القواعد الفقهيّة - المقدمة

مهدي المهريزي

القواعد الفقهيّة - المقدمة

المؤلف:

مهدي المهريزي


الموضوع : الفقه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٤

١
٢

٣
٤

فهرس الإجمالي

مقدّمة التحقيق.......................................................... ٩ ـ ٢٣

١ ـ قاعدة من ملك............................................................ ٣

٢ ـ قاعدة الإمكان.......................................................... ١٧‌

٣ ـ قاعدة الإسلام يجبّ ما قبله............................................... ٤٥

٤ ـ قاعدة القرعة............................................................ ٥٧‌

٥ ـ قاعدة : لا تعاد الصلاة إلّا من خمس....................................... ٧٧‌

٦ ـ قاعدة : اليد.......................................................... ١٢٩

٧ ـ قاعدة : نفي السبيل للكافرين على المسلمين............................. ١٨٥

٨ ـ قاعدة لا ضرر ولا ضرار............................................... ٢٠٩‌

٩ ـ قاعدة نفى العسر والحرج.............................................. ٢٤٧

١٠ ـ قاعدة المغرور يرجع إلى من غره....................................... ٢٦٧

١١ ـ قاعدة : أصالة الصحّة................................................ ٢٨٥

١٢ ـ قاعدتي الفراغ والتجاوز.............................................. ٣١٣

١٣ ـ قاعدة : الإعانة على الإثم والعدوان................................... ٣٥٧‌

٥
٦

مقدمة التحقيق‌

مراحل تطوّر القواعد الفقهية

الحياة العلمية للمؤلّف

منهجنا في التحقيق‌

٧
٨

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌

مقدّمة التحقيق‌

مراحل تطوّر القواعد الفقهية في الفقه الإمامي‌

يعتبر علم الفقه من أوسع العلوم الإسلامية وأشهرها ، وهذا العلم الوسيع كان قد نشأ وترعرع في إحضان الكتاب والسنّة ، وقد تمخّض علم الفقه عن ولادة علوم أُخر ، مثل علم الرجال ، علم أصول الفقه والقواعد الفقهية.

وعلى الرغم من نشوء القواعد الفقهية في إحضان علم الفقه ، لكنّها كان لها الدور الكبير في نموّ وازدهار هذا العلم ، ولها سابقة طويلة في تطوّر الفقه الإسلامي الشيعي والعامّي.

فقد كان كتاب القواعد الفقهية عند الحنفيّين من أهل السنة أوّل كتاب جُمعت فيه بعض القواعد الفقهية ، فقد جمع مؤلّفه أبو طاهر الدبّاس ـ من أئمة الحنفيّة في بلاد ما وراء النهر ـ سبعة عشر قاعدة فقهية على مذهب أبي حنيفة ، فكان القرن الرابع بداية تدوين القواعد الفقهية لدى العامّة.

وأمّا في الوسط الشيعي فيعتبر كتاب الشهيد الأوّل ( م ٧٧٨ ) القواعد والفوائد أقدم كتاب دوّن فيه مصنّفه القواعد الفقهية وفقا لمذهب أهل البيت عليهم‌السلام.

ويمكننا إرجاع سبب سبق العامّة في تدوين القواعد إلى عاملين :

٩

الأوّل : ويرجع إلى ماهيّة فقه العامّة حيث قطعت الرابطة مع نصّ المعصوم بعد ارتحال النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وطبيعي أنّ انفصال الفقه عن نصّ المعصوم يجعل الفقه يتبلور ضمن ضوابط معيّنة ، كما شهدنا هذا لدى الفقه الإمامي في عصر الغيبة الكبرى.

والثاني : استخدامهم لأدوات خاصّة بهم في عملية الاستنباط الفقهي كالقياس والاستحسان وغيرهما.

أمّا المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أنّ الأئمة عليهم‌السلام وضعوا أصولاً كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها « علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع » (١).

ويعتبر هذا الأمر واضحا في الآثار الفقهية الإمامية. وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلّة في القرن الثامن الهجري ، عند ما صنّف الشهيد الأوّل قدس‌سره كتاب القواعد والفوائد.

وقد سبق الشهيد الأوّل في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلّي ( ٦٠١ ـ ٦٩٨ ) في تصنيف الأشباه والنظائر ، وسمّى كتابه نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر. هذا إذا قلنا بدخول الأشباه والنظائر في حقل القواعد الفقهية.

