الإمامة في أهمّ الكتب الكلاميّة وعقيدة الشيعة الإماميّة

السيّد علي الحسيني الميلاني

الإمامة في أهمّ الكتب الكلاميّة وعقيدة الشيعة الإماميّة

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات الشريف الرضي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧

معرفة أصول الدين عن طريق الاستدلال بالعقل والنقل ، ليكون أبناء الدين على علم بالأسس التي بنيت عليها عقائدهم ، إذ التقليد في الأصول غير جائز عند اكثر العلماء ـ إن لم يكن كلّهم ـ وأنّه لا بد على كلّ مكلّف من النظر فيها.

فهذا هو الهدف الأول من وضع هذا العلم وتدوينه والتأليف فيه ، فهو من العلوم الضرورية للأمة ، لأنه العلم المتكفّل لبيان ما على المكلّفين الالتزام به من الناحية الاعتقادية ، كما أن علم الفقه يتكفّل بيان ما يجوز وما لا يجوز لهم من الناحية العملية مع جواز التقليد فيه.

وكما أن علم الفقه هو السبب في بقاء الشريعة في أحكامها الفرعية ، كذلك علم الكلام في الحفاظ على الأصول الاعتقاديّة.

على أن من الطبيعي أنّه إذا استوعب الإنسان الأدلّة والبراهين ، تمكّن من الدّفاع عن معتقداته ، والاجابة عن الشبهات المتوجهة اليه ، بل ودعوة الآخرين إليها بقلمه ولسانه.

ومن هنا كثر اهتمام العلماء بهذا العلم ، وكثرت الكتب المؤلّفة فيه من مختلف المذاهب الاسلاميّة.

علم الكلام من أسباب هزائمنا؟

تبيّن أن موضوع علم الكلام هو أصول الدين ، من التوحيد وصفات الباري ، والنبوة وشئونها والنّبي وصفاته ، والمعاد ... وغير ذلك ... وأن الغرض منه معرفة هذه الأصول ودعوة الآخرين إليها بالحكمة والموعظة الحسنة ... فكيف يكون من أسباب هزائم المسلمين أمام أعداء الاسلام؟

إنّه طالما بنيت الأصول الإعتقادية على الحق ، وقصد بالبحث عنها الوصول الى الحقيقة والواقع ، والتزم الباحث ـ لا سيّما في مرحلة إقامة الحجة على الغير ـ بالعدل والانصاف ، والاخلاق الكريمة ، والقواعد المقرّرة للمناقشة والمناظرة ... كان علم الكلام من خير أسباب صمودنا أمام الأعداء. ووحدتنا فيما بيننا ...

٢١

أمّا إذا كان الغرض من علم الكلام هو التغلّب على الخصم ولو بالسبّ والشتم ، فلا شك في أن هذا الأسلوب فاشل ، وأنّه سيودّي الى تمزّق المسلمين وتفرّق صفوفهم ، وإلى الهزيمة أمام الأعداء ...

فالقول بأنّ « أسلوب علم الكلام فشل حتى الآن » وأنه « أحد أسباب هزائمنا » على اطلاقه ليس بصحيح ...

وعلى الجملة ، فإنّ علم الكلام لم يكن في يومٍ من الأيام من أسباب ضعف المسلمين ، وهزيمتهم ، بل كان ـ متى ما استخدم على حقيقته واتّبعت أساليبه الصحيحة ، وطبقّت قواعده الرّصينة ـ من أسباب وحدة كلمة المسلمين ورصّ صفوفهم وصمودهم أمام الخصوم ... ولا ننكر أن بعض المتكلّمين اتّخذوه وسيلةً لتوجيه عقائدهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة ، إلاّ أنّ هذا لا يختص بعلم الكلام ، فقد اتخذ غيره من العلوم الاسلامية وسيلةً للأهداف والأغراض المخالفة للحق والدين ... وهذا لا يسوّغ إتهام « العلم » بل على النّاس أن يفرّقوا بين المتكلّمين ، فيعرفوا المحق فيتبّعوه ، ويعرفوا المغرض فيحذروه ...

* * *

٢٢

(٣)

الإمامة

الامامة في علم الكلام :

وانصبّ اكثر اهتمام علماء الكلام من الفرق المختلفة بموضوع « الامامة » ، لأنّ « الإمامة » كما عرّفت في كتب الشيعة والسنة : « نيابة عن النبي في أمور الدين والدنيا » ولأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ـ في الحديث المتفق عليه ـ « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ». فتكون الشئون الدينية والدنيوية منوطة كلها بالامام ، وتكون معرفته ثم طاعته واجبةً في جميع المجالات.

