما انساق من قوله عليه‌السلام : « في الصلب » « وفيما كان منه في البدن واحد » من الجناية عليه نفسه ، والله العالم.

( ولو صلح ) بعد الكسر أو التحديب بحيث يقدر على المشي أو القعود كما كان يقدر عليهما ولم يبق عليه من أثر الجناية شي‌ء ( كان فيه ثلث الدية ) كما عن النهاية والسرائر والجامع وغيرها ، بل نسبه غير واحد إلى الشهرة ، ولكن لم أعرف مستنده بالخصوص ، اللهم إلا أن يكون الحمل على اللحية إذا نبتت أو الساعد إذا صلح.

ففي‌ كتاب ظريف (٢) « إن فيه إذا كسر وجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس » ‌بناء على أن المراد به الساعدان معا كما أن ما عن الوسيلة من أن فيه خمس الدية حمل على المرفق والعضد والرسغ ، وفي كتاب ظريف (٣) في كل منها إذا كسر فجبر على غير عثم خمس دية اليد ، بل فيه أيضا في قصبة الإبهام إن كسرت فجبرت كذلك خمس دية الإبهام ، بل فيه أيضا في الساق والركبة والورك والفخذ ، في كل منها إذا كسرت فجبرت كذلك ففيها خمس الدية ، إلا أن ذلك كما ترى بعد حرمة القياس عندنا ، ولعله لذا كان المحكي عن المبسوط أن فيه الحكومة بناء منه على عدم تقدير له شرعا.

( و ) لكن فيه أن الموجود ( في رواية ظريف ) (٤) التي قد عرفت صحتها في بعض الطرق ( إن كسر الصلب فجبر على غير عيب فمأة دينار وإن عثم ) إن لم‌

__________________

(١) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٦.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول نقلا عن التهذيب والفقيه.

(٣) راجع الوسائل الباب ـ ١٠ و ١١ و ١٢ و ١٥ و ١٦ ـ من أبواب ديات الأعضاء.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

٢٦١

ينجبر على استواء ( فألف دينار ، ) بل عن المقنعة والغنية والإصباح وموضع من السرائر الفتوى به ، بل عن الغنية الإجماع عليه ، فالمتجه العمل به ، لكن في الإرشاد الفتوى بمضمونه متصلا بالحكم بالثلث لو صلح الظهر ، ولعله للفرق بين الصلب والظهر ، كما عن التحرير إلا أنه خلاف ظاهر الأصحاب ، بل صريح بعضهم تفسير الصلب بالظهر كما عن مجمع البحرين وغيره ، وفي الصحاح « الصلب من الظهر وكل شي‌ء من الظهر فيه فقار فذلك الصلب » وفي مختصر النهاية « الصلب الظهر » وفي القاموس « عظم متصل من لدن الكاهل إلى العجب » ، والله العالم ( ولو كسر فشلت الرجلان فدية له ) أي كسر الظهر ( وثلثا دية لـ ) ـشلل ( الرجلين ) بلا خلاف أجده فيه بيننا ، بل عن الخلاف إجماع الفرقة وأخبارها عليه ، مضافا إلى أنهما جنايتان فتجب فيهما ما أوجبه النص لعمومه ، نعم عن الشافعي دية للشلل وحكومة لكسر الصلب ولا وجه له ، هذا.

( وفي الخلاف لو كسر الصلب فذهب مشيه وجماعه فديتان ) بإجماع الفرقة وأخبارها لأنهما منفعتان يوجب الدية ذهاب كل منهما ، وحينئذ فما عساه يظهر من نسبة المصنف له إلى الخلاف من نوع تردد فيه في غير محله مع أني لم أجده لغيره ، والله العالم.

٢٦٢

( الثالث عشر : النخاع )

( وفي قطعه الدية كاملة ) وإن عاش الإنسان ، بلا خلاف أجده فيه ، بل ولا إشكال ، لأنه عضو واحد في البدن فيعمه الضابط ، وفي بعضه الحساب بنسبة المساحة.

( الرابع عشر : الثديان )

( وفيهما من المرأة ديتها ) كاملة ، ( وفي كل واحدة نصف ديتها ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض ، للضابط المزبور ، وخصوص قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في‌ صحيح أبي بصير (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام « في رجل قطع ثدي امرأته ، إذا أغرمه لها نصف الدية » ‌( ولو انقطع لبنهما ) الذي هو فيهما بالجناية مع بقائهما ( ففيه الحكومة ) كما صرح به الشيخ في محكي المبسوط والفاضلان وغيرهما ، لعدم مقدر له.

( وكذا لو كان اللبن فيهما وتعذر نزوله ) بسبب الجناية ، بل في كشف اللثام مفسرا به عبارة القواعد « وكذا لو لم يكن فيهما لبن لكن تعذر بالجناية نزوله في وقته بأن قال أهل الخبرة : إن التعذر من الجناية فالحكومة أيضا ، ووقته إذا حملت فمضى للحمل أربعون ثم إذا وضعت فسقت اللبأ در اللبن‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٦ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

٢٦٣

لثلاث أو بعد مدة النفاس ، وكذا إذا قل لبنها بالجناية فحكومة دون ذلك » (١) ولا بأس به ضرورة اشتراك الجميع في أنها جناية لا مقدر لها فليس إلا الحكومة.

