المرأة في ظلّ الإسلام

السّيدة مريم نور الدّين فضل الله

المرأة في ظلّ الإسلام

المؤلف:

السّيدة مريم نور الدّين فضل الله


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: دار الزهراء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥

ربك قديراً » فأمر الله تعالى يجري إلى قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره ولكل قدر اجل ولكل اجل كتاب ، يمحو الله ويثبت ويحكم ما يريد وعنده أم الكتاب ».

ثم قال عليه الصلاة والسلام : « ان الله امرني ان أزوج فاطمة بعلي ابن ابي طالب ابن عمي ، فاشهدوا اني قد زوجته بها ». ثم قال :

« يا علي إن الله تبارك وتعالى أمرني ان ازوجك فاطمة ، اني قد زوجتكما على اربعمائة مثقال فضة » فقال علي : « قد رضيتها يا رسول الله ورضيت بذلك عن الله العظيم ورسوله الكريم » ثم ان علياً خر ساجداً لله شكراً ، فلما رفع رأسه قال له رسول الله (ص) جمع الله شملكما وأعز جد كما واطاب نسلكما وجعل نسلكما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وامن الأمة وبارك الله لكما وبارك فيكما وبارك عليكما وأسعدكما وأخرج منكما الكثير الطيب.

« اللهم انهما مني وأنا منهما ، اللهم كما اذهبت عني الرجس وطهرتني فاذهب عنهما الرجس وطهرهما ... وطهر نسلهما ».

وقد ذكر جميع المؤرخين زواج فاطمة الزهراء عليها‌السلام بنفس المعنى وبالفاظ مختلفة.

وبعد الخطبة قال النبي (ص) : يا علي لابد للعرس من وليمة ، فقال سعد بن عبادة : عندي كبش وجمع له رهط من الأنصار اصوعاً من الاذرة فلما كانت ليلة البناء قال النبي عليه الصلاة والسلام : يا علي لا تحدث شيئاً حتى آتيك ، فأتى اليهما فدعا بماء فتوضأ منه ثم انضحه على علي وفاطمة وقال : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما وبارك في شملهما (١).

__________________

(١) ينابيع المودة ـ للقندوزي ـ الحنفي.

١٨١

وفي طبقات ابن اسعد قال : « احتفل بنو عبد المطلب بهذا الزواج كما لم يحتفلوا بزواج مثله من قبل وجاء حمزة عم محمد وعلي بشارفين فنخرهما وأطعم الناس.

ولما انقضى الحفل وانصرف المهنئون دعا الرسول أم سلمة ... وعائشة وبعض أمهات المؤمنين وطلب منهن أن يمضين بالعروس إلى بيت علي (ع).

وبعد صلاة العشاء ذهب النبي (ص) إلى بيت علي وهناك تجلت عاطفة الأبوة الصحيحة ، وحنانه الفياض وحبه لفاطمة وزوجها عليهما‌السلام.

دعا الرسول بماء فقرأ عليه بعض آي الذكر الحكيم ثم أمر العروسين أن يشربا منه وتوضأ بالباقي ونثره على رأسيهما وهو يقول : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما » (١).

لقد استجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نبيه الكريم في تلك الساعة فبارك الله لعلي وفاطمة عليهما‌السلام في هذا الزواج السعيد وحصر ذرية النبي المختار في أولاد ابنته وحبيبته فاطمة الزهراء.

لم يتمالك الرسول إلا أن أرسل دموعه عندما قبل فاطمة وهي تبكي شأن كل انثى فارقت بيت أبيها ومرتع طفولتها وملاعب صباها.

ولما هم عليه الصلاة والسلام بالانصراف انحنى على فاطمة بكل عطف وحنان قائلاً : لقد تركتك وديعة عند أول الناس إسلاماً وأقوى الناس ايماناً وأكثرهم علماً وأفضلهم اخلاقاً (٢) « أما والله يا فاطمة لقد زوجتك سيداً في

__________________

(١) طبقات ابن سعد الكبرى.

(٢) طبقات ابن سعد الكبرى.

١٨٢

الدنيا والآخرة » (٣).

بيت الزوجية :

انتقلت فاطمة إلى المرحلة الثانية من حياتها ربة البيت وأم الأولاد ، بيت متواضع يسرح الإيمان في اجوائه ، وترقد السعادة في جنباته ، يرعاه زوج كريم الخلق ، عظيم الشأن ، في الدنيا والآخرة.

وعلى مر السنين يمتلئ البيت بالأولاد من بنين وبنات يحوط الجميع رعاية الرسول الأعظم (ص).

