جواهر الكلام - ج ٤٣

الشيخ محمّد حسن النّجفي

لم ينبت فدية سن المثغر ومن الأصحاب من قال فيها بعير ولم يفصل ) كما عن المبسوط والمهذب والكافي والغنية والوسيلة والإصباح ، للرواية ، ( و ) لكن ( في الرواية ضعف ) لا جابر كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا (١) ، وفي التقدير بسنة (٢) الواقع من الفاضل ، بل وفي المحكي عن أبي على من أنها إن لم تنبت ففيها ديتها وإن نبتت ففيها بعير ، فلاحظ وتأمل.

( ولو أثبت الإنسان في موضع المقلوعة عظما ) ظاهرا مثلا مما يؤكل لحمه ( فثبت فقلعه قالع قال الشيخ ) في محكي الخلاف والمبسوط ( لا دية ) ولا شي‌ء فيه للأصل ، ( و ) لكن ( يقوى أن فيه الأرش ) وفاقا للفاضل وثاني الشهيدين وغيرهما ، ( لأنه يستصحب ألما وشينا ، ) ولحصول منافع السن به وإن لم يكن سنا ، ولذا أوجبنا فيه الحكومة لا دية السن ، بل مقتضى إطلاق المصنف والفاضل في القواعد ذلك ، وإن كان نجسا لما سمعته. نعم قيده بذلك في محكي التحرير مصرحا بأنه لا شي‌ء عليه في النجس ، ونحوه عن حواشي الشهيد ، ولعله لوجوب الإزالة عليه ، بل وكذا لو كان من طاهر غير مأكول اللحم ، بناء على وجوب إزالته للصلاة ، ولكن فرضهما فيمن لا تجب عليه لطفولية أو جنون مع حصول الألم والشين ، فتأمل.

ولو أثبت السن المقلوعة بعينها فثبتت كما كانت فقلعها آخر فدية كاملة ، كما في القواعد ومحكي الخلاف ، ولعله لإطلاق الأدلة ، لكن عن المبسوط والتحرير فيه الحكومة ، ولعل الأولى ما عن المختلف من الحكومة إن لم تثبت صحيحة وإلا فالدية ، ولا شي‌ء عليه عند الشافعي بناء على أنها نجست بالانقلاع فتجب الإزالة ، وعندنا لا ينجس العظم بالانقلاع ، بل عن الخلاف إجماع الفرقة وأخبارها على أن السن لا يلحقها حكم الميتة ، والله العالم.

__________________

(١) يعني في كتاب القصاص.

(٢) في جميع النسخ التي راجعناها « بنسبته » والصحيح ما أثبتناه كما لا يخفى على من راجع هذا البحث من كتاب القصاص.

٢٤١

ولو كانت السن المقلوعة طويلة بالنسبة إلى أخواتها أو بالنسبة إلى النوع أو جثة الشخص ، أو عريضة كذلك لم تزد بذلك ديتها كسائر الأعضاء ، لإطلاق الأدلة ، كما أنه لو كان بعضها أقصر من بعض ولكن ينتفع بها كالطويلة فدية كاملة للعمومات ، وإلا فالحكومة لعيب المخرج لها عن حكم السن المنساق من النص والفتوى ، من غير فرق بين كون الاختلاف في صنف واحد منها كأن تكون ثنية أقصر من أخرى أو رباعية أقصر من أخرى ، أو في صنفين كأن تكون رباعية أقصر من الناب ، وعن الشيخ إطلاق الحكم بالدية مع القصر كإطلاق بعض العامة النقص من الدية بقدر القصر ، والأقوى ما عرفت.

ولو اضطربت لكبر أو مرض لكن يمكن المضغ بها وحفظ الطعام والريق ، وكان فيها الجمال ، فعن المبسوط فيها الدية ، سواء ربطها بالذهب أو الفضة أولا ، ولعله للعموم. ولكن المتجه بناء على ما ذكرنا الحكومة مع عدم بقاء منافعها ، وعن التحرير وجوب الدية مع بقاء بعض منافعها وإلا فثلث الدية كالأشل ، وعن الشهيد أنه المنقول ولا يخلو من نظر ، فتأمل.

ولو ذهب بعض السن لعلة أو جناية أو لتطاول المدة ففيها بعض الدية بحساب المساحة ، وكذا لو كسر طرفا من سنه فتقسط الدية حينئذ على الظاهر دون السنخ كما عرفته سابقا ، حتى إن كان المكسور نصف الظاهر وجب نصف دية السن.

ولو انكشفت اللثة عن بعض السنخ فظهر ، فقال الجاني : المكسور ربع الظاهر ، وقال المجني عليه : نصفه ، ففي كشف اللثام اعتبر بأخواتها ، فإن فقدن رجع إلى أهل الخبرة ، فإن فقدوا قدم قول الجاني لأصل البراءة ، وأطلق في القواعد تقديم قول الجاني ، ولعله أولى.

ولو كسر بعض السن وقلع آخر الباقي مع السنخ فإن كان الأول قد‌

٢٤٢

كسر عرضا وبقي أصلها صحيحا مع تمام السنخ فالسنخ تابع لجناية الثاني ، ولا شي‌ء فيه عندنا ، ولو كسر بعضها طولا لكن دون شي‌ء من السنخ فعلى الثاني دية الباقي من السن ويتبعه ما تحته من السنخ فلا شي‌ء فيه وعليه حكومة للسنخ الذي كسر ظاهره الأول ، فإن قال المجني عليه : الفائت بجناية الأول الربع ، وقال الثاني : بل النصف ، ففي القواعد ومحكي المبسوط قدم قول المجني عليه لأصالة السلامة ، ويحتمل تقديم قول الجاني لأصل البراءة ، والله سبحانه العالم.

