المرأة في ظلّ الإسلام

السّيدة مريم نور الدّين فضل الله

المرأة في ظلّ الإسلام

المؤلف:

السّيدة مريم نور الدّين فضل الله


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: دار الزهراء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥

الحجاب (*)

الحجاب هو حكم شرعي ، فرضته الشريعة الإسلامية على المرأة ، وأوجبت عليها اتباعه والالتزام به ، على الوجه الأكمل ، حسب النصوص الشرعية المستقاة من الرسالة السماوية ، ( القرآن الكريم ) والأحاديث النبوية الشريفة ، والأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار.

لقد فرض الإسلام الحجاب على المرأة ، ليقيها الفتنة والإغراء ، وتصون نفسها وشرفها وتتحرز من كيد الكائدين ، ومكر الماكرين ، الفسقة الذين لا يردعهم شرف ولا دين. وقد نص القرآن الكريم على حجاب المرأة ، وسترها بقوله سبحانه :

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن

__________________

(*) الحجاب في اللغة : هو الستر. وفي كتاب تاج العروس للزبيدي : باب حجب ... حجبه ... يحجبه ( حجبا وحجابا ) ستره ، وأمرأة محجوبة ، ومحجبة ( للمبالغة ) قد سترت بستر ..

وضرب الله الحجاب على النساء ، وذكر الزبيدي في حديث الصلاة : حتى توارت بالحجاب والمراد بالحجاب ، هنا الافق ... أي حين غابت الشمس وراء الافق.

والحجاب كل ما حال بين شيئين : قال الشاعر :

اذا ما غضبنا غضبة مضرية

هتكنا حجاب الشمس أو أمطرت دما

٦١

جَلابِيبِهِنَّ (١) ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) (٢).

وقال سبحانه وتعالى :

( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ (٣) عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٤).

وخلاصة معنى الآيتين الكريمتين ، أن الله سبحانه وتعالى أمر المرأة المسلمة بلبس الخمار والحجاب ، فسترها بما أمرها الله بستره عن نظر الرجال الأجانب ، وإن كانوا من عشيرتها أو أقاربها إلا ما نص عليه التنزيل ، ما هو إلا صيانة لعفتها وشرفها.

فالله سبحانه وتعالى ، أمر المرأة بأوامر ترجع لمصلحتها الدنيوية فضلاً عن الأخروية ، لتعيش في سعادة وهناء.

__________________

(*) عن مجمع البحرين ـ للطريحي : الجلابيب جمع جلباب وهو الثوب الواسع اوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها. وتبقي منه ما ترسله على صدرها وقيل الجلباب هو الملحفة وكل ما يستتر به من كساء اوغيره ومعنى ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ) : أي يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن ـ أي اكتافهن.

(٢) سورة الأحزاب ـ آية ـ ٥٩.

(٣) عن كتاب مجمع البحرين للطريحي : قوله : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ ) ـ أي مقانعهن ـ جمع خمار وهي المقنعة ، واختمرت المرأة أي لبست خمارها وغطت رأسها.

(٤) سورة النور ـ آية ٣١.

٦٢

إن الدين الإسلامي حافظ على القيم الأَخلاقية ، بجميع صفاتها ، فلم يدع مزية حسنة ، إلا حرَّض الإنسان عليها وحثه على اتباعها.

بعض الأخبار الواردة في الحجاب :

إن الأخبار الواردة في الحجاب ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الأطهار متواترة وكثيرة لا يمكن استيعابها في هذا الفصل القصير.

لكن لابد لنا ونحن نكتب من ذكر بعضها ، على سبيل المثال ، او الشاهد ليتضح مدى اهتمام الشريعة الاسلامية السمحاء بالحجاب للمحافظة على القيم الأخلاقية السامية.

في كتاب الوسائل (١) عن جابر بن عبد الله الانصاري ، قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يريد فاطمة ، وأنا معه. فلما انتهينا إلى الباب وضع يده عليه ، فدفعه ، ثم قال : السلام عليكم ، فقالت فاطمة عليها‌السلام : وعليك السلام يا رسول الله ، قال : أأدخل ؟ قالت ليس عليَّ قناع ... فقال : يا فاطمة خذي فضل ملحفتك ، فقنعي به رأسك ... ففعلت.

وفي كتاب مستمسك العروة الوثقى (٢) عن جماعة ، مستندين في ذلك الى صحيح الفضيل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الذراعين من المرأة. هل هما من الزينة التي قال الله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) ؟.