أمّا الشيعة فالإمامة عندهم ـ للحديث المذكور وغيره من الأدلة النقلية والعقلية ـ من أصول الدين ، فيشملها موضوع علم الكلام ... وأما. السّنّة فإنّهم ـ وان اضطربوا وتذبذبوا ـ بحثوا عنها في هذا العلم بالتفصيل.

وعلى كلّ حالٍ فقد أصبح موضوع الامامة يشكل أحد الأبواب الواسعة في الكتب الكلاميّة ، ولا يزال يشغل بال جلّ علماء الكلام ، حتّى ألّفوا فيه كتباً مفردةّ لا تحصى ...

الإمام بعد النبي؟

واختلف المسلمون في هذه المسألة ، فقيل : الامام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو « علي بن أبي طالب » ... للنصوص الكثيرة الدالّة على ذلك ، المتفق عليها بين المسلمين ... وقد عرف القائلون بهذا القول بـ « الشيعة ».

٢٣

وقيل : الإمام بعد النبي هو « أبو بكر بن أبي قحافة » وقد عرف القائلون بهذا القول بـ « السنة » ... لكنّهم يعترفون بأن لا نص على إمامة أبي بكر ... فضلاً عن أن يكون متفّقاً عليه ... فإذا طولبوا بالدليل ـ بعد الاعتراف بما ذكر ـ قالوا : الدليل إجماع الصّحابة ... في حين يعترفون بأنّ إمامة أبي بكر إنما انعقدت ببيعة « عمر بن الخطّاب » و « أبي عبيدة ابن الجراح » وأن كثيرين من أعلام الصّحابة امتنعوا عن البيعة ، وعلى رأسهم «علي بن أبي طالب » و « الزهراء بضعة الرسول ».

موقف علي والزهراء من خلافة أبي بكر :

ولا ريب في أنهما كانا على رأس الذين أبوا عن البيعة مع أبي بكر ، ففي كتابي البخاري ومسلم :

« كان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلمّا توفيّت فاطمة انصرفت وجوه الناس عنه عند ذلك.

قال : معمر : قلت للزهري : كم مكثت فاطمة بعد النبي « ص »؟

قال : ستة أشهر.

فقال رجل للزهري : فلم يبايعه علي ـ رضي الله عنه ـ حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها؟

قال : ولا أحد من بني هاشم ».

قال البيهقي :

« رواه البخاري في الصحيح من وجهين عن معمر.

ورواه مسلم عن إسحاق بن راهويه وغيره عن عبدالرزاق » (١).

وعن عائشة :

« إن فاطمة ـ عليها‌السلام ـ ابنة رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم

__________________

(١) السنن الكبرى ٦/٣٠٠.

٢٤

ـ سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم : أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله ممّا أفاء الله عليه. فقال لها أبوبكر : إنّ رسول الله قال : لا نورّث ما تركناه صدقة.

فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر.

فلم تزل مهاجرته حتى توفّيت.

وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر » (١).

فقال التفتازاني :

« وأمّا توقّف علي ـ رضي الله عنه ـ في بيعة أبي بكر رضي الله عنه فيحمل على أنه لما أصابه من الكآبة من الحزن بفقد رسول الله ، صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لم يتفرّغ للنظر والاجتهاد ، فلمّا نظر وظهر له الحق دخل فيما دخل فيه الجماعة ».

ولا أظنّ التفتازاني نفسه يرتضي هذا الحمل ، ولكنه من « ضيق الخناق »!

إنّه يقول هذا بالنسبة إلى « علي ». أمّا بالنسبة إلى غيره فيقول :

إنّهم اشتغلوا بأمر الإمامة عن دفن الرّسول »!!

ولا يعرّض التفتازاني ـ ولا غيره ـ إلى الجواب عن إباء الزهراء الصدّيقة وامتناعها من البيعة لأبي بكر ، حتى أنّها توفّيت ولم تبايعه ، ولم يحملها بعلها على البيعة ، وهما يعلمان بأنّ « من مان ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة »!

والزهراء ـ كما يعلم الجميع ـ بضعة الرّسول وروحه التي بين جنبيه ، من أغضبها فقد أغضبه ، كما في الأحاديث المتفق عليها ، والتي لأجلها قال غير واحدٍ من أعلام السنّة بكونها أفضل من الشيخين (٢).

