ـ وأيّام الخندق ذاتها ؛ أراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يفتّ في عضد الاحزاب ويفرّق شملهم ليخفّف علىٰ أهل المدينة ضنك الحصار ، بأن يصالح كبير غطفان عيينة بن حصن علىٰ سهم من ثمر المدينة لينسحب بمن معه من غطفان وهوازن ويخذل الأحزاب ، فدعا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك الأمر سيّدي الأوس والخزرج من الأنصار : سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، فاستشارهما في ذلك ، فقالا : يا رسول الله ، إن كنت اُمرتَ بشيء فافعله وامضِ له ، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلاّ السيف.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لم اُؤمر بشيء ، ولو اُمرت بشيء ما شاورتكما.. بل شيء أصنعه لكم ، والله ما أصنع ذلك إلاّ لأنّني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وكالبوكم من كلِّ جانب ، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلىٰ أمرٍ ما ». وسُرّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقولهما ، فقال لعيينة بن حصن ، ورفع صوته بها « ارجع ، فليس بيننا وبينكم إلاّ السيف » (١).
وفي هذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد اختبر صبر الانصار وثباتهم وصدق إيمانهم.
كما كشف هذا الحوار صراحةً أنّه لا محلّ للشورىٰ في ما كان عن أمر من الله ورسوله.
ـ وفي حدثٍ ثالث كان المستشار علي عليهالسلام وزيد بن حارثة ، ذلك حين كان حديث الإفك.
ـ وفي حدثٍ رابع استمع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ مشورة امرأة واحدة ، هي اُمّ
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٣ : ٢٣٤ ، الاستيعاب ٢ : ٣٧ ، تاريخ الطبري ٢ : ٥٧٣ عن الزهري.