قال : نعم ، وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين.

__________________

(١) وسائل الشيعة ـ للحر العاملي ـ ج ٧ ـ ص ١٥٨.

(٢) مستمسك العروة الوثقى ـ السيد محسن الطباطبائي الحكيم ـ ج ١٢ ـ ص ٢١.

٦٣

وظاهر أن ما ستره الخمار هو الرأس والرقبة ، والوجه خارج عنه ، وان الكف فوق السوار لا دونه ، فيكونا خارجين عن الزينة ... الخ.

وفي كتاب العروة الوثقى :

« لا يجوز النظر الى الأجنبية ... ولا للمرأة النظر الى الأجنبي من غير ضرورة ... واستثنى جماعة الوجه والكفين ، فقالوا : في الجواز فيها مع عدم الريبة والتلذذ.

وفي كتاب الوسائل للحر العاملي : (١) عن الفضيل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الذراعين من المرأة ، هما من الزينة التي قال الله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) قال : نعم ؛ وما دون الخمار من الزينة. وهما دون السوارين.

وفي صفحة ١٤٦ ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الوجه ـ والكفان والقدمان.

وعن مسعدة بن زياد قال : سمعت جعفراً قال : وسئل عما تظهره المرأة من زينتها ، قال : الوجه والكفين.

وفي منهاج الصالحين : يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفين ، عن غير الزوج والمحارم ، بل يجب عليها ستر الوجه والكفين عن غير الزوج حتى المحارم مع تلذذ ... بل عن غير المحارم مطلقاً على الاحوط (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة ـ للحر العاملي ـ ج ٧ ـ ص ١٤٥.

(٢) منهاج الصالحين ـ السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي.

٦٤

وجاء في كتاب الترغيب والترهيب : « عن عائشة (رض) أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق ، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : « يا أسماء ، إن المرأة إذا بلغت المحيض ، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا ... وهذا ... وأشار الى وجهه وكفيه » (١).

وجاء في الوسائل ايضاً (٢).

رواية عن أبي جعفر قال :

« استقبل رجل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة ، وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سمّاه ببني فلان فجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط ... او زجاجة ، فشق وجهه.

فلما مضت المرأة ، نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره فقال :

والله لآتين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولأخبرنه ... فأتاه ...

فلما رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : ما هذا ؟! فأخبره ...

فهبط جبريل عليه‌السلام بهذه الآية :

( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) (٣).

__________________

(١) الترغيب والترهيب ـ للمنذري ـ ج ٤ ـ ص ١٦٤.

(٢) وسائل الشيعة للحر العاملي ـ ج ٧ ـ ص ١٣٨.

(٣) سورة النور ـ آية ـ ٣٠.

٦٥

وعن عائشة (رض ) قالت : دخلت عليَّ ابنة أخي لامي ، عبدالله بن الطفيل ، مزيَّنة ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعرض ، فقالت عائشة : يا رسول الله ابنة اخي وهي جارية. فقال : « إذا عركت المرأة ـ أي حاضت ـ لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها وإلا ما دون هذا ـ وقبض على ذراع نفسه ، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى » (١).

دعاة السفور وأثرهم السيء على الأخلاق :

لا يخلو زمان من الأزمان ، من اناس فاسدين ، ضالين مضلين يزرعون بذور الفساد في النفوس البريئة.

وها هم اليوم يتقولون : إن الإسلام ضرب الحجاب على المرأة لتكون رهينة البيت ، وضمن نطاق الجدران لا تصلح إلا للخدمة ، إذ لا يمكنها وهي محجبة الانسجام مع الأجيال المتطورة والمدنية الحديثة.

وقبل كل شيء لابد لنا من طرح بعض الأسئلة على محبذي السفور ، والخلاعة ، الذين يرونهما من أهم أسباب الحضارة والمدنية ، التي تمكن المرأة من أن تماشي التطور في عصرنا الحاضر.

ليت شعري ... هل التطور هو أن تخرج المرأة الى الملاهي والمراقص ودور الخلاعة ؟ على شكل مناف للغيرة والحمية ، لا حياء يردعها ، ولا حجاب يسترها ؟

ولكن أين هي المرأة المسلمة الآن من الإسلام ؟ وقد استعبدتها شياطين الانس والجان ... وهذه المدنية الزائفة التي أعمتها وأعمت بصيرتها وأوحت لها

__________________

(١) تفسير الطبري ـ ج ١٨ ـ ص ٩٣.