ومن هنا يظهر الجواب عمّا جاء في كلام العضد وشارحه والتفتازاني وغيرهم

__________________

(١) صحيح البخاري. كتاب الخمس ، وفي باب غزوة خيبر. أخرجه هو ومسلم في باب قوله « ص » : لا نورّث.

(٢) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٤/٤٢١.

٢٥

من : أنه عليه‌السلام لو كان هو المنصوص عليه بالإمامة لما ترك محاجّة القوم ومخاصمتهم ، وإظهار النص عليه والتمسّك به (١).

السّنة عيال على المعتزلة :

لكنّ أهل السّنة ـ إذا أمعنت النظر وأنصفت ـ لا أساس لما يقولون به في مسألة الامامة ، بل إنّ غاية ما يحاولونه توجيه ما فعله القوم ، وتبرير ما هو الواقع تاريخياً ، أمّا أنّ الحق ما هو؟ وما الذّي أراده الله ورسوله منهم؟

كما أنهم يحاولون الردّ على الأدلة العقلية والنصوص المتفق عليها ... لكنّهم في هذه المرحلة عيال على متكلّمي المعتزلة ، فإنّ مباحث الامامة في ( المواقف ) و ( المقاصد ) ـ وهما أهّم كتب القوم في الكلام ـ مأخوذة ـ في الأغلب ـ من الفخر الرازي ، وهو في أغلب بحوثه عيال على المعتزلة.

فالشبهات التي طرحوها حول « العصمة » مأخوذة من كتاب ( المغني ) للقاضي عبدالجبار بن أحمد المعتزلي المتوفى سنة ٤١٥ ، الذي ردّ عليه الشريف المرتضى المتوفى سنة ٤٣٦ بكتاب ( الشافي ) (٢).

وكذا إنكار ظهور المعجزة على يد الإمام وعلمه بالمغيّبات (٣).

وكذا حملهم نصوص إمامة أمير المؤمنين على زمن ما بعد عثمان (٤).

وكذا دعوى التفتازاني أنّ النصّ الجلي على أمير المؤمنين ممّا وضعه هشام بن الحكم ونصره فلان وفلان (٥).

وهكذا غيرها ... كما لا يخفى على المتتبّع.

__________________

(١) شرح المواقف ٨/٣٥٤ ، شرح المقاصد ٥/٣٦٠.

(٢) الشافي ١ : ١٣٧ ، ٣٠٠.

(٣) الشافي ٢/٢٦.

(٤) الشافي ٢/٣٠٥.

(٥) الشافي ٢/١١٩.

٢٦

ووجدنا في أهل السنة المعاصرين من يخالف أسلافه في إنكار النص ، إنما يصحّح خلافة من تقدّم على علي بدعوى تنازل الإمام عن الامامة ، وهو في هذا تبع للمعتزلة ... وسيأتي كلامه.

متى بايع عليّ؟

قد ثبت أنّه بايع بعد وفاة الزهراء ، وبعد انصراف وجوه الناس عنه ... كما في نصّ الحديث ... وكانت المدّة ستة أشهر ... وتفيد الأحاديث : أنّ الزهراء لو بقيت أضعاف هذه المدّة لما بايعت ولما بايع علي ... ولكنّها لحقت بأبيها ، وبقي على وحده ، فاضطّر إلى البيعة ، قال :

« فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن الموت وأغضيت على القذى ، وشربت على الشجا ، وصبرت على أخذ الكظم ، وعلى أمرّ من طعم العلقم » (١).

وقال : « اللّهم إني استعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنّهم قد قطعوا رحمي ، وأكفؤوا إنائي ، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري ، وقالوا : ألا إنّ في الحق أن تأخذه ، وفي الحق أن تمنعه ، فاصبر مغموماً ، أو مت متأسّفاً. فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد ، إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنيّة ، فأغضيت على القذى ، وجرعت ريقي على الشجا ، وصبرت من كاظم الغيظ على أمرّ من العلقم ، وآلم للقلب من وخز الشغار » (٢).

وقال في كتابٍ له إلى معاوية :

« وزعمت أني لكلّ الخلفاء حسدت ، وعلى كلّهم بغيت ، فإن يكن ذلك

__________________

(١) نهج البلاغة ط صبحي الصالح : ٦٨.

(٢) نهج البلاغة ط صبحي الصالح : ٣٣٦.

٢٧

كذلك فليست الجناية عليك فيكون العذر اليك : وتلك شكاة ظاهر عنك عارها.