( ولو قطعهما مع شي‌ء من جلد الصدر ففيهما ديتها ) لما عرفت ( وفي الزائد ) من الجلد ( حكومة فلو أجاف مع ذلك الصدر لزمه دية الثديين والحكومة ) للجلد ( ودية الجائفة ) كما في القواعد وغيرها.

( ولو قطع الحملتين ) من الثديين ( قال في المبسوط : فيهما الدية ) وتبعه الفاضل وابنا حمزة وإدريس في محكي الوسيلة والسرائر للضابط المزبور ( و ) لكن ( فيه إشكال من حيث إن الدية في الثديين والحلمتان بعضهما ) وهو مغاير للكل المعلق عليه الحكم الذي يقتضي التوزيع على أجزائه ، فلو وجب فيهما الدية لزم مساواة الجزء للكل ، والحمل على اليد والرجل والأنف والذكر قياس مع الفارق بالنص والإجماع فيها دون الفرض ، بل وبإطلاق اليد والرجل على الأبعاض كثيرا كما في آية السرقة والوضوء (٢) وكذا الأنف والذكر بخلافه ، فإنه لا يطلق الثدي على الحلمة. اللهم إلا أن يدعى دخول الفرض في الضابط المزبور المخرج له عن القياس ، لكن فيه شك أو منع ، والأصل البراءة ، والأولى الحكومة ، هذا كله في حلمتي ثديي المرأة.

و ( أما حلمتا ) ثديي ( الرجل ففي المبسوط والخلاف ) ومحكي السرائر ( فيهما الدية ، ) بل في الأخيرين أنه مذهبنا ، واختاره الفاضل في جملة من كتبه ، للضابط المزبور الذي قيل لا يجري فيه الإشكال المذكور ، لعدم ثديين له يكونان بعضا منهما ( وقال ابن بابويه ) (٣) ( رحمه‌الله : « في حلمتي ثديي الرجل ثمن الدية مأة وخمسة وعشرون دينارا ) وفيهما معا ربع الدية ».

__________________

(١) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٧.

(٢) المائدة ٥ : ٣٨ و ٦.

(٣) الفقيه ج ٤ ص ٩١ في ضمن خبر ظريف لا قول الصدوق نفسه ، فراجع.

٢٦٤

ونحوه عن الوسيلة والجامع ، بل ( وكذا ذكره الشيخ في التهذيب (١) عن ) كتاب ( ظريف ) الذي قد عرفت صحته في بعض الطرق ، ( و ) حينئذ فالمتجه تخصيص العموم المزبور بل ( في إيجاب الدية ) كاملة ( فيهما بعد ) خصوصا مع القول بعدم وجوبها في حلمتي ثديي المرأة لقلة منفعتهما فيه ومدخليتهما في الجمال فيه بخلافها ، بل قد يشك في شمول العموم لهما.

( و ) من الغريب أن ( الشيخ ) رحمه‌الله ( أضرب عن رواية ظريف ) التي عمل بها في غير المقام ( وتمسك بالحديث الذي مر في فصل الشفتين ) وهو‌ « ما كان في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية (٢) » ‌مع أنه بعد فرض شموله لمثل الفرض مخصص برواية ظريف التي قد عرفت اعتبارها.

وأغرب منه ما في الرياض من الميل إلى الحكومة قال : « وفاقا لجماعة للشك في شمول القاعدة لمفروض المسألة ، مع عدم دليل معتد به على مقدر لتعارض كتاب ظريف إن قلنا باعتبار سنده مع الإجماع المستظهر من عبارة الشيخ والحلي ، ولا مرجح تطمئن إليه ، فيرجع إلى الضابط فيما لا مقدر له مضافا إلى أصل البراءة » (٣) نعم لو لم يكن رواية ظريف معتبرة السند كما هو مبني من حكى عنهم موافقته كثاني الشهيدين وغيره كان ذلك متجها.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٣٠٧.

(٢) راجع الخلاف ج ٢ ص ٣٩١ والمبسوط ج ٧ ص ١٤٨.

(٣) رياض المسائل ج ٢ ص ٦١٣.

٢٦٥

( الخامس عشر : الذكر )

( وفي الحشفة فما زاد الدية وإن استوصل ) إجماعا بقسميه ونصوصا عامة وخاصة ففي‌ صحيح ابن سنان (١) عن الصادق عليه‌السلام « وفي الذكر إذا قطع من موضع الحشفة الدية » وفي حسن الحلبي (٢) عنه أيضا « وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية » وفي الموثقين (٣) والصحيح (٤) « في الذكر إذا قطع الدية كاملة » ‌وفي‌ ما عرضه يونس (٥) على الرضا عليه‌السلام من قوله : « والذكر إذا استوصل ألف دينار » ‌إلى غير ذلك من النصوص.

وحينئذ فالقضيب كالكف والحشفة كالإصبع لا يتفاوت الحال في وجوب كمال الدية بقطع الحشفة خاصة أو مع القضيب أو بعضه من غير وجوب دية أخرى أو حكومة لما زاد عليها ، وفي كشف اللثام « كما قطع بذلك الأكثر (٦) » قلت : لم أجد فيه خلافا بل ولا إشكالا للنصوص السابقة.

( سواء كان لشاب أو شيخ أو صبي لم يبلغ أو من سلت خصيتاه ) على وجه لا يؤدى إلى شلل في ذكره ، لإطلاق النصوص والفتاوى ومعقد الإجماع ، بل في‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٧ و ١٠.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ١١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢.