( الثامن : العنق )

( وفيه إذا كسر فصار الإنسان أصور ) (١) مائل العنق أو جنى عليه حتى صار كذلك وإن لم يكن كسر ( الدية ) كاملة ، فلا خلاف أجده بيننا ، بل عن الخلاف الإجماع عليه لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في خبر مسمع في الصعر (٢) والصعر أن يثنى عنقه في ناحية ، والضعف منجبر بما عرفت. هذا ولكن في‌ كتاب ظريف (٣) « إن فيه نصف الدية » وفيه أيضا « في صدع الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلا ما انحرف الرجل نصف الدية خمسمائة دينار » ‌إلا أني لم أجد عاملا به منا ، كالقول بالحكومة المحكي عن الشافعي ، مضافا إلى الإجمال في الثاني باعتبار احتمال إعجام عين الصدغ وضم جيم الرجل في الموضعين وإهمال العين وتسكين الجيم مع كسر الراء ، أي إذا صدعت الرجل فلم يستطع أن يلتفت‌

__________________

(١) في الأصل : أصغر ، والصحيح أصعر أو الأصور بقرينة قوله : في خبر مسمع في الصعر وقوله : ولو زال الصور.

(٢) الوسائل الباب ـ ١١ ـ من أبواب ديات المنافع ، الحديث الأول.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٣ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

٢٤٣

ما لم يحول رجله.

( وكذا ) تجب الدية ( لو جنى عليها بما يمنع الازدراد ) رأسا ، مات بذلك أو عاش وإن بعد ، لأن هذه المنفعة أعظم من الذوق الذي ستعرف وجوب الدية في ذهابه ، ولا شي‌ء عند العامة إن عاش ، وعن المبسوط وينبغي أن نقول : إن عليه حكومة ، وعن ابن حمزة موافقته وهو لا يخلو من وجه.

( ولو زال ) الصور أو بطلان الازدراد ( فلا دية وفيه الأرش ) وكذا إذا صور لكن يمكنه الإقامة والالتفات بعسر أو أمكنه الازدراد.

( التاسع : اللحيان )

وهما العظمان اللذان يقال لملتقاهما الذقن ويتصل طرف كل واحد منهما بالأذن ) من جانبي الوجه ، وعليهما نبات الأسنان ( وفيهما الدية لو قلعا منفردين عن الأسنان كلحيي الطفل ) وإن منعه الإنبات ( أو من لا أسنان له ) لكبر أو آفة ، وفي كل واحد منهما نصف الدية ( ولو قلعا مع الأسنان فديتان ) لهما وللأسنان بالحساب ، ولا يدخل شي‌ء منهما تحت الآخر ، للأصل وإن حكى عن أحد وجهي العامة.

( وفي نقصان المضغ مع الجناية عليهما أو تصلبهما ) على وجه يعسر تحريكهما ( الأرش ) لعدم ثبوت تقدير في هذا الحال.

٢٤٤

( العاشر : اليدان )

( وفيهما الدية وفي كل واحدة نصف الدية ) بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك بين المسلمين ، فضلا عن المؤمنين ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى النصوص العامة والخاصة (١) ، ويتساوي اليمنى واليسرى وإن كانت اليمنى أقوى وأنفع ، كما يتساوى من له يدان ومن ليس له إلا يد واحدة خلقة أو بآفة أو بجناية أو في سبيل الله ، خلافا للأوزاعي في الأخيرة ، فأوجب في الباقية دية اليدين ، وهو اجتهاد وقياس على العين في الجملة ، في مقابلة ما سمعت.

( وحدهما المعصم ) أي الكوع والمفصل الذي بين الكف والذراع ، موضع السوار ، بلا خلاف أجده فيه ، بل في كشف اللثام عندنا ، خلافا لبعض العامة ، مشعرا بل ظاهرا إن لم يكن صريحا في الإجماع الذي يشهد له التتبع ، فلا يقدح حينئذ إجمالها كما عن علم الهدى وانصرافها إلى العضو الذي هو من المنكب إلى رؤوس الأصابع إن سلم ، ضرورة احتمال الصدق على البعض كالكل.

وعلى كل حال ( فلو قطعت ) منه ( مع الأصابع فـ ) ـليس فيه إلا ( دية اليد خمسمائة دينار ) خاصة بلا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى إطلاق النصوص والفتاوى ( و ) أن في كل واحد نصف الدية.

نعم ( لو قطعت الأصابع منفردة فدية الأصابع خمسمائة دينار ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض ،

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء.

٢٤٥

كالنصوص (١).

ولو قطع آخر الكف ففيه الحكومة ، بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لعدم التقدير له حينئذ.

وكذا لو قطع كفا لا أصابع لها خلقة أو بآفة.