وقلت : إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع.

ولعمر الله لقد أردت أن تذم فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت! وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكّاً في دينه ، ولا مرتاباً بيقينه! وهذه حجتّي إلى غيرك قصدها ، ولكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها » (١).

هذا كلّه ، مضافاً إلى الخطبة الشقشقية المشهورة ، وغيرها من كلماته المعروفة في خطبة وكتبه.

علي في الشورى وقوله : لأَسلمنّ ... :

وفي الشّورى ... طالب عليه‌السلام بحقّه ، وصرّح بحرصه عليه منذ اليوم الأول ، ففي خطبةٍ له :

« وقد قال قائل : إنّك على هذا الأمر ـ يا ابن أبي طالب ـ لحريص!

فقلت : بل أنتم ـ والله ـ لأحرص وأبعد ، وأنا أخصّ وأقرب ، وإنّما طلبت حقّاً لي ، وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه.

فلمّا قرعته بالحجّة في الملأ الحاضرين هبّ كأنّه بهت لا يدري ما يجيبني به.

أللهم إني استعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنّهم قطعوا رحمي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرأ هو لي ، ثم قالوا : ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه ، وفي الحق أن تتركه » (٢).

« ومن خطبةٍ له عليه‌السلام : لّما عزموا على بيعة عثمان : لقد علمتم أني

__________________

(١) نهج البلاغة ط صبحي الصالح : ٣٨٧.

(٢) نهج البلاغة ط صبحي الصالح : ٢٤٦.

٢٨

أحق بها من غيري ، ووالله لأسلّمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة ، إلتماساً لأَجر ذلك وفضله ، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه » (١).

فهو عليه‌السلام في هذا الكلام أيضاً يصرّح بأنه أحقّ بالامامة من غيره مطلقاً ، ويقول للقوم بأنّكم عالمون بذلك ، ولم يقل قوله : « والله لأَسلمنّ ... » إلاّ بعد أن ناشد القوم بحقّه ، وبعد أن هدّدوه بالقتل إن لم يبايع :

يقول ابن أبي الحديد : « ونحن نذكر ـ في هذا الموضع ـ ما استفاض من الروايات من مناشدته أصحاب الشورى ، وتعديده فضائله وخصائصه ، التي بان بها منهم ومن غيرهم. وقد روى الناس ذلك فأكثروا ، والذي صحّ عندنا أنه لم يكن الأمر كما روي من تلك التعديدات الطويلة ، ولكنه قال لهم ، بعد أن بايع عبدالرحمن والحاضرون عثمان ، وتلكّأ هو عليه‌السلام عن البيعة :

إنّ لنا حقّاً إن نعطه نأخذه ، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السرى ـ في كلام ذكره أهل السيرة ، وقد أوردنا بعضه فيما تقدم ـ ثم قال لهم :

أنشدكم الله ، أفيكم أحد آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين نفسه حيث آخى بين المسلمين وبعضٍ ، غيري؟

فقالوا : لا.

فقال : أفيكم أحد قال له رسول الله : من كنت مولاه فهذا مولاه ، غيري؟

فقالوا : لا.

فقال : أفيكم أحد قال له رسول الله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي ، غيري؟

قالوا : لا.

__________________

(١) نهج البلاغة صبحي الصالح : ١٠٢.

٢٩

قال : أفيكم من أوتمن على سورة براءة وقال له رسول الله : إنّه لا يؤدي عني إلاّ أنا أو رجل مني ، غيري؟

قالوا : لا.

قال : أتعلمون أنّ أصحاب رسول الله فرّوا عنه في مأقط الحرب في غير موطن ، وما فررت قط؟

قالوا : بلى.

قال : أتعلمون أني أول الناس إسلاماً؟

قالوا : بلى.

قال : فأيّنا أقرب إلى رسول الله نسباً؟

قالوا : أنت.

فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف كلامه وقال : يا علي : قد أبى الناس إلاّ على عثمان ، فلا تجعلن على نفسك سبيلاً.

ثم قال : يا أبا طلحة ، ما الذي أمرك به عمر؟

قال : أن أقتل من شق عصا الجماعة.

فقال عبد الرحمن لعلي : بايع إذن ، وإلاّ كنت متّبعاً غير سبيل المؤمنين ، وأنفذنا فيك ما أمرنا به.

فقال : لقد علمتم أني أحق بها من غيري ، ووالله لأَسلمنّ ...

ثم مدّ يده فبايع » (١).