قال الشهيد الأوّل في إجازته لابن الخازن :

فممّا صنعته كتاب القواعد والفوائد مختصر يشتمل على ضوابط كلّية : أصولية وفرعية ، تستنبط منها الأحكام الشرعية ، لم يعمل الأصحاب مثله. (٢)

ونظرا لامتياز كتاب الشهيد هذا بالتبويب المنظّم والبيان الجيد ، فقد صار محلّ اهتمام المحافل العلمية ، فتناولوه بالشرح والبيان ، حتّى وصل عدد الشروح والحواشي اثنى عشر كتابا.

__________________

(١) « مستطرفات السرائر » ج ٣ ، ص ٥٧٥ « وسائل الشيعة » ج ٢٧ ، ص ٦٢.

(٢) « بحار الأنوار » ج ٤ ، ص ١٨٧ ؛ « روضات الجنّات » ج ٧ ، ص ٨.

١٠

وقد قام عدّة من الفقهاء بتنقيح هذا الكتاب وتهذيبه ، منهم :

١ ـ أبو عبد الله الفاضل المقداد السيوري ( م ٨٢٦ ) ويُعدُّ من أبرز تلامذة الشهيد ، فقد عمل ـ للوهلة الأولى ـ على تهذيب القواعد وحذف الزيادات منه ، وأسماه جامع الفوائد في تلخيص القواعد ثمَّ رتّبه على نسق الفروع الفقهية ، وأسماه نضد القواعد الفقهية على مذهب أهل البيت.

٢ ـ تقى الدين إبراهيم بن علي الحارثي الكفعمي (١) ( م ٩٠٠ ) له كتاب مختصر قواعد الشهيد.

٣ ـ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي ( م ٩٦٥ ) له كتاب تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع فوائد الأحكام الشرعية.

على أنّ تصنيف القواعد الفقهية وجمعها استمرّ بعد الشهيد من قبل جمع من الفقهاء ، ومن المصنّفات في هذا المجال :

١ ـ الأقطاب الفقهية على مذهب الإمامية ، تأليف محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي المعروف بـ « ابن أبي جمهور » المتوفّى في حدود ٩٠١ ه‍. وقد طبع هذا الكتاب من قبل مكتبة آية الله المرعشي في قم.

٢ ـ القواعد الستّة عشر ، تأليف الشيخ جعفر كاشف الغطاء ( م ١٢٢٧ ) ، وقد طبع مع كتاب « الحقّ المبين » لنفس المؤلّف سنة ١٣٠٦ في قم.

٣ ـ الأصول الأصلية والقواعد الشرعية ، تأليف السيد عبد الله شبّر ، والكتاب مطبوع.

٤ ـ عوائد الأيام من مهمّات أدلّة الأحكام ، تأليف المولى أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي الكاشاني ( م ١٢٤٥ ) وقد اشتمل هذا الكتاب على ٨٨ عائدة ، وكلّ عائدة تُعدّ قاعدة فقهية تركّز عليها البحث والاستدلال ، وقد تمَّ قريبا تحقيق هذا‌

__________________

(١) « القواعد والفوائد » ج ١ ، ص ١٢ ـ ١٣ ؛ « قواعد فقه » بخش مدني ج ٢ ، ص ١٦ ـ ١٧.

١١

الكتاب وإصداره من قبل مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية التابع لمكتب الإعلام الإسلامي.

٥ ـ المقاليد الجعفرية في القواعد الاثني عشرية ، تأليف محمد جعفر الأسترآبادي المعروف بـ « شريعتمدار » المتوفّى سنة ١٢٦٣. وتوجد لهذا الكتب أربع نسخ خطية في مكتبة آية الله مرعشى ، وأرقامها (٣٨٥٧) (٣٨٥٨) (٣٨٨٢) (٣٨٨٣).

٦ ـ عناوين الأصول ، تأليف سيد عبد الفتاح بن علي الحسيني المراغي ( م ١٢٧٤ ) كتبه مؤلّفه بعد سنة واحدة من كتابة « عوائد الأيام » ويشتمل على ٩٣ قاعدة فقهية.