( ولو قطع معها ) أي الكف ( شي‌ء من الزند ) الذي هو موصل طرف الذراع في الكف كما نص عليه غير واحد ( ففي اليد خمسمائة دينار وفي الزائد حكومة ) وفاقا للشيخ والقاضي والفاضل والشهيدين على ما حكي عن بعضهم ، بل عن المختلف أنه الأشهر ، وهو الموافق لما نص عليه الشيخ أيضا وابن حمزة والفاضلان وغيرهم في كتاب القصاص من أنه لو قطع مع الكف بعض الذراع اقتص في الكف وكان له في الزائد الحكومة ، إذ بعض الزائد هو بعض الذراع ، ومن هنا نص في كشف اللثام على عدم الفرق بين بعض الزند وبعض الذراع ، ولكن قد يشكل أصل الحكومة بناء على أن في الذراع الدية بأن المتجه اعتبار المساحة كما عرفته في كل ما له مقدر ، ولذا كان المحكي عن ابن إدريس اعتبارها.

نعم قد قلنا في كتاب القصاص : يمكن إرادة الأصحاب من الحكومة ما لا ينافي اعتبار المساحة لأن الغرض بيان عدم الإجزاء بالقصاص في الكف أو الدية عن الزائد ، باعتبار صدق اسم اليد فيدخل الزائد قصاصا ودية في الكف ، كما عن الكاشاني اختياره هنا لإطلاق النصوص نصف الدية في اليد الصادقة على المفروض.

( و ) يؤيده ما ذكره غير واحد ، بل في الروضة نسبه إلى المشهور أنه ( لو قطعت من المرفق أو المنكب ) لم يكن له إلا دية اليد ، خمسمائة دينار ، ولعله المراد مما ( قال في المبسوط ) : « اليد التي يجب هذا فيها هي الكف إلى الكوع وهو أن يقطعها من المفصل الذي بينها وبين الذراع ، فإن قطع أكثر من ذلك‌

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء.

٢٤٦

كان فيه دية وحكومة بقدر ما يقطع ، فان كان في نصف الذراع أو المرفق أو العضد أو المنكب ففي الزيادة حكومة وكلما كانت الزيادة أكثر كانت الحكومة أكثر و ( عندنا ) أن جميع ذلك ( فيه مقدر ) ذكرناه في تهذيب الأحكام (١) ».

وإليه أشار المصنف بقوله ( محيلا ) له ( على التهذيب ) إذ ليس في التهذيب حكم مخصوص للفرض ، وإنما فيه أن ما في الإنسان منه اثنان في كل واحد نصف الدية.

اللهم إلا أن يفرق بوجود المفصل وعدمه ، بمعنى أن اليد تتناول الكل والأبعاض ذوات المفاصل ، فإذا قطع بعض ذو مفصل كالكف مع بعض آخر ، لا من مفصله كبعض الزند أو الذراع ، فكأنه قطع اليد وشيئا آخر لا مقدر فيه ، ففيه الحكومة ، بخلاف ما لو قطعها من مفصل المرفق أو المنكب فإنها يد بلا زيادة ، إلا أن ذلك كما ترى ، ولذا قال في كشف اللثام : « عليه منع ظاهر ».

نعم قد يقال إن العمدة الإجماع على وجوب شي‌ء زائد على الدية لنصف الذراع مثلا حكومة أو قسطا ، وما سمعته من الكاشاني غير قادح في الإجماع المزبور ، ولعل وجهه أنه حيث تكون الجناية عمدا لا ريب ولا خلاف معتد به في كون القصاص من الكف كما عرفته في كتاب القصاص ، فلو لم يكن للزيادة شي‌ء كانت جناية غير مستوفاة ، ولم يصل تمام الحق إلى صاحبه ، بخلاف ما إذا كانت من المرفق أو المنكب ، فإن محل القصاص حينئذ متحقق في العضو الواحد عرفا ، فليس له إلا القطع أو دية ذلك العضو ، وهو دية اليد ، فيدخل حينئذ الساعد والعضد كما تدخل الأصابع في قطع الكف ، لعدم دليل يدل على تقدير لهما في الفرض زائد على دية اليد ، فأصل البراءة بحاله حينئذ ، ولا ينافي ذلك ثبوت دية‌

__________________

(١) المبسوط ج ٧ ص ١٤٣.

٢٤٧

لهما لو قطعا مستقلين كما لو كان له ساعد بلا كف وقطعه قاطع من المرفق مثلا ، فإن العموم الدال على وجوب الدية لكل ما كان في الإنسان منه اثنان وفي الواحد النصف شامل له ، بل الظاهر اعتبار المساحة هنا ، لو فرض قطع البعض لا الحكومة بخلاف من لو قطع نصف الذراع مع الكف فإنه لا يستفاد من الأدلة هنا أن له مقدرا في الفرض فليس إلا الحكومة ، ولذا كان المشهور ذلك لا اعتبار المساحة.

وبذلك يظهر لك النظر فيما عن ابني حمزة والبراج من النص على أنه لو قطع يده من المرفق أو المنكب كانت عليه دية اليد وحكومة في الساعد أو فيها وفي العضد بناء على أن حد اليد كما عرفت من المعصم ، ففيما زاد عليها الحكومة ، بل في كشف اللثام ، وكذا الشيخ في جراح المبسوط ، ضرورة عدم وجه للحكومة بعد صدق اسم اليد ، والتحديد المزبور إنما هو لمنتهاها الموجب للدية كما أفصح عنه كلام المشهور ، الذين لم يوجبوا الدية في الجميع ، لا أن المراد منه اختصاص اسم اليد بها الذي لا يوافقه شرع ولا لغة ولا عرف.