(٦) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٨.

٢٦٦

الصحيح (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام « في ذكر الغلام الدية كاملة » وفي القوي (٢) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام « في ذكر الصبي الدية » ‌بل الظاهر الاتفاق عليه بيننا كما اعترف به بعض الأفاضل. نعم عن أبي حنيفة الحكومة في ذكر الخصي.

وما في بعض النصوص من كون الدية بذكر الرجل ، لا يراد منه إخراج الصغير بعد ما عرفت ، فيمكن أن لا يراد منه القيدية أو تراد لإخراج ذكر الخنثى المشكل أو المعلوم كونها أنثى كما أن ما في‌ صحيح (٣) بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام « في ذكر الخصي الحر وأنثييه ثلث الدية » ‌محمول على من شلل ذكره بالإخصاء.

( ولو قطع بعض الحشفة كانت دية المقطوع بنسبة الدية من مساحة الكمرة ) (٤) ( حسب ) لا جميع الذكر خلافا لبعض العامة ضرورة كون المقدر لها ، وقد عرفت سابقا اتفاق النص والفتوى على اعتبار المساحة في كل عضو له (٥) مقدر له إذا قطع بعضه ، وحينئذ فإن كان المقطوع نصفها فنصف الدية أو ثلثها فثلث الدية وهكذا.

هذا إذا لم ينخرم مجرى البول وإلا احتمل وجوب الجزء المقسط والحكومة معا لأنهما جنايتان لا مقدر لأحدهما ، ولأنه لو اقتصر الجاني على خرم المجرى خاصة كانت فيه الحكومة ، ولو اقتصر على قطع الجزء من الحشفة كان عليه الجزء‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٢.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ٢٧٠ والفقيه ج ٤ ص ١٣١ والكافي ج ٧ ص ٣١٨ والوسائل الباب ـ ٣١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ١ وليس في الأخيرين لفظة « الحر » فراجع.

(٤) الكمرة بالتحريك حشفة الذكر ، وربما أطلقت على جملة الذكر مجازا. مجمع البحرين.

(٥) كذا في الأصل والظاهر زيادة « له ».

٢٦٧

من الدية ، فمع اجتماعهما يجبان معا. ويحتمل وجوب أكثرهما كما سمعته في اللسان والكلام إذا قطع نصفه (١) مثلا فذهب ربع الحروف أو بالعكس كما عن المبسوط ، لأنه جناية واحدة تضمنت ذهاب العين والمنفعة ، ولعل الأول أقوى.

( ولو قطع الحشفة وقطع آخر ) أو هو ( ما بقي كان على الأول الدية وعلى الثاني الأرش ) كما لو قطع الأصابع ثم قطع هو أو غيره الكف إذ المقدر المستفاد من النصوص السابقة إنما هو في قطع الحشفة فما فوق ، والفرض تحققه بالقطع الأول ، فيبقى الثاني بلا مقدر فتجب فيه الحكومة.

( وفي ذكر العنين ثلث الدية ) وفاقا للمشهور ، بل كافة المتأخرين ، بل عن الخلاف (٢) الإجماع عليه وإن حكى الخلاف فيه في محكي كتاب القصاص منه (٣) ، إلحاقا ـ بعد انسياق النصوص السابقة إلى غيره ـ بالأشل الذي فيه ثلث الدية. كما عرفته في كل عضو أشل ، بل منه يعلم أنه لو جنى عليه حتى صار أشل وجب ثلثا الدية كما تقدم سابقا ، بل وكذا لو صار عنينا على ما صرح به في كشف اللثام. والمراد بالأشل هنا الذي يكون منبسطا أبدا فلا ينقبض ولو في‌

__________________

(١) كانت عبارة الأصل مغلوطة فصححناها بمعونة عبارة كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٨.

(٢) قال في ديات الخلاف : « العين القائمة. وذكر الأشل كل هذا وما في معناه فيه ثلث دية صحيحة. دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم » ج ٢ ص ٣٩٣.

(٣) قال في قصاص الخلاف : « في ذكر العنين ثلث دية الذكر الصحيح. دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم » ج ٢ ص ٣٦٧. ولم أجد فيه ما يشعر بالخلاف نعم قال في رياض المسائل : « وفي ذكر العنين ثلث الدية. ومر نقل الإجماع عليه عن الخلاف مع نقل الخلاف فيه في كتاب القصاص في القسم الثاني منه في قصاص الأطراف » ج ٢ ص ٦٠٤ و ٥٨٨ ولكن ضمير ( منه ) يرجع الى قصاص رياض المسائل لا قصاص الخلاف فراجع فإنه منشأ الاشتباه ظاهرا.

٢٦٨

الماء البارد ، أو يكون منقبضا أبدا فلا ينبسط ولو في الماء الحار ، وإن التذ صاحبه وأمنى بالمساحقة وأولد.

خلافا للمحكي عن القاضي وأبي علي فأوجبا في ذكر العنين الدية كالصحيح لإطلاق بعض النصوص السابقة ، وخصوص‌ قول أمير المؤمنين عليه‌السلام في خبر السكوني (١) « في ذكر العنين الدية » ‌إلا أنه بعد إعراض المشهور عنه ومعارضته بالإجماع المحكي الذي يشهد له التتبع ، يمكن إرادة ديته منه.