تقول الدكتورة بنت الشاطئ : « لا أصف هنا ما كان لهذا الحب الأبوي من أثر عميق في اسعاد « فاطمة » التي أرهقها الحزن وانهكها العبئ شابة ».

بل لا اصف هنا مدى ما بعث في حياتها الزوجية التي عرفنا خشونتها وقسوتها مادياً ، من بهجة وانس وإشراق. فلقد اسعد « فاطمة » ان تكون أماً لهذين الولدين الاثيرين عند ابيها (ص) ، وارضاها أن تستطيع بفضل الله أن تهيء لأبيها الحبيب بعد ان انتقلت من بيته هذه المتعة الغامرة ، التي يجدها في سبطيه الغاليين.

ولم يكن « علي كرم الله وجهه » أقل منها سعادة وغبطة. لقد سره بل ازدهى ان تتصل به حياة ابن عمه النبي (ص) هذا الاتصال الوثيق. فيمتزج دمه بدم النبي الزكي ، ليخرج من صلبه ذرية سيد العرب ، وبنو بنته الزهراء ، ويذهب دون الناس جميعاً بمجد الأبوة لسلالة النبي وآل بيته الاكرمين » (٢).

__________________

(١) ينابيع المودة ـ للقندوزي الحنفي.

(٢) تراجم سيدات بيت النبوة ـ الدكتورة بنت الشاطئ.

١٨٣

« وعن ابن عباس قال : لما نزلت الآية ـ ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي ... وفاطمة وابناهما وان الله تعالى اجرى عليكم المودة واني سائلكم غداً عنهم » (١).

وعن علي قال : كنا مع النبي (ص) في حفر الخندق ، إذ جاءته فاطمة بكسرة من خبز ... وقالت : اخبزت لابني وجئتك منه هذه الكسرة فقال : بنيه انها أول طعام دخل في فم ابيك منذ ثلاثة أيام (٢).

وفي رواية الحافظ الاصبهاني عن علي عليه‌السلام قال (٣) : « كانت فاطمة ابنة رسول الله (ص) أكرم أهله عليه ، وكانت زوجتي ، فجرت بالرحاء حتى اثرت الرحاء بيدها واستقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها ، وقمت البيت أغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها ، وأصابها من ذلك ضر.

فاتت النبي (ص) تسأله خادماً ، فقال : لا اعطيك وأدع أهل الصفة (٤) تطوي بطونهم من الجوع. أولا ادلك على خير من ذلك ؟!

إذا آويت إلى فراشك ، تسبحين الله تعالى ثلاثا وثلاثين وتحمدينه ثلاثاً وثلاثين ، وتكبرينه اربعاً وثلاثين ».

أقول : ان المشاق التي لاقت الزهراء (ع) وحياة الكفاح المستمرة زادتها

__________________

(١) ينابيع المودة ـ للقندوزي الحنفي.

(٢) ينابيع المودة ـ للقندوزي الحنفي.

(٣) حلية الأولياء ـ للحافظ الاصبهاني.

(٤) أهل الصفة ـ هم فقراء المسلمين المعدمين ، كانوا يجلسون في المسجد النبوي الشريف ينتظرون معونة الموسرين اليهم من طعام وغيره

١٨٤

ايماناً ، وشظف العيش لم يؤثر على صحتها وهي تكدح في الليل والنهار جاهدة في توفير أسباب الراحة لزوجها وبنيها.

كل هذه المتاعب كانت تتلاشى بسرعة البرق عندما ترى والدها الرسول العظيم ، يغمرها بفيض من الحنان الأبوي الذي يضيء حياتها سعادة وحبوراً. وتأخذها النشوة وهي ترى أبيها المصطفى في عظمته يحوطها برعايته ويغمرها مع ولديها السبطين بانقى الحب وأصفى الحنان.

وكيف يغيب عن ناظريها مرأى النبي المختار وهو يمشي في أسواق المدينة حاملاً حفيده على كتفه ، حتى إذا وصل إلى المسجد النبوي الشريف وقام للصلاة ، وضعه إلى جانبه في رفق ... وأقبل يؤم الناس.

وكيف لا تزهو وهي ترى أولادها يملؤن دنيا الرسول بهجة وسروراً ...

الحسنان ولداه ... وهو الوالد ... النبي البشر ، الذي يرقص قلبه الشريف فرحاً وهو يسمعهما وهما يقولان جداه ... أو يا ابتي ، هذه اللفظة السحرية التي شاءت الأقدار أن تحرم النبي (ص) منها ... ونراه يتلهف على سماعها ولنسمعه يقول دائماً ... ولداي هذان سيدا شباب أهل الجنة. ولا يعبر عن الحسنين إلا بكلمة ـ ولداي ـ.