٧ ـ خزائن الأحكام ، تأليف آغا بن عابد الشيرواني الدربندي ( م ١٢٨٥ ).

٨ ـ مناط الأحكام ، تأليف ملاّ نظر على الطالقاني ( م ١٣٠٦ ).

٩ ـ بُلغة الفقيه ، تأليف السيد محمد بحر العلوم الطباطبائي ( م ١٣٢٦ ) وقد طُبع على الحجر مرّتين ، وفي الثالثة بالطباعة الحديثة ونُشر في النجف الأشرف في أربع مجلّدات.

١٠ ـ مستقصى قواعد المدارك ومنتهى ضوابط الفوائد ، تأليف ملاّ حبيب الكاشاني ( م ١٣٤٠ ) اشتمل على خمسمائة قاعدة فقهية مع شرح مختصر لكلّ منها.

١١ ـ القواعد الفقهية ، تأليف مهدي بن حسين بن عزيز الخالصي الكاظمي ( م ١٣٤٣ ) طبع هذا الكتاب في مجلّدين.

١٢ ـ تحرير المجلة ، تأليف الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ( ١٢٩٤ ـ ١٣٧٣ ).

١٣ ـ القواعد المحسنيّة ، تأليف سيد حسن القمّي الحائري ، وهو تقريرات لدرس الميرزا الشيرازي في إطار بعض القواعد الفقهية.

١٤ ـ القواعد الفقهية ، وهو هذا الكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم ، تأليف‌

١٢

السيد محمد حسن الموسوي البجنوردي ( ١٣١٦ ـ ١٣٩٦ ) وقد بلغ فيه تدوين القواعد الفقهية أوج كمالها بالنسبة إلى الفقه الإمامي ، وعلى رغم كثرة ما كُتب حول القواعد الفقهية بعد السيد البجنوردي ، إلاّ أنّه لم يصل إلى مستوى ما كتبه السيد ، وذلك لشمولية مباحثه واستيعابه لمعظم القواعد سندا ودلالة ومقارنة.

وقد شرح المصنّف قدس‌سره مفصّلا ٦٤ قاعدة فقهية ، وناقش كلّ قاعدة من جوانب شتّى :

١ ـ البحث عن الأساس التشريعي للقاعدة كتابا وسنّة وإجماعا وسيرة ، وعالجها بأسلوب فقهي استدلالي عميق.

٢ ـ بيان مفاد كلّ قاعدة.

٣ ـ الموارد التطبيقية لكلّ قاعدة.

وقد يستطرد ويتوسّع في بحثه ليضيف إلى الأمور الثلاث المتقدّمة جوانب أخرى من قبيل : هل أنّ هذه القاعدة أصولية أم فقهية ، كما تعرّض لذلك في قاعدة « من ملك شيئا ملك الإقرار به » وأحيانا يبحث في دليليّة القاعدة من جهة هل هي أصل عملي أو أمارة؟ وتارة يذكر النسبة بينها وبين القواعد الأخرى ، كما تعرّض لذلك في قاعدة « من ملك شيئا ملك الإقرار به » ونسبتها إلى قاعدة « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » أو « نافذ » إلى غير هذه المباحث.

وقد أشار المصنّف في مقدّمته الموجزة على هذا الكتاب لذلك وقال :

وبعد ، فإنّي من سالف لمّا رأيت أنّ القواعد الفقهية المتفرّقة في أبواب العبادات والمعاملات والأحكام لم تُجمع في كتاب مشروحا شرحا يذلّل صعابها ، ويكشف الغطاء واللثام عن معضلاتها ، فأحببتُ أن أجمعها وأشرحها ؛ لإيضاح تلك القواعد ، دلالة وسندا وموردا ، وأبيّن النسبة بينها ، وأعيّن الحاكم والمحكوم والوارد والمورود منها.

١٣

والحقّ يمكن القول : إنّه إذا كان تدوين القواعد الفقهية قد مرّ بمرحلتين :

أوّليّة وتكميلية ، وإنّ القرنين : الثامن والتاسع قرنا التدوين الأولى ، والقرنين الثالث عشر والرابع عشر قرنا التدوين التكميلي ، فإنّ كتاب « القواعد الفقهية » قد تصدّر جميع المصنّفات في هذا المجال وفي مرحلة التدوين الثانية.