٦٦

ان التقدم والرقي ، هو ترك ما كان عليه الأجداد من الدين ... والحياء ... والخلق الكريم.

فتحررت من تراثها العظيم حتى لا تتصف بالرجعية وانحطت ، وانحدرت إلى أسفل درك بفضل الاستهتار والخلاعة والتبرج السافر.

لو كانت الفتاة المسلمة قد راعت الاحتشام في ملبسها وتصرفاتها وحركاتها ، لو أنها اخفت زينتها ولم تعرض النهود والأرداف والأذرع والسيقان لكان اولى بها وأعف وأتقى ، وكانت في حصن حصين من ان تقع في مزالق الفوضى ، مخدوعة ببريق كلام المفسدين دعاة السفور العابثين. وما أحسن ما قيل :

أفوق الركبتين تشمرينا

بربك أي نهر تعبرينا

وما الخلخال حين الساق صارت

تطوقها عيون الناظرينا

عيون المعجبين لديك جمر

ستشعل إن أردت هوى دفينا

فتاة الجيل مثلك لا يجاري

سفيهات يبعن تقى ودينا

فبالتقصير طالتنا الأعادي

وباللذات ضيعنا العرينا

أبنت ( خديجة ) كوني حياء

كأمك تنجبي جيلاً رزينا

خذيها قدوة ننهض جميعاً

وتبق ديارنا حصناً حصينا

ولا يشغلك قشر عن لباب

ولا تضلك ( صوفياهم ولينا ) (١)

ولو أن الفتاة المسلمة لم تتفنن في تجميل وجهها بالاصباغ والمساحيق وقضاء وقت طويل في تصفيف شعرها عند المزين ( الكوافير ) لهان الخطب.

ألم يكن الأولى بها أن ترتدي ثوب العفة والحياء ؟

__________________

(١) عن مجلة الوعي الاسلامي الكويت ـ العدد ـ ٥١.

٦٧

وكما قيل :

سيري لمجدك تحت ظل عفاف

وتجملي بمطارف الألطاف

ما الدر وهو مجرد عن حرزه

بمقدر كالدر في الأصداف

لا أجافي الصدق ، ولا اجانب الحق إن قلت ، ان النساء في عصرنا الحاضر ، ضائعات في متاهات ، لا يدرين اي طريق سلكن وقد تقاذفتهن التيارات ، واختلطت عليهن سبل الحياة.

نحن في القرن العشرين عصر العلم والأدب ... عصر النور والثقافة ... عصر الذرة ... عصر الصعود الى القمر والمريخ ، واكتشاف المغيبات واختراق الحجب والأجواء.

وأيضاً عصر المستهترين الضالين ، الذين لا يعون ما يفعلون ، ولا يرعوون ( وهم دعاة السفور والخلاعة ) الذين يدعون المرأة المسلمة الى التحرر من سجنها المزعوم والانطلاق من عشها المظلم وهم يهتفون بأصوات عالية ونداءات جريئة وألفاظ براقة خلابة.

يدعونها الى خلع الحجاب عن رأسها والاسفار عن مفاتن جسمها بدعواهم ان الحجاب من مخلفات العصور المتخلفة ومن خرافات السنين الغابرة والعهود المظلمة ومن بقايا الأديان والطقوس البائدة.

مساكين هؤلاء الذين ينادون بسفور المرأة ... ويدعونها الى ترك حجابها قد ضيعوا انفسهم ... وضيعوها ، وخدعوا انفسهم ... وخدعوها وأساؤا الفهم والتصرف ، وما دروا أي ذنب اقترفوا ؟! وفي أي هاوية أوقعوا المرأة ، وفي أي بلاء رموها ، وأي عز لها هدموا ؟!

لقد زينوا لها السفور حتى أخرجوها من خدرها ، وعزها ، ودلالها وحشمتها ووقارها وبيتها الذي هو حصنها الحصين.

٦٨

أخرجوها الى الشارع سافرة تفتن الناظرين بجمالها ، لتسحر الناس بانوثتها ، وهم لا يبالون ولا يردعهم رادع من ضمير او دين.

الحرية المزعومة :

إن طبيعة الإنسان ، والنفس البشرية ، منذ ان فطرها الله سبحانه وتعالى واحدة لا تتغير ، أمّارة بالسوء ، داعية الى المنكر ، تهفوا الى الشهوات اذا انطلقت من عقالها ، وحصلت على الحرية المطلقة ، بدون اي قيد من القيود الانسانية ، والدينية والخلقية.