( و ) على كل حال ( فيما قطع منه ) أو من الأشل ( بحسابه ) بالنسبة إلى مجموع الذكر لا الحشفة كما سمعته في الصحيح ، للفرق بينهما بأن الحشفة في الصحيح هي الركن الأعظم في لذة الجماع ، وورد بخصوصها الدية ، بخلافهما لاستواء الجميع في عدم المنفعة وعدم ورود الدية منهما لخصوص الحشفة ، مع كونه عضوا ينسب بعضه إلى مجموعه بناء على الأصل السابق ، لكن في كشف اللثام بعد أن جزم بذلك في ذكر العنين ، قال في الأشل « وهل يعتبر بالنسبة إلى الحشفة أو الجميع وجهان (٢) » ولا يخفى ما فيه بناء على عدم تقدير للحشفة فيه ، بل وعليه أيضا ، فإن المتجه حينئذ كونه كالصحيح في اعتبار الحشفة ، لا مجموع الذكر كما سمعته في الصحيح من دون احتمال آخر ، والله العالم.

ولو قطع نصف الذكر طولا ولم يحصل في النصف الآخر خلل من شلل ونحوه فنصف الدية ، وإلا فإن ذهب بذلك الجماع فالدية كملا لما تعرفه في الجناية على المنافع ، وإن حدث شلل في الباقي فخمسة أسداس الدية التي هي نصف الدية لما قطعه وثلثا دية النصف الآخر لأنه أشله.

وفي ذكر الخنثى إذا علم أنها امرأة أو استمر الاشتباه حكومة كما في غيره من الزوائد ، وعن أبي علي ثلث ديتها ، ولم نجد له ما يدل عليه كالمحكي عن‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢.

(٢) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٨.

٢٦٩

المقنع (١) « في ذكر الخنثى وأنثييه الدية » (٢) لو علم أنها رجل ففي مفروضه ديتان إحداهما للذكر والأخرى للأنثيين ، وإلا فالحكومة كما هو واضح.

( وفي الخصيتين ) معا ( الدية ) إجماعا بقسميه ونصوصا عموما وخصوصا ، منها ما‌ في الصحيح (٣) « في البيضتين الدية » ‌( و ) حينئذ فـ ( ـفي كل واحدة نصف الدية ) وفاقا للمشهور ، بل في الرياض كافة المتأخرين ، بل عن ظاهر الغنية الإجماع عليه ، لانسياق التوزيع بالسوية التي هي مقتضى الأصل كما عرفته سابقا ، و‌لعموم (٤) ما دل على أن كل ما كان منه في الإنسان اثنان ففي كل واحد نصف الدية ، بل في كتاب ظريف (٥) « وفي خصيتي الرجل خمسمائة دينار ».

( و ) لكن ( في رواية ) صحيحة (٦) عن الصادق عليه‌السلام وأخرى‌ مرفوعه (٧) إليه‌ ( في اليسرى ثلثا الدية لأن الولد ) يخلق ( منها ) ‌ـ قال في الأول : « ما كان في الجسد منه اثنان ففيه الدية (٨) ، قلت : رجل فقأت عينه ، قال : نصف الدية ، قلت : قطعت يده ، قال : نصفها ، قلت : فرجل ذهبت أحدا بيضتيه ، قال : إن كانت اليسار ففيها ثلثا الدية ، قلت : أليس قلت : ما كان في‌

__________________

(١) المقنع ص ١٨٠.

(٢) كأنه سقطت من العبارة هذه الجملة : « والوجه أنه » راجع كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٨.

(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢ و ٤.

(٤) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

(٦) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

(٧) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢.

(٨) كذا في ثلاث نسخ راجعناها ولكن في الوسائل والكافي والتهذيب هكذا : « ففيه نصف الدية مثل اليدين والعينين قلت ».

.

٢٧٠

الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية؟! قال : لأن الولد من البيضة اليسرى » وقال في الثاني : « الولد يكون من البيضة اليسرى فإذا قطعت ففيها ثلثا الدية وفي اليمنى ثلث الدية ».

وعن الصدوق في الهداية والشيخ في الخلاف والقاضي في المهذب وسلار وابني حمزة وسعيد العمل بها ، بل هو خيرة الفاضل في محكي المختلف ، مستدلا عليه مضافا إلى الخبرين ، بما يفهم منهما من تفاوتهما في المنفعة المقتضى للتفاوت في الدية وإلا فهو بمجرده لا تقتضي التفاوت كما في تفاوت اليدين والعينين ، وعلى كل حال فهو الأقوى تحكيما للخاص الجامع لشرائط الحجية على العام.

( و ) ما في المتن من أن ( الرواية حسنة لكن تتضمن عدولا عن عموم الروايات المشهورة ) يدفعه أنه لا بأس بذلك خصوصا بعد تعرض الصحيح للعام المزبور والحكم بتخصيصه ، وكذا ما عن السرائر « من أنه لا دليل يعضد هذه الرواية » (١) ، ضرورة عدم اشتراط مثل ذلك في الحجية عندنا ، على أنك قد عرفت اعتبار التفاوت في المقنعة في النص ، ونحوهما ما عن المقنعة (٢) قال : « وقد روى أن في اليسرى منهما ثلثي الدية وفي اليمنى ثلث الدية واعتل من قال ذلك بأن اليسرى من الأنثيين يكون منها الولد وبفسادها يكون العقم ولم أتحقق ذلك برواية صحت عندي » بل ظاهره أن عدم القول بذلك لعدم عثوره على الصحيح المزبور لا إعراضا عنه ، ولعل غيره كذلك. ومنه يظهر حينئذ زيادة قوة القول المذكور. وما عن بعض الأطباء من إنكار انحصار التولد في الخصية اليسرى ، بل عن الجاحظ نسبته في حيوة الحيوان (٣) إلى العامة لا يلتفت‌

__________________

(١) السرائر باب ديات الأعضاء.