حب الرسول (ص) لابنته فاطمة :

لقد ذكر أكثر أهل التاريخ حب رسول الله (ص) لابنته فاطمة ففي رواية : دخل النبي (ص) على فاطمة وهي تطحن وعليها كساء من وبر الابل ، فبكى وقال : « تجرعي يا فاطمة مرارة الدنيا ... لنعيم الآخرة ».

١٨٥

واقبلت فاطمة فوقفت بين يدي أبيها عليه الصلاة والسلام فنظر اليها وقد ذهب الدم من وجهها ، وعليها صفرة من شدة التعب والجوع فقال الرسول (ص) : ادن مني يا فاطمة ، فدنت حتى قامت بين يديه ، ورفع يده الشريفة حتى وضعها موضع القلادة ، وفرج بين أصابعه ثم قال :

« اللهم مشبع الجماعة ـ رافع الضيق ، ارفع فاطمة بنت محمد. » (١)

وقالت عائشة : ما رأيت أحداً كان اشبه كلاماً وحديثاً برسول الله (ص) من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام اليها فقبلها ورحب بها ، كما كانت تصنع هي به (ص).

وسئلت عائشة (رض) : أي الناس كان أحب إلى رسول الله (ص) ؟ قالت : فاطمة ؛ قيل : ومن الرجال ؟ قالت : زوجها.

وقالت عائشة (رض) ما رأيت قط أحداً أفضل من فاطمة غير أبيها (٢).

« ان الزهراء (ع) لا تنسى موقف أبيها الرسول ، وقد أخذ بكتفي الحسين وهو صغير وقدماه على قدميه (ص) يرقصه قائلاً : « ترق ... ترق » فما يزال الصبي الصغير حتى يضع قدميه على صدر جده الشريف ، فيقول له الرسول : افتح فاك ... فيفتحه ... فيقبله (ص) وهو يقول : « اللهم احبه فاني احبه ».

محمد الإنسان البطل بشراً ورسولاً » (٣).

__________________

(١) طبقات ابن سعد الكبرى.

(٢) السيرة الحلبية ـ برهان الدين الحلبي.

(٣) تراجم سيدات بيت النبوة الدكتورة بنت الشاطئ.

١٨٦

وهل تنسى الزهراء (ع) أبيها الرسول (ص) وقد وقف يخطب بجمع من المسلمين فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان احمران ، وهما يمشيان ويعثران ، فما كان من الرسول الأعظم (ص) إلا أن قطع كلامه ونزل عن المنبر وحملهما ووضعهما بجانبه بكل رفق وحنان ثم التفت إلى الناس معتذراً :

« صدق الله سبحانه حيث يقول : « انما أموالكم وأولادكم فتنة لكم » ، لقد نظرت إلى هذين الصغيرين ، يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما إلي ».

إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي تواترت بها الانباء من أصحاب التواريخ وأهل السير. وكلها تحدثنا عن ذلك الحب الكبير الذي يكشف عن جانب من عظمة ذلك النبي المختار.

فاطمة الزهراء مع أبيها يوم فتح مكة :

مرت الأيام هنيئة صافية ، واحست سيدة النساء فاطمة الزهراء بالسعادة تغمر كيانها وهي ترى نور الإسلام قد أضاء القسم الأكبر من الحجاز ، وتشاهد إياها الرسول عليه الصلاة والسلام في جهاده المؤيد بنصر من الله سبحانه.

لقد احست بالغبطة عندما رأت جبابرة الجزيرة تخضع لسلطان الإسلام ، وتدين برسالة أبيها محمد (ص).

وها هو الرسول العظيم ، يتأهب للسفر إلى فتح مكة ... حرب قريش الظالمة. إلى الوطن الحبيب الذي فارقه منذ ثمانية أعوام مهاجراً بعدما قاسى مر العذاب.

والزهراء (ع) لا تطيق البعد عن أبيها ، وقد اسبغ عليها من آيات

١٨٧

حبه (ص) ، وعلى زوجها وولديها ما لا نستطيع أن نصفه.

اتت الزهراء (ع) تطلب من أبيها (ص) مرافقته إلى البلد الأمين ، إلى مسقط رأسها مكة المكرمة ، فأذن لها ، حتى تظل بقربه تنعم بعطفه وحنانه ...