نريد أن ينظر المجتمع الى المرأة ، كإنسان لها كرامتها ، لأنه كلما سطعت إنسانية المرأة صانت نفسها.

منذ أقدم العصور والمرأة الفاضلة العاقلة ، تستطيع أن ترغم المجتمع على احترامها ، إذ ظهرت على مسرح الحياة ، كإنسان لها كرامتها واحترامها ، لا كأنثى لها جاذبيتها ... ونعومتها ...

وباسم الحرية ... المزعومة انجرَّت المرأة المسكينة الى الويلات والمزالق حتى صارت تستخدم للدعاية والإعلام وترويج البضائع وتكثير الارباح واستجلاب الزبائن في المكاتب والمحلات والنوادي على اختلاف انواعها واتجاهاتها.

وبالحرية المزعومة استخدموها ، لتكون جسراً لمطامعهم وزيادة أرباحهم لا لمنحها مكرمة او فضيلة.

وإني أتمنى على كل امرأة ، أن تتجلبب بالحياء والعفاف حتى تصون نفسها من ذئاب المجتمع الفاسد ... وما أحسن قول الشاعر :

٦٩

صوني جمالك بالحيا

ء إذا تجنبتِ الحجابا

ليقيك من نزق الشبا

ب كما يقي الدر النقابا

هل انت إلا خمرة

تغري بنشوتها الشبابا

أخشى عليك فان في

وادي الهوى أجماً وغابا

ليت شعري : هل الحضارة والمدنية أن تراقص المرأة الرجل الأجنبي وتقضي السهرات العامرة المجونية خارج بيتها حتى الصباح ؟؟ كما يقول دعاة الحرية والسفور !!

وإن كانت ذات أطفال ، ما يكون حال هؤلاء الأطفال وهم ينشؤون على أخلاق الخدم ؟ إن كان هناك خدم وإلا على أخلاق « الشارع ».

وهل يرجى من الأبناء خير

إذا نشؤوا بحضن الجاهلات

أجل : ومما لا شك فيه ، سوف يترعرعرن على سيرة امهن فيمشين على منوالها إن كن اناثاً ... وتموت الغيرة ، والحمية من أنفسهم ، إن كانوا ذكوراً ، وتكون العاقبة وخيمة تؤثر على المستوى الاخلاقي في الجيل الجديد.

ولكن ويا للأسف ، إن كثيراً ممن يزعمون أنهم أنصار المرأة لا يروقهم الحجاب ، ولا يعجبهم إلا أن تكون المرأة غرضاً لسهامهم ، وصيداً لحبائلهم وأن تكون تابعة لأهوائهم ، نازلة على حكم ميولهم ، ترتع في مراتعهم وتنغمس معهم ، ثم لا يبالون بعد ذلك ما تقع فيه من سبة ، لهم غنمها ، وعليها غرمها.

ما رأيت أضعف حجة ، من هؤلاء الناس ، الذين ينادون بتحرير المرأة المسلمة من قيود الحجاب ... لأن الحجاب يسبب حرمانها من الانطلاق والترقي والتعليم ... و و و.

ما هذه المغالطات ، وما هذه الافتراءات ؟!

٧٠

المصافحة ... او السلام بالكف :

لابد من القول ، أن العقل هو الميزان ، الذي يجب أن يعرض عليه ، كل ما صلح ، وما فسد من الامور ، في كافة مناهج الحياة. فإذا كان العقل سليماً كان حكمه سليماً ... وصحيحاً يطابق الحقيقة والوجدان.

وبما أن المسلمين قد حباهم الباري سبحانه ، بدستور سماوي عظيم « القرآن الكريم » فهو المنهج الصحيح ، والطريق الواضح. فلا حاجة لهم من إدخال مناهج الغير ، واتباع ما ينافي المبادئ الإسلامية ، والتعاليم النبوية.

ولا حاجة ايضاً في اقتباس عادات غير اسلامية ، وإدخالها في حظيرة الإسلام ، والتمسك بها ، وكأنها تراث حضاري.

ومن هنا يجب على كل ذي عقل وإدراك ، التمعن والتفكر ، بتعاليم الإسلام القيمة ، وسيرة الرسول العظيمة ، ويجعل منهما مقياساً ، ونبراساً لسلوك جادة الحق والصواب.