فهذا واقع الحال في الشوري وقبلها ...

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٦/١٦٧.

٣٠

رأي عليّ في خلافة من تقدّمه :

وبما ذكرنا يظهر رأي الامام عليه‌السلام في خلافة من تقدّمه وموقفه منهم ... وأنه ما كان بإمكانه من أن يتخّذ موقفاً تجاههم ... فقول بعض أهل السنة المعاصرين (١):

« لو أنّ علياً ـ كرّم الله وجهه ـ اتخذ يوم السقيفة موقفاً مستقلاً ، اتخذ يوم استخلاف أبي بكر لعمر موقفاً مستقلاً ، أو يوم الشورى التي بويع على أعقابها لعثمان موقفاً مستقلاً ، إذن لتركنا كلّ نهج ، واتّبعنا نهج علي. آية هذا الاعتقاد : إن علياً لمّا اتخذ موقفاً صريحاً أمام أيام الفتنة من معاوية اتّجه جمهور المسلمين إلى ما اتّجه إليه علي ».

تجاهل عن الواقع ... وقد سبقه إلى هذا القول جماعة من أعلام المعتزلة ...

يقول ابن أبي الحديد : « وقد صرّح شيخنا أبو القاسم البلخي بهذا ، وصرّح به تلامذته وقالوا : لو نازع عقيب وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلّ سيفه لحكمنا بهلاك كلّ من خالفه وتقدّم عليه ، كما حكمنا بهلاك من نازعه حين أظهر نفسه ، ولكنه مالك الأمر وصاحب الخلافة ، إذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها ، وإذا أمسك عنها وجب علينا القول بعدالة من أغضى له عليها » قال ابن أبي الحديد : « وهذا المذهب هو أعدل المذاهب عندي وبه أقول » (٢).

وهذا عجيب للغاية!

يقولون : « لو نازع ... »

__________________

(١) هو الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الشامي.

(٢) شرح نهج البلاغة ٢/٢٩٦.

٣١

وتقول الأحاديث الصحيحة : كان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلمّا توفّيت انصرفت وجوه الناس عنه ، وعند ذاك بايع أبا بكر!

ويقول هو : « وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر ... » ويقول : « فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن الموت ... ».

ويقولون : أمسك!

يقول : صبرت ...

ويقولون : ضحّى ، تنازل ، أغضى ...!

موقف عليّ من معاوية :

وأمّا موقف الامام عليه‌السلام من معاوية فقد اختلف تماماً ، لأن ظروفه أختلفت ، فما كان يشكو منه سابقاً ـ وهو عدم المعين إلاّ أهل بيته ـ منتفٍ الآن ... لقد وجد الآن من يعينه على أمره ، لقد بايعه المسلمون وعلى رأسهم المهاجرون والأنصار ، وأعلنوا الوقوف معه ضد كلّ من يبغي عليه ، وهم يعرفون معاوية واسلافه وفئته الباغية ... لكنّ الامام عليه‌السلام لم ينابذه الحرب الاّ بعد أن أرسل إليه الرّسل والكتب ، وأتّم عليه الحجج ... وقد كان ممّا قال له :

« إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر عمر وعثمان على ما بايعوهم عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يرد ، وإنّما الشورى للمهاجرين والإنصار ، فإن اجتمعوا على رجلٍ وسمّوه إماماً كان ذلك الله رضىً ، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردّوه إلى ما خرج منه ، فإن أبى قاتلوه على أتباعه غير سبيل المؤمنين ، وولاّه الله ما تولّى » (١).

وقد جاء هذا المعنى في خطبةٍ له عليه‌السلام :

« أيها الناس ، إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم بأمر الله

__________________

(١) نهج البلاغة ط صبحي الصالح : ٣٦٦.

٣٢

فيه ، فإن شغب شاغب استعتب ، فإن أبي قوتل ، ولعمرى ، لئن كانت الامامة لا تنعقد حتى يحضرها عامّة الناس ، فما الى ذلك سبيل ، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ، ثم ليس للشاهد أن يرجع ، ولا الغائب أن يختار. ألا وإني أقاتل رجلين ، رجلاً ادعى ما ليس له ، وآخر منع الذي عليه » (١).

إذن ، يعتبر في الامام النص والأفضلية ، كالنصوص والفضائل التي ناشد به أصحاب الشورى ، والمقصود هم والذين سبقوهم ، وكالأعلّمية التي ذكرها في الخطبة المذكورة هذه ... فإن بايع المهاجرون والأنصار كان « أقواهم عليه » ... وكان على الآخرين المتابعة والطّاعة.