(٢) المقنعة ص ١١٩ وفيه : « وقد قيل » مكان « وقد روى ».

(٣) الظاهر زيادة كلمة « حيوة » كما في غاية المراد للشهيد الأول وهو على ما علمناه أول من نقل هذا عن بعض الأطباء والجاحظ ثم قال : ولا عبرة بذلك مع صحة النقل عن المعصومين عليهم‌السلام.

٢٧١

إليه في مقابلة قول الصادق عليه‌السلام.

وكيف كان فما عن الراوندي من التفصيل بين الشيخ الآيس من الجماع فالنصف ، وبين الشاب فالثلثين جمعا بين النصوص واضح الضعف ، بعد عدم الشاهد له. وأضعف منه ما عن أبي علي من أن فيهما الدية وفي اليسرى أيضا الدية ، لأن الولد منها وفي اليمنى نصفها ، إذ هو كالاجتهاد في مقابلة النص والفتوى ، ولا فرق في الحكم المزبور بين أن يكون الذكر سليما أو مقطوعا أو أشل لأن النقص في عضو آخر ، بل وكذا العنين وغيره للعموم ، ودعوى أن منشأ التعنن في الأنثيين ممنوعة. والله العالم.

( وفي أدرة الخصيتين ) أى انتفاخهما ( أربعمائة دينار ) بلا خلاف أجده.

وفي كشف اللثام نسبه إلى قطع الأصحاب ( فإن فحج ) بسبب ذلك وهو معروف في العرف ، وفي كشف اللثام « أى تباعد رجلاه عقبا وتدانتا صدرا أو تباعد فخذاه أو وسط ساقيه ( فلم يقدر على المشي ) أصلا أو ما لا ينتفع به » (١) ( فثمانمأة دينار ) كما عن الأكثر القطع به ( ومستنده كتاب ظريف ) قال فيه على ما‌ في التهذيب (٢) « وفي خصية الرجل خمسمائة دينار وقال :

__________________

(١) كذا في الأصل. وفي كشف اللثام هكذا : « أى تباعد رجلاه عقبا وتدانتا صدرا أو تباعدا فخذاه أو وسط ساقيه فلم يقدر على المشي أو مشى مشيا لا ينتفع به ».

وفي مفتاح الكرامة : « والفحج بفتح الفاء فالحاء المهملة فالجيم ما إذا تباعدت رجلاه أعقابا مع تقارب صدور قدميه أو تباعد فخذاه عن أواسط ساقيه ».

وفي نهاية اللغة : « الفحج تباعد ما بين الفخذين ».

وفي مجمع البحرين : « الفحج تباعد ما بين الرجلين في الأعقاب مع تقارب صدور القدمين ».

(٢) التهذيب ج ١٠ ص ٣٠٧ ـ ٣٠٨.

٢٧٢

وإن أصيب رجل فأدر خصيتاه كلتاهما فديته أربعمائة دينار فإن فحج فلم يقدر على المشي إلا مشيا لا ينفعه فديته أربعة أخماس دية النفس ثمانمائة دينار » لكن فيه على ما في الكافي (١) « ودية البجرة إذا كانت فوق العانة عشر دية النفس مأة دينار فإن كانت في العانة فخرقت الصفاق فصارت أدرة في إحدى البيضتين فديتها مأتا دينار خمس الدية » ‌ويمكن حملها على أن دية البجرة مأة فإن تسببت للأدرة أضيف إليها أخرى للأدرة خاصة فيتم لها مأتان ، ولا يعارض ذلك ما‌ عن معاوية (٢) « قال : تزوج جار لي امرأة فلما أراد مواقعتها رفسته برجلها ففتقت بيضته فصار أدر فكان بعد ذلك ينكح ولا يولد له ، فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك وعن رجل أصاب صرة (٣) رجل ففتقها ، فقال : في كل فتق ثلث الدية » ‌بعد قصور سنده وشذوذه وعدم عامل به فليطرح أو يحمل على إرادة أن في الفتق ثلث الدية فإن استلزم الأدرة لزم خمساها.

كما لا يناقش في خبر ظريف (٤) بضعف سنده كما وقع من بعض ، بل هو ظاهر قول المصنف ( غير أن الشهرة تؤيده ) ضرورة تسليمه ضعفه إلا أن الشهرة جابرة ، لكن قد عرفت أنه مروي بعدة طرق فيها الصحيح وغيره ، فلا محيص حينئذ عن العمل به فما عساه يظهر من بعض من الوسوسة في الحكم المزبور والإشكال فيه في غير محله ، والله العالم.

__________________

(١) الكافي ج ٧ ص ٣٤٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

(٣) في الوسائل بالسين وفي الوافي بالضاد المعجمة وقال في مرآت العقول : في بعض النسخ بالصاد المهملة.

(٤) التهذيب ج ١٠ ص ٣٠٧.