وطافت الذكريات ، وتوالت المرئيات أمام عيني بضعة الرسول ، وسيدة النساء ، وراحت تسائل نفسها وتقول : ترى هل تزال مكة كما تركناها منذ ثمانية أعوام ؟. أم تغيرت ... ودار الأهل والأحبة ... هل محت يد الحدثان من معالمها شيئاً ؟ ... أم غدا عليها العدو فصيرها خراباً بلقعاً.

وملاعب الصبا ... أما تزال تذكر من رحل عنها من المؤمنين الأحباب الصالحين ؟ ... أم نسيتهم على مر الأيام وتطاول الأعوام ؟

وتذكرت الكعبة الشريفة ، التي شهدت أول صلاة اقيمت ... وشهدت قريشاً وهي تكيل الأذى لإبنها البار محمد (ص) ...

وتذكرت عليها‌السلام ، قبر أمها خديجة الكبرى ، وقبر أبي طالب كفيل النبي (ص) ، وغير ذلك من سيرة الأهل والأحباب.

وفي غمرة ذكرياتها ، تراءت لها قريش مع عتوها وعنفوانها وكبريائها ، ترسل أحد زعمائها إلى المدينة المنورة لتفاوض النبي (ص) على تمديد الهدنة التي تم الاتفاق عليها في الحديبية في العام السادس من الهجرة.

أرسلت قريش زعيمها أبا سفيان إلى الرسول العظيم ليفاوضه ، ويستأمنه ، بعد ان اخلت قريش بالشروط التي تم الاتفاق عليها في ( الحديبية ) وساعدت بني بكر أحلافها ... على خزاعة حليفة النبي (ص).

١٨٨

وها هو محمد مع المسلمين قد اصبحوا قوة ليس بامكان قريش او غيرها من القبائل تجاهلها.

قريش تنتدب ابا سفيان لمفاوضة النبي (ص)

أرسلت قريش ابا سفيان بن حرب حامل لواء المشركين ، وعدو محمد والمسلمين ، وزوج آكلة الاكباد « هند » التي صنعت بشهداء « أحد » ما تقشعر له الابدان. ومثلت بحمزة عم النبي ، ولاكت كبده فلم تستسيغها. علاوة على انها راحت تغري قومها ، بنبش قبر آمنة بنت وهب ... أم محمد (ص) اشتفاء ... وحقداً (١).

لقد تألم أبو سفيان لمَّا رأى ما بلغ من نفوذ النبي وارادته التي اصبحت هي الارادة العامة ، وساءه ان يرى المسلمين وقد اصبحوا قوة هائلة لا يمكن لقريش مقاومتها ، وراعه تأهب « محمد » لحرب قريش ، وفتح مكة.

اتى ابو سفيان الى المدينة سفيراً لقريش ، فرأى من قوة الاسلام وضخامة استعداد الجيش العظيم ، المعبأ للزحف على قريش وفتح مكة المكرمة ، ما روَّعه واذهله ، فلم يدرِ ما يفعل ، او يقول ... بل وقف ذاهلاً يشحذ فكره ، ويلم شتات رأيه ، ليجد له منفذاً ، او حيلة يصل بها الى محمد ... ويكلمه في أهل بلده وعشيرته.

دخل ابو سفيان على ابنته رملة « ام حبيبة » وهي زوجة رسول الله (ص) ، فما كاد يهم بالجلوس على فراش كان بحجرتها ، حتى اسرعت وطوته ، فقال لها :

__________________

(١) سيرة النبوية لابن هشام.

١٨٩

ارغبت بهذا الفراش عني ... أم رغبت به عليّ ؟ فأجابته أم حبيبة : هذا فراش رسول الله (ص) طاهر ، وانت رجل مشرك نجس ، يعادي المسلمين ، ويكيد للاسلام :

خرج ابو سفيان من عند أم حبيبة وقد اظلمت الدنيا في عينيه ، وزاد غمه ، وحزنه ، لهوانه حتى على ابنته ، ولم يكن يتصور ان الاسلام يجعل للمسلمين هذه الصلابة.

وكاد ييأس ... وعظمت عليه ان يرجع خائباً ، وكيف يقابل قريشاً ، وسخريتها به ( وهو الآمر ... الناهي ) وكيف يغطي فشله الذي كاد ان يخنق انفاسه ... وما الحيلة ؟

وفي خضم حيرته لمع في خاطره بارقة أمل ... لماذا لا يذهب الى علي بن ابي طالب ... فهو الوحيد الذي ربما يصغي اليه محمد (ص).