وقد توهّم بعض المتكلّمين من أهل السنة ، كالشيخ عبدالعزيز الدهلوي صاحب ( التحفة الاثنا عشريّة ) فتمسّك بما جاء في كتاب الامام عليه‌السلام الى معاوية وجعله معارضاً لحديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ... غافلاً عن أنّ احتجاج الامام عليه‌السلام بما ذكره إنّما هو لإلزام معاوية ، لكونه يرى صحّة امامة أبي بكر وعمر وعثمان لبيعة المهاجرين والأنصار فيقول له الإمام عليه‌السلام : لو كانت الإمامة تنعقد ببيعة المهاجرين والأنصار فقد بايعوني كلّهم ... ولو أنّهم جميعهم اجتمعوا على أمرٍ كان لله فيه رضىً ، لأنّه حينئذٍ يكون فيهم المعصوم الذي فعله حجة ... لكنّ الواقع عدم تحقّق هكذا اجماعٍ على واحد من الثلاثة ... فما ذكره الامام لمعاوية ليس إلاً للالزام.

أثر علم الكلام في التشيّع :

وكما ذكرنا من قبل ... فإنّ الاستدلال إن كان منطقياً والبحث سليماً ، وكانت الأدلة على أسس رصينةٍ وقواعد متينة ... فلا شك في تأثيره في القلوب الطالبة للحق ، المحبّة للخير والفلاح ...

__________________

(١) نهج البلاغة ط صبحي الصالح : ٢٤٧.

٣٣

وبالفعل ... فقد كان لعلم الكلام وأساليبه الصحيحة المستندة الى الكتاب والسنة والعقل السليم الاثر البالغ في تقدم مذهب الامامية وتشيّع الأمم ...

ويكفينا ـ في هذا المجال ـ ذكر سبب تشيع أهالي جبل عامل (١) عن أحد كبار علماء تلك المنطقة :

« روي أنّه لمّا مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يكن من شيعة علي عليه‌السلام إلاّ أربعة مخلصون : سلمان ، والمقداد ، وأبو ذر ، وعمّار. ثم يتبّعهم جماعة قليلون اثنا عشر ، وكانوا يزيدون ويكثرون بالتدريج ، حتى بلغوا ألفاً وأكثر ، ثم في زمن عثمان لمّا أخرج أبا ذر إلى الشام بقي أيّاماً ، فتشّيع جماعة كثيرة ، ثم أخرجه معاوية إلى القرى ، فوقع في جبل عامل ، فتشيّعوا من ذلك اليوم ... فظهر أنه لم يسبق أهل جبل عامل في التشيّع إلاّ جماعة محصورون من أهل المدينة ، وقد كان أيضاً في مكة والطائف واليمن والعراق والعجم شيعة قليلون. وكان أكثر الشيعة في ذلك الوقت أهل جبل عامل (٢).

ومن هنا قال السيد الصّدر العاملي ـ في فصل علم الكلام ـ : « وأمّا أوّل من ناظر في التشيّع .. هو المولى الأعظم والإمام الأقدم ، صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبوذر الغفاري ، رضي الله تعالى عنه » ثم ذكر الكلام السّابق وغيره وتشيع أهالي جبل عامل على يده (٣).

__________________

(١) إنما اخترنا هذا المورد للاستشهاد تنبيهاً على كلمةٍ لأحد علماء هذه المنطقة يقول فيما وهو يتهجّم على علم الكلام : « لم يتشيّع سنيّ إلاّ على مستوى الأفراد والقناعات ».

(٢) أمل الآمل في علماء جبل عامل ١/١٣.

(٣) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام : ٣٥١.

٣٤

(٤)

هذا الكتاب

وكتابنا هذا يضّم بين دفّتيه مباحث «الامامة » في « أهم الكتب الكلاميّة » ... إنه يشتمل :

على مباحث الامامة في كتاب ( شرح المواقف ) للسيد الجرجاني ، و ( المواقف ) للقاضي عضد الدين الايجي ... مع تعليقتنا : ( الطرائف على شرح المواقف ).

وعلى مباحث الامامة في كتاب ( شرح المقاصد ) للسّعد التفتازاني ، مع تعليقتنا عليه : ( المراصد على شرح المقاصد ).