إن من جملة البدع التي دخلت على الإسلام ، وتفشت بكل سهولة وبدون احتشام ، ولاقت رواجاً وقبولاً من الذين يدعون التجدد والانطلاق ... وهي عادة المصافحة ( السلام بالكف ) التي يستعملها رجال العصر الحاضر ونسائه وكأنها عنوان التقدم والرقي.

نرى البعض يحتج ويقول : إن القرآن لم يذكر حرمة السلام بالكف صريحاً بحيث أنه لا يجوز للمرأة أن تصافح الرجل من غير المحارم.

إن كل من يقول بعدم حرمة المصافحة بالكف ، من الرجل للمرأة ، او المرأة للرجل ، وإن الاسلام لم ينه عن استعمالها ، هو متعنت جاهل او مغالط يتجاهل الحقيقة.

٧١

إن كتب الفقه والتاريخ والسير فيها الكثير من الروايات الدالة على حرمة السلام بالكف من الرجل الأجنبي للمرأة الأجنبية ـ او بالعكس عدا المحارم.

منها ما جاء في كتاب الوسائل : عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم !

فقال لا ... إلا من وراء الثوب.

وعن سماعة بن مهران قال : سألت ابا عبد الله عليه‌السلام ، عن مصافحة الرجل المرأة قال : لا يحل للرجل أن يصافح المرأة ، إلا امرأة يحرم عليه ان يتزوجها ... اخت او بنت ، او عمة ، او خالة ، او بنت اخت ، او بنت اخ ، او نحوها.

وأما المرأة التي يحل له ان يتزوجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب ... ولا يغمز بكفها (١).

مبايعة النساء للنبي (ص) يوم فتح مكة :

ذكرت الأخبار والروايات كيفية مبايعة النساء للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدة وجوه.

عن كتاب الوسائل : عن المفضل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف ماسح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النساء حين بايعهن ؟ فقال : دعا بمركنه الذي كان يتوضأ فيه ، فصب فيه ماء ثم غمس فيه يده اليمنى

__________________

(١) وسائل الشيعة ـ للحر العاملي مجلد ١٤ ـ ج ٧ ـ ص ١٥١.

٧٢

فكلما بايع واحدة منهن قال : اغمسي يدكِ فتغمس كما غمس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فكان هذا مماسحته إياهن.

وعن سعد ان بن مسلم قال : قال ابو عبد الله (١) عليه‌السلام : أتدري كيف بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النساء ؟ قلت : « الله أعلم وابن رسوله أعلم » قال : « جمعهنَّ حوله ثم دعا ( بتوربرام ) فصب فيه نضوحاً ثم غمس يده ... » إلى أن قال : « اغمسْنَ أيديكن ففعلن. فكانت يد رسول الله (ص) الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم (٢).

وفي السيرة الحلبية : « أن بعض النساء قالت : هلم نبايعك يا رسول الله. قال : لا. لا أصافح النساء وإنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ».

وعن عائشة (رض) : لم يصافح رسول الله (ص) امرأة قط ، وإنما كان يبايعهن بالكلام.

وعن الشعبي بايع رسول الله (ص) النساء وعلى يده ثوب. وقيل أنه غمس يده في إناء وأمرهن فغمسن أيديهن فيه فكانت هذه البيعة (٣).

ذكر الطبري في تاريخه أن بيعة النساء قد كانت على نحوين :

كان يوضع بين يدي رسول الله (ص) إناء فيه ماء فإذا أخذ عليهن ، وأعطينه ، غمس يده في الإناء ثم أخرجها فغمس النساء أيديهن فيه. ثم كان بعد ذلك يأخذ عليهن ، فإذا أعطينه ما شرط عليهن قال : « اذهبن فقد بايعتكن » ، لا يزيد على ذلك (٤).

بالإضافة إلى أنه إذا كان النظر محرماً فاللمس يحرم من باب الأولى.

__________________

(١) المراد بأبي عبد الله عليه‌السلام هو الإمام جعفر الصادق الإمام السادس.

(٢) وسائل الشيعة للحر العاملي ـ مجلد ١٤ ـ ج ٧ ـ ص ١٥٤.

(٣) السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي.

(٤) تاريخ الطبري لابن جرير الطبري.

٧٣

التقليد للاجانب ـ انتكاس وتراجع :

تجتاح عالمنا الإسلامي في هذه الأيام محنة من أخطر المحن التي مرت في تاريخه ، فإن لم يتداركها رجال الفكر وأهل العلم والعقل فلن تلبث ان تقضي على جميع آماله.