بل وكذا يظهر لك النظر فيما يعطيه كلام ابن إدريس ، حيث اعتبر المساحة وقسط الدية عليها في المقطوع من نصف ذراعه مع كفه وأوجب الدية في الكف وأخرى في الساعد وثالثة في العضد لو كان القطع من المنكب مثلا ، بل قيل هو ظاهر أبي علي والمفيد وسلار والحلبيين حيث أطلقوا أن في الساعدين الدية وفي أحدهما نصفها.

وكذا في العضدين وأحدهما ، بل لعل ظاهر آخر العبارة التي سمعتها من المبسوط ، بناء على أن المراد بما أحاله على التهذيب هو النصوص المزبورة الدالة على الدية في الاثنين ونصفها في الواحد ، إذ قد عرفت عدم ظهور في الأدلة للتقدير لهما في الفرض ، بل ظاهر الأدلة دخولهما في اليد كدخول الأصابع فيها ، ويمكن حمل عبارة المبسوط على ذلك بإرادة المقدر في اليد فيوافق المشهور حينئذ.

فقد تلخص لك من ذلك كله أنه لو قطعت اليد من نصف الساعد كان فيها دية الكف والحكومة من غير اعتبار المساحة خلافا لابن إدريس ، وخلافا لما سمعته‌

٢٤٨

من الكاشاني من عدم شي‌ء زائد على الدية لو قطعت من المرفق مثلا ، فلا شي‌ء فيها لا دية اليد ولا الحكومة مع ذلك كما سمعته من ابني حمزة والبراج ولا ديتين أو ديات كما هو ظاهر من سمعت الذين يمكن حمل إطلاقهم المزبور على قطع خصوص الساعد ، كما إذا لم يكن له كف أو المنكب ، كما إذا لم يكن له غير العضد ، فلا خلاف حينئذ ، والله العالم.

( ولو كان له يدان على زند ففيهما الدية وحكومة ) لو قطعا كما صرح به الفاضل والشهيدان وغيرهم ( لأن إحداهما زائدة ) على المتعارف في خلقة الإنسان ، فلا تندرج في إطلاق الأدلة المعتضد بالأصل ، فتعين الحكومة حينئذ بعد عدم التقدير شرعا ، بل ربما يؤيده‌ قول أبي جعفر عليه‌السلام للحكم بن عيينة (١) « في الأصابع فما زادوا ونقص فلا دية له » وكذا في الأسنان « فما زاد على ثمانية وعشرين سنا فلا دية له » ‌وحينئذ فلو قطع إحداهما فإن كانت الأصلية فالدية والحكومة إن كانت الزائدة.

( ويتميز الأصلية بانفرادها بالبطش أو كونها أشد بطشا ) وبالخروج عن السمت ونقص أصابعها والمساواة لليد الأخرى قدرا ونحو ذلك مما يتشخص فيه الموضوع المزبور عرفا ولو مع تعارض الأمارات ، وعن الإرشاد « أن المدار على البطش وقوته وإن كانت منحرفة ».

وكيف كان ( فإن تساويا ) على وجه لا يتميز الأصلية من الزائدة ( فإحداهما زائدة في الجملة ) قطعا لما عرفت ، وحينئذ فإن قطع إحداهما كان عليه الحكومة للأصل ، إلا أن تزيد على الأكثر من نصف الدية فترد إليها كما في غيرها.

وعن المبسوط والتحرير والإرشاد أن عليه نصف دية ونصف حكومة أو‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢ والباب ـ ٣٩ ـ منها الحديث الأول.

٢٤٩

نصف الثلث بناء على ما سمعته من المبسوط ، لأنه قطع نصف يد وزيادة ، ولتكافؤ الاحتمالين ، فيكون كجنين قتل بعد ولوج الروح فيه ولم يعلم كونه ذكرا أو أنثى ، ولأن الكفين لو قطعتا كان على الجاني دية كف وثلثها مثلا ، بناء على ما سمعته من المبسوط ، فعند الاشتباه يقسط المجموع عليهما ، ويؤخذ النصف وهو ثلثا دية كف ، لأن نصف الثلث سدس ، فإذا أضيف إلى نصف الكف صار المجموع ثلثي دية كف.

بل قال الشيخ أيضا فيما حكى عنه : « فإن قطع إصبعا من إحداهما ففيه نصف دية إصبع خمس من الإبل وحكومة على ما فصلناه إذا قطع إحداهما ، وفي أناملهما كذلك نصف دية أنملة وحكومة » (١) وفيه أن ذلك لا يرجع إلى قاعدة شرعية تنطبق على مذهب الإمامية إلا أن يفرض حصول القطع من النظائر المنصوصة بكون الحكم في المقام ونحوه كذلك ، هذا وفي محكي التحرير (٢) « انهما كذلك لو تساويا في البطش والتمام والسمت فإن كانا غير باطشتين ففيهما ثلث دية اليد وحكومة ، ولا تجب فيهما دية اليد الكاملة لأنه لا نفع فيهما كاليد الشلاء » ولا يخلو من نظر مع عدم صدق الشلل ، والله العالم.