وقد تعرضنا في خلال ( الطرائف ) و ( المراصد ) لبعض الكتب الكلامية الأخرى ، من قبيل ( الصواعق المحرقة ) لابن حجر المكي ، و ( إبطال الباطل ) لابن روزبهان الخنجي ، و ( التحفة الاثنا عشرية ) لعبد العزيز الدهلوي.

إنّه بحث مقارن حول ( الامامة ) من جميع جوانبها ... وسيرى القارئ الكريم أنّا في جميع بحوثنا وتعاليقنا على الكلمات ، لم ننقل إلاّ عن كتب السنّة ، إذ لا تردّ كلماتهم إلاّ بكتبهم وروياتهم ، لأنّ كتب الشيعة ليست بحجةٍ إلاّ على الشيعة أنفسهم ، أما إذا إجبنا عن كلام للسنّة من كتبهم فقد جاء الجواب متفّقاً عليه بين الطّرفين ، ولا مناص من الأخذ به والتسليم له ...

ويشتمل أيضاً :

على رسائل تحقيقّية كتبتها حول أحاديث استندوا إليها في هذه الكتب ، فجاءت بحوثاً علميّة تعالج قضايا من تاريخ الاسلام وتبيّن الواقع والحقيقة في أشياء منسوبة في كتب القوم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣٥

وقد جاء وصفنا للكتابين ( شرح المواقف ) و ( شرح المقاصد ) بـ « أهم الكتب الكلاميّة » وبالنظر إلى كلمات العلماء من السنة في وصف ( المواقف ) و ( شرحه ) و ( شرح المقاصد ) وفي الثناء على مؤلّفي هذه الكتب ، وأيضاً بالنّظر إلى الشروح والحواشي الموضوعة عليها ...

كتاب المواقف

أمّا ( كتاب المواقف في علم الكلام ) فقد قال الإيجي في مقدّمته :

« وإني قد طالعت ما وقع إليّ من الكتب المصنفة في هذا الفن ، فلم أر فيها ما فيه شفاء لعليل أو رواء لغليل ، سيّما والهمم قاصرة ، والرغبات فاترة ، والدواعي قليلة والصوارف متكاثرة ... إلى أنْ كتب هذا كتاباً مقتصداً لا مطوّلاً ممّلاً ولا مختصراً مخلاً أودعته لبّ الألباب وميزّت فيه القشر من اللباب ، ولم آل جهداً في تحرير المطالب وتقرير المذاهب وتركت الحجج تتبختر اتضاحاً والشبه تتضاءل افتضاحاً ، ونبّهت في النقد والتزييف والهدم والترصيف على نكتٍ هي ينابيع التحقيق ، وفقر تهدي إلى مظانّ التدقيق ».

وقال الشريف في وصفه : « وممّا صنف فيه من الكتب المنقّحة المعتبرة ، وألّف فيه من الزبر المهذبة المحررة ، كتاب المواقف الذي احتوى من أصوله وقواعده على أهمّها وأولاها ، ومن شعبه وفوائده على ألطفها وأسناها ، ومن دلائله العقلية على أعمدها وأجلاها ، ومن شواهده النقليّة على أفيدها وأجداها ، كيف لا ، وقد انطوا على خلاصة أبكار الأفكار ، وزبدة نهاية العقول والأنظار ، ومحصّل ما لخّصه لسان التحقيق ، وملخّص ما حرّره بنان التدقيق ، في ضمن عباراتٍ رائقة معجزة ، واشارات شائقة موجزة ، فصار بذلك في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار ، واستمال بصائر أولي الأبصار ، من أذكياء الأمصار والأقطار ... ».

وقال الشوكاني بترجمة الايجي : « له المواقف في علم الكلام ومقدّماته ، وهو كتاب يقصر عنه الوصف ، لا يستغني عنه من رام تحقيق الفن ».

٣٦

ترجمة القاضي الإيجي :

وقد ترجم للقاضي الايجي علماء عصره والمتأخّرون عنه ووصفوه بقاضي قضاة الشرق وشيخ العلماء وشيخ الشافعية في بلاده. قالوا : « كان إماماً في المعقولات محققاً مدّققاً قائماً بالأصول والمعاني والعربيّة ، ومشاركاً في الفقه وغيره من الفنون » ونصوّا على أنه « أنجب تلاميذ اشتهروا في الآفاق » وذكروا فيهم التفتازاني.

الدرر الكامنة ٢/٣٢٣ ، البدر الطالع ١/٣٢٦ ، شذرات الذهب ٦/١٧٤ طبقات الشافعية للأسنوي ٢/١٧٩ ، بغية الوعاة : ٢٩٦. وغيرها.