وتجدد الإشارة إلى أنّ هناك كتبا صدرت لبعض الأعلام بعد كتاب « القواعد الفقهية » وبحثت في تلك القواعد ، إلاّ لم ترق الى مستوى ما كتبه البجنوردي من حيث العمق والشمولية ، ونذكر منها :

١ ـ قواعد الفقه ، تأليف محمود الشهابي الخراساني ، وقد طبع من قبل مؤسسة النشر في جامعة طهران.

٢ ـ قواعد الفقه ، تأليف علي بابا الفيروزكوهي ، وقد طبع مرارا.

٣ ـ مجموعة قواعد فقه ، تأليف محسن شفائي.

٤ ـ القواعد الفقهية ، تأليف آية الله ناصر مكارم الشيرازي ، مطبوع في أربع مجلّدات.

٥ ـ القواعد الفقهية ، تأليف آية الله محمد فاضل اللنكراني ، صدر منه مجلّد واحد.

٦ ـ القواعد الفقهية ، تأليف محمد تقى الفقيه ، طبع مرّتين في لبنان.

٧ ـ لمحات على القواعد الفقهية في الأحاديث الكاظمية ، تأليف السيد محمد الخامنئي ، كتبه بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي الثالث للإمام علي بن موسى الرضا ، ويشتمل على ٢٣ قاعدة فقهية مستلّة من أحاديث الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام.

٨ ـ القواعد الفقهية ، تأليف السيد محمد الموسوي البجنوردي ، والكتاب مطبوع باللغة الفارسية.

٩ ـ القواعد ، تأليف السيد محمد جواد المصطفوي ، ويشتمل على مائة قاعدة‌

١٤

فقهية باللغة العربية.

١٠ ـ قواعد الفقه ، تأليف السيد مصطفى المحقق الداماد ، صدر في مجلّدين.

هذه نبذة مختصرة عن مراحل نشوء القواعد الفقهية وتطوّرها ، ولكن تبقى هناك بعض الأمور التي يجدر الاهتمام بها ودراستها ولم يكن محلّ اهتمام وهي :

أوّلا : قلّة الأبحاث والدراسات النظرية حول القواعد الفقهية ، وبعبارة أخرى :

إن الموضوعات الّتي ينبغي أن تعطينا صورة واضحة عن القواعد الفقهية وموقعها في الاستنباط لم يحدّد إطارها ولم ترسم حدودها ، ومن تلك الموضوعات :

١ ـ هل للقواعد الفقهية دور في عملية الاستنباط؟ وهل تختصّ في حدود تجميع الموارد الفقهية المختلفة أو تتسع دائرتها فيمكن الاستفادة منها في كيفية الاستنباط؟

٢ ـ هل القواعد الفقهية من الأمور التوقيفية أو يمكن التوفّر على قواعد جديدة ومستحدثة؟ وعلى الثاني ما هو السبيل للحصول على تلك القواعد واكتشافها؟

٣ ـ ما هو التفاعل المتبادل في سياق تطور القواعد الفقهية بين فقه أهل البيت وفقه أهل السنّة؟

٤ ـ ما هو سبب تأخّر وضع قواعد فقهية مستحدثة في الفقه الإمامي؟

الى غير ذلك من الأبحاث التي تحتاج إلى دراسة عميقة وشاملة.

ثانيا : تصنيف القواعد الفقهية ، بمعنى أنّ تلك القواعد تصنّف على أساس موقعها في الفقه ، وفي أيّ مجال يستفاد منها ، وما هي القواعد التي يستفاد منها في أبواب العبادات ، وما هي التي يستفاد منها في أبواب المعاملات وسائر أقسام الفقه المتنوّعة؟

ومن المعلوم أنّ هناك جهودا بذلت في هذا المضمار ، إلاّ أنّها لا زالت ناقصة.

١٥

ثالثا : تدوين القواعد الفقهية الحيوية من قبيل قاعدة العدالة ، قاعدة السهولة ، قاعدة المهم والأهم ، قاعدة الحرية ، و.

وعلى رغم كثرة ما كتب حول القواعد الفقهية وأشير لمعظمها ، لكن يمكننا دعوى أنّ هناك كثيرا من القواعد الفقهية ـ التي لم تقرّر على أنّها قاعدة مستقلّة برأسها ـ قد استفيد منها في ثنايا الاستدلالات والفتاوى الفقهية ، إلاّ أنّها لم تدوّن كقاعدة مستقلّة ولم تبيّن حدودها ومعالمها.