( ولو قطعهما ) معا ( ففي الأصلية ) واقعا ( دية ، وفي الزائدة ) كذلك ( حكومة ) كما لو كانتا متميزتين من غير إشكال مع اتحاد القاطع والقطع ، أما مع تعددهما فقد يقال : إن المتجه الحكومة في كل منهما للأصل ، بل وكذا مع تعدد القطع وكان الثاني بعد دفع الحكومة للأول ، إذ ذلك لا يشخص كون الباقية أصلية لا بالنسبة إليه ولا بالنسبة إلى غيره فتأمل جيدا ، إذ يمكن أن يقال : إن برأيه الأول من قطعه الأول إنما كانت في الظاهر دون الواقع الذي تحقق شغل ذمته به بقطعه الثاني.

( و ) كيف كان فقد ( قال في المبسوط ) : « عندنا في الزائدة ( ثلث

__________________

(١) المبسوط ج ٧ ص ١٤٥.

(٢) التحرير ج ٢ ص ٢٧٢.

٢٥٠

دية الأصلية » ) (١) ولكن لم نجد ما يدل عليه صريحا ( ولعله تشبيه بالسن والإصبع ) لما سمعته وتسمعه من أن في الزائدة منهما ثلث دية الأصلية ، إلا أن القياس باطل عندنا ، والتنقيح بعد فرض شهرة الحكومة لا منقح له ، ( و ) لذا كان ( الأقرب الأرش ) وفاقا للمشهور ، للضابط المزبور ، والله العالم.

( و ) الذي ( يظهر لي ) ما ظهر لغيري من المفيد وسلار وابن إدريس.

وأبي الصلاح والكيدري والفاضل وولده وغيرهم على ما حكي عن بعضهم ، إن ( في الذراعين ) لو قطعا متميزتين عن قطع الكفين ( الدية ) كاملة ( وكذا في العضدين وفي كل واحدة نصف الدية ، ) لعموم الضابط ودليله.

لكن في محكي الخلاف « أن مع قطع ذراع رجل وكان قطع كفه آخر وكان للقاطع ذراع بلا كف كان له القصاص ، وإن أراد ديته كان له نصف الدية إلا قدر حكومة ذراع لا كف له (٢) » وفيه ما لا يخفى.

كاحتمال الحكومة في القواعد والمسالك وغيرهما ، بناء على أنه لا نص فيهما بخصوصهما مع أصل البراءة ، ونقص المنفعة فيهما ، وعدم استقلال شي‌ء منهما ، وكونه عضوا برأسه ، إذ الجميع كما ترى خصوصا بعد ما عرفته من اتفاق الأصحاب ظاهرا على ثبوت الدية ونصفها فيهما.

نعم لو قطع كفا لا إصبع لها كان عليه الحكومة بلا خلاف أجده فيه ، بل في كشف اللثام الاتفاق ظاهرا عليه ، بل يجوز أن يزاد بحكومتها على دية الإصبع وأكثر مع قضاء أهل الخبرة به لو كان عبدا. نعم لا يجوز أن يبلغ بها دية الأصابع أجمع وإلا لزم أن يكون في الواحدة من رؤوس الأصابع إلى المعصم دية نفس كاملة.

__________________

(١) المبسوط ج ٧ ص ١٤٥.

(٢) الخلاف ج ٢ ص ٣٦١.

٢٥١

ولو كان عليها إصبع واحدة فمنبت تلك الإصبع تابع لها في الضمان ، لا أنه يدخل في حكومة الكف ، ولكن عليه في الباقي حكومة أربعة أخماس الكف لأن الخمس الآخر منبع (١) الإصبع المفروضة ، والله العالم.

( الحادي عشر : الأصابع وفي أصابع اليدين ) العشر ( الدية وكذا في أصابع الرجلين ) بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص ، ( و ) المشهور بين الأصحاب قديما وحديثا ، بل عليه المتأخرون كافة ، أن ( في كل واحدة ) منهما ( عشر الدية ) لأصالة التساوي ، أو عدم التفاوت ، إن لم نقل بظهور ما دل على ثبوتها فيها في ذلك ، ولقول الصادق عليه‌السلام في صحيح ابن سنان (٢).

« أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية في كل إصبع عشر من الإبل » ‌وفي‌ حسن الحلبي (٣) « في الإصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلت قال : وسألته عن الأصابع أسواء هن في الدية؟ قال : نعم » ‌وفي‌ خبر أبي بصير (٤) « في كل إصبع عشر من الإبل » وقول أبي جعفر عليه‌السلام في خبر الحكم (٥) « في‌

__________________

(١) منبت ظ.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٣.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٧ وفيه : « وفي الإصبع عشر من الإبل ».

(٥) الكافي ج ٧ ص ٣٣٠ والتهذيب ج ١٠ ص ٢٥٤ والوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأول وفي الأخير سقطت الجملة الأولى فراجع.

٢٥٢

كل إصبع من أصابع اليدين ألف درهم وفي كل إصبع من أصابع الرجلين ألف درهم ».

( وقيل ) كما عن الخلاف والوسيلة ( في الإبهام ثلث دية ) اليد الواحدة ( وفي الأربع البواقي الثلثان بالسوية ) في كل منهما سدس ، بل عن الخلاف الإجماع عليه ، كما عن المبسوط نسبته إلى رواية أكثر أصحابنا ، عكس ما عن السرائر من نسبته الرواية بذلك إلى الشذوذ ، لما في‌ كتاب ظريف (١) من قوله عليه‌السلام « في الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مأة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار. وفي الأصابع في كل إصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار ودية الأصابع والقصب التي في القدم ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا ـ إلى أن قال ـ : ودية كل إصبع منها سدس دية الرجل ثلاثة وثمانون وثلث دينار ».