ترجمة الشريف :

وكذا ترجموا للسيّد الجرجاني المتوفى في أواخر القرن السابع أو أوائل القرن الثامن ، ووصفوه بـ « عالم بلاد الشرق ، كان علاّمة دهره » « صار إماماً في جميع العلوم العقلية وغيرها ، ومتفرّداً بها مصنّفاً في جميع أنواعها ، متبّحراً في دقيقها وجليلها ، وطار صيته في الآفاق ، وانتفع الناس بمصنفاته في جميع البلاد ، وهي مشهورة في كلّ فن ، يحتج بها أكابر العلماء وينقلون منها ، ويوردون ويصدرون عنها » ثم ذكروا من مصنفاته المشهورة : ( شرح المواقف ). وأضاف الشوكاني : « تصدى للإقراء والإفتاء ، وأخذ عنه الأكابر وبالغوا في تعظيمه ، لا سيّما علماء العجم والروم ، فإنهم جعلوه هو والسعد التفتازاني حجةً في علومهما ».

الضوء اللامع ٥/٣٢٨ ، البدر الطالع ١/٤٨٨ ، الفوائد البهية : ١٢٥ ، بغية الوعاة : ٣٥١ مفتاح السعادة ١/١٦٧.

٣٧

الشّروح والحواشي على المواقف وشرحها :

وفي كشف الظنون : « المواقف في علم الكلام. وهو كتاب جليل القدر ، رفيع الشأن ، اعتنى به الفضلاء ، فشرحه السيد الشريف ، وشرحه شمس الدين محمد بن يوسف الكرماني ...

وكتب على شرح الشريف جماعة ، تعرّض كل منهم لحلّ مغلقاته ... »

ثم ذكر الشروح والحواشي على المتن والشرح ، وهي كثيرة جداً ... (١).

كتاب شرح المقاصد :

وأما ( شرح المقاصد ) فيقول التفتازاني عنه : « أخذت في تصنيف مختصر موسوم بالمقاصد ، منظوم فيها غرر الفوائد ودرر الفرائد ، وشرح له يتضّمن بسط موجزه وحل ملغزه ، وتفصيل مجمله وتبيين معضله ، مع تحقيق للمقاصد وفق ما يرتاد ، وتدقيق للمعاقد فوق ما يعتاد ».

وقال كاشف الظنون : « المقاصد في علم الكلام ... وله عليه شرح جامع .. » ثم ذكر عدّة من الحواشي المكتوبة عليه (٢).

ترجمة التفتازاني :

وهكذا تجد كلماتهم بترجمة التفتازاني المتوفى سنة ٧٩١ تقريباً ، فقد وصفه الحافظ ابن حجر بـ « الامام العلامة ، عالم بالنحو والتصريف والمعاني والبيان والأَصلين والمنطق وغيرها. أخذ عن القطب والعضد ، وتقدم في الفنون ، واشتهر

__________________

(١) كشف الظنون ٢/١٨٩١

(٢) كشف الظنون ٢/١٧٨٠.

٣٨

ذكره وطار صيته ، وانتفع الناس بتصانيفه ، وكان في لسانه لكنة ، وانتهت إليه معرفة العلم بالمشرق » وكذا قال السيوطي وابن العماد والشوكاني وأضاف : « وبالجملة فصاحب الترجمة متفرد بعلومه في القرن الثامن ، لم يكن له في أهله نظير فيها ، وله من الحظ والشهرة والصيّت في أهل عصره فمن بعدهم ما لا يلحق به غيره ، ومصنفاته قد طارت في حياته إلى جميع البلدان ، وتنافس الناس في تحصيلها ... ».

الدرر الكامنة ٤/٣٥٠ ، بغية الوعاة : ٣٩١ ، شذرات الذهب ٦/٣١٩ ، البدر الطالع ٢/٣٠٣ ، مفتاح السعادة ١/١٦٥.

كلمة الختام :

هذا ، وأرجو الله سبحانه أن ينفع بهذا الكتاب كلّ باحثٍ حرٍّ ، يريد الوقوف على موارد الخلاف بين الشيعة والسنة في مباحث الامامة ، وينظر اليها بعين الانصاف خالياً عن التعصّب والاعتساف ، فيتّبع أحسنه وأقربه إلى الكتاب والسّنة والعقل ، فيفوز بنظام المعاش ونجاة المعاد ...

والله هو الهادي ، وهو الموفق لما فيه الخير والرشاد.

* * *

٣٩

٤٠