وفي هذا المجال يقول الأستاذ الفقيه الشهيد مرتضى المطهّري :

إنّه قد غفل عن قاعدة العدالة الاجتماعية مع ما لها من أهمية في الفقه ، في الوقت الذي يستفاد العمومات من بعض الآيات مثل ( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) (١) و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) ومع تأكيد القرآن الكريم على قضية العدالة الاجتماعية ، إلاّ أنّها لم يستنبط لها أصل أو قاعدة في الفقه الإسلامي. وهذا الأمر صار سببا لجمود الفكر الاجتماعي لدى فقهائنا. (٣)

ومن هنا يجدر بالأبحاث الجديدة أن تركّز على الأمور الثلاثة المتقدّمة وتوليها اهتماما متزايدا.

__________________

(١) البقرة (٢) : ٨٣ ؛ النساء (٤) : ٣٦.

(٢) المائدة (٥) : ١.

(٣) « مباني اقتصاد إسلامي » ص ٢٧ ، وقد نقلنا النصّ من اللغة الفارسية إلى العربية.

١٦

الحياة العلمية للمؤلّف‌

ولد آية الله الميرزا السيد حسن الموسوي البجنوردي سنة ١٣١٦ (١) في إحدى قرى بجنورد ، ويتصل نسبه بالسيد إبراهيم المجاب ـ من أحفاد الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام.

أنهى البجنوردى دراسته الابتدائية في بجنورد ، ثمَّ انتقل إلى مدينة مشهد ، ودرس آداب اللغة العربية على الميرزا عبد الجواد ، المعروف بـ « الأديب النيشابوري » ، ثمَّ تتلمذ الفلسفة على الحاج فاضل الخراساني وآقا بزرگ الشهيدي ، وفي الأصول على آقا محمد آقا زاده ابن الآخوند الخراساني ، وفي الفقه على الحاج آقا حسين القمّي وفي التفسير على الحاج فاضل الخراساني ، ثمَّ صار بعد ذلك من أساتذة حوزة مشهد ، المعروفين بتدريس الفلسفة والأصول.

وفي سنة ١٣٤٠ ـ وبناء على وصية أستاذه الحاج فاضل الخراساني ـ توجّه صوب النجف الأشرف ؛ لإكمال دراساته العليا ، وقد استخار الله تعالى في أمر سفره عند أستاذه الفاضل الخراساني ، فكان قوله تعالى ( وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ ) (٢).

استفاد في النجف من دروس فقهاء وأصوليي هذه الحوزة من أمثال آقا ضياء العراقي والميرزا محمد حسين النائيني ، وبعد لحوق آقا ضياء بالرفيق الأعلى ،

__________________

(١) اختلف في تاريخ ولادته ، فذهب بعض إلى أنّها في ١٣١٠ ، وبعض ١٣١٥. وأشار ولده آية الله سيّد محمّد البجنوردي إلى أنّ تاريخ ولادته ١٣١٠.

(٢) مريم (١٩) : ٥٢.

١٧

صار البجنوردي أستاذا للدراسات العليا ـ البحث الخارج ـ في مادة علم أصول الفقه ، ثمَّ تصدّى لتدريس الأبحاث العالية في الفقه بعد رحيل السيد أبي الحسن الأصفهاني.

وكان يلقي دروسه باللغة العربية ، وقد حضر لديه جمع من الطلاب الإيرانيين والناطقين باللغة العربية.

لبّى نداء ربّه في ٢٠ جمادي الثاني سنة ١٣٩٦ في جوار أمير المؤمنين عليه‌السلام في النجف ، ودفن في مقبرة أستاذه السيد الأصفهاني.

كان البجنوردي رحمه‌الله ـ مضافا إلى تضلّعه في الفقه والأصول ـ معروفا بسعة اطّلاعه وطول باعه في العلوم الأخرى ، مثل آداب اللغة والفلسفة والعلوم التاريخية والجغرافية.

وكان يرتاد المحافل العلمية في العالم الإسلامي ، فله روابط وعلاقات مع جامعات بغداد والأزهر وتونس والمغرب.