وفي كشف اللثام : « وروى نحو منه‌ عن الرضا عليه‌السلام (٢) » وعن التهذيب والاستبصار (٣) احتمال أخبار التساوي ، تساوى الأربع غير الإبهام ، بل عن الاستبصار (٤) « وأما ما تضمن رواية أبي بصير وعبد الله بن سنان أن كل إصبع عشرا من الإبل ، يجوز أن يكون من كلام الراوي ، وهو أنه لما سمع أن الأصابع سواء في الدية ففسر هو لكل إصبع عشر من الإبل ، ولم يعلم أن الحكم يختص بالأصابع الأربعة ».

ولكن لا يخفى عليك ما فيه بعد معلومية الرجحان في الأول ، ضرورة‌

__________________

(١) الفقيه ج ٤ ص ٨٥ ـ ٩٠.

(٢) كشف اللثام ج ٢ ص ٢٣٥ ، وراجع الفقه المنسوب الى الرضا عليه‌السلام ص ٤٣ ـ ٤٤.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ٢٥٩ والاستبصار ج ٤ ص ٢٩٢.

(٤) الاستبصار ج ٤ ص ٢٩٢.

٢٥٣

موهونية الإجماع المزبور بمصير معظم من تقدم وتأخر إلى خلافه ، وكتاب ظريف وإن أمكن تصحيح بعض طرقه ، إلا أنه قاصر عن معارضة ما عرفت من وجوه ، ونحوه المرسل عن الرضا عليه‌السلام ، مع احتمال إرادة الكتاب المنسوب إلى الرضا عليه‌السلام الذي لم يثبت نسبته عندنا ، فالقول المزبور حينئذ واضح الضعف ، كالمحكي عن الكافي من « أن في كل إصبع عشر الدية إلا الإبهام فديتها ثلث دية اليد وقال في الرجلين : في كل إصبع من أصابعهما عشر دية ».

ونحوه عن الغنية والإصباح إلا أنهما سويا بين أصابع اليدين والرجلين ، بل عن ظاهر الأول ومحتمل الثاني الإجماع عليه ، بل هو أوضح ضعفا من الأول ولذا قال في محكي المختلف : « وقول أبي الصلاح مشكل فإنه جعل في الإبهام ثلث دية اليد ، وفي البواقي في كل واحدة عشر دية اليد ، وهو يقتضي نقصا لا موجب له ، ثم إن كلامه يقتضي الفرق بين أصابع اليدين والرجلين مع أن أحدا من علمائنا لم يفصل بينهما (١) ».

وفي كشف اللثام « قلت : بل هو موافق لما سمعته من الخلاف ، وإنما أوجب في كل من الأربع عشر دية النفس لا عشر دية اليد الواحدة أو الرجل الواحدة ، وأما في أصابع الرجلين فلعله لم يتعرض للاستثناء اكتفاء بما قدمه في اليدين (٢) ».

وفيه أنك قد عرفت وجوب سدس دية اليد في كل واحد من الأربع وهو أنقص من عشر دية اليد ، بل بناء على ما ذكره تزيد دية اليدين حينئذ على دية النفس ، فكلام أبي الصلاح لا يخلو من نقص أو زيادة كما هو واضح ، والله العالم.

( و ) كيف كان فـ ( ـدية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل بالسوية عدا الإبهام فإن ديتها مقسومة بالسوية على اثنين ) بلا خلاف أجده فيه بل عن‌

__________________

(١) المختلف الجزء السابع ص ٢٥٥.

(٢) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٦.

٢٥٤

محتمل الغنية وصريح الخلاف الإجماع عليه وهو الحجة بعد شهادة التتبع له ، وبعد‌ قوي السكوني (١) ـ المعتضد بما سمعت عن الصادق عليه‌السلام ـ « كان يقضي في كل مفصل من الإصبع بثلث عقل تلك الإصبع إلا الإبهام فإنه كان يقضي في مفصلها بنصف عقل تلك الإبهام لأن لها مفصلين ».

ولا يعارض ذلك ما في‌ كتاب ظريف (٢) على ما عن الكافي « ودية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلث دينار ، وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع إذا قطع سبعة وعشرون دينار ونصف وربع ونصف عشر دينار ».

وعن الفقيه والتهذيب (٣) والجامع « سبعة وعشرون دينارا ونصف دينار وربع عشر دينار » ‌وفي كشف اللثام « وكذا‌ روى عن الرضا عليه‌السلام (٤) » « وفي الرجل في المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلثا دينار ، وفي المفصل الأعلى من الأصابع الأربع التي منها الظفر إذا قطع فديته سبعة وعشرون دينارا أو أربعة أخماس دينار (٥) » ‌كذا في الكافي والتهذيب والفقيه والجامع ، ولكن لا عامل به ، فهو غير صالح للمعارضة وإن أمكن تصحيح بعض طرقه ، بعد ما عرفت من الإجماع المحكي إن لم يكن المحصل على التفصيل الذي تقدم.

لكن عن بعض العامة وجوب ثلث دية الإبهام في كل أنملة بناء على أن‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأول.

(٢) الكافي ج ٧ ص ٣٣٧.

(٣) الفقيه ج ٤ ص ٨٦ والتهذيب ج ١٠ ص ٣٠٣.