٢٧٣

( السادس عشر : الشفران )

( وهما عرفا اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم ) كما صرح به غير واحد من الأصحاب ، بل هو كذلك أيضا عن مجمع البحرين ، بل عن المبسوط أنهما والأسكتان شي‌ء واحد ، لكن قال : « وهما عند أهل اللغة عبارة عن شيئين ، قال بعضهم : الأسكتان هو اللحم المحيط بشق الفرج والشفران حاشيتا الأسكتين كما أن للعينين جفنين ينطبقان عليهما وشفرهما هي الحاشية التي ينبت فيها أهداب العينين ، فالإسكتان كالأجفان والشفران كشفري العينين » (١) بل عن السرائر وموضع آخر من المبسوط تفسيرهما بذلك ، بل في كشف اللثام « الفرق بين الأسكتين والشفرين بما سمعت هو المعروف عند اللغويين » قلت : إلا أن العرف على ما ذكره الأصحاب وعليه المدار بعد أن لم يعلم حدوثه كما حقق في محله.

على أن الموجود في النصوص قطع الفرج لا الشفرين ، قال الصادق عليه‌السلام في خبر عبد الرحمن بن سيابة (٢) في كتاب علي عليه‌السلام : « لو أن رجلا قطع فرج امرأة لأغرمنه لها ديتها فان لم تؤد إليها الدية قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك » وفي آخر (٣) « رجل قطع فرج امرأة فقال : أغرمه لها نصف ديتها » ‌وهو محمول على قطع أحدهما كما أن الأول محمول على قطعهما معا ، وليس فيهما الشفر ، ولكن الأصحاب عبروا به لتبادره من الفرج عرفا بالمعنى الذي ذكرناه دونه‌

__________________

(١) المبسوط ج ٧ ص ١٤٩.

(٢) الكافي ج ٧ ص ٣١٣ ـ الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول ولكن أورد صدره فقط.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢.

٢٧٤

بالمعنى الآخر. وحينئذ فتجب الدية في الأسكتين لا في حرفيهما (١) الذين فيهما من الدية بالحساب إن أمكنت النسبة بالمساحة وإلا فالحكومة كما في كشف اللثام والرياض ، وأولى منه الصلح وكذا في غيره.

واحتمال (٢) ثبوت الدية لهما أيضا باعتبار كونهما عضوين في البدن فيندرجان في العموم السابق واضح الضعف للأصل بعد ظهور العموم في غيره لعدم تميزه عضوا مستقلا بل هو كطرف الشفتين.

( و ) على كل حال فـ ( ـفيهما ) معا ( ديتها وفي كل واحدة نصف ديتها ) بلا خلاف أجده فيه للقاعدة التي سمعتها غير مرة ( وتستوي في الدية ) ونصفها ( السليمة والرتقاء ) والقرناء والصغيرة والكبيرة والبكر والثيب للعموم الذي لا مدخلية في تناوله للأمور الداخلة. نعم لو كان بهما استحشاف أو شلل كان فيهما ثلث الدية بناء على إلحاق الاستحشاف بالشلل الذي قد عرفت الضابط فيه.

( وفي الركب حكومة ) لعدم المقدر له ( وهو ) في المرأة ( مثل موضع العانة من الرجل ) الذي فيه الحكومة أيضا لعدم التقدير له سواء قطعه منفردا أو منضما إلى الفرج منه أو منها لعدم الدليل على التبعية نحو تبعية الراحة للأصابع فليس إلا الحكومة كما هو واضح.

( وفي إفضاء المرأة ديتها ) بلا خلاف معتد به بل ولا إشكال ( و ) لكن ( تسقط ) ذلك ( في طرف الزوج إن كان بالوطي ) لا بالإصبع ونحوه ( بعد بلوغها و ) أما ( لو كان قبل البلوغ ضمن الزوج مع مهرها ديتها والإنفاق عليها حتى يموت أحدهما ، ولو لم يكن زوجا وكان مكرها فلها المهر والدية وإن كانت ) حرة ( مطاوعة فلا مهر ) لأنها بغي ( و ) لكن ( لها الدية ) كما تقدم تحقيق ذلك وغيره موضوعا وحكما بما لا مزيد عليه في كتاب النكاح.

__________________

(١) في مفتاح الكرامة « جوفيهما ».

(٢) في الأصل هكذا : « وكذا في غير احتمال ... » فصححناها.

٢٧٥

والحمد لله فلاحظ وتأمل.

( ولو كانت المكرهة بكرا هل يجب لها أرش البكارة زائدا عن المهر فيه تردد والأشبه ) عند المصنف والفاضل ( وجوبه ، ) بل عن المبسوط أنه مذهبنا ، لأصالة تعدد المسببات بتعدد الأسباب فتفرض حينئذ أمة وتقوم بكرا تارة وثيبا أخرى فيأخذ التفاوت مع مهر المثل ودية الإفضاء.

ولكن قد يقوى دخوله في المهر الذي اعتبر البكارة فيه ، للأصل بعد خلو النصوص الواردة في مقام البيان عنه ، بل ظاهر اقتصارها على غيره عدمه ، ولقول الصادق عليه‌السلام لعبد الله بن سنان المتقدم (١) في دية الشعر « إن شعر المرأة وعذرتها شريكان في الجمال فإذا ذهب بأحدهما وجب لها المهر كملا ».