تداركوها وفي أغصانها رمق

فلا يعود اخضرار العود ان يبسا

ان قوام هذه المحنة هو التقليد الأعمى ، الذي تجرف أمواجه العاتية جميع الطبقات ، وعلى جميع الاصعدة ، يسري في مجتمعنا كالنار في الهشيم.

واني اهيب بكل عاقل وعاقلة وأناشد كل ذي بصيرة ، ان يحكم بين صحيح الأمور وفاسدها ، فيراها بعين الخبرة وقد أميط النقاب عن مؤداها ، وسبر غور تجارب أخذت قسماً عظيماً من اخلاقنا ... واقتصادنا.

من الواجب علينا أن نقول الحق ولا نرهب في الحق لومة لائم ، بل يجب على كل عاقل وعاقلة ، وكل صاحب ضمير ومروءة ان يذيع الصواب منتصراً للحق بكليته ولو خالفته المسكونة باسرها.

لقد تفننت نساء الغرب بانواع البهارج ، وأخذن يتسابقن إلى ابتكار الأزياء ، والتلاعب في صورها وأشكالها تباهياً وتنافساً وإمعاناً في الخلاعة والاستهتار.

حين كانت نساؤنا وفتياتنا العربيات والمسلمات قانعات بما ورثنه من التقاليد والعادات ، راضيات بلباسهن ... وازيائهن ... وأشكالها ، متمتعات بتمام الرفاهية والهناء وكمال الصحة والصفاء.

٧٤

ولكن ... ويا للاسف ... فقد غزت جيوش عادات الاجانب وتقاليدها بلادنا بخيلها ورجالها ، واحتلت البيوت والمجتمعات ، واستمالت القلوب ونزلت علينا ضيفاً غير محتشم.

وهرعت النساء للاخذ بمناصرتها وتثبيت دعائمها حتى أصبحت من السنن المفروضة والقواعد التي يتحتم على كل فرد من أفراد المجتمع الالتزام بها والعمل على طبقها.

الموضة ... أو الزي الجديد :

لقد استحالت عاداتنا اللطيفة وازياؤنا المحتشمة التي ورثناها عن السلف الصالح إلى شيء بال غير مرغوب فيه ، واصبحت عنوان الرجعية والانحطاط باعين جمهور المتفرجين والمستهترين.

وارتفعت راية « الموضة » أو الزي الجديد ترفرف فوق ربوعنا ، ترعاها كثيرات من اللواتي اغمضن الجفن عما يتخلل هذه الموضة من الاضرار الفادحة بالصحة والمال.

أجل لقد اقدمت النساء بلا وعي إلى الانقياد لحكم الازياء الحديثة الجديد المستوردة التي تتغير بين آونة واخرى ...

فنرى الملابس مثلاً ... تارة تشبه أثواب الممثلين أهل المساخر والهزل ( البالية ) وطوراً ضيقة تضغط على الجسم فتعيق الدورة الدموية.

ومتى اختل نظام هذه الدورة الطبيعي أصبح الجسم معرضاً لكثير من الأمراض ، فكيف بنا ونحن نرى النساء قد شددن خواصرهن بحزام من المطاط فلا يستطعن أن يأكلن براحة أو لذة ، ولبسن أحذية ضيقة لا تساعدهن

٧٥

على المشي بإستقامة.

وتراهن مع هذه المضايقة وذاك الاسر يركضن لاهثات تشبها ببنات الافرنج بزعمهن انها الحضارة والمدنية ، ممسكات باذيال هذه الموديلات صاغرات لاحكامها الصارمة وكما قيل :

ما حيلتي فيمن تفرنج وادعى

ان التفرنج شيمة المتمدن

لقد رأيت الكثيرات من السيدات اللواتي انعم الله عليهن بالمال والجاه ، يتسابقن إلى ميدان « الموضة » ويتبخترن بحللهن وحليهن تيهاً واعجاباً.

كل يوم ثوب جديد ... وتسريحة جديدة ... وتقليعة جديدة إلى غير ذلك من نواحي البذخ والإسراف.

وهذا التصرف بلا شك يجدد روح الغيرة في نفوس أكثر النساء المتوسطات الحال ، فيبذلن كل ما في وسعهن لتقليد جاراتهن أو منافستهن وقد تناسين ان هذا التقليد أو التنافس يضر بصالحهن المادي والأدبي فضلاً عما يلحقهن من الاضرار بالصحة وراحة البال.