(٤) كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٦ ، الفقه المنسوب الى الرضا ٧ ص ٤٣ وفيه‌ « سبعة وعشرون دينارا ونصف ربع عشرون دينارا » ‌وهو من غلط النسخة راجع المستدرك ج ٣ ص ٢٧٦.

(٥) الكافي ج ٧ ص ٣٤١ والتهذيب ج ١٠ ص ٣٠٧ والفقيه ج ٤ ص ٩١.

٢٥٥

لها أيضا ثلاث أنامل ظاهرتين وباطنة هي المتصلة بالكوع ، وفيه أن ذلك من جملة الكف لا من جملة الإبهام ، وإلا لزم اعتبار مثله في سائر الأصابع ، فكان لكل منها أربع أنامل ولم يقل به أحد.

نعم قد تقدم في كتاب القصاص أنه لو كان للإصبع أربع أنامل ففي كل أنملة ربع دية الإصبع مع تساوي الأربع أو القرب منه وتساوي الأصابع في الطول مع حكم باقي الصور فلاحظ وتأمل كي تعرف الفرق بين الأنامل وغيرها في الزيادة والنقيصة وإن كان الغالب في خلقة الإنسان ثلاث أنامل لكن على وجه تكون واحدة من الأربع زائدة مع فرض التساوي كما سمعته في الكفين.

( وفي الإصبع الزائدة ثلث الأصلية ) بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به في كشف اللثام ، بل عن ظاهر الغنية أو صريحها الإجماع ، ولعله كذلك بشهادة التتبع له ، لخبر غياث (١) بن إبراهيم الذي هو صحيح أو موثق وقد رواه المشايخ الثلاثة عن أبي عبد الله عليه‌السلام « في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة » ‌مضافا إلى اعتضاده بما سمعت ، فما عن الأردبيلي من التأمل في الحكم المزبور في غير محله.

ولا يعارضه ما في‌ خبر الحكم (٢) من « أن الخلقة التي قسمت عليها الدية في عشر أصابع في اليدين فما زاد أو نقص فلا دية له » ‌بعد ضعف سنده ، وإمكان حمله على إرادة الدية المقدرة ، أو غير ذلك ، وإلا كان مرجوحا بالنسبة إلى ما عرفت كما هو واضح.

وكذا الكلام في الأنملة المعلوم زيادتها بالخروج عن السمت ونحوه فإن فيها ثلث دية الأنملة الأصلية كما صرح به في الإرشاد وعن غيره ولعله لفحوى الخبر المزبور (٣).

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث الأول.

(٣) يعني خبر غياث.

٢٥٦

( وفي شلل كل واحدة ) منها ( ثلثا ديتها ) بلا خلاف أجده فيه ، بل عن الخلاف الإجماع عليه في خصوص اليد إذا شلت والأنف إذا شل والرجل وغيرها ، مضافا إلى إجماعه وإجماع محكي الغنية ، وظاهر المبسوط على أن كل عضو فيه مقدار إذا جنى عليه فصار أشل وجبت فيه ثلثا ديته ، بل عن الأول إرسال أخبار الفرقة عليه مضافا إلى الإجماع ، كما عن المبسوط والسرائر أنهما ضبطا ضابطا وهو كل ما كان في إتلافه الدية كان في الشلل منه ثلثا الدية.

وفي‌ صحيح الفضيل (١) بن يسار « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الذراع إذا ضرب فانكسر من الزند فقال : إذا يبست منه (٢) الكف فشلت أصابع الكف كلها فإن فيها ثلثي الدية دية اليد ، وإن شلت بعض الأصابع وبقي بعض فإن في كل إصبع شلت ثلثي ديتها ، وكذا الحكم في الساق والقدم إذا شلت أصابع القدم » ‌بل يرشد إلى ما ذكرناه سابقا من أن في قطع الأشل الثلث ، ولا يعارض ذلك ما في‌ حسن (٣) زرارة عن الصادق عليه‌السلام « في الإصبع عشر من الإبل إذا قطعت من أصلها أو شلت ».

وما في‌ حسن (٤) الحلبي عنه أيضا « في الإصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلت » ‌وما في‌ كتاب ظريف (٥) من « إن في شلل اليدين ألف دينار وشلل الرجلين ألف دينار » ‌بعد عدم عامل به وموافقته للشافعي وبعده عن الاعتبار ضرورة التفاوت الواضح بين القطع والشلل واحتمال إرادة شلها أولا ثم قطعها أو قرائتها‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٥.

(٢) في الأصل : « معه ».

(٣) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٨.

(٤) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء ، الحديث ٣.

(٥) الفقيه ج ٤ ص ٧٨ وفيه الجملة الأولى فقط. والتهذيب ج ١٠ ص ٢٩٧.

وفيه هكذا : « وشلل اليدين ألف دينار والرجلين ألف دينار » وأيضا ج ١٠ ص ٢٤٥ والكافي ج ٧ ص ٣١١ ، والوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات المنافع الحديث الأول.

٢٥٧

سلت بالسين المهملة أو غير ذلك.