أما المطاوعة فظاهر العبارة عدمه لها كالمهر لكنه لا يخلو من نظر بناء على أن الإذن في الجناية من المجني عليه لا يسقط أرشها.

هذا كله في الحرة أما الأمة فقد قيل إن عليه أرش البكارة مطلقا مطاوعة أو مكرهة ، وقدر في الأخبار (٢) بنصف عشر قيمتها. قلت : هو مبني على أن مطاوعة الأمة لا يسقط حق عوض البضع الذي هو للسيد وإن كانت هي بغيا كما تقدم تحقيق ذلك في محله.

( و ) كيف كان فـ ( ـيلزم ذلك في ماله ) أما المهر والأرش إن قلنا به فظاهر وأما الدية فـ ( ـلأن الجناية إما عمد أو شبيه العمد ) بذلك غالبا وكل منهما يقتضي التعلق بالمال ، وعن المبسوط (٣) « وإنما يكون عمدا محضا إذا كانت صغيرة وبدنه كبير ويعلم أن مثلها لا يطيق ذلك فمتى فعل ذلك فقد أفضاها عمدا محضا فالدية مغلظة حالة في ماله وإن وجبت عن عمد الخطاء فالدية‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأول.

(٢) راجع الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام العيوب من كتاب التجارة ، وقال في مفتاح الكرامة : وقدر في بعض الاخبار بعشر قيمتها ج ١٠ ص ٤٥٢.

(٣) المبسوط ج ٧ ص ١٥٠ ـ ١٥١.

٢٧٦

مغلظة مؤجلة عندنا في ماله وعندهم على العاقلة قال : وعمد الخطأ أن تكون كبيرة قد يفضى مثلها وقد لا يفضي ، فإن وجد الإفضاء علمنا أنه عامد في فعله مخطئ في قصده فلهذا كان عمد الخطاء قال : وأحال بعضهم أن يتصور في الإفضاء خطأ محض » قلت : يتصور في الصغير والمجنون والنائم بل وفيما إذا كان له زوجة قد وطأها ويعلم أن وطيها لا يفضيها فأصاب على فراشه امرأة فأفضاها ويعتقدها زوجته فإنه أيضا خطأ محض ، والله العالم.

( السابع عشر : )

( قال في المبسوط في الأليتين الدية وفي كل واحدة ) منهما ( نصف الدية ومن المرأة ديتها وفي كل واحدة منهما نصف ديتها ) ووافقه عليه غير واحد ممن تأخر عنه ( وهو حسن تعويلا على الرواية ) (١) ( التي مرت في فصل الشفتين ) التي‌ هي « كلما كان في الإنسان منه اثنان ففيها الدية وفي أحدهما نصفها » ‌ضرورة كونهما عضوين متميزين ، فيهما الجمال والمنفعة ، إذ المراد بهما اللحم الناتي بين الظهر والفخذين ، نعم الظاهر كما عن المبسوط والوسيلة والتحرير وغيرها اعتبار الوصول إلى العظم في وجوبها لأنهما اسم لمجموع ذلك عرفا ، وإلا فبعض الدية بالحساب إن أمكن وإلا فالحكومة كما قيل ، أو الصلح الممكن إرادته من الحكومة هنا ، فإن لم يمكن الصلح فليس إلا الأقل للأصل ، لكن في قواعد الفاضل بعد أن فسرهما بما سمعت قال : « فإذا قطع ما أشرف منهما على البدن فالدية وإن لم يقرع العظم » (٢) وظاهره الاكتفاء بقطع المشرف منهما حتى ينتهي إلى مساواة الظهر والفخذ ، بل لعل فيما زاد على ذلك الحكومة‌

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء.

(٢) مفتاح الكرامة ج ١٠ ص ٤٥٥.

٢٧٧

مع الدية ، وهو مبني على خروج الباقي عن مسماها عرفا ، وفيه منع إذ الظاهر أنهما عرفا اسم لمجموع هذا اللحم إلى العظم ، والله العالم.

( الثامن عشر : الرجلان )

( وفيهما الدية وفي كل واحدة نصف الدية ) إجماعا بقسميه ونصوصا عموما وخصوصا من غير فرق بين اليمنى واليسرى كما سمعته في اليدين ( وحدهما مفصل الساق ) بلا خلاف أجده فيه ، لأنه الذي يدل عليه العرف واللغة فإن قطعتا معا من الأصابع فدية كاملة ، وفي الرجل الواحدة نصفها والبحث في قطع بعض الساق معها كالبحث في قطع بعض الساعد وكذا الكلام في القطع من مفصل الركبة أو من أصل الفخذين على حسب ما سمعته في اليد.

( وفي الأصابع منفردة دية كاملة ) بلا خلاف أجده فيه ، بل ربما ظهر من بعض نفيه بين المسلمين ، بل الإجماع بقسميه عليه بل ( و ) على أنه ( في كل إصبع عشر الدية ) نحو ما سمعته في أصابع اليدين نصا ( و ) فتوى حتى في ( الخلاف في الإبهام هنا ) بالسوية أو بالتفاوت ( كما ) سمعته مفصلا ( في اليدين ) إذ الحكم فيهما متحد نصا وفتوى في ذلك كله ( و ) في أن ( دية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل بالسوية وفي الإبهام على اثنين ، ) بل وفي حكم الرجل الزائدة ، إذ هي كاليد الزائدة التي قد عرفت الحال فيها مفصلا.