ولن انسي ما قالته لي أحدى الصديقات وهي من ذوات الجاه والثراء ، ومن ذوات الفهم والأدب « كم اتمنى من صميم قلبي ان تبطل هذه الموضه اللعينة او تستأصل لأنها مضرة بالصحة والأخلاق ».

ثم اردفت تقول ... بعد جدال طويل دار بيني وبينها :

ولكن ما العمل اختاه ؟ ... وأنا أخاف ان اكون البادئة ... لئلا ينسب إِليَّ البخل والتقتير المخلان بشرف وجاهتي وثروتي ... أو يظن بي الفقر وعدم الاقتدار ... الخ.

ومما لا ريب فيه اننا اذا سألنا اللواتي تربين في مهد الفضيلة وترعرعن في

٧٦

جو الآداب وتنورت عقولهن بالحكمة والمعرفة : أي الثوبين أكثر فائدة والطف منظراً ... الثوب البسيط المنسوج من الصوف أو الكتان يجر بذيله العفة والوقار ... وسمات الطهارة والقناعة ، ثم هو مريح وفضفاض يحفظ راحة المرأة وصحتها ...

أم الثوب الجديد من الازياء الحديثة ( الموضة ) الحاكمة علينا بالخضوع لأحكام التقليد الأعمى واستبداده ...

عند ذلك لا تسمع الا الجواب الواحد ( للضرورة احكام ) ولا نتمكن من الانفراد عن بنات جنسنا ... وبيئتنا ، ونبقى اضحوكة المجتمع ، ثم يرددن متمثلات بقول الشاعر :

وما عن رضىً كانت سليمى بديلة

لليلى ولكن للضرورة احكام

وانني اكتب هذه السطور وقلبي يذوب أسى ولوعة لمشاهدة ما وصلنا اليه من الامور التي لا تحمد عقباها ، ونحن لاهثون وراء التقليد الأعمى بلا وعي ولا أدراك ـ قلدتموا فكأنكم لم توجدوا ـ.

لنلقي نظرة في مجتمعنا نرى العجب ، فكم من امرأة متوسطة الحال ضعيفة التفكير والتدبير قد انفقت جميع ما لديها من اموال واثقلت عاتق زوجها بالديون ، لتجاري اترابها وجيرانها وحتى لتشتري الاثواب « الدارجة » والقبعات ... والاحذية الجديدة ، الى غير ذلك من لوازم « الموضة » التي تعود على بلادنا بالخراب وعلى اخلاقنا بالانهيار ، وعلى من ابتكر هذه الأزياء بالرزق ... والمال ... والمنفعة والخيرات.

فمتى تستيقظ المرأة المسلمة يا ترى ؟ وتتحرر من هذه العادات والتقاليد المشينة المزرية وكما قيل :

للشرق والغرب عادات مقدمة

كانت وما برحت أولى بتأخير

لا تتبعوها فكم من زهرة حسنت

في الناظرين وساءت في المناخير

٧٧

هلمَّ يا بنات جنسي العاقلات ... يا من سطعت بكن شمس الحضارة والمدنية والرقي لنشر المبادئ الاسلامية الصحيحة ، والمشي على هدى الاسلام وتعاليمه القيمة ، ولنستأصل من نفوسنا آفة الاقتداء والتقليد لغيرنا ، وما أحسن قول الشاعر العراقي السيد احمد الصافي النجفي :

يا شرق مالك في الحياة تقلد

ان المقلد تابع مستعبد

ان المقلد عائش في غيره

قلدتموا فكأنكم لم توجدوا

حتى لقبح الغرب قد قلدتموا

هذي « خنافسكم » عليكم تشهد

ان رمتم قبحاً فهاتوا قبحكم

فعلامَ حتى قبحكم مستورد

ولقد احسن امير الشعراء شوقي حيث يقول :

ارى طوفان هذا الغرب يطغى

وأهل الشرق سادتهم نيام

فإن لم يأتنا نوح بفلك

على الاسلام والدنيا سلام

من صميم الواقع :

إن إباحة الحرية المطلقة دعت الى توسيع الخرق وزيادة الاستهتار ، ورمت الأمة الاسلامية بفساد كبير ؛ فالرقص والسباحة وارتياد النوادي وركوب المرأة رأسها ، مبيحة لنفسها حرية الاجتماع على اختلاف أشكاله وأنواعه ، جرَّ الويلات على المجتمع الاسلامي العظيم.