( وفي قطعها بعد الشلل الثلث ) بلا خلاف أجده فيه ، بل في كشف اللثام نسبته إلى قطع الأصحاب ، و‌قال الباقر عليه‌السلام للحكم (١) بن عيينة « في كل إصبع من أصابع اليدين ألف درهم وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح » ‌كقول الصادق عليه‌السلام للحسن بن (٢) صالح « فيمن قطع يد رجل ثلاث أصابع من يده شلل وقيمة الثلاث أصابع الشلل مع الكف له ألف درهم فإنه على الثلث من دية الصحاح » ‌بل من خبر ابن عيينة يستفاد الضابط المزبور المفروغ منه عندهم في كل عضو له مقدر جنى عليه فصار فيه شلل ، وحينئذ فلا يختص الشلل باليد كما عساه يتوهم مما في الصحاح « الشلل فساد في اليد » بل في القاموس « اليبس في اليد أو ذهابها ».

( وكذا ) يجب الثلث ( لو كان الشلل خلقة ) لإطلاق النص (٣) والفتوى ومعقد الإجماع وغيره.

( وفي الظفر إذا لم تنبت عشرة دنانير وكذا لو نبت أسود ، ولو نبت أبيض كان فيه خمسة دنانير ) كما صرح بذلك كله الشيخ وابن حمزة والقاضي والفاضلان والشهيدان والمقداد والكركي وغيرهم ما حكى عن بعضهم ، ولذا نسبه غير واحد إلى الشهرة لرواية مسمع (٤) بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام « قضي أمير المؤمنين عليه‌السلام في الظفر إذا قطع ولم ينبت أو خرج أسود فاسدا عشرة دنانير وإن خرج أبيض فخمسة دنانير ».

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول وسقطت منه الجملة الأولى فراجع.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢.

(٣) يعنى النصوص المذكورة آنفا.

(٤) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

٢٥٨

( و ) لكن ( في الرواية ضعف غير أنها مشهورة ) عملا كما عرفت بل عن التنقيح « إن عليها عمل الأصحاب » فتنجبر حينئذ بذلك ( و ) تكون مقيدة لما ( في رواية عبد الله بن سنان ) (١) الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام أيضا ( في الظفر خمسة دنانير ) ولقول أمير المؤمنين عليه‌السلام المروي في كتاب ظريف (٢) « في كل ظفر من أظفار اليد خمسة دنانير ومن أظفار الرجل عشرة دنانير » ‌خصوصا بعد عدم عامل بالإطلاق المزبور كالتفصيل الذي سمعته في المروي عن كتاب ظريف.

فمن الغريب استغرابه لذلك في الروضة ، بل الغريب ما استحسنه من المحكي عن ابن إدريس ، وهو « إن لم تخرج فعشرة دنانير وإن خرج أسود فثلثا ديته » وإن حكى عن المختلف نفى البأس عنه ، بل عن أبي العباس أنه استحسنه أيضا ، بل عن الإيضاح أنه الأصح ، لأن خروجه أسود في معنى الشلل ، وللأصل واستبعاد مساواة عوده لعدمه ، إلا أن ذلك كله كما ترى.

بل هو كالاجتهاد في مقابلة النص الذي هو مستنده في العشر ، المتجه مع ذلك العمل بما فيه من الخمسة ، وإلا فلا دليل له إلا أن يكون إجماعا وهو في محل المنع ، خصوصا على طريقة ثاني الشهيدين في تحصيله ، وخصوصا بعد أن كان المحكي عن أبي على « أن في ظفر إبهام اليد عشرة دنانير ، وفي كل من الأظفار الباقية خمسة ، وفي ظفر إبهام الرجل ثلاثون ، وفي كل من الباقية عشرة ، كل ذلك إذا لم ينبت أو نبت أسود معيبا وإلا فالنصف من ذلك » وإن كان هو واضح الضعف أيضا إذ لم نجد ما يشهد له فضلا عن مخالفته لما عرفت ، والله العالم.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٤١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الثاني.

(٢) الكافي ج ٧ ص ٣٣٧ و ٣٤٢.

٢٥٩

( الثاني عشر : الظهر )

( وفيه إذا كسر ) ولم يصلح ( الدية كاملة وكذا لو أصيب فاحدودب ) كسر أو لم يكسر ( أو صار بحيث لا يقدر على القعود ) بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك ، بل عليه الإجماع عن الغنية في الأول ، وعن الخلاف في الأخيرين ، مضافا إلى‌ قول الصادق عليه‌السلام (١) « في الرجل يكسر ظهره فقال : فيه الدية كاملة » ‌وقول أمير المؤمنين عليه‌السلام في خبر السكوني (٢) « في الصلب الدية » ‌وفي‌ كتاب يونس (٣) الذي عرضه على الرضا عليه‌السلام « والظهر إذا أحدب ألف دينار » وفي كتاب ظريف (٤) « فإن أحدب منها الظهر فحينئذ تمت ديته ألف دينار » وخبر بريد (٥) العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام « قضي أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل كسر صلبه فلا يستطيع أن يجلس أن فيه الدية ».

بل وإلى ما دل على وجوبها فيما كان منه في البدن واحد ، بناء على شموله للقطع وغيره الذي منه محل الفرض.

ولعله لذا وغيره قال في كشف اللثام « وكذا إن صار بحيث لا يقدر على المشي أصلا أو يقدر عليه راكعا أو بعكاز بيديه ، أو بإحداهما أو ذهب بذلك جماعه أو‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٤.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث ٢.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ٢٩٧.

(٤) أورده كشف اللثام ج ٢ ص ٣٢٦ ومفتاح الكرامة ج ١٠ ص ٤٣٤.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب ديات الأعضاء الحديث الأول.

٢٦٠