ولكن عن المبسوط والتحرير هنا في الرجلين تفصيلا ، وهو « أن إحدى الرجلين إذا كانت أطول من الأخرى ولا يمكنه المشي على القصيرة لمنع الطويلة من وصولها إلى الأرض ، فإذا قطع قاطع الطويلة فإن لم يقدر على المشي على القصيرة حينئذ فعليه القود أو الدية لظهور أنها أصلية ، وإن قدر على المشي على القصيرة فعليه دية الزائدة وهو ثلث الأصلية أو الحكومة على ما اخترناه ، لظهور‌

٢٧٨

أن القصيرة هي الأصلية وإنما تعذر المشي عليها لطول الزائدة ، فإن قطعت القصيرة بعد الطويلة ففيها القود أو دية الأصلية » (١) إلا أنه لا يخفى عليك ما فيه ضرورة ظهور منع ذلك كله مع أنه ينبغي أن يأتي مثله في اليدين.

ثم قال : « ولو جنى على الطويلة فشلت ففيها ثلث الدية لأن الظاهر أصالتها ولا يمكن الصبر لينظر هل يمشى على القصيرة أولا فإن قطعها آخر بعد الشلل ففيه ثلث دية الرجل فإن لم يقدر على المشي على القصيرة استقر الحكم وإن قدر ظهر زيادة الطويلة فيسترد من الدية الباقي » (٢) وفيه المنع السابق أيضا إذ إمكان المشي عليها لا يقتضي أصالتها التي يرجع فيها إلى مستوي الخلقة ، فربما يتمكن من ذلك مع أنها زائدة وربما لا يتمكن مع كونها أصلية كما هو واضح ، والله العالم.

( وفي الساقين الدية وكذا في الفخذين وفي كل واحدة نصف الدية ) نحو ما سمعته في الساعد والعضد بالنسبة إلى قطعهما مستقلين أو منضمين وحينئذ ففي قطع الساق أو الفخذ أو بعضها مع ما تحته ما تقدم في قطع الذراع أو العضد أو بعضها وما تحته ، من الكلام وعبارة المبسوط المحكية عنه كعبارته هناك قال « وحد ما يجب فيه نصف الدية أن يقطع مفصل الساق والقدم وهو الذي يقطع من السارق (٣) عندهم وإن قطعها من نصف الساق ففيها دية وحكومة وإن قطعها من الركبة فكذلك وإن قطعها من الفخذ فكذلك لأنه كل ما قطع معها أكثر كانت‌

__________________

(١) العبارة مطابقة لما في التحرير ج ٢ ص ٢٧٣ الا أن فيه « الفاضل » مكان « الباقي » ولكن في المبسوط ج ٧ ص ١٤٥ هكذا : « فان جنى على الطويلة فشلت ففيها الدية في الحال كاملا عندهم وعندنا ثلثاها ... » وأيضا بين عبارته وعبارة التحرير اختلافات أخر فراجع.

(٢) العبارة مطابقة لما في التحرير ج ٢ ص ٢٧٣ الا أن فيه « الفاضل » مكان « الباقي » ولكن في المبسوط ج ٧ ص ١٤٥ هكذا : « فان جنى على الطويلة فشلت ففيها الدية في الحال كاملا عندهم وعندنا ثلثاها ... » وأيضا بين عبارته وعبارة التحرير اختلافات أخر فراجع.

(٣) كذا في كشف اللثام ومفتاح الكرامة وبعض نسخ الجواهر ولكن في المبسوط المطبوع حديثا وبعض نسخ الجواهر « الساق » وهو تصحيف ظاهرا.

٢٧٩

الحكومة أكثر وعندنا في جميع ذلك مقدر كلما قلناه في اليد ذكرناه في الكتاب المتقدم ذكره إلى آخره » (١) وحينئذ فيجري فيها ما سمعته في اليد ، وبالجملة الرجل كاليد وأصابعها ، فلاحظ وتأمل.

( مسائل ) ‌

( الأولى : )

( في الأضلاع مما خالط القلب لكل ضلع إذا كسرت خمسة وعشرون دينارا ، وفيها مما يلي العضدين لكل ضلع إذا كسرت عشرة دنانير ) كما صرح به ابنا حمزة وإدريس والفاضل والشهيدان وغيرهم بل لا أجد فيه خلافا. نعم عن ابن إدريس أنه أطلق المقدار الأول في مطلق الضلع ولم يفصل ، وفيه على تقدير خلافه أنه لا مستند للحكم المزبور إلا ما في‌ كتاب الظريف (٢) الذي قد عرفت اعتباره في بعض طرقه ، وهو صريح في التفصيل ، قال : « وفي الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر منها الضلع فديته خمسة وعشرون دينارا ، وفي صدعه اثنا عشر دينارا ونصف ، ودية نقل عظامه سبعة دنانير ونصف ، وموضحته على ربع كسره ، ونقبه مثل ذلك ، وفي الأضلاع مما يلي العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر ، ودية صدعه سبعة دنانير ، ودية نقل عظامه خمسة دنانير ، وموضحة كل ضلع منها ربع دية كسره ديناران ونصف ، فإن نقب ضلع منها فديتها ديناران ونصف ».

__________________

(١) المبسوط ج ٧ ص ١٤٣.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ديات الصدر والأضلاع الحديث الأول.

٢٨٠