ان علياً وزوجته الزهراء من اقرب الناس الى قلب محمد ، واحبهم اليه. وما ان وصل الى هذا الحد من التفكير ، حتى تنفس الصعداء ، وتوجه على الفور ، الى دار علي بن ابي طالب (ع) ، ولما دخل قال له :

« يا ابا الحسن انك اقرب الناس اليّ ، وامس القوم بي رحماً ، واني قد جئتك في حاجة ، لا أجد لها غيرك فلا تردني خائباً ».

فقال له الامام علي (ع) ... تكلم ماحاجتك ؟ فقال حاجتي أن تشفع عند ابن عمك رسول الله (ص) في نجاح مهمتي حتى أرجع الى قريش ...

ردَّ عليه الامام علي قائلاً ! ويحك يا ابا سفيان ، والله ان رسول الله ان عزم على امر لا يستطيع احد من الناس ان يكلمه.

١٩٠

وقف ابو سفيان يتحرق لوعة وتوجه الى الباب لينصرف وقد اظلمت الدنيا في عينيه ، والتبست عليه الامور ، ثم لم يلبث ان وقف وقال بإنكسار :

« يا أبا الحسن ، اني ارى الأمور قد اشتدت علي ، وأرى الزمان الذي كنت في آمراً ... وناهياً قد ولى ، فلا تبخل عليًّ في ارشادي ونصحي » ...

ولاحت لابي سفيان بارقة أمل اخرى ، لماذا لا يكلم الزهراء ... ألم تشفع اختها زينب لزوجها ابي العاص بن الربيع يوم كان مشركاً ...

ان الزهراء ابنة محمد ، واحب خلق الله اليه ، ذات القلب الرحيم ، وتوجه الى فاطمة ، وكان الحسن والحسين يدبان بين يديها ، ويعثران فقال لها :

« يا ابنة محمد ، هل لك ان تأمري احد ولديك هذين فيجير بين الناس ؟ ... ويكون سيد العرب الى آخر الدهر. اجابت الزهراء (ع) بكل هدوء ووقار : والله ما بلغ ولدي هذا أن يجير بين الناس. وما يجير أحد على رسول الله (ص).

وابت الزهراء أن تتدخل مع أبيها في مثل هذه الأمور ولكن أبا سفيان ظل يلح عليها ويتوسل اليها بولديها ، ونبرات صوته تتقطع من الفشل والخيبة وفاطمة (ع) بقيت على موقفها السلبي منه.

وعاد زعيم المشركين يتحدث مع علي ، وقلبه يتفطر ويقول له بكل انكسار : لا أدري بأي لسان ارجع إلى قريش ، وقد عقدت علي الأمال ، واوفدتني إلى محمد ، وهي ترجو ان لا ارجع اليها أجر أذيال الخيبة والخسران.

قال له الإمام (ع) : والله لا أرى لك مخرجاً غير ان تقوم على ملأ من الناس ، فتجير بين الفريقين من سادة كنانة ، ومع هذا فإني لا اظن ان

١٩١

ذلك يجديك نفعاً.

خرج أبو سفيان حتى انتهى إلى جمع من المسلمين ، فصاح : ألا اني قد اجرت بين الناس ، ثم دخل على النبي وقال : لا اظنك ترد جواري يا محمد ... فلم يزد النبي (ص) في جوابه على قوله : انت تقول ذلك.

واتجه أبو سفيان نحو مكة ، وهو يتعثر باذيال الفشل والخذلان.

حدث كل هذا وفاطمة (ع) واقفة تسبح الله وتمجده. وهي ترى ابا سفيان رأس الشرك ، يتململ ذليلاً بين أيدي المسلمين ، ويرجع أخيراً بالفشل والخسران المبين.

وقفت عليها‌السلام مزهوة بانتصار الحق على الباطل والإيمان بالله ... على الشرك والضلال. وعادت بها الذاكرة يوم كانت مع أبيها بمكة قبل سنوات ثمان ، فتذكرت الزهراء مواقف قريش ، كيف كانت تطارد النبي وأصحابه المسلمين ، بشتى أنواع الاساءة والأذى ... حتى خرج صلوات الله عليه في جوف الليل متجها نحو يثرب التي وجد فيها أنصاراً له مخلصين عاهدوه على بذل المهج والأرواح ، ليمنعوه من قريش وأحلافها ، ومن كل من يضمر للاسلام كيداً.

دخول جيش المسلمين مكة

سار النبي (ص) في عشرة آلاف من المسلمين ، ميمماً شطر مكة المكرمة ، ولواؤه مع ابن عمه وصهره ووصيه علي ابن ابي طالب (ع).