وفي رسالة بعثت بها السيدة الفاضلة ( معزَّز الحسينية ) الى إحدى اللواتي ينادين بحرية الاختلاط ، ونزع الحجاب ، وتقليد الإفرنج ... تقول :

« إعلمي أيتها السيدة انه يجب علينا معشر النساء العاقلات والسيدات الفاضلات ، أن ننظر الى كل رجل يحملنا على مثل هذا العمل بعين البغض

٧٨

والازدراء والاحتقار ، لأنه لا يدعونا الى فضيلة ولا الى مكرمة.

فبربك ايتها الآنسة ان تشفقي على نفسك وعلى بنات جنسك ، ولا تطالبين بالانفراد والاستهتار ، وتنادينهن إلى العار والدمار. بل غلبي عليك غريزة حب النوع ، ذلك أعز لك وأشرف بنا ... « وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ».

هبي أيتها السيدة أن الدين لم يأمر بالحجاب ، ولم ينه عن الاختلاط المبتذل والفساد ...

أو ليس الحجاب عادة قومية ... اسلامية ... شرقية ؟ فلماذا نترك نحن هذه العادة الحسنة ، ويتمسك غيرنا بعاداته وإن كانت وحشية ، ولا نجرؤ على مطالبته بتركها ؟

ولماذا يتمسك الانكليزي ... والافرنسي ... والألماني ... والياباني ... وغيرهم الخ بعاداته وتقاليده القومية ، وندع نحن عاداتنا وتقاليدنا القومية.

أتنكرين أن لكل امة عادات وتقاليد ؟ فلماذا نطالب بترك عاداتنا ، لكي نندمج في سوانا ... لتضيع هذه القومية ؟ ...

فبالله عليك لا تكوني آلة تخريب ، بل كوني آلة تعمير ولا تُخدعي يا رفيقتي فتكون المعول الذي به تهدم قوميتك ... وامتك.

واعلمي أن قوماً يحاولون فتق هذا الرتق ، فيحملون علينا بما لا يريدون به خيراً ، إنما يريدون ان يخرجونا عن ديننا ... ووطنيتنا ... وبلادنا فيستعملون مثل هذه الدعايات ، يوماً بالتبشير الديني ... ويوماً بالاصلاح الاجتماعي ... ويوماً بالاستعمار المدني ... ويوماً بالتمدن الغربي ... الخ.

ولا تغرنك كلمات براقة يضعها الواضعون ، من رحمة بشرية ... وانقاذ

٧٩

ضعيف ... وتحرير شعوب ، وما شاكل ذلك مثل هذه الكلمات الخلابة التي لا يراد بها غير التغرير كما قال ( غوستاف لوبون ).

فكوني يا سيدتي أمتن وأمنع من أن تؤثر عليك هذه المؤثرات ، ولا يتخذك المضلون عضداً والسلام عليك من رفيقتك في النوع ».

وقد ذكر الشيخ مصطفى الغلاييني (١) مقالاً للسيد فؤاد صعب (٢) وبه يخاطب المرأة المسلمة حيث يقول :

« يزعمون أنك مظلومة وأنك أسيرة الحجاب يريدون تحريرك من أسرك.

يزعمون أن الحجاب يمنعك من أن تكوني اماً راقية وزوجة صالحة ... أسفري ولتسفر جاراتك ، وليبحث العالم بعدئذٍ عن علاج يخفف من المشاكل العائلية والزوجية.

أسفري ... ولكن مهلاً ... قبل أن تحكمي على حجابك بالهجران والنفي ، حاكميه وقابلي بين حسناته وسيآته ، لان من اللؤم أن يتناسي الانسان حسنات جمة ويقاضي على سيئة واحدة ، قابلي ... وزني ... وانظري أية الكفتين ترجح ثم احكمي.

فإن قلت أن لا حجاب لغير المسلمات وأنهن راتعات في بحبوحة من الحرية التي لا تمنع كونهن أديبات ومحصنات.

لا تغرك الظواهر ، ولا تخاليهن أسعد منك حظاً ، لأن الاختلاط الجنسي يقود حتماً الى تبادل العواطف ، وما زالت الغيرة غريزة في الحيوان الانساني ،

__________________

(١) نظرات في كتاب السفور والحجاب للشيخ مصطفى الغلاييني.

(٢) فؤاد صعب أديب لبناني.

٨٠