أمّا قوّة حافظته وذكائه فهو أمر شائع ومعروف ، حيث كان يحفظ الكثير من الأحاديث ، وكذا شعر كبار الشعراء وفطاحلهم. (١)

لم يرتض البجنوردي الأسلوب المتداول في تدريس الأبحاث العالية في الحوزة العلمية ، حيث كان يعتمد فيه الأستاذ على كتاب الفتاوى مادّة لدرسه ، فيأخذ مسألة مسألة ويطرحها للبحث ، ويقيم الدليل على إثباتها أو نفيها ، ثمَّ يقرّر رأيه في المسألة. إنّه كان يعتقد أنّ هذا الأسلوب لا يعلّم التلميذ القواعد الرئيسية للاجتهاد حتّى يتمكن من تطبيق القاعدة في المورد المشابه ؛ ولذا فإنّ التلميذ غالبا ما تطول مدّة حضوره في دروس الأبحاث العالية لكي تحصل له ملكة الاستنباط.

__________________

(١) قال ولد المصنّف آية الله السيد محمد : إنّ والدي كان يحفظ القرآن ونهج البلاغة والصحيفة السجّادية والمعلقات السبع ومقامات الحريري ومثنوي وشاهنامة فردوسي وگلستان سعدي وديوان حافظ وجامى وشبستري. وكان يقول : كل قصيدة إذا قرأتها مرّتين حفظتها.

١٨

ولهذا كان يعتقد أنّ الأستاذ إذا اهتمّ بطرح القواعد الكلية للفقه ، ثمَّ طبّقها على مصاديقها ؛ فإنّ ذلك له أثر كبير في اختزال المسافة والإسراع في تنمية قابلية التلميذ في القدرة على استنباط الأحكام.

وعلى هذا الأساس صاغ المؤلّف رحمه‌الله « القواعد الفقهية » واستعرض فيه ٦٤ قاعدة وناقشها دلالة وسندا وذكر الأمثلة التطبيقية لها.

مؤلّفاته :

١ ـ القواعد الفقهية ، مطبوع.

٢ ـ منتهى الأصول ، مطبوع.

٣ ـ حاشية على العروة الوثقى.

٤ ـ ذخيرة المعاد « رسالة عملية ».

٥ ـ رسالة في الرضا عليه‌السلام.

٦ ـ رسالة في اجتماع الأمر والنهي.

٧ ـ كتاب في الحكمة أو قولنا في الحكمة ، وهو شرح على الأسفار الأربعة.

كان رحمه‌الله من أهل التهجّد ، يتلو أربعة أجزاء من القرآن الكريم في كلّ يوم ، جزءان منه قبل صلاة الصبح والآخران قبل الغروب ، وكان يستيقظ قبل أذان الصبح بساعتين ونصف يتلو فيها جزءا من القرآن ، ويطالع ساعة ثمَّ يشتغل بأداء صلاة الليل.

أما ذرّيته فكانوا ستّة ، أسماؤهم : مهدي ، جواد ( م ١٣٦٢ ه‍. ش ) كاظم ، محمد ، فاطمة ، طاهرة.

وأمّا تلامذته باستثناء أولاده : سيد مهدي وسيد محمد ، فهم‌ :

١٩

آية الله يوسف الحكيم.

آية الله الشيخ جواد الرازي.

آية الله الشيخ محمد طاهر الرازي.

آية الله الشيخ محمد رضا المظفّر.

آية الله السيد محمد علي القاضي الطباطبائي.

آية الله السيد جلال الدين الاشتيانى. (١)

__________________

(١) اعتمدنا في ترجمة السيد البجنوردي وذكر أحواله على المصادر التالية : ماضي النجف وحاضرها ص ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ؛ معجم رجال الفكر والأدب في النجف ص ٥٢ ـ ٥٣ ؛ طبقات أعلام الشيعة ج ١ ، ص ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ؛ گنجينه دانشمندان ج ٣ ، ص ١٨٤ ؛ مشاهير جهان ص ٢٤٨ ؛ دانشنامه جهان إسلام ، حرف ب ، جزؤه سه ، ص ٩١٩ ـ ٩٢٠ ؛ مجلة معارف إسلامي ، شماة ٦ ، ص ٣١ ـ ٣٣ ؛ مصاحبة با آية الله سيد محمد موسوي بجنوردى.

٢٠