ومن قبل كان عليّ حامل « العقاب » في خيبر وهي اول راية للرسول

١٩٢

الأعظم ـ كما ورد في طبقات ابن سعد.

وكذلك حمل ـ علي ـ راية الرسول في غزوة بني قريظة ... وحمل لواء المهاجرين يوم أحد. وحمل بعد ذلك لواء الرسول (ص) يوم حنين (١).

وذكر الطبري في تاريخه : « أمر رسول الله سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء (٢).

وقال سعد حين توجه داخلاً : « اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة » فسمعها رجل من المهاجرين فقال :

يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة ، وما نأمن أن تكون له في قريش صولة !

فقال رسول الله (ص) : لعلي ابن أبي طالب أدركه فخذ الراية منه ، فكن أنت الذي تدخل بها ».

ودخل رسول الله من اذاخر ، حتى نزل باعلى مكة ، ضربت له قبة هناك قريبة من مثوى خديجة.

كانت الزهراء معه ، خرجت فيمن خرج من النساء المؤمنات ، ترافق أبيها وتشاهد فتح مكة والنصر المبين ، وقد أنساها الفرح الأكبر كل ما ألم بها من تعب وعناء.

ولكن أطياف الماضي أخذت تحوم حولها وتتراآى لها.

__________________

(١) طبقات ابن سعد الكبرى.

(٢) كداء ـ جبل بأعلى مكة.

١٩٣

تذكرت أمها خديجة (رض) ... وعمها أبا طالب ، واختيها زينب ورقية وقد هاجرتا مثلها من مكة ، ولكن إلى غير رجعة ... لقد رقدتا تحت ثرى المدينة المنورة.

وها هي ( الزهراء ) ترجع وحدها مع أبيها الفاتح العظيم وزوجها البطل الكبير ، وكم تمنت لو أن أمها ... وعمها وجميع الأحباب المفقودين يشاركونها الفرحة الكبرى بالنصر المبين.

انهملت الدموع من عينيها غزيرة ، فقد هاجت بنفسها الأشجان ، وبقيت مع أطيافها وهي تقترب من أم القرى وفي غمرة شجونها وأساها ، صحت من تأملاتها على صوت الحق المنبعث من حناجر المسلمين الفاتحين.

كادت الجبال تتصدع خشية ورهبة ... من هتاف عشرة آلاف مسلم قائلين :

« الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده نصر عبده وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله والله أكبر ».

وقفت عليها‌السلام وهي تنظر إلى أهالي مكة ، وطواغيت قريش ... وهم يفرون من وجه تلك الجموع الدافقة ... وقد استولى عليهم الذعر والخوف والجزع. وكاد قلبها يطير فرحاً عندما شاهدت أباها النبي العظيم (ص) بين أصحابه ، يحفون به وهو محني الرأس تواضعاً لله وشكراً له على ما أنعم عليه سبحانه.

ودخل الرسول (ص) على هذه الصورة ، حتى لتكاد جبهته الشريفة تمس رحل الناقة ... ورأته عليه الصلاة والسلام يوصي قادة جيشه بعدم مقاتلة أحد. ويعلن العفو عن الجميع مستثنياً أفراداً قلائل من الرجال والنساء ،

١٩٤

سماهم بأسماهم ، وأمر بقتلهم ولو وجدوا تحت أستار الكعبة (١).

وقفت الزهراء (ع) فخورة مزهوة بنصر الله ، وكأن السماء ترعى ذلك الحشد الضخم من المسلمين المجاهدين ، وتحفظ تلك الجموع الملتفة حول القائد الرسول ...

« وطافت الملائكة تبارك انتصار حزب الله على حزب الشيطان قال تعالى : ( فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) » (٢).

وذكر الطبري في تاريخه وابن هشام في سيرته ، أن رسول الله (ص) قام قائماً حين وقف على باب الكعبة ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.

الا كل مأثرة (٣) او دم او مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ... إلى قوله (ص) :

يا معشر قريش ، إن الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم خلق من تراب. ثم تلا رسول الله (ص) : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم

__________________

(١) تحت استار الكعبة : مراده عليه الصلاة والسلام لعظيم الذنوب التي اقترفوها. منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح لأنه كان قد اسلم وارتد مشركاً. ومنهم عبد الله بن خطل من تميم ، لأنه قتل مسلماً وارتد مشركاً. وكانت له قينتان تغنيان بهجاء الرسول (ص).

والحويرث بن نقيذ كان ممن يؤذي الرسول (ص).

ومقيس بن صبابة لأنه قتل الانصاري الذي قتل اخاه خطأ ورجع الى قريش مرتداً. وعكرمة بن ابي جهل ... وغيرهم ... ومن النساء : هند بنت عتبة « أم معاوية » التي مثلت بشهداء أحد ولاكت كبد الحمزة ... وسارة مولاة عمر بن هاشم بن عبد المطلب وغيرهم.

(٢) سورة المائدة ـ آية ـ ٥٦.

(٣) المأثرة : هي الخصلة ـ او العادة التي تتوارثها الناس ويتحدثون بها.

١٩٥

مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ).

يا معشر قريش ويا أهل مكة ، ما ترون إني فاعل بكم ؟ قالوا خيراً ... اخ كريم ... وابن أخ كريم.

ثم قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ...

وكانت الزهراء واقفة وعيناها معلقتان بأبيها وقد رأته عليه وآله الصلاة والسلام وسط الجموع الزاخرة وطاف بالبيت الحرام سبعة اشواط ثم جلس برهة يستريح ، ريثما يطمئن الناس اثر موجة الفتح الدافقة.

وذكر ابن جرير الطبري في تاريخه : « ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله (ص) على الإسلام فجلس لهم على الصفا ».

ولما فرغ رسول الله (ص) من بيعة الرِّجال بايع النساء واجتمع إليه نساء من نساء قريش ، فيهن هند بنت عتبة بن أبي ربيعة وكانت متنقبة. متنكرة لحدثها وما كان من صنيعها ( بحمزة ) يوم أحد.

فهي تخاف أن يأخذها رسول الله (ص) بحدثها ذلك.

فلما دنون منه ، ليبايعنه ، قال رسول الله (ص) : تبايعنني على ألا تشركن بالله شيئاً ؟ فقالت هند :

والله إنك لتأخذ علينا امراً ما تأخذه على الرجال ! وسنؤتيكه. قال : ولا تسرقن ؟ قالت : والله إن كنت لأصيب من مال ابي سفيان الهنة والهنة ، وما أدري أكان ذلك حلاً لي أم لا ؟.

فقال رسول الله (ص) : وإنك لهند بنت عتبة !؟

فقالت : انا هند بنت عتبة ، فاعف عما سلف ... عفا الله عنك.

١٩٦

قال : ولا تزنين ـ قالت : يا رسول الله هل تزني الحرة ؟! قال : ولا تقتلن أولادكن ؟ قالت : ربيناهم صغاراً ، وقتلتهم يوم بدر كباراً.

قال الرسول : ولا تأتين ببهتان تفترينه بين ايديكن وأرجلكن. قالت والله إن إتيان البهتان لقبيح ... ولبعض التجاوز امثل.

قال : ولا تعصينني في معروف ؟ قالت : ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد أن نعصيك في معروف ... الخ.

أقبل المساء بعد نهار حار ، مشحون بالتعب ؛ فرجع الرسول البطل الظافر الى قبته ، حيث كانت تنتظره ابنته الزهراء عليها‌السلام بفارغ الصبر.

احلام ... وتصورات ... وذكريات :

لقد تمثلت روح امها الطاهرة تطل من عُلاها ؛ ترعى زوجها الحبيب النبي العظيم في هذا اليوم المشهود ... يوم النصر.

التفت الزهراء عليها‌السلام ، فرأت أبيها النبي بابتسامته المشرقة وعطفه وحنانه ، فهبت تتلقاه مرحبة مهنئة ، ثم تنفست الصعداء وأردفت تقول :

ألا ليت أمي ( خديجة ) التي بذلت جميع أموالها ، وضحت بالنفس والنفيس لتقوية الإسلام ، ودعم محمد ... وإرساء قواعد الرسالة المقدسة.

ليتها بقيت الى هذا اليوم المشهود لتقر عينها بمرأى تحطيم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ؛ وجميع الاصنام التي كانت داخل الكعبة المشرفة وعلى سطحها ، وقد تكسرت تحت أقدام المسلمين ، وتحطمت بيد علي أمير المؤمنين.

وليت أمي ( خديجة ) بقيت الى هذا اليوم : لتشهد معي الفرحة الكبرى ،

١٩٧

وترى اولئك الطغاة ، وقد تركتهم قبل سنوات قليلة يلاحقون النبي العظيم وأصحابه المسلمين المؤمنين ، ويكيلون لهم أنواع الأذى والاستهزاء.

ليتها تراهم اليوم كيف ضرب الله عليهم الذلة. يلوذون بالنبي عليه وآله الصلاة والسلام ، يتململون بين يديه بكل انكسار مخافة العقاب والقصاص.

ليتها بقيت الي هذا اليوم ، لتسمع صوت ( بلال ) تتجاوب اصداؤه في شعاب مكة، وهو يهتف من على سطح الكعبة المشرفة ... « أشهد أن لا إله إلا الله ... وأشهد أن محمداً رسول الله ... ».

ليت ( خديجة ) بقيت الى الآن ، حتى تسمع صوت بلال يؤذن لصلاة الصبح من فوق الحرم الأقدس فيخشع الكون لجلال الأذان وروعة الدعاء ... وهيبة المكان ... ويهب المؤمنون من مضاجعهم ، بكل نشاط ، ساعين الى المسجد الحرام بقلوب طافحة بالايمان ونفوس قوية بالعقيدة ، يسبحون للخالق الديَّان وألسنتهم تلهج بالتهليل والتكبير ، ليؤدوا للمرة الأولى فريضة الإسلام في البيت العتيق والكعبة المشرفة المطهرة من الأوثان ... تجلت عظمة الخالق الديان.

لكن مشيئة الباري تعالى قضت على ( خديجة ) أن ترحل عن الدنيا الزائلة وفي قلبها حسرة ... وفي نفسها لوعة ، ولكنها رضي الله عنها لشدة إيمانها على ثقة بأن النصر في النهاية حليف الإسلام والنبي محمد. وأن الناس سيدخلون في دين الله افواجاً.

وتحلو الأيام للزهراء عليها‌السلام ، لتقضي مع الرسول في ( مكة ) أياماً حافلة.

وتسعد لترى معاقل الشرك تنهار تحت اقدام ابيها الرسول وترى ايضاً فلول المشركين لا تجد بديلاً لها عن قبول الدعوة الإسلامية.

١٩٨

جاءت نساء الأنصار الى الزهراء يتساءلن ... هل سيقيم النبي بمسقط رأسه ( مكة ) وينسى المدينة وأهلها الأنصار ؟؟

إن ابتهاج الرسول (ص) بالفتح وإسلام قريش وحرصه على تآلفهم وغبطته بالرجوع الى ( مكة ) بعد الهجرة والاغتراب مما يثير بالأنصار نوازع القلق والحيرة.

خصوصاً بعدما رأى رجال الأنصار عفو النبي العظيم عن طواغيت قريش ومن والاها.

فقال قائلهم :

« لقد لقي والله رسول الله (ص) ... قومه !! »

عتب الانصار على الرسول (ص) :

أنشد الشاعر حسان بن ثابت الأنصاري « يعاتب الرسول (ص) إيثاره قريشاً وغيرها من قبائل العرب « بالعطاء والفيء » دون الأنصار قال حسان ذلك في قصيدة منها :

وأت الرسول وقل يا خير مؤتمن

لمؤمنين إذا ما عُدِّد البشر

علام تدعى « سليم » وهي نازحة

قدام قوم هموا آوو وهم نصروا

سماهم الله أنصاراً بنصرهم

دين الهدى وعوان الحرب تستعر

وسارعوا في سبيل الله واعترفوا

للنائبات وما ضاقوا وما ضجروا

١٩٩

والناس ألب علينا فيك ، ليس لنا

إلا السيوف وأطراف القنا وزر

فما ونينا ، وما خنا ، وما خبروا

منا عثاراً وكل الناس قد عثروا !

وبلغ سمع سيدة النساء ( فاطمة ) ما قاله حسان ... وما أشار إليه من الوجد الذي خامر نفوس الأنصار ... فقدرت أن لهذا العتاب الصريح تفاعلات ... له ما بعده ، وقفت واجمة حيري.

ولكنها عليها‌السلام كانت مطمئنة إلى أن أباها الرسول (ص) سوف يجد له مخرجاً ولا يدع الأنصار إلا أن يجعلهم في اطمئنان قريري العين.

ذكر الطبري في تاريخه عن أبي سعيد الخدري قال :

« لما أعطى رسول الله ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ، ولم يكن في الأنصار منها شيء ، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة (١) وحتى قال قائلهم :

« لقي والله رسول الله قومه ».

فدخل عليه سعد بن عبادة فقال : يا رسول الله ، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم ، لما صنعت في الفيء الذي أصبت.

قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاماً من قبائل العرب ، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء.

قال (ص) : فأين أنت من ذلك يا سعد ...؟

__________________

(١) القالة : الكلام المتداول ـ السيء.

